حسنا يا أخ لطفي قد سبق و كتبت مقدمة لقصة في الدورة الصيفية (كثر خير نعمة القدوس دارتلي النفحة تاع الكتابة)
عسى أن تنفعك (كي تولي مشهور أعطيني حقي ههه)
كان محمد رجلا طويل الجسم أسمر اللون،نحيف البدن تظهر في محياه آثار العمل
و كأنها الحياة خطت على جبينه علامات ليعرف كل من رآه أنها فعلت فعلتها به،لكنه كان صابرا راضيا بما قدر الله له
كثيرا ما يردد قول الامام الشافعي رحمه الله:
كيف تخاف الفقر والله رازق....و قد رزق الطير و الحوت في البحر
و من ظن أن الرزق يأتي بقوة....ما أكل العصفور شيئا مع النسر
و كان له ولد وحيد قد بالغ في تأديبه و تهذيبه و كان له لسان فصيح ووجه مليح،شب
الولد و هو يشاهد أباه يشقى و يتعب لا يرتاح الا نادرا ،فازداد رفعة و مقاما في ناظره سيما أنه كان يتيما.
رغم أن الوالد قضى حياته في الجد و التعب، في الشقاء و الكرب،الا انه لم يكنز لا الفضة ولا الذهب
كل ما ملكه كان ذلك البيت الصغير المليئ بالذكريات و بآلام الحياة ممزوجة بتك البسمات و الضحكات
لابنه عبد الله.و مضت الأيام و الشهور ،فأصاب محمد مرض عضال فبح صوته ووهن بدنه و هش عظمه و
ضعف بصره و ثقلت عليه رجلاه و تجمدت يداه و اسودت وجنتاه فتخيلوا حال ابنه لما رآه ،هرول عبد الله
يحث الخطى الى طبيب القرية بعد أن أخرج ما ادخره أبوه من مال و لم يكن بالشيئ الكثير
ادخره لإبنه حتى يتمكن من اكمال الدراسة و التخرج و ها هو ابنه يستعمله لمعالجة أبيه،
انها الأقدار لا مهرب منها فلا نملك الا الدعاء و لا طبيب لها الا رب الأرض و السماء ،في هذه الأثناء كان الطبيب قد وصل لم يغلق أزرار مئزره بعد،ألقى السلام و شرع يفتح حقيبته السوداء
أما عبد الله فقد كان يعد الثواني و الدقائق و يخالجه سؤال واحد أهو رقاص الزمن توقف؟؟
لماذا الوقت يمر بهذا البطئ؟؟لماذا أسمع دقات قلبي تدق بهذا الشكل، ويكأنها لم تدق هكذا من قبل.
آآه و أخيرا ها هو الطبيب يجمع أدواته و هو يبتسم داعيا لأبي بالشفاء،الحمد لله الحمد لله على كل حال لماذا رمقني الطبيب بهذه النظرة؟آآ لا بد أنه يريد أجره فخرجت وراءه فعزاني في أبي
أي نعم لا دواء لهذا الداء هذه كلماته فصبرا على البلاء و استعانة بالدعاء...
آه،مات أبي:لاحول و لا قوة الا بالله،و تلك الدموع التي تهرب من عينيه مباغتة له شرعت ترسم
طريقا على خده،و سرعان ما يمسحها بكمه.و كان صوته مخنوقا و كأن الأكسجين نفذ منه أو لعله نسي كيف يتنفس من هول الموقف.
و هاهي رائحة اليأس تتسلل الى قلبه و طعم الخوف من الفقر و الجوع و من مصائب الدنيا
سيطر على عقله،أفكار مدنسة و ملوثة تسيطر عليه ...سأصلي نعم سأصلي و أدعوا لأبي
فالذي خلقني لن يضيعني.... "واستعينوا بالصبر والصلاة و إنها لكبيرة إلا على الخاشعين"
أخذ يكرر هذه الآية و كله تيقن بأن الله سيكفله و سيعوضه خيرا.و أخذ عبد الله يجتهد في العمل اجتهاده في طلب العلم فلم يضيع وقتا في سفاسف الأمور أو في للعب و اللهو حال أغلب خلانه و رفاقه .تعلم حرفة أبيه و أتقنها بعدما عمل أجيرا في محل نجارة و صار محل إعجاب سيده و لأنه كان يطلب العلم أحبه صاحب المحل حبا شديدا فصار يأتمنه على كل المحل رغم صغر سنه و قلة خبرته بالحياة إلا أنه لمح في عينيه دهاءا و فطنة و كياسة حتى أنه كان يستشيره في مختلف الأمور.كان صاحب المحل شيخا طاعنا في السن و لم يكن له أحد غير أجيره فقرر أن يهب له المحل و أن يرتاح في بيته على أن يتكفل عبد الله به .و هكذا صار عبد الله مالكا للمحل فأخذ يعتني به اعتناءه بالشيخ و يكد و يتعب و لم يبرح الشيخ أن مات و ترك بيته و محله للأجير.
و بعد سنوات صار عبد الله شابا شديد العود بهي الطلعة حسن الوجه بشوش المحيا ،و ازدهرت تجارته فملك عدة محلات و أخذ يتاجر بالعقارات فباع بيت أبيه و اشترى قطعة أرض و شرع يفلحها و يزرعها فكانت كالجنة الغناء حلو شرابها طيب ثمرها هنيئ مجلسها و وفير خيرها.و صار عبد الله من أغنى التجار فحمد الله على خيره و قرر الزواج تنفيذا لأمنية أمه و فعلا أعجب بفتاة أحلى من العسل و أبهى من القمر و قد بلغت من العلم درجة رفيعة و من الأدب درجة أرفع .و فعلا تزوجا و أنجبا ..