علمت "الشروق" أن رئاسة الجمهورية ستفتح قريبا ملفات تصنف في "الخانة الحمراء" والتي هشمت الاقتصاد الوطني، ويتعلق الأمر بالأخص الملفات الجمركية الكبرى الثقيلة المنطوية على آلاف الملايير الضائعة من الخزينة العمومية بكل المعايير القانونية والتي كانت موضوع تحقيق رئاسي منذ سنوات، خصوصا أن إدارة الجمارك تعتبر كأداة فعالة وحلقة أساسية من حلقات مراقبة التجارة الخارجية في مسألة مراقبة البضائع والسلع عند الاستيراد والتصدير وكذا مراقبة حركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج.
- ويأتي هذا النبش في هذا الملف، بعد التعليمة الرئاسية رقم3 المتعلقة بمنح الصفقات العمومية والتي ستقطع الطريق أمام جميع أشكال الرشوة المفتشية في كل مؤسسات الدولة دون استثناء، والتي كشف من خلالها الرئيس بوتفليقة أن هناك بعض المتعاملين الوطنيين الذين يروجون لتجارة تستنفذ المال العام بالتنسيق مع مكاتب دراسات أجنبية وهمية، حيث أشارت التعليمة التي تطرقت إليها "الشروق" في عددها السابق أن هناك جهلا كبيرا للمسؤولين الجزائريين لأسعار دراسات الخبرة.
- "الشروق" تحصلت على نسخة من التقرير السري الذي وضع أمام مكتب رئيس الجمهورية والذي يحمل رقم 289، حيث يتضمن معلومات مفصلة ودقيقة حول أخطر ملفات الفساد على مستوى الجمارك والتي سببت في مجملها أضرارا خطيرة للخزينة العمومية، تقدر بأكثر من 7 ملايير دولار، أي ما يقارب 45 مليار سنتيم، ومن بين هذه الملفات نذكر ملف استيراد الأجهزة الإلكترونية والكهرومنزلية.
- حيث تلقى رئيس الجمهورية مراسلة جد سرية من الجمارك تحصلت "الشروق" على نسخة منها تفيد بمعلومات حول هذا الملف الذي يحمل في ظاهره الاستثمار والازدهار وفي باطنه الخراب والاستدمار للاقتصاد الوطني، وكان قبل ذلك قد وضع على مكتبه تقرير خطير حول عملية الاستيراد في هذا المجال عن طريق نظام "الأس كادي وسي كادي" الذي أفلس الخزينة العمومية وسبب لها خسائر تقدر بحوالي 10 آلاف مليار سنتيم بسبب التلاعب في الحقوق الجمركية كون نظام "الأس كادي" يدفع صاحبه 25 بالمائة من الحقوق الجمركية بدلا من 45 بالمائة زائد القيمة الإدارية، وأما نظام "سي كادي" فيدفع صاحبه 5 بالمائة من الحقوق الجمركية بدلا من 45 بالمائة زائد القيمة الإدارية سارية المفعول آنذاك وقت الاستيراد، مع العلم أن التحقيقات الجمركية جارية في هذا الملف، لأن تقريبا كل هذه الاستيرادات تتمثل في أجهزة مستوردة تامة الصنع في شكل مفكك أو مستورد للعناصر الأساسية التي تمثل أجهزة تامة الصنع طبقا لقاعدة "أ2"، وهذا النظام جاء في أحكام قانون المالية لسنة 2000 ليعطي نظام "كيت" الذي كان معمولا به سابقا ولم يكن له سند قانوني في حالة اكتشافه من قبل إدارة الجمارك، حيث قام رئيس الجمهورية بتوجيه تعليمة كتابية إلى رئيس الحكومة الذي وجه بدوره تعليمة كتابية إلى وزير المالية تحمل رقم 1184 والتي تحصلت "الشروق" على نسخة منها والذي قام بتوجيه تعليمة كتابية أخرى إلى المدير العام للجمارك تحمل رقم 362 والتي هي بحوزة "الشروق" وكل هذه التعليمات تنص على إجراء تحقيق معمق في ملفات الفساد الجمركية الثقيلة بإنشاء لجان مختصة ومتعددة القطاعات يترأسها ممثلين عن المفتشية العامة للمالية والتي خرجت بتقارير مؤكدة تحصلت "الشروق"على نسخ منها، تثبت تجاوزات خطيرة في الميدان بشأن هذه الملفات، وأرفقت بها توصيات لإدارة الجمارك من أجل إنجازها في الميدان في الآجال والمواعيد المحددة في قانون الجمارك والتي نجد جوابها في أحكام 266 من نفس القانون والتي تنص على أن مدة التقادم في الجنح الجمركية تتقادم بمضي ثلاث سنوات كاملة من تاريخ ارتكابها.
- وخلاصة القول في هذا الملف كما صرح به مصدر "الشروق" هو أن السواد الأعظم من هذه الملفات قد أصابها التقادم الجمركي وبقوة القانون وفي المرحلة الراهنة لا يجوز لإدارة الجمارك أن تطالب بحقوق الخزينة العمومية بشأنها والتي قدرت كما سبق وأن قلنا بحوالي 10آلاف مليار سنتيم.