منظر باسود والابيض ...بقلمي

[الدر الكامن]

عاد جلول يجر رجليه لا يستطيع حملها لثقل الهموم على قلبه ولعظم المصاب

وجمرة الفقد تتوغل في قلبه تذيب جزءا منه كل دورة نهار أو صولة ليل

لتحرمه مع عشرينتيه وتحيله شخيا قد أكلت السنون كل الابتسامات من محياه

والعبرات تنحدر حارة مالحة مثل أيامه فترسم وتفنن في إظهار القهر

ارتمى فوق ذلك الحصير البالي المتعود على التغلغل بين تضاريس جسمه النحيل

ولا تحول بينه وبين جلده إلا بعض الخرق الرثة التي تكاد تستره

ويسليه قليلا عن همه تلفاز أبيض واسود مركون بزاوية الغرفة

تريد صورته أن تزيل بعض الغبار عليها لكن لا تأبه بها أمه تلك المرأة البائسة

التي لا تمشط شعرا و لا تظهر له ابتسامة قد تريح ما بقي من روحه أو تمسح على قلبه النكد

والعربيد المجخي الجاثم على صدره جثوم ذلك الغبار فوق التلفاز يخنق صورته

التلفاز الذي يحضر يوما ويغيب أياما فخيط الكهرباء الذي يمده به جاره الجشع

فيقطع عليه الكهرباء كلما عدم التسديد أو يتأخر عليه فيدفع ثمن تأخير كل يوم ضعف مضاعفا

هنا قد تتساءل أيها القارئ أين والده وأعرف كما أعرف حروفي هذه الموجهة إليك

انك خمنت وقلت انه مات

لكن لا تتسرع فالقصة قصتي واستطيع أن اجعل عبد القادر أبا جلول قد مات في الحرب

واستطيع أن أقول لك انه مدمن مخدرات أو خمر لا يهتم بعائلته

او اذهب به الى الجبل ليحارب الدولة التي يعتقد أنها سبب فاقته وعنوان شقاه

وكذلك استطيع أن أسوغ لك انه تزوج بامرأة أخرى وتخلى عن زوجته حليمة

وابنه صاحبنا جلول و ابنته فريدة التي تريد أن تنجح في شهادة الباكلوريا

لتعوض عن الحرمان والفقر والقهر . لتشتري بعض الخبز اللين أمعائها تعبت من الخبز اليابس

العبرة ليس أين هو أبا جلول أو ماذا فعل ؟

العبرة في كم جلول يعيش بجوارك كم جلول تراه عيونك يوميا ولا يحس به قلبك

العبرة في ذلك الضمير الإنساني الغائب عنا لبذخنا وطيب عيشنا ورغدنا وغفلتنا