شعب المعقل ( ربيعة بن الحارث ) :
من القبائل العربية التي هاجرت واستوطنت شمال افريقيا هي القبائل المعقلية (بنو معقل)، فيهم يقول المؤرخ الإسباني مارمول :
“عبر ثلاثة شعوب من العرب إلى إفريقيا بأسرهم ….شعبان من صحراء الجزيرة هما بنو هلال وبنو سليم، والثالث الذي اسمه معقل من اليمن. وكانوا جميعا يكونون نحو خمسين ألف محارب انتشروا في كل مكان بشرق بلاد البربر، ثم صاروا يملكون عدة أقاليم من إفريقيامع مرور الزمان.”
فهم من معقل بن الحارث: من مذحج، من القحطانية (العرب اليمانية ) ، فعن نسبهم ، نذكر :”بنو معقل، وهو ربيعة بن الحارث بن كعب ابن جلد بن مذحج، كانوا في القرن الثامن الهجري، من أوفر قبائل العرب. ومواطنهم بالمغرب الاقصى، كانوا مجاورين لبني عامر، من زغبة في مواطنهم بقبلة تلمسان، وينتهون إلى البحر المحيط من جانب الغرب، وهم ثلاثة بطون ذوي عبيد، وذوي منصور، وذوي حسان “” . (تاريخ ابن خلدون ج 2 ص 256 ج 6 ص 58 – 60. نهاية الارب للقلقشندي مخطوط ق 35 – 1) .
قال ابن خلدون : ” قام هؤلاء المعقل في القفار وانفردوا في البيداء فنموا نموا لا كفاء له، وملكوا قصور الصحراء التي اختطها زناتة بالقفر مثل قصور السوس غربا، ثم توات ثم بودة ثم تامنطيت، ثم واركلان ثم تاسبيبت ثم تيكورارين شرقاً.”
وأما عن بطونهم وأهم قبائلهم على عهد ابن خلدون فيقول :” (ومن إملاء نسابتهم): أن معقل جدهم له من الولد صقيل ومحمد فولد صقيل عبيد الله وثعلب. فمن عبيد الله ذوي عبيد الله البطن الكبير منهم. ومن ثعلب الثعالب الذين كانوا ببسيط متيجة من نواحي الجزائر. وولد محمد: مختار ومنصور وجلال وسالم وعثمان. فولد مختار بن محمد: حسان وشبانة. فمن حسان: ذوي حسان البطن المذكور، أهل السوس الأقصى. ومن شبانة الشبانات جيرانهم هنالك. ومنهم بطنان: بنو ثابت وموطنهم تحت جبل السكسيوي من جبال أدرن وشيخهم لهذا العهد أوما قبله يعيش بن طلحة.
والبطن الآخر آل علي، وموطنهم في برية هنكيسة تحت جبل كزولة، وشيخهم لهذا العهد أو ما قرب منه حريز بن علي. ومن جلال وسالم وعثمان الرقيطات بادية لذوي حسان ينتجعون معهم. وولد منصور بن محمد حسين وأبو الحسين وعمران ونسبا يقال لهم جميعأ ذوي منصور وهو أحد بطونهم الثلاثة المذكورة، والله سبحانه وتعالى أعلم بغيبه وأحكم.” ( تاريخ ابن خلدون – ابن خلدون – ج 6 – الصفحة 78 )نذكر من قبائل المعقل في الجزائر :
،الغوسل= الغسول ، قبيلة معقلية شمال تلمسان من أهم مدنهم اليوم : مدينة الرمشى ، وهم من (غاسل بن خراج من عبيد الله) ، من بطونهم اليوم نذكر : ( الفحول ، أولاد على ، الكرازبة ، أولاد خوان، مكنية ، اولاد رحال، العوامر ، أولاد سلطان ، أولاد الحاج مصطفي ، أولاد بن غنو ، أولاد بودنان ,بني وعزان ، … ),,, وتخضع لهم مديونة .
مؤبت بطن من بني منصور، من محمد، من معقل (الجزائر للمدني ص 135)
فبطون ذوي عبيد الله بن صقيل بن معقل الداخلين إلى إفريقية هم الذين تملَّكوا ندرومة ومديونة وهنين وبني سنوس وبني يزناسن، فمواطنهم ما بين تلمسان إلى وجدة إلى مصب وادي ملوية في البحر ومنبعث وادي صا من القبلة.( أهم مدنهم اليوم مدينة مغنية والرمشى بتلمسان ) ـ وتنتهي رحلتهم في القفار إلى قصور توات وتمنطيت وربما عاجوا ذات الشمال إلى تاسابيت وتوكرارين …
قال ابن خلدون :
” فأمّا ذوي عبيد الله فهم المجاورون لبني عامر بن زغبة وفي سلطان بني عبد الواد من زناتة، فمواطنهم ما بين تلمسان إلى وجدة إلى مصب وادي ملوية في البحر ومنبعث وادي صا من القبلة. وتنتهي رحلتهم في القفار إلى قصور توات وتمنطيت وربما عاجوا ذات الشمال إلى تاسابيت وتوكرارين. وهذه كلها رقاب السفر إلى بلاد السودان.” ( تاريخ ابن خلدون – ابن خلدون – ج 6 – الصفحة 80 )
وقال أيضا :
” ولم يزل ذلك إلى أن لحق الدولة الهرم الذي يلحق مثلها فوطنوا التلول، وتملكوا وجدة وندرومة وبني يزناسن ومديونة وبني سنوس أقطاعا من السلطان، إلى ما كان لهم عليها قبل من الأتاوات والوضائع فصار معظم جبايتها لهم، وضربوا على بلاد هنين بالساحل ضريبة الإجازة منها إلى تلمسان، فلا يسير ما بينهما مسافر أيام حلولهم بساحتها إلا بإجازتهم، وعلى ضريبة يؤديها إليهم. وهم بطنان: الهراج والخراج، فالخراج من ولد فراج بن مطرف بن عبيد الله، ورياستهم في أولاد عبد الملك وفرج بن علي بن أبي الريش بن نهار بن عثمان بن خراج، لأولاد عيسى بن عبد الملك ويعقوب بن عبد الملك ويغمور بن عبد الملك.”
( تاريخ ابن خلدون – ابن خلدون – ج 6 – الصفحة 81 )
وفال الشيخ مبارك الميلي :
” ولما أخذت الدولة في الضعف منحت (قبيلة ) الخراج خفارة وجدة وندرومة وبني يزناسن ومديونة وبني سنوس، ثم أقطعتهم إياها ، فتملّكوها. وتملّكوا أيضا هنين ووضعوا على المجيز منها إلى تلمسان ضريبة فصارت جباية معظم مملكة تلمسان الغربية لهم. ”
( – مبارك الميلي – تاريخ الجزائر في القديم والحديث – ج2 – ص.373 )
وقبائل (ذوي عبيد الله ) كانت تنقسم الى بطنين : الخراج والهراج.
فالخراج هم من ولد خراج بن مطرف بن عبيد الله، وكانت رياستهم في أولاد عبد الملك و فرج بن علي بن أبي الريش بن نهار بن عثمان بن خراج، لأولاد عيسى بن عبد الملك ويعقوب بن عبد الملك ويغمور بن عبد الملك. وكان يعقوب بن يغمور شيخهم لعهد السلطان أبي الحسن المريني، ثم خلفه ابنه طلحة، وفي عهد ابن خلدون كانت رئاستهم منقسمة بين أولاد رحو بن منصور بن يعقوب بن عبد الملك وبين أولاد طلحة بن يعقوب المذكور آنفا.
وكان للخراج بطون كثيرة فمنهم: الجعاونة من جعوان بن خراج، والغسل من غاسل بن خراج ( مازالت هذه القبيلة شمال مدينة تلمسان مركزها اليوم مدينة الرمشى ومحيطها ) ، والمطارفة من مطرف بن خراج، والعثامنة من عثمان بن خراج، وفيهم رياستهم. ومعهم ناجعة يسمون بالمهاية (يتواجدون بكثرة في مدينة وجدة ) ينسبون تارة إلى المهاية بن عياض، وتارة إلى مهيا بن مطرف.
وأما الهراج فهم من ولد الهراج بن مهدي بن محمد بن عبيد الله، ومواطنهم في ناحية المغرب عن الخراج فيجاورون بني منصور ولهم تاوريرت ( وهي اليوم مدينة مغربية غرب وجدة استولت عليها : قبيلة الهراج المعقلية ) وما إليها. وكانت خدمتهم في الغالب لبني مرين وإقطاعاتهم من أيديهم.، ومن تفرعات قبيلة هراج المعقلية نذكر : أولاد مناد ، أولاد عمران ، أولاد حريز ، أولاد يعقوب ، ..الخ
ومن عروش وقبائل المعقل المذكورة لحد اليوم في أرض الجزائر نذكر بإختصار :
اولاد سباع و الحنانشه و اولاد سالم و بنى يعقوب و لرباع و خراج و العثامنه و اولاد نهار و اولاد عبد الملك و اولاد عيسى و اولاد يعقوب و اولاد يغمور و الغسول و الجعاونه و المطارفه و المهايا و اولاد رحال و اولاد هداج و اولاد مرين و اولاد حريز و اولاد فكرون و انقاد – أنجاد التل والصحراء ( خصوصا في حوز تلمسان ومكزهم مدينة مغنية ) و الثعالب ( في متيجة وبومرداس ) و اولاد بو يحى ، الحرار (حرار ) مجاورين غربا لقبائل العمور – ذوى حسين و ذوى منصور و ذوى ثابت و ذوى حسنى و ذوى جلال و العثامنه و الرحامنه و اولاد خالد و ذوى يحى (مدينة صبرة تلمسان ) و اولاد رحو و العمارنه و الجعافره و لحلاف و البرابيش (خصوصا في الجنوب ) و الدليم و لودايه و رقيطات و شبانات
وتنتشر أغلب القبائل المعقليه المذحجيه فى الوسط و الغرب الجزائرى فى العاصمه الجزائر و المتيجه و البليده و المديه و الاغواط و تسمسيلت وسعيده و تلمسان و بشار و ادرار و تندوف و البيض و تيارت
ولعل أهم قبائل المعقل الجزائرية التي كان لها شأن عظيم هي بلا شك “” قبيلة الثعالبة “” ، فقد ورد في كتاب الجزائر للمدني ص 139: مراكز قبائل معقل في سهول متيجة.
فالثعالبة وهم من ولد ثعلب بن عليّ بن بكر بن صغير بن معقل، كان موطنهم لعهد ابن خلدون بمتيجة من بسيط الجزائر، وكانوا قبلها بتطيري، نزلوها منذ عصور قديمة، وأقاموا بها حياً حلولاً. من بطونهم : أولاد سباع بن ثعلب ومنهم بنو يعقوب، وأولاد محمد بن سباع بن ثعلب ومنهم أولاد حنيش. ومنهم أيضا بنو سالم وبنو تومي حكام الجزائر.
كانت رياسة الثعالبة في ولد سباع بن ثعلب بن علي بن بكر بن صغير. ومرّ به ابن تومرت فأكرمه فكان إذا وفد على خلفاء الموحدين وضعوا على عمامته دينارا عظيما إكراما له. واستمرت الرئاسة في عقبه، فكانت أولا لبني يعقوب بن سباع ثم لبني محمد بن سباع. ولما ملك السلطان أبو الحسن المريني تلمسان ولّى عليهم أبا الحملات بن عائد بن ثابت بن محمد بن سباع، وهو ابن عم حنيش. وهلك في الطاعون الجارف سنة 749 هـ فخلفه إبراهيم بن نصر بن حنيش بن أبي حميد بن ثابت. وهلك أيام السلطان أبي عنان، فخلفه ابنه سالم.
في سنة 1438م اغتال سكان الجزائر ملكهم الجديد، ووضعوا أنفسهم تحت حماية الثعالبة الذين كانوا يسيطرون على القسم الأكبر من سهول متيجة، وفي ذلك الحين أقامت مدينة الجزائر نوعا من الإدارة البلدية، أو نظام الجماعة، وكان أول رئيس جماعة باشر تسيير شؤون المدينة هو الشيخ عبد الرحمن الثعالبي.”
وفي سنة 1541م عزّز بنو سالم الثعالبة صف عروج، وهاجموا الأسبان وفتكوا بهم وأفشلوا حملة شارلكان على مدينة الجزائر ، لكن الأتراك فيما بعد فتكوا بالثعالبة وطاردوهم لعلاقتهم ببني تومي حكام الجزائر، فتفرّقوا في سهول متيجة والصحراء، فمنهم سنة 1836 بطن في الونشريس، وبطن آخر في بلاد القبائل، وبطن ثالث في قبيلة بني بلحسن عند بني جعد.
قال الشيخ مبارك الميلي : ” وإذا لم يظهر من الثعالبة أمراء عظام فكفاهم فخرا عبد الرحمن الثعالبي دفين الجزائر وعالم القرن التاسع، وأبو مهدي عيسى عالم القرن الحادي عشر، ولعل الشيخ عبد الرحمن من فرع محمد بن سباع ولكن الناس يرفعون نسبه إلى علي بن أبي طالب ر ض كأنهم لم يكتفوا بشرف العلم.”
ملاحظة :
لقد اختلف المؤرخون في نسب المعقل، فنسابة العرب من هلال يعدونهم من بطون هلال، بينما يزعمون (أي نسابة المعقل ) أن نسبهم في أهل البيت إلى جعفر بن أبي طالب، وقد ذكر ابن خلدون هاذين القولين ثم أضاف أن الأنسب أن يكونوا من بني الحرث بن كعب بن عمرو بن علة بن جلد بن مذحج واسمه مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زير بن كهلان، وهو معقل، واسمه ربيعة بن كعب بن ربيعة بن كعب بن الحرث، وقد عدهم الإخباريون في حلفاء قبائل بني هلال الداخلين إلى أفريقية.
إذ قال :
” (وأما أنسابهم عند الجمهور) فخفية ومجهولة، ونسابة العرب من هلال يعدونهم من بطون هلال وهو غير صحيح، وهم يزعمون أن نسبهم في أهل البيت إلى جعفر بن أبي طالب وليس ذلك أيضاً بصحيح. لأن الطالبيين والهاشميين لم يكونوا أهل بادية ونجعة. والصحيح والله أعلم من أمرهم أنهم من عرب اليمن، فإن فيهم بطنين يسمى كل واحد منهما بالمعقل. ذكرهما ابن الكلبي وغيره فأحدهما من قضاعة بن مالك بن حمير، وهو معقل بن كعب بن عليم بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكربن عوف بن عذرة بن زيد بن اللات بن رفيدة بن ثور بن كعب بن وبرة بن ثعلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. والاخر من بني الحرث بن كعب بن عمرو بن علة بن جلد بن مذحج واسمه مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زير بن كهلان، وهو معقل، وإسمه ربيعة بن كعب بن ربيعة بن كعب بن الحرث. والأنسب أن يكونوا من هذا البطن الآخر الذي من مذحج، كان إسمه ربيعة، وقد عده الإخباريون في بطون هلال الداخلين إلى أفريقية ”
المصادر :
ـ تاريخ ابن خلدون ، المجلد السادس
ـ تاريخ الجزائر في القديم والحديث، ج