السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تم عقد قراني حديثا، والدّخلة قريبا - إن شاء الله -، ولكن رغم أن زوجي يملك صفات إيجابية كثيرة، ورغم أني أميل إليه، إلا أني أحلم بالانفصال عنه بسبب معاناتي النفسية معه، إذ أعترض على نظرته لعلاقته بالمرأة الأجنبية عنه، فهو يتعامل مع نساء المجتمع بتلقائية تجرحني وتشعرني بالإهانة، بل وأخطر من ذلك، فأنا أشعر بأني مهدّدة بأن أنجرف في مشاعر احتقار الذات.
فبما أنني زوجته، وأرى كرامتي من كرامته، وبأن أصبح مثله متهاونة في النظر والحديث مع الرجال الأجانب، فأنا أتأثر به كثيرا الآن، فكيف الحال بعد الدّخلة؟
أريد أن أنفصل بسبب هذا الشعور غير المحتمل بالإهانة لنفسي في بقائي معه، وما أخشاه من ذهاب غيرتي على ديني معه.
بم تنصحونني جزاكم الله خيرا؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نرحب بك في الموقع، ونشكر لك هذه الغيرة على الدين، ونبين لك أن ما يفعله الزوج خطأ، ولكن الخطأ لا يعالج بالخطأ، فكوني أنت ناصحة، واجتهدي في أن تغنيه عن النظر إلى غيرك، واعلمي أنه إذا اعتاد هذا الأمر، فقد يحتاج لبعض الوقت، وبعض التذكير بالله تعالى، ولا تقابلي أخطاءه بالأخطاء، فإذا تكلم هو مع النساء؛ فليس لك أن تتكلمي مع الرجال؛ لأنك ستقفين بين يدي الله وحده لوحدك، وستحاسبين على نقائصك بين يدي جبار السموات والأرض، وهو أيضا سيحاسب على تقصيره وذنوبه.
ويؤسفنا أن نقول أن هذا الأمر ابتلي به كثير من الرجال، خاصة أن المرأة أصبحت مع الرجل في ساحات العمل في المكاتب، بل وربما في قاعات الدراسة، بل وربما في كل ساحة من ساحات الحياة، وهذا الوضع يتطلب من كل زوجة التقرب من الزوج، والتزين والتصنع للزوج، واحتواؤه، وإعلان المشاعر له، وعمل برنامج حماية له، وقد يصعب على المرأة أن تجد رجلا يبتعد عن النساء كليا؛ لأن النساء يقتربن من الرجال، ولأن الإنسان لا يستطيع أن يؤدي بعض أعماله الرسمية وطلباته في الدوائر الحكومية دون أن يقابل النساء، ونسأل الله تعالى أن يرفع هذا الشر، وهذا الكابوس عن أمة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ولذلك أرجو أن تأخذي هذه الأمور بهذه الأبعاد، ثم نجتهد جميعا في إصلاح وتغيير هذا الوضع.
نقول لك: ستجدين فرقا كبيرا - إن شاء الله - بعد الزواج، خاصة أنه اختارك من دون النساء، ورضيت به، وتشعرين أنك تحبينه، فما ينبغي أن تفهمي نظرته للنساء على أنها إهانة لك، ولكن افهمي على أنها معصية، ومخالفة لأمر الله تعالى، ويحتاج ذلك إلى تذكير، وأرجو أن تعلمي أنه اختارك بعد أن رأى ملايين النساء، وكلم آلاف النساء، إلا أنه رضيك زوجة، واختارك أما لعياله، فهذا يدل على ثقته الكبيرة بك، فلا تحتقري نفسك، ولا تنظري إلى نظره لهن تنقيصا في حقك، وهذا تصور يجب تصحيحه، ولو تأملنا لوجدنا أن عائشة كانت أحب أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم إليه -، ومع ذلك تزوج بعدها 7 زوجات، ومع ذلك لا نقول أنه - عليه الصلاة والسلام - لا يحب عائشة، بل كان يعلن حبه لعائشة خاصة بين الرجال - عليه الصلاة والسلام -، فإذن هذه الأمور يجب أن تأخذ حجمها.
إذا يجب أن تجتهدي في إصلاح هذا الوضع، ولن يكون الأمر صعبا إذا تفننت في الدخول لحياته، وفهم نفسيته، ومشاركته اهتماماته، والثناء على إنجازاته، والرجل الذي لا يجد الثناء ولا الاحترام سينهزم وينهار عندما يسمع كلمات الإطراء والثناء والإعجاب خارج البيت، ودائما إذا شبع الإنسان من العطف والحنان والثناء فلن يكثر الخروج من البيت، ولن يؤثر فيه أي كلام خارج البيت؛ لأنه شبع من هذا الكلام والثناء والمشاعر النبيلة من الزوجة.
فاجتهدي في القرب منه، واسألي الله لك وله الهداية، وحاولي التعجيل بمراسيم الزواج، وبعد الزواج نتمنى أن تقبليه إذا خرج وإذا دخل، وتسألي عنه إذا غاب، وتظهري الفرح بوجوده، وتشاركيه الاهتمامات، وكلما زادت القواسم المشتركة؛ كانت العلاقة وثيقة، وشجعيه على طاعة الله، ومراقبة الله تعالى في السر والعلن.
ونكرر لك: لا يجوز لك مقابلة أخطائه بالأخطاء، بأن تكلمي الرجال وتضاحكيهم لكونه يفعل ذلك، فالخطأ لا يعالج بالخطأ، ولكن بسد أبواب الشر، والتذكير بالله تعالى.
نسأل الله تعالى أن يديم عليك هذه الغيرة على الدين وأن يستخدمنا جميعا في طاعته، وأن يعينك على إصلاح هذا الزوج، والأخذ بيده على الخروج من هذه المأزق.