- تَسَلَّلَتْ مِنْ عَيْنِيِهَا دَمْعَةٌ كَجُرْحِ الْوَطَنِ النَّازِفِ،
أَخْفَتْهَا بِخُصْلَاتِ شَعْرِهَا الْأُسودِ، اِحْتَضَنَتْهُ بِدِفْءِ شَدِيدِ وَأَتَمَّتْ مَرَاسِيمَ الْوَدَاعِ الْأَخِيرِ بِقُبْلَةٍ طَبَعَتْهَا عَلَى خَدِّهِ
النِّدِّيِ قَبْلَ أَنْ تُسْدِلَ الْكَفَنَ الْأَبْيَضَ عَلَى جَسَدِهِ الصَّغِيرِ، وَتَنْعَيْهُ شَهِيدَا لِلْوَطَنِ الْجَرِيحِ وَتُقَدِّمَهُ رَضيعَا لِلْوَطَنِ الْكَبِيرِ.
وَتَخْرُجَ مُبْتَسِمَةَ لِلْأَقْدَارِ وَتَعُودَ مُخَضَّبَةَ بِالدِّماءِ، رَصاصَةُ أُخْرَى تُدْمِي قَلْبَهَا الدَّامِي مرَّتَيْنِ وَتَهَبُ نَفَسَهَا بَعْدَصَغِيرِهَا شَهِيدَةَ لِلْوَطَنِ الْكَبِيرِ وَيُشَيِّعَهُمَا الْيَمَامُ سَوِيَّا وَيُقَبِّلَهُمَا ثَرى الْأرْضِ العسجديّ وَيَطِيرَا عَصْفُورَيْنِ
يُعَانِقَانِّ السَّمَاءَ وَلَا تَكْتَمِلَ مَرَاسِيمُ الْعَزَاءِ الْبَنَفْسَجِيِ إلّا بِطَلِقَاتِ غَادِرَةٍ وَتَذْبُلُ الْوُرُودُ جَمِيعُهَا وَيَسْقُطَ شَهِيدُ وَشَهِيدَةُ وَأَرْبَعَةُ وَأُخَرُّ كَثِيرُونَ وَتَرْتَدِي السَّمَاءُ سَوادَ الْحِدادِ الْوَطَنِيِّ وَيُصَفَّ الشّهداءُ فِي مَقْبَرَةِ اُلْمَجْد الْأُسْطورِيِ
وَيَرْتَسِمَ الْوَطَنُ خَارِطَةَ عَلَى أَجْسَادِهُمْ النَّدِيَّةِ وَلَا يَبْقَى فِي الْحَيَاةِ مَا يَسْتَحِقُّ الْحَيَاةَ إلاّ وَطَنُنَا الْكَبِيرُ.
البوحُ لـ #عَ بيرْ! وكلّ الحقوقِ محفوظةٌ