بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ تعالى نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـه مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّـهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ
أما بعد لاشك أيها الأحبة في الله أن السكوت عن المنكر لهو دليل نقص الولاء لدين الله عز وجل وهو علامة ضعف الإيمان قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ))
وقال أيضا ((وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))
وقال أيضا ((الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )
وقال أيضا(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
وقال أيضا ((الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)والآيات في هذا الباب كثيرة لا يسعنا المجال لذكرها كلها
أيها الأحبة في الله كما ترون في جل هذه الآيات جعل الله إنكار المنكر من صفات المؤمنين بل من أعظم سماتهم عدم السكوت عن المنكر
وقال صلى الله عليه وسلم أيضا في هذا الشأن( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان)والكثير الكثير من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي تحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يسعنا التذكير بها كلها
فخلاصة القول أن الساكت عن المنكر وعدم استنكاره لا يسلم من التبعية ولا ينجوا من الإثم قال تعال)) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ))فتنة تتجاوز الفاعل المباشر لتصيب الصالح والطالح فإذا قلت هذا حال فاعل المنكر فما بال من لم يفعله قيل بموافقتهم أو بسكوتهم عن المنكر
فبعدم إنكارهم المنكر استحقوا العقوبة من الله العزيز الجبار,
وعلى هذا فكلما ظهر المنكر وجب على من رآه إنكاره فإذا سكت الجميع فالجميع عصاه هذا بفعله وذاك برضاه نسأل الله أن يتداركنا بعفوه ولطفه ويصلح أحوالنا
أيها الأحبة في الله معنى هذا أنه لا ينجوا من البلاء إلا الناهون عن المنكر المصلحون وسيصاب المجاهرون بالمنكر قال تعالى (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)وقال أيضا( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ))والآيات في هذا الباب أيضا كثيرة جدا
أيها الأحبة في الله أنكروا المنكر ولا توانوا ولا تواكلوا واليكن لكل منا دور فعال في إنكار المنكر فإذا تخلينا على هذا اليوم فلا نلم إلا أنفسنا يوم ينزل العذاب الشامل وتحل النقمة العامة كتلك التي نزلت على أقوام سبقونا وما هي منا ببعيد فلقد بدأت بوادرها تلوح في الأفق
حيث لم يجروا البلاء والدمار لأنفسهم فحسب بل كان الدمار عاما نال الفاعل للمنكر والساكت عنه
وفي الأخير أوصيكم أيها الأحبة في الله أن تكونوا صمام الأمان لمجتمع
وهذا بأمركم بالمعروف ونهيكم عن المنكر
وإلى لقاء آخر إن شاء الله