الرميصاء بنت ملحان
(المؤمنة الداعية المبشرة بالجنة)
هي الرميصاء أم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب الأنصارية الخزرجية، وكان من أوائل من وقف في وجهها زوجها مالك الذي غضب وثار عندما رجع من غيبته وعلم بإسلامها ولما سمع مالك بن النضر زوجته تردد بعزيمة أقوى من الصخر: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، خرج من البيت غاضبا فلقيه عدو له فقتله، ومضى الناس يتحدثون عن أنس بن مالك وأمه بإعجاب وتقدير ويسمع أبو طلحة بالخبر فيتقدم للزواج من أم سليم ويعرض عليها مهرا غاليا. فترده لأنها لا تتزوج مشركا تقول: إنه لا ينبغي أن أتزوج مشركا. أما تعلم يا أبا طلحة أن آلهتكم ينحتها آل فلان. وأنكم لو أشعلتم فيها نارا لاحترقت .
فعندما عاود لخطبتها قالت: (يا أبا طلحة ما مثلك يرد ولكنك امرؤ كافر وأنا امرأة مسلمة لا تصلح لي أن أتزوجك).
فقالت إن مهرها الإسلام.
فانطلق أبو طلحة يريد النبي صلى الله عليه وسلم ليسلم ويتشهد بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم - فتزوجت منه - وهكذا دخل أبو طلحة الإسلام على يد زوجته. ودخل عليها أبو طلحة وكان له غلام تركه مريضاً فسألها عن أحواله فقالت: (إنه بخير) وكان قد مات وتزينت ونال منها ما ينال الرجل من امرأته ثم قالت: (إن الله قد استرد وديعته وأن ابننا قد لقي ربه) فغضب وعجب كيف تمكنه من نفسها وولدها ميت، وخرج يشكوها لأهلها ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبله النبي باسماً وقال: (لقد بارك الله لكما في ليلتكما) فحملت الرميصاء بولدها (عبد الله بن أبي طلحة) من كبار التابعين وكان له عشرة بنين كلهم قد ختم القرآن وكلهم حمل منه العلم.
ولم يكف أم سليم أن تؤدي دورها في نشر دعوة الإسلام بل حرصت على أن تشارك في الجهاد ففي صحيح مسلم وابن سعد- الطبقات بسند صحيح أن أم سليم اتخذت خنجراً يوم حنين فقال أبو طلحة: يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر. فقالت: يا رسول الله إن دنا مني مشرك بقرت به بطنه. ويقول أنس- رضي الله عنه-: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بأم سليم ونسوة من الأنصار معه إذا غزا فيسقين الماء ويداوين الجرحى. فقد بشرها عليه الصلاة والسلام بالجنة حين قال: (دخلت الجنة فسمعت خشفة، فقلت من هذا قالوا هذه الرميصاء بنت ملحان أم أنس بن مالك).
السميراء بنت قيس
(الصابرة المجاهدة)
السميراء بنت قيس، أسلمت فشمخت بإسلامها، وشمخ بها الإسلام فإذا هي نموذج فريد متحرك لما تنبغي أن تكون عليه المرأة المسلمة. وحين نفر المسلمون إلى أحد، وسارعت السميراء تحرض ولديها، النعمان بن عبد عمرو، وسليم بن الحارث، للنفرة مع رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، ثم تمضي من خلف الركب النبوي، مع نفر من نساء المسلمين تستطلع أخبار القتال.
واحتدم القتال، والسميراء ورهطها يراقبن عن بعد مجرى المعركة، حتى إذا لاح لها فارس يقترب، نهضت إليه تستوقفه، وتسأله عن أخبار المعركة، فعرفها الفارس فنعى إليها ولديها النعمان وسليم، فما زادت أن قالت: (إنا لله وإنا إليه راجعون).
وعادت إلى الرجل تقول: يا أخا الإسلام، ما عنهما سألتك، أخبرني ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الرجل: خيراً إن شاء الله هو بحمد الله على خير ما تحبين. قالت: أرنيه انظر إليه. فأشار إليه، فقالت: وقد تهلل وجهها، ونسيت مصيبتها بولديها: كل مصيبة بعدك جلل يا رسول الله.
وما هي إلاسويعات، حتى جيء لها بولديها الشهيدين: فقبلتهما وحملتهما على ناقتها، ورجعت بهما إلى المدينة.
وفي الطريق، قابلتها عائشة أم المومنين- رضي الله عنها- فقالت : وراءك يا سميراء؟. قالت: أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو بحمد الله بخير) وأما المسلمون فقد اتخذ الله منهم شهداء، وأما الكافرون فقرأت قوله تعالى: (ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى الله المؤمنين القتال) .
قالت عائشة- رضي الله عنها-: فمن هؤلاء الذين فوق الناقة يا سميراء؟ قالت: هما ولداي، النعمان وسليم، قد شرفني الله باستشهادهما، وإني لأرجو الله أن يلحقني بهما في الجنة.
رحم الله السميراء بنت قيس وأسكنها الله فسيح جناته .
الشفاء بنت عبد الله
(المعلمة الأولى)
الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس القرشية العدوية، أسلمت قبل الهجرة وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم وكانت من عقلاء النساء وفضلائهن، ولما هاجرت إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم
أقطعها النبي دارا عند الدكاكين بالمدينة فنزلتها مع ابنها سليمان وكانت تكتب بالعربية في الوقت الذي كانت الكتابة في العرب قليلة.
فكانت تعرض على رسول الله ما كانت ترقي به الناس في الجاهلية. فكان يسمع منها صلى الله عليه وسلم.
ودخل رسول الله على أم المؤمنين حفصة بنت عمر فوجد الشفاء بنت عبد الله عندها فقال لها: علمي حفصة رقية النملة كما علمتيها الكتابة.
كانت تعلم الناس الكتابة والقراءة مبتغية بذلك الأجر والثواب من الله، فكانت حفصة من بين من علمت من النساء. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور أم سليمان ويقيل عندها فلقد سألت رسول الله فقالت- ما أفضل الأعمال يا نبي الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: (إيمان بالله وجهاد في سبيله وحج مبرور).
وكان عمر بن الخطاب يقدمها بالرأي.
أم حرام بنت ملحان
(شهيدة البحر)
هي أم حرام بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام الأنصارية من بني النجار أخت أم سليم وخالة أنس بن مالك. كانت تحت عبادة بن الصامت سيد الخررج وأحد النقباء الاثني عشر الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخلت الإسلام وما تركت غزوة إلا وخرجت مع الجنود تسقي الظمأى وتداوي الجرحى.
وكان بيتها من أحسن البيوت وأحبها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذات يوم أخذته سنة من النوم، ثم قام وهو يضحك فسألته فقال: (أناس من أمتي يركبون البحر كالملوك على الأسرة). فقالت: (يا رسول الله ادع الله أن أكون منهم) فقال: (أنت مع الأولين) انظر الحديث بطوله .
فلما كان زمن معاوية بن أبي سفيان- رضي الله عنه- سنة اثنين وأربعين من الهجرة ركبت أم حرام بنت ملحان البحر وركب معها زوجها عبادة بن الصامت.. فلما قدمت إليها البغلة حين خرجت من البحر وقعت أم حرام فاندق عنقها.. وماتت ونالت الشهادة ودفنت في قبرص. رضي الله عنها وأرضاها.
يتبــــــــــــــــــــــــــــع