المنهج السلفي منهج عظيم رباني - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

المنهج السلفي منهج عظيم رباني

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-08-13, 22:01   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الفرحوني الشاوي
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي المنهج السلفي منهج عظيم رباني

السلام عليكم
للاسف يتحتم علينا ان نكتب هذا الموضوع لنردعلى بعض الشرذمة والجهال الذين يطعنون في منهج رباني وكان الاولى بهم ان يحذروا من الروافض والاخوان
لكن اناشدكم ان تجعلوا هذه الصفحة للتعريف بالمنهج السلفي والرد على هؤلاء ومنهم بعض الاعضاء هداهم الله الذين يخبئون احقادا ونيات خبيثة
بارك الله فيكم









 


قديم 2014-08-13, 22:07   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الفرحوني الشاوي
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المنهج السلفي
إن التمكين في الأرض للصالحين، والنصر للمؤمنين على أعدائهم المناوئين، والتوفيق الذي وعد الله _سبحانه وتعالى_ للذين تتوافر فيهم الصفات والخصائص المطلوبة من إيمان وتقوى وصبر ويقين، هو ما يطلبه كل مسلم ويتطلع إليه كل مؤمن، ويسعد بتحققه البشر أجمعون - نعم- إن ذلك هو المنحة الربانية، والهبة القدسية، التي وعد الله بها أولياءه، وعباده وأحبابه، ولن يخلف الله وعده، قال _تعالى_: "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ..." (النور: من الآية55).

لقد جعل الله ذلك الوعد مسطراً في كتابه العظيم، لكن على وفق سنة باقية ثابتة لا تتغير ولا تتبدل، متى ما تحققت شروطه وتيسرت أسبابه قال الله _عز وجل_: "وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ" (الأنبياء:105)، فلا شك أن ذلك الوعد أمنية نتمناها ونتطلع إليها وننشدها فرادى وجماعات خصوصاً في هذا الزمان، زمان الضعف والانكسار الذي تمر به أمتنا الإسلامية "قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ" (الأعراف:129)، وقد قال لهم موسى قبل ذلك لله "قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" (الأعراف:128).

فعلينا أيها الإخوة الأكارم:
أن نعلم علم يقين أن هذا الوعد الرباني الصادق، وهذه المنحة الإلهية المحققة، لا تكون إلا للذين يحملون منهجاً قويماً، وطريقاً واضحاً مستقيماً، لا يكون تمكين ولا يحصل توفيق إلا للذين يسيرون على منهج خير القرون، ونور العيون، إلا لمن يسيرون على السنة ويجتمعون على الحق، ويتعاونون على البر والتقوى، وعلى وفق الكتاب والسنة يقولون ويفعلون.

لماذا نلتزم منهج السلف؟
نعني بمنهج السلف،منهج الجماعة الأولى، وفي مقدمتهم الصحابة الكرام، فهم الصفوة الطيبة المباركة الذي هداهم الله فبهداهم نقتدي وعلى طريقتهم نقتفي، فالتزام هذا المنهج، والسير على هذا الصراط المستقيم، ضرورة حتمية لمن أراد التمكين وتتطلع إلى النصر الموعود، وأراد العز المفقود، ولنا فيهم أسوة حسنة وهم لنا خير مثال، وأعظم دليل، وأقوى برهان، من حيث واقعهم الديني والدنيوي، لما ساروا على هذا المنهج كيف مكن الله لهم ففتحوا البلاد ومصروا الأمصار، ونصروا الملة وأقاموا الدين، وأوصلوه إلى المشارق والمغارب من المعمورة، فعز سلطانهم، وقويت شوكتهم بين أمم الأرض متى تحصل لهم ذلك؟ يوم التزموا هذا المنهج الصحيح وعضوا بالنواجذ عليه، سادوا وعزوا ومكنوا، ونصروا.

أيها الإخوة الفضلاء:
(1) نلتزم طريقهم ونسلك مسلكهم؛ لأن منهجهم فيه رضا الله وكفى بذلك من غاية سامية، ومنحة غالية، ومرتبة عالية، يقول الله _سبحانه وتعالى_: "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" (التوبة:100)، ففي هذا المنهج السبيل إلى رضا الله، والطريق إلى الجنة، ومرافقة الأنبياء والشهداء والصالحين؛ لأن هذا المنهج خطه مستقيم سبيل واحد، سلكه رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ومعه الصحابة فشهد الله لهم بالوصول إليه مكرمين معززين غير خزايا ولا نادمين، بسلام وآمان، وعافية واطمئنان، وأما الذين غيروا وبدلوا، وأحدثوا وابتدعوا فسيقول لهم رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "سحقاً سحقاً بعداً بعداً".

(2) منهج الصحابة نلتزمه؛ لأن الله _عز وجل_ يقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ" (التوبة:119) قال عبدالله بن عمر كما ذكر ذلك الحافظ ابن كثير قال مع أصحاب محمد " ولا نكون معهم إلا إذا سرنا على طريقتهم وكنا خير خلف لخير سلف.

قال ابن القيم: " ولا ريب أنهم أصحاب محمد _صلى الله عليه وسلم_ ولا ريب أنهم أئمة الصادقين، وكل صادق بعدهم فيهم يأتم من صدقه، بل حقيقة صدقه اتباعه لهم وكونه معهم "إعلام الموقعين".

وقال _تعالى_: "وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ" (سـبأ:6).

قال ابن القيم: "أي العلم الذي بعث به نبيه محمد _صلى الله عليه وسلم_ وإذا كانوا قد أوتوا هذا العلم كان اتباعهم واجباً".

قال _تعالى_: "فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" (البقرة:137).
فهذا أمر من الله _سبحانه وتعالى_ إلينا بحتمية التزام منهجهم والسير على طريقتهم، واتباع سبيلهم، والأخذ بهديهم فان فعلنا ذلك اهتدينا وسددنا وإن خالفنا ذلك فقد وقعنا في الخلاف والشقاق.

(3) منهج الصحابة نتبعه؛ لأنه منهج يقوم على النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، مع استنباط فقهها ومقاصدها، وعمومها وخصوصها لتتلاءم مع الزمان والمكان، بعيداً عن التقليد الأعمى للآراء والاستنباطات التي لا دليل عليها، و بمنأى عن العقليات المصادمة للدليل والبرهان، والتي لا توافق روح الشريعة ومقاصدها العظمى،وبمعزل عن التمييع والتضييع للأصول و للأحكام.

(4) منهج الصحابة هو الحق والجادة، والبيضاء النقية التي ترك الرسول _صلى الله عليه وسلم_ أصحابه عليها، وقد قال كما صح عنه _صلى الله عليه وسلم_: "تركتكم على البيضاء النقية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك" صححه الألباني في الصحيحة.

(5) هذا المنهج الذي يجمع على الحق، ولا يفرق وما أحوجنا إلى الاجتماع والتوحد في هذا الزمان، فمنه الطريق إلى توحيد كلمة الأمة، وعن طريقه، نستطيع أن نحل النزاعات وأن نقضي على الاختلاف، لماذا؟ لأنه فيه صراحة ووضوح يحدد المرجعية التي يجب أن يتحاكم إليها المسلمون جميعاً في كل شيء من أمورهم، وهذا هو الطريق الواقي والسور المنيع الذي يحجز الأمة عن الانحراف عن الاستقامة والهداية، والسقوط في حبائل أهل الأهواء والاختلافات والشتات.

مكين(6) منهج الصحابة منهج الت؛ لأن ثوابته لا يختلف فيها اثنان ومعالمه يهتدي بها الجاهل والحيران، ليس فيه فلسفة ولا تعقيد منهج منا سب لفطرة كل إنسان،على مر العصور والأزمان، وفي مختلف الأماكن والبلدان، لذلك يقول ابن عقيل _رحمه الله_: "أنا أقطع أن الصحابة ماتوا وما عرفوا الجوهر والعرض، فإن رضيت أن تكون مثلهم فكن مثلهم، وإن رأيت أن طريق المتكلمين أوفى من طريق أبي بكر وعمر فبئس ما رأيت".

(7) جاء في أحاديث الطائفة المنصورة وهي كثيرة متكاثرة، جاء من أوصافها أنها ملتزمة بما كان عليه الرسول _صلى الله عليه وسلم_ وصحابته الكرام، فعند ما سئل الرسول _صلى الله عليه وسلم_ عن ووصف هذه الطائفة أجاب بجواب سديد بليغ وهو من جوامع كلمه _صلى الله عليه وسلم_ قال: "ما أنا عليه وأصحابي"

هم النجوم نسائلها إذا التبست

عليك عند السرى يا صاحبي السبل


اتبع طريقتهم اعرف حقيقتهم


اقرأ وثيقتهم بالحب يا رجل



(8) نسير على طريق السلف؛ لأن السلف أهدى الناس سبيلاً، وأصدقهم قيلاً وأرجحهم تعديلاً، هم أعلام يهتدى بهم في بيداء الضلالة، وهم أقمار يستضاء بهم في بيداء الجهالة، هم الموازين الصادقة للمذاهب، والمعين العذب لكل شارب وهم الرعيل المختار المقتدي به كل طالب.

نتشبه بهم ونسير على طريقتهم "لأنهم أطهر من ماء الغمام، وأزكى من المسك والخزام، هجروا العلوم المنطقية والقضايا السفسطية، والعقائد القرمطية.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية صاحب التدمرية والحموية والعقيدة الواسطية: "وقد دل الإجماع على أن خير قرون هذه الأمة في الأعمال والأقوال والاعتقاد، وغيرها من كل فضيلة القرن الأول ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، وأنهم أفضل من الخلف في كل فضيلة من علم وإيمان وعقل ودين وبيان وعبادة، وأنهم أول للبيان من كل مشكل، هذا لا يدفعه إلا من كابر المعلوم بالضرورة من دين الإسلام وأضله الله علم" (الفتاوى لابن تيمية 4/157-158).

(9) منهجهم أعلم وأسلم وأحكم يقول الشوكاني _رحمه الله_ عن أهل الكلام: "فهم متفقون فيما بينهم على أن طريق السلف أسلم، ولكن زعموا أن طريق الخلف أعلم فكان غاية ما ظفروا به من الأعلميه أن تمنى محققوهم وأذكياؤهم في آخر أمرهم دين العجائز وقالوا هنيئاً للعامة فتدبر هذه الأعلمية التي حاصلها أن يهنئ من ظفر بها للجاهل الجهل البسيط، ويتمنى أنه في عدادهم ويمشي على طريقهم" التحف في مذهب السلف.

(10) منهجهم فيه اليقين والثبات بخلاف غيره من المنهج والطرق فإن فيه الاضطراب والتنقل يقول ابن تيمية: "إنك تجد أهل الكلام أكثر الناس انتقالاً من قول إلى قول، وجزماً بالقول في موضع و بنقيضه وتكفير قائله في موضع أخر وهذا دليل على عدم اليقين" (المجموع 4/54).

من ناحية تاريخية:
من يستقرئ تأريخ الأمة الإسلامية يجد أن التفرق والانحراف ما وقع في الأمة إلا بسبب ترك المنهج القويم، والانزلاق إلى مناهج بدعية، والانجراف وراء أفكار هدامة، والاطمئنان إلى آراء الرجال وزبالة أفهامهم من غير رجوع إلى منهج أولئك البررة الأخيار المتقدمين، الذين عايشوا الرسول _صلى الله عليه وسلم_ وعاصروا التزيل، وعرفوا التأويل، وسأضرب مثالاً واحداً على هذا:

أني عندما يستقل الناس بفهم الكتاب والسنة، خصوصاً في مسائل الاعتقاد وأصول الدين عن منهج الصحابة وفهم السلف، أنه يحصل الدمار، والفساد والإفساد والضلال وسوء المنقلب، هؤلاء الخوارج وما أدراك ما الخوارج عندما استقلوا بفهمهم عن الصحابة الكرام، وسلكوا مسلكاً خاصاً بهم في فهم الدين ضلوا وأضلوا، أتعرفون إلى أين وصلوا؟ وما هو مستوى الضلال الذي بلغ بهم؟ عندما خرجوا بأفكارهم عن السنة، وانحرفوا بتصوراتهم عن جماعة الصحابة، وصل بهم الأمر، وآل بهم الضلال إلى تكفير خيار الصحابة كعلي بن أبي طالب _رضي الله عنه_.

نترك ابن عباس يحدثنا عن شيء من حالهم ومآلهم عندما ذهب إليهم ليحاورهم، ويناقشهم، يقول _رضي الله عنه_:" دخلت عليهم وهم قائلون، فإذا هم مسهمة وجوههم من السهر، قد أثر السجود في جباههم، كأن أيديهم ثفن الإبل، عليهم قمص مرخصة، فقالوا: ما جاء بك يا بن عباس؟ وما هذه الحلة التي عليك؟ قال: قلت: ما تعيبون من ذلك؟ فلقد رأيت رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ وعليه أحسن ما يكون من الثياب اليمنية قال: ثم قرأت هذه الآية "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ" (الأعراف: من الآية32).

فقالوا: ما جاء بك؟ قال جئتكم من عند أصحاب رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ وليس فيكم منهم أحد ومن عند بن عم رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ وعليهم نزل القرآن وهم أعلم بتأويله، جئت لأبلغكم عنهم، وأبلغهم عنكم فقال بعضهم: لا تخاصموا قريشاً فإن الله يقول: "بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ" (الزخرف: من الآية58) فقال بعضهم: بلى فلنكلمه، قال: فكلمني منهم رجلان أو ثلاثة، قال: قلت: ماذا نقمتم عليه؟ قالوا ثلاثاً. فقلت: ما هن؟ قالوا: حكم الرجال في أمر الله والله يقول: "إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ" (الأنعام: من الآية57) قال: هذه واحدة، وماذا أيضاً قالوا: فإنه قاتل فلم يسب ولم يغنم، فلئن كانوا مؤمنين ما حل قتالهم، ولئن كانوا كافرين لقد حل قتالهم وسبيهم قال: قلت: وماذا أيضاً قالوا: محا نفسه من إمرة المؤمنين، فإن لم يكن أميراً للمؤمنين فهو أمير للكافرين. قال: أريتم لو أتيتكم من كتاب الله وسنة رسوله ما ينقض قولكم أترجعون، قالوا: ومالنا لا نرجع؟ قال: قلت: أما قولكم: "حكم الرجال في أمر الله " فإن الله قال في كتابه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ" (المائدة: من الآية95)، وقال في المرأة وزوجها: "وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا" (النساء: من الآية35)، فصير الله ذلك إلى حكم الرجال، فناشدتكم الله أتعلمون حكم الرجال في دماء المسلمين، وفي إصلاح ذات بينهم أفضل أو في دم أرنب ثمنه ربع دينار وفي بضع امرأة؟ قالوا: بلى هذا أفضل قال: أخرجتم من هذه؟ قالوا: نعم قال: وأما قولكم: " قاتل ولم يسب أو يغنم أتسبون أمكم عائشة؟ فإن قلتم: نسبها فنستحل ما نستحل من غيرها فقد كفرتم، وإن قلتم ليست بأمنا فقد كفرتم فأنتم ترددون بين ضلالتين، أخرجتم من هذه؟ قالوا: بلى وأما قولكم: محا نفسه من إمرة المؤمنين " فأنا أتيكم بمن ترضون إن نبي الله يوم الحديبية حين صالح أبا سفيان وسهيل بن عمرو، قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: اكتب يا علي هذا ما صالح عليه محمد رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ فقال أبو سفيان وسهيل بن عمرو: ما نعلم أنك رسول الله، ولو نعلم أنك رسول الله ما قتلناك فقال الرسول _صلى الله عليه وسلم_: اللهم إنك تعلم أني رسولك يا علي اكتب هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله وأبو سفيان وسهيل بن عمرو" .
لله در ابن عباس لقد كان بحراً زاخراً على نور وبصيرة من أمره، كشف الشبهة ودحضها، وأتى بالأدلة البينة الواضحة من الكتاب والسنة بفهم صحيح مستقيم بين "هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي..." (يوسف: من الآية108).

وقد أثمرت جهوده _رضي الله عنه_ ورجع منهم ألفان عن غيهم وانحرافهم وباطلهم، فما أحوجنا إلى العلماء الربانيين من أمثال ترجمان القرآن ابن عباس _رضي الله عنهما_ كي يقارعوا أهل الباطل ويناقشوا أهل الضلال ويوضحوا الطريق.

فالشاهد أيها الإخوة من سردي لهذه القصة التي حوت محاورة ابن عباس للخوارج هو أن أي فرقة أو طائفة تستقل بمنهجها وفهما عن طريق ومنهج الصحابة فإنها قد وقعت في عين الضلال، ووقعت في وادي الهلاك والبدعة.

الطريق إلى إيجاد و تربية جيل التمكين من منظور سلف:
(1) المنهج السلفي يدعو إلى التربية على الإيمان الصحيح، والتوحيد الخالص ونبذ الشرك:
يجب على جميع دعاة الإسلام، وحملة الدين، أن تكون هذه القضية أول القضايا وأهم المهمات، وهكذا فعل النبي _صلى الله عليه وسلم_ وبهذا بدأ في تربيته لجيله _صلى الله عليه وسلم_، أرسل معاذاً إلى اليمن فقال: "إنك ستأتي قوماً أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله"، فقوله _صلى الله عليه وسلم_ فليكن دل على لزوم الدعوة، وقوله: "أول " دل على أن أول الأولويات، وأهم المهمات في قائمة الدعوة لمنهج النبي _صلى الله عليه وسلم_ هو الدعوة إلى التوحيد، وتصحيح العقيدة، وتحرير التصور من الانحرافات.

الاهتمام بتصحيح عقائد الناس في حال فسادها وانحرافها من الأهمية بمكان، فقد كان النبي _صلى الله عليه وسلم_ لا يرى مظهراً من مظاهر الشرك إلا وأنكره وحاربه وعاب على صاحبه حرصاً منه _صلى الله عليه وسلم_ على سلامة العقيدة، وحفظاَ لجناب التوحيد.
عندما قال له رجل: ما شاء الله وشئت. قال: أجعلتني لله نداً ما شاء الله وحده".

قال أبو واقد الليثي: خرجنا مع رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة فقلنا يا رسول الله: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال: الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: "اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ" (الأعراف: من الآية138) رواه الترمذي وقال: حديث صحيح.

إذن فلا بد من تربية سليمة على أساس من العقيدة السليمة الصحيحة، لا بد من الالتزام بالعقيدة السلفية الزكية، لا بد من تجلية قضايا التوحيد والحاكمية، والقضاء والقدر، ومسائل الكفر والإيمان، يقول الشيخ ناصر الدين الألباني _رحمه الله_: "إن كثيراً من المسلمين يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وهم لا يلتزمون لوازم هاتين الشهادتين، وهذا بحث طويل فكثير من المسلمين اليوم حتى الذين يعدون من المرشدين لا يعطون لا إله إلا الله حقها من التفسير، ولقد انتبه إلى هذا كثير من الشباب المسلم والكتاب المسلمين، وهو أن من حق هذه الشهادة أن الحكم لله، نعن أريد أن أقولها صراحة، لقد انتبه الشباب المسلم والكتاب المسلمين اليوم إلى هذه الحقيقة، وهو أن الحكم لله _عز وجل_ وحده، وأن تسليط القوانين الأرضية، واعتمادها لحل المشاكل القائمة ينافي كون الحكم لله _عز وجل_" (التصفية والتربية25-26).

(2) المنهج السلفي يدعو إلى الاتباع وترك الابتداع:
وهذا ما درج عليه السلف من الصحابة والتابعين؛ لأن الله أمر بهذا قال _تعالى_: "وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا" (النور: من الآية54).
وقال _تعالى_: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ" (محمد:33).
وقال _تعالى_: "وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً" (الأحزاب: من الآية71).
وقد قال _صلى الله عليه وسلم_ كما في حديث العرباض بن سارية "فإنه من يعش منكم فسير اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة" رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وصححه الألباني.

(3) المنهج السلفي يدعو إلى الشمولية لأخذ الدين وتطبيقه:
أخذ الدين من جميع جوانبه، وتطبيقه بشموليته هو الأمر المطلوب، والتصور الصحيح لأخذ الدين وممارسته قال _تعالى_: "قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" (الأنعام:162).
وقال _تعالى_: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً" (البقرة: من الآية208).

فكلما صح أنه من الدين علينا أن نسعى لتطبيقه والعمل بها فلا ينبغي التربية على التجزئة، ولا يجوز تقسيم الدين إلى قشور ولباب وما إلى ذلك، من فهم مغاير للفهم الصحابة الكرام. والعلماء الأعلام، فكلما جاء به الرسول _عليه الصلاة والسلام_ يجب أن نتبناه ديناَ أولاً مع وزنه بأدلة الشريعة، إن كان فرضاً ففرض وإن كان سنة فسنة " التصفية والتربية.

(4) المنهج السلفي يدعو إلى غرس مفهوم الحاكمية لله في قلوب الجيل المسلم:
يقول الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني _رحمه الله_: " إن كثيراً من المسلمين يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وهم لا يلتزمون لوازم هاتين الشهادتين، وهذا بحث طويل فكثير من المسلمين اليوم حتى الذين يعدون من المرشدين لا يعطون لا إله إلا الله حقها من التفسير، ولقد انتبه إلى هذا كثير من الشباب المسلم والكتاب المسلمين، وهو أن من حق هذه الشهادة أن الحكم لله، نعم أريد أن أقولها صراحة، لقد انتبه الشباب المسلم والكتاب المسلمين اليوم إلى هذه الحقيقة، وهو أن الحكم لله _عز وجل_ وحده، وأن تسليط القوانين الأرضية، واعتمادها لحل المشاكل القائمة ينافي كون الحكم لله _عز وجل_ " (التصفية والتربية25-26) الحاكمية في كل شيء صغر أم كبر، قل أم كثر، قرب أم بعد، في كل سلوكنا ومعاملاتنا، في حلنا وترحالنا، ومنشطنا ومكرهنا، وفي عسرنا ويسرنا، في كل شيء من حياتنا، والي هذا دعت نصوص الشريعة المحكمة "وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ" (المائدة:49، 50)، وقال _تعالى_: "فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً" (النساء:65) فبالتأمل في هذه الآية الكريمة جعل الله _سبحانه وتعالى_ من علامات الإيمان:
(1) التحاكم إلى الله ورسوله في كل قضية من القضايا " فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ".
(2) انتفاء الحرج من النفس حتى لو كان الحكم ضدها " ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً".
(3) التسليم للحكم تسليماَ مطلقاَ " وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً".

(5) المنهج السلفي يدعو إلى الاهتمام بتزكية النفوس:
تزكية النفس البشرية وترويضها على المعاني الربانية، والخصال الإيمانية، ومجاهدتها للتخلق والتحلي بها، من خوف ورجاء ومراقبة وخشية، وصدق في الأقوال والأفعال، وتقوى الله في السر والعلن، كل هذا كان من معالم دعوته _عليه الصلاة والسلام_، ومن معاني تربيته "لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ" (آل عمران:164)، إن التزكية هي ربع الرسالة المحمدية ومطلب عظيم أقسم الله عليه أحد عشر قسماً متتالية "وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا...... قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا" (الشمس:1-9).

(6) المنهج السلفي يدعو إلى العلم الشرعي والحرص عليه:
العلم سبيل المعرفة، وطريق إلى الفرقان بين الحق والباطل، لا نعرف التوحيد من الشرك، ولا السنة من البدعة، ولا الحلال من الحرام إلا إذا تعلمنا العلم الشرعي لذلك كان أول ما أنزل على نبينا محمد _صلى الله عليه وسلم_ "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ" (العلق:1).

ثم جاء النبي _صلى الله عليه وسلم_ الأمر القرآني الأخر لتأكيد هذه القضية وترسيخ معانيها، والحث عل طلب المزيد من العلم "وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً" (طـه: من الآية114)، يقول ابن القيم في (مفتاح دار السعادة): "وكفى بهذا شرفاً للعلم أن أمر نبيه أن يسأل المزيد منه" وقال ابن كثير في تفسيره:"أي زدني منك علماً" ن قال ابن عيينه _رحمه الله_: "ولم يزل _صلى الله عليه وسلم_ في زيادة حتى توفاه الله _عز وجل_".

وهذا ابن مسعود _رضي الله عنه_ كان إذا تلا قوله _تعالى_: " وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً" قال: "اللهم زدني علماً وإيماناً ويقناً".
وقد عقد الإمام البخاري _رحمه الله_ باباً في صحيحه " باب الحرص على الحديث " وذكر فيه حديث أبي هريرة وسؤله النبي _صلى الله عليه وسلم- عن أسعد الناس بشفاعته؟ وقوله له:" لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث..".

قال البدر العيني - رحمه الله - في (عمدة القاري): "فيه الحرص على العلم والخير، فإن الحريص يبلغ بحرصه إلى البحث عن الغوامض ودقيق المعاني؛ لأن الظواهر يستوي الناس في السؤال عنها، لاعتراضها أفكارهم، وما لطف من المعاني لا يسأل عنه إلا الراسخ فيكون ذلك سبباً للفائدة، وما يترتب عليها أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة".

وهذا جابر بن عبد الله الأنصاري _رضي الله عنهما_ يرحل من المدينة النبوية إلى مصر مسيرة شهر على البعير من أجل سماع حديث واحد، خاف أن يموت ولم يسمعه.
قد أخرج الدارمي بسند صحيح عن عبد الله بن بريدة " أن رجلاً من أصحاب النبي _صلى الله عليه وسلم_ إلى فضالة بن عبيد وهو بمصر فقدم عليه، فقال: أما إني لم أك زائراُ، ولكن سمعت أنا وأنت حديثاً من رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ رجوت أن يكون عندك منه علم...
وعدد الحافظ بن حجر في الفتح (1/210) أمثلة ثم قال: "وتتبع ذلك يكثر".

(7) المنهج السلفي يدعو إلى التربية على الانقياد للحق والثبات عليه:
الانقياد للحق حق مطلق، لكنه يثقل على النفوس السقيمة وبحسب تجرد النفس من الشهوات، وبعدها عن الشبهات، يكون انقيادها للحق أو عدمه، فمعرفة الحق أمراً ليس سهلاً، والجهل به معناه الوقوع في الباطل، والباطل أولى بأن ينقطع و يتلاشى ويندثر، لكن الأمر من ذلك معرفة الحق وعدم التوفيق للاستمساك به، والانقياد له، وهذا يكثر في المتعصبين والمتحزبين للأفكار والتصورات المنحرفة، وكم جرت على الأمة هذه الحزبيات للأشخاص والأفكار المجردة عن الدليل من بلايا وويلات، وآثار وخيمة، خصوصاً في هذا الزمن الذي هو زمن الغربة، لذلك النبي _صلى الله عليه وسلم_ كان يقول: "اللهم أرنا الحق حقاً، وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه".

(8) المنهج السلفي يدعو إلى إحياء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
يحتاج جيل التمكين إلى هذه الفريضة؛ لأنها في الحقيقة صمام الأمان للجماعة المسلمة، وقطب الدين العظيم، وهو المهمة التي ابتعث الله النبيين أجمعين، ولو طوي بساطه، لاضمحلت الديانة، وعمت الفترة، وفشت الضلالة، وشاعت الجهالة، واستشرى الفساد، وخربت البلاد، وهلك العباد، وعم الفساد".

"كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ" (آل عمران: من الآية110)، وقال _تعالى_: "الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ" (الحج:41)، وقال _صلى الله عليه وسلم_: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" رواه مسلم والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجة.

إذن تربية الجيل المسلم على هذه الفريضة المهملة المهجورة، فيه وسيلة عظيمة للحفاظ على الجيل المؤمن الموحد من الانحرافات على اختلاف أشكالها وألوانها.

خلاصة القول: إنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فينبغي علينا، أن ندعوا الناس إلى منهج السلف ونربيهم على قواعده، ونغرس في نفوسهم معالمه، فهو منهج الله الذي ارتضاه لنبيه، والصراط المستقيم الواضح البين، الذي به ستنتقل الأمة عن كبوتها، وتستفيق من غفلتها، وتسدد في طريقتها،وتستقيم في وجهتها، فمسألة العمل للإسلام والدعوة إليه من خلال هذا المنهج الصحيح الواضح هو الطريق _إن شاء الله_ إلى التمكين للمؤمنين، والوصول إلى الوعد المسطر في كتاب الله رب العالمين، نسأل الله السداد والتوفيق، وأن يجعلنا من السائرين على طريقهم المستقيم، إنه على كل شيء قدير.









قديم 2014-08-13, 22:08   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الفرحوني الشاوي
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

معالم المنهج السلفي في الدعوة والإصلاح

الدكتور رياض بن محمد المسيميري

إنَّ الحمدَ لِله نحمدهُ ونستعينهُ, ونستغفرهُ, ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا, ومن سيِّئاتِ أعمالِنا, منْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لـهُ, ومنْ يُضلل فلا هاديَ له . وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ لـه, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله. (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَـمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) ]آل عمران:102[. (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) ]النساء:1[.(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً )) ]الأحزاب:70-71[ .

أما بعدُ : فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله, وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم وشرَّ الأمورِ مـُحدثاتُها, وكلَّ محدثةٍ بدعة, وكلَّ بدعةٍ ضلالة, وكلَّ ضلالةٍ في النار

أما بعد ، أيها المسلمون :

فالساحةُ اليومَ تَزخرُ بالعديدِ من الجماعاتِ الإسلاميةِ, العاملةِ في مجالِ الدعوةِ والإصلاح, و التي بذلت ولا تُزالُ تَبذلُ جُهوداً لا يُستهانُ بها في سبيلِ هِدايةِ الناس, و تُحقيقُ استجابتهم إلى ما تطرحهُ من قضايا, و ما تُنادي بهِ من مبادئَ وأهداف, ورُبما اشتركت هذه الجماعاتُ في أهدافها العُليا، و مبادئَها الكبرى, والتي من أبرزِها : ضمانُ عودةِ الجماهيرِ التائهةِ إلى الإسلامِ, وضمانُ عودةِ الإسلامِ إلى الصدارةِ من جديد, فالكلُّ مُتَّفقونَ على هذا الهدفِ, متحمسونَ في تحقيقِ هذهِ الغايةِ, لكن تبقى الوسيلةُ أو المنهج، لتحقيقِ الأهداف, و تنفيذِ تلكَ التطلُعاتِ, تبقى شَدِيدةَ التباينِ عظيمةَ الاختلاف, ورُبما أحسَّ بعضُ المخلصينَ من القائمينَ على تلك الجماعةِ، والمنظرينَ لمناهجها العمليةِ، رُبما أحسوا بضرورةِ توحيدِ الصفوفِ, وتنسيقِ الجهودِ، بما يُحققُ مصلحةَ الدعوةَ, و يضمنُ نجاحها إلى حدٍ كبير, بيدَ أنَّ العقبةَ الكؤود، التي وقفت ولا تزالُ تَقفُ أمامَ تحقيقِ ذلكَ الأملُ المنشودِ و الحلمُ الكبير، هي أنَّ الجميعُ ظلَّ يتشبثُ بطريقتهِ و منهجهِ الحركي, وينسُبُ الصوابَ لنفسهِ فقط, ويُحاولُ فرضهُ, و إرغامَ الآخرينَ على تبنيه, والسيرَ في فلكه, و رُبما ادعى أنَّ منهجهُ هو المنهجُ السلفيِّ بحذافيره, كي يُضفي على منهجهِ مزيداً من الهيبةِ, ويَحظى بمزيدٍ من الاحترام, ويَسلمَ من النقدِ والاعتراض, أوالتقويمِ و التسديد، وعجيبٌ عجيب، أن يقعَ الخلافُ في تحديدِ منهجِ السلف, مع أنَّ معالمهُ لا زالت محفوظةً في كتابِ الله, مُسجَّلةً في دواوينِ السنةِ الشريفة, لذا تبقى قضيةُ الانتسابِ إلى منهجِ السلفِ في الدعوةِ و الإصلاح, مجردُ دعوى تحتاجُ إلى برهانٍ ودليلٍ من كتابٍ و سنةٍ, فليسَ في الأمرِ من غموضٍ أو اشتباهٍ بحمدِ الله, حتى يدعي من شاءَ ما شاء، فالسلفيةُ عقيدةً ومنهجاً و سلوكاً, واضحةَ المعالمِ، وضوحَ الشمسِ في رابعةِ النهارِ, ثُمَّ هي ليست بطاقةٌ شخصية، تُصدرُها جهةً ما, أو أشخاصٌ مفوضون, كلا.كلا إنَّ السلفيةَ عقيدةً و منهجاً وسلوكاً, حقٌ مشاعٌ للجميع, فكلُّ من التزمَ بما كان عليه السلفَ الأولون في عقيدتهم ومنهجهم وسلوكهم، فهو سلفيِّ, ولو اجتمعَ عليه مَن بأقطارها مكذبينَ لهُ ومفندين.

أيَّها المسلمون : من هُنا كانتِ الحاجةُ ماسةً إلى وضعِ النقاطِ على الحروفِ, وذكرُ أهمِّ المعالمِ التي قامَ عليها منهجُ السلفِ، في الدعوةِ و الإصلاح, مقروناً بالمشاهدِ و الأمثالِ، و الدليلِ و البُرهان, ليتبينَ لكَ أخي المسلمُ وجهَ الحقَّ, فتعظُُ عليهِ بالنواجذِ، مطمئنٌ إلى صحةِ المنهج, وسلامةَ الاتجاهِ, واللهُ نسألَ أن يُريَنَا الحقَّ حقاً ويرزُقنَا اتباعه, ويُرِيَنَا الباطلَ باطلاً ويَرزُقنا اجتنابه, وأن يُجنبَ المسلمينَ أسبابَ الفُرقةِ والاختلاف، وأن يجمعَ كلمتهم على البرِّ والتقوى, إنَّ ربي سميعٌ قريب. أيَّها الأحبةُ في الله: إنَّ للمنهجِ السلفيِّ في الدعوةِ والإصلاحِ معالمٌ وأصول, تُعرفُ بالاستقراءِ والتتبع, لما كانَ عليه رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه من بعده, حينَ كانوا يُمارسون دورهم الفريد, وجُهدهم الجهيد, في التصدي للجاهليةِ الأولى, ودعوةَ الناسِ إلى نَبذِ الموروثاتِ المُتخلفة, والأنماطِ السلوكيةِ المُنحرفة, ودعوتهم إلى اعتناقِ الملةِ الإبراهيميةِ الحنيفية, وتبني الشريعةَ المحمدية السمحة.

إنَّ المعْلمَ الأول مِن معالمِ المنهج السلفي : هو العنايةُ بالدليلِ من كتابِ الله وسنةِ المعصومِ-عليه الصلاة و السلام-, إنَّهُ معلمٌ مستمدٌ من قولهِ تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )) (الحجرات:1) إنَّهُ معلمٌ بالغُ الأهميةِ, واضحُ الدلالةِ، إنَّهُ يَعني باختصار, أنَّهُ لا يَحقُّ لأحدٍ كائناً من كان, فقيهاً أو مُحدثاً أو مفسراً، كبيراً أو صغيراً, لا يحقُّ لـه أبداً أن يتكلمَ باسمِ الدين, بعرضِ رأيهِ، و بما يُمليهِ عليهِ هَواه، وليس لأحدٍ حقُّ القَوامةِ على هذا الدين, فالدينُ دينُ اللهِ, و الحكمُ حكمُ اللهِ, والشرعُ شرعُ الله, و الأمرُ أمرُ الله, فلا يُطرحُ رأيٌّ، و لا يُسمعُ قولٌ إلاَّ مقروناً بالدليلِ من كتابٍ و سُنة, ولوفقهَ المسلمونَ وصيةَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حيثُ يقولُ : (( تركتُ فيكم ما إن تمسكتم به لن تَضلوا بعدي أبداً، كتابُ اللهِ و سنتي)) لو فقهَ المسلمون هذهِ الوصيةِ, لما حدثَ الانحرافُ والضلال, ولما حدثَ الغلوُّ والجفاء, لو اعتنى المسلمون بالدليلِ, لما اضطربت بهمُ الأمواج, ولما هاجت بهمُ الريحُ, فمرةً في أقصى اليمينِ و أُخرى في أقصى الشمال, لو اعتنى المسلمون بالدليلِ لما قدَّمُوا قولَ زيدٍ أو عُبيد, إذ لا عصمةَ لزيدٍ ولا حصانةَ لعُبيدٍ, ورحمَ اللهُ ابنُ عباسٍ- ورضي عنهُ- إذ يقولُ: يُوشَكُ أن تَنزلَ عليكم حِجامةً من السماءِ, أقولُ قالَ رسولُ اللهِ, وتقولونَ قال أبو بكرٍ وعمر, يقولُ هذا في حقِّ من عارضَ بقولِ الشيخينِ قولَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم, فكيفَ بمن قدَّمَ رأيَهُ وهواه, ورأيَّ مشايخهِ على كلامِ اللهِ ورسوله, حتى قال قائِلُهم كلُّ حديثٍ خالفَ كلامُ مشايخنا فهو منسوخٌ أو ضعيفٌ أو مؤولٌ, إنَّها لمسافةُ بعيدة, وبونٌ شاسعٌ بين هؤلاءِ وبين منهجِ السلف, الذين كانوا أحرصَهم وأشدَّهم تمسكاً بالدليلِ, لمَّا دَعا عُمرُ الناسَ إلى الحدِّ من المهورِ والمغالاةِ فيها , وقفت لـهُ امرأةٌ، قالت ليس لك ذاكَ يا عمر, ليس لك ذاك يا عُمر, إنَّ اللهَ يقولُ : (( وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً)) (النساء: من الآية20) فما جاوزها عُمر- رضي الله عنه- و لا جادلَ و لا ناقش, لعلمهِ بما دلت عليه, وهكذا كانت دعواتُ السلفِ ومناهجهم الإصلاحية, تنطلقُ من نصوصِ الوحيين الشريفين, و تتقيدُ بزمامهما .

وأمَّا المعْلمُ الثاني : الذي يقومُ عليه منهجهم في الدعوةِ و الإصلاح, كونُهُ يقومُ على قاعدةٍ متينة, راسخةً من العلمِ و الفقهِ في الدين. (( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ )) (يوسف: من الآية108) . لذا كان عليه الصلاة السلام ينتقي دُعاتهُ انتقاءً, ينتقيهم من العلماءِ الراسخين, و طلبةِ العلمِ النابغين, هاهو يُرسلُ معاذاً وأبا موسى إلى اليمن, لما يَعلمهُ من طولِ باعهما في العلم, و رسوخِ قدميهما فيه, بيدَ أنَّ العلمَ المطلوبُ في الدعوةِ لا يعني الإحاطةَ و الشمول, فذاك متعذراً أو مستحيل, إذ لا يُشترطُ في الداعيةِ أن يكونَ مفسراً بارعاً كالطبري, أو مُحدثاً حافظاً كالبخاري, أو فقيهاً ذكياً كالشافعي, و لكنهُ يدعو بحسبِ ما لديهِ من علم, و ينصحُ بقدرِ ما عندهُ من فائدة, كان الرجلُ يقدمُ المدينةَ فيتلقى من رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مبادئَ الإسلام, ثُمَّ يعودُ بها سريعاً إلى قومهِ فيصبحُ أستاذهم وشيخهم و إمامهم في الصلاة, إنَّما المحذورُ أن يفتخرَ الإنسانُ بما لا يعرف, ويتكلمُ بما لا يُجيدُ, و يفتي بما لا يعلمُ, و يُحللُ و يُحرِّم, و يُبَدِّعُ و يُفسِّق, و يَجرمُ ويَخُون بلا علم, و لا هُدىً و كتابٍ مُنير, ويا لمصِيبتنا بأمثالِ هؤُلاءِ الذين يخوضون في أهلِّ بدر,وكبارِ المهاجرينَ و الأنصار, ولو عُرضت على شيخِ الإسلامِ لقدمَّ قدماً و أخر أُخرى قبلَ أن يتفوهَ بكلمةٍ, أو يَخُطَّ حرفاً .

وأمَّا المعْلم الثالث : فهُو البدايةُ بالأصولِ والمُهمات, قبلَ الانشغالِ بالفروعِ والجُزئيات, فتصحيحُ المُعتقدِ, وترسيخُ أُصولِ الإيمانِ, هو ما ينبغي أن تتجهَ إليهِ هممُ الدُعَاةِ أولاً, هذا نبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم يوصي مُعاذاً, وهو يُحملهُ أعباءَ الدعوةِ في اليمن ( إنكَ تأتى قوماً أهلُ كتاب, فليكُن أولَّ ما تدعوهم إليهِ شهادةُ ألا إله إلاَّ الله، و في روايةٍ إلى أن يوحدوا اللهَ، فإن هُم أطاعُوكَ لذلك فعلِّمهم أنَّ اللهَ قد افترضَ عليهم خمسَ صلواتٍ في اليوم و الليلة )) إلى آخرِ الحديث، إنَّ معاذاً يعلمُ مَن أهلَ الكتابِ, إنَّهُ يعلمُ أنَّهم كانوا يتعاطون الربا, و يأكلونَ السُحت, و يقترفون الكبائرَ, و رُغمَ ذلك لم يبدأ مُعاذٌ مشوارهُ معهم, بتحذيرهم من تلكَ المُوبقات, و لكن فليكن أولَّ ما تدعُوهم إليه, شهادةُ أن لا إلهَ إلا الله, أولَّ ما تدعُوهم إليهِ هو التوحيدُ يا معاذ, قبلَ الصلاةِ نعم، قبلَ الزكاةِ نعم, قبلَ تركِ الربا نعم, ما فائدةَ أن يُصلي اليهودي و هو يقولُ عزيرٌ ابنُ الله, ما فائدةَ أن يتعففَ اليهودي عن الربا وهو يقولُ يدُ اللهِ مغلُولة, ما فائدةَ أن يُصلي النصراني و هو يقولُ إنَّ اللهَ ثالثُ ثلاثة, بل ما فائدةَ أن يُصلي من يَدعي الإسلامُ وهو يستغيثُ بالموتى, ويتوسلُ بالمقبورين, إنَّ الدعوةَ إلى أداءِ الواجباتِ من فروعِ الدينِ، ومجانيةِ المنكرات, ويجبُ أن تكونَ مرحلةٌ تاليةً بعدَ الاطمئنانِ إلى سلامةِ المعتقدِ وصحته, وهي قضيةٌ مهمةٌ يجبُ أن يأخُذها الدعاةُ بعينِ الاعتبار, وهم يخوضونَ غمارَ الدعوةِ وزحمتها, فواجبَهم أن يُدركوا رُكامَ الشركِ وكثافته, وحجمَ الإِلحادِ ومساحته, اللذينَ أفسدوا على الناسِ فِطَرهم، و دنَّسُوا عليهم عقائِدهم، لا بُدَّ من حزمٍ في هذهِ المسألةِ، لا بُدَّ من جهادٍ مستميت, حتى يُجردَ الناسُ العُبودِيةَ للهِ وحده, ويجردوا الولاءَ للهِ و لرسولهِ وللمؤمنين, لا بُدَّ من حزمٍ و جهادٍ, حتى تُنبَذَ الو لاءاتُ الفارغةِ, و المللُ الفاسدةِ, و الأفكارُ الموبوءةِ, والقيمُ الزائفةِ, والجاهليةُ الماجنة, لا بُدَّ من مُعادَاةِ الكُفرِ و أَهلهِ ورموزه.

وأَمَّا المعْلمُ الرابعُ : فهو ضرورةُ الإلمامِ بأحوالِ المدعوين, فذاكَ ركيزةٌ مهمةٌ من ركائزِ الدعوةِ, وعنصرٍ فاعلٍ في نجاحها, يا معاذٌ: إنَّك تأتي قوماً أهلُ كتاب, فانتبه يا معاذ, اعرفُ من سَتُواجه, واعرفُ من ستُقابل, واعرفُ من ستُناظر, فدعوةُ الكفارِ تختلفُ أسلوباً ومنهجاً، عن دعوةِ عُصاةِ الموحدين, فالكفارُ فيهم علمانيونَ حاقدون, وفيهم قبور يونَ خرافيون, وفيهم ملا حدةٌ وثنيون, وفيهم أهلُ كتابٍ متعصبون, وعُصاةُ الموحدينَ تتباينُ أعمارهم, وتختلفُ ثقافاتُهم, وتتمايزُ عقُولهم, وما يصلحُ في مخاطبةِ الشابِ ذوا العشرينَ عاماً, قد لا يُلائِمُ من تجاوزَ الستين عاماً، وإن كانَ خطأُ الاثنينِ واحداً, وما ينفعُ في مناصحةِ الجامعيِّ المُتعلم, قد لا يُفيدُ في محادثةِ صاحبِ الحرفةِ اليدويةِ البسيطة, وطالبُ العِلمِ الذي يُريدُ الحديثَ مخرِّجاً و مصحَّحاً, لا يُجدي معهُ إلقاءُ النصحِ جُزَافاً, ورميُّ الكلامِ على عواهنهِ.

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني وأيا كم بالذكر الحكيم .

واستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية :

الحمد لله يعطي ويمنع, ويخفض ويرفع, ويضر وينفع, ألا إلى الله تصيرُ الأمور. وأصلي وأسلم على الرحمةِ المهداة, والنعمة المسداة, وعلى آله وأصحابه والتابعين,

أما بعدُ : أيَّها المسلمون :

وأمَّا المعْلمُ الخامسُ : من معالمِ النهجِ السلفيِّ في الدعوةِ والإصلاح, فهو دعوةُ الناسِ بالحكمةِ, والتي تعني:وضعُ الشيءِ في موضعهِ, ولا تعني الخضوعِ و الضعفِ, أو البلاهةِ و الدروشةِ, كما أنَّها لا تُعني الرفقُ واللينُ دائماً، كما يتوهمُ البعضُ, فاللينُ والرفقُ ضروريانِ في بعضِ المواقفِ, ولكنَّ الشدةُ والحزمُ أشَدُّ ضرورةً في مواقفَ أُخرى, وهكذا كانَ منهجُ النبي- صلى الله عليه وسلم- فقد كانَ هيناً ليناً, رحيماً رفيقاً, في معاملتهِ للأعرابي يومَ انتهكَ قُدسيةَ مسجدهِ, و لوثهُ بنجاستهِ وبوله, لما يَعلمُهُ من جَهلهِ وجفائه, وحاجَتهُ إلى الرفقِ والتعليم, لاستدراكِ ما اعتادهُ من سُلوك, وما نشأَ عليه من طباع, وكذلكَ كان هيناً ليناً, وهو يحاورُ شاباً يافعاً دخلَ عليه مجلسه, فقالَ يا رسولَ اللهِ ائذن لي في الزنا, فما نَهرَهُ و ما كهره, وما عَنَفَهُ و ما سبَّهُ وما شتمه, و لكنَّهُ قرَّبهُ بلطفٍ, و حاورهُ بأدبٍ, أترضاهُ لأُمك ؟! أترضاهُ لأُختك ؟! أترضاهُ لابنتك ؟ لعمتك ؟لخالتك ؟ كلُّ ذلكَ و الشابُّ يقولُ لا واللهِ يا رسولَ الله، جعلني اللهُ فداك, فخرجَ من مجلسهِ، وما شيءٌ أبغضُ إليهِ من الزنا, ولا أحبُّ إليهِ من العفةِ, هذهِ مواقفُ اللينِ حين تقتضيها الحكمة, ويَستدعيها بُعدَ النظر, ثُمَّ تأمل باركَ اللهُ فيكَ أيُّ شدة! وأيُّ حزمٍ يواجههُ بها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أسامةَ بن زيدٍ في هذا الموقفِ العجيب, بعثَ النبيُّ t بعثاً إلى المشركينَ، فكان بينهم مُسابقةٌ وقتال, فالتقى أُسامةَ رجلاً من المشركين لا يدعُ للمسلمين شاذةً ولا فاذة إلاَّ أتبعها, يضربُها بسيفه, فحملَ عليه أُسامةَ، فلمَّا هوى عليه ليقتُلهُ, إذا به ينطقُ التوحيد, فلم يكترث بهِ أسامةَ فقتله, فبلغَ النبي صلى الله عليه وسلم خبرهَ، فأغلظ لأسامةِ وعنَّفهُ, يا أسامةُ، يا أسامةُ أقتلتهُ بعدَ أن قالَ لا إله إلا الله؟ قال يا رسولَ اللهِ، إنَّما قالها خوفاً من السيفِ, قال هلاَّ شققت عن قلبهِ لتعلمَ أقالها من أجلِ ذلك؟فما تصنعُ بلا إلهَ إلاَّ اللهِ إذا جاءت يومَ القيامة, فما زالَ يُرددُها و يُرددُها ويرددُها, حتى تمنى أُسامةَ ألاَّ يكون أسلمَ يومهِ ذاك, إنَّهُ موقفٌ يستدعي الشدةَ والحزم, فما كان لدمِ المسلمِ أن يُراقُ بغيرِ وجهِ حق, أو يذهبَ ضحيةَ تقديراتٍ خاطئة,يا أُسامةَ أَقَتَلتَهُ بعد أن قال لا إله إلا الله ؟ فما تصنعُ بلا إله إلاَّ اللهَ إذا جاءت يوم القيامة ؟ إنَّ مواقفَ الحزمِ والشدةِ في حياةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حين يستدعي الأمرُ ذلك, ليس موقفاً أو موقفين, أو ثلاثة أو أربعة, إنَّها مواقفُ كثيرةً, فهو الذي غضبَ و اشتدَّ غضبهُ يوم اجترأ أُسامةُ نفسَهُ على الشفاعةِ لامرأةٍ مخزوميةٍ سرقت, وهو الذي غضِبَ و اشتدَّ غضبهُ يومَ أطالَ معاذٌ بقومهِ الصلاة, لكنهُ يبقى غضبٌ للهِ، وفي ذاتِ الله, خوفاً على أُمتهِ من أسبابِ غضبِ الله .

و أخيراً من معالمِ المنهجِ السلفي, مراعاةُ المصلحةِ و المفسدة, و شواهدهُ أكثر من أن تُحصر, يا عائشةُ لولا أنَّ قومكِ حديثو عهدٍ بالجاهليةِ لهدمتُ الكعبةَ وبنيتُها على قواعدِ إبراهيم, يا عُمر لا يتحدثُ الناسَ أنَّ محمداً يقتلُ أصحابه, وهُناك معالمٌ أُخرى، لا يتسعُ المقامُ لذكرها تفصيلاً, فهو منهجُ الصبرِ، مُطَولُ النفس, و هو منهجُ الواقعيةِ و عدمِ المُكابرة, وهو منهجٌ لا يعرفُ الجُمودَ و التقوقع .

اللهم إنَّا نسألُك إيماناً يُباشرُ قلوبنا، ويقيناً صادقاً، وتوبةً قبلَ الموتِ، وراحةً بعد الموتِ، ونسألُكَ لذةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريمِ, والشوقُ إلى لقائِكَ في غيِر ضراءَ مُضرة، ولا فتنةً مضلة،

اللهم زينا بزينةِ الإيمانِ واجعلنا هداةً مهتدين,لا ضاليَن ولا مُضلين, بالمعروف آمرين, وعن المنكر ناهين يا ربَّ العالمين, ألا وصلوا وسلموا على من أُمرتم بالصلاة عليه إمام المتقين وقائد الغر المحجلين وعلى أله وصحابته أجمعين .

وأرضي اللهم عن الخلفاء الراشدين أبو بكرٍ وعمر وعثمان وعلي

اللهم آمنا في الأوطانِ والدور وأصلحِ الأئمةَ وولاةِ الأمورِ, يا عزيزُ يا غفور, سبحان ربك رب العزة عما يصفون .









قديم 2014-08-13, 22:10   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
الفرحوني الشاوي
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

سؤال
ماهي أوجه الاختلاف بين المنهج السلفي والمناهج الأخرى؟


الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإنه يقصد بالمنهج السلفي المنهج القائم على اتباع سبيل المؤمنين من السلف الصالح وهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وهم في كل عصر الفئة التي قال عنها رسول الله صلى عليه وسلم : ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك. ) رواه مسلم. والمنهج السلفي يعني أن من انتسب إليه وسلك سبيله ليس بخارجي يستحل دم المسلم بالمعصية، ولا رافضي يكفر الصحابة، ولا محرف متأول بالباطل ممن ينفي صفات الله وينفي معانيها، وليس مشبها لله بخلقه، ولا حلوليا ممن يقول بوحدة الوجود أو أن الله قد حل في خلقه، أو صوفيا ممن يعبدون القبور ويقدمون لها النذور. فهو - المنهج السلفي – الطريق والنهج الذي سار فيه الصحابة والخلفاء الراشدون. وأما المناهج الأخرى فقد حادت عن هذا الطريق، فأصابت في أشياء وأخطأت في أخرى، وتختلف فيما بينها قرباً وبعداً من منهج السلف، بقدر إصابتها الحق الذي اشتمل عليه منهج السلف، وحيدتها عنه. والله تعالى أعلم.










قديم 2014-08-13, 22:12   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
الفرحوني الشاوي
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

فضيلة الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله – : الدعوة السلفية نسبة إلى ماذا ؟ السلفية نسبة إلى السلف ، فيجب أن نعرف من هم السلف إذا أطلق عند علماء المسلمين ” السلف ” ، وبالتالي تفهم هذه النسبة ، وما وزنها في معناها وفي دلالتها ، السلف هم أهل القرون الثلاثة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيرية ، في الحديث الصحيح المتواتر المخرّج في الصحيحين وغيرهما عن جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ” هؤلاء القرون الثلاثة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيرية ، فالسلفية تنتمي إلى هذا السلف ، والسلفيون ينتمون إلى هؤلاء السلف ، إذا عرفنا معنى السلف والسلفية ، حينئذٍ أقول أمرين اثنين :
الأمر الأول : أن هذه النسبة ليست نسبة إلى شخص أو أشخاص كما هي نسب جماعات أخرى موجودة اليوم على الأرض الإسلامية ، هذه ليست نسبة إلى شخص ولا إلى عشرات الأشخاص ، بل هذه النسبة هي نسبة إلى العصمة ، ذلك لأن السلف الصالح يستحيل أن يجمعوا على ضلالة ، وبخلاف ذلك الخلف ، الخلف لم يأت في الشرع ثناء عليهم ، بل جاء الذم في جماهيرهم ، وذلك في تمام الحديث السابق ، حيث قال النبي عليه السلام .
ثم يأتي من بعدهم أقوام يشهدون ولا يستشهدون إلى آخر الحديث ” ، كما أشار عليه السلام إلى ذلك في حديث آخر ، فيه مدح لطائفة من المسلمين وذم لجماهيرهم بمفهوم الحديث ، حيث قال عليه السلام : “لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله – أو حتى تقوم الساعة -” هذا الحديث خص المدح في آخر الزمان بطائفة ، والطائفة هي الجماعة القليلة ، فهي في اللغة تطلق على الفرد فما فوق ، فإذن إذا عرفنا هذا المعنى للسلفية ، وأنها تنتمي إلى جماعة السلف الصالح ، وأنهم العصمة فيما إذا تمسك المسلم بما كان عليه هؤلاء السلف الصالح ، حينئذٍ يأتي الأمر الثاني ، الذي أشرت إليه آنفاً . ألا وهو : أن كل مسلم يعرف حينذاك هذه النسبة ، وما ترمي إليه من العصمة ، فيستحيل عليه بعد هذا العلم والبيان أن – لا أقول : ” أن يتبرأ ” هذا أمر بدهي – لكني أقول : يستحيل عليه إلا أن يكون سلفياً ، لأننا فهمنا أن الانتساب إلى السلفية يعني الانتساب إلى العصمة ، من أين أخذنا هذه العصمة ، نحن نأخذها من حديث يستدل به بعض الخلف على خلاف الحق ، يستدلون به على الاحتجاج بالأخذ بالآخرية مما عليه جماهير الخلف ، حينما يأتون بقوله عليه السلام : ” لا تجتمع أمتي على ضلالة ” لا يمكن تطبيقها على واقع المسلمين اليوم ، وهذا أمر يعرفه كل دارس لهذا الواقع السيء ، يضاف إلى ذلك الأحاديث الصحيحة التي جاءت مبينة لما وقع فيمن قبلنا من اليهود والنصارى ، وفيما سيقع للمسلمين بعد الرسول عليه السلام من التفرق ، فقال عليه السلام : ” افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وستختلف – أو ستتفرق – أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة ” قالوا : ” من هي يا رسول الله ؟ ” قال : ” هي الجماعة ” ، هذه الجماعة هي جماعة الرسول عليه السلام هي التي يمكن القطع بتطبيق الحديث السابق لأبي هريرة ، أن المقصود في هذا الحديث هم الصحابة أو الذين حكم رسول الله عليه السلام بأنهم هم الفرقة الناجية ، ومن سلك سبيلهم ومن نحا نحوهم ، وهؤلاء السلف الصالح هم الذين حذّرنا ربنا عز وجل في القرآن الكريم من مخالفتهم ، ومن سلوك سبيل غير سبيلهم ، لقوله عز وجل ” ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً ” .. أنا لفتُّ نظر إخواننا في كثير من المناسبات إلى حكمة عطف ربنا عز وجل في قوله في الآية ” ويتبع غير سبيل المؤمنين ” على مشاققة الرسول عليه السلام ، ما الحكمة من ذلك ؟ مع أن الآية لو كانت بحذف هذه الجملة ، لو كانت كما يأتي : ” ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً ” لكانت كافية في التحذير وتأنيب من يشاقق الرسول عليه السلام ، والحكم عليه بمصيره السيء ، لم تكن الآية هكذا ، وإنما أضافت إلى ذلك قوله عز وجل ” ويتبع غير سبيل المؤمنين ” هل هذا عبث ؟ حاشى لكلام الله عز وجل ، أي من سلك غير سبيل الصحابة الذين هم العصمة في تعبيرنا السابق ، وهم الجماعة التي شهد لهم رسول الله عليه السلام بأنها الفرقة الناجية ، ومن سلك سبيلهم ، هؤلاء هم الذين لا يجوز لمن أراد أن ينجو من العذاب يوم القيامة أن يخالف سبيلهم ، ولذلك قال الله تعالى : ” ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً “، إذن على المسلمين اليوم في آخر الزمان أن يعرفوا أمرين اثنين :
أولاُ : من هم المسلمون المذكورون في هذه الآية ؟ ثم : ما الحكمة من سماع القرآن وأحاديث الرسول عليه السلام منه مباشرة ، ثم سبق لهم فضل في الاطلاع على تطبيق الرسول عليه السلام لنصوص الكتاب والسنة تطبيقاً عملياً ، ومن الحكمة التي جاء النص عليها في السنة ، قوله عليه السلام ” ليس الخبر كالمعاينة ” ، ومنه أخذ الشاعر قوله: وما راءٍ كمن سمع .
فإذن الذين لم يشهدوا الرسول عليه السلام ، ليسوا كأصحابه الذين شاهدوا ، وسمعوا منه الكلام مباشرة ، ورأوه منه تطبيقاً عملياً ، اليوم توجد كلمة عصرية نفخ بها بعض الدعاة الإسلاميين ، وهي كلمة جميلة جداً ، ولكن أجمل منها أن نجعلها حقيقة واقعة ، يقولون في محاضراتهم وفي مواعظهم وإرشاداتهم أنه يجب أن نجعل الإسلام واقعاً يمشي على الأرض ، كلام جميل ، لكن إذا لم نفهم الإسلام في ضوء فهم السلف الصالح كما نقول ، لا يمكن أن نحقق هذا الكلام الشامل الجميل ، أن نجعل الإسلام حقيقة واقعية تمشي على الأرض ، الذين استطاعوا ذلك هم أصحاب الرسول عليه السلام ، للسببين المذكورين آنفاً ، سمعوا الكلام منه مباشرة فوعوه خيراً من وعي ، ثم هناك أمور تحتاج إلى بيان فعلي رأوا الرسول عليه السلام يبين لهم ذلك فعلاً ، وأنا أضرب لكم مثلاً واضحاً جداً ، هناك آيات في القرآن الكريم لا يمكن المسلم أن يفهمها إلا إذا كان عارفاً للسنة ، التي تبين القرآن الكريم ، كما قال عز وجل ” وأنزلنا إليك الكتاب لتبين للناس ما نزّل إليهم …” هاتوا سيبويه هذا الزمان في اللغة العربية ، فيفسر لنا هذه الآية الكريمة ، والسارق من هو ؟ لغةً لا يستطيع أن يحدد السارق ، واليد ما اليد؟ لا يستطيع سيبويه آخر الزمان أن يعطي الجواب عن هذين السؤالين ، من هو السارق الذي يستحق قطع اليد ؟ وما هي اليد التي ينبغي أن تقطع لإثم هذا السارق ؟ اللغة السارق من سرق بيضة فهو سارق ،واليد هي هذه لو قطعت هنا أو هنا أو في أي مكان فهي يد ، لكن الجواب هو .. فلنتذكر الآية السابقة.
” وأنزلنا إليك الكتاب لتبين للناس ما نزّل إليهم …” ، الجواب في البيان ، فهناك بيان من الرسول عليه السلام للقرآن ، هذا البيان طبقه الإسلام فعلاً ، في خصوص هذه الآية كمثل ، وفي خصوص الآيات الأخرى ، وما أكثرها . لأن من قرأ علم الأصول ، يقرأ في علم الأصول أن هناك عام وخاص ، مطلق ومقيد ، ناسخ ومنسوخ ، كلمات مجملة يدخل تحتها عشرات الأصول ، إن لم نقل : مئات الأصول ، نصوص عامة قيدتها السنة.”










قديم 2014-08-13, 22:15   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
الفرحوني الشاوي
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه سيَحْصُل افتراق في هذه الأمة كما حصل في الأمم السابقة، وأوصانا عند ذلك أن نتمسك بما كان عليه صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه، قال صلى الله عليه وسلم: "افترَقَتِ اليهود على إحدى وسبعين فِرقة، افترقتِ النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فِرقة كلها في النار إلا واحدة"، قيل من هي يا رسول الله؟ قال: "من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي"، قال عليه الصلاة والسلام :"فإنه من يعِش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" وفي رواية: "وكل ضلالة في النار"، هكذا أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نَلزم ما كان عليه هو وأصحابه عند حصول الاختلاف والافتراق، لأنه لا بد أن يقع وقد وقع كما أخبر به صلى الله عليه وسلم، فطريق النجاة هو التزام ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، هذه الفِرقة هي الناجية من النار، وسائر الفرق كلها في النار، ولذلك تسمى الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة هذه هي الفرقة المتميزة عن غيرها باتباع الكتاب والسنة، وما عداها فهي فرق ضالة وإن كانت تنتسب إلى هذه الأمة، ومنهجها مخالف لمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهذا من كمال نصحه صلى الله عليه وسلم ومن كمال بيانه للناس، فالطريق واضح والحمد لله اتباع الكتاب والسنة وما عليه سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين إلى آخر القرون المفضلة القرون الثلاثة أو الأربعة، كما قال صلى الله عليه وسلم: "خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم"، قال الراوي: (لا أدري أذكر مع قرنه قرنين أو ثلاثة) ثم قال: "سيأتي بعدهم قوم يحلفون ولا يستحلفون ويشهدون ولا يُستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون ويظهر فيهم السمن"، بعد القرون المفضلة تحصل هذه الأمور، ولكن من صار على منهج القرون المفضلة ولو كان في آخر يوم من الدنيا فإنه ينجو ويسلم من النار، والله عز وجل قال: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾، فالله جل وعلا ضَمن لمن اتبع المهاجرين والأنصار بهذا الشرط (بِإِحْسَانٍ) يعني بإتقان لا دعوى أو انتساب من غير تحقيق إما عن جهل أو عن هوى، ليس كل من انتسب إلى السلف يكون محقا حتى يكون اتباعه بإحسان هذا شرط شرطه الله عز وجل ، والإحسان يعني الاتقان والإتمام وهذا يتطلب من الأتْباع أن يدرسوا منهج السلف وأن يعرفوه ويتمسكوا به، أما أن ينتسبوا إليهم وهم لا يعرفون منهجهم ولا مذهبهم فهذا لا يجدي شيئا ولا ينفع شيئا وليسوا من السلف وليسوا سلفيين، لأنهم لم يتبعوا السلف بإحسان كما شرط الله عز وجل، ولذلك أنتم ولله الحمد في هذه الجامعة وفي هذه البلاد وفي مساجد هذه البلاد الذي يدرس فيها هو منهج السلف الصالح حتى نتبعهم بإحسان، لا بالدعوى والتسمِي فقط، فكم ممن يدعي السلفية وأنه على منهج السلف وهو على خلاف ذلك، إما لجهله أنه بمنهج السلف وإما لهواه يعرف لكن يتبع هواه ولا يتبع منهج السلف، لاسيما وأن من صار على منهج السلف يحتاج إلى أمرين كما ذكرنا معرفة منهج السلف، والأمر الثاني التمسك به مهما كلفه ذلك لأنه سيلقى من المخالفين، سيلقى أذى، يلقى تعنُّتا، يلقى اتهامات يلقى ما يلقى من الألقاب السيئة لكن يصبر على ذلك لأنه مقتنع بما هو عليه فلا تهزه الأعاصير ولا تغييره الفتن فيصبر على ذلك إلى أن يلقى ربه.
يتعلم منهج السلف أولا، يتبعه بإحسان، يصبر على ما يلقى من الناس، ولا يكفي هذا لا بد أن ينشر منهج السلف لا بد أن يدعو إلى الله ويدعو إلى مذهب السلف ويبينه للناس وينشره في الناس هذا هو السلفي حقيقة، وأما من يدعي السلفية وهو لا يعرف منهج السلف أو يعرفه ولا يتَّبعه وإنما يتبع ما عليه الناس أو يتبع ما يوافق هواه هذا ليس سلفيا وإن تسمى بالسلفية، أو لا يصبر على الفتن ويجامل في دينه ويداهن في دينه ويتنازل عن شيء من منهج السلف فهذا ليس على منهج السلف، فليس العبرة بالدعوة العبرة بالحقيقة هذا يستدعي منا الاهتمام لمعرفة منهج السلف ودراسة منهج السلف في العقيدة والأخلاق والعمل في جميع مجالات منهج السلف فهو المنهج الذي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه من اقتدى بهم وسار على منهجهم إلى أن تقوم الساعة قال صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي - هؤلاء هم السلف هم السلفيون – على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى"، فقوله: "لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم" يدل على أنه سيكون من يخالفهم، ويكون من يخذلهم، ولكن لا يهمهم ذلك بل يأخذوا طريقهم إلى الله عز وجل ويصبر على ما أصابه، كما قال لقمان لابنه وهو يعظه: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ* وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ* وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾، هذا منهج السلف هذا سَمْتهم هذه صفتهم والله جل وعلا قال: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، (هَذَا صِرَاطِي) نسبه إلى نفسه نسبة تشريف وتكريم له ولمن سار عليه، (هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً) يعني معتدلا (فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ)، فدل على أن هناك سبل ولم يحددها سبل كثيرة (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ)، هذه المناهج الفرق المخالفة لمنهج السلف (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، أولا قال: (فَاتَّبِعُوهُ)، ثم قال (وَصَّاكُمْ) تأكيد (وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) تتقون الله سبحانه وتتقون الضلالات وتتقون الشبهات وتتقون وتتقون ما يعترضوا طريقكم في سلوككم لهذا الصراط دل على أنه سيعترضكم أشياء وانظر كيف وحد سبيله وصراطه وعدد السبل، صراط الله واحد لا انقسام فيه ولا تعدد ولا اعوجاج ولا اختلاف وأما السُّبل فهي كثيرة لا تُعد، كل يبتكر له سبيل طريق يسير عليه كل يبتكر له منهجا يسير عليه هو وأتباعه فهي متعددة السبل (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) فإذا اتبعتم السبل ماذا يحصل؟ (فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) تخرجكم عن سبيل الله عز وجل تقعون في التِّيه والضلال والهلاك فلا نجاة ولا صلاح ولا فلاح إلا بلزوم الصراط المستقيم الذي هو صراط الله جل وعلا ، وما عداه فهو سبل الشياطين على كل سبيل منها شيطان يدعو الناس إليه فلنحذر هذا الأمر ولا نغتر بكثرة المخالفين ولا نعبأ بشبهاتهم وتعييرهم وتنقصهم لنا ما نلتفت إلى هذا بل نسير إلى الله على بصيرة، والله جل وعلا فرض علينا في كل ركعة من صلواتنا أن نقرأ سورة الفاتحة وفي آخرها (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) الصراط المستقيم الذي هو صراط الله عز وجل، (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً)، (اهْدِنَا الصِّرَاطَ) أي دلنا وأرشدنا وثبتنا على الصراط المستقيم (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)، من هم الذين يسيرون عليه (الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً)، هؤلاء هم رفقاءك على هذا الصراط الذي تسير عليه (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً)، فلا تستوحش وأنت على هذا الصراط، لأن صحبك ورفقاءك هم خيار الخلق فلا تستوحش ولو كثرت الطرق كثرت الفرق وكثر المخالفون ما تلتفت إليه، لأنك مقتنع بما أنت عليه وهو صراط الله عز وجل (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) ، أي غير صراط المغضوب عليهم ولا الضالين، المغضوب عليهم هم الذين عندهم علم ولم يعملوا به مثل اليهود عندهم علم ولكنهم لم يعملوا به، والعلم إذا لم يُعمل به صار حجة على صاحبه يوم القيامة.
والعلم إن كان أقوالا بلا عمل فإن صاحبه بالجهل منغمِرُ
لا بد من العمل وعلم بلا عمل كشجر بلا ثم، وش الفائدة من شجر بلا ثمر، ولذلك غضب الله عليهم لأنه عندهم علم ولم يعملوا به فاستحقوا غضب الله سبحانه وتعالى ومقته وسخطه عليهم، وإن كانوا يرون أنهم هم الناس وهم أهل التقدم والرقي والحضارة إلى آخر ما يدَّعونه من الرقي فإنهم على ضلالة على غضب من الله سبحانه وتعالى (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) أي غير طريق الضالين وهم الذين يعملون يعبدون الله ويزهدون لكن على غير علم وهدى من الله سبحانه وتعالى فعملهم هباء منثور لا يفيدهم شيئا لأنهم ضالون عن الطريق، ضالون عن الصراط المستقيم فعملهم تعب بلا فائدة ومن هؤلاء النصارى، النصارى عندهم عبادة رهبانية لكنهم على غير علم، فهم ضالون وهم على ضلال على خطأ والعبرة ليست بالجد والاجتهاد من غير إصابة للحق ومن غير طريق الصحيح، الصوفية مثلا عندنا في الاسلام هم على طريق النصارى هم يعبدون ويزهدون ويجتهدون ويعتزلون الناس لكنهم ما عندهم علم ولا يتعلمون يزهدون في العلم يقولون للناس اعملوا أما العلم يشغلكم عن العمل المطلوب منكم العمل، يزهدون الناس في تعلم العلم، ويزهدونهم في الجلوس للعلماء وأخذ العلم من العلماء يقولون هؤلاء مقصرون وهؤلاء وهؤلاء أعاقوكم عن العمل هذه نافذة عندهم، النافذة الثانية يقولون العلم ليس بالتعلم العلم يأتيك تلقائيا إذا اجتهدت في العبادة فتح الله عليك، ذاك العلم بدون أنك تتعلم هذا ضلال والعياذ بالله، فلنحذر من هذا، العلم بالتعلم ما يمكن الحصول على العلم بدون التعلم على أهل العلم وأهل البصيرة و تلقي العلم عن العلماء، العلم قبل القول والعمل، قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيح البخاري بابٌ: العلم قبل القول والعمل ثم ذكر هذه الآية: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)، اعلم أنه لا إله إلا الله، تعلم أولا ثم استغفر واعمل بعد ذلك، فلابد من العلم، العلم هو الدليل إلى الله سبحانه وتعالى فالله أنزل الكتاب وأرسل الرسول ليدلنا على الطريق الصحيح الذي نسير عليه وهو العلم النافع والعمل الصالح، الله جل وعلا قال: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ)، الهدى هو العلم الحق، ودين الحق هو العمل الصالح، فلا بد من جمع الأمرين العلم النافع والعمل الصالح، هذا الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ما جاء بالعلم فقط دون عمل ! ولا جاء بعمل دون علم، قرينان متلازمان، لابد ان يكون العمل مؤسسا على علمٍ وعلى بصيرة، ولا بد للعالم أن يعمل بعلمه وإلا فالعلم الذي لا يعمل بعلمه والعامل الذي لا يسير على علم كلا منهما هالك، إلا من عنده علم نافع وعمل صالح، وهذا هو الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذه هي السلفية الصحيحة وهذه سمات السلف الصالح العلم النافع والعمل الصالح، هذه سمات السلف الصالح والسلف يعني الذين مضوا (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ)، لما ذكر المهاجرين والأنصار في سورة الحشر قال: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا) اخواننا (الَّذِينَ سَبَقُونَا) بأي شيء (بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ) حقدا وبغضا (لِلَّذِينَ آمَنُوا)، فالذي يبغض السابقين من الصحابة من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان والقرون المفضلة قال الذي يبغضهم هذا قد سخط الله عليه وغضب عليه وعمله هباء منثورا لأنه لم يؤسس على هدى، والعمل إنما يقبل بشرطين:
الشرط الأول: أن يكون خالصا لوجه الله.
الشرط الثاني: أن يكون صوابا على سنة رسول الله.
(بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ)، أسلم وجهه هذا هو الاخلاص البراءة من الشرك وأهله، وهو محسن أي متبع للرسول صلى الله عليه وسلم تاركا للبدع والمحدثات، وإنما يعمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم (فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)، فهذا هو منهج السلف وهو مأخوذ من الكتاب والسنة لا تقول من أين آخذ منهج السلف أنا لا أعرف منهج السلف من أين آخذه؟ يا أخي الكتاب والسنة هو الذي يعرفك منهج السلف، وأيضا ما تأخذ من الكتاب والسنة إلا بواسطة العلماء الراسخين في العلم لا بد من هذا، فالذي يريد أن يسير على منهج السلف لا بد أن يلتزم بهذه الضوابط الشرعية، وإلا كثير اليوم من يدعون أنهم على منهج السلف وهم على ضلالة وعلى أخطاء كبيرة وينسبونها لمنهج السلف، فلذلك صار الكفار والمنافقون والذين في قلوبهم مرض يسبون السلفيين وكل جريمة وكل تخريب وكل بلاء يقولون هؤلاء هم السلفيون، هذا السلفية بريئة منه كل البراءة والسلف برآء منه وليس هو على منهج السلف إنما هو على منهج الضلال وإن تسمَّى بمنهج السلف، فيجب أن فرق بين التسمي والحقيقة، لأنه فيه من يتسمى من غير حقيقة فهذا ليس سلفيا والسلف برآء منه، منهج السلف علم نافع وعمل صالح وأخوة في دين الله وتعاون على البر والتقوى هذا منهج السلف الصالح الذي من تمسك به نجا من الفتن والشرور وانحاز إلى رضى الله سبحانه وتعالى (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ)، كل يريد الجنات التي تجري تحتها الأنهار، كل لا يريد النار ولا يريد العذاب، لكن الكلام على اتخاذ الأسباب التي توصل إلى الجنة وتنجي من النار، ما فيه أسباب إلا التزام منهج السلف الصالح، قال الإمام مالك رحمه الله: (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها)، ما الذي أصلح أولها هو الكتاب والسنة، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بالكتاب والسنة، والكتاب والسنة ولله الحمد موجودة لدينا محفوظة بحفظ الله (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، محفوظة بإذن الله من أرادها بصدق وتعلم تعلما صحيحا وجد هذا، وأما من يدعي من غير حقيقة أو يقلد من يدعي السلفية وهو ليس على منهج السلف فهذا لا يجزي عليه شيء بل يضره، والمشكلة أن هذه ينسب إلى السلف ينسب إلى السلفيين وهذا كذب وافتراء على السلف كذب وافتراء على السلفية هذا تمويه على الناس سواء تعمد هذا أو لم يتعمده إما صاحب هوى وإما جاهل
والدعاوى إذا لم يقيموا عليها بينات أهلها أدعياء
فلا بد من يدعي أو ينتسب إلى السلف أن يحقق هذا التسمي والانتساب بأن يتمثل منهج السلف في الاعتقاد وفي القول والعمل والتعامل حتى يكون سلفيا حقا ويكون قدوة صالحا يمثل مذهب السلف الصالح، فمن أراد هذا المنهج فعليه أن يعرفه، أن يتعلمه، أن يعمل به في نفسه أولا، أن يدعو إليه، أن يبينه للناس، هذا هو طريق النجاة وهذا هو طريق الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة من كان على مثل ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وصبر على ذلك وثبت على ذلك ولم ينجرف مع الفتن ولا مع الدعايات المضللة ولم تهزه الأعاصير بل يثبت على ما هو عليه حتى يلقى الله ربه سبحانه وتعالى، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين









قديم 2014-08-13, 22:20   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
الفرحوني الشاوي
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

تعريف السلفيه للشيخ العلامه محمد بن صالح العثمين قال الشيخ محمد الصالح بن عثيمين رحمه الله :

السلفيَّة هي اتباع منهج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ؛ لأنهم سلفنا تقدموا علينا ، فاتِّباعهم هو السلفيَّة ، وأما اتِّخاذ السلفيَّة كمنهج خاص ينفرد به الإنسان ويضلل من خالفه من المسلمين ولو كانوا على حقٍّ : فلا شكَّ أن هذا خلاف السلفيَّة ، فالسلف كلهم يدْعون إلى الإسلام والالتئام حول سنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا يضلِّلون مَن خالفهم عن تأويل ، اللهم إلا في العقائد ، فإنهم يرون من خالفهم فيها فهو ضال .
لكن بعض من انتهج السلفيَّة في عصرنا هذا صار يضلِّل كل من خالفه ولو كان الحق معه ، واتَّخذها بعضهم منهجاً حزبيّاً كمنهج الأحزاب الأخرى التي تنتسب إلى الإسلام ، وهذا هو الذي يُنكَر ولا يُمكن إقراره ، ويقال : انظروا إلى مذهب السلف الصالح ماذا كانوا يفعلون في طريقتهم وفي سعة صدورهم في الخلاف الذي يسوغ فيه الاجتهاد ، حتى إنهم كانوا يختلفون في مسائل كبيرة ، في مسائل عقديَّة ، وفي مسائل علميَّة ، فتجد بعضَهم – مثلاً – يُنكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى ربَّه ، وبعضهم يقول بذلك ، وبعضهم يقول : إن الذي يُوزن يوم القيامة هي الأعمال ، وبعضهم يرى أن صحائف الأعمال هي التي تُوزن ، وتراهم – أيضاً – في مسائل الفقه يختلفون ، في النكاح ، في الفرائض ، في العِدَد ، في البيوع ، في غيرها ، ومع ذلك لا يُضلِّل بعضهم بعضاً .
فالسلفيَّة بمعنى أن تكون حزباً خاصّاً له مميزاته ويُضلِّل أفراده سواهم : فهؤلاء ليسوا من السلفيَّة .










قديم 2014-08-18, 15:01   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
walido_star
عضو مبـدع
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لك أخي الكريم، بارك الله لك
جزاك الله كل خير










 

الكلمات الدلالية (Tags)
منهج, المنهج, السلفي, رباني, عظيم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 15:06

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc