تضاربت المعلومات بشأن مقتل ابن عم الرئيس السوري محمد توفيق الأسد، الذي رجّحت بعض المصادر أن تكون تصفيته جاءت نتيجة الخلافات المستمرة بين العائلات العلوية وتذمر أهالي محافظة اللاذقية من سياسة النظام السوري.
إذ في حين أشارت معظم المعلومات إلى أنّ الأسد قضى نتيجة تعرضه لطلقات نارية في الرأس أثناء إشكال مع إحدى الشخصيات العلوية في بلدته القرداحة، قالت مواقع تابعة للنظام إنه قضى أثناء قيامه بواجبه الوطني بعد إصابته في المعارك الأخيرة ببلدة دورين في ريف اللاذقية.
«المرصد السوري لحقوق الإنسان»، من جانبه، نقل عن مصادر عدة قولها إنّ الأسد الملقب بـ«شيخ الجبل»، ووالده هو أحد أبناء أعمام الرئيس بشار الأسد، تلقى عدة طلقات نارية في الرأس أثناء إشكال مع إحدى الشخصيات النافذة في منطقة القرداحة، معقل آل الأسد. ونفت المصادر للمرصد أن يكون قد قتل خلال اشتباكات مع الفصائل المقاتلة والإسلامية في ريف اللاذقية أو أي منطقة أخرى.
أيضا، استبعد مصدر قيادي في «الجيش السوري الحر» أن يكون الأسد قتل على الجبهة، مرجحا فرضية أن قرار تصفيته كان نتيجة خلافات داخلية بين العائلات العلوية. وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «شخصية محمد الأسد الذي اختار لنفسه لقب (شيخ الجبل)، تيمنا بأحد الشيوخ العلويين القدامى، كانت مهمته في الفترة الأخيرة تنحصر في تجنيد الشباب العلويين للقتال إلى جانب النظام السوري». وأوضح «أن علاقته بعائلة الأسد الحاكمة لم تكن حتى فترة قريبة على ما يرام، إذ إنه سبق لباسل الأسد، الشقيق الأكبر الراحل للرئيس السوري، أن سجنه مع مجموعة تابعة له على خلفية تجارة المخدرات وخطف فتيات وعمليات سرقة السيارات التي كانت ضمنها سرقة سيارة أحد السفراء العرب خلال تأديته واجب العزاء بجده الرئيس السوري، قبل أن يعود بشار ويطلق يده من جديد مستفيدا من (خبرته) في عمليات التشبيح».
ولفت المصدر إلى أن محمد الأسد كان «رأس الحربة» في إطلاق كلمة «الشبيحة»، موضحا أنه كان ومجموعة من الشباب الذين يملكون سيارات من نوع «مرسيدس شبح» يعمدون إلى ركنها على أوتوستراد بانياس – اللاذقية قاطعين الطريق أمام السيارات الأخرى، ومنذ ذلك الحين وتحديدا نحو عام 2002، أطلق السوريون عليهم لقب «الشبيحة» الذي بات اليوم يستخدم للدلالة على بعض الموالين والمقاتلين إلى جانب النظام السوري.
وفي حين عمد ناشطون من آل الأسد إلى تغيير صور حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي منذ الإعلان عن مقتل محمد الأسد مستبدلين بها صورته، تركزت تعليقات الناشطين المعارضين على ما وصفوه بـ«رجل التهريب الأول في اللاذقية» أو «رجل المافيا»، نظرا إلى أنه معروف بتهريبه للآثار والأسلحة والمخدرات. ولفت المرصد إلى أن «شيخ الجبل» كان قد جنى مئات ملايين الليرات السورية من عمليات التهريب عندما كان في العقد الثالث من عمره.
وقد ربط ناشطون سوريون تصفية الأسد بالإشكال الذي حصل قبل أكثر من سنتين بينه وبين عائلة الخيّر العلوية التي تعتبر ذات نفوذ واحترام في القرداحة، وأدى حينها إلى إصابته إصابة بالغة. ونقل حينها ناشطون من المنطقة أن الرئيس السوري طلب من آل الخيّر وآل عثمان، وهم أيضا من أبرز عائلات المدينة، مغادرة القرداحة مقابل تعهد بشار الأسد بمحاسبة المتورطين من عائلته في الهجوم على آل الخيّر.
ويذكر أن مظاهرات كانت قد خرجت في القرداحة منتصف عام 2012، مطالبة بمحاسبة المسؤولين عن قتل ضباط وجنود من الطائفة العلوية، وتطوّر الأمر إلى مشاكل كبيرة ومواجهات بين عائلات علوية وأتباع آل الأسد، وكان ذلك بعد رفض التحاق أبنائها بمجموعات «الشبيحة»، ونتيجة تنامي مخاوف العلويين من احتمال تعذّر حماية القرداحة في حال سقط النظام، والخشية من مجازر قد يصبحون ضحاياها بسبب أعمال العنف التي يقوم بها «الشبيحة» التابعين لعائلة الأسد بحق معارضين. ثم وصلت الأمور إلى ذروتها في شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2012، حين كان «شيخ الجبل» يسهر في مقهى لعارف الخيّر وحصل تلاسن بينهما بشأن مصير النظام، فأكد الخيّر ضرورة اقتناع الأسد بتسليم السلطة والاكتفاء بمن قتل من أبناء الطائفة العلوية، بدل أن تباد الطائفة بأكملها. وكان رد محمد الأسد مطالبة خصمه «بعدم التطاول على أسياده»، وتهديد كل من يعارض الرئيس. وبدأ العراك بالأيدي، ثم تطور إلى إشهار السلاح فأصيب «شيخ الجبل» إصابة بليغة أدخلته العناية الفائقة، وأصيب أيضا في الحادث فراس الخيّر وصخر عثمان. وإثر العراك الحاصل في المقهى، تجمع أبناء آل الأسد وهجموا على منازل آل الخيّر وآل عثمان، وأسفر الهجوم عن إصابة عدد من أبناء الخيّر وقتل خمسة من آل عثمان، قبل أن تتدخل قوات من الحرس الجمهوري والأجهزة الأمنية فتنهي الاشتباك وتعتقل المشاركين فيه.
منقول