[center]ما هو الجزع؟
يقول الإمام المناوي: ((الجزع حزن يصرف الإنسان مما هو بصدده، ويقطعه عنه قهراً
وقال الجاحظ: (الجزع خلق من مركب من الخرق والجبن)
وقال أيضاً: (الجزع مستقبح ومكروه إذا لم يكن مجدياً، فأما إظهار الجزع لتمحل حياة بذلك عند الوقوع في الشدة، أو استغاثة مغيث، أو اجتلاب معنى فغير مكروه ولا يعد نقيضه
أسباب الجزع:
ذكر الإمام الماوردي خمسة أسباب للجزع وهي باختصار:
1- تذكر المصاب حتى يتناساه، وتصوره حتى لا يعزب عنه.
2- الأسف وشدة الحسرة، فلا يرى من مصابه خلفاً، ولا يجد لمفقوده بدلاً، فيزداد بالأسف ولهاً، وبالحسرة هلعاً.
3- كثرة الشكوى، وبث الجزع، وحكي عن كعب الأحبار أنه مكتوب في التوراة: من أصابته مصيبة فشكا إلى الناس، فإنما يشكو ربه.
4- اليأس من جبر مصابه، وطلابه، فيقترن بحزن الحادثة قنوط الإياس، فلا يبقى معهما صبر، ولا يتسع لهما صدر.
5- أن يغرى بملاحظة من حيطت سلامته، وحرست نعمته، ويرى أنه قد خص من بينهم بالرزية بعد أن كان مساوياً.
أجزاء قيد الجزع:
يحتوي الجزع على أجزاء بمثابة حلقات القيد لا تقل خطراً عن الجزع وهي:
1-الخوف: يقول الراغب: الخوف توقع مكروه عن أمارة مظنونة أو معلومة.
2-الفزع: وهو انقباض ونفار يعتري الإنسان من الشيء المخيف.
قال الراغب، وهو من جنس الجزع، وهو ناتج عن الخوف الشديد.
3-الهلع: فهو أشد الجزع والضجر.
هذه الأمور الثلاثة بالإضافة للجزع وإن كانت متقاربة في معناها العام إلا أنها مختلفة في الدرجة والكيفية
فأول ذلك الخوف، فإن زاد وصاحبه اضطراب وانقباض صار فزعاً
فإذا زاد الفزع وأقعد صاحبه عن العمل وأورثه حزناً أصبح جزعاً
فإن زاد الجزع صار هلعاً.
وكلها قيود تمنع الإنسان من التطور والارتقاء، وتزيد من ضعفه وترديه.
عبور للجسر قبل الوصول...
أكد مسح على عينة من الناس بأن:
40%•من الأمور التي نجزع عليها هي أمور من المستحيل أن تقع.
• وأن 30% مما نجزع عليه أمور وقعت بالماضي وانتهت تماماً.
• وأن 12% من الأمور التي نجزع عليها تخص آخرين، ولا تخصنا مباشرة.
• وأن 10% من الجزع يتعلق بالأمراض التي نصاب بها، سواءاً أمراضاً حقيقية أو نتخيلها.
• وأن 8% من الجزع لا يستحق أن نبذل طاقة للجزع من أجله.
هذه الأمور الخمسة التي بينها (هافري) كلها أمور وهمية، أو لا تستحق أن نجزع عليها، أو أنها أمور من المستحيل أن تقع، فلماذا نزيد من تكبيل أنفسنا بمثل هذه الأوهام التي تزيد من تكبيل أنفسنا بمثل هذه الأوهام التي تزيد من ضعفنا، وتمنع تقدمنا وتفوقنا؟؟
نصيحة الشافعي:
ما أروع ما ينصحنا به الإمام الشافعي بأبيات من الشعر تشع حكمة وخبرة في هذه الحياة، وتعلقاً بالمعاني الإيمانية القرآنية التي هي بمثابة البلسم عند حلول الخطوب:
دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفساً إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالي فما لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلاً على الأهوال صلباً وشيمتك السماحة والوفاء
وإن كثرت عيوبك في البرايا وسرك أن يكون لها غطاء
تستر بالسخاء فكل عيب يغطيه كما قيل السخاء
إن تذكر المؤمن بأن الله يقدر كل شيء، وأنه لا يقدر إلا الخير، وأن الدنيا زائلة غير باقية، وأنه لن ينفع الإنسان إلا عمله الصالح كفيل بتحطيم قيد الجزع، وهذا ما أراد أن يوصله الإمام الشافعي لذلك الجازع من المصيبة.
آثار الجزع:
للجزع آثار صحية كثيرة تسبب الكثير من الأمراض الجسدية والنفسية منها:
1-أمراض القلب.
2- أمراض الجهاز الهضمي.
3- الأمراض الجلدية.
4- جميع المشاعر السيئة.
5- الأمراض النفسية (الكآبة، الوسواس، الفصام، الاضطراب
د. عبد الحميد البلالي[/center]