إن الحياة ماهي إلا مهلة من الزمن , ينتاب الفرد فيها شعورا لا مثيل من الامنيات لتحقيقها , ضمانا لتوسيع عقله و قلبه , فما كان من الإنسان إلا عيشها و خوض تجربة لا مثيل لها في فترة وجيزة حددها الله تعالى .
هاته القصة ماهي إلا قصة , فتى ليس ككل الفتيان , فتى لم يعلم أن المستقبل القريب يحمل في جعبته الكثير من المفاجآت الشيقة التي تنتظره بشدة , هذا الفتى اسمه " كلوديو " , فتى هزيل الجسد في العاشرة , ضعيف البصر , يملك من الثياب ما يكفيه لمدة قليلة , توفي والده في حادث سيارة على حسب تعريف عائلة عمه " ريتشارد " , فريتشارد عمه كان قوي البنية في الخمسين , ضخما يفوق كلوديو بعشرة اضعاف من وزنه و طوله و حجمه مما أعطاه السلطة التامة عليه في كل شيء , كان اسود العينين كسواد قلبه , متزوجا من " ريجيتا " و هي امرأة في الاربعين من عمرها , متسلطة على الجميع و هي الشخص الوحيد الذي يهابه زوجها , طويلة العنق و الاذرع و السيقان , ذات بشرة قمحية اللون و عينين بنيتين بارزتين بشدة و مليئتا بالعروق الحمراء كالتنين , ترتدي نفس الملابس كل يوم نظرا لبخلها الشديد , و لدى الزوجين " ريتشارد " و " ريجيتا " توأم ذكر في العاشرة , هما " سلوديوس " و " روديوس " كانا بدينين جدا درجة ان الباب لا يكفيهما للعبور لذا قام الاب ريتشارد بتوسيع كافة الابواب في المنزل و بامر من زوجته المتسلطة , فهي تحب التوأم بشدة , كان التوأم يتفاهمان بشدة ليس في الخير بل في المقالب و الشر , و عادة يسلطان هذا الشر على الطفل " كلوديو " , كان يرتديان نفس الملابس , و كانت دوما ضيقة عليهما نظرا لوزنهما الهائل الذي يقدر ب 90 كلغ بالعين المجردة , كان مجعدا الشعر , شعر برتقالي , لون عينيهما اسود مثل ابيهما قاسي القلب .
ترعرع كلوديو بين هاته العائلة منذ ولادته , فلقد وجدته " ريجيتا " امام باب المنزل رضيعا صغير الحجم , فطبيعة الحال احتفظت به و هي عمته , و ربته و لكن بطريقة قاسية الى ان بلغ العاشرة من العمر , فلقد اعطته غرفة صغيرة جدا لينام فيها , مع سرير رث و مهترئ و وشاح ابيض رقيق لا يكفيه لصد برد الشتاء و لا توجد نوافذ اطلاقا لذا كان يعاني من الظلام في الليل , و كان لا يملك العابا ابدا , و ملابسه اشتراه " ريتشارد " من دكان قديم للالبسة المستعملة الرخيصة .
في يوم من الايام و على الساعة العاشرة مساءا في عز الشتاء , استيقظ " كلوديو " على وقع قرع في الباب , فقام من غرفته الصغيرة مكمشا من البرد , و ذهب ليفتح الباب وسط صوت شخير العائلة الذي يسمع من بعد 10 امتار , فتح الباب فلم يجد احدا , و قال : " عفوا , هل من احد هناك ؟؟؟ ... " و اعاد غلق الباب , و رجع الى غرفته , و لكن في طريقه الى الغرفة و قبل ان يفتح الباب سمع صوت الطرق مجددا , فرجع و فتح الباب و قال : " عفوا هل احد هنا .... اذا كنت تظن ان هذا مضحك يا سيدي فانت مخطئ كليا " فاغلق الباب للمرة الثانية و عاد و في طريقه الى الغرفة , سمع الطرق مجددا , و عاد و هو يتأفف و ينزعج و فكر في ان يوقظ احد افراد الاسرة , و لكن فكر في العقاب اذا لم يجدو احدا , بل حتى عقاب ايقاظهم , و عندما وصل الى الباب فتح و نظر اعلى و يمين و شمالا , و عندما نظر الى الاسفل وجد كائنا مكمشا رث الملابس , هزيل اكثر منه لدرجة ان عظام جسمه بارزة و واضحة للعيان , فهلع و تراجع للوراء و هو يتنفس بشدة , وبدأ يتعرق من شدة هول المنظر , و بدأ يرى أن الكائن بدأ يتحرك , و قد قام و برزت سيقانه الرقيقة المرعبة و ببطئ , و التفت اليه و لكن على عكس جسمه كانت عيناه واسعتان بشدة و ذو لون ازرق سماوي , و ذات رموش طويلة جدا , و اذناه كانتا مثل اذني الخفاش واسعتان بشدة , و فم صغير و اسنان منظمة و قد تقدم الى كلوديو و بخطوات متثاقلة و تركيز شديد , و عندما وصل سقط امام كلوديو يبكي و بشدة , و يردد : " سيدي , سيدي , سيدي , وجدتك وجدتك , المملكة المملكة .... " و يتكلم بسرعة و خوف .