|
قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية .. |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2013-10-30, 22:55 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
الإسبال
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ، والحمد لله ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ عَلَى نَبيِّنا مُحمَّدٍ، وعَلَى آلِهِ وصَحْبهِ وسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدِّين؛ قالَ الإمام أبُو عبد الله بن بطَّة - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -:"وَمِنَ اَلْبِدَعِ: أَنْ يُسْبِلَ اَلرَّجُلُ إِزَارَهُ، وَهُوَ اَلسَّرَاوِيلُ عَلَى عَقِبَيْهِ. وَقَالَ اَلنَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:((لَا يَنْظُرُ اَللَّهُ إِلَى اَلْمُسْبِلِ إِزَارَهُ مِنْ اَلْخُيَلَاءِ))". قال الشيخ محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله-: قولُ المصنِّف -رَحِمَهُ اللهُ -:"وَمِنَ اَلْبِدَعِ"، يعني: ومن الإحداث في دين الله،((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ- فِي ديننا هذا ما ليسَ مِنْهُ - فَهُوَ رَدٌّ))،"أَنْ يُسْبِلَ اَلرَّجُلُ إِزَارَهُ، وَهُوَ اَلسَّرَاوِيلُ عَلَى عَقِبَيْهِ"، فسَّره المصنِّف -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - بما هو شائعٌ في زمانه،«السَّراويل»، وإلاَّ الحديث جاءَ بلفظ:«الإزار»، والإسبالُ كبيرةٌ من كبائر الذُّنوب؛ عظَّم أمرها رسُول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وذلكَ في عدَّة أحاديثٍ صحَّت عنهُ - عليه الصَّلاة والسَّلام -، فمن ذلكَ: حديث أبي هريرة -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - في "صحيح البُخاري" عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ: ((مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الْإِزَارِ فِي النَّارِ)). والحديث وإنْ جاء بلفظ:«الإزار»، فإنهُ يشمل الإزار، والقميص، ويشمل السَّراويل، ويشمل البناطيل الَّتي تلبس اليوم، أيِّ نوع ٍكانت، قطنًا أو كتانًا، أو ما يسمُّونه بالحرير الصِّناعي، أو الجنز، أو نحوه، كلها سواء، فالسراويل، والبناطيل، والقُمُص هذه الَّتي نلبسها، وتلبسونها أنتم، والأُزر كلها سواء، والأحاديث وإنْ وردت بلفظ:«الإزار»، إلِّا إنها شاملةٌ لذلك كلّه، فإنَّ الإزار عامٌ، يعمُّ كل ما اتَّزر به الإنسان وستر به عورته، وسوْءَته، وقد فهم العلماء كلُّهم هذا، إلاَّ من كان في نفسه هوًى؛ ولهذا بوب البُخاريُّ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - في "صحيحه" على هذا الحديث، حديث أبي هريرة السَّابق، بوب عليه تبويبًا مطلقًا، وترجم عليه ترجمةً مطلقًا فلم يقيّده، حيثُ قالَ -رَحِمَهُ اللهُ - في "صحيحه":«بابُ ما أسفل من الكعبين فهو في النَّار»، يعني: من اللِّباسسواءً كانَ قميصًا، أو إزارًا، أو سراويل، أو نحو ذلك، فلم يقيِّده -رَحِمَهُ اللهُ - بالإزار، لأنَّ هذا اللَّفظ لقب، ولا يراد به ما اتُزِر به فقط دون ما تُقُمّص، ودون ما لُبس من السَّراويل، ولهذا قالَ الحافظ ابن حجر -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - معلقًا على تبويب البُخاريّ هذا الآنف ذكره الَّذي ذكرناه الَّذي قال فيه:«بابُ ما أسفل من الكعبين فهو في النَّار»، لم يقيِّده، يقول ابن حجر -رَحِمَهُ اللهُ-: كأنهُ ـ يعني: البُخاريّ ـ أشار إلى لفظ حديث أبي سعيدٍ عند مالكٍ، وأبي داود، والنَّسائي، وابن ماجه، وأبي عوانة، وابن حِبَّان، ورجاله رجال مسلم، يعني: أنهُ حديثٌ صحيحٌ مطلقًا لم يأتِ فيه لفظ:«الإزار»، وهذا الَّذي فهمه البخاريّ، وفهمه علماء الإسلام، هو الَّذي درجَ عليه فهم أصحاب رسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فقد جاء في "سنن أبي داود" -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى – من حديث ابن عمر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - موقوفًا عليه، قالَ: "ما قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الإزار، فهو في القميص"، يقول ابن عمر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كما هو عند أبي داود:"ما قال رسُول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الإزار فهو في القميص". فهذا إذًا الفهم من البُخاريّ مرتجل، أو أنه مقتدٍ فيه، مقتدٍ فيه بأصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقال الطَّبري -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - فيما نقله عنه الحافظ:"إنما ورد الخبر بلفظ: «الإزار»، لأنَّ النَّاس في عهد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كانوا يلبسون الأُزُر والأردية"، الأُزُر والأردية: يعني: مثل الحج، هذا لباسهم، أكثر لباسهم هذا مثل الحج، حجَّاجًا عليه رداءٌ، وإزارٌ متزرٌ به، فالإمام الطَّبري -رَحِمَهُ اللهُ – يقول:"إنما ورد الخبر بلفظ: «الإزار و الرِّداء»، لأنَّ النَّاس في عهده -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كانوا يلبسون الأُزُر والأردية، فلمَّا لبس الناس القُمُص والدَّراريع - الدَّراريع: المدارع، فلمَّا لبس النَّاس القُمُص والدَّراريع. القُمُص: الثِّياب هذه الَّتي نلبسها. والدَّراريع: عليها نحوًا من هذا، قريبًا من هذا، تكون كالجبَّه نحوًا فوقها، لكنَّها أخف، يقول: فلمَّا لبس النَّاس القُمُص والدَّراريع، كانَ حكمها حكم الإزار في النَّهي". وقال ابن بطَّالٍ -رَحِمَهُ اللهُ - في "شرح البُخاريّ" وهو مطبوعٌ قديمًا، كانَ مخطوطًا، ومن قريبٍ من حوالي أربع عشرة سنة، أو نحو ذلك، طُبع الكتاب، وخرج، وهو موجودٌ في الأسواق، قالَ ابن بطَّالٍ فيه -في هذا الموضع - قالَ:"هذا قياسٌ صحيحٌ" يعني: قياس القُمُص هذه الثِّياب الَّتي نلبسها على الإزار. يقول:"هذا قياسٌ صحيحٌ، لو لم يأتِ النَّص بالثَّوب فإنهُ يشمل الجميع"،وصدقَ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -. وهذا الكلام الَّذي دعانا إليه هو ما نسمعه اليوم من بعض المتكلِّمين المتحذلقين المصادمين بكلامهم كلام أهل العلم القائم كلامهم على الرِّواية عن رسول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وعن أصحابه -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِين -، وإذا كان الأمر كذلك فلا وزن في ميزان التَّحقيق لقول هؤلاء؛ قولهم مردودٌ عليهم، كيف قولهم؟ قولهم يقولون: (هذا ورد في الإزار، أما القُمص والبناطيل ونحوها ما يشملها)، هذا قولٌ فاسدٌ؛ مخالفٌ للمنصوص عن أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وعن علماء السُّنَّةِ والأثر، فالإزار الأحاديث وردت فيه لكونه العام الغالب على النَّاس في ذلك الحين، وليس معنى ذلك أنَّ الإسبال المنهي عنه إنَّما هو خاصٌّ به،وفي "الصَّحيحين" عن ابن عمر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - والمحشِّي عندكم عزاهُ إلى "مسلم" وهذا قصورٌ، وإنَّما هو في "الصحيحين"، عن ابن عمر -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ:((مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنْ مَخِيلَةٍ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)). وهذا الَّذي أشار اليه المصنِّف -رَحِمَهُ اللهُ -عندما قالَ:"لا ينظر الله -عَزَّ وَجَلَّ - إلى المسبل إزارهُ من الخُيلاء"، فـ"مَنْ جَرَّ ثَوْبهُ مِنْ مخيلةٍ" يعني: مِنْ خُيلاء، "لم ينظر الله إليه –جَلَّ وَعَلَا - يومَ القيامة"، وجاء أيضًا عن أبي هريرة -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ – قالَ: قالَ رسُول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:((لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ بَطَرًا)). يعني: كبرًا، وخيلاء،((لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ بَطَرًا))متفقٌ عليه. فالحديث الأوَّل: حديث أبي هريرة بابٌ، وحديث ابن عمرٍ وحديث أبي هريرةَ هذا بابٌ آخر، ويؤيِّدها أيضًا حديث أبي ذرٍّ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ – قالَ: قالَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:((ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ))، قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مِرَارًا، قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا؛ مَنْ هُمْ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ:((الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ)). خرَّجه مسلمٌ في "صحيحه". أفبعد هذه الأحاديث يُقال عن الإسبال إنهُ لا شيء فيه؛ وإنَّما المحرَّم إنَّما هو الخيلاء؟! أنتم الآن تسمعون هذه الأحاديث: فيها الخيلاء، وغير الخيلاء، فغير الخيلاء جاء فيه: ((مَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ فَهُوَ فِي النَّارِ)).فهذا عقابٌ دلَّ على أنهُ من الكبائر، وقد سمعنا بعض المتحذلقين يقول: (أرادَ به ما نزل من الثِّياب هذا في النَّار)؛ قُلنا: هذا فقهٌ عجيبٌ غريبٌ، يردهُ ما خرَّجهُ عبد الرَّزَّاق في "مصنَّفه" بإسنادٍ صحيحٍ عن نافعٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – مولى ابن عمرَ، أنهُ قيلَ له مثل هذا، فقالَ:"ما ذنب هذه الثِّياب؟" إيش ذنب الثِّياب تحرق في النَّار؟ قيلَ: هذا الكلام لنافعٍ فردَّه، قالَ: "ما ذنب هذه الثِّياب؛ بل هو في القدمين". فالعقوبة لمن؟ العقوبة للعاقل الفاعل، أمَّا الثِّياب لا عقوبة عليها، فبعضهم تمسَّك بهذه العبارة، المراد بها الثِّياب، وتَرَك الجزء الآخر وهو الفتوى جاء بالاعتراض، وترك الفتوى من نافعٍ –رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -وأفتى هو بنفسه، ترك فتوى نافع الَّتي ورثها من مولاه عبد الله بن عمر-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا - وعن أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال نافعٌ كما هو عند عبدالرزّاق بإسنادٍ صحيح:"ما ذنب هذه الثِّياب"، إيش ذنبها حتَّى تحرق في النَّار؟ بل هو في القدمين، في الوعيد بالإحراق بالنَّار إنَّما هو للقدمين، وإذا كان كذلك فأين تكون حينئذٍ النَّهاية للإزار؟ النَّهاية للإزار والقميص والبنطال والسَّراويل، النِّهاية إلى الكعب، إلى الكعب، فوق الكعب مباشرةً هذا نهايته، أسفل الكعب ليستعد من أنزله بقدميه لنار جهنَّم يوم القيامة، وإلِّا فأفضل الملبوس نصف السَّاق، فإنَّالنَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد قالَ كما في حديث عبد الله بن مُغفَّل المُزني -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عند الطَّبراني بإسنادٍ جيِّدٍ حسنٍ، قالَ:((أَزِرَةُ الْمُؤْمِنَ الَى أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ)). هذا الأفضل،((وليس عليه حرجٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ ، وَمَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ))، أنصاف السَّاقين وإن نزل فإلى الكعبين، وما تحت الكعبين فليستعد بكعبيه يوم القيامة لنار جهنَّم؛ -والعياذ بالله-، فهذا قولالنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وذلك لأنَّ ما أسفل من الكعبين يُشعر بالكِبر والأشَر والبَطَر، فإنَّ جرَّ الثَّوب يستلزم الإسبال، والإسبال يستلزم البَطَر والكِبْر والمَخيلة، -نسأل الله العافية والسَّلامة-، وقد جاء ذلك في الأحاديث عن رسول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما سمعتم، وجاء عن عبد الله بن عمر-رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مرفوعًا أنَّالنَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ:((إيَّاكَ! وَجَرَّ الْإِزَارِ فَإِنَّ جَرَّ الْإِزَارِ مِنْ الْمَخِيلَةِ)).جرُّ الإزار إسبال، والإسبال مخيلة فيه كِبْر، وخرَّجَ الطَّبرانيُّ من حديث أبي أمامة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قالَ:"بَيْنَا هُوَ يَمْشِي قَدْ أَسْبَلَ إِزَارَهُ إِذْ لَحِقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَخَذَ بِنَاصِيَةِ نَفْسِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ! عَبْدُكَ ابْنُ عَبْدِكَ ابْنُ أَمَتِكَ، قَالَ عَمْرٌو: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي رَجُلٌ حَمْشُ السَّاقَيْنِ، فَقَالَ:((يَا عَمْرُو! إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ، يَا عَمْرُو!))، وَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ مِنْ كَفِّهِ الْيُمْنَى تَحْتَ رُكْبَةِ عَمْرٍو، فَقَالَ: ((يَا عَمْرُو! هَذَا مَوْضِعُ الْإِزَارِ)) ثُمَّ رَفَعَهَا ثُمَّ وَضَعَهَا تَحْتَ الثَّانِيَةِ، فَقَالَ:((يَا عَمْرُو! هَذَا مَوْضِعُ الْإِزَارِ))". -صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ-، فإذا ضرب بأربع أصابع تحت الركبة ثمَّ نزل بأربع تحتها وصل إلى نصف السَّاق. ومن هنا يقول النَّاظم: وأشرف ملبوس إلى نصف ساقه *** وما تحت كعب فاكرهنه وصعِّدِ يعني: حرامٌ، صعّد: كل ما زاد تشميرًا كل ما كان أحسن،فإذا كنتَ أنتَ أيُّها العبد المسلم! ترى أنَّ الأجمل لك إلى الكعبين؛ فلا تُزهّد خلق الله في السُّنَّة، ولا تُجرئهم على المحرَّم، وإذا كانت نفسك لا تطيق نصف السَّاق فإنَّ الله قد أباح لك على لسان رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى الكعبين؛ فإيَّاكَ! والتَّزهيد في سنَّة رسول الله –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أقل الأحوال أنْ تسكت، وخُذ بالجواز، أمَّا أن تُشنع على من فعل ما فعله رسول الله فهذا والله يُخاف على صاحبه أنْ يكون ممَّن وقع في قلبه زيغٌ، ولا يتّبع هذا، ولا يقول به، إلاَّ من لوى عُنقه وأسلمه لسُّنَّةِ رسول اللهِ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ–، وتواضع لها، فإنَّ هذا هو الفائز حقًّا، وهذا هو المتَّبع حقًّا، وهو الَّذي يدعو النَّاس إلى النَّجاة، فقد خرَّج التِّرمذيُّ في "الشَّمائل" والنَّسائي، من حديث عُبيْد بن خالدٍ -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، قالَ: "كنتُ أمشي وعليَّ بُردٌ، – البُرد: الإزار - البرود كانت تأتِ للمدينة من اليمن، لأنَّ الأوس والخزرج أصولهم من هناك، والعرب لها رحلتان اتّصال باليمن، واتّصال بالشَّام، وكان غالب لباسهم الحُلل، و«الحُلَّة»: هي الإزار والرِّداء، وكانوا يلبسون البرود، و«البرود»: هي ثيابٌ مخطَّطة معلَّمة ملوَّنة مصبوغة، يتَّزرون بها –، يقول:((كُنْتُ أَمْشِي وَعَلَيَّ بُرْدٌ أَجُرُّهُ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ: ارْفَعْ ثَوْبَكَ فَإِنَّهُ أَنْقَى وَأَبْقَى، فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقُلْتُ: إِنَّمَا هِيَ بُرْدَةٌ مَلْحَاءُ،- يعني: قد أصهب لونها لا يضرُّها إنْ جررتها في الأرض، فَقَالَ: أَمَا لَكَ فِيَّ أُسْوَةٌ؟ قَالَ: فَنَظَرْتُ فَإِذَا إِزَارُهُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ))، بعدَ هذا يأتِ من يأتِ ويعيّر الشَّباب المتمسِّك بسنَّة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو الشّيوخ المتمسِّكين بسُّنَّة رسول اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويهزأ بهم! هذا يُخشى عليه الزَّيغ؛ -نعوذُ باللهِ مِن ذلكَ-، ولا يُستغرب من أهل الفسق أنْ يقولوا لهم هذا، فقديمًا كانوا يقولون: هذا المشايخ لابسين شانيل؛ ولكن -الحمد لله - اليوم أرداهم الله هم في ما كانوا يعيّرون به أهل العلم، والفضل،والصَّلاح، والزُّهد، والورع، والخوف من الله، والاستقامة، فأصبحوا يلبسون هم اللِّباس الَّذي ترونه، يلبسون اللَّباس الَّذي ترونه فوق الركبة، مقتدين بجورج؛ وأنطوان، وتومي، وهكذا، قدوتهم الإفرنج؛ اليهود والنَّصارى، أمَّا أهل الدِّين والاستقامة فقدوتهم من قالَ لهم الله فيه:﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾[الأحزاب: ٢١].والقائل هُنا لعبيد بن خالد -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ –:((أَمَا لَكَ فِيَّ أُسْوَةٌ ؟))،فهؤلاء أسوتهم رسول الله، وهؤلاء أسوتهم جورج، وأنطوان، وطوني، وتوني، وأمثال هؤلاء، وبول، وبيل، وكل هذه الأبوال؛ -نعوذ بالله من ذلك-، فمن عيَّر أخاهُ بثوبٍ لم يمت حتَّى يلبسه، ولكن الفرق بين اللّبستين: أنَّ الأعمال بالنِّيات، أنت نيَّتك الاقتداء برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهو نيته التشبه بالكفار، وشتَّان بين الحالين، أنتَ مأجورٌ وهو مأزورٌ، أنتَ مأجورٌ لاقتدائك، وهو مأزورٌ لتشبُّهه،((مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ)). المصدر:جزء من الدرس الرابع عشر من شرح الابانة الصغرى لابن بطة. موقع ميراث الأنبياء
|
||||
2013-11-07, 19:58 | رقم المشاركة : 2 | |||
|
جزاك الله خيرا واحسن اليك |
|||
2013-11-10, 07:56 | رقم المشاركة : 3 | |||
|
بارك الله فيكم و زادكم علما |
|||
2013-11-17, 10:56 | رقم المشاركة : 4 | |||
|
شكرا. تحياتي |
|||
2014-01-07, 14:47 | رقم المشاركة : 5 | |||
|
|
|||
2014-01-07, 22:58 | رقم المشاركة : 6 | |||
|
طرحُ العِتاب في جواز إسبال الثيابالحمد لله حق حمده و الصلاة و السلام على نبيه و عبده محمد و آله و صحبه ، أما بعد فهذه نتف من أقوال الأئمة على مر القرون ، في مسألة إسبال الثياب ، جمعتها في هذه الأوراق عسى أن تصحح المفاهيم . ذلك لأن الشائع من المؤلفات التي ترد علينا في هذا الباب يعطي انطباعًا خاطئًا . حتى إنه ليخيل لقارئها أنه ليس في المسألة غير قول واحد و هو التحريم . و هذا خلاف ما كان عليه علماء الأمة من السلف ... أسأل الله تعالى أن يبين لنا سبيل الرشاد و يوفقنا إلى سلوكه ، و أن يشرح صدورنا للحق و قبوله و العمل به ، آمين و كتب أبو محمد عبد الوهاب مهية من العلماء المعاصرين الذين اشتهر عنهم القول بتحريم الإسبال مطلقًا ، و تأثر الناس بفتواهم ؛ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، حيث قال ما نصه : إسبال الإزار إذا قصد به الخيلاء فعقوبته أن لاينظر الله تعالى إليه يوم القيامة ولايكلمه ولايزكيه وله عذاب أليم ، وأما إذا لم يقصد به الخيلاء فعقوبته أن يعذب مانزل من الكعبين بالنار لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"ثلاثة لايكلمهم الله يوم القيامة ولاينظر إليهم ولايزكيهم ولهم عذاب أليم ؛ المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب " ، وقال :" من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة "، فهذا فيمن جر ثوبه خيلاء. وأما من لم يقصد الخيلاء ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"ما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار" ،ولم يقيد ذلك بالخيلاء . ولا يتضحأن يقيد بها بناء على الحديث الذي قبله ، لأن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إزرة المؤمن إلى نصف الساق ولا حرج -أو قال لا جناح - عليه فيما بينه وبين الكعبين ، وماكان أسفل من ذلك فهو في النار ، ومن جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه يوم القيامة "رواه مالك وأبوداود والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه ، ولأن العملين مختلفان والعقوبتين مختلفتان ومتى اختلف الحكم والسبب امتنع حمل المطلق على المقيد لما يلزم على ذلك من التناقض . وأما من احتج بحديث أبي بكر رضي الله عنه فنقول له ليس لك حجة فيه من وجهين : الأول أن أبا بكر رضي الله عنه قال إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فهو رضي الله عنه لم يرخ ثوبه اختيالاً منه بل كان ذلك يسترخي ومع ذلك فهو يتعاهده .والذين يسبلون ويزعمون أنهم لم يقصدوا الخيلاء يرخون ثيابهم عن قصد ، فنقول لهم : إن قصدتم إنزال ثيابكم إلى أسفل من الكعبين بدون قصد الخيلاء عذبتم على مانزل فقط بالنار ، وإن جررتم ثيابكم خيلاء عذبتم بما هو أعظم من ذلك لايكلمكم الله يوم القيامة ولاينظر إليكم ولايزكيكم ولكم عذاب أليم. الوجه الثاني أن أبا بكر رضي الله عنه زكاه النبي صلى الله عليه وسلم وشهد له أنه ليس ممن يصنع ذلك خيلاء فهل نال أحد من هؤلاء تلك التزكية والشهادة ؟ ولكن الشيطان يفتح لبعض الناس المتشابه من نصوص الكتاب والسنة ليبرر لهم ماكانوا يعملون والله يهدي من يشاء إلى الصراط المستقيم . اهـ قلت : كلام الشيخ رحمه الله مبني على أساس تعذر حمل المطلق على المقيد لاختلاف الحكمين ، فقد قال في إحدى فتاواه : " ثم إن بعض الناس إذا أنكر عليه الإسبال ، قال : إنني لم أفعله خيلاء . فنقول له : الإسبال نوعان ؛ نوع عقوبته أن يعذب الإنسان عليه في موضع المخالفة فقط ، و هو ما أسفل من الكعبين بدون خيلاء ، فهذا يعاقب عليه في موضع المخالفة ؛ و هو ما نزل عن الكعبين ، و لا يعاقب فاعله بأن الله لا ينظر إليه و لا يزكيه . و نوع عقوبته أن الله لا يكلمه و لا ينظر إليه يوم القيامة و لا يزكيه و له عذاب أليم ، و هذا فيمن جره خيلاء ، هكذا نقول له .اهـ و قد سبقه إلى ذلك الأمير الصنعاني في جزء له سماه ( استيفاء الأقوال في تحريم الإسبال على الرجال ) . قال ما ملخصه (ص26) :" وقد دلَّت الأحاديث على أن ما تحت الكعبين في النار ، وهو يفيد التحريم . ودل على أن من جَرّ إزاره خيلاء لا يَنْظر الله إليه ، وهو دال على التحريم ، وعلى أن عقوبة الخيلاء عقوبة خاصة هي عدم نظر الله إليه ، وهو مما يُبْطل القول بأنه لا يحرم إلا إذا كان للخيلاء ".اهـ و هذا يخالف ما ذكره في ( سبل السلام ) كما سيأتي قريبًا إن شاء الله ، حيث وافق الجمهور بتقييد التحريم بالخيلاء ، و هو الصواب لما سنبيّنه إن شاء الله . ولعل رسالة الصنعاني هذه هي التي عناها الشوكاني رحمه الله في (نيل الأوطار (1/641حيث قال : وقد جمع بعض المتأخرين رسالة طويلة جزم فيها بتحريم الإسبال مطلقاً .اهـ و مهما يكن ، فإن المتأمل في أحكام الإسبال يجد أنّ موردها واحد ، إذ أنه لا اختلاف بين التعذيب بالنار و عدم نظر الله ، بل هما متلازمان . و قد فسروا عدم النظر بعدم الرحمة ، قال في ( المستخرج ) : معنى قوله "لا ينظر إليهم" أي لايرحمهم ، والنظر من الله لعباده إنما هو رحمته لهم ورأفته بهم ، ومنه قولالقائل : انظر إلي ينظر الله إليك أي ارحمني رحمك الله . اهـ و قال الحافظ العراقي في شرح الترمذي – فيما نقله ابنه أبو زرعة في ( طرح التثريب ) -: عبر عن المعنى الكائن عند النظر بالنظر ؛ لأن من نظر إلى متواضع رحمه ومن نظر إلى متكبر مقته ، فالرحمة والمقت متسببان عن النظر.اهـ و قد جمع هذه المعاني حديث أبي ذر رضي الله عنه :" ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ، قال : فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار. قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله ؟ قال:"المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب". رواه مسلم برقم (106) . و قد اشتمل على أربعة أحكام كلها متلازمة ، و على طريقة الشيخ رحمه الله بالتفريق ، فإنه يلزمه أن يكون هذا الحديث بيانًا لحكم ثالث ، غير ( الجرّ ) و غير ( ما أسفل الكعبين ) ، لاختلاف العقوبة فيه ... و هذا بيّن البطلان ، لأن من مقته الله لم يرحمه ، و من لم يرحمه عذّبه . فالعقوبة بالنار نتيجة للإعراض و عدم التزكية . هذا ، و قد روى حديثَ أبي ذر ، الإمامُ النسائي في ( الصغرى 4458) بلفظ :" المسبل إزاره " ، و هي رواية لمسلم (106) ، و في ( الكبرى 6050) بلفظ : " المسبل إزاره خيلاء ..." فرجع التقييد بـ( الخيلاء ). و مما يدل على أن العقوبة واحدة ؛ حديث هبيب الغفاري رضي الله عنه أنه رأى محمد القرشي قام يجر إزاره فنظر إليه هبيب فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"من وطئه خيلاء – أي إزاره كما في رواية - وطئه في النار" رواه أحمد (3/437) و أبو يعلى ( 1542) و الطبراني في ( الكبير 544) قال في ( مجمع الزوائد 5/125) : رجال أحمد رجال الصحيح خلا أسلم أبا عمران وهو ثقة .اهـ و صححه الألباني رحمه الله في ( صحيح الترغيب و الترهيب ) برقم (2040) . قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في ( التخويف من النار 1/118) : وفي مسند الإمام أحمد عن هبيب بن المغفل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :" من وطئ إزاره خيلاء وطئه في النار" وهو يبين معنى ما في صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : " ما تحت الكعبين من الإزار ففي النار " ، أن المراد ما تحت الكعب من البدن والثوب معا وأنه يسحب ثوبه في النار كما يسحبه في الدنيا خيلاء .اهـ قلت : فعلى هذا ، فإنّ قوله " ما أسفل الكعبين ففي النار" بيانٌ لمحل الحكم الذي سببه مُبَيّنٌ في قوله " لا ينظر الله ..." و المعنى ؛ أنه من أسبل ثوبه خيلاء أصابت النارُ ما تحت كعبيه . و إنما لم تصب ما فوقهما لأن ما فوقهما من الثياب مأذون به على كل حال ، و إلى هذا يرشد قوله " و لا جناح عليه فيما بينه و بين الكعبين " . و يظهر هذا المعنى أكثر في حديث ابن عمر رضي الله عنهما من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل ، و فيه: " ارفع الإزار فإن ما مست الأرض من الإزار إلى ما أسفل من الكعبين في النار " ، رواه أحمد في المسند (5724) . فظهر بالدليل الصريح أن العقوبتين عقوبة واحدة و أنّ موردهما واحد . و إذا كان الأمر كذلك ، وجب حمل مطلق الإسبال على قيد المخيلة ، كما تقتضي قواعد علم الأصول . قال الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله البسام رحمه الله : " ( إن القاعدة الأصولية هي حمل المطلق على المقيد وهي قاعدة مطردة في عموم نصوص الشريعة. والشارع الحكيم لم يقيد تحريم الإسبال – بالخيلاء – إلا لحكمة أرادها ولولا هذا لم يقيده. والأصل في اللباس الإباحة ، فلا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . والشارع قصد من تحريم هذه اللبسة الخاصة قصد الخيلاء من الإسبال وإلا لبقيت اللبسة المذكورة على أصل الإباحة. وإذا نظرنا إلى عموم اللباس وهيئاته وأشكاله لم نجد منه شيئاً محرماً إلا وتحريمه له سبب وإلا فما معنى التحريم وما الغرض منه ، لذا فإن مفهوم الأحاديث أن من أسبل ولم يقصد بذلك الكبر والخيلاء ، فإنه غير داخل في الوعيد ".اهـ من ( توضيح الأحكام من بلوغ المرام 6/246 ) قلت : هذا هو الصواب الذي لا يسع أحدًا الحيد عنه ، و هو الذي تلتئم به كل الأدلة و يتوافق و شرائع الإسلام . و هو مذهب أئمة الإسلام قديمًا و حديثًا ؛ فقد جاء في (كشاف القناع للبهوتي 1/277 ) : قال أحمد في رواية حنبل :" جر الإزار وإسبال الرداء في الصلاة إذا لم يرد الخيلاء فلا بأس" و في (المجموع) شرح (المهذب) للنووي رحمه الله: " يحرم اطالة الثوب والإزار والسراويل على الكعبين للخيلاء ، ويكره لغير الخيلاء ، نص عليه الشافعي في (البويطي ) وصرح به الأصحاب." و جاء في ( الآداب الشرعية ) لابن مفلح الحنبلي ، في فصل ( في مقدار طول الثوب للرجل والمرأة وجر الذيول ) ؛ قال صاحب ’المحيط ‘ من الحنفية :" وروي أن أبا حنيفة رحمه الله ارتدى برداء ثمين قيمته أربعمائة دينار ، وكان يجره على الأرض فقيل له : أولسنا نهينا عن هذا ؟ فقال : إنما ذلك لذوي الخيلاء ولسنا منهم " . واختار الشيخ تقي الدين رحمه الله عدم تحريمه ولم يتعرض لكراهة ولا عدمها . وقال أبو بكر عبد العزيز : يستحب أن يكون طول قميص الرجل إلى الكعبين وإلى شراك النعل وهو الذي في المستوعب , قال أبو بكر : وطول الإزار إلى مد الساقين , قال وقيل إلى الكعبين.اهـ و قال ابن عبد البر رحمه الله في ( التمهيد3/244 ) :الـخيلاء: التكبر ، وهي الـخيلاء ، والـمخيلة. يقال منه: رجل خال ومختال شديد الـخيلاء ، وكل ذلك من البطر والكبر والله لا يحب الـمتكبرين ، ولا يحب كل مختال فخور. وهذا الـحديث يدل علـى أن من جرّ إزاره من غير خيلاء ولا بطر ، أنه لا يلـحقه الوعيد الـمذكور. غير أن جرّ الإزار والقميص وسائر الثـياب مذموم علـى كل حال . وأما الـمستكبر الذي يجر ثوبه فهو الذي ورد فـيه ذلك الوعيد الشديد. وجاء في ( شرح صحيح مسلم للنووي رحمه الله 2/116) : "وأما قوله صلى الله عليه وسلم :" المسبل إزاره " فمعناه المرخى له الجار طرفه خيلاء كما جاء مفسرا فى الحديث الآخر" لا ينظر الله الى من يجر ثوبه خيلاء " ، والخيلاء الكبر وهذا التقييد بالجر خيلاء يخصص عموم المسبل ازاره ويدل على أن المراد بالوعيد من جره خيلاء . وقد رخص النبىّ صلى الله عليه وسلم فى ذلك لأبي بكر الصديق رضى الله عنه وقال :" لست منهم " ، إذ كان جره لغير الخيلاء " و قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (22\138):والفعل الواحد فى الظاهر يثاب الإنسان على فعله مع النية الصالحة ويعاقب على فعله مع النية الفاسدة . وضرب عدة أمثلة ثم قال: وكذلك اللباس فمن ترك جميل الثياب بخلا بالمال لم يكن له أجر ، ومن تركه متعبدا بتحريم المباحات كان آثما ، ومن لبس جميل الثياب إظهارا لنعمة الله وإستعانة على طاعة الله كان مأجورا ، ومن لبسه فخرا وخيلاء كان آثما ، فإن الله لا يحب كل مختال فخور . ولهذا حرم إطالة الثوب بهذه النية كما فى الصحيحين عن النبى صلى الله عليه وسلم قال :" من جر إزاره خيلاء لم ينظر الله يوم القيامة إليه " فقال أبوبكر: يا رسول الله إن طرف إزارى يسترخى إلا أن أتعاهد ذلك منه ؟ فقال :" يا أبا بكر إنك لست ممن يفعله خيلاء " . وفى الصحيحين عن النبى أنه قال :" بينما رجليجر إزاره خيلاء إذ خسف الله به الأرض فهويتجلجل فيها إلى يوم القيامة ". فهذه المسائل ونحوها تتنوع بتنوع علمهم وإعتقادهم .اهـ ( أي بحسب نياتهم و مقاصدهم ). |
|||
2014-01-11, 02:45 | رقم المشاركة : 7 | |||
|
مشكور واحب ان اكون حاضرة دائما هنا فى منتداكم |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
الإسبال |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc