-المجاهد الغربي الحاج العربي بن المداني ( 2011.1915) [IMG][/IMG]
نقلا عن كتاب الدكتور عباسي عبد الحميد (منطقة بن سرور ..جهاد متصل من الحركة الوطنية الى ثورة التحرير)
ولد الحاج العربي بن المداني صاحب الورع والتقى الحافظ لكتاب الله العامل بسنته بالقرب من وادي الشعير سنة 1915 ، في أسرة ثرية محافظة حيث كان والده المدني من أثرياء المنطقة ووجهائها ، وكانت أمنيته أن يرزقه الله ولدا حتى يعلمه تعليما جيدا، لكن الأب باغته الأجل قبل تحقق أمنيته حيث انتقل إلى جوار ربه ولم يكن الطفل العربي قد بلغ عامه الأول بعد.
ارتحلت الأسرة إلى عين البيضاء بالشرق الجزائري بحثا عن المرعى لمواشيها ، ولم يكن الطفل قد بلغ العاشرة بعد،وهناك بدأ مرحلة تعليمه الأولى وأخذ وعيه السياسي يتشكل من خلال احتكاكه واطلاعه على صحف الحركة الوطنية وبالذات صحف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
عاد مع الأسرة إلى مسقط رأسه ،وبعد تجربة زواج فاشلة توجه إلى زاوية لقصيعات وانصرف كلية إلى حفظ القرآن الكريم وبعض المتون الأخرى كالأجرومية في اللغة وابن عاشر في الفقه.
في سنة 1940 انتقل للاستقرار بمدينة بن سرور وهناك اتصل بالشهيد عباسي محمد بن لخضر الذي كان مدرسا وقتها فكان الشيخ الحاج العربي يعاونه وينوبه في التدريس أثناء فترات غيابه.
انخرط الشيخ المجاهد العربي الغربي بهمة وحيوية في النشاط السياسي الذي كانت تشهده مدينة بن سرور في فترة الأربعينيات، وكان مطلعا على صحف الحركة ومنشوراتها ،وعندما زار وفد الحركة الوطنية برئاسة فرحات عباس مدينة بن سرور سنة 1946 كان الحاج العربي من بين الذين حضروا ذلك اللقاء التاريخي في بيت الشهيد سي محمد بن لخضر عباسي .
عند انطلاق الثورة التحريرية انضم الحاج العربي الغربي كغيره من الوطنيين المخلصين إلى صفوفها وبذل في سبيل استمرارها وانتصارها ما يستطيع من جهد ومال، وكانت له اتصالات مع الشهيد علي بن المسعود كما عمل ضمن لجنة وادي الشعير رفقة طويري امحمد، حبيب محمود، بن صوشة علي بن قويدر ،حبيب أحمد ، بوعيشاوي عيسى بن الهاشمي ،وغيرهم ، وحفاظا على الانسجام والفعالية وحسن سير العمل داخل هذه اللجنة حوّله الرائد على بن المسعود إلى مركز الشديدة ناحية أولاد سليمان وكلفه بتعليم الأطفال والقيام بمهام أخرى لصالح الثورة هناك ، ولم يلبث أن ألقي عليه القبض من طرف جنود الخائن بلونيس ووضعوه في السجن لعدة أيام ، ثم أطلق سراحه ، وبعد القضاء على حركة بلونيس الخيانية في الجب عاد الحاج العربي إلى أم العجول بأولاد سليمان ليواصل مهمة التدريس حتى ألقي عليه القبض من طرف جيش الاحتلال الفرنسي سنة 1960 ونقل إلى سجن وادي الشعيرثم حُول إلى سجن "بول غزال"بالبرواقية، وحكمت عليه المحكمة الاستعمارية بسنتين سجنا نافذا.
بعد الاستقلال كلفه جيش التحرير بمهمة تعليم الأطفال بوادي الشعير، وفي سنة 1963 انتقل للتدريس بحي بئر مراد رايس بالعاصمة رفقة عدد من إخوانه المجاهدين أبناء لمنطقة، ثم عين إماما لمدة ثلاث سنوات بنواحي البليدة ، كما تولى الإمامة ببلدية عين الريش لمدة تسع سنوات ، وبعد إحالته على التقاعد استقر بمدينة بن سرور حتى وافاه الأجل يوم 15 نوفمبر 2011 رحمه الله وطيب ثراه وجزاه عن الأمة خير ما يجزي به عباده الصالحين .