الجاهلية الفارسية
الإسلام بشكل عام جاء متمّما لمكارم الأخلاق، وموجهاً الناس لعبادة ربهم لا أكثر، لذا حافظت الكثير من الشعوب على عاداتها وتقاليدها خاصة منها التي لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية.
وإذا أسقطنا هذا على الحالة الفارسية أو الإيرانية التي دخلت الإسلام في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإن السؤال لا يطرح حول حدوث بعض الممارسات الجاهلية أم لا؛ لأن ذلك تحصيل حاصل إن صح التعبير، وحقيقة مؤكدة ما دامت أنها وقعت حتى في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن السؤال الذي يطرح هو:
ما مدى تأثير تلك الجاهليات الفارسية على المجتمع الإيراني خاصة في الجانب الذي يتعارض مع الرسالة الإسلامية؟
تحدثت الكثير من الدراسات عن المعتقدات الفارسية التي امتزجت بالعقيدة الإسلامية، خاصة بعد انتقال إيران من التسنن إلى التشيع في المرحلة الصفوية عندما أصبح لتلك الجاهليات مرتكز وأساس سلطوي فرض عقائده على المجتمع بالقوة، ونظراً لاستمرار الحكم الصفوي لفترة طويلة دامت لعدة قرون استطاع فيها النظام ترسيخ معتقداته، ومَن حكم بعدهم لم يسعَ لتغيير ما بناه الصفويون في هذا الجانب حتى أصبحت العقيدة الإثنا عشرية من الثوابت الدستورية في إيران الحديثة.
وقد أبرز الدكتور طه الدليمي في دراسة تحت عنوان: "التحليل النفسي لأهم عقائد وطقوس الشيعة" الكثير من العقائد الشيعية التي هي ذات جذور فارسية، نشأت من خلفية عقدة النقص التي تولدت عند الفرس بعد هزيمتهم من طرف المسلمين العرب الذين كانوا ينظرون إليهم باحتقار، وظلوا لقرون طويلة خاضعين لهم، إضافة إلى الطقوس التي تمارس في عاشوراء وغيرها من المناسبات التي هي في الأصل طقوس ومعتقدات مجوسية، وهذه الأمور مجتمعة تحقق الأغراض الفارسية في إثارة القلاقل في بلاد العرب والمسلمين خدمة لأحلامهم وأهدافهم التوسعية، وتلبية لما يعتمل في نفوسهم من حقد على الأُمة، والاندفاع للثأر منها بشتى السبل والأساليب