شكرا أخي وحيد على إثارة مثل هذا الموضوع الحساس خصوصا ونحن على أبواب العشر الأواخر من رمضاء حيث يقنت الأئمة في صلاة التراويح ويدعون بأدعية مختلفة ومتنوعة منها الدعاء بالهلاك على الكفار، وبعد البحث في الموضوع في أقوال العلماء نقلت مايلي لعل الله أن ينفعنا به :
الدعاء بفناء الكفار من الوجود
السؤال : سمعت بعض الناس يدعون بهذا الدعاء : اللهم عليك بالكفار والمشركين واليهود ، اللهم لا تبق أحداً منهم في الوجود ، اللهم أفنهم فناءك عاداً وثمود. فما حكم الدعاء بذلك ؟
الجواب :
الحمد لله
" والدعاء بفناء الكفار اعتداء في الدعاء ؛ لأن الله قدر وجودهم وبقاءهم لحكمة ، والله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ بكر أبو زيد .
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (24/276) .
https://www.islam-qa.com/ar/ref/10538...81%D8%A7%D8%B1
*******************
متى يُدعَى للكفار بالهداية ومتى يُدعَى عليهم بالهلاك والعذاب؟
السؤال : بطبيعة الحال : ندعو للكفار ، والضالين ، بالهداية إلى ديننا الحنيف ، ولكن بعد الأحداث التي جرت في " غزَّة " الأبية ، وما حلَّ بهم من جرَّاء العدوان مِن قبَل اليهود ، فهل يكون دعاؤنا بهدايتهم ، أم بهلاكهم ؟ .
الجواب :
الحمد لله
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا لأفراد وجماعات من المشركين بالهداية ، ودعا على آخرين بالهلاك والعذاب .
وهذه بعض الأحاديث الواردة في ذلك :
أولاً :
الأحاديث في الدعاء لقوم من الكفار بالهداية :
1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الإِسْلاَمِ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ ، فَدَعَوْتُهَا يَوْماً ... فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّى كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الإِسْلاَمِ فَتَأْبَى عَلَىَّ فَدَعَوْتُهَا الْيَوْمَ فَأَسْمَعَتْنِى فِيكَ مَا أَكْرَهُ ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ) ... فَفَتَحَتِ الْبَابَ ثُمَّ قَالَتْ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ : أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . رواه مسلم (2491) .
فها هي تنال من النبي صلى الله عليه وسلم ، وتُسمع ابنها في نبيه ما يكره ، ولا يمنع ذلك نبينا صلى الله عليه وسلم من الدعاء لها بالهداية ، فيستجيب الله تعالى دعاءه .
2- عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنَّ دَوْساً قَدْ عَصَتْ وَأَبَتْ ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ : (اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْساً وَأْتِ بِهِمْ) رواه البخاري (2937) ومسلم (2524) .
وقد استجاب الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ، وجاء بهم أجمعين مهتدين .
وانظر جواب السؤال رقم (43164) .
ثانيا :
الأحاديث في الدعاء على قوم من الكفار بالعذاب والهلاك :
1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يَدْعُوَ لِأَحَدٍ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ . رواه البخاري (4284) .
هذا لفظ البخاري ، وفي الصحيحين ذِكر أسماء بعض المسلمين ، وذِكر اسم قبيلة من الكفار .
ولفظه عندهما : (اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ ، اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وينبغي للقانت أن يدعو عند كل نازلة بالدعاء المناسب لتلك النازلة ، وإذا سمَّى مَن يدعو لهم مِن المؤمنين ، ومَن يدعو عليهم مِن الكافرين المحاربين : كان ذلك حسناً" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (22/271) .
2- وعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحْزَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا ، شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ) . رواه البخاري (2773) ومسلم (627) .
قال ابن دقيق العيد رحمه الله :
"وفي الحديث : دليل على جواز الدعاء على الكفار بمثل هذا" انتهى .
"إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" (ص 101) .
3- وعنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال : دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ : (اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ ، سَرِيعَ الْحِسَابِ ، اللَّهُمَّ اهْزِمْ الْأَحْزَابَ ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ) . رواه البخاري (2775) ومسلم (1742) .
(الأحزاب) : قريش ، وغطفان ، ومن ناصرهما .
4- وعنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ ، وَعَلَيْكَ بِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ) . رواه البخاري (237) ومسلم (1794) .
5- وعنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ . رواه البخاري (237) ومسلم (1794) .
6- وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ ، كَمَا حَبَّبْتَ إِلَيْنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ ، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ ) . رواه البخاري (6011) .
قال العيني رحمه الله :
"وإنما خصَّ " الجحفة " لأنها كانت يومئذ دار شرك ، وقال الخطابي : وكان أهل الجحفة إذ ذاك يهوداً ، وكان كثيراً ما يدعو على مَن لم يجبهم إلى دار الإسلام إذا خاف منه معونة أهل الكفر ، ويسأل الله أن يبتليهم بما يشغلهم عنه ، وقد دعا على قومه أهل مكة حين يئس منهم فقال : (اللهم أعنِّي عليهم بسبع كسبع يوسف) ودعا على أهل الجحفة بالحمى ليشغلهم بها ، فلم تزل الجحفة من يومئذ أكثر بلاد الله حمَّى ، وإنه ليتقى شرب الماء من عينها الذي يقال له " عين حم " فقلَّ مَن شرب منه إلا حُمَّ ، ولما دعا عليه الصلاة والسلام بذلك الدعاء لم يبق أحد من أهل الجحفة إلا أخذته الحمَّى" انتهى .
"عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (10/251) .
وقال الزرقاني رحمه الله :
"ففيه جواز الدعاء على الكفار بالأمراض والهلاك ، وللمسلمين بالصحة" انتهى .
"شرح الزرقاني على موطأ مالك" (4/287) .
وقال ابن بطال رحمه الله :
"كان الرسول يحب دخول الناس فى الإسلام ، فكان لا يَعجل بالدعاء عليهم ما دام يطمع في إجابتهم إلى الإسلام ، بل كان يدعو لمَن كان يرجو منه الإنابة .
ومَن لا يرجوه ، ويَخشى ضره ، وشوكته : يدعو عليه ، كما دعا عليهم بسنين كسني يوسف ، ودعا على صناديد قريش ، لكثرة أذاهم وعداوتهم ، فأجيبت دعوته فيهم ، فقتلوا ببدر ، كما أسلم كثير ممن دعا له بالهدى" انتهى .
"شرح صحيح البخارى" (5/114) .
وقال العيني رحمه الله :
"وقد ذكرنا أن دعاء النبي على حالتين : إحداهما : أنه يدعو لهم إذا أمِن غائلتهم ، ورجا هدايتهم ، والأخرى : أنه يدعو عليهم إذا اشتدت شوكتهم ، وكثر أذاهم ، ولم يأمن مِن شرهم على المسلمين " انتهى .
"عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (21/443) .
وعلى هذا ، فلكل مقام مقال ، ففي الحال التي يشتد فيها عداء الكفار للمسلمين وأذيتهم لهم ، فالمشروع في هذه الحال الدعاء عليهم .
وفي الحال التي يقبل فيها عداؤهم ، أو يُرجى إيمانهم أو تأليفهم فالمشروع هو الدعاء لهم بالهداية .
فما يقوم به إخوان القردة الآن من مجازر وحشية ضد إخواننا في غزة ، يستحقون الدعاء عليهم بالتضييق والشدة والهلاك ، اللهم إلا من عرف منهم بكراهيته لذلك الظلم وعدم رضاه به ، فمثل هذا ، لا بأس من الدعاء له بالهداية .
نسأل الله تعالى أن ينصر الإسلام والمسلمين ، ويحفظ إخواننا في غزة ، ويهلك اليهود وأعوانهم .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
https://www.islam-qa.com/ar/ref/13145...81%D8%A7%D8%B1