|
قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية تعرض فيه تاريخ الأمم السابقة ( قصص الأنبياء ) و تاريخ أمتنا من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ... الوقوف على الحضارة الإسلامية، و كذا تراجم الدعاة، المشائخ و العلماء |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2010-02-23, 20:32 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
ابو عبيدة بن الجراح
أَبُوعُبَيدَةَ بنُالجَرَّاحِ عامِر بنُ عبدِ اللهِ بنِالجرّاحِ *** ((لِكلِّ أُمّةٍ أمين ، وأمينُ هذهِ الأمّة أبو عبيدة)) .......((محمدرسول الله *صلى الله عليه وسلم)) ............ كان وضيءَ الوجه ، بهيَّ الطّلعة ، نحيل الجسم ، طويل القامة ، خفيفالعارِضين .... ترتاح العين لمرآه ، وتأنس النفس لِلُقياه ، ويطمئنُّ إليه الفؤاد . وكان إلى ذلك رقيق الحاشية ، كثير التواضع ، شديد الحياء ؛ لكنَّه كان إذاحَزَبَ الأمر وجدَّ الجِدُّ يغدو كأنّه الليث عادِياً . فهو يشبه نصل السيفرونقاً وبهاءً ، ويماثلهُ حِدَّةً ومضاءً . ذلِكم هو أمين أمّة محمد ، عامر بنعبد الله بن الجرّاح الفِهرِيُّ القُرَشيّ ، المُكنَّى بأبي عُبيدة . نعته عبدالله بن عمر رضي الله عنهما فقال : ثلاثة من قريش أصبحُ الناس وجوهاً ، وأحسنُهاأخلاقاً ، وأثبتها حياءً ... إن حدّثوك لم يَكذِبوك ، وإن حدَّثتهم لم يُكذّبوك : أبو بكر الصّدّيق ، وعثمان بن عفّان ، وأبو عُبيدة بن الجرّاح . كان أبو عبيدة من السّابقينالأوّلين إلى الإسلام ، فقد أسلم في اليوم التّالي لإسلام أبي بكر ، وكان إسلامهعلى يدي الصّدّيق نفسه ، فمضى به وبعبد الرحمن بن عوف وبعثمان بن مظعون وبالأرقم بنأبي الأرقم إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. فأعلنوا بين يديه كلمة الحقّ ، فكانواالقواعد الأولى التي أقيم عليها صرح الإسلام العظيم . عاش أبو عُبيدة تجربةالمسلمين القاسية في مكّة منذ بدايتها إلى نهايتها ، وعانى مع المسلمين السّابقينمن عنفها وضراوتها ، وآلامها وأحزانها ما لم يُعانه أتباعُ دينٍ على ظهر الأرض ؛فثبت للابتلاء ، وصدق الله ورسوله في كلّ موقف ... لكنَّ محنة أبي عُبيدة يوم ((بدر)) فاقت في عُنفها حُسبان الحاسبين وتجاوزت خيال المُتخيّلين . انطلق أبوعُبيدة يوم ((بدر)) يصول بين الصّفوف صولة من لا يهاب الرّدى ؛ فهابه المُشركون، ويجول جولة من لا يحذر الموت ؛ فحذِره فُرسان قريش وجعلوا يتنحّون عنه كلّماواجهوه ... لكنّ رجلاً واحداً جعل يبرز لأبي عُبيدة في كلّ اتّجاه ، فكان أبو عبيدةيتحرّف عن طريقه ويتحاشى لِقاءه .. وَلجَّ الرجل في الهجوم ، وأكثر أبو عُبيدةمن التنحّي ، وسدَّ الرجل على أبي عُبيدة المسالك ، ووقف حائلاً بينه وبين قتالأعداء الله . فلمَّا ضاق به ذرعاً ضرب رأسه بالسيف ضربةً فلقت هامته فلقتين ؛فخرَّ الرجل صريعاً بين يديه ... لا تحاول ـ أيّها القارئ الكريم ـ أن تُخمِّنمن يكون الرجل الصريع ... أمَا قُلتُ لك : إنَّ عُنف التّجربة فاق حسبان الحاسبين ،وجاوز خيال المتخيّلين ؟ ... ولقد يتصدّع رأسك إذا عَرَفتَ أنَّ الرجل الصّريعهو عبد الله بن الجرّاح والِد أبي عُبيدة . لم يقتل أبو عبيدة أباه ، وإنّما قتلَ الشركَ في شخص أبيه . فأنزلالله سبحانه وتعالى في شأن أبي عُبيدة وشأن أبيه قرآناً فقال ـ علت كلِمته ـ : (( لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِالْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْأَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِيقُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍتَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْوَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُالْمُفْلِحُونَ )):المجادلة: 22 لم يكن ذلكعجيباً من أبي عُبيدة ، فقد بلغ من قوّة إيمانه بالله ونُصحه لدينه ، والأمانة علىأمّة محمد مبلغاً طمحت إليه نفوس كبيرة عند الله . حدَّث محمد بن جعفر ، قال : قدِمَ وفد من النّصارى على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا أبا القاسمابعث معنا رجلاً من أصحابك ترضاه لنا ليحكم بيننا في أشياء من أموالنا اختلفنا فيها، فإنّكم عندنا معشر المسلمين مرضيّون . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ائتوني العشيّة أبعث معكم القويَّ الأمين) . قال عمر بن الخطّاب : فَرُحتُإلى صلاة الظُّهر مُبكراً ، وإنّي ما أحببت الإمارة حُبّي إيّاها يومئذ رجاءً أنأكون صاحب هذا النعت ... فلمّا صلّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظّهر ،جعل ينظر عن يمينه وعن يساره ، فجعلت أتطاول له ليراني ، فلم يزل يُقلّب بصره فيناحتّى رأى أبا عُبيدة بن الجرّاح ، فدعاه فقال : (اخرج معهم فاقضِ بينهم بالحقّفيما اختلفوا فيه) ... فقلت : ذهبَ بها أبو عُبيدة . ولم يكن أبو عُبيدةأميناً فحسب ، وإنّما كان يجمع القوّة إلى الأمانة ، وقد برزت هذه القوّة في أكثرمن موطن : برزت يومَ بعثَ الرسول صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه ليتلقّواعِيراً لِقريش ـ أي قافلة ـ ، وأمَّر عليهم أبا عُبيدة رضي الله عنهم وعنه ،وزوّدهم جِراباً من تمر لم يجد لهم غيره ، فكان أبو عُبيدة يُعطي الرجل من أصحابهكل يوم تمرة ، فيمُصُّها الواحد منهم كما يمصُّ الصّبي ضرعَ أمِّهِ ، ثمَّ يشربعليها ماءً ؛ فكانت تكفيه يومه إلى الليل . وفي يوم ((أُحُدٍ)) حين هُزِمالمسلمون وطفِق صائح المشركين يُنادي : دُلُّوني على محمد ... دُلُّوني على محمد ... كان أبو عُبيدة أحد النّفر العشرة الذين أحاطوا بالرسول صلى الله عليه وسلملِيذودوا عنه بصدورهم رِماح المشركين . فلمّا انتهت المعركة كان الرسول صلى اللهعليه وسلم قد كُسرت رُباعيّتهـ رباعيّته: السن التي بينالثنيّة والناب ـوشُجَّ جبينه ، وغارت في وَجنَتِهِ حَلقَتَانِ من حَلَقِدِرعِهِ ، فأقبل عليه الصّدّيق يُريد انتزاعهما من وجنته فقال له أبو عُبيدة : أُقسمُ عليك أن تترُكَ ذلك لي ، فتَركه ، فخشي أبو عُبيدة إن اقتلعهما بيده أنيُؤلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعضَّ على أولاهما بثنيّتهِـ الثنيّة: جمعها ثنايا، وهي أسنان مقدم الفم ـعضَّاًقويَّاً محكماً فاستخرجها ووقعت ثنيّته ...ثمَّ عضَّ على الأخرى بثنيّته الثانيةفاقتلعها فسقطت ثنيّته الثانية ... قال أبو بكر : ((فكان أبو عُبيدة من أحسنالناس هَتَماً)) ـ الأهتم: من انكسرت ثنيّتاه ـ . لقد شهد أبو عُبيدة مع رسول الله صلوات الله عليه المشاهد كُلَّها مُنذصحِبَهُ إلى أن وافاه اليقين ... فلمّا كان يوم السَّقِيفةـالمراد به: يوم بيعة أبي بكر رضي الله عنه ، فقد تمّت بيعته في سقيفة بني ساعدة ـ، قال عمر بن الخطّاب لأبي عُبيدة : ابسُط يدكَ أبايعك ، فإنّي سمعت رسولالله صلى الله عليه وسلم يقول : ((إنَّ لكلِّ أمّةٍ أميناً ، وأنتَ أمينُ هذهالأمّةِ)) . فقال أبو عُبيدة: ما كُنتُ لأتقدّم بين يدي رجل أمَرَهُ رسولالله صلى الله عليه وسلم أن يَؤُمَّنا في الصلاة فَأَمَّنا حتّى مات . ثُمَّبُويع بعد ذلك لأبي بكر الصّدّيق ، فكان أبو عُبيدة خيرَ نَصيحٍ له في الحقّ ،وأكرم مِعوان له على الخير . ثمَّ عهِدَ أبو بكر بالخلافة من بعده إلى الفاروق ،فدانَ له أبو عُبيدة بالطّاعة ، ولم يعصِهِ في أمر ، إلا مرّة واحدة ... فهلتدري ما الأمر الذي عصى فيه أبو عُبيدة أمرَ خليفة المسلمين ؟! . لقد وقع ذلكحين كان أبو عُبيدة بن الجرّاح في بلاد الشّام يقود جيوش المسلمين من نصر إلى نصرحتّى فتح الله على يديه الدِّيار الشَّاميّة كُلّها ... فبلغ الفرات شرقاً وآسياالصّغرى شمالاً . عند ذلك دَهَمَ بلاد الشّام طاعون ما عرِف الناس مثله قطّ ؛فجعل يحصد الناس حصداً ... فما كان من عمر بن الخطّاب إلا أن وجَّه رسولاً إلى أبيعُبيدة برسالة يقول فيها : إنّي بدت لي إليك حاجة لا غنى ليعنك فيها ، فإن أتاك كتابي ليلاً فإنّي أعزِمُ عليك ألا تُصبح حتّى تركبَ إليَّ ،وإن أتاكَ نهاراً فإنّي أعزِمُ عليكَ ألا تُمسي حتّى تَركَبَ إلَيَّ . فلمَّا أخذ أبو عُبيدة كِتاب الفاروق قال : قد علِمتُ حاجة أميرالمؤمنين إليَّ ، فهو يريد أن يستَبقيَ من ليس بباقٍ ، ثمَّ كتبَ إليه يقول : ياأمير المؤمنين ، إنّي قد عرفتُ حاجتكَ إليَّ ، وإنِّي في جُندٍ من المسلمين ولا أجدبنفسي رغبةً عنِ الذي يُصيبهم ... ولا أريد فِراقَهم حتّى يقضيَ اللهُ فِيَّ وَفيهمأمرَهُ ... فإذا أتاكَ كِتابِي هذا فحَلِّلني من عزمِكَ ، وائذن لي بالبقاءِ . فلمَّا قرأ عمر الكِتاب بكى حتّى فاضت عيناه ، فقال لهُ مَن عِندَهُ ـ لِشدّةما رأوه مِن بُكائهِ ـ : أَماتَ أبو عُبيدةَ يا أميرَ المؤمنين ؟ . فقال : لا، ولكنَّ الموتَ منه قريب . ولم يكذِب ظنُّ الفاروق ، إذ ما لبِثَ أبو عُبيدة أنأُصيب بالطّاعون ، فلمّا حضَرتهُ الوفاة أوصى جُندهُ فقال : إنّي موصِيكمبِوصيّةٍ إن قبلتموها لن تزالوا بخير : أقيموا الصلاة ، وآتواالزكاة ، وصوموا شهر رمضان ، وتصدّقوا ، وحجّوا ، واعتمروا ، وتواصوا ، وانصَحُوالأُمرائكم ولا تَغُشُّوهم ... ولا تُلهِكم الدنيا ، فإنَّ المرءَ لو عُمِّرَ ألفحولٍ ما كان له بُدٌّ من أن يصير إلى مصرعي هذا الذي ترَونَ . إنَّ اللهَ كتبَالموتَ على بني آدمَ فهم ميّتون ، وأكيَسهم أطوعهم لربّه ، وأعلمهم ليوم معَادِهِ ... والسلام عليكم ورحمةُ الله . ثُمَّ التفتَ إلى مُعاذ بن جبل وقال : يا مُعاذ صَلِّ بالناس . ثمّ ما لبِثَ أن فاضت روحه الطّاهرة ، فقام معاذ وقال : أيّها الناس : إنّكم قد فُجعتم برجل ـ واللهِ ـ ما أعلمُأنّي رأيتُ رجلاً أبرَّ صدراً ، ولا أبعدَ غائلةًـ الغائلة: الشر والحقد الباطن ـولا أشدُّ حبَّاً للعاقبة ، ولا أنصح للعامّة منه ،فترحّموا عليه يرحمكم اللهُ . المصدر كتاب صور من حياة الصحابة
|
||||
2010-07-03, 10:57 | رقم المشاركة : 2 | |||
|
|
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
الجراح, عبيدة |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc