منتَج بلا أضرار
تقدرالوكالات التابعة للامم المتحدة ومنها منظمة الفاو المختصة بالجانب الزراعي، ان الغالبية العظمى من الماء الذي يستخدمه الانسان في حياته اليومية يذهب الى ري المزروعات، الامر الذي دفع بالكثير من الباحثين المختصين في مجال الزراعة والري الى العمل على طيف واسع من الافكار التي يمكن ان تجعل من الماء الذي نستخدمه في الزراعة ماء يدوم لفترة اطول مما يدوم عليه في الطبيعة. وكان هنالك مقدار كبير من الاثارة والاندهاش التي ولدتها العناوين الرئيسة الدراماتيكية التي ظهرت في الكثير من الصحف والمواقع الاليكترونية في الاسابيع الاخيرة الماضية. فقد تناولت هذه العناوين الرئيسية موضوعا يتعلق بمنتج جديد يقال انه يحمل في طياته الاحتمالية الاكثر قابلية للتطبيق فيما يتعلق بالتغلب على المشاكل التي تواجه تنمية واكثار المحاصيل الزراعية في ظروف بيئية قاسية وصعبة والتغلب على مشاكل الجفاف في الكثير من بلدان العالم ،وبالاخص تلك التي تعتمد في الزراعة على مياه الامطار.
فالمطر الصلب وهي التسمية العلمية والتجارية لهذا المنتج، هو عبارة عن بودرة قادرة على امتصاص كميات كبيرة من الماء والاحتفاظ بها ومنعها من التبخر او الترشح وطرحها بصورة بطيئة على مدى عام كامل من اجل ان تتمكن النباتات من البقاء والنمو في وسط البيئة الجافة وتزيد من غلتها التي تنتجها في موسم التكاثر.
تطور واستخدامات
ونتيجة لهذه التقنية يمكن للتر واحد من الماء ان يتحول الى 10 غرامات فقط من هذه المادة التي هي نوع البوليمرات الماصة التي طورتها في الاصل وزارة الزراعة الاميركية قبل ان تستلهمها شركة مكسيكية وتطورها الى منتج قابل للتطبيق يمكن الاستفادة منه لمواجهة الطلب المتزايد على الغذاء مع تنامي اعداد البشر على الكرة الارضية.
ففي فترة السبعينيات من القرن الماضي طورت هذه الوزارة منتجا ماصا خارقا مصنوعا من نوع من النشأ الذي اطلقت عليه تسمية الشارب الخارق نتيجة لقدرته على امتصاص او شرب الماء والحفاظ على المنطقة المحيطة به جافة.
والاستخدام الاكبر والاوسع تجاريا لهذا النشأ والتكنولوجيا التي تقف وراءه، كان في حفاظات الاطفال التي تستخدم لمرة واحدة والمعروفة في الولايات المتحدة بتسمية الدايبرس، لكن مهندسا كيميائيا مكسيكيا يدعى سيرجيو ريكو فيلاسكو رأى ان هذا المنتج يمكن ان يكون له استعمالات اهم من استعماله في حفاظات الاطفال. فقام هذا المهندس بتطوير واختراع نسخة مختلفة من التركيبة المستخدمة في تصنيع هذه البودرة حيث يمكن لهذه النسخة ان تدمج مع التربة من اجل احتجاز المطر لتقوم بعد ذلك بتغذية النباتات بصورة بطيئة وفعالة في الوقت ذاته.
وشرع فيلاسكو بانشاء شركة لبيع هذه المادة التي اسماها بتسمية المطر الصلب حيث قامت شركته بصورة هادئة ،ومن دون ضجة اعلامية ببيع المنتج في المكسيك منذ عشر سنوات. وقالت الشركة ان الحكومة المكسيكية قد قامت باختبار منتج المطر الصلب ووجدت ان ناتج تربية المحاصيل الزراعية بهذا النوع من المطر قد ازداد بنسبة 300 بالمئة عند اضافته الى التربة الزراعية في الحقول التي كانت تعتمد على الري المباشر.
ووفقا لما يقوله ايدون غونزاليز نائب رئيس شركة الماء الصلب، فان المنتج يجتذب اليوم اهتماما اوسع بسبب تزايد دواعي القلق حول شح المياه في دول تعاني زيادة في عدد السكان وتناقصا في الرقعة الزراعية بسبب الجفاف.
ويقول غونزاليز: ان هذا النوع من البودرة يعمل عبر تغليف الماء حيث يمتلك عمرا عمليا يتراوح من ثمانية الى عشرة اعوام على الارض اعتمادا على نوعية الماء المستخدم او نوعية المطر الهاطل على المنطقة التي يوجد فيها المنتج، حيث ان المنتج يبقى فترة اطول كلما كان الماء اكثر نقاء.
وتنصح الشركة باستخدام 50 كيلو غراما من هذه البودرة لكل هيكتار من الاراضي المراد زراعتها للحصول على اقصى طاقة انتاجية للنبتة ،على الرغم من ان الناتج ليس رخيصا، حيث ان كمية 50 كيلو غراما تكلف مبالغا يصل الى 1500 دولار.
كفاءة عملية
وتشير الشركة الى ان البودرة هي منتج طبيعي بالكامل ولا تتسبب باي ضرر الى الارض حتى لو استخدمت لعدة سنوات متتالية او بقيت في التربة التي لم تسقط عليها الامطار. ويقول غونزاليز ان المنتج ليس ساما بالمرة، حيث انه مصنوع من مادة البايواكريلاميد الشبيهة بالمواد الطبيعية التي تتحلل لتصبح جزءا من التربة ولا تتسبب باي تسمم او ضرر للتربة.
ولا يقتنع الجميع بفاعلية المطر الصلب باعتباره حلا مهما لمشكلة الجفاف. فالدكتورة ليندا تشالكر من جامعة واشنطن ستيت تقول ان هكذا نوع من المنتجات هي منتجات معروفة بالنسبة للمزارعين منذ بضع سنوات، وهي ليست جديدة بالكامل وليست هنالك من دليل قوي يؤكد انها تحتفظ بالماء لمدة سنة كاملة او انها تبقى في التربة لمدة عشر
سنوات.
وتضيف ان الماء الاساسية للبودرة والتي هي عبارة عن نوع من انواع الجل يمكن ان تتسبب بضرر الى التربة اكثر من الفائدة التي تقدمها حيث انها تقوم بامتصاص الماء المحيط بها بسرعة عندما تبدأ بالجفاف ما يعني انها ستقوم بأخذ الماء مباشرة من جذر
النبتة.
وتقول سكوت ان التجارب التي اجرتها في المناطق المختلفة من ولاية سياتل على الاشجار الحديثة الزراعة قد اظهرت ان تغطية التربة برقاقات الخشب الساقطة من الاشجار كانت بنفس كفاءة عملية اضافة المواد البودرية وانواع الجل الى التربة بالاضافة الى ان الامر ارخص بكثير جدا.
وبغض النظر عما تقوله سكوت، فان غونزاليز يقول ان المطر الصلب هو امر مختلف كليا، مبينا ان هنالك منافسين قد ظهروا في السنوات الثلاث او الاربع الماضية حيث ان منتجاتهم لا تبقى فترة طويلة لانها تحتوي على مادة الصوديوم التي لا تقوم بامتصاص الكثير من الماء، لكن المنتجات التي تحتوي على البوتاسيوم مثل منتج شركته هي المنتجات الافضل
فاعلية.
وعلى الرغم من ان العلم ليس متاكدا بالكامل من فوائد المنتجات الشبيهة بهذا المنتج، فان غونزاليز يقول ان شركته تتلقى طلبات متزايدة من مناطق تعاني من الجفاف من ضمنها مناطق في الهند واستراليا فضلا عن طلبات من المملكة المتحدة على الرغم من ان الجفاف فيها ليس مشكلة كبيرة.
ويرى مدراء الشركة ان منتجهم قادر على حل مشاكل الجفاف التي يعاني منها العالم وانه يتمتع بسعر معقول هو 25 دولارا للباوند الواحد كما انه نتاج عمل مضني امضته الشركة على مدى عقود في محاولة معالجة مشاكل الجفاف التي تعاني منها المكسيك.
ويعتمد المطر الصلب في بنيته على نوع من البوليمرات الماصة التي تسمى بولياكريلات البوتاسيوم التي تقوم بامتصاص مقدار من الماء يوازي 500 مرة حجمها الاصلي محولة اياه الى نوع من انواع الجل السميكة والشفافة.
ويبقى الماء الممتص بهذه الحالة على مدى عام كامل غير متأثر بعملية التبخر او الترشح من الجل المتكون باي طريقة اخرى عدا عملية امتصاصه من قبل جذور النبات.
اختبارات ميدانية
واجرت الحكومة المكسيكية اختبارات على هذه المادة شملت محصول الشوفان الذي انتج 5000 كيلوغرام للهكتار الواحد باستخدام المطر الصلب مقارنة بنحو 2500 كيلوغرام للهكتار من دون هذه المادة. وشملت التجارب نبات زهرة دوار الشمس الذي انتج 3000 كيلوغرام للهكتار مقارنة بنحو 1000 كليوغرام للهكتار من دون بودرة المطر الصلب، والفاصوليا التي انتجت 3000 كيلوغرام للهكتار مقارنة بما يقارب 450 كليو من دون هذه المادة.
وكان الماء الصلب قد جرى ترشيحه مرتين للحصول على جائزة الماء الدولية التي يقدمها معهد ستوكهولم الدولي للمياه، كما انه قد حصل على جائزة الاحياء والبيئة التي تقدمها مؤسسة مياغويل اليمان، فضلا عن كونه مستخدما في المكسيك منذ سنوات.
وحصل المنتج مؤخرا على موافقة المؤسسات الحكومية الاميركية، الامر الذي دفع بالمنتج الى ايجاد اسم له في السوق الاميركية والعالمية حيث ان الكثير من عملية البيع والشراء الخاص به لم تزل في طور النقاش كما ان موسم الفيضانات الذي اجتاح الولايات المتحدة والكثير من البلدان الاخرى جعل الطلب عليه اقل في هذه الفترة.
وبعيدا عن موضوع الزراعة فان الماء الصلب يمكن ان يستخدم في تقليل نسبة الماء المستخدم في سقي الحدائق العامة والحدائق المنزلية. ويمتلك الماء الصلب ايضا خاصية منع المواد المغذية في التربة من الانزلاق مع الامطار التي قد تنقلها الى مكان اخر. ويقول المزارعون ان مادة النيتروجين التي تتواجد في التربة لم تنجرف مع ماء المطر، حيث ان كل المغذيات الضرورية لبناء النبات قد جرى امتصاصها من قبل جذور ذلك
النبات
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2016-11-26, 13:47
الامطار الصلبة
العرض العادي
