فلنتّق الله يا إخوتاه، وليستفد بعضنا من بعض، ولنحسن الظن ببعضنا، ولنترك التُّهم التي هي من أخلاق المنافقين، والأخلاق الرذيلة.
لنتحرّى الصدق، ونتحرّى العدل، ونتحرّى الإنصاف، ونربّي أنفسنا وأبناءنا على الصدق، وعلى حب الحق، وعلى نصرة الحق، نوالي فيه ونعادي فيه { لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ } [ المجادلة : 22].
هذا الصنف يكتب الله في قلوبهم الإيمان كتابةً لا تُمحَى، هذه من فوائد الولاء في الله والحب في الله والبغض في الله.
وقد يكتب الله النفاق والخبث والشر في نفس من يوالي في الشيطان ويعادي في الشيطان ويعادي من أجل هواه، ويوالي من أجل هواه، وهذه الظاهرة الآن متفشِّية، فيجب أن نعالج أنفسنا من أمثال هذه الظواهر المهلكة المدمّرة للعقيدة والخلق، هؤلاء كتب الله في قلوبهم الإيمان بسبب حبهم لله، حبهم الصادق لله -عز وجل - يدفعهم ألا يحبّوا أعداء الله ولو كانوا أقربائهم وعشائرهم وإخوانهم وأمهاتهم إلى آخره لأنهم أحبوا الله بصدق، دون دعاوى، فهذه من علامات الصادقين، وعلامات الكاذبين، فالصادق الذي يحب الله بصدق، والمؤمن الصادق يحب في الله ويبغض في الله، ولهذا قال رسول الله: " أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض فيه "، نحن نجد الآن أناساً يتولّون أهل البدع والضلال ولو سبّوا الأنبياء، ولو سبّوا الصحابة، ولو كفّروا الأمة يتولّونهم ويستميتون في الذب والدفاع عنهم، ويعادون أهل السنة والحق من أجل أهل البدع الكبرى والضلال، هل هؤلاء صادقون في دعوى الإيمان ؟!
فاتقوا الله أيها الأخوة في أنفسكم، لأن التعصب الأعمى دفع كثيراً من الناس إلى أن يحارب الحق، يعرف أن فلاناً على الحق، ويكتب الحق، ويصدع بالحق، فيعاديه من أجل ماذا ؟! من أجل أهل الباطل! ومن أجل الباطل! فيُصبح من الذين يصدّون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً!
كيف تحب إنساناً يطعن في الأنبياء ؟!
و يطعن في صحابة رسول الله ويُكفّرهم!
وتوالي في هذا الضال المضلّ! وتعادي أهل الحق من أجله ؟!
وتوالي أهل الباطل والأهواء من أجله ؟!
هذا شيء موجود لا يستطيع أن يكابر فيه منصف، ومع الأسف ظاهرة خطيرة جداً في المتدينين، في الملتزمين تجد هذا البلاء الفتاك الذي يفتك بالدين ويفتك بالعقيدة، ويفتك بالأخلاق، وترتب على هذا إشاعات الكذب والافتراءات التي لا تصدر إلا من قلوب مريضة كما وصف الله قلوب المنافقين المرضى، فلنعالج أنفسنا من هذا الداء، والله أولى بالعلاج من أمراض الإيدز! والأمراض الفتاكة الأخرى، هذا المرض يفتك بالإيمان، ويفتك بالعقيدة، ويمزِّق المجتمع، ويجعل الولاء والبراء في الشيطان لا لله - تبارك وتعالى -، يجعل الولاء والبراء للشيطان، وإن كان لفلان وفلان فمآله أنك توالي للشيطان، توالي فيه وتعادي فيه، وتحارب من أجله الحق، وتنصر من أجله الباطل، فلنتق الله في أنفسنا، ولننظر أين نحن ؟ هل نحن ممن وصفهم الله - تبارك وتعالى- كما قال إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- : { وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ . يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم } [ الشعراء 87 - 89].
انظر يا أخي هل قلبك سليم أو مريض ؟! أقلبك حيٌ أو ميت ؟!
فأحيه بالحق، واطلب الحق من كتاب الله ومن سنة رسول الله - عليه الصلاة والسلام -، واجعل الحق ضالتك، خذه من أي شخص كان، ولا نكون مثل اليهود - والعياذ بالله – { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا } [ البقرة :91]، يعني ما يعرفون الحق ولا يقبلونه إلا من كتبهم! وهُم كذّابون،حتى في هذا لا يصدقون.
بعض الناس الآن لا يقبل إلا ما جاء من فلان وفلان، أما إذا جاء من غيره يردّه، ويحكم عليه جزافاً بأنه باطل، والله - تبارك وتعالى- يطلب التبيّن { إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا } [الحجرات : 6]، تبيَّن: أي تثبَّت، يعني كلام تأخذه وتنشره قبل أن تتبيَّن من حقيقته! أنت نَشَّار للكذب! الإشاعات الكاذبة حالت بين كثير من الشباب وبين الحق، ودفعتهم إلى الباطل، وإلى تولّي أهل الباطل، وإلى نصرة أهل البدع الكبرى - لا أقول البدع الصغرى - .
الإشاعات الكاذبة والافتراءات ضد أهل الحق شوّهت جمال الحق، وحالت بين الناس وبين الحق، وصدّتهم عن سبيل الله، فأصبحوا لا يقبلون الحق إلا من فلان وفلان، حتى لو كان كلام فلان باطلاً جعلوه حقاً!