هل يفعلها بن بوزيد؟!
الثلاثاء 28 سبتمبر 2010 | الافتتاحية
جمــال. ش
اعتقد الجميع أن ملف قطاع التربية طوي نهائيا بعد قرار الحكومة الاستجابة لمطالب الأساتذة ومراجعة التعويضات وصرفها. وازداد التفاؤل بعد قرار وزير التربية فتح أبواب الحوار مع النقابات، فيما شُبّه بالمصالحة. غير أن واقع الحراك السياسي والاقتصادي في الجزائر يكشف في كل مرة عن بقايا ذهنيات وممارسات لا زالت متجذرة في كامل مستويات مؤسسات الدولة، ليس من السهل تحويلها، تؤكد أن المسافة التي قطعتها الأمة في طريق الألف ميل نحو التغيير والمصالحة ''الفعلية'' لم تبتعد كثيرا عن الخطوة الأولى!
كان يمكن لملف التربية أن يكون نموذجا لتسيير الخلافات والنزاعات الاجتماعية في الجزائر الجديدة، وكان بإمكان بن بوزيد أن يدخل التاريخ الوطني من بابه الكبير من خلال التأسيس لثقافة جديدة في تسيير مؤسسات الدولة، بدل تكريس صورته الحالية لدى أجيال الخريجين من المنظومة التربوية! إن جوهر الخلاف بين الحكومة وممثلي عمال قطاع التربية، فضلا عن قضية الزيادات في الأجور، يحيلنا بالأساس إلى إشكاليات التمثيل والمشاركة في التسيير، وترتيب الأولويات في صرف الاعتمادات ضمن استراتيجيات التنمية.
فمن حق عمال وموظفي أي قطاع أن يشاركوا بشكل مباشر أو من خلال ممثليهم المنتخبين في تسيير ومراقبة أموال الاشتراكات التي تقتطع من ''عرقهم'' ورواتبهم، مهما كانت تسمية النقابة ولونها وشعارها ما دامت ''ممثِّلة''! كما أن الأزمة السياسية والأمنية كشفت بوضوح أن الخلل الأساسي كان في بناء الإنسان الجزائري، وأن تصحيح الوضع لن يكون بغير الرهان الإستراتيجي على التنمية البشرية التي تمر حتما عبر المنظومة التربوية.
وبالتالي، فإن أي استثمار في التربية- مهما بدا مكلفا- هو استثمار مربح من الناحية الإستراتيجية للجزائر.
من هذا المنظور، لا يمكن أن نفهم سلوك الحكومة التي ''تبسط يدها'' في بعض القطاعات الثانوية، و''تقبضها'' كلما تعلق الأمر بالأساتذة والمعلمين والباحثين والمفكرين والأئمة.. أي بصناع العقل والوجدان! لقد بدأت المصالحة من خلال موقف سياسي تاريخي وشجاع أعلنها ورسّمها قانونيا، لكنها تحتاج اليوم إلى من يحمل المشعل لتحقيق الأهم وتجسيدها سلوكا اجتماعيا وسياسيا وثقافيا.. فهل تكون البداية من وزارة التربية؟!.