هَلْ مِنْ مُنْخَرِط وَمُحَاسِب لِنَفْسِه؟
أحبتي الكرام أسأل الله جل وعلا، أن يبلغكم رمضان ، وأنتم في كامل الصحة والعافية ، والاستعداد الروحي للصوم. فاحرصوا جاهدين على استغلاله، في تزكية النفوس وتهذيبها، إنه من مواسم الطاعات ونيل القربات، و في ذلك فليتنافس المتنافسون .
أدعوكم إلى الانخراط الشخصي، في (دورة إيمانية رابحة)، خلال هذا الشهر الفضيل. مَوَادُّهَا (ختم القرآن بحسن تلاوة وتدبر، الصلاة والدعاء، وبر الوالدين أحياء وأمواتا ، وصلة الأرحام، والصدقة والجود والإحسان وإطعام الصائمين، ... ). إن النجاح في هذه الدورة الراشدة، مرهون بتوفيق الله تعالى أولاً، ثم بصدق النية وسلامة القصد، والصبر والمجاهدة والاحتساب، والمثابرة في تحصيل خيري الدنيا والآخرة ثانياً. لا تُفَوِّتُوا على أنفسكم، هذه الفرصة الثمينة للظفر بالفرحتين .
عَن أَبِي هُرِيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنه قَال، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ" رواه البخاري .
هنيئا لكم برمضان، وهنيئا لمن انخرط في هذه الدورة، معرضاً عن البدع و وهدر الوقت في الملاهي وهوى النفس الخاسرة.
كل منخرط يُقَوِّمُ نفسه ، ويُحاسبها على مدى الالتزام بمواد الدورة، فهو المُرَشَّحُ والمُصَحِّحُ، " فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا " . كان سلقنا الكرام، يتقربون إلى الله بالطاعات، ويسارعون إليه بأنواع القربات، ويحاسبون أنفسهم على الزلات، ثم يخافون ألا يتقبل الله أعمالهم.
قال الحسن: " المؤمن قوام على نفسه، يحاسب نفسه لله، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة، على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة" .
كيفية محاسبة المؤمن لنفسه: ذكر الإمام (ابن القيم ) رحمه الله أن محاسبة النفس تكون كالتالي:
أولاً: البدء بالفرائض، فإذا رأى فيها نقصاً تداركه.
ثانياً : ثم المناهي، فإذا عرف أنه ارتكب منها شيئا، تداركه بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية.
ثالثاً : محاسبة النفس على الغفلة، ويتدارك ذلك بالذكر والإقبال على الله.
رابعاً: محاسبة النفس على حركات الجوارح، كلام اللسان، ومشي الرجلين، وبطش اليدين، ونظر العينين، وسماع الأذنين، ماذا أردت بهذا؟ ولمن فعلته؟ وعلى أي وجه فعلته.
اللهم تقبل منا ومنكم الصيام والقيام، ولا تجعلنا من الخاسرين.