عبد الرحمن الداخل صقر قريش - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية

قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية تعرض فيه تاريخ الأمم السابقة ( قصص الأنبياء ) و تاريخ أمتنا من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ... الوقوف على الحضارة الإسلامية، و كذا تراجم الدعاة، المشائخ و العلماء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

عبد الرحمن الداخل صقر قريش

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-10-19, 05:57   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المعزلدين الله
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية المعزلدين الله
 

 

 
الأوسمة
وسام الاستحقاق 
إحصائية العضو










افتراضي عبد الرحمن الداخل صقر قريش

عبد الرحمن الداخل صقر قريش
بعد استشهاد عبد الرحمن الغافقي رحمه الله في موقعة بلاط الشهداء في منطقة بواتيه وبعد هزيمة المسلمين فيها انسحب المسلمون وتوقفت الفتوحات الإسلامية في هذه المنطقة. وقبل استكمال الطريق والخوض في تفاصيل ما حدث بعد بلاط الشهداء كان هناك بعض الأسئلة المهمة، والتي نود الإجابة عليها وهي

السؤال الأول

لماذ لم يثُر أهل الأندلس في فترة عهد الفتح وأوائل عهد الولاة رغم ضآلة الحاميات الإسلامية عليهم؟

كان الجيش الإسلامي في بلاد الأندلس يبلغ قوامه أربعة وعشرين ألف مقاتل، كان مع طارق بن زياد اثنا عشر ألفا، وقد استشهد منهم في وادي برباط ثلاثة آلاف، ومثلهم استشهد في الطريق من وادي برباط إلى طليطلة، فوصل طارق بن زياد إلى طليطلة بستة آلاف فقط من الرجال، ثم عبر موسى بن نصير بثمانية عشر ألفا، فأصبح قوام الجيش الإسلامي أربعة وعشرين ألف مقاتل موزعون على كل مناطق الأندلس الواسعة وبعض جنوب فرنسا، كحاميات إسلامية وفاتحين لمناطق أخرى لم تفتحفكان التعجب لماذا لم يثر أهل هذه البلاد- على سعتها- على المسلمين أو على الحاميات الإسلامية الموجودة عليهم رغم قلتها الملحوظة التي لا تقارن بعدد السكان على الإطلاق؟!

ومثل هذا السؤال هو العجب كل العجب، فالسؤال الذي يجب أن يسأل هو لماذا يثور أهل الأندلس؟ وليس لماذا لم يثوروا؟ كان أهل الأندلس قبل دخول الإسلام يعيشون ظلما مريرا وضنكا شديدا، تُنهب أموالهم فلا ينبثون، تنتهك أعراضهم فلا يعترضون، حكامهم في الثروات والقصور يتنعمون، وهم لا يجدون ما يسد الرمق، يزرعون الأرض وغيرهم يأكل ثمارها، بل إنهم يُباعون ويُشترون مع تلك الأرض التي يزرعونها.

فلماذا إذن يثور أهل الأندلس؟! أيثورون من أجل هذا الذي أذاقهم العذاب ألوانا؟! أم يثورون من أجل ظهور لوذريق أو غيطشة جديد؟! أم يثورون من أجل ذكريات أليمة مليئة بالجوع والعطش والنهب والسرقة والظلم والتعذيب والتنكيل، والفساد والرشوة والجبروت؟!

ثم ماذا كان البديل المطروح؟ إنه الإسلام الذي حملته أرواح المسلمين الفاتحين، إنه الإسلام الذي حرم كل ما سبق وجاء ليقول لهمتعالوا أعطكم بدلا من الظلم عدلا ليس هو هبة مني، لكنه حق لكم ولقومكم وأولادكم ولذريتكم من بعدكم، إنه الإسلام الذي لم يفرق بين حاكم ولا محكوم، فإن حدث لأي منكم مظلمة قام القاضي لا يفرق بين مسلم ولا يهودي ولا نصراني أيا كان شكله أو لونه أو جنسه.

إنه الإسلام الذي لا يرفع من قيمة الأشخاص بقدر أموالهم أو صورهم أو أجسامهم، إنما بقدر أعمالهم، والأعمال مفتوحة لكم جميعا، الغني والفقير، الحاكم والمحكوم، إنه الإسلام الذي يقول الحاكم فيه لك قد رفعنا عنك كل الضرائب إن كنت من المسلمين وكنت غنيا فلن تدفع إلا اثنين ونصف بالمائة زكاة لأموالك إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، وإن كنت فقيرا فلن تدفع شيئا، بل ستأخذ من بيت مال المسلمين إلى أن تغتني.

أما إن كنت من غير المسلمين وكنت غنيا وقادرا على القتال- وليس غير ذلك- فستدفع جزية هي أقل بكثير من زكاة المسلمين، نظير أن يدافعوا عنك، وإن هم فشلوا في الدفاع








 


رد مع اقتباس
قديم 2009-10-19, 05:58   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
المعزلدين الله
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية المعزلدين الله
 

 

 
الأوسمة
وسام الاستحقاق 
إحصائية العضو










افتراضي

إنه الإسلام، خلاص الشعوب؛ حين عرفه أهل الأندلس تمسكوا به واعتنقوه اعتناقا ولم يرضوا عنه بديلا، فكيف يحاربونه ويضحون بهذا النعيم المقيم في الدنيا والآخرة من أجل حياة المرارة والعذاب والذل والحرمان؟!

السؤال الثاني
هل من المعقول أن كل أهل الأندلس أُعجبوا بهذا الدين ولم يكن هناك ولو رجل واحد يثور ويعترض حبا في سلطان أو مصلحة كانت قد ضيعت عليه؟!

والإجابة عن هذا السؤال هي نعم؛ كان هناك كثير من الناس من أصحاب المصالح الذين كان لهم أعوان كثيرون أرادوا أن يثوروا على حكم الإسلام؛ ليسترجعوا مجدهم ويحققوا مصالحهم التي كانت لهم، أما لماذا لم يثوروا؟ فالجواب عنده سبحانه وتعالى في قوله [لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ] {الحشر13}.

فالمؤمن في الفتوحات الإسلامية كانت له رهبة في قلوب النصارى واليهود ، وفي قلوب المشركين بصفة عامة، يلقي الله سبحانه وتعالى على المؤمن جلالا ومهابة فيخافه القريب والبعيد، يقول صلى الله عليه و سلم في الحديث الذي رواه البخاري نُصِرْتُ ويقول سبحانه وتعالى فَأَتَاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ
والعجب أن هذا الرعب لم يكن متولدًا عن بشاعة في الحرب، أو عن إجرام منقطع النظير، إنما هي هبة ربانية لجنده ولأوليائه ولحزبه سبحانه وتعالى، بل على عكس ذلك تمامًا كانت حرب الإسلام رحمة للناس كل الناس، فها هو صلى الله عليه و سلم كما جاء في صحيح مسلم عن بُريدة رضي الله عنه حين كان يودع الجيوش فكان يخاطبهم قائلا اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ، فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا. وفي رواية وَلَا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا وَلَا طِفْلًا صَغِيرًا وَلَا امْرَأَةً.

فأين هذا من حروب غير المسلمين مع المسلمين؟! أين هذا من قتل مائتي ألف مسلم من المدنيين في البوسنة والهرسك وكوسوفو؟! أين هذا من فعل الروس في الشيشان، وفعل الهنود في كشمير، وفعل اليهود في فلسطين، وفعل أمريكا في العراق؟!

فرغم أن الرهبة والرعب أُلقيت في قلوب الأعداء إلا أن حروب المسلمين كانت رحمة على العالمين، حتى لقد سُعد الذين لم يدخلوا في الإسلام من اليهود والنصارى في ظل حكم الإسلام أيما سعادة [لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ] {الممتحنة8}.

فقد تركت لهم كنائسهم، وكان لهم قضاء خاص بهم، ولم يفرق بين مسلم ونصراني ويهودي في مظلمة، فكان العجب حقا أن يثوروا، العجب كل العجب أن ينقلبوا على الإسلام، والعجب كل العجب أن يرفضوا حكم الإسلام وقد جاء من عند حكيم خبير، يعلم ما يصلح كونه وأرضه وعبيده

[
يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ] {غافر19










رد مع اقتباس
قديم 2009-10-19, 06:00   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
المعزلدين الله
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية المعزلدين الله
 

 

 
الأوسمة
وسام الاستحقاق 
إحصائية العضو










افتراضي

وهو خاص بعوامل الهزيمة في بلاط الشهداء، إذ كيف تتعلق قلوب هذا الجيل القريب من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته - وهو جيل التابعين أو تابعي التابعين - بالغنائم وحب الدنيا، وكيف تظهر فيهم هذه العنصرية القبلية؟!

وللإجابة على الشق الأول من هذا السؤال، فإنه إذا كانت هذ العوامل قد حدثت في سنة أربع عشرة ومائة فإنها قد حدثت مع الصحابة وفي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث من الهجرة وذلك في غزوة أُحد، والتي نزل فيها قوله تعالى مخاطبا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم [مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآَخِرَةَ]{آل عمران152} . وكأن أُحدا تعيد نفسها من جديد في بلاط الشهداء.

فقد نزلت هذه الآية في الصحابة رضوان الله عليهم حين خالفوا أمره صلى الله عليه وسلم، ونزل الرماة وتركوا مواقعهم بعد أن أيقنوا النصر، وذلك طلبا للغنيمة، فكانت الهزيمة بعد النصر، حتى إن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال ما كنت أحسب أن منا من يريد الدنيا حتى نزلت هذه الآية [مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآَخِرَةَ] {آل عمران152}.

وهكذا في بلاط الشهداء، كانت الغلبة للمسلمين في أول المعركة في أول يومين أو أول ثلاثة أيام، ثم لما التف النصارى حول الغنائم يأخذونها، وكان قد وقع حبها في قلوب المسلمين، حدث الانكسار في الجيش ثم هُزموا.

يقول ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى [مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ] {آل عمران152}. يقول لقد عفا عنكم أي لم يستأصلكم في هذه الموقعة، وأعطاكم الفرصة للقيام من جديد.

وهكذا أيضا في بلاط الشهداء، لم يُستأصل الجيش الإسلامي، لكنه عاد وانسحب ليقوم من جديد.

وإذا جئنا إلى ما قبل أحد وإلى الرعيل الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في غزوة بدر وجدنا أيضا صورة من صور بلاط الشهداء، وذلك حين انتصر المسلمون ثم اختلفوا على الغنائم، حتى إن سورة الأنفال التي نزلت بعد ذلك تعظم من هذا النصر المجيد قد بدأت بقوله تعالى [يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ] {الأنفال1}. كلام له وقع السهام على الصحابة، لكنه أمر قد حدث وهو أصيل في النفس البشرية.

ومن هنا فما حدث في بلاط الشهداء ليس بجديد؛ لأنه من عيوب النفس، وقد حدث مثله في بدر وفي أحد، لكن كان هناك اختلافا، فالرسول صلى الله عليه وسلم بعد غزوة أحد تدارك الأمر بسرعة؛ فحمس المسلمين على الجهاد وذكرهم بالآخرة حتى قاموا في حمراء الأسد فكانت الغلبة ورد الاعتبار، أما في بلاط الشهداء فإن كان قام من جديد رجل من المسلمين وهو عقبة بن الحجاج رحمه الله يحمس المسلمين ولكن بعد العودة إلى الأندلس، إلا إنه لم تحدث موقعة بعد بلاط الشهداء كما حدثت حمراء الأسد مباشرة بعد أحد.

كذلك كان الاختلاف في أن غالب جيش المسلمين في بلاط الشهداء باستثناء عبد الرحمن الغافقي رحمه الله الذي استشهد لم يزل حب الدنيا وحب الغنائم رابضا في قلبه، فهم يريدون الدنيا، أما في أحد فقد قال عنهم سبحانه وتعالى [مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآَخِرَةَ] {آل عمران152}. ولذلك لم يعد المسلمون بعد بلاط الشهداء مباشرة كما عادوا بعد أحد.

ومن أوجه الشبه الكبير أيضا بين أحد وبلاط الشهداء أنه عندما أُشيع خبر وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم في أحد حدث الانكسار وحدث الفرار والهزيمة المرة، وكذلك بالنسبة إلى بلاط الشهداء، فحين قتل عبد الرحمن الغافقي رحمه الله انسحب المسلمون، وانكمشوا على أنفسهم إلى الداخل، وهنا تكمن العبرة والعظة من أحداث المسلمين المتكررة والشديدة الشبه.

مسألة القومية والعنصرية

وهي الشق الثاني من السؤال، وكسابقتها فإن مسألة القومية والعنصرية كانت قد ظهرت أيضا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يعد قدحا في هذا العهد أو في هؤلاء الصحابة بقدر ما هو بيان لأمور فطرت وجبلت عليها النفس الآدمية، لكن فرق بين أن تعود هذه النفس إلى طريق بارئها وبين أن تتمادى في غيها.

ولعلنا نذكر هنا تلك الحادثة المشهورة التي حدثت بين أبي ذر وبين بلال رضي الله عنهما، حين عيّره أبو ذر بأمه في خلاف بينهما قائلا لبلال يا ابن السوداء، فذهب بلال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مغاضبا يحكى له ما حدث، فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن غضب غضبا شديدا وقال لأبي ذر طَفُّ الصَّاعِ، إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلْ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ. وفي رواية أَنه صلى الله عليه وسلم قال وَالَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَحْلِفَ مَا لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٍ إِلَّا بِعَمَلٍ، إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا كَطَفِّ الصَّاعِ.

والعبرة هنا برد فعل أبي ذر رضي الله عنه حيال هذا الغضب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحيال هذا الذنب الذي اقترفه، فما كان من أبي ذر إلا أن وضع رأسه على التراب مُصرا على أن يطأ وجهه بلال رضي الله عنه بقدمه حتى يكفر عن خطيئته تلك، والعبرة هنا أيضا برد فعل بلال رضي الله عن الجميع إذ غفر لأبي ذر ورفض أن يطأ وجهه،

ومثل هذا أيضا حدث بين الأوس والخزرج حين فتن بينهم شاس بن قيس، فقال الأوس يا للأوس، وقال الخزرج يا للخزرج، وحينها أيضا قال الرسول صلى الله عليه وسلم اللَّهَ اللَّهَ! أَبْدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرْكُمْ، دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ.

وليس أدل على تلك القبلية مما حدث بمجرد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم من فتنة بني حنيفة، واجتماع الناس حول مسيلمة الكذاب، حتى سُئل رجل من أتباع مسيلمة أتعلم أن محمدا صلى الله عليه وسلم صادق ومسيلمة كاذب؟ فأجاب قائلا والله أعلم أن محمدا صادق، وأن مسيلمة كاذب، ولكن كاذب بني ربيعة، أحب إليّ من صادق مضر. هكذا كانت قبلية تماما في نظر هذا الرجل، ولو لمس الإيمان قلبه ما قال مثل قولته هذه.

إذن فقد ظهرت العنصرية والقبلية منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتدارك هذا الأمر بكل سرعة، ويحفز الناس بالإيمان ويقربهم إلى ربهم، ويذكرهم بالآخرة [وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ] {الذاريات55} . فسرعان ما يتجاوزن ما حدث ولا يعودون،

روى البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَمَرَ اللَّهُ مُنَادِيًا يُنَادِي أَلَا إِنِّي جَعَلْتُ نَسَبًا وَجَعَلْتُمْ نَسَبًا، فَجَعَلْتُ أَكْرَمَكُمْ أَتْقَاكُمْ، فَأَبَيْتُمْ إِلَّا أَنْ تَقُولُوا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ خَيْرٌ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، فَأَنَا الْيَوْمَ أَرْفَعَ نَسَبِي وَأَضَعُ نَسَبَكُمْ. ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم [فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ]










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
عبد الرحمن


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 16:49

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc