ان في رضاء الأم وسخطها آثار عجيبة رأيناها في زماننا هذا ـ القرن الرابع عشر ـ وآثارها بعضاً تتعلق بالدنيا ، وبعضاً تتعلق بالآخرة ، تتعلق بالفقر والغنى ، والتوفيق وعدمه ، وطول العمر و قصيره ، وبركة النسل وعدمه ، وسعة الصدر وضيقه ، وهكذا الأم تؤثّر في جميع مرافق الحياة من الخير والشّر ، والسعادة والشقاء ، الى ابعد الحدود ، والى ما شاء الله تعالى. 1 ـ وحكي انّه كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم شاب يسمى علقمة ، وكان كثير الاجتهاد في طاعة الله ، في الصلاة والصوم والصدقة ، فمرض واشتد مرضه ، فأرسلت امرأته الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : ان زوجي علقمة في النزع فأردت أن اعلمك يارسول الله بحاله. فأرسل النبي صلى الله عليه وآله وسلّم عمارا وصهيبا وبلالا ، وقال صلى الله عليه وآله وسلّم امضوا اليه ولقّنوه الشهادة ، فمضوا اليه ودخلوا عليه فوجدوه في النزاع فجعلوا يلقنونه : لا اله الاّ الله. ولسانه لا ينطق بها فارسلوا الى رسول الله صلى عليه وآله وسلّم يخبرونه أنه لا ينطق لسانه بالشهادة. فقال صلى الله عليه وآله وسلّم : هل من ابويه أحد حي ؟. قيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أم كبير السنّ ، فأرسل اليها رسول الله صلى الله عليه منّي ! فانطلق بلال فسمع علقمة من داخل الدار يقول : لا اله الاّ الله. فدخل بلال فقال : يا هؤلاء ان سخط أم علقمة حجب لسانه عن الشهادة وان اضاها اطلق لسانه. ثم مات علقمة من يومه ، فحضره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ، فأمر بغسله وكفنه ، ثم صلّى عليه ، وحضر دفنه ، ثم قام صلّى الله عليه وآله وسلّم على شفير قبره ، وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : يا معشر المهاجرين والأنصار ، من فضّل زوجته على أمّه فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين ، لا يقيل الله منه صرفا ولا عدلا ، الاّ أن يتوب لله عزوجلّ ، ويحسن اليها ويطلب رضاها فرضى الله في رضاها ، وسخط الله في سخطها ... الى آخره .... ذرايع البيان ، الآفة الثامنة ص186. المصدر : كتاب / الأثر الخالد في الولد والوالد / السيد علي بن الحسين العلوي