مهنا الحبيل: التآمر الدولي على انتصار الثورة السورية
منعطف التغيير الكبير برز في التصريحات التي انطلقت من اكثر من عاصمة ومصدر ومنها تصريح المسئول الأممي بأن الثوار باتوا يهيمنون على أكثر الارض ثم أعقب ذلك بمقولة تتناغم مع مواقف المعسكر الدولي والاقليمي المتواطئ ضد الثورة وهو زعم المسئول ان ذلك ضمن حرب أهلية شاملة ,وهو غير صحيح من خلال قياس ومتابعة دقيقة للميدان واخلاقيات وانضباط الثورة الحاسم ونتائجه على الارض الذي منع انزلاق سوريا للحرب الطائفية ولا يزال يمنع ذلك بإيمانه الثوري وتزايد قوة سيطرته على الميدان رغم دفع النظام والايرانيين واحزابهم في المنطقة المشهد لهذه الوضعية لتخلق لهم الفوضى الهدامة كخيار اخير لوقف الثورة الخلاقة .
هذه الرسائل التي صدرت من عدة مواقع إثر هذا التقدم النوعي والانضباطي للثورة كُلها تؤكد قضية واحدة أن الثورة تزحف على الارض وأنّ هناك خشية كبيرة من كل اطراف المعسكر الدولي من حسمها دون تحقيق قيود واستيعاب لحصار الانتصار المحتمل فالناطق باسم الخارجية الامريكية وفي ذات التاريخ أي عقب تصريح المسئول الاممي اعلن مجدداً رفض تسليح المعارضة وهو ذات موقف واشنطن الذي يُبلغ دورياً بتحذير أو تهديد واعقب ذلك في يونيو حزيران الجاري زيارة وزير خارجية موسكو لطهران ورغم ان الثورة تجاوزت مناورات الروس إلاّ انها اظهرت اعتراف موسكو الضمني للحليف الشريك مع النظام ايران والقريب من الروس بالتحولات الكبيرة على الارض التي ينقلها له وللرئيس بوتن شعبة المخابرات العسكرية الروسية في قاعدة طرطوس وهو ما يجزم بقلق كبير للروس ولو استمر خطابهم الاعلامي التصعيدي على الثورة للحفاظ على أي مستوى توازن ممكن لنظام الاسد .
هناك إذن قلق كبير خاصةً في إسرائيل وموسكو والغرب من أنّ النظام لم يعد قادراً على الصمود أمام الثورة رغم كل الدعم الدولي الذي قدم لموسكو وطهران والتغطية القانونية التي لم يشهد لها العالم مثيلا للمذابح ومشاركة الايرانيين فيها , ولذلك يُبقي المعسكر الدولي ومنظمته العالمية المخترقة مساحة تدخل لتحجيم الثورة وليس انقاذاً للشعب باعتماد ضجيج ومسميات الحرب الاهلية التي يُكذبها حماية الثورة لأحياء الاقليات واللقاءات التنسيقية الدائمة بين الحراك المدني والجيش السوري الحر لرعاية هذه الاقليات وتحديد المطاردة والعقاب القانوني فقط في الشبيحة الجناة , وهو ما يعني ان الثورة السورية تقوم بامتياز بمسئولية الدولة والنظام يُجسد بتطرف مؤسسة عصابة ارهابية لا قانون لها ولا اعراف محترمة , المهم ان ما يعنينا من سياقات التصريحات هو الاقرار بالتقدم النوعي الكبير للثورة والتأسيس لمحاولة حصارها .
هنا القضية تعود من جديد بقوة لمسألة السلاح وهي تُعيد تأكيد المؤكد بمسئولية تأخّر الطرف العربي القادر عن الدعم المركزي المباشر لتسليح الجيش الحر كقوة للشعب وقيادة أساسية ضمن الاضلع الثلاثة – وهو القوة التي لن يسمح تواجدها ومركزيتها بتوسع بؤر أو جيوب على أساس مذهبي ضيق قد يُهيئ لاستثمار أطراف معادية- , هذا التأخر في الدعم سيكلف المنطقة لأنّه سيعطي مهلة لإيران للإشعال الطائفي ليس للبنان فقط بل ومنطقة الخليج العربي وتكون ضريبة الأمر فادحة على المنطقة وخاصةً بأن كل دورة من الزخم الدولي تثبت فراغها من أي فعل وتؤكد تواطؤ واشنطن والغرب لبقاء الحالة على حساب السوريين, فيما يُحسم الامر بالتقدم الواضح والشجاع المنتظر للتعاطي مع الثورة ودعمها عبر أضلعها الثلاثة الحراك المدني الثوري والمجلس الوطني وهما متفقان على دفع ودعم الضلع الثالث وهو الجيش السوري الحر , كذراع وحيد يحمي بإذن الله دماء المدنيين وهيكل الدولة .
وحين نقول السلاح فنحن نعني جدياً اولاً هذا السمو الروحي المذهل للشعب السوري وايمانهم بالوعد الالهي المقدس وتعلقهم به وركونهم اليه وتبتلهم في فدائهم واوردة اطفالهم وكفاح حرائرهم وثلة شهدائهم مقاومين وناشطين وصيحات ثكلاهم التي لا تعرف ولم تعرف الا ربانية رهبانية متعلقة بعمود النصر وقدرة الخالق الناصر للمضطهدين فهو السلاح الذي حقق توازن القوة لدى هذا الشعب العظيم , ولو تمكنت الاطراف الشعبية أو الرسمية من إيصال السلاح النوعي لقيادته الشرعية في الجيش السوري الحر وتحالف المجلس العسكري الاعلى التابع له فان مهمة التحرير والتخفيف عن هذا الشعب وحقن المزيد من دمائه ستتحقق خاصة بعد الانعطاف الاستراتيجي للثورة الذي يتقدم بالفعل وقد يحتاج اشهراً نرجو بعون الله للثوار الابطال ان تستبق مطلع العام القادم.