مقدمة
كثيرا ما يجد المتحدث عن قوائم الدولة ومدعمات استمراريتها نفسه - دونما تدبيرا منه- يقرن الدولة بالقانون ، كون هذا الاقتران في نظر العام والخاص هو الدليل الأحق على وجود العدالة والمساواة .
غير أن لفظ القانون نجده متميزا بالعمومية والتجريد ، لأجل ذلك تعمد السلطة التشريعية في الدولة دعم هذه العمومية من خلال سن النصوص القانونية ، التي تحكم المجالات الحياتية المختلفة داخل الدولة .
وبالتالي فالنتيجة الحتمية لقيام الدولة هو ربطها بالقانون وتجسيدا لوجود هذه الدولة يجب إنشاء هياكل قضائية يمكن من خلالها عرض الخصومات التي تنشأ بين الفرد والفرد أو بين الفرد والدولة ،ولأن الفرد يضل مرتبطا بالإدارة منذ ميلاده إلى حين وفاته ، وهذا الارتباط سيولد نوعا من الاحتكاك أو التصادم بينهما ، فلا مناص إذا من الخلاص من وجود نزاعات ذات صبغة فردية بحتة وأخرى تجمع بين الفرد والإدارة .
والربط بين نوعي النزاع على اختلاف أطرافهما من الناحية النظرية المعروضة قد يبدو ولا غبار عليه ، لكن المتمعن والدارس للجانب التطبيقي فيها يجد أنه من الاستحالة بمكان أن نوحد الهيكل القضائي بين هذين النزاعين وهذا ما يعبر عنه القانون بالنظام القانوني الموحد ، إما بفصل ما هو إداري عما دونه بمعنى تخصص لكل نزاع منها جهة قضائية يعرض أمامها وهذه هي الروح المحركة للنظام القضائي المزدوج، وتبني الدولة لأحد النظامين يمثل تعبيرا صريحا منها على إدراكها لمتطلبات الإدارة وخصوصيتها و على مكانتها أولا .
هذا المد والجزر الحاصل بين الوحدة والازدواجية كنظامين قضائيين متداولين بين مختلف دول العالم وتمييز الثاني منها مع الأول لتماشيه مع متطلبات لدولة والإدارة ، كان من أهم الدوافع وأولها التي جعلتنا نحاول البحث في قمة الهيكل الإداري المجسد والازدواجية في كل من فرنسا ومصر والجزائر .
وقد ارتأينا أن نربط أو نقارن بين فرنسا ومصر والجزائر ، كون أن الدولتين – مصر والجزائر – قد استمدتا نظامهما القضائي تأثرا بالمشرع الفرنسي .
ولعل إدراكنا للأصل الذي استقى منه النظام القضائي لهما دفعنا للبحث عما وراءه لأجل أن نجزم أو ننفي أن التقابل في هذا الأصل معناه التوافق فيما يليه .
وبمعنى آخر أكثر شمولا ودقة .
هل استطاعة فرنسا ومصر والجزائر منذ تبنيهم لهذا النظام أن يفرقوا بين نوعي النزاع المعروضين آنفا وتحقق الإدارة مكانتها الحقيقية على الصعيد القضائي أولا؟
وهل تراها أقامت هياكل قضائية تجسد الفصل الحقيقي والتام بين القضائين العادي والإداري ؟
وهل هذا التخصيص أو الخصوصية في نظامها مرده وجود مجلس الدولة على صعيد قضائها الإداري ، وإن كان ذلك لما كانت الجزائر بالذات تحتكم لهذا الوصف في نظامها القضائي رغم أنها ليست الوحيدة من لها مجلس دولة؟
ونحن في بحثنا هذا اعتمدنا المنهجين التحليلي و المقارن لأن موضوعنا يحتاج بالدرجة الأولى إلى التفصيل والتحليل لكل ما يتعلق بالمجالس تكوينا واختصاصا ، ومن ثم المقارنة بينهما بحثا عن نقاط تجاذب أو تنافر بينهم في مختلف الجوانب و الزوايا .
وقد قسمنا بحثنا إلى أربعة فصول :
-1- تطور التنظيم القضائي لمجلس الدولة .
-2- التشكيلة البشرية لمجلس الدولة.
-3- أقسام مجلس الدولة واختصاصاته .
-4- الإجراءات المتبعة أمام مجلس الدولة .
خطـة البـحث
مقدمـة
الفصل التمهيدي: تطور التنظيم القضائي لمجلس الدولة
المبحث الأول: طبيعة القضاء الإداري
المطلب الأول: نظام وحدة القضاء
المطلب الثاني: نظام ازدواجية القضاء
المبحث الثاني: بداية نشأة مجلس الدولة
المطلب الأول: محاولات إنشاء مجلس الدولة
المطلب الثاني: نشأة مجلس الدولة
المبحث الثالث: تطور نظام مجلس الدولة
المطلب الأول: مجلس استشاري
المطلب الثاني: مجلس قضائي
الفصل الأول: التشكيلة البشرية لمجلس الدولة
المبحث الأول: فئات أعضاء مجلس الدولة
المطلب الأول: الرئيس والنائب
المطلب الثاني: رؤساء الّأقسام والمستشارون
المبحث الثاني: ضمانات أعضاء المجلس
المطلب الأول: عدم القابلية للعزل
المطلب الثاني: تأديب أعضاء المجلس
الفصل الثاني: أقسام مجلس الدولة واختصاصاته
المبحث الأول: القسم القضائي واختصاصاته
المطلب الأول: باعتباره محكمة ابتدائية ونهائية
المطلب الثاني: باعتباره محكمة استئناف
المطلب الثالث: باعتباره محكمة نقض
المبحث الثاني: قسما للفتوى والتشريع (الاختصاص الاستشاري)
المطلب الأول: قسم الفتوى
المطلب الثاني: قسم التشريع
المطلب الثالث: الجمعية العامة و اللجنة الدائمة
الفصل الرابع: الإجراءات المتبعة أمام مجلس الدولة
المبحث الأول: في المجال القضائي
المبحث الثاني: في المجال الاستشاري
الخاتمــة
المراجـع
الفهـرس