ذكر ابن رجب الحنبلي في لطائف المعارف
خصائص وفضائل شهر ذي القعدة
ذو القعدة من الشهر الحرم بغير خلاف و هو أول الأشهر الحرم المتوالية ... و هو أيضاً من أشهر الحج التي قال الله تعالى فيها : الحج أشهر معلومات ، و قيل : إن تحريم ذي القعدة كان في الجاهلية لأجل السير إلى الحج و سمي ذا القعدة لقعودهم فيه عن القتال ، و تحريم المحرم لرجوع الناس فيه من الحج إلى بلادهم ، و تحريم ذي الحجة لوقوع حجهم فيه ، و تحريم رجب كان للإعتمار فيه من البلاد القريبة .
و من خصائص ذي القعدة أن عمر النبي صلى الله عليه و سلم كلها كانت في ذي القعدة سوى عمرته التي قرنها بحجته مع أنه صلى الله عليه و سلم أحرم بها أيضاً في ذي القعدة و فعلها في ذي الحجة مع حجته و كانت عمره صلى الله عليه و سلم أربعاً : عمرة الحديبية و لم يتمها بل تحلل منها و رجع ، و عمرة القضاء من قابل ، و عمرة الجعرانة عام الفتح لما قسم غنائم حنين . و قيل : إنها كانت في آخر شوال و المشهور أنها كانت في ذي القعدة و عليه الجمهور ، و عمرته في حجة الوداع كما دلت عليه النصوص الصحيحة و عليه جمهور العلماء أيضاً . و قد روي عن طائفة من السلف منهم ابن عمر و عائشة و عطاء تفضيل عمرة ذي القعدة و شوال على رمضان لأن النبي صلى الله عليه و سلم اعتمر في ذي القعدة و في أشهر الحج حيث يجب عليه الهدي إذا حج من عامه ، لأن الهدي زيادة نسك فيجتمع نسك العمرة مع نسك الهدي . و لذي القعدة فضيلة أخرى و هي أنه قد قيل : إنه الثلاثون يوماً الذي واعد الله فيه موسى عليه السلام قال ليث عن مجاهد في قوله تعالى : و واعدنا موسى ثلاثين ليلة ، قال ذو القعدة ، و أتممناها بعشر قال عشر ذي الحجة .
اهــ