ولا شك أن أي بلد عادي سيتخذ موقفا حاسما تجاه المعلمين والأطباء إذا وجد نفسه أمام أزمة مثل التي تعيشها الجزائر اليوم. والموقف الحاسم لا يعني الاستجابة لمطالب المعلمين والأطباء فحسب، لأن هذه المطالب مشروعة، كما اعترفت بها الوزارة نفسها، بل إن الموقف الحاسم يفرض دراسة أوضاع الوزارات التي أصبحت تشكل عبئاً على البلاد. وبدل أن تكون الوزارة سيدة الموقف والمنبع الأساسي للحلول والمبادرات التي تضمن رفع مستوى التعليم و تحسين التكفل بالمرضى، فإن الوزارات الجزائرية أصبحت تشكل العائق الأساسي لتحقيق هذه الأهداف.
وأصبح من واجب وزارة الصحة أن تداوي نفسها، ومن أولويات وزارة التربية أن تعلم نفسها، وتتعلم كيف تتعامل مع المعلمين، وما واجبها تجاههم، وما هي أحسن الطرق التي تسمح بالتكفل بالتلاميذ. ولا يمكن الخروج من الأزمة قبل أن تدرك وزارة الصحة أن الوزير الناجح ليس الوزير الذي يتحايل على الأطباء ليُفْشِل إضرابهم، بل أن واجبه يتمثل في العمل لرفع كل الهموم التي يعيشها الأطباء حتى يتمكنوا بدورهم من التكفل بالمرضى. لكن هل هذا ممكن لما نعرف أن الوزراء يتداوون في الخارج، وأن أبناءهم يدرسون في الخارج؟ إنهم لا يبالون بمرضانا ولا بأبنائنا، لأن الذي لا يمشي على الجمرة لا يعرف آلامها.
الاستاذ عابد الشارف.