الغرب استغل صمت العالم الإسلامي لتخريب عقول شبابنا شباب الأمة الإسلامية بين هجمة التغريب وتغلغل الإباحية
من البديهي الإشارة إلى أن شباب العالم الإسلامي يواجهون تحديًا هو الأقوى من حيث قدرتهم على الحفاظ على هويتهم وعقيدتهم، لم يواجهوه منذ البعثة النبوية الشريفة وعصر الخلفاء الراشدين والسلف الصالح.
فلم يواجه الشباب حملة إباحية شرسة مثلما يواجهون هذه الأيام بسبب تداعيات العولمة وانهيار دور الدولة وتراجع دور المساجد، وإبعاد العلماء عن التأثير في حياتهم وتركهم فريسة سهلة بين أنياب موجات المد الإباحي والتغريبي الذي لم تغب شمسه عن المنطقة منذ ما يقرب من ثلاثة عقود على الأقل.
ولا يغيب عن أحد مدى شراسة المد التغريبي على العالم الإسلامي، الذي تظهر تجلياته في عديد من المجالات أهمها على الإطلاق القنوات الفضائية بمختلف ألوان طيفها، فهذه قنوات مخصصة للأفلام، وثانية للكليبات، وأخرى للمنوعات، لا هدف لها إلا إثارة الغرائز ومخاطبة الشهوات، لا لشيء إلا لتخريب عقول الشباب وإفسادهم وصبغهم بصبغة تغريبية تبعدهم عن هويتهم الإسلامية وتجرهم بعيدًا؛ ليكونوا صيدًا سهلاً لهذا المد الإباحي.
ويزيد من خطورة الموقف حصار شباب الأمة بموجات من القنوات الإباحية التي تمجد الرذيلة والشذوذ، وتقدم «نجمات» الإغراء والإباحة على أنهن «نجوم» للمجتمع والمثل الأعلى للشباب؛ بهدف تخريب عقيدتهم وتسهيل هزيمتهم في أي معركة تخوضها الأمة دفاعًا عن شرفها وعزتها وكرامتها، وتقديمها على طبق من ذهب لأعدائها.
مد إباحي
ولا يفوتنا في هذا المقام الإشارة إلى أن الأمتين العربية والإسلامية قد تعرضتا لموجة مد إباحي غير مسبوقة في ظل ما يتردد عن تورط عديد من رجال الأعمال العرب - وأغلبهم غير مسلمين - في امتلاك قنوات إباحية على القمر الصناعي الأوروبي وكلاء عن منظمات صهيونية وماسونية ترغب في مسخ هوية شباب الأمة.
ولا تقف المخاطر عند المد الفضائي المدمر لشبابنا على هذا الصعيد؛ فلم يقتصر نشاط القنوات الفضائية على المد الإباحي ومخاطبة الغرائز، بل تنوعت الحرب على الإسلام على وسائل مختلفة، فهذه قنوات تابعة للفرق الضالة، وأخرى تروج للصوفية، وغيرها لتفسير الأحلام وتكريس ثقافة السحر والخزعبلات.
وكذلك تتجاوز الحملة لنشر الفكر التغريبي الإباحي لمواقع الإنترنت، فحسب دراسة صادرة عن جامعة الدول العربية فإن أكثر من 60% من مرتادي الإنترنت في المنطقة العربية يتناوبون على ارتياد مواقع إباحية، في وقت يقبل «الإسرائيليون» والإيرانيون على المواقع الخاصة بالعلم والتكنولوجيا والمواقع الخاصة بالعلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية، وهي أرقام توضح مدى نجاح الغرب في استلاب عقول شباب الأمة الإسلامية.
ومن الفضائيات ننتقل لمجال آخر من مجالات استهداف شباب الأمة الإسلامية، ألا وهو حملة إغراق المنطقة بجميع أنواع المسكرات والمخدرات القادمة من مختلف أنحاء العالم لدرجة أن أكثر من 35% من المخدرات المنتجة عالميًا، سواء من جنوب شرق آسيا أم من أمريكا اللاتينية، يوجه للمنطقة بتوصية من عديد من أجهزة الاستخبارات الدولية والمنظمات الصهيونية؛ بهدف إغراق شباب المنطقة في بحر الإدمان والمسكرات المحرمة التي تمارس محلاتها أنشطتها بحرية مستفزة في بعض العواصم العربية دون أية قيود، اللهم إلا لافتة تمنع بيع الخمور لأقل من 21 عامًا.
حملة عالمية
ولا يدرك القائمون على هذه الأنشطة ومن يسهّلون لهم أن الإدمان هو البوابة الذهبية لعالم الجريمة المنظمة من قتل ونهب وسرقة، بل إن موجة العنف الأسري والعائلي المشتعلة في العالم الإسلامي تعود في المقام الأول إما لانتشار قنوات العنف و«الأكشن» الفضائية أو لتورط أعداد كبيرة من الشباب في إدمان المخدرات والمسكرات بكافة أنواعها.
وما يزيد الطين بلة أن حملات تغريب وإفساد الشباب في العالم الإسلامي قد تواكبت مع معاناة ما يقرب من 25% من القوى العاملة في العالم الإسلامية من غول البطالة وعجز الدول الإسلامية في مرحلة الخصخصة عن توفير فرص العمل لهذه الطاقات المهدرة التي حولتها البطالة إلى نقطة ضعف وقناة للجريمة في معظم بلداننا.
وراهن الغرب كذلك على أهمية ما يطلق عليه بالسياحة المحرمة لإفساد شباب الأمة، فتقدم إغراءات لا حصر لها وفي بلدان إسلامية تتسم بنوع ما من الثراء لإغراء شبابها بتفضيل المقاصد السياحية الغربية؛ لما تتمتع به من حرية وخلاعة ومجون ويقوم مرتادوها بفعل ما يحلو لهم دون أي تهديد بالملاحقة على جرائم أخلاقية أو جنائية.
وتستهدف الرحلات السياحية المدعومة عناصر الشباب الأقل من 18 عامًا؛ لإدراكهم مدى خطورة هذه السن في تشكيل وعي ووجدان الشباب وقابليتهم في هذه المرحلة لما يعرض عليهم من منظومة قيمية أو سلوكيات تظل عالقة في أذهانهم لمدد طويلة، إلا إذا واكب ذلك حراك قوي يجعلهم يعيدون النظر في تصوراتهم.
ولم يكتف الغرب ووكلاؤه في المنطقة بتخريب المنظومة الأخلاقية لشباب العالم الإسلامي، بل عمدوا وعبر مخطط منظم إلى قيادة حملة تشكيك في الإسلام بوصفه ديناً قادراً على تخليص الأمة من همومها، مع شن حملة تشويه لعلماء الإسلام ووصفهم بالإرهاب تارة وبالرجعية والتخلف تارة أخرى؛ لتحقيق أكثر من هدف: الأول إيجاد حالة انفصام بين الأجيال الشابة والإسلام ،وتشكيكهم في اعتباره هوية وعقيدة لهم وطريقا للنجاة، وحثهم على البحث عن هويات أخرى تنقذهم من الفقر والتهميش والبطالة والاستبداد، وتحويلهم لقوة ناقمة على ولاة أمورهم وعاملا من عوامل الفتنة والخروج على حكامهم؛ تحقيقًا لمفاسد عظيمة.
حملة تشكيك
ويأتي الهدف الثاني - وهم الأهم - والمتمثل في إفقاد العلماء لدورهم بوصفهم معلمين وموجهين لشباب الأمة لإنقاذهم من غياهب الظلمات وافتقادهم الحصانة القادرين بموجبها على مواجهة أي حملات لإفساد عقيدتهم.
فالحملة على العلماء والمظاهر الإسلامية وتصويرها على أنها نوع من الرجعية، تهدف لإغراء الشباب بتبني المنظومة القيمية الغربية، بعد إثارة حالة من الشك في المقاومين لمثل هذه الحملات، وإنهاء حالة الثقة بينهم وبين عصب الأمة الإسلامية.
ولم تأت هذه الحملة بجديد؛ فالقوى الاستعمارية في إطار كيدها للأمة الإسلامية ورغبتها في إخضاعها كانت تسبقها حملات تشكيك في ثوابت الأمة والعمل على تشويه صورة علمائها؛ حتى يأمروا فلا يطاعوا، وإذا نجحت في هذا الأمر فإنها ترسل بحملاتها العسكرية يقينًا من وجود شروخ في البنية الداخلية سواء الأخلاقية أو العقدية بشكل يعجز الأمة عن المقاومة، وهو ما يتكرر حاليًا وإن كان بصورة مختلفة.
رؤية للحل
وإذا كانت الصورة السابقة قد تضمنت استعراضنا لمظاهر التحديات التي تجابه شباب العالم الإسلامي، فإن من الضروري البحث عن حلول شرعية لمحاولات التخريب المستمرة لشباب الأمة، وهو ما سنحاول استعراضه خلال السطور الآتية؛ حيث يرى العديد من العلماء والمفكرين الحاجة الشديدة لإصلاح شامل لجميع مؤسسات المجتمع، بدءًا من مؤسسة الأسرة فالتعليم والإعلام إذا أردنا قطعًا التوصل لحل لهذه المشكلة.
ويرى الدكتور إبراهيم الخولي المفكر الإسلامي المعروف أن انهيار المنظومة القيمية للأسرة المسلمة ومعاناتها طوال الأعوام الأخيرة من محاولات الإفساد المستمرة عبر وسائل الإعلام والقنوات الفضائية، أدت الدور الأهم في تفسيخ المنظومة القيمية لشبابنا.
وشدد على أن غياب معالم التربية الإسلامية، وسيادة الفكر التغريبي المتمثل في المدارس الأجنبية وما يطلق عليها التجريبية التي تصبغ أطفالنا وشبابنا بصبغة غربية، يمثلان الكارثة بعينها.
وأبدى د. الخولي أسفه الشديد لعدم وجود موقف جاد من قبل الدولة في عالمنا الإسلامي ضد محاولة إفساد شبابنا، وعدم تدخلها لمنع العديد من المظاهر المحرمة التي تهدد هوية شبابنا مثل تشجيع الاختلاط وما يطلق عليه السياحة الحرام وانتشار المسكرات والمخدرات والعمل على قدم وساق لتدمير شبابنا، وهو ما يؤكد أن الأمة مقدمة على دفع ثمن باهظ لهذا العبث.
وطالب الخولي بتطبيق حد الحرابة على القائمين على تفسيخ هوية الأمة، مثل القائمين على القنوات الفضائية التي تكرس ثقافة الانحلال والإباحية، والبحث عن تجفيف منابع الفساد مثل إغلاق هذه القنوات ومعها محلات السكر والعربدة؛ حتى نهيئ لشبابنا بيئة صالحة تجعلهم قادرين على مواجهة محاولات الإفساد المتعمدة.
مخطط ماسوني
وفي الإطار نفسه يرى الدكتور أحمد عبد الرحمن أستاذ العقيدة بجامعة أم القرى أن استهداف شباب الأمة الإسلامية مخطط صهيوني وماسوني بامتياز يهدف إلى إفتقاد الأمة الإسلامية أهم طاقة تساعد على بنائها واستقرار وسلامة عقيدتها.
وأشار إلى أن من يلاحظ إقبال الشباب بوتيرة متصاعدة على المقاهي والبارات والأماكن المشبوهة يدرك كم نجح الغرب عبر مؤامراته في إفساد شبابنا.
وانتقد عبد الرحمن غياب ثقافة المقاومة للفكر التغريبي بعد إبعاد العلماء والفقهاء عن صدارة المشهد ليعبث بها المخربون، مشددًا على أن حملة الغرب على علماء الإسلام تسير في إطار إفقاد شباب الأمة الثقة في القدوة الصالحة والاستقواء بهم في معركة لا يملكون فيها الأسلحة القادرة على حمايتهم من هذه المؤامرات.
وعدّ أستاذ العقيدة الإسلامية بجامعة أم القرى إعادة الاعتبار لدور العلماء ضرورة ملحة جدًا وعدم محاصرة دورهم الدعوي، خصوصًا أن تراجع دور المساجد والأسرة وعدم تعديل مسار وسائل الإعلام ومؤسسات التعليم قد أوصلانا لهذه الهوة السحيقة التي نعانيها والتي تحتاج لجهود مكثفة ووقت طويل للتخفيف من أثرها واحتوائها واستعادة هوية الأمة الإسلامي.
منقول للفائدة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2013-03-06, 12:10
تخريب عقول الشباب ....أرجوا التثبيت
........
العرض العادي
