بإسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
لطالما سمعنا الإفتراءات والأكاذيب والمغالطات والتدليسات من الروافض قبحهم الله أعداء الأمة الإسلامية وأعداء الصحابة الكرام رضي الله عنهم .
ومن افتراءاتهم المشهورة هي زعمهم أن عائشة رضي الله عنها والزبير رضي الله عنه ومعاوية رضي الله عنه خرجوا عن الإمام علي رضي الله عنه ، وهذا معروف منذ زمن طويل ، ومرادهم من هذه الفرية الطعن في الصحابة وفي أم المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين ، ولكن ظهر في زماننا قوم آخرون أخذوا نفس هذه الأكاذيب والمغالاطات ليس للطعن في الصحابة ولكن لبيان مشروعية الخروج على الحاكم وعلى أنه ليس أصل من أصول أهل السنة ضاربين بثلة من الأحاديث الثابثة والمجمع عليها عرض الحائط وذلك لأنهم إبتدعوا دين إسمه : ضد الحاكم ، فمن كان ضد الحاكم فهو الذي على حق وهو الذي لا يخشى في الله لومة لائم وهو المجاهد في سبيل الله والذي لا أقول مع الحاكم وإنما الذي يأمر بالسمع والطاعة كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم وتجنبا للفتن و إراقة الدماء يكون عالم سلطان أو درويشا أو غير ذلك عند هؤلاء المرضى .
والعجيب أن هذا المنهج أو هذا الدين الذي إسمه ضد الحاكم فيه إستثنائين هما :حاكم قطر وحاكم تركيا ، فهل لهؤلاء عقول يعقلون بها أو أذان يسمعون بها أو أعين يبصرون بها !!! فحتى لو أردت أن تنتمي اليهم وتعمل بمنهجهم مع جميع الحكام فلن تكون على صواب بل يجب أن تحترم وتقدس حاكم تركيا ، فمن أين أتى هؤلاء القوم ؟ وكيف يفكرون ؟ والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل .
سنتكلم في هذا الموضوع على جزئين :
الجزء الأول : فرية خروج عائشة والزبير ومعاوية رضي الله عنهم
الجزء الثاني : أضحوكة خروج عبد الله إبن الزبير وخروج الحسين رضي الله عن الجميع
الجزء الأول : فرية خروج عائشة والزبير رضي الله عنهما
أ: فرية خروج عائشة رضي الله عنها :
أولاً: "لم يكن خروج أم المؤمنين للقتال البتة وإنما خرجت للإصلاح والمطالبة بقتلة عثمان رضي الله عنه والأدلة على ذلك كثيرة منها لا للحصر ما ذكره الإمام أحمد(1) في مسنده: فقال لها الزبير ترجعين عسى الله عز وجل أن يصلح بك بين الناس.
وأيضا ما رواه ابن حبان(2) عن أم المؤمنين رضي الله عنها قولها:
"ما أظنني إلا أني راجعة" فقال بعض من كان معها بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله عز وجل ذات بينهم.
ثانياً: لم يكن علي رضي الله عنه في العراق وإنما كان في المدينة وأم المؤمنين ذهبت للعراق حيث قتلة عثمان رضي الله عنه".
ثالثاً:لم يقم عليها الإمام علي رضي الله عنه الحد الشرعي بل أعادها معززة مكرمة إلى مكة وأكرمها وكان يناديها بـ"يا أماه".
لما قتل عثمان عنه صبراً توجع المسلمون، فسار طلحة والزبير وعائشة - وكان قد لقيها الخبر وهي مقبلة من عمرتها - نحو البصرة، فلما علم علي بمخرجهم اعترضهم من المدينة لئلا يحدث ما يشق عصا الإسلام، ففاتوه، وأرسل ابنه الحسن وعماراً يستنفران أهل المدينة وأهل الكوفة، ولما قدموا البصرة أستعانوا بأهلها وبيت مالها، حتى إذا جاءهم الإمام حاول الصلح واجتماع الكلمة وسعى الساعون بذلك، فثار قتلة عثمان وكان ما كان، وانتصر علي كرم الله تعالى وجهه، وكان قتالهم من ارتفاع النهار يوم الخميس إلى صلاة العصر لعشر خلون من جمادى الآخرة.
ولما ظهر علي جاء إلى أم المؤمنين فقال: "غفر الله لك"، قالت: "ولك، وما أردت إلا الإصلاح" ثم أنزلها دار عبدالله بن خلف وهي أعظم دار في البصرة على سنية بنت الحارث أم طلحة الطلحات، وزارها بعد ثلاث ورحبت به وبايعته وجلس عندها فقال رجل: يا أمير المؤمنين إن بالباب رجلين ينالان من عائشة فأمر القعقاع بن عمر أن يجلد كل واحد منهما مائة جلدة وان يجردهما من ثيابهما ففعل.
تفصيل الكلام :
1. أم المؤمنين عائشة عليها سلامُ الله ورضوانُه، إنما خرجت للإصلاح بين الناس وليس للقتال.
• قال الإمام أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ): حَدَّثَنَا يَحْيَى القَطَّانُ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ، قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَتْ عَائِشَةُ، فَلَمَّا بَلَغَتْ مِيَاهَ بَنِي عَامِرٍ لَيْلاً نَبَحَتِ الكِلاَبُ. فَقَالَتْ: أَيُّ مَاءٍ هَذَا؟
قَالُوا: مَاءُ الحَوْأَبِ. قَالَتْ: مَا أَظُنُّنِي إِلاَّ أَنَّنِي رَاجِعَةٌ. قَالَ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهَا: بَلْ تَقْدَمِيْنَ، فَيَرَاكِ المُسْلِمُوْنَ، فَيُصْلِحُ اللهُ ذَاتَ بَيْنِهِمْ …}.
• قال الإمام ابن حبان:
[وَقدم زيد بْن صوحان من عِنْد عَائِشَة مَعَه كِتَابَانِ من عَائِشَة إِلَى أبي مُوسَى وَالِي الْكُوفَة وَإِذا فِي كل كتاب مِنْهُمَا بِسم اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم من عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ إِلَى عَبْد اللَّه بْن قيس الْأَشْعَرِيّ سَلام عَلَيْك فَإِنِّي أَحْمَد إِلَيْك اللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أما بعد فَإِنَّهُ قد كَانَ من قتل عُثْمَان مَا قد علمت وَقد خرجتُ مُصْلِحَةً بَين النَّاس ، فَمر من قبلك بالقرار فِي مَنَازِلهمْ وَالرِّضَا بالعافية حَتَّى يَأْتِيهم مَا يحبونَ من صَلَاح أَمر الْمُسلمين فَإِن قتلة عُثْمَان فارقوا الْجَمَاعَة وَأَحلُّوا بِأَنْفسِهِم الْبَوَار]. الثقات لابن حبان (2/ 282)
2. لو كانت أم المؤمنين ستخرج على عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه لما أمرت الناسَ بالتزامِ عليِّ بن أبي طالب ومبايعته.
• عن عبد الله بن بُدَيْل بن ورقاء الخزاعيِّ: [ أنه سأل عائشة رضي الله عنها يوم الجمل، وهي في الهودج، فقال: يا أم المؤمنين، إني أتيتُك عندما قُتل عثمان، فقلتُ: ما تأمريني؟ فقالت له: الزم عليًّا ].
رواه ابن أبي شيبة (7/ 545)، وقال الحافظ في الفتح: “بسند جيد”؛ “فتح الباري” (13/ 57).
[1] مسند أحمد الجزء 6 ص 97 حديث رقم 24698 علق شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
[2] صحيح بن حبان الجزء 15 ص 126 حديث رقم 6732 ال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وملخصاً لما وقع في حرب الجمل وخروج أم المؤمنين عائشة.