سرديات الأيام
بوح
إني ابحث عن حكايات عشق أفلتت من زمان قيس فأهدرها زماني , وذابت رقصا على ألحان مبهمة تعزفها مدينة خرساء معدومة الإحساس .
القمر مبحرا في السماء يغازل لياليه الطوال .. يمر كلص مجهول , لم تعد ترقبه العيون المحنطة بعدمية الشعور بالجمال .
كانت تخضر في شفتي أغصان النرجس حبلى بالكلمات الرقيقة وتورق .. تنمو من عناصر أحزاني وتأملاتي فتثمر حبا يعبق بفسيفساء نفسي .
الشمس لا تكلم السماء لكنها تحاوره في صمت عن لواعجها كل ليلة وتبثه حرارة أشواقها ونور قلبها فيعم الكون .وتظل تعانقه طول النهار دون كلمات فتصنع الحياة .
أنا لا احتاج إلى ترجمة خرير السواقي وزغزغة العصافير وحفيف الشجر لأني افهمها على السليقة .الطبيعة لم تزيف الأشياء فحتى الطيور تحن إلى مواطنها الأصلية وتعشقها بجنون ..الإنسان هو من صلب الإحساس والحب والجمال على شجرة الحضارة وقتل الشعراء والمتصوفين .
إني استمع إلى بكاء الطبيعة حين تهددها القنابل البشرية بالدمار فتثقب أوزونها وتشوه سحر عطائها ورونق جمالها .. ألا ترونها تبكي في فزع الأطفال وتبتسم في شفاه العذارى وتناجيكم في بوح الشعراء .. إنها تسرق أشياء ذواتكم فتنمق بها قصائد الشعراء وتسهر معكم في ارق النجوم .. إنها تنادمكم قمرا في ليالي الطرب وتسافر معكم في زورق الحياة إلى شاطيء الأبدية .
بقلم : مهدي فيصل