السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته :
اهرب إلى نفسك
- والله لو برزت للناس بتاج مشلشل، في همة تشرشل، ولو فرشت للناس بالذهب الأسفلت، في مجد روزفلت، لقلبوا مدحك قدحاً، وجدك مزحاً، وكدّروا صفوك مساءً وصبحا.
- اشرب من دنان عزلتك كما دوّن (دانتي) في روما مقالته: العزلة في الدار مملكة الأفكار. وفي دفاتر فولتير: إن حسن التفكير في البعد عن الكثير.
- لو كان لي كرّة، لاعتزلت الناس بالمرة، فخلطتهم تُذهِب المسرّة، ولكن الحمد لله عرفنا الاختلاط وضرّه، والاجتماع وشرّه، وعذرنا قول ابن مطيع لله درّه:
أنا الذي فررت يوم الحرّه والشيــخ لا يفــر إلا مرّه
- سكن في الكوخ طاغور، فأنشد على الفور: يا أهل الدور والقصور، أنا أسعد منكم، سعادتكم بجواهر البحور، ودر النحور، وسعادتي بفرائد المعارف وقلائد المصاحف، نحن عبيد الله، وأنتم عبيد الدينار الذي يؤدي إلى النار.
- أحب المتنبي الشهرة فباع قريضه، وترك الفريضة، وسافر في آماله العريضة، فصار خويضة.
- إذا احتجب القمر بالخسوف، قام الناس يصلون في صفوف، والكل يبكي بكاء الملهوف؛ لأن الغائب مقدَّر، والمحجوب موقَّر، فلا تبذل وجهك لكل سفيه، فيصيبك من رماد الجهل سوافيه، وما فيه يكفيه.
- صفق المجد لابن مقلة وانبسط، ففرح واغتبط، وجمع حوله الشرط، فَعُزِلَ وسقط، ثم قطعوا يمينه، وأبكوا عينه، وداسوا جبينه.
- من خالط الأشرار انتكس وارتكس، ومن رافق الفجار تعس.
- لم تحمد سيرة ابن الزيات؛ لأنه صب الزيت على النار بإيذاء أحمد، وزيت أحمد سني يكاد يضيء ولو لم تمسسه نار، فوضع ابن الزيات في فرن فاشتعل بنار الخلاص، والجروح قصاص.
- لما رأى سعدٌ العقوق خرج إلى العقيق، فذبح على الخلاص من الدنيا عقيقة؛ حمداً لله على سلامته من شر ابنه العاق.
- رفض عمر بن سعد بن أبي وقاص عزلة والده وخالط المسيئين، وتورط في قتل الحسين، زرع مع ابن زياد حنظلة البغي بعد قطع ريحانة الرسول.
- لو كان لابن بقية بقايا من عقل التقية؛ لما أركبه عضد الدولة منبر الصلب، ليقول فيه ابن الأنباري:
علــوٌ فـي الحيــاةِ وفـــي الممــاتِ
- وفي مذكرات كونفوشيوس: الناس عبيد الفلوس، لهم نبيب على المال كنبيب التيوس.
وعلى ذكر النبيب، يقول حسان الشاعر المصيب، وهو من باب التأديب والتهذيب والتأنيب، لمن اهتمّ بكلام العوام، الهوام السوام، عُبّاد الحطام:
ما أُبالي أَنَبَّ بِالحُزنِ تَيسٌ أَم لَحاني بِظَهرِ غَيبٍ لَئيمُ
يا من خاف من الناس القصف والسيف والخسف، فِر إلى غار العزلة واقرأ: (فأووا إلى الكهف).
لـ: الدكتور الشيخ عائض القرني