|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
الجهة,المكان,الحد,الحيز ,وخزعبلات أخرى هنا تفنيدها
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2010-09-30, 00:07 | رقم المشاركة : 76 | ||||
|
السؤال بأين الله ليس بدعةً(1) من الأدلة الصحيحة على جواز السؤال بأين الله ما رواه الطبراني في المعجم الكبير (13054) من طريق محمد بن نصر الصائغ ثنا أبو مصعب الزهري ثنا عبدالله بن الحارث الجمحي ثنا زيد بن أسلم قال مر ابن عمر براع فقال :هل من جزرة ؟ فقال ليس ها هنا ربها قال ابن عمر تقول له أكلها الذئب قال فرفع رأسه الى السماء وقال فأين الله ؟ فقال أنا والله أحق أن أقول أين الله ؟ واشترى الراعي والغنم فأعتقه وأعطاه الغنم قال الألباني في مختصر العلو (( رجاله ثقات مترجمون في التهذيب إلا شيخ الطبراني وهو ثقة مترجم في تاريخ بغداد )) قلت: تأمل معي رفع رأسه الى السماء حينما قال فأين الله مما يدل أن المتقرر عندهم هو أن الله في السماء الدليل الثاني: ما رواه أحمد مسنده (4/11-12) الترمذي (3109) وحسنه وابن ماجة في سننه، المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية (1/64) من حديث وكيع بن حدس عن عمه أبي رزين العقيلي قال قلت يا رسول أين كان ربنا قبل أن يخلق ؟ قال (( كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء وخلق عرشه على الماء )) قلت هذا حديث حسن أعله جمع من الأفاضل بجهالة وكيع بن عدس ويقال حدس والصواب أنه معروف ذكره ابن حبان في كتاب مشاهير علماء الأمصار( ص124) وقال انه من الأثبات وقال عنه الجورقاني في كتابه الأباطيل و المناكير والصحاح المشاهير (1/232) صدوق صالح الحديث وصحح له الترمذي وابن خزيمة _ كما في التذييل على كتب الجرح والتعديل ص125 _ والجوزقاني هذا صنفه التهانوي مع المتشددين في كتابه (( قواعد في علم الحديث )) ص191 وأقره المحقق عبدالفتاح أبو غدة وقد صحح هذا الحديث ابن جرير الطبري في تاريخه (1/19) ------- (1) هذا الفصل نقلته من كتاب(الدفاع عن حديث الجارية) للأخ الفاضل:عبد الله خليفي.
|
||||
2010-09-30, 00:15 | رقم المشاركة : 77 | |||
|
الإعتراض الثامن: شبهاتهم حول حديث النزول . قبلَ البدءِ بذكرِ الشُّبهاتِ الواردةِ على حديثِ النزولِ والردِّ عليها أذكرُ كلامًا نفيسًا يزيلُ كثيرًا منَ الشُّبهاتِ في هذا البابِ وغيرهِ.اعلمْ رحمكَ اللهُ بأنَّ صفاتِ الله لا يتوهَّمُ فيها شيءٌ منْ خصائصِ المخلوقينَ لا في لفظهَا ولا في ثبوتِ معناهَا. فإثباتهَا للرَّبِّ تعالى لا محذورَ فيهِ بوجهٍ، بلْ تثبتُ لهُ على وجهٍ لا يماثلُ فيها خلقهُ، ولا يشابههم، فمنْ نفاها عنهُ لإطلاقهَا على المخلوقِ ألحدَ في أسمائهِ، وجحدَ صفاتِ كمالهِ. ومنْ أثبتهَا على وجهٍ يماثلُ فيها خلقهُ فقدْ شبَّههُ بخلقهِ، ومنْ شبَّهَ الله بخلقهِ فقدْ كفرَ، ومنْ أثبتهَا لهُ على وجهٍ لا يماثلُ فيها خلقهُ، بلْ كما يليقُ بجلالهِ وعظمتهِ فقد برىءَ من فرثِ التَّشبيهِ ودمِ التَّعطيلِ، وهذا طريقُ أهلِ السنَّةِ. فما لزمَ الصفَّة لإضافتها إلى العبدِ وجبَ نفيهُ عَنِ الله كما يلزمُ حياةُ العبدِ منَ النَّومِ والسِّنةِ والحاجةِ إلى الغذاءِ والمرضِ والموتِ، وكذلكَ علمهُ محفوفٌ بنقصينِ: جهلٌ سابقٌ، ونسيانٌ لاحقٌ؛ وكذلكَ ما يلزمُ إرادتهُ عنْ حركةِ نفسهِ في جلبِ ما ينتفعُ بهِ ودفعِ ما يتضررُ بهِ، وكذلكَ ما يلزمُ علوُّهُ من احتياجهِ إلى ما هو عالٍ عليهِ وكونهِ محمولًا بهِ مفتقرًا إليهِ محاطًا بهِ، كلُّ هذا يجبُ نفيهُ عنِ القدُّوسِ السَّلامِ - تباركَ وتعالى ـ. فإذا أحطتَ بهذهِ القاعدةِ خبرًا وعقلتهَا كما ينبغي خلصتَ مِنَ الآفتينِ اللتينِ هما أصلُ بلاءِ المتكلِّمينَ، آفةُ التَّعطيلِ وآفةُ التَّشبيهِ، فإنَّكَ إذا وفَّيتَ هذا المقامَ حقَّهُ أثبتَ لله الأسماءَ الحسنى والصفِّاتِ العلى حقيقةً، فخلصتَ مِنَ التَّعطيلِ ونفيتَ عنهَا خصائصَ المخلوقينَ ومشابهتهم فخلصتَ مِنَ التَّشبيهِ. فعليكَ بمراعاةِ هذا الأصلِ والاعتصامِ بهِ، واجعلهُ جُنَّتَكَ التي ترجعُ إليهَا في كلِّ ما يطلقُ على الرَّبِّ تعالى وعلى العبدِ. وبعدَ هذا الكلامِ النَّفيسِ نذكرُ شبهاتِ القومِ ونأتي عليهَا مِنَ القواعدِ بإذنِ العليِّ الأعلى الكبيرِ المتعالِ سبحانه وتعالى. الشبهة الأولى : تأويلهم للنزول على أنه نزول الملك أو الأمر من الله أو الرحمة. و الشبهة الثانية :قولهم بأن الليل ينتقل من مكان إلى مكان على هذا الرابط: https://www.djelfa.info/vb/showpost.p...33&postcount=5 الشبهة الثالثةأن الله عز وجل يمهل حتى يمضي شطر الليل ثم يأمر مناديا ينادي فيقول هل من داع فيستجاب له )).احتجاجهم بما رواه النسائي في(عمل اليوم والليلة) و الشبهة الرابعة : قولهم((هل يستلزم نزول الله عز وجل أن يخلو العرش منه أو لا؟)). و الشبهة الخامسة :قولهم بأن النزول يقتضي الحركة والإنتقال وهذا من خصائص الأجسام. على هذا الرابط: https://www.djelfa.info/vb/showpost.p...43&postcount=6 الشبهة السادسة:هل النزول يستلزم أن تكون السماء الدنيا تقله ، والسماء الثانية فوقه ؟ و الشبهة السابعة :نسبتهم التأويل للإمام مالك رحمه الله على هذا الرابط: https://www.djelfa.info/vb/showpost.p...54&postcount=7 |
|||
2010-09-30, 00:16 | رقم المشاركة : 78 | |||
|
لا تعارض بين النزول والعلو لا تعارضَ بينَ نزولهِ تعالى إلى السَّماءِ الدُّنيا في الثلثِ الأخيرِ منْ كلِّ ليلةٍ مع اختلافِ الأقطارِ، وبينَ استوائهِ عزَّ وجلَّ على العرشِ؛ لأنَّهُ سبحانهُ لا يشبهُ خلقهُ في شيءٍ منْ صفاتهِ، ففي الإمكانِ أن ينزلَ كمَا يشاءُ نزولًا يليقُ بجلالهِ في ثلثِ الليلِ الأخيرِ بالنسبةِ إلى كلِّ قطرٍ، ولا ينافي ذلكَ علوَّهُ واستواءهُ على العرش، لأننا في ذلكَ لا نعلمَ كيفيَّةَ النزولِ، ولا كيفيَّةَ الاستواءِ، بلْ ذلكَ مختصٌّ بهِ سبحانهُ، بخلافِ المخلوقِ فإنَّهُ يستحيلُ في حقِّهِ أنْ ينزلَ في مكانٍ ويوجدُ بمكانٍ آخر في تلكَ اللحظةِ كمَا هو معلومٌ، إلَّا الله عزَّ وجلَّ، فهوَ على كلِّ شيءٍ قدير. ولا يقاسُ ولا يمثَّلُ بهم لقوله عزَّ وجلَّ: {فَلاَ تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ} [النحل: 74]، وقولهِ سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11][1]. قال إسْحاق بنُ راهويه رحمه الله (238هـ): دخلتُ على ابنِ طاهرٍ فقال: ما هذه الأحاديث؟ تروونَ أنَّ الله ينْزلُ إلى السَّماءِ الدُّنيا؟ قلتُ: نعمْ، رواها الثقاتُ الذينَ يروونَ الأحْكامَ. فقالَ: ينْزلُ ويدعُ عرْشهُ؟ فقلتُ: يقْدرُ أنْ ينزلَ منْ غيرِ أنْ يخلوَ منهُ العرشُ؟ قال: نعمْ. قلتُ: فلمَ تتكلَّم في هذَا[2]. قال شيخُ الإسلامِ رحمه الله: وعبدُ الله بنُ طاهرٍ - وهوَ منْ خيارِ منْ وليَ الأمرَ بخراسان - كانَ يعْرفُ أنَّ اللهَ فَوْقَ العَرْشِ، وأشْكلَ عليهِ أنَّهُ ينزلُ لتوهمهِ أنَّ ذلكَ يقْتضي أنْ يخْلوَ منهُ العرشُ، فأقرَّهُ الإمامُ إسحاقُ على أنَّهُ فوقَ العرشِ، وقالَ لهُ: يقدرُ أنْ ينزلَ منْ غيرِ أنْ يخلوَ منهُ العرشُ؟ فقالَ لهُ الأميرُ: نعمْ. فقالَ لهُ إسْحاق: لمَ تتكلَّمْ في هذا؟ يقولُ: فإذا كانَ قادرًا على ذلكَ لمْ يلزمْ من نزولهِ خلوُّ العرشِ منهُ، فلا يجوزُ أنْ يعترضَ على النزولِ بأنَّه يلْزمُ منهُ خلوُّ العرشِ، وكان هذا أهْونَ من اعْتراضِ منْ يقولُ: ليسَ فوقَ العرشِ شيءٌ، فينكرُ هذا وهذا[3]. وممَّا ذكرنا يتضحُ لكَ أنَّهُ لا تعارضَ بينَ نزولِ الله تبارك وتعالى واستوائهِ على العرشِ. -------------------------------------------------------------------------------- [1] فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (3/136)، فتوى رقم (1643). [2] أخرجه الذهبي في «العلو» (ص1125)، وصحّح إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية في «شرح حديث النزول» (ص152). [3] مجموع الفتاوى (5/377). |
|||
2010-09-30, 00:17 | رقم المشاركة : 79 | |||
|
الإعتراض التاسع: إعتراضهم على دليل الإسراء والمعراج في إثبات العلو: |
|||
2010-09-30, 00:18 | رقم المشاركة : 80 | |||
|
الإعتراض العاشر:إعتراضهم على دليل فطرة
قالوا:لا يمكن الإستدلال بالفطرة في إثبات العلو لأن الإنسان يولد ولا يعرف شيء. والجواب على هذه الشبهة من أوجه: الأول: إن أول من عرف عنه إنكار المعرفة بالفطرة هم أهل الكلام الذين اتفق السلف على ذمهم من الجهمية والقدرية , وهم عند سلف الأمة من أضل الطوائف وأجهلهم . "مجموع الفتاوى" ( 16/340) وهو كذلك قول المعتزلة الثاني:قد رجح العلماء بأن الفطرة هي الإسلام قال ابن حجر : وأشهر الأقوال أن المراد بالفطرة الإسلام قال ابن عبد البر : وهو المعروف عند عامة السلف. وأجمع أهل العلم بالتأويل على أن المراد بقوله تعالى: { فطرة الله التي فطر الناس عليها } الإسلام واحتجوا بقول أبي هريرة في آخر حديث الباب : اقرؤوا إن شئتم {فطرة الله التي فطر الناس عليها } . وبحديث عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: إني خلقت عبادي حنفاء كلهم فاجتالتهم الشياطين عن دينهم . الحديث . وقد رواه غيره فزاد فيه : حنفاء مسلمين , ورجحه بعض المتأخرين بقوله تعالى :{ فطرة الله } لأنها إضافة مدح , وقد أمر نبيه بلزومها فعلم أنها الإسلام . وقال ابن جرير : قوله : {فأقم وجهك للدين} أي سدد لطاعته حنيفاً أي مستقيماً فطرة الله- أي صبغة الله - وهو منصوب على المصدر الذي دل عليه الفعل الأول أو منصوب بفعل مقدر أي الزم , وقد سبق قبل أبواب قول الزهري في الصلاة على المولود من أجل أنه ولد على فطرة الإسلام , وسيأتي في تفسير سورة الروم جزم المصنف بأن الفطرة الإسلام , وقد قال أحمد : من مات أبواه , وهما كافران حكم بإسلامه , واستدل بحديث الباب ؛ فدل على أنه فسر الفطرة بالإسلام . "الفتح" (3|292) وقال ابن حجر :قال ابن القيم : وقد جاء عن أحمد أجوبة كثيرة يحتج فيها بهذا الحديث على أن الطفل إنما يحكم بكفره بأبويه ؛ فإذا لم يكن بين أبوين كافرين فهو مسلم . وروى أبو داود عن حماد بن سلمة أنه قال : المراد أن ذلك حيث أخذ الله عليهم العهد حيث قال :{ ألست بربكم قالوا بلى} , ونقله ابن عبد البر عن الأوزاعي , وعن سحنون , ونقله أبو يعلى بن الفراء عن إحدى الروايتين عن أحمد , وهو ما حكاه الميموني عنه وذكره ابن بطة ... قال الطيبي : ذكر هذه الآية عقب هذا الحديث يقوي ما أوله حماد بن سلمة من أوجه أحدها: أن التعريف في قوله على الفطرة إشارة إلى معهود , وهو قوله تعالى {فطرة الله }ومعنى المأمور في قوله {فأقم وجهك} أي : اثبت على العهد القديم . ثانيها : ورود الرواية بلفظ الملة بدل الفطرة والدين في قوله للدين حنيفا هو عين الملة قال تعالى:{ دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا} , ويؤيده حديث عياض المتقدم . ثالثها: التشبيه بالمحسوس المعاين ليفيد أن ظهوره يقع في البيان مبلغ هذا المحسوس قال : والمراد تمكن الناس من الهدى في أصل الجبلة , والتهيؤ لقبول الدين فلو ترك المرء عليها لاستمر على لزومها , ولم يفارقها إلى غيرها لأن حسن هذا الدين ثابت في النفوس , وإنما يعدل عنه لآفة من الآفات البشرية كالتقليد انتهى . وإلى هذا مال القرطبي في "المفهم " فقال:" المعنى أن الله خلق قلوب بني آدم مؤهلة لقبول الحق كما خلق أعينهم وأسماعهم قابلة للمرئيات والمسموعات ؛ فما دامت باقية على ذلك القبول , وعلى تلك الأهلية أدركت الحق ودين الإسلام هو الدين الحق , وقد دل على هذا المعنى بقية الحديث حيث قال : كما تنتج البهيمة يعني أن البهيمة تلد الولد كامل الخلقة ؛ فلو ترك كذلك كان بريئاً من العيب لكنهم تصرفوا فيه بقطع أذنه مثلاً ؛ فخرج عن الأصل , وهو تشبيه واقع ووجهه واضح , والله أعلم . "الفتح" (3|293) وانظر تفسير ابن جرير الطبري (10/183) فقد نقل عن عدة من السلف في تفسير الفطرة بالإسلام وقال ابن كثير رحمه الله (3/416) عند قوله تعالى : {فطرة الله التي فطر الناس عليها } : فسدد وجهك واستمر على الدين الذي شرعه الله لك من الحنيفية ملة إبراهيم الذي هداك الله لها, وكملها لك غاية الكمال وأنت مع ذلك لازم فطرتك السليمة التي فطر الله الخلق عليها , فإنه تعالى فطر خلقا على معرفته وتوحيده , وأنه لا إله إلا هو كما تقدم عند قوله تعالى :{وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى }. ثم قال رحمه الله بعد كلام : والفطرة الإسلام . الثالث:أجاب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على هذا الإشكال فقال رحمه الله:ولا يلزم من كونهم مولودين على الفطرة أن يكونوا حين الولادة معتقدين للإسلام بالفعل ؛ فإن الله أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا , ولكن سلامة القلب وقبوله وإرادته للحق الذي هو الإسلام بحيث لو ترك من غير مغير لما كان إلا مسلما , وهذه القوة العلمية العملية التي تقتضي بذاتها الإسلام ما لم يمنعها مانع هي فطرة الله التي فطر الناس عليها . "مجموع ا لفتاوى" (4/247) وقال ابن القيم - رحمه الله- : ليس المراد بقوله يولد على الفطرة أنه خرج من بطن أمه يعلم الدين لأن الله يقول :{والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا} , ولكن المراد أن فطرته مقتضية لمعرفة دين الإسلام ومحبته ؛ فنفس الفطرة تستلزم الإقرار والمحبة , وليس المراد مجرد قبول الفطرة لذلك لأنه لا يتغير بتهويد الأبوين مثلا بحيث يخرجان الفطرة عن القبول , وإنما المراد أن كل مولود يولد على إقراره بالربوبية فلو خلي ؛ وعدم المعارض لم يعدل عن ذلك إلى غيره كما أنه يولد على محبة ما يلائم بدنه من ارتضاع اللبن حتى يصرفه عنه الصارف , ومن ثم شبهت الفطرة باللبن بل كانت إياه في تأويل الرؤيا .والله أعلم "الفتح" (3|293) الرابع:إن الفطرة قطعاً دلت على علو الله تعالى علو ذات وعلو قهر وعلو منزلة سبحانه وتعالى , وعلى ذلك مذهب الأشعري وشيخه ابن كلاب . قال ابن القيم رحمه الله: الطريق الثاني : أن يقال علوه سبحانه على العالم , وأنه فوق السماوات كلها , وأنه فوق عرشه أمر مستقر في فطر العباد معلوم لهم بالضرورة كما اتفق عليه جميع الأمم إقراراً بذلك , وتصديقاً من غير تواطؤ منهم على ذلك ولا تشاعر , وهم يخبرون عن أنفسهم أنهم يجدون ذلك بالضرورة , وجميع الطوائف تنكر قول المعطلة إلا من تلقاه منهم , وأما العامة من جميع الأمم ففطرهم جميعهم مقرة بأن الله فوق العالم , وإذا قيل لهم لا داخل العالم , ولا خارجه , ولا فوقه , ولا تحته , ولا مباين لهو , ولا محايث , ولا يصعد إليه شيء , ولا ينزل منه شيء , ولا يقرب إليه شيء, ولا يقرب هو من شيء , ولا يحجب العباد عنه حجاب منفصل , ولا ترفع إليه الأيدي , ولا تتوجه إليه القلوب نحو العلو أنكرت فطرهم ذلك غاية الإنكار ودفعته غاية الدفع . قال أبو الحسن الأشعري في كتبه : ورأينا المسلمين جميعا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء لأن الله عز وجل مستو على العرش الذي هو فوق السماوات ؛ فلولا أن الله عز وجل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو السماء كما لا يحطونها إذا دعوا نحو الأرض . هذا لفظه في أجل كتبه وأكبرها وهو الموجز , وفي أشهرها وهو الإبانة التي اعتمد عليها أبصر الناس له , وأعظمهم ذبا عنه من أهل الحديث أبو القاسم ابن عساكر؛ فإنه اعتمد على هذا الكتاب وجعله من أعظم مناقبه في كتاب "تبيين كذب المفتري " ثم قال في كتابه : ومن دعاء أهل الإسلام جميعاً إذا هم رغبوا إلى الله عز وجل في الأمر النازل بهم يقولون يا ساكن العرش ويقولون : لا والذي احتجب بسبع سماوات . وقال أبو محمد عبدالله بن سعيد بن كلاب في كتاب الصفات , وقد ذكر مسألة الاستواء ... قال : ولو لم يشهد بصحة مذهب الجماعة في هذا إلا ما ذكرنا من هذه الأمور لكان فيه ما يكفي ؛ كيف وقد غرس في بنية الفطرة , ومعارف الآدميين من ذلك ما لا شيء أبين منه , ولا أوكد لأنك لا تسأل أحدا عنه عربياً ولا عجمياً ولا مؤمناً ولا كافراً فتقول أين ربك ؟ إلا قال : في السماء إن أفصح أو أومأ بيده أو أشار بطرفه إن كان لا يفصح لا يشير إلى غير ذلك من أرض ولا سهل ولا جبل , ولا رأينا أحدا داعيا إلا رافعا يديه إلى السماء . وقال ابن عبدالبر إمام أهل السنة ببلاد المغرب في التمهيد لما تكلم على حديث النزول قال : هذا حديث ثابت من جهة النقل صحيح الإسناد لا يختلف أهل الحديث في صحته , وهو منقول من طرق سوى هذه من أخبار العدول عن النبي , وفيه دليل على أن الله في السماء على العرش فوق سبع سماوات كما قال الجماعة , وهو من حجتهم على المعتزلة في قولهم إن الله بكل مكان قال: والدليل على صحة قول أهل الحق قوله تعالى -وذكر عدة آيات - إلى أن قال: وهذا أشهر وأعرف عند العامة والخاصة من أن يحتاج إلى أكثر من حكايته لأنه اضطرار لم يوقفهم عليه أحد , ولا أنكره عليهم مسلم وهذا قليل من كثير من كلام من ذكر أن مسألة العلو فطرية ضرورية , وأما من نقل إجماع الأنبياء والرسل والصحابة والتابعين وأئمة المسلمين ؛ فأكثر من أن يذكر ولكن ننبه على اليسير منه .... "الصواعق المرسلة" (4|1282) ومن ذلك ما دار بين أبي المعالي وأبي جعفر قال شيخ الإسلام : الوجه الرابع أن الذين يرفعون أيديهم وأبصارهم وغير ذلك إلى السماء وقت الدعاء تقصد قلوبهم الرب الذي هو فوق , وتكون حركة جوارحهم بالإشارة إلى فوق تبعاً لحركة قلوبهم إلى فوق , وهذا أمر يجدونه كلهم في قلوبهم وجداً ضرورياً إلا من غيرت فطرته باعتقاد يصرفه عن ذلك . وقد حكى محمد بن طاهر المقدسي عن الشيخ أبي جعفر الهمداني أنه حضر مجلس أبي المعالي فذكر العرش , وقال : كان الله ولا عرش ونحو ذلك وقام إليه الشيخ أبو جعفر فقال : يا شيخ دعنا من ذكر العرش , وأخبرنا عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا ؛ فإنه ما قال عارف قط : يا الله إلا وجد في قلبه ضرورة لطلب العلو لا يلتفت يمنة ولا يسرة , قال فضرب أبو المعالي على رأسه وقال: حيرني الهمداني . فأخبر هذا الشيخ عن كل من عرف الله أنه يجد في قلبه حركة ضرورية إلى العلو إذا قال : يا الله , وهذا يقتضي أنه في فطرتهم وخلقتهم العلم بأن الله فوق , وقصده والتوجه إليه إلى فوق . بيان تلبيس الجهمية" (2|445) |
|||
2010-09-30, 00:19 | رقم المشاركة : 81 | |||
|
الإعتراض الحادي عشر:إعتراضهم على الدليل العقلي .
قالو:وقد اعترض على الدليل العقلي بإنكار بداهته ؛ لأنه أنكره جمهور العقلاء ، فلو كان بديهيا لما كان مختلفا فيه بين العقلاء ، بل هو قضية وهمية خيالية ؟ والجواب عن هذا الاعتراض هو أن يقال : إن العقل إن قبل قولكم فهو لقولنا أقبل ، وإن رد العقل قولنا فهو لقولكم أعظم ردا ، فإن كان قولنا باطلا في العقل ، فقولكم أبطل ، وإن كان قولكم حقا مقبولا في العقل ، فقولنا أولى أن يكون مقبولا في العقل . فإن دعوى الضرورة مشتركة ، فإنا نقول : نعلم بالضرورة بطلان قولكم ، وأنتم تقولون كذلك ، فإذا قلتم : تلك الضرورة التي تحكم ببطلان قولنا هي من حكم الوهم لا من حكم العقل ، قابلناكم بنظير قولكم ، وعامة فطر الناس - ليسوا منكم ولا منا - موافقون لنا على هذا ، فإن كان حكم فطر بني آدم مقبولا ترجحنا عليكم ، وإن كان مردودا غير مقبول بطل قولكم بالكلية ، فإنكم إنما بنيتم قولكم على ما تدعون أنه مقدمات معلومة بالفطرة الآدمية ، وبطلت عقلياتنا أيضا ، وكان السمع الذي جاءت به الأنبياء معنا لا معكم ، فنحن مختصون بالسمع دونكم ، والعقل مشترك بيننا وبينكم . فإن قلتم : أكثر العقلاء يقولون بقولنا ؟ قيل : ليس الأمر كذلك ، فإن الذين يصرحون بأن صانع العالم ليس هو فوق العالم [وليس فوق العالم شيء موجود] وأنه لا مباين للعالم ولا حال في العالم - : طائفة من النظار ، وأول من عرف عنه ذلك في الإسلام جهم بن صفوان وأتباعه .)) شرح العقيدة الطحاوية . يعني: إذا كان لا داعي لاستشهاد العقول واستشهاد الفطر التي من غيرنا وغيركم بالمرة، فإن قولكم يبطل بالكلية، فإذا قلنا: إن العقل والفطرة محايدان، لا يصح الاحتجاج بهما لا لنا ولا لكم، فنحن عندنا غيرهما؛ عندنا الكتاب والسنة وإجماع السلف ، وأنتم لا دليل لكم إلا ما أبطلتموه، مع أن كل خلق الله إذا دعوا الله يرفعون أيديهم إلى جهة العلو، وإذا سئلوا؟ قالوا: إن الله في السماء. وقد أقررتم أن تلك الأقوال العقلية إنما تبنى على المقدمات الفطرية المشتركة بيننا وبينكم، فإذا ألغيتم أنتم هذه الفطرة؛ فإن الأدلة العقلية تكون باطلة؛ لأن الأدلة العقلية إنما تبنى في الأصل على مقدمات فطرية بدهية، فإذا ألغيت الفطر ألغيت البدائه تبعاً لها الأحكام العقلية، وإذا ألغينا ذلك فإنه يبطل كلامكم كله، لأنه مركب على العقل، وتبطل عقلياتنا أيضاً، فبطل العقل عندنا وعندكم، وكان الدليل السمعي من الوحي الذي جاءت به الأنبياء معنا لا معكم، قال: "فنحن مختصون بالسمع دونكم" أي: بالأدلة السمعية (القرآن والسنة)، أما أنتم فلا دليل على الإطلاق يدل على قولكم من كتاب أو سنة. وإلا فإن أكثر العقلاء في الدنيا على إثبات علو الله سبحانه وتعالى ليسوا معكم، فإن الصحابة الذين هم أعقل الناس معنا وكبار المتكلمين ؛ هم معنا، مثل: أبي الحسن الأشعري كما في الإبانة ؛ فقد صرح بإثبات الاستواء والعلو، وكذلك النظار الكبار، مثل الرازي ، وهو أعظم من ألف في إبطال عقيدة السلف ، وتقرير عقيدة الخلف في كتاب أساس التقديس ، ثم رجع في آخر الأمر إذاً لا أحد معكم؛ فمن أنكر علو الله فهو متبع لفرعون وهامان ، حين جحدوا الله وفطرهم تُقِرُّ به، والمؤمن بعلو الله سبحانه وتعالى متبع لموسى وهارون ومحمد عليهم صلوات الله وسلامه، والقضية واضحة ليس فيها مجال للمماحكة. بل إن فرعون طلب من هامان أن يبني له صرحاً: وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ [غافر:36-37] فكأنه يقول: لو كان إله موسى حقاً لكان في الأعلى. وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى -الأجزاء الثالث والرابع والخامس- بعض النصوص الواردة في الكتب السابقة، مما يدل على علو الله سبحانه وتعالى، وما يزال اليهود والنصارى يقرءون ذلك إلى اليوم. فتبين من هذا: أن قول المتكلمين : (إن أكثر العقلاء هم معنا لا معكم) قول باطل، وليس معهم إلا شواذ الفلاسفة ، أما أهل الملل والأديان والفطر السليمة، فهم معنا وليسوا معهم، فبطل بذلك اعتراضهم على الدليل العقلي. |
|||
2010-09-30, 13:33 | رقم المشاركة : 82 | |||
|
معنى قول بعض السلف" أمروها كما جاءت" : ان معنى قول السلف أمروها كما جاءت أي اعتقدوها وءامنوا بها وبما دلت عليه من المعنى دون التعرض لها بالتحريف ولا بالتأويل ولا بالتشبيه ولابالتمثيل مع عدم التعرض للكيفية . ولذلك فان بعض الروايات كما عند البيهقي في الاعتقاد واللالكائي في اعتقادأهل السنة والذهبي في العلو (أمروها كما جاءت بلا كيف ) وهذا نص صريح في الايمان بها وبمعناها دون التعرض للكيفية, ولو لم يكونوا يؤمنون بمعناها ما كان لتخصيص ذكر الكيفية فائدة. قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بعد إيراده لرواية أبو بكر الخلال عن مكحول والزهري (أمروها كما جاءت ) وفي رواية بلا كيف قال فقولهم رضى الله عنهم أمروها كما جاءت رد على المعطلة وقولهم بلا كيف رد على الممثلة والزهرى ومكحول هما أعلم التابعين فى زمانهم) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ( الفتوى الحموية ) ص 109 مطبعة السنة المحمدية (فقول ربيعة ومالك : الاستواء غير مجهول . . . موافق لقول الباقين (أمروها كما جاءت بلا كيف ) فإنما نفوا علم الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة . ولو كان القوم آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله لما قالوا : ( الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول ) ولما قالوا : ( أمروها كما جاءت بلا كيف) فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوما بل مجهولا بمنزلة حروف المعجم وأيضا فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبت الصفات. وأيضا فإن من ينفي الصفات الجزئية - أو الصفات مطلقا - لا يحتاج إلى أن يقول ( بلا كيف ) فمن قال : ( إن الله ليس على العرش ) لا يحتاج أن يقول ( بلا كيف ) فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر فلما قالوا : بلا كيف؟ وأيضا فقولهم ( أمروها كما جاءت ) يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه فإنها جاءت ألفاظا دالة على معاني فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال : ( أمروا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد . أو أمروا لفظها مع اعتقاد أن من الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة ) وحينئذ تكون قد أمرت كما جاءت ولا يقال حينئذ ( بلا كيف ) إذا نفي الكيف عما ليس بثابت لغو من القول). وقال صاحب التحفة المدنية: (قولهم رضي الله عنهم أمروها كما جاءت رد على المعطلة وقولهم بلا كيف رد على الممثلة والزهري ومكحول هما أعلم التابعين في زمانهم والأربعة الباقون هم أئمة الدين في عصر تابعي التابعين فمالك إمام الحجاز والأوزاعي إمام أهل الشام والليث إمام أهل مصر وسفيان الثوري إمام أهل العراق) إشكال ورده : قد يشكل على البعض رواية (أمروها كما جاءت بلا تفسير ) وقد يتعلق بها المفوضة في تصحيح مذهبهم مدعين ان قصد السلف بها تفويض المعنى والكيف معاً , ومثلها قول أحمد بن حنبل رحمه الله (لا كيف ولا معنى) فنقول أولا انه لفهم هذه النصوص لا بد من فهمها في ضوء ما يقول به قائلها في سائر نصوص الصفات , فان من روي عنه هذه المقوله هو هو الذي يؤمن بالمعنى ولا يخوض في الكيف . ومقصد أهل العلم من قولهم أمروها كما جاءت: الرد على المعطلة وقولهم بلا تفسير: رد على المؤوله الذين يفسرونها بغير المراد منها ويحرفون الكلم عن مواضعه كتفسير الاستواء بالاستيلاء واليد بالنعمة وقولهم بلا كيف : رد على الممثلة والمشبهة الذين يخوضون في الكيف ويشبهون كيفية الصفات في حق الخالق بكيفيتها في حق المخلوق. ولا يفهم من قولهم بلا تفسير انه بلا معرفة معناها التي دلت عليه إذا ان الائمة كمالك وربيعة وأحمد والأوزاعي وغيرهم كانوا يؤمنون بالمعنى ويفوضون الكيف ومن الأدلة على ذلك ما اخرجه الذهبي في العلو قال: وروى يحيى بن يحيى التميمي وجعفر بن عبد الله وطائفة قالوا جاء رجل إلى مالك فقال : يا أبا عبد الله ( الرحمن على العرش استوى ) كيف استوى ؟ قال : فما رأيت مالكا وجد من شيء كموجدته من مقالته وعلاه الرحضاء يعني العرق وأطرق القوم فسري عن مالك وقال : الكيف غير معقول والإستواء منه غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وإني أخاف أن تكون ضالا وأمر به فأخرج ) فهذا مالك رحمه الله يصرح بان الاستواء غير مجهول المعنى وان المجهول لنا هو الكيف فقط فنفوض العلم به الى الله عز وجل. وقال شيخ الاسلام : (أمرّوها كما جاءت . يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه، وتحذير الناس من التماس معان مخالفة للمعنى المتبادر من اللفظ ، فإنها جاءت ألفاظاً دالة على معاني فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: أمرّوا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة) مجموع فتاوى ابن تيمية 15/41 فبهذا علم معنى قولهم بلا تفسير أي بلا تفسير المتاؤولة والمعطلة الذين يوجدون معاني وتفسيرات باطلة ويردون المعنى والتفسير الحق. أما قول أحمد رحمه الله (بلا كيف ولا معنى )فهو مما انفرد به حنبل عن الامام أحمد بن حنبل رحمه الله وانفراد حنبل عن أحمد ضعفة بعض الحنابلة قال شيخ الاسلامقال قوم: غلط حنبل في نقل الرواية، وحنبل له مفاريد ينفرد بها من الجمهور, وقد اختلف الأصحاب في مفاريد حنبل التي خالفه فيها هل تثبت روايته؟ على طريقين، فالخلال وصاحبه قد ينكرانها، ويثبتها غيرهما كابن حامد) ونقول وعلى فرض صحتها عن أحمد رحمه الله فانا نفهم كلامه في ضوء سائر معتقده فانه قصد بلا كيف ردا على المشبهة والممثلة وقصد بقوله بلا معنى ردا على على المعطلة والمؤوله الذين يثبتون معان فاسدة ويعطلون المعنى الحقيقي. ويؤكد هذا رسالة السنة التي رواها عبدوس بن مالك العطار عن أحمد أن من السنة الإيمان بالقدر والتصديق بالأحاديث فيه والإيمان بها، لا يقال: لِمَ وكيف ومثل ؟والكلام فيه بدعة والحديث عندنا على ظاهره، وحديث الرؤية كما جاء عن النبي نؤمن به كما جاء على ظاهره ولا نناظر فيه أحداً، والإيمان بالميزان يوم القيامة كما جاء » طبقات لحنابلة 1/ 179 – 180 واللالكائي 1/156 وهذا القول شبيه بقوله في نصوص الرؤية كما عند الخلال: (سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تروى(إن الله تبارك وتعالى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا) و( أن الله يُرى )و ( إن الله يضع قدمه) وما أشبهه؟ فقال: نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى…) طبقات الحنابلة 1/143 فقوله (لا كيف) رد على المشبهة. وقوله (ولا معنى) رد على المعطلة الذين ينفون المعنى الصحيح بإيراد معانٍ باطلة لا سلف لهم بها فالإمام أحمد يسوق الكلام في نصوص الوعيد والقدر والصفات والقيامة سوقاً واحداً، ولم يعرف عن أحمد تفويض معاني نصوص القدر والميزان والرؤية. ويجب فهم كلام أحمد مقيداً بموقفه الفعلي من الصفات كما يدل عليها كتابه (الرد على الجهمية) الذي اثبته له الحافظ في الفتح حيث رد فيه معاني الجهمية الباطلة ولم يقف عند هذا الحد بل بيّن المعنى الصحيح لها، ولم يقل لا معنى لها . وبهذا تبين ان نصوص السلف الواردة عنهم تدل على اثباتهم المعنى وتفويضهم الكيف مع نهيهم عن تفسير نصوص الصفات على تفسير غير تفسيرها الصحيح بالتأويلات الباطلة والمتعسفة ))(1). ----- (1) نقلا عن الأخ هيثم عبد اللطيف حمزه |
|||
2010-09-30, 13:35 | رقم المشاركة : 83 | |||
|
الرد على من يقول:الله لا داخل العالم ولا خارج عنه(أ). اعلم أرشدك الله تعالى إلى الحق : أن قول مصنف حسن المحاججة ( بأن الله تعالى لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل بالعالم ولا منفصل عنه ولا فوق العالم ولا تحته ولا يمين العالم ولا شماله ولا أمام العالم ولا خلفه ) . قول باطل من وجوه : الأول : أنه مصادم لنصوص الكتاب والسنة الصحيحة , فقد تقدم أن نصوص الكتاب والسنة تواترت على أن الله تعالى فوق العالم عالٍ على خلقه فوق عباده مستوٍ على عرشه . فلو كانت هذه العقيدة من العقائد الإسلامية – لجاء النص عليها في كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بل نرى نصوصاً لا تعد ولا تحصى ضد هذه العقيدة فكيف تجعل هذه العقيدة هي العقيدة الصحيحة ؟! . ولم يأت نص واحد لا في الكتب السماوية ولا في أحاديث الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام , على أن الله تعالى لا داخل العالم ولا خارجه إلى آخر هذا الهذيان . الوجه الثاني : أن هذه العقيدة مخالفة لعقيدة الأنبياء والمرسلين وعقيدة الصحابة والتابعين وعقيدة أئمة هذا الدين , فقد تقدم أن بني آدم كلهم أجمعوا على أن الله تعالى فوق العالم وأنه عال على عرشه وأن هذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة الطائفة المنصورة الفرقة الناجية أصحاب الحديث في القديم والحديث ولم يخالف في ذلك إلا الفلاسفة والجهمية المعطلة فكيف تعد هذه العقيدة عقيدة لأهل السنة والجماعة , بل هي من أعظم عقائد أهل البدع والتعطيل والتحريف . الوجه الثالث : أن قول صاحب كتاب حسن المحاججة ( إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل به ولا منفصل عنه , ولا فوقه ولا تحته ... ) مصادم لعقيدة جميع أئمة الإسلام ونصوص أعلام هذا الدين فقد صرح أئمة الإسلام بأن الله تعالى فوق عرشه عالٍ على خلقه بائن عن العالم ,وقد تقدم كلام الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب والعلماء عبر القرون في تقرير ذلك. الوجه الرابع : أن قول صاحب حسن المحاججة ( إن الله تعالى لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل بالعالم ولا منفصل عنه ولا فوق العالم ولا تحته ... ) قول مستلزم لأن يكون الله تعالى معدوماً بل ممتنعاً , لأن بداهة العقول تشهد شهادة لا تقبل النقيض أن أي شيء يكون هذا صفته – فهو معدوم بل ممتنع البتة . لأن أي موجود إما أن يكون داخلاً في هذا العالم أو خارجاً عنه أو متصلاً بالعالم أو منفصلاً عنه أو فوق العالم أو تحته , ولا يمكن أن يكون شيء موجوداً لا متصلاً بالعالم ولا منفصلاً عنه ولا داخلاً في العالم ولا خارجاً عنه ولا فوق العالم ولا تحته . فإن يكن هذا : فلا يكون شيئاً معدوماً بل ممتنعاً , هكذا صرح كثير من أئمة الإسلام على هؤلاء الجهمية أن قولهم هذا : مستلزم لكون الله تعالى معدوماً بل ممتنعاً , وإليكم نماذج من نصوص بعض أئمة الإسلام لتكون فيها عبرة . 1-قول كثير من أهل العلم في هؤلاء المعطلة والممثلة لعلو الله تعالى ولكلامه ( المعطل يعبد عدماً والمثل يعبد صنماً , والمعطل أعمى والممثل أعشى , ودين الله بين الغالي فيه والجافي عنه ) . 2-الإمام محمد بن الحسن الشيباني ( 189 هـ ) فقد قال ( ... فمن قال بقول الجهم فقد فارق الجماعة , لأنه قد وصفه بصفة لاشيء )([1]) . 3-إمام أهل السنة أحمد بن حنبل ( 241 هـ ) فقد قال في شرح عقيدة من أنكر علو الله تعالى ( فعند ذلك يتبين للناس أنهم لا يؤمنون بشيء )([2]) . 4-الإمام عبدالعزيز الكناني ( 240 هـ ) قال ( قال لي أحد الجهمية : أقول : إن الله في كل مكان لا كالشيء في الشيء , ولا كالشيء على الشيء , ولا كالشيء خارجاً عن الشيء , ولا مبايناً للشيء , فقلت : فقد دللت بالقياس والمعقول على أنك لا تعبد شيئاً )([3]) . 5-أقول : لقد ذكر شيخ الإسلام هذا النص عن الكناني ثم علق عليه بقوله ( فهذا عبدالعزيز يبين أن القياس والمعقول يوجب أن ما لا يكون في الشيء ولا خارجاً عنه – فإنه لا يكون شيئاً , وأن ذلك صفة معدوم )([4]) . 6-وقال الإمام ابن كلاب إمام الكلابية والأشعرية جميعاً ( 240 هـ ) في الرد على المعطلة ( وأخرج([5]) من النظر والخبر قول من قال : إن الله لا في العالم ولا خارج منه , فنفاه نفياً مستوياً , لأنه لو قيل له : صفه بالعدم , ما قدر أن يقول فيه أكثر منه ... , فإن قالوا لا فوق ولا تحت , أعدموه , لأن ما كان لا تحت ولا فوق فعدم , فإذا قيل لهم : فهو لا مماس للعالم ولا مبائن للعالم , قيل لهم : فهو بصفة المحال ... , قيل لهم فأخبرونا عن معبودكم ؟ مماس هو أم بائن ؟ فإذا قالوا : يوصف بهما . قيل لهم : فصفة إثبات خالقنا كصفة عدم المخلوق , فلم لا تقولون صريحاً : إن الله عدم ...)([6]) . 7-السلطان العادل كاسر الأصنام محمود بن سبكتكين ( 421 هـ ) لما سمع ابن فورك الأشعري ينفي فوقية الله على خلقه قال له ( فلو أردت أن تصف المعدوم كيف تصفه بأكثر من هذا ؟ ) , وقال هذا السلطان في الرد على ابن فورك أيضاً ( فرق لي بين هذا الرب الذي تصفه وبين المعدوم )([7]) . 8-حافظ المغرب الإمام ابن عبدالبر ( 463 هـ ) قال ( وهم ] أي المعطلة [([8]) نافون للمعبود ]يلاشون أي يقولون : لا شيء [([9]) , والحق فيما قاله القائلون ربما نطق به كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهم أئمة الجماعة )([10]) . 9- شيخ الإسلام ابن تيمية ( 728 هـ ) فقد رفع إليه سؤال في حق الأشعرية و الماتريدية والجهمية : يا منكراً أن الإله مبائن *** للخلق يا مقتون بل فاتن هب قد ضللت فأين أنت فإن تكن *** أنت المباين فهو أيضاً بائن أو قلت : لست مبائناً قلنا إذن *** بالاتحاد أو الحلو تشاحن أو قلت : ما هو داخل أو خارج *** هذا يدل بأن ما هو كائن إذ قد جمعت نقائصاً ووصفته *** عدماً بها هل أنت عنها ضاعن([11]) فارجع وتب من قال مثلك إنه *** لمعطل والكفر فيه كامن([12]) أن الذي يقول : إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوق ولا تحت ولا مبائن عنه ولا متصل به – فقد جعل الله تعالى معدوماً بل ممتنعاً , وهذا اللازم ولا محيد له منه . 10- الإمام الذهبي ( 748 هـ ) فقد قال ( مقالة السلف وأئمة السنة بل الصحابة والله ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين : وأن الله فوق سماواته ... , ومقالة الجهمية الأولى أنه في جميع الأمكنة , ومقالة متأخري المتكلمين من المعتزلة والماتريدية و الأشعرية أن الله تعالى ليس في السماء ولا على العرش ولا على السماوات ولا في الأرض ولا داخل العالم ولا خارج العالم ولا هو بائن عن خلقه ولا هو متصل بهم ... , قال لهم أهل السنة والأثر : فإن هذا السلوب نعوت المعدوم تعالى الله جل جلاله عن العدم , بل هو متميز هن خلقه موصوف بما وصف به نفسه في أنه فوق العرش بلا كيف )([13]) . أقول : أرجو أن يتدبر كلام هذا الإمام فقد ذكر في مسألة علو الله ثلاثة مذاهب : الأول : مذهب أهل السنة والجمعة أصحاب الحديث : وهو أن الله فوق العالم بائن من خلقه عال على العرش وأن هذا هو قول الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وجميع المؤمنين . الثاني : قول أصحاب جهم بن صفوان وهو أن الله تعالى في كل مكان , وهو قول الحلولية الصوفية أيضاً . الثالث : قول المعطلة كالمعتزلة والماتريدية والأشعرية وهو : أن الله تعالى لا فوق العالم ولا تحته ولا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل بالعالم ولا مفصل عنه وهو قول الفلاسفة أمثال ابن سينا والفارابي والطوسي وغيرهم من الملاحدة والزنادقة . فقول صاحب كتاب حسن المحاججة إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوق العالم ولا تحته ولا متصل بالعالم ولا منفصل عنه بعينه قول هؤلاء الفلاسفة ومن سائرهم من المعتزلة والأشعرية والماتريدية . 11- الإمام ابن القيم – رحمه الله – ( 751 هـ ) فقد قال : فاحكم على من قال ليس بخارج *** عنها ولا فيها بحكم بيان بخلافة الوجهين والإجماع والـ *** عقل الصريح وفطرة الرحمن فعليه أوقع حد معدوم وذا *** حد المحال بغير ما فرقان يا للعقول إذا نفيتم مخبراً *** ونقيصه ؟ هل ذاك في إمكان إذا كان نفي دخوله وخروجه *** لا يصدقان معا لذي الإمكان إلا على عدم صريح نفيه *** متحقق ببداهة الإنسان([14]) 12- 15 وهكذا نرى الإمام ابن أبي العز الحنفي ( 792 هـ ) والشوكاني ( 1250 هـ ) , ومحمود الآلوسي ( 1270 هـ ) , وحفيده محمود شكري ( 1342 هـ ) قد صرحوا بأن عقيدة هؤلاء المعطلة من قولهم : إن الله لا داخل العالم ولا خارجه , مستلزم لكون الله تعالى معدوماً بل ممتنعاً . الحاصل : أنه ثبت أن صاحب كتاب حسن المحاججة مخالف لعقيدة أئمة الإسلام . الوجه الخامس : تبين أن قول صاحب كتاب حسن المحاججة ( بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه ) ليس قول أهل الإسلام أهل السنة والجماعة بل هو قول المعطلة والفلاسفة من الذين تفلسفوا في الإسلام ولعبوا به كما لعب بولس بالنصرانية , أمثال ابن سينا ( 428 هـ ) فقد قال ( ... , إن التحقيق الذي ينبغي أن يرجع إليه في صحة التوحيد عن الإقرار بالصانع موحداً عقد ساعي الكم والكيف والأين والمتى والوضع والتغير , حتى يعبر الاعتقاد به , به أنه ذات واحدة لا يمكن لها شريك في النوع أو يكون لها جزء وجودي كمي أو معنوي , ولا يمكن أن يكون خارجة عن العالم أو داخله فيه , ولا بحيث تصح الإشارة إليه أنه هناك . ممتنع إلقاؤه إلى الجمهور )([15]) . أقول الشاهد من كلام ابن سينا هذا هو قوله ( أن تكون خارجة العالم أو داخلة فيه , وبحيث تصح الإشارة إليه أنه هناك ) . الوجه السادس : أن قول صاحب كتاب حسن المحاججة ( إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا متصل به ولا منفصل عنه ) رفع للنقيضين , ورفع النقيضين باطل بإجماع العقلاء . ولقد صرح كثير من أئمة الإسلام أن قول : إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا متصل به ولا منفصل عنه قول برفع النقيضين([16]) . الوجه السابع : أن قول صاحب كتاب حسن المحاججة ( إن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصل به ولا منفصل عنه ولا فوق العالم ولا تحته ) قول مخالف لبداهة العقول , كما أنه مخالف للعقل الصحيح والفطرة السليمة والإجماع إجماع أهل السنة والجماعة أن الله تعالى لما خلق هذا العالم هل خلقه داخل ذاته أو خلقه خارجاً عنها فإن قالوا خلقها في داخل ذاته كفروا , وإن قالوا قد خلقه خارج ذاته فقد اعترفوا بالحق الذي أنكروه وهو أن الله خارج عن هذا العالم وفوقه ولأن الله تعالى موجود في الخارج , والموجود في الخارج لا بد إما أن يكون داخلاً في هذا الكون أو أن يكون خارجاً عنه وكذا إما أن يكون متصلاً بالعالم أو منفصلاً عنه . أما أن يكون بحيث لا يكون لا داخل في العالم ولا خارجاً عنه فهذا شيء مخالف لبداهة العقول([17]) . ولتحقيق أن قول صاحب كتاب حسن المحاججة مخالف لبداهة العقل الصريح – يقول الإمام ابن القيم : وسل المعطل عن مسائل خمسة *** تردى قواعده من الأركان قل للمعطل هل الهنا الـ *** معبود حقا خارج الأذهان فإذا نفى هذا فذاك معطل *** للرب حقا بالغ الكفران وإذا أقر به فسله ثانياً *** أتراه غير جميع ذى الأكوان فإذا نفى هذا وقال بأنه *** هو عينها ما ههنا غيران فقد ارتدى بالاتحاد مصرحا *** بالكفر جاحد ربه الرحمن حاشا النصارى أن يكونوا مثله *** وهم الحمير وعابدوا الصلبان هم خصصه بالمسيح وأمه *** وأولاء ما صانوه عن حيوان وإذا أقر بأنه غير الورى *** عبد ومعبود هما شيئان فاسأله هل هذا الورى في ذاته *** أم ذاته فيه هنا أمران وإذا أقر بواحد من ذينك الـ *** أمرين قبل خده النصراني ويقول أهلا بالذي هو مثلنا *** خشداشنا وحبيبنا الحقاني وإذا نفى الأمرين فاسأله إذا *** هل ذاته استغنت عن الأكوان فلذاك قام بنفسه أم قام بالـ *** أعيان كالأعراض والأكوان فإذا أقر وقال : بل هو قائم *** بالنفس فاسأله وقل ذاتان إلى آخر كلامه القيم رحمه الله تعالى([18]) . فيقال لصاحب كتاب حسن المحاججة وأمثاله : هل الله تعالى عندكم موجود ذهني أم موجود خارجي ؟ فإن قلتم : هو موجود وبوجود خارجي , نقول لكم : هل الله تعالى عين هذا الكون أم غيره . فإن قلتم : هو عين هذا الكون – فقد بحتم بعقيدة الاتحادية . وإن قلتم : هو غير هذه الأكوان : نقول لكم : هل الله تعالى في هذه الأكوان أم الأكوان في الله تعالى أم الله تعالى خارج عن هذه الأكوان ؟ فإن قلتم : إن الله في هذه الأكوان , فقد قلتم بعقيدة الحلولية , الذي هم أكفر من النصارى . وإن قلتم : إن الأكوان في الله تعالى فقد ارتكبتم كفراً آخر حيث جعلتم الله محلاً للمخلوقات وطرفا لها . وإن قلتم : إن الله تعالى خارج عن هذه الأكوان فقد اعترفتم بالحق وهدمتم بنيانكم . وإن قلتم : إن الله تعالى لا داخل العالم ولا خارجه – فقد كابرتم بداهة العقول وخالفتم العقل والنقل والإجماع والفطرة في آن واحد , والله المستعان وعليه التكلان . هذا وللإمام ابن أبي العز الحنفي ( 792هـ ) والمفسر الآلوسي ( 1270هـ ) , وابنه نعمان الآلوسي (1317هـ ) وحفيده محمود شكري الآلوسي ( 1342هـ ) كلام قيم مهم إلى الغاية في إبطال قول القائلين بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه وقطع دابرهم وبيان أنهم مناقضون للنقل والعقل وأن قولهم هذا مخالفة لبداهة العقول الضرورية , وأنه ( قد علم العقلاء ملهم بالضرورة : أن ما كان وجوده كذلك – أي خارج الأذهان في الواقع – فهو إما داخل العالم وإما خارج عنه , وإنكار ذلك إنكار ما هو أجلى وأظهر من الأمور البديهيات الضرورية بلا ريب )([19]) . -------------------------------------------------------------------------------- (أ) هذا الفصل نقلا عن كتاب (نقض قول الفلاسفة في دعواهم أن الله لا داخل العالم ولا خارجه )للدكتور محمد بن عبدالرحمن الخميس بتصرف يسير. [1] ) رواه اللالكائي فيشرح أصول الاعتقاد 3/432-433 , وانظر الحموية 54 ومجموع الفتاوى 5/50 . [2] ) انظر الرد على الجهمية للإمام أحمد 105-106 . [3] ) درء التعارض 6/118-119 , ومجموع الفتاوى 5/317 , وبيان تلبيس الجهمية . [4] ) درء التعارض 6/118-119 , ومجموع الفتاوى 5/317 , وبيان تلبيس الجهمية . [5] ) هكذا في الأصول , ولعل الصواب : ( وخرج ) من اللازم لا من المتعدي . [6] ) درء التعارض 6-119-121 , ومجموع الفتاوى 5/317-319 , والصواعق المرسلة 4/1241 , واجتماع الجيوش 282-283 من كتاب " المجرد " لابن فورك . [7] ) مجموع الفتاوى 3/37 , درء التعارض 6/253 , والصواعق المرسلة 4/1287 . [8] ) الزيادة مني للإيضاح . [9] ) الزيادة من الصواعق المرسلة 4/1289 , ولم أجدها في التمهيد المطبوع . [10] ) التمهيد لابن عبد البر 7/145 . [11] ) هكذا في الأصل ولم أجد مادة ( ضعن ) في اللغة , بالضاد المعجمة والعين المهملة ولعله ( ظاعن ) بالظاء المعجمة والعين المهملة , بمعنى ( السير ) أو ( ضاغن ) بالضاد والغين المعجمتين , بمعنى الميل راجع القاموس 1564 , 1566 . [12] ) انظر مجموع الفتاوى 5/267-320 . [13] ) العلو 107 , 195 , ومختصر العلو 146-147 , 287 . [14] ) النوينة 55 وشرحها توضيح المقاصد 1/386-389 , وشرحها للهراس 1/176-177 , وتوضيح الكافية الشافية للسعدي 58 . [15] ) الرسالة الأضحوية في أمر المعاد 44-51 تحقيق سليمان دنياط , دار الفكر العربي بالقاهرة , مطبعة الاعتماد بمصر 1368هـ , 1949 الطبعة الأولى , والرسالة الأضحوية 97-103 تحقيق حسن عامي ط. الموسوعة الجامعية للدراساة – بيروت الطبعة الثانية 1407 هـ , 1987 , وانظر نص ابن سينا في درء التعارض 510-18 , والصواعق المرسلة 3/1097-1105 , ومختصر الصواعق 1/154-156 . [16] ) مجموع الفتاوى 3/39-40 , 4/60-61, ونقض المنطق 51 , والقصيدة النونية 55 , وتوضيح المقاصد 1/386/389 , وتوضيح الكافية 58-59 , وشرح الهراس للنونية 1/176-177 . [17] ) انظر الصواعق المرسلة 4/1241-1422 , 1279-1309 , 339 , وانظر الرد على الجهمية للإمام أحمد 138-139 , ومجموع الفتاوى 5/267-320 , والقصيدة النونية 54-55 , 56 , 57 , وتوضيح المقاصد 1/385-386 , وشرحها للهراس 1/173-176 . [18] ) القصيدة النونية 56-57 , وشرحها توضيح المقاصد 1/393-396 , وشرح النونية للهراس 1/181-184 . [19] ) شرح الطحاوية 318-319 , 325 , روح المعاني 7/115 , وجلاء العينين 356-357 , 387-388 , وغاية الأماني 1/445 . |
|||
2010-09-30, 13:37 | رقم المشاركة : 84 | |||
|
الرد من قال: الله في كل مكان. قال الإمام أحمد رحمه الله( فقلنا لهم أنكرتم أن يكون الله على العرش وقد قال تعالى(الرحمن على العرش استوى) طه وقال (خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش) يونس فقالوا هو تحت الأرض السابعة كما هو على العرش وفي السموات وفي الأرض وفي كل مكان ولا يخلو منه مكان ولا يكون في مكان دون مكان وتلوا آية من القرآن (وهو الله في السموات وفي الأرض) الأنعام فقلنا قد عرف المسلمون أماكن كثيرة ليس فيها من عظم الرب شيء فقالوا أي مكان فقلنا أجسامكم وأجوافكم وأجواف الخنازير والحشوش والأماكن القذرة ليس فيها من عظم الرب شيء وقد أخبرنا أنه في السماء فقال (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) الملك (أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا) الملك وقال (إليه يصعد الكلم الطيب) فاطر وقال (إني متوفيك ورافعك إلي) آل عمران وقال (بل رفعه الله إليه) النساء ، وقال (وله من في السموات والأرض ومن عنده) الأنبياء وقال (يخافون ربهم من فوقهم) النحل وقال (ذي المعارج) المعارج وقال (وهو القاهر فوق عباده) الأنعام وقال (وهو العلي العظيم) البقرة، فهذا خبر الله أخبرنا أنه في السماء ووجدنا كل شيء أسفل منه مذموما يقول الله جل ثناؤه (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) النساء (وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين) فصلت ، وقلنا لهم أليس تعلمون أن إبليس كان مكانه والشياطين مكانهم فلم يكن الله ليجتمع هو وإبليس في مكان واحد وإنما معنى قول الله جل ثناؤه (وهو الله في السموات وفي الارض) يقول هو إله من في السموات وإله من في الأرض وهو على العرش وقد أحاط علمه بما دون العرش ولا يخلو من علم الله مكان ولا يكون علم الله في مكان دون مكان فذلك قوله (لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما) الطلاق.ومن الإعتبار في ذلك: لو أن رجلا كان في يديه قدح من قوارير صاف وفيه شراب صاف كان بصر ابن آدم قد أحاط بالقدح من غير أن يكون ابن آدم القدح فالله وله المثل الأعلى قد أحاط بجميع خلقه من غير أن يكون في شيء من خلقه. وخصلة أخرى: لو أن رجلا بنى دارا بجميع مرافقها ثم أغلق بابها وخرج منها كان ابن آدم لا يخفى عليه كم بيت في داره وكم سعة كل بيت من غير أن يكون صاحب الدار في جوف الدار فالله وله المثل الأعلى قد أحاط بجميع خلقه وعلم كيف هو وما هو من غير أن يكون في شيء مما خلق قالوا إن الله معنا وفينا فقلنا الله جل ثناؤه يقول (ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض) المجادلة ثم قال (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم -يعنى الله بعلمه- ولا خمسة إلا هو -يعني الله بعلمه- سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا وهو معهم -يعني بعلمه فيهم- أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم) المجادلة، يفتح الخبر بعلمه ويختم الخبر بعلمه ويقال للجهمي إن الله إذا كان معنا بعظمة نفسه فقل له هل يغفر الله لكم فيما بينه وبين خلقه فإن قال نعم فقد زعم أن الله بائن من خلقه دونه وإن قال لا كفر ، إذا أردت أن تعلم أن الجهمي كاذب على الله حين زعم أن الله في كل مكان ولا يكون في مكان دون مكان فقل أليس الله كان ولا شيء فيقول نعم فقل له حين خلق الشيء خلقه في نفسه أو خارجا من نفسه فإنه يصير إلى ثلاثة أقوال لا بد له من واحد منها: 1إن زعم أن الله خلق الخلق في نفسه كفر حين زعم أن الجن والإنس والشياطين في نفسه . 2 وإن قال خلقهم خارجا من نفسه ثم دخل فيهم كان هذا كفرا أيضا حين زعم أنه دخل في مكان وحش قذر رديء . 3وإن قال خلقهم خارجا من نفسه ثم لم يدخل فيهم رجع عن قوله أجمع وهو قول أهل السنة. إذا أردت أن تعلم أن الجهمي لا يقر بعلم الله فقل له الله يقول (ولا يحيطون بشيء من علمه) البقرة وقال (لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه) النساء وقال (فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله) هود قال (وما تخرج من ثمرات من أكمامها وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه) فصلت فيقال له تقر بعلم الله هذا الذي وقفك عليه بالأعلام والدلالات أم لا، فإن قال ليس له علم كفر، وإن قال لله علم محدث كفر حين زعم أن الله قد كان في وقت من الأوقات لا يعلم حتى أحدث له علما فعلم، فإن قال لله علم وليس مخلوقا ولا محدثا رجع عن قوله كله وقال بقول أهل السنة وهذا على وجوه: قال الله جل ثناؤه لموسى (إنني معكما طه يقول في الدفع عنكما وقال (ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) التوبة يقول في الدفع عنا وقال (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين) البقرة يقول في النصر لهم على عدوهم وقال (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم) محمد في النصر لكم على عدوكم وقال (ولا يستخفون من الله وهو معهم) النساء يقول بعلمه فيهم وقال (فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين) الشعراء يقول في العون على فرعون فلما ظهرت الحجة على الجهمي بما ادعى على الله أنه مع خلقه قال هو في كل شيء غير مماس لشيء ولا مباين منه فقلنا إذا كان غير مباين أليس هو مماس قال لا قلنا فكيف يكون في كل شيء غير مماس لشيء ولا مباين فلم يحسن الجواب فقال بلا كيف فيخدع جهال الناس بهذه الكلمة وموه عليهم فقلنا له أليس إذا كان يوم القيامة أليس إنما هو في الجنة والنار والعرش والهواء قال بلى فقلنا فأين يكون ربنا فقال يكون في كل شيء كما كان حين كان في الدنيا في كل شيء فقلنا فإن مذهبكم إن ما كان من الله على العرش فهو على العرش وما كان من الله في الجنة فهو في الجنة وما كان من الله في النار فهو في النار وما كان من الله في الهواء فهو في الهواء فعند ذلك تبين كذبهم على الله جل ثناؤه.)) كتاب الرد على الجهمية والزنادقة. |
|||
2010-10-01, 21:49 | رقم المشاركة : 85 | |||
|
فصل تعقيبات على بعض تفسيرات الإمامين النووي وابن حجر إنّ الذي دعاني إلى عقد هذا الفصل هو أنني رأيت كثيراً من أهل الكلام يتمسكون ببعض زلات كبار الحفاظ والعلماء خاصة الحافظ النووي وابن حجر رحمهما الله لأن هؤلاء قد وقعوا في بعض الأخطاء في تفسير آيات الصفات فتمسك بها الكثير من الجهمية واعتبروها حجة بالغة يوالون ويعادون عليها ,وكلما جئتهم بالنصوص الناقضة لكلامهم يأتوك بكلام النووي وابن حجر فمن أجل هذا وذاك ارتئيت أن أنقل تعقيبات أهل العلم لما وقع فيه الحافظين من أخطأء في المسألة كسرا لحاجز العصمة الذي أصبح عائق كبيرا يحول بين الجهمية وبين الرجوع إلى الحق ,وقبل أن أنقل تعقيبات أهل العلم لا بد من مسألة مهمة ألا وهي: أن هناك فرقا بين إنسان جعل التأويل الباطل منهجا وطريقة يناضل ويجادل عليه، وبين عالم أخطا خطأ وزل زلة؛ فالأول جعل التأويل الفاسد عقيدة يسير عليها، ونبذ الكتاب والسنة وراء ظهره، ولم يرجع إلى فهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين كي يعينو على فهم النصوص، ولم يتحر الصواب في الوصول إلى الحق، إنما لجأ في تحرير المسائل إلى فهوم علماء الكلام والضلال؛ كالجعد بن درهم، والجهم بن صفوان، والمريسي، والرازي، وجهمي العصر الكوثري؛ فمثل هذا يلحق بأحد الطوائف المبتدعة أو المارقة، والثاني لا يرى التأويل الباطل ولا التحريف مطلقا، ويتوخى الحق، ويستعين على فهم الكتاب والسنة بعلوم السلف وفهومهم، ولكنه زل زلة، فأول آية أو حديثا؛ لشبهة قامت عنده: إما لضعف الحديث عنده، وإما لعدم فهمه للمسألة على وجهها، وإما لغير ذلك؛ ففي هذه الحالة خطؤه مغفور له، ولكن يجتنب خطؤه ويبين، ولا يتابع عليه؛ لأنه ليس كل من أخطأ يكون كافرا أو مبتدعا؛ فقد عفا الله لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان. قال الذهبي في ((سير أعلام النبلاء)) في ترجمة ابن خزيمة (14/ 376): ((ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه وتوخيه لإتباع الحق أهدرناه وبدعناه؛ لقل من يسلم من الأئمة معنا)). وهذا ظاهر، وكلام علماء السلف يدل على ذلك. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية(((( إذا رأيت المقالة المخطئة قد صدرت من إمام قديم، فاغتفرت لعدم بلوغ الحجة له، فلا يغتفر لمن بلغته الحجة ما اغتفر للأول، فلهذا يبدع من بلغته أحاديث عذاب القبر ونحوها إذا أنكر ذلك ، ولا تبدع عائشة ونحوها ممن لم يعرف بأن الموتى يسمعون في قبورهم ، فهذا أصل عظيم، فتدبره فغنه نافع )) . وقال بعد أن ذكر الفرقة الناجية واعتقادها، والدليل على نجاتها : (( وليس كل من خالف في شيء من هذا الاعتقاد يجب أن يكون هالكاً، فإن المنازع قد يكون مجتهداً مخطئاً يغفر الله خطأه ،وقد لا يكون بلغه في ذلك من العلم ما تقوم به عليه الحجة )) . وأوضح أنه ربما يكون العالم من المتأولين ومن أهل الاجتهاد، ومن ذوي فضل وصلاح ن وحرص على إتباع الشريعة ، واقتفاء آثار الرسول ، ولكنه أخطأ في فهم النصوص، وغلط في اجتهاده ،ن ووهم فيما ذهب إليه من تأويل ، وبين أن هذا الصنف مأجور ومعذور، ولكن لا يجوز إتباعه في غلطه، فقال : (( فمن ندب إلى شيء يتقرب به إلى الله، أو أوجبه بقوله أو بفعله من غير أن يشرعه، فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله ، ومن اتبعه في ذلك فقد اتخذه شريكاً لله ، شرع ما لم يأذن به الله، نعم، قد يكون متأولاً في هذا الشرع ن فيغفر له لأجل تأويله،إذا كان مجتهداً الاجتهاد الذي يعفي معه عن المخطئ ، ويثاب أيضاً على اجتهاده ، لكن لا يجوز إتباعه في ذلك ، كما لا يجوز إتباع سائر من قال أو عمل قولاً أو عملاً قد علم الصواب في خلافه، وإن كان القائل أو الفاعل مأجوراً أو معذوراً)). ومع هذا فلا يتساوى من وقع في شيء من هذا لسبب من الأسباب،فقد يُغظُ على بعض دون بعض ، وهذا ما استخرجه شيخ الإسلام باستقراء النصوص الشرعية، والأحوال السلفية، وخلص إلى القول: (( فإذا رأيت إماماً قد غلظ على قائل مقالته أو كفرهن فلا يعتبر هذا حكماً عاماً في كل من قالها، إلا إذا حصل فيه الشرط الذي يستحق به التغليظ عليه ، والتكفير له )) . فمن سوّى بين الأول والثاني؛ فقد جار في حكمه، ولم يعدل في قوله؛ فكيف يسوى بين رجلين: أحدهما: تحرى الحق والصواب، واجتهد في ذلك، مع حسن قصده، ولم يصبه؛ لشبهة قامت عنده. والآخر: نظر في كلام المتكلمين واتبعه، وأخذ يجادل عن الباطل، ونبذ نصوص الكتاب والسنة وراء ظهره؛ فالمعروف عنده الرد على علماء السلف وتسفيههم والطعن فيهم، وبيّن له الحق والصواب ولم يرجع، وأنكر أمورا معلومة من الدين بالضرورة، وكثر عثاره، وطال شقاقه وعناده، وكثر تحريفه للنصوص وجداله، ويسب علماء السلف وخيار هذه الأمة، ويسمي التوحيد شركا والشرك توحيدا؟! فمن سوى بين من كانت هذه حاله وبين الأول؛ فقد أبعد النجعة، وقفا ما لا علم له به، وخالف الكتاب والسنة، وما عليه سلف الأمة وأئمتها. |
|||
2010-10-01, 21:50 | رقم المشاركة : 86 | |||
|
تعقيبات على الإمام النووي رحمه الله(أ): قال الإمام النووي فى شرح قول النَّبي صلى الله عليه و سلم للجارية : (( أين الله ؟)) . فقالت : في السماء . قال : (( من أنا ؟)). قالت : أنت رسول الله . قال : (( أعتقها فإنها مؤمنة (1) )) قال ما نصه ( 5 / 24-25 ) : (( هذا الحديث من أحاديث الصفات ، و فيها مذهبات تقدم ذكرهما مرات فى كتاب الإيمان : أحدهما: الإيمان به من غير خوض فى معناه : مع اعقاد أن الله - تعالى - ليس كمثله شىء ، و تنزيهه عن سمات المخلوقات . هل هي موحدة تقر بأن الخالق المدبر الفعال هو الله و حده ، و هو الذي إذا دعاهُ الداعي استقبل السماء ، كما إذا صلى المصلي استقبل الكعبة و ليس ذلك لأنه منحصر فى السماء كما أنه ليس منحصراً فى جهة الكعبة : بل ذلك لأنَّ السَّماي قبلة الدَّاعين ، كما أنَّ الكعبة قبلة المصلِّين ، أو هيَ من عبدة الأوثان العابدين للأوثان التي بيم أيديهم ؟ فلمَّا قالت : في السماء ، أنَّها موحَّّدة , و ليست عابدة للأوثان (2) . قال القاضي عياض : لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم و محدِّثهم و متكلِّمهم و نظَّارهم و مقلِّدهم أن الظَّواهر الواردة بذكر الله فى السماء , كقوله تعالى : (( أأمنتم من في السماء أني يخسف بكم الأرض )) ( 3) و نحوه ، ليست على ظاهرها , لا متأوَّولة عند جميعهم , فمن قال بإثبات جهة فوق من غير تحديد ولا تكييف من المحدِّثين و الفقهاء و المتكلِّمين و أصحاب التنزيه بنفي الحج و استحالة الجهة فى حقه سبحانه و تعالى ، تأولها تأويلات بحسب مقتضاها و ذكر نحو ما سبق . قال : و يا ليت شعري ! ما الذي جمع أهل السنة و الحق كلهم على وجوب الامساك عن الفكر فى الذات كما أمروا ، و سكتوا لحيرة العقلو و اتفقوا على تحريم التكييف و التشكيل ؟، و أن ذلك من وقوفهم و إمساكهم غير شاك في الوجود و الموجود ، و غير قادح فى التوحيد , بل هو حقيقته ثم تسامح بعضهم بإثبات الجهة حاشياً من مثل هذا التسامح و هل بين التكييف و إثبات الجهات فرق ؟ لكن إطلاق ما أطلقه الشرع من أنه ( القاهر فوق عباده ) (4) و أنه استوى على العرش، مع التمسك بالآية الجامعة للتَّنزيه الكُلي الذي لا يصح فى المعقول غيره و هو قوله تعالى : (( ليس كمثله شيء )) عصمة لمن وفقه الله - تعالى - و هذا كلام القاضي - رحمه الله تعالى - )) . التعقيب: تصرف النووي - رحمه الله - فى كلام القاضي عياض ، و هذا نص كلام القاضي عياض بحروفه : (( و المسألة بالجملية ، و إن كان تساهل في الكلام فيه بعض الأشياخ المقتدى بهم من الطائفتين ، فيه من معوصات مسائل التوحيد ، ويا ليت شعري ما الذي جمع أراء كافة أهل السنة و الحق على تصويب القول بوجوب الوقوف عن. لتفكر فى الذات كما أمروا ، و سكتوا لحيرة العقول و هناك , و سلموا , و أطبقوا على تحريم التكييف و التخييل و التشكيل , و أن ذلك من وقوفهم و حيرتهم غر شك فى الوجود أو جهل بالموجود , و غير قادح فى التوحيد , بل هو حقيقة عندهم ,ثم تسانح بعضهم فى فصل منه بالكلام في إثبات جهة تخصه أو يشار إليه بحيز يحاذيه ، و هل بين التكييف من فرق , أو بين التحديد فى الذات و الجهات من بون ، لكن إطلاق ما أطلقه الشرع من أنه (( القاهر فوق عباده )) و أنه استوى على عرشه ، مع التمسك بالآية الجامعة للتنزيه الكلي الذي لا يصح فى معقول سواه (( لأيس كمثله شىء و هو السميع البصير )) عصمة لمن وفقه الله - تعالى - و هداه )) (5) و قد و قع فى كلام النووي ما يستحق أن يقف عنده ، و أن يُنبه إله الطلبة ،فهذه مسألة من المسائل المهمة التي ينبغي أن تكون واضحة وضوح الشمس من غير أدنى لبس أو عموض ، و الكلام المذكور آنفا لا يفي بشىء من ذكل ، بل عليه مؤاخذات ، و لما كان هذا الشرح سار فى الاقطار ، فى سائر الاعصار , لا بد من الوقوف على ما في هذا الكلا لمناصرة الحق ، و الوقوف على العقيدة السلفية فنقول : أولاً : قول النووي (( من غير خوض فى معناه )) ليس مذهب السلف و إنما السلف يعلمون المعنى و يمسكون عن الخوض فى الكيفية ، و ما رآه النووي من أن مذهب السلف هو تفويض المعني ليس بصحيح كما بيناه فى الباب الأول . ثانياً : قوله نقلاً عن القاضي عياض : (( إن الظواهر الواردة بذكر الله - تعالى - فى السماء .... ليست على ظاهرها بل متأولة عند جميعهم ، فمن قال بإثبات جهة فوق من غير تحيد ولا تكييف من المحدثين و الفقهاء و المتكلمين تأول (( فى السماء )) أي : على السماء )) فما ينبغي أن يذكر هنا : الفرق الكبير بين تفسير السلف الذي هو عين مقتضى اللفظ و تأويل الخلف المخالف لمقتضى اللفظ ، فالتفصير المذكور ، أعني (( على السماء )) هو التفسير السلفي للآية ، و ليس فيه إخراج للفظ عن ظاهره , و هو المراد من قوله صلى الله عليه و سلم (( ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء )) (6) فكما هو مقرر في الأذهان ، و مشاهد في العيان أن الناس على الأرض ، و هو المراد من قوله صلى الله عليه و سلم : (( ارحمو من في الأرض )) فكذلك المراد من قوله (( يرحمكم من في السماء )) فتأمل ولا تكن من الغافلين . ثالثاً : تفرقة النووي بين قبلة الداعي و قبلة المصلي مما لا دليل عليه ، فلا قبلة للمسلم إلا واحدة و حمله جواب الجارية لرسول الله صلى الله عليه و سلم و قولها : (( في السماء )) على قبلة الداعين بعيد ، يعوزه الدليل(وقد تقدم الرد على هذا التفريق) . رابعاً : عقيدة السلفة القائمة على الكتاب و السنة : أن الله - عز و جل - مستو على عرشه ، بائن من خلقه ، أخبر الله - عز و جل - بذلك فى مواضع كثيرة من القرآن الكريم , منها : قوله تعالى : (( ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيراً )) (7) . فان هذه الآية تدل دلالة واصحة أن الله وصف نفسه بالاستواء ، خبير بما وصف به نفسه ، لا تخفى عليه الصفة اللائقة من غيرها ، و يفهم منه أن الذي ينفي عنه صفة الاستواء ليس بخبير ، نعم ، و اله هو ليس بخبير (8) . و الادلة النقلية العقلية على هذه المسألة كثيرة و شهيرة ، و نقول السلف حافلةبها ، و هذه الأدلة و النقول مسطرة في كتب التوحيد (9) ، و أخص منها : ما كتب مفرداً في هذا الباب(10) ، من مثل كتاب الامام الذهبي (( العلو للعلي الغفار )) وكتاب ابن قدامة المقدسي (( إثبات صفة العلو )) و كتاب ابن القيم (( اجتماع الجيوش الاسلامية )) فإنه ألفه للرد على من أول الاستواء بمعني يخالف ما عليه سلف الأمة ، من مثل المعتزل و الجهمية ، و من سار على منهجهم فى التأويل خامساً : و من بين الأمور التي وقعت في كلام الإمام النووي السابق و تحتاج إلى توضيح نسبة الجهة و المكان لله - عز و جل- ولإزالة الغموض في هذه المسألة ، أحب أن أبين ما يلي : أن لفظ الجهو فيه إجمال و تفصيل ، فنحن نوافق على نفيه عن الله - تبارك و تعالى - و من وجه آخر ، ذلك أنه قد يراد بنفي الجهة أن الله - سبحانه و تعالى - منزه عن أن يكون في شيء من مخلوقاته ، و إن كان المقصود بنفي الجهة العدمية التي هي عبد عن أن اله - سبحانه و تعالى - فوق خلقه فهذا الامر مرفوض تماماً لأنه لا يجوز أن يقال أن - سبحان و تعالى - ليس فى جهة قصد نفي علوه و فوقيته على خلقه ، و بناء على ما تقدم فإن الجهة قسمنا : الأول : جهة يجب أن ينز الله - تبارك و تعالى - عنها و هي هذا العالم الوجودي فأن الله - تبارك و تعالى - ليس حالاً في شىء من مخلوقاته ، و على هذا مضى سلف الأمة الثاني : جهة ثانية و هي عدم محض ، و هي ما فوق العالم ، فإثبات جهة لله تبارك و تعالى بمعنى أنه فوق العالم مستو على عرشه بائن من خلقه فهذا واجب شرعاً ، مع مراعاة عدم التشبيه و التكييف ، لأن هذه الجهة ثابتة لله تبارك و تعالى بما تواتر من نصوص القرآن الكريم و السنة المطهرة و إجماع سلف الأمة ، بل جميع الاديات السمواي و الكتب المنزل ، فمن قال أن الله تبارك و تعالى فوق العالم لم يقل بجهة وجودية بل بجهة عدمية أثبتها الشرع , و أثبتتها الفطرة , و أثبتها العقل كذلك . يقول شيخ الاسلام ابن تيمية موضحاً هذا المعنى : (( فإذا كان سبحان فوق الموجودات كلها ، و هو غني لم يكن عنده جهة وجودية يكون فيها فضلاً عن أن يحتاج إليها ، و إن أريد بالجهة ما فوق العالم ليس بشىء ولا هو أمر وجودي ، و هؤلاء أخذوا لفظ الجهة بالاشتراك ، و توهموا و أوهموا إذا كان فى جهة كان في شىء غيره ، كما يكون الأنسان في بيته ، ثم رتبوا على ذلم أن يكون الله محتاجاً إل غيره والله تعالى غني عن كل ما سواه )) (11) وجملة القوة في الجهة إن أريد بها أمر وجودي فهذا ينبغي نفيه لأن الله تبارك و تعالى لا يحصره ولا يحيط به شيء من خلقه ، فهو سبحانه و تعالى فوق عرشه بائن من خلقه و هو معهم بعلمه ، و إن أريد بالجهة أمر عدمي و هو ما فوق العالم فهذا ينبغي اثباته لأنهي ليس هنالك فوق العالم إلا الله و حده . ----------------- (أ) التعقيب على النووي نقلته عن كتاب ((الردود والتعقيبات على ما وقع للإمام النووي في شرح صحيح مسلم من التأويل في الصفات وغيرها من المسائل المهمات )) للشيخ مشهور حسن آل سلمان . (1) خرجته و بينت طرقه فى تعليقي على رسالة ابن رشد (( الرد على من ذهب إلى تصحيح علم الغيب من جهة الخط )) ( 23 - 30 )) (2) هذا معنى كلام المازري فى (( المعلم )) ( 1/ 275- 276) (3) الملك : 16 (4) الأنعام 18 ، 61 (5) (( إكمال العلم )) ( ق 206 /ب). (6) الحديث صحيح راجع (( السلسلة الصحيحة )) رقم ( 920) (7) الفرقان : (59) (8) (( منهج و دراسات لآيات الصفات )) (26). (9) من مثل : (( إبطال التأويلات )) ( 1/232) لأبي يعلي الفراء ، و (( التوحيد )) (101) لبن خزيمة و (( الرد على الجهمية )) (18 ) لعثمان بن سعيد الدرامي ، و (( شرح أصول اعتقاد أهل السنة )) ( 3 / 387و ما بعدها ) للالكائي و (( الابانة )) (36) لأبي الحسن الأشعري ، و (( مختصر الصواعق المرسلة )) (2/126 ) لابن القيم , و (( درء تعارض العقل و النقل )) ( 6 / 258 ) لابن تيمية و كتبه حافلة في بيان هذه المسألة و (( التمهيد )) ( 7 /128) لابن عبد البر القرطبي و (( عقيدة عبد الغني المقدسي )) (40) و (( شرح العقيدة الطحاوية )) 325) ، و غيره كثير (10) و قد صنف فيها كثير من المحدثين مثل : أسامة القصاص - رحمه الله تعالى - و عبد الله السبت ، و الأخ سليم الهلالي و عوض منصور (11) انظر (( نقض تأسيس الجهمية )) ( 1/ 520 ) و (( التدمرية )) ( ص 45 ) ،و (( مختصر العلو )) ( 286 - 287 ) ، و (( منهاج الأدلة )) ( 178 ) , و (( البيهقي و موقفه من الألهيات )) ( 353 ) و (( ابن جرير و دفاعه عن عقيدة السلف )) ( 475 - 476 ) |
|||
2010-10-01, 22:29 | رقم المشاركة : 87 | |||
|
تعقيبات على الحافظ ابن حجر: 1 - قال الحافظ في المقدمة ص 136 : قـــوله " استوى على العرش " هو من المتشابه الذي يفوض علمه إلى الله تعالى ، ووقع تفسيره في الأصل .اهـ التعقيب: قال الشيخ البراك : قولــه : " هو من المتشابه ... الخ " إن أراد ما يشتبه معناه على بعض الناس فهذا حق ؛ فإن نصوص الصفات ومنها الاستواء قد خفي معناها على كثير من الناس ، فوقعوا في الاضطراب فيها وعلِم العلماء من السلف وأتباعهم معانيها المرادة منها، فأثبتوها، وفوضوا علم حقائقها وكيفياتها إلى الله تعالى؛ كما قال الإمام مالك وشيخه ربيعة لما سـئل عن الاستواء: " الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب" وهذه قاعدة يجب اتباعها في جميع صفات الله تعالى ، وقد فسر السلف الاستواء: بالعلو والارتفاع والاستقرار. وإن أراد بالمتشابه: (ما لا يفهم معناه أحد، فيجب تفويض علم معناه إلى الله تعالى) فهذا قول أهل التفويض من النفاة المعطلة ، وهو باطل؛ لأنه يقتضي أن الله سبحانه خاطب عباده بما لا يفهمه أحد ، وهذا خلاف ما وصف الله به كتابه من البيان والهدى والشفاء. وهذا الاحتمال الثاني هو الذي يقتضيه سياق الحافظ عفا الله عنه. 2-قال الحافظ ابن حجر 1/508: "وفيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته " [أي:حديث : إن ربه بينه وبين القبلة] التعقيب: قال الشيخ البراك : وقوله: "وفيه الرد على من زعم أنه على العرش بذاته...الخ": هذا صريح في أن الحافظ ـ عفا الله عنه ـ ينفي حقيقة استواء الله على عرشه ؛ وهو علوه وارتفاعه بذاته فوق عرشه العظيم. وهذا مذهب المعطلة من الجهمية والمعتزلة، بل ومذهب كل من ينفي علو الله على خلقه؛ ومنهم الماتريدية ومتأخرو الأشاعرة ؛ وهو مذهب باطل مناقض لدلالة الكتاب والسنة والعقل والفطرة. ومذهب سلف الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة الدين وجميع أهل السنة والجماعة: أن الله عز وجل فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه؛ أي ليس حالاً في مخلوقاته، ولا ينافي ذلك أنه مع عباده أينما كانوا، وأنه تعالى يقرب مما شاء متى شاء كيف شاء. وكذلك لا ينافي علوه واستواؤه على عرشه ما جاء في هذا الحديث من أنه سبحانه قِِبل وجه المصلي، أو بينه وبين القبلة؛ فالقول فيه كالقول في القرب والمعية؛ كل ذلك لا ينافي علوه ولا يوجب حلوله تعالى في شيء من المخلوقات؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: "ولا يحسب الحاسب أن شيئا من ذلك يناقض بعضه بعضا ألبتة; مثل أن يقول القائل: ما في الكتاب والسنة من أن الله فوق العرش يخالفه الظاهر من قوله: { وهو معكم أين ما كنتم }، وقوله صلى الله عليه وسلم: { إذ قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه }، ونحو ذلك؛ فإن هذا غلط؛ وذلك أن الله معنا حقيقة وهو فوق العرش حقيقة كما جمع الله بينهما في قوله سبحانه وتعالى: { هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بماتعملون بصير }؛ فأخبر أنه فوق العرش يعلم كل شيء وهو معنا أينما كنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الأوعال: { والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه }؛ وذلك أن كلمة (مع) في اللغة إذا أطلقت فليس ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين أو شمال، فإذا قيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى؛ فإنه يقال: ما زلنا نسير والقمر معنا أو والنجم معنا، ويقال: هذا المتاع معي لمجامعته لك; وإن كان فوق رأسك. فالله مع خلقه حقيقة وهو فوق عرشه حقيقة.... وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: { إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه فلا يبصق قبل وجهه } الحديث. حق على ظاهره وهو سبحانه فوق العرش وهو قبل وجه المصلي، بل هذا الوصف يثبت للمخلوقات؛ فإن الإنسان لو أنه يناجي السماء أو يناجي الشمس والقمر لكانت السماءوالشمس والقمر فوقه وكانت أيضا قبل وجهه. وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل بذلك - ولله المثل الأعلى - ولكن المقصود بالتمثيل بيان جواز هذا وإمكانه، لا تشبيه الخالق بالمخلوق؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: { ما منكم من أحد إلا سيرى ربه مخليا به} فقال له أبو رزين العقيلي: كيف يا رسول الله وهو واحد ونحن جميع ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : {سأنبئك بمثل ذلك في آلاء الله؛ هذا القمر: كلكم يراه مخليا به وهو آية من آيات الله ; فالله أكبر } أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم". [مجموع الفتاوى 5 / 102 – 107 باختصار]. 3-قال الحافظ 6 / 291 على حديث رقم ( 3194) قوله: ( فهو عنده فوق العرش ) ، قيل: معناه دون العرش، وهو كقوله تعالى: " بعوضة فما فوقها " والحامل على هذا التأويل استبعاد أن يكون شيء من المخلوقات فوق العرش، ولا محذور في إجراء ذلك على ظاهره؛ لأن العرش خلق من خلق الله. ويحتمل أن يكون المراد بقوله: " فهو عنده " أي ذكره أو علمه، فلا تكون العندية مكانية، بل هي إشارة إلى كمال كونه مخفيًا عن الخلق مرفوعًا عن حيز إدراكهم ". التعقيب: قال الشيخ البراك : ما نقله الحافظ في شرح هذا الحديث تخبط الحامل عليه نفي علو الله بذاته على خلقه واستوائه على عرشه؛ فإن من ذهب إلى ذلك من الأشاعرة وغيرهم ينفون عن الله عز وجل عندية المكان، فليس بعض المخلوقات عنده دون بعض لأنه تعالى بزعمهم في كل مكان فلا اختصاص لشيء بالقرب منه، فلذا يتأولون كل ما ورد مما يدل ظاهره على خلاف ذلك؛ كقوله تعالى: "إن الذين عند ربك"، وكقوله في هذا الحديث: " فهو عنده فوق العرش"، فجرهم الأصل الفاسد إلى مثل هذه التأويلات المستهجنة التي ذكرها الحافظ وتعقب بعضها، وأهل السنة المثبتون للعلو والاستواء يجرون هذا الحديث وأمثاله على ظاهره، وليس عندهم بمشكل، فهذا الكتاب عنده فوق العرش، والله فوق العرش كما أخبر به سبحانه عن نفسه، وأخبر به أعلم الخلق به .))). 4-قال الحافظ 7 / 124 على حديث رقم ( 3803) قال : " وليس العرش بموضع استقرار الله.. ".قال ابن خزيمة :((فالخبر دال على ربنا جلا وعلا فوق عرشه الذي كتابه-أن رحمته غلبت غضبه-عنده) كتاب التوحيد ص105 وقال صديق حسن خان رحمه الله : وهذا يدل على العندية والعلو والفوقية.ونحن نؤمن به,بلا كيف ولا تمثيل,ولا ننكره,ولا نؤوله كأهل الكلام.وهذا هو سبيل السلف في مسائل الصفات. والحديث : دليل على سبق لرحمة وغلبتها على الغضب والسخط.وهذا هو اللائق بشأن أرحم الراحمين.ولولا ذلك لكنا جميعا خاسرين هالكين.نعوذ بالله من غضب الله ونتوب إليه من سخطه ونرجوا رحمته وكرمه وفضله ولطفه.وما أحقه بذلك)السراج الوهاج(11/22-23). قال ابن القيم رحمه الله : واذكر حديثا في الصحيح تضمنت***كلماته تكذيب ذي البهتان لما قضى الله الخليقة ربنا***كتبت يداه كتاب ذي إحسان وكتابه هو عنده وضع***على العرش المجيد الثابت الأركان إني أنا الرحمان تسبق***رحمتي غضبي وذاك لرأفتي وحنان التعقيب: قال الشيخ البراك: لا وجه لهذا النفي؛ فإن الله عز وجل مستو على عرشه كما أخبر سبحانه في سبعة مواضع من كتابه أنه استوى على العرش. ومن عبارات السلف في تفسير ( استوى ): استقر. ولكن نفي أن يكون العرش موضع استقرار الله مبني على نفي حقيقة الاستواء، وهو مذهب الجهمية والمعتزلة ومن تبعهم من الأشاعرة؛ فعندهم أن الله في كل مكان، أو يقال: إنه لا خارج العالم ولا داخله، ثم الواجب عندهم في نصوص الاستواء إما التفويض وإما التأويل؛ مثل أن يقال في معنى ( استوى ): استولى. وهذا هو الغالب عليهم، فيجمعون بين التعطيل والتحريف. وكل هذا بلا حجة من عقل ولا سمع. ومذهب أهل السنة إثبات الاستواء بمعناه المعلوم في اللغة مع نفي التمثيل، ونفي العلم بالكيفية، كما قال الإمام مالك: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول". ومعلوم أن استواء الله عز وجل على عرشه لا يستلزم حاجته سبحانه إليه؛ لأنه الغني عن كل ما سواه، وهو سبحانه الممسك للعرش وما دون العرش . 5-قال الحافظ 7 / 156 على حديث رقم ( 3803) قال: " ومع ذلك فمعتقد سلف الأئمة وعلماء السنة من الخلف أن الله منزه عن الحركة والتحول والحلول ليس كمثله شيء ... " . التعقيب: قال الشيخ البراك: قوله: " أن الله منزه عن الحرك |
|||
2010-10-01, 23:55 | رقم المشاركة : 88 | |||
|
|
|||
2010-10-03, 12:03 | رقم المشاركة : 89 | ||||
|
اقتباس:
ملخص : الله تعالى قريب بذاته من ذوات المحسنين..
فما قولك يا أخي جمال البليدي ؟ |
||||
2010-10-03, 12:34 | رقم المشاركة : 90 | ||||
|
اقتباس:
نعم بارك الله فيك لأن الله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. فإن كان المخلوق لا يمكنه الجمع بين العلو والقرب فالخالق لا يشبهه شيء من خلقه تبارك وتعالى. |
||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
الغلو, شبهات, عليها, والرد, واعتراضات |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc