تأليف الشيخ عبد المحمود بن الشيخ نور الدائم بن الشيخ أحمد الطيب البشير
ص 209+210+211+212+213
الزِّنا كرامة صوفية
جاء في الكتاب : وصَحِبَ تلميذٌ شيخاً فرآه يوماً قد زنا بإمراءة فلم يتغير عن خدمته و لا اختل بشئ من مرسومات شيخه ، و لا ظهر له نقص في احترامه وقد عرف الشيخ أنه رآه ، فقال يوماً : عرفت أنك رأيتني حين فَسَقت بتلك المرأة ، و كنت أنتظر نفارك عني من أجل ذلك ، فقال التلميذ : يا سيدي الإنسان مُتعرض لأقدار الله عليه ، وأني من الوقت الذي دخلت لِخدمتك ما دخلت على أنك معصوم و إنما خدمتك على أنك عارف بطريق الله عارفٌ بكيفية السلوك عليه ، وكونك تعصي أو لا تعصي شئ بينك و بين الله عزَّ و جل ، فقال الشيخ : وُفِّقْت و سَعِدت ، هكذا و إلا فلا . و بَرَع ذلك التلميذ بعد ذلك و جاء منه ما َتَقَرُ به العين من حُسن الحال و عُلو المقام .
والفرق بين معصية الولي و معصية الفاسق أن الولي يُطلعه الله تعالى على المعصية كشفاً و إلهاماً من قبل صدورها منه ، والفاسق على العكس من ذلك ، و كل من لم يُطلعه الله تعالى على معصيته من قبل مباشرته لها كشفاً و إلهاماً فهو فاسق لا غير .
وعليك يا أخي بالتسليم لهذه الطائفة و ترك الإعتراض عليهم ، فإنهم أعرف بالله منك و أخوف . فالعاقل من إشتغل بعيوب نفسه دون عيوب الآخرين ، و ترك التجسس على المسلمين ، و الخوض مع الخائضين لا سيما أهل الطريقة فإنهم أهل الله من بين العاليمن .
لا حول و لا قوة إلا بالله و الله المستعان
هكذا هو الولي عندكم أيها الصوفية ، يرتكب الزنا ، بل و أكثر من ذلك يقول بأن الله قد أطلعه على أنه سيرتكب هذه الفعلة النكراء و أكثر من ذلك فبعد أن يرتكب الفاحشة و يستره الله يصبح فيكشف ستر الله عليه و يحكي هذه الفضيحة و يضعها في الكتب ليقرأها العالمين . هل من يفعل مثل هذا الفعل الشنيع يكون ولياً ؟ أين عقولكم أيها الصوفية ؟ و كيف إذا حبلت المرأة وأنجبت سفاحاً من هذا المجرم ؟ هل سيكون المولود ولياً أيضاً ؟ وأين تطبيق الحدود ؟ فالإعتراف سيد الأدلة و قد إعترف هذه المعتوه بفعلته القبيحة ؟ كان من المفترض أن يُرجم بالحجارة حتى يبرد هذا الداعر الفاجر العاهر
ثم يقال لك : ينبغي التسليم لمثل هؤلاء و عدم الإعتراض عليهم و الله تعالى يقول : {ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ}
فغير الشيخ إذا زنا يكون ذلك عيباً فيه حقه و يقام عليه الحد أما الشيخ إذا زنا فلا تسريب عليه لأنه ولي من أولياء الله

