كلمة التوحيد أعظم كلمة في الوجود
لأجلها خُلقت الخليقةُ
وأُرسلت الرسلُ
وأُنزلت الكتبُ
وهي كلمة التقوى وأساس الملة وركن الإيمان
وهي العروة الوثقى التي من تمسك بها نجا
ومن مات عليها سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا
وفضائل هذه الكلمة وموقعها من الدين فوق ما يصفُه الواصفون ويعرفه العارفون .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( أَفْضَلُ الذِّكْرِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الحَمْدُ لِلَّهِ )
رواه الترمذي (3383) وقال : حسن غريب . ورواه النسائي في " السنن الكبرى " (6/208) وبوب عليه بقوله: ( باب أفضل الذكر وأفضل الدعاء )
ورواه ابن حبان في صحيحه (3/126) وبوب عليه بقوله : ذكر البيان بأن الحمد لله جل وعلا من أفضل الدعاء
والتهليل له من أفضل الذكر. وحسنه الحافظ ابن حجر في " نتائج الأفكار " (1/63) والشيخ الألباني في " صحيح الترمذي ".
يقول المباركفوري رحمه الله :
" لأنها كلمة التوحيد ، والتوحيد لا يماثله شيء ، وهي الفارقة بين الكفر والإيمان ، ولأنها أجمع للقلب مع الله ، وأنفى للغير ، وأشد تزكية للنفس ، وتصفية للباطن ، وتنقية للخاطر من خبث النفس ، وأطرد للشيطان " انتهى.
" تحفة الأحوذي " (9/325)
ولذلك فالفائز من أهل الدنيا من يكثر من هذه الكلمة في كل زمان ومكان ، ولا يفتر لسانه ولا يكلُّ قلبه عن اللهج بها ، وتذكر معانيها ، واستحضار مقاصدها
وهي من الأذكار التي لم يرد تخصيص استحباب الذكر بها في مكان معين أو زمان ، بل جاءت مطلقة ليذهب المسلم في الذكر بها كل مذهب قريب وبعيد ، في حال شغله وفراغه ، وعند نومه ويقظته
وفي حال حله وترحاله ، في صلاته وقيامه وصيامه وحجه وعمرته ، في قعوده وقيامه ، ولو استطاع أن يأتي به مع كل نفس من أنفاسه فهو الرابح الفائز .
يقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
" أفضل الأذكار التي لم يخصها الشارع بحال أو زمن القرآن ، وبعده التهليل لخبر : ( أفضل الذكر لا إله إلا الله ) " انتهى.
" الفتاوى الحديثية " (ص/109) .
ومع ذلك فقد وردت أحاديث عديدة في الحث على هذا الذكر في أحوال أو أوقات مخصوصة ، فمن ذلك :
1- بعد الوضوء : ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ أَوْ فَيُسْبِغُ الْوَضُوءَ
ثُمَّ يَقُولُ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ ) . رواه مسلم (234) من حديث عقبة بن عامر، رضي الله عنه .
2- إذا استيقظ من نومه ، أثناء الليل : ( مَنْ تَعَارَّ مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ
وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ ) .
رواه البخاري (1154) من حديث عبادة بن الصامت ، رضي الله عنه .
3- في أول النهار [ عند الصباح ] : ( مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ
لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَمَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ
وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ ) .
رواه البخاري (3293) ومسلم (2691) ، واللفظ له ، من حديث أبي هريرة .
4- بعد السلام من الصلاة : ( كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ إِذَا سَلَّمَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ )
رواه البخاري (6330) ومسلم (593).
5- عند الكرب والضيق : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو عِنْدَ الْكَرْبِ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) .
رواه البخاري (6345) ومسلم (2730) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما .
6- يوم عرفة : ( أفضل ما قلت أنا و النبيون عشية عرفة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك و له الحمد ، و هو على كل شيء قدير ) .
رواه الطبراني في فضل عشر ذي الحجة ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1503) .