"مجموعة أهم الأحداث" :أكبر خطر يهدد المجتمع ، على الأقل، في المدى المنظور و البعيد، الاستقالة الجماعية للوالدين ، فيما يخص وظيفتهما والتزاماتهما إزاء أولادهما ، تعليميا و تربويا .
هذه المسالة أصبحت آخر اهتمامات الكثير من الوالدين ،على الأقل في مدى علمي و محيطي ، وأنا متأكد أنها ظاهرة ممتدة العروق و هي تزداد عمقا واتساعا في المجتمع .
أصبحت الوظيفة الأبوية هي الإنجاب والإنجاب فقط ، أما الجوانب الأخرى أهمها التربية والمتابعة التعليمية ، فهي متروكة للشارع و المحيط ، وما أدراك ما الشارع و ما المحيط. خاصة في ظل غزوا ، غير بريء ، المتعدد النوايا و الأهداف...
ازداد تعجبا وأنا أرى تلاميذ ،من الجنسين ، في المدارس الابتدائية والمتوسطة ، وحتى الثانوية، وهم بالمحمول ، فأقول لنفسي ما علاقة هؤلاء بالهواتف النقالة ؟ هل أرسلوا للدراسة أم لإجراء الاتصالات والعلاقات العامة...ومن الذي يوفر لهم ذالك ؟ الوالدين بالتأكيد...
الأخطر من ذالك ، أن بعض الأولياء لا يجدون حرجا في ترك أولادهم ،وتارة جماعيا بين الإخوة من الجنسين في السن المراهقة، "وما أدراك ما السن مراهقة" ، يسبحون ويتجولون ، ليلا نهارا بدون ضبط أو مراقبة ، في عالم الفضائيات ، وما أدارك ما عالم الفضائيات ...
وازداد تعجبا ، من بعض الناس ، ميسور الحال، وبعضهم لا يعرف رقم رأس ماله ، عندما يطردوا أولادهم من المدارس ، بدل من تدارك الأمر و تخصيص جزء من تلك الثروة التي وهبها لهم الله ،لتدعيم أبناءهم دراسيا أو مهنة من مهن المستقبل ...
فبدل ذالك ، يشترى لهم سيارات فخمة وهواتف من آخر الطراز، ليتسكعوا في الشوارع ،يقودون بيد و يجرون اتصالاتهم بيدي أخرى ، والنتيجة معروفة في إحصائيات الكوارث التي تشهدها الطرقات...
مازالت ذاكرتي تختزن ذالك الحديث لأحد مسؤولي مؤسسة تربوية ،عندما تم استدعاء ولي أمر احد التلاميذ ،ضبطت معه مخدرات ، وبعد جهد جهيد واستدعاء تلو استدعاء ، جاء ذالك الأب ليطلع على الأمر، فكان جوابه أقبح من ذنب ابنه ...
خبر كهذا كان أن يمكن أن يسبب شلل نصفي إن لم يكون كلي ، للأولياء و هم يسمعون عن أبنائهم ذالك ، لكن ذالك الأب قال لمحدثيه في تلك المؤسسة ،و ببرودة أعصاب وعدم الاكتراث ، : "أتمموا له السنة واطردوه..." ، وهنا تتعطل لغة الكلام ... ويبقى نبش في ذاكرة ...
حمدان العربي
01.08.2009