الملكة الجزائرية التي وحدت الساحل الإفريقي " تين هينان "
" تين هينان " إسم مركب من جزاين " تين " و " هينان " وهي لفظة من لهجة التماهاك القديمة وتعني باللغة العربية " ناصبة الخيام " .
لذلك رجح المؤرخون أن تكون كثيرة السفر والترحال ونشير الى أن الطوارق مازالوا يحفظون صفاتها في ترحالهم وتجوالهم .
*
*
" تين هينان " مدرسة في الفكر السياسي وحب الوطن .
هي جزائرية النموذج الذي يحاكي الجزائريات اللآئي كن منذ زمن بعيد ملكات في ارضهن يحكمن ويشاركن الرجل في الحكم بحب واحترام وتعاون متبادل في اقصى حالات الفكر الديموقراطي المفطورة عليه هذه الأمة المحمودة والمحسودة في كتاب الأزل .
*
*
السيدة "تين هينان" كانت ملكة قبائل الطوارق حكمت في القرن الخامس الميلادي وإليها يسند أهل الطوارق في تنظيمهم الإجتماعي الذي يستمد السلطة حتى الآن من حكم المرأة ونظرا لإمكاناتها وقدراتها الخارقة نصبها سكان الأهقار ملكة عليهم .
هي ملكة متفردة كانت ذات جمال وصاحبة حكمة ودهاء فالأساطير والآثار تثبت أنها كانت امرأة تدافع عن أرضها وشعبها ضد الغزاة من قبائل النيجر وموريطانيا الحالية وتشاد .
قدمت " تين هينان " من منطقة تافيلات لتستقر بمنطقة الأهقار 1800 جنوب العاصمة الجزائرية برفقة خادمتها " تاكامات" وعدد من العبيد .
للتذكير الأهقار كان يسكنها قوم " الأسباتن " المعروفون بخصوصية لباسهم المتشكل من جلود الحيوانات وبعباتهم للطبيعة
كما كان لسانهم ينطق بلغة لها خط يسمى " التيفناغ " ولا يزال الطوارق حتى اليوم يستخدمون هذه الحروف التي توارثوها أبا عن جد في كتاباتهم الخاصة وتزيين قطع صناعاتهم اليدوية .
تقول الروايات أن قافلة الملكة طال بها السفر ونفذ الزاد وكاد أفرادها يهلكون فتفطنت خادمتها " تاكامات " لقوافل النمل على طريقها وهي تحمل حبات والشعير فأمرت " تين هينان "بمواصلة الطريق في المنحى المعاكس لمنحى سير النمل إلى أن وصلت إلى الأهقار فوجدت به الماء والأمن وكل متطلبات الحياة .
" تين هينان" الملكة الجزائرية التي وحدت الساحل الإفريقي .
شيدت "تين هينان" صرح مملكتها وأدخلت تقاليد جديدة على المجتمع منها العمل وتخزين الخيرات وقت الشدة والإستعداد الدائم لقهر الغزاة القادمين من الشرق.
سيطرت سياستها على المنطقة وحكمت عدد كبير من القبائل التي تنحدر منها جميع قبائل الطوارق الحالية في بلدان الصحراء الإفريقية الكبرى والتي تتوزع بين الجزائر وليبيا وموريطانيا والنيجر ومالي وتشاد .
تم إكتشاف موقع دفن المرأة الأسطورة والعثور على هيكلها العظمي سنة 1925 من بعثة فرنسية امريكية مشتركة في "أباليسا" بالأهقار جنوب الجزائر .
وفي دراسة علمية حديثة على هيكل عظمي نسب للملكة "تين هينان" تم اكتشاف العديد من الأسرار من بينها أنها كانت عرجاء واكدت ذلك ما ورد في كتاب ابن خلدون عن تاريخ البربر الذي يشير إلى وجود امرأة عرجاء هي سلف لكل الرجال الملثمين ( يقصد الطوارق ) ونقل كتاب العلامة ابن خلدون ان إبنها " هقار " الذي اطلق إسمه على المنطقة كلها فيما بعد كان أول من غطى وجهه فتبعه القوم وظلوا على تلك الحال الى اليوم .
اثبتت التحليلات أن الهيكل العظمي لـ " تين هينان " يعود الى القرن الخامس الميلادي وهو ما يعني أنها لم تكن مسلمة كما يشاع لأن الإسلام لم يبلغ المنطقة إلا في القرن السابع الميلادي .
يرقد الهيكل العظمي لـ "تين هينان " منذ أكثر من نصف قرن داخل صندوق زجاجي وتظهر محاطة بحليها الذهبية والفضية ولباسها الجلدي في متحف الباردو بعد نقلها من ضريح أباليسا بالأهقار .