بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أما بعد فإن أحداث كثيرة تثير الخواطر وتدعو إلى فعل أشياء كثيرة فبعد أحداث نيس بفرنسا علينا العمل على إظهار أن ديننا دين السلام ولا يدعو إلى القتل وإننا نتعجب من تصريحات الرئيس الفرنسي الذي يصف العملية الإجرامية بإرهاب إسلامي على الرغم أن الإرهاب ليس له دين كما يقال و يروج له كما أن منفذ العملية يشرب الخمر و يذهب إلى الملاهي ومسبوق قضائيا و يتعاطى المخذرات و لا يصوم رمضان لهذا علينا تغيير أفكار الشعوب و الرؤساء في الغرب حول الإسلام وليس لنا إلا قوة الصوت و الصورة لأن هذه هي الوسائل الحديثة التي على المسلمين التحكم فيها عالميا و في الخمس قارات منها أوروبا و أمريكا و آسيا و إفريقيا و أستراليا و علينا الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الجماهير الغفيرة عبر أمواج الأثير وكل الإذاعات العالمية و القنوات التلفزيونية المشهورة و المحلية و العالمية وبكل اللغات و عبر الجرائد العالمية و المجلات في كل الدول بدون إستثناء وعلينا إلقاء محاضرات في كل الجامعات و الاتصال بكل المفكرين و المؤثرين في المجتمعات الغربية حتى نتفوق عليهم و نقنعهم أن الإسلام دين حنيف يحترم الحياة وأنه دين سلام و نقوم بنشر آيات القرآن التي تدعو إلى المحافظة على الحياة ونبذ العنف وخاصة الآية 32 من سورة المائدة التي يقول فيها الله عز وجل :
"مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا"
وهذه أهم آية في القرآن يجب نشر في الوقت الراهن لأننا نعلم أن أعداء الإسلام يترصدون لنا لإعتداء على الجاليات المسلمة في الخارج حسب الخبراء الأمنيين في أوربا ويجب أن نفهم معنى هذه الآية جيدا و محاولة إستثمارها في هذه الأثناء و عدم نشر الكراهية أو التشجيع على العنف فقد رأينا و لله الحمد و المنة إمام مسجد نيس يقوم بالتبرع بالدم مع مسلمين بمستشفيات نيس لإنقاذ
جرحى الحادث و يقدم التعازي و يخطط لمسيرة أو وقفة في أحدى ساحات مدينة نيس لتعبير عن أننا من دين يدعو إلى الحياة و ليس إلى العنف لأننا علينا توقيف من يقوم بسوء إستشمار أحداث نيس خاصة من اليمين المتطرف أو العنصريين أو المحلدين أو أعداء الدين الإسلامي مع العلم أن من الضحايا مسلمين بل أطفال مسلمين .
و علينا نحن التفقه في الدين لأن كما هناك جهاد السيف هناك جهاد الكلمة و الفكر و إننا نرى أن اليوم يجب أن نكون من المجاهدين بكلمة الحق للقضاء على الباطل ولا يتأتى هذا إلا بالعلم و الإيمان وبفهم بيان القرآن وقراءة التفاسير فقد فسر البغوي في تفسيره الآية32 من سورة المائدةكما يلي : من قتل نفسا بغير نفس : أي بغير قتل نفس يوجب الاقتصاص ، أو فساد في الأرض: أو بغير فساد فيها كالشرك أو قطع الطريق، فكأنما قتل الناس جميعا من حيث أنه هتك حرمة الدماء وسن القتل ، وجرأ الناس عليه ، أو من حيث إن قتل الواحد وقتل الجميع سواء في استجلاب غضب الله سبحانه وتعالى والعذاب العظيم ، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا : أي ومن تسبب لبقاء حياتها بعفو أو منع عن القتل أو استنقاذ من بعض أسباب الهلكة فكأنما فعل ذلك بالناس جميعا ، والمقصود منه تعظيم قتل النفس وإحيائها في القلوب، ترهيبا عن التعرض لها، وترغيبا في المحاماة عليها .
فمن خلال هذا التفسير يظهر أن القرآن يظهر أن الله يغضب من القاتل وعلينا في جميع وسائل الإتصال على ظهر البسيطة أن القرآن الكريم لا يدعو إلى العنف بل حرم القتل من عهد آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وعلى سفراء الدول الإسلامية في جميع أنحاء العالم تبيان أن الإسلام جلب الحضارة ويحمل رسالة التوحيد التي دعا إليها جميع الرسل ابتداء من آدم و ختاما بالرسول صلى الله عليه وسلم الذي عمل طول حياته على تحرير الإنسان و العبيد و كان أول من دعا إلى القضاء على ظاهرة وأد البنات للحفاظ على الحياة
البشرية و أول من صان حقوق المٍرأة و أعطاها حق في الميراث بعد أن كانت محرومة في الميراث و لاحق لها فيه فقد كانت كبضاعة تشترى و تباع وعندما هاجر إلى المدينة دعا إلى التعايش السلمي ويميل دوما إلى الصلح و صلح الحديبية دليل على ذلك و كان متسامح فقد دخل مكة فاتحا و أول من قام في التاريخ بعفو شامل على من كانوا أعداء له وقال لهم اذهبو فأنتم الطلقاء لأن الرسول يحب السلام و يطبقه عمليا و يؤمن به نظريا .
وعلينا عرض تفاسير آيات القرآن التي تدعو إلى السلم و نبذ العنف في جميع جامعات العالم وكل التظاهرات الثقافية العالمية و ترجمتها و إليكم ما جاء في تفسير ابن كثير يوضح جوانب أخرى للآية الذي ذكرناها أعلاه و إليكم تفسيره بالتفصيل و أنا أتعمد ذلك لتعليمكم وتوسيع مدارككم الثقافية و دعوة إلى الرجوع إلى أمهات الكتب وإليكم مباشرة ماجاء في التفسير بدول إطالة :
"قال تعالى : ( من أجل ) قتل ابن آدم أخاه ظلما وعدوانا : ( كتبنا على بني إسرائيل ) أي : شرعنا لهم وأعلمناهم ( أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) أي : ومن قتل نفسا بغير سبب من قصاص ، أو فساد في الأرض ، واستحل قتلها بلا سبب ولا جناية ، فكأنما قتل الناس جميعا ; لأنه لا فرق عنده بين نفس ونفس ، ( ومن أحياها ) أي : حرم قتلها واعتقد ذلك ، فقد سلم الناس كلهم منه بهذا الاعتبار ; ولهذا قال : ( فكأنما أحيا الناس جميعا.
وقال الأعمش وغيره ، عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : دخلت على عثمان يوم الدار فقلت : جئت لأنصرك وقد طاب الضرب يا أمير المؤمنين . فقال : يا أبا هريرة ، أيسرك أن تقتل الناس جميعا وإياي معهم؟ قلت : لا . قال فإنك إن قتلت رجلا واحدا فكأنما قتلت الناس جميعا ، فانصرف مأذونا لك ، مأجورا غير مأزور . قال : فانصرفت ولم أقاتل .
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : هو كما قال الله تعالى : من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) وإحياؤها : ألا يقتل نفسا حرمها الله ، فذلك الذي أحيا الناس جميعا ، يعني : أنه من حرم قتلها إلا بحق ، حيي الناس منه جميعاوهكذا قال مجاهد : ومن أحياها أي : كف عن قتلها .
وقال العوفي عن ابن عباس في قوله : فكأنما قتل الناس جميعا يقول : من قتل نفسا واحدة حرمها الله ، فهو مثل من قتل الناس جميعا . وقال سعيد بن جبير : من استحل دم مسلم فكأنما استحل دماء الناس جميعا ، ومن حرم دم مسلم فكأنما حرم دماء الناس جميعا .
هذا قول ، وهو الأظهر ، وقال عكرمة والعوفي عن ابن عباس في قوله : فكأنما قتل الناس جميعا يقول من قتل نبيا أو إمام عدل ، فكأنما قتل الناس جميعا ، ومن شد على عضد نبي أو إمام عدل ، فكأنما أحيا الناس جميعا . رواه ابن جرير .
وقال مجاهد في رواية أخرى عنه : من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا ; وذلك لأنه من قتل النفس فله النار ، فهو كما لو قتل الناس كلهم .
وقال ابن جريج عن الأعرج عن مجاهد في قوله : فكأنما قتل الناس جميعا من قتل النفس المؤمنة متعمدا ، جعل الله جزاءه جهنم ، وغضب الله عليه ولعنه ، وأعد له عذابا عظيما، يقول: لو قتل الناس جميعا لم يزد على مثل ذلك العذاب .
قال ابن جريج : قال مجاهد ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا قال : من لم يقتل أحدا فقد حيي الناس منه .
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا يعني : فقد وجب عليه القصاص ، فلا فرق بين الواحد والجماعة ومن أحياها أي : عفا عن قاتل وليه ، فكأنما أحيا الناس جميعا . وحكي ذلك عن أبيه . رواه ابن جرير .
وقال مجاهد - في رواية- : ومن أحياها أي : أنجاها من غرق أو حرق أو هلكة
وقال الحسن وقتادة في قوله : أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا هذا تعظيم لتعاطي القتل - قال قتادة : عظم والله وزرها ، وعظم والله أجرها .
وقال ابن المبارك عن سلام بن مسكين عن سليمان بن علي الربعي قال : قلت للحسن : هذه الآية لنا يا أبا سعيد كما كانت لبني إسرائيل؟ فقال : إي والذي لا إله غيره ، كما كانت لبني إسرائيل . وما جعل دماء بني إسرائيل أكرم على الله من دمائنا .
وقال الحسن البصري : فكأنما قتل الناس جميعا ) قال : وزرا . ( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا قال : أجرا .
وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثنا حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال : جاء حمزة بن عبد المطلب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، اجعلني على شيء أعيش به . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا حمزة ، نفس تحييها أحب إليك أم نفس تميتها؟ " قال : بل نفس أحييها : قال : " عليك بنفسك " .
من خلال التفسير المستفيض لإبن كثير سيجعل كل واحد قرأ ما كتبه سيستفيد ويحاول بقصيدة شعر أو مقال أو مسرحية أو فيديو أو فليم قصير أو أنشودة مترجمة إلى عدة لغات أو فليم سينمائي أو لقاء في إذاعة أو بمونولوج أو ملتقى ثقافي أو بموقع إلكتروني أو بيافطة أو لوحات إشهارية أو برسوم متحركة أو غيرها من وسائل الفنية و الإتصال للدعوة إلى الله و تعريف بسماحة الإسلام أو أنه الدين الحق و التعريف أيضا بأخلاق الرسول الحميدة وأن رسالته هي نفس رسالة الرسل و الأنبياء الذين سبقوه .
وعلينا أيضا توحيد جهود المفكرين عالميا للدفاع عن الإسلام و المسلمين و إبراز محاسنه ولما أيضا بإجراء مناظرة كالتي كأن يقوم بها أحمد ديدات رحمه الله.
كما أن الإنترنت من الفضاءات الواسعة التي يجب إستغلالها للتعريف بالإسلام وأنه الدين الحق و أنه يدعو إلى السلم وأن أخلاق تجار المسلمين هي التي نشرت الإسلام في أندونسيا وماليزيا و غيرها من الدول في آسيا بدون عنف و لا سيف و كما أن حضارة المسلمين في الأندلس هي التي كانت خيرا عميم على الغرب .
وعلينا نشر الآيات القرآنية التي تدعو إلى الإخوة و السلام و التعاون منها ما جاء في سورة المائدة الآية 03 :
" ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله إن الله شديد العقاب"
و سورة المائدة الآية 09 :
" يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله، شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا. اعدلوا هو أقرب للتقوى، واتقوا الله، إن الله خبير بما تعملون"
وعلينا القيام بجهود عظيمة ماديا و معنويا لنشر الإسلام و إعانة الجمعيات العالمية الإسلامية لحفظ القرآن و فهم تعاليم الإسلام و إننا نرى في حلقات الحياة إعمار جهود الإخوة في السعودية لنشر الإسلام و الحفاظ على اللغة العربية و تثبيت العقيدة الإسلامية الحقيقية في المسلمين في جميع أنحاء العالم .
وعلى جامعاتنا الإسلامية تعليم و تخريج دعاة يجولون و يصولون في الأرض قاطبة لنشر الإسلام بذكاء و حنكة .
والحديث ذو شجون حول الدعوة إلى الإسلام ولكن أهم شيء نستطيع أن نتغلب به على الغرب اليوم و مؤامراته على الإسلام هو أخلاقنا و قيمنا و إتباع تعاليم ديننا الحنيف و أن نكون أمة تنتج أكثر مما تستهلك .
هذا ما وفقني الله في كتابته فإن أصبت فمن الله و إن أخطأت فمن نفسي و الشيطان و أدعو فأقول أللهم أرنا الحق حقا و أرزقنا إتباعه و أرنا الباطل باطلا و أرزقنا اجتنابه .