بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه الأكرمين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأنا المدعو محمد ابن الشيخ العلامة علي بن آدم بن موسى الإتيوبي ولدت سنة (1366هجري) تقريباً، وبدأت بقراءة القرآن الكريم على والدي رحمه الله تعالى في مبكر حياتي، ثم أسلمني والدي إلى الشيخ محمد قَيُّو – رحمه الله -، فأكملت عليه قراءة القرآن، ثم بدأت بقراءة الكتب الدينية حسب المناهج المقررة في أنظمة المدارس الريفية في بلدنا، فتلقيت علوماً كثيرة من والدي – رحمه الله -، ثم تلقيت على المشايخ الفضلاء الأخيار الذين كانوا محط أنظار أهل عصرهم في نشر العلم، وهم جموع كثرة، لا جموع قلة، وأخص منهم هنا اختصاراً الآتية أسماؤهم:
. (فمنهم): والدي العلامة الجليل، والدراكة النبيل، الفقيه الأصولي المحدث الأصولي الشيخ علي بن آدم بن موسى الإتيوبي الورهمني الأصل اللجهدي المهاجر المتوفى يوم الخميس 1412/09/12 هـ ، له نيف وثمانون سنة – رحمه الله تعالى -، كان – رحمه الله – بارعاً في الفقه، و أصوله والنحو، والبلاغة، وغير ذلك من فنون العلم المختلفة، وتخرج على يديه كثير من طلاب العلم في بلدنا، وله عليّ بعد فضل الله تعالى اليد الطولى في تحصيل العلم، قرأت عليه كتب العقائد المقررة في بلدنا، وكتب الفقه الحنفي المقرر فيه، كمختصر القدوريّ، مع شروحه، وكنز الدقائق مع شرح العيني، وتنوير الأبصار مع شرحه، والفوائد السمية شرح الفرائد السنية، وغيرها من الكتب المقررة في المدارس الريفية في بلدنا.
وقرأت عليه من كتب أصول الفقه، المنار وشرحه، وحواشيه، والتوضيح لصدر الشريعة، مع شرحه التنقيح، وكتاب التسهيل، وجمع الجوامع مع شرح المحليّ، وحاشيتي البناني والعطار، ولب الأصول مع شرحه، وقرأت عليه التلخيص للقزويني في البلاغة مع شروحه، وقصيدة حرز الأماني في القراءات السبع للشاطبي مع شرحها سراج القاري، و”صحيح البخاري”، وبعض كتب علم الحساب، وعلم الجبر والمقابلة، وكتب علم الميقات، وتعلمت منه الرُّبْع الْمُجَيَّب.
وبالجملة فأكثر ما لدي من العلوم منه، وأجازني بلفظه، وكتب لي إجازة فائقة، رحمه الله تعالى، وجزاه الله تعالى عني خير الجزاء، وجعل الجنة مثواه.
. (ومنهم): الشيخ محمد قيُّو ابن وديّ – رحمه الله -، قرأت عليه القرآن الكريم.
. (ومنهم): العلامة النحويّ اللغويّ الأديب الشيخ محمد سعيد بن الشيخ علي الدَّرّيّ – رحمه الله -، جلست عنده ما يقارب ثلاث سنين، فأخذت منه بعض الصحيحين، والنحو، والصرف، والبلاغة، والمنطق، والمقولات العشر، وآداب البحث والمناظرة، وأصول الفقه، وكما قرأت عليه بعض الفواكه الجنية للفاكهيّ، وألفية بن مالك، وشرح ابن عقيل عليها، وحاشية الخضري عليه، ومجيب الندا على قطر الندى مع مراجعة حاشية ياسين الحمصي، ومغني اللبيب عن كتب الأعاريب مع مراجعة حاشيتي الدسوقي والأمير، وشافية ابن الحاجب مع مراجعة شروحها، وكتب البلاغة، كتلخيص القزويني مع شرحه وحواشيه، وكتب المنطق، كالسلم المنورق وشروحها، وحواشيها، والإيساغوي وشروحها، ومتن الشمة، والمقولات العشر، ورسالة في علم الوضع، ومن كتب أصول الفقه، المنار وشروحها وحواشيها، وكتب لي إجازة فائقة.
وبالجملة فجل ما أخذته من فنون العربية منه رحمه الله، وجزاه عني خير الجزاء.
. (ومنهم): العلامة النحوي خليل زمانه، وسيبويه أوانه الشيخ عبدالباسط بن محمد بن حسن الإتيوبيّ البورنيّ الْمِنَاسيّ – رحمه الله تعالى -، تلقيت منه العلوم العربية، وغيرها، فقرأت عليه إعراب المقدمة الأجرومِيَّة، وملحة الإعراب، وشرحها كشف النقاب، والفواكه الجنية، و نظم طلعة الأنوار في مصطلح الحديث، وأجازني، واستخلفني في مدرسته لما كان يسكن أديس أببا مرتين، فدرست كتب النحو والصرف والبلاغة هناك ما يقارب سنتين، وكتب لي إجازة فائقة، فجزاه الله عني خير الجزاء.
. (ومنهم): الشيخ المقرئ المحدث حياة بن عليّ الإتيوبيّ الدّرّيّ – رحمه الله تعالى -، قرأت عليه بعض الصحيحين، وغيرهما، وأجازني، وأملى عليّ إجازته، فكتبتها.
. (ومنهم): العلامة النحرير، والدراكة النبيل الشيخ محمد زين بن محمد ياسين الإتيوبيّ الداني – رحمه الله –، المتوفى يوم الأحد 1395/08/03 هـ ، قرأت عليه معظم “صحيح مسلم” مع شرح النوويّ، وأوائل السنن الكبرى للبيهقي، وسمعت كثيرا من “صحيح البخاري”، بقراءة غيري عليه، وكذا تفسير القرآن الكريم، والجوهر المكنون في البلاغة، وطلعة الأنوار مع شرحها، مع مراجعة تدريب الراوي في مصطلح الحديث، وغير ذلك.
. (ومنهم): العلامة محدث الديار الحبشيّة في العصر الحاضر الشيخ محمد بن رافع بن بصيري – حفظه الله تعالى -، قرأت عليه “جامع الإمام الترمذي” – رحمه الله تعالى – ، وسمعت عليه سنن أبي داود، والنسائيّ، وابن ماجه، وبعض صحيح مسلم، بقراءة غيري عليه، وأجازني بجميع مروياته، وأملى علي إجازته فكتبتها، فجزاه الله عني خير الجزاء.
. (ومنهم): العلامة المحقّق، والمفسّر المدقّق محمد ثاني بن حبيب الإتيوبيّ المتوفّى يوم الجمعة 1409/06/23 هـ ، قرأنا عليه – رحمه الله تعالى – “جمع الجوامع” لابن السبكي في أصول الفقه مع مراجعة شروحه وحواشيه، وبعض “الشاطيبة”، وغير ذلك من الفنون .
. (ومنهم): العلامة الفقيه اللغويّ الشيخ علي جمّيّ الإتيوبيّ اللجهديّ – رحمه الله تعالى -، أخذت منه الفقه، والبلاغة، وغيرها.
. (ومنهم): العلامة النحويّ اللغويّ الشيخ محمد عرب الإتيوبيّ الأجامسيّ – رحمه الله تعالى -، قرأت عليه بعض كتب النحو.
. (ومنهم): الفقيه المحقّق الشيخ سعيد دكشا – رحمه الله تعالى -، قرأت عليه بعض كتب الفقه.
. (ومنهم): الشيخ المفسّر عبد الجليل ابن الشيخ علي الْبَرِيَديّ، قرأت عليه تفسير القرآن مرّتين.
. (ومنهم): الشيخ الفقيه حسين تولّيّا – رحمه الله تعالى -، قرأت عليه بعض كتب الفقه.
. (ومنهم): الشيخ سراج البجمدريّ – رحمه الله تعالى -، قرأت عليه كثيراً من كتب الفقه المقرّرة في بلدنا.
. (ومنهم): الشيخ المحقق عمر بن علي بن بشرى الطبيّ، قرأت كثيراً من كتب الفقه، وكتب الاستعارة، والبلاغة، والعروض، وغير ذلك.
. (ومنهم): الشيخ أحمد الدين الشافعيّ، قرأت عليه بعض كتب الفقه الشافعيّ.
. (ومنهم): أخونا الفاضل الشيخ سراج بن محمد الجاميّ الشافعي، قرأت عليه المقدمة الحضرميّة في الفقه الشافعيّ.
. (ومنهم): الشيخ إدريس قَيُّو، قرأت عليه كثيراً من كتاب “منهاج الطالبين” للإمام النووي في فقه الشافعيّ.
. (ومنهم): الشيخ علي بن آدم الْيَصَليّ، قرأت عليه كشف النقاب شرح ملحة الإعراب، والفواكه الجنية، وغير ذلك.
. (ومنهم): أخونا الفاضل محمد بن جبريل، قرأت عليه من كتب الصرف؛ مراح الأرواح، وتصريف العزي، والبناء، والمقصود، ولامية الأفعال، وغيرها.
. (ومنهم): الشيخ الفاضل النحوي يوسف السِّيسِي – رحمه الله تعالى -، قرأت بعض كتب النحو.
. (ومنهم): العلامة اللغويّ النحويّ الدراكة الفهامة محمد ولي ابن الشيخ أحمد بن عمر الدريّ، حضرت كثيراً دروسه الممتعة.
. (ومنهم): صاحبنا الشيخ محمد سراج بن صالح الرايويّ، ثم اليمنيّ، ثم المكيّ، قرأت عليه “سنن أبي داود” كلّه، وناولني ثبتًا سمّاه “نيل المرام”.
. (ومنهم): الشيخ محمد نور ابن الشيخ إدريس اليجويّ – رحمه الله تعالى -.
. (ومنهم): الشيخ أحمد الهادي الورّوويّ – رحمه الله تعالى -، أسمعني حديث الرحمة المسلسل بالأوليّة.
. (ومنهم): الشيخ محمد نور الدانيّ، قرأت عليه بعض منهاج الطالبين للنوويّ مع شرحه “تحفة المحتاج” لابن حجر الهيتميّ.
. (ومنهم): صاحبنا الشيخ الفاضل أحمد بن محمد الإيفاتيّ – رحمه الله تعالى -، قرأت عليه بعض الكتب.
. (ومنهم): الشيخ أحمد الطويل النحويّ، قرأت عليه الآجرومية.
. (ومنهم): محمد أول الوُراجي حضرت دروسه كثيرًا .
(ومنهم): الشيخ إسماعيل بن عثمان زين اليمني المتوفّى 21/12/1414هـ – رحمه الله تعالى -، أخذت منه حديث الرحمة المسلسل بالأوليّة أوليةَ حقيقيّة، والمسلسل بتحريك الشفة، وقرأت عليه كثيرًا من “موطأ الإمام مالك”، وكثيرًا من “صحيح البخاريّ”، وكثيرًا من “سنن النسائيّ”، وسمعت عليه بقراءة غيري كتبًا أخرى، وأجازني إجازة فائقة، وناولني ثبته.
. (ومنهم): المسند الكبير الشيخ محمد ياسين بن محمد عيسى الفادنيّ المكيّ المتوفّى 1410/12/28 هـ – رحمه الله تعالى -، قرأت عليه “الأوائل السنبليّة”، وفيها أوائل نيف وأربعين كتبًا حديثيّة، قرأتها في مجلس واحد، وأخذت منه مسلسلات كثيرة، وأعلاها، وأولاها المسلسل بالأوليّة الحقيقيّة، والمسلسل بقراءة سورة الصفّ، والمسلسل بقبض اللحية، وغيرها، وقرأت عليه كتابه “العُجلة في الأحاديث المسلسلة”، وهي (113) مسلسلًا، قرأت منها إلى آخر المسلسل بوضع اليد على الرأس، وهو (87) من المسلسلات، وناولني كثيرًا من مؤلفاته، وأكثرها في الأسانيد .
. (ومنهم): العلامة المحدث محمد المنتصر الكتانيّ، حضرت دروسه، وكتب لي إجازة بالحديث المسلسل بالأولية، وغيرها بخطه .
. (ومنهم): المحدث الكبير الشيخ محمد بن عبد الله الصوماليّ – رحمه الله تعالى -، فقد أجاز لي بعد أن قرأت عليه أول حديث من “صحيح البخاري”، وأمر ابن أخيه حسن بن عبد الرحمن المعلميّ الصوماليّ بكتابة الإجازة، فكتبها، وذلك في منزله بالسكن الخيريّ في محبس الجنّ، وذلك ليلة الجمعة بعد صلاة المغرب، بتاريخ 1419/11/10هـ .
. (ومنهم): العلامة عبد الله بن محمد الصدّيق الغماريّ، أجازني بجميع مروياته، وكتب لي إجازة بذلك .
. (ومنهم): الشيخ أبو بكر زُهير بن مصطفى الدمشقيّ، كتب لي إجازة، وأرسل لي ثبته .
. (ومنهم): الشيخ مولوي إعزاز الحق بن مولوي مظهر الحقّ الأركاني المكيّ، كتب لي إجازة أجازني بها، وغير هؤلاء، من علماء بلدنا، واليمن، والحجاز، والمغرب، وغيرهم، جزى الله تعالى عني الجميع خير الجزاء، وجعل مستقرّهم الجنة، وجمعني وإياهم في دار كرامته، بمنه وفضله، إنه جواد كريم .
وبعد أن تخرجت على أيدي هؤلاء الأعلام بدأت في التدريس هذه العلوم المذكورة مدة تقارب أربع سنين، ثم إن الأمور تضايقت علي بسبب غزو النظام الشيوعي لبلدنا ،فعزمت على الهجرة إلى الحرمين الشريفين فراراً بديني، فهاجرت سنة ألف وأربعمائة وواحد، فما أن وصلت إلى مكة المكرمة طَلَبَ لي بعض الأخوات التدريس في بعض المدارس، وذكر لمسؤوليها أني كنت مدرساً في بلدي، فطلبوا مني الشهادة، فأخبرتهم بأنه ليس عندنا شهادة؛ فرفضوا القبول، ولما لم أجد سبيلاً إلى التدريس طلبت أن أكون طالباً، فلم أجد القبول أيضاً إلا في معهد الحرم المكي، فقُبلت فيه، ولما أنهيت المرحلة الثانوية انتقلت إلى دار الحديث الخيرية، فذُكِر لمديرها آنذاك الشيخ علي بن عامر – رحمه الله- أني كنت مدرساً في بلدي، وإنما التحقت في معهد الحرم لعدم المؤهل للتدريس وهو الشهادة، فقال – جزاه الله عني خيراً -: العمدة عندنا العلم لا الشهادة، فقبلني مدرساً، ورفع اسمي إلى المجلس الأعلى للدار، وكان رئيسه آنذاك سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله -، فوافق المجلس على تعييني مدرساً، فبدأت في التدريس، ولازلت ولله الحمد إلى الآن مدرساً في دار الحديث الخيرية أسأل الله تعالى أن يختم لي بالخير والحسنى، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
ومما من الله به عليّ أن حبّب إلي علم الحديث من صغري فكنت وأنا صغير السن حينما كان والدي يقرأ صحيح البخاري، أختبئ وراء الجدار حتى أسمع قراءة القارئ، فكان يتحرك قلبي شوقاً عند سماع صحيح البخاري، وكنت خلال طلبي للعلوم المذكورة أبحث عما صح في الحديث حتى أعمل به، فكنت أرفع يدي في الركوع وغيره مع أن مذهب منطقتنا مذهب حنفي لا يلتفت أهله إلى العمل بالحديث المخالف للمذهب، فلما هاجرت إلى مكة، وبدأت أدرُس في المعهد الحرم وطالعت كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمهم الله – وجدت فيها ما يناقض ما عليه كتب العقائد المقررة في بلدنا، فبدأت أسير على المنهج الذي سلكته سابقاً، وهو اتباع ما صح دليله، فوجدت ما في كتب هؤلاء موافقاً للنصوص الصحيحة، فتركت ما كنت أعتقده مما تلقيته من مشايخي الأشعريين في بلدنا، وتخليت عنه، فلما سافرت إلى بلدي لزيارة والدي قال بعض أهل البلد: إنك صرت وهابياً، فقلت: لا، بل أنا متبع للنصوص، وأنت تعلم قبل أن أذهب إلى مكة أني أتبع النصوص الصحيحة، فقال: نعم أعرف ذلك إلا أنك ازددت تشدداً، فقلت له: ألا تعلم أن الإمام الشافعي لما كان في الحجاز والعراق كان له مذهب، ولما ذهب إلى مصر، ووجد الأدلة الكثيرة ترك مذهبه القديم، وأسس مذهبه الجديد، فكذلك أنا لما وجدت الأدلة التي غابت عن أهل بلدنا صرت أتبعها، وأعمل بمقتضاها، وهذا هو الذي أسير عليه في حياتي أبداً إن شاء الله تعالى .
ومما منّ الله علي أيضاً أن وفّقني لتأليف كتب ينتفع بها طلاب العلم، ولا سيما الكتب الحديثية.
كتبه راجي الكريم محمد بن علي بن آدم بن موسى المدرس في دار الحديث الخيرية عفا الله تعالى عنه وعن والديه ومشايخه آمين.