سلسلة عقائد الفرق الضالة ( الخوارج ) -4 والأخير - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

سلسلة عقائد الفرق الضالة ( الخوارج ) -4 والأخير

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-03-27, 14:19   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الماسة الزرقاء
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية الماسة الزرقاء
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام الحفظ وسام الحفظ 
إحصائية العضو










B11 سلسلة عقائد الفرق الضالة ( الخوارج ) -4 والأخير

سلسلة عقائد الفرق الضالة ( الخوارج ) -4 والأخير

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل التاسع

إيضاحات لبعض الاراء الاعتقادية للخوارج


1- هل الخوارج يقولون بالتأويل أم بظاهر النص فقط؟
تعريف التأويل في اللغة:

يطلق التأويل في اللغة على عدة معاني، منها التفسير والمرجع والمصير والعاقبة، وتلك المعاني موجود في القرآن والسنة: قال الله تعالى( هل ينظرون إلا تأويله) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في دعائه لابن عباس: ((اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل)).

تعريفه في الاصطلاح: عند السلف له معنيان:

1- يطلق بمعنى التفسير والبيان وإيضاح المعاني المقصودة من الكلام، فيقال: تأويل الآية كذا؛ أي معناها.

2- يطلق بمعنى المآل والمرجع والعاقبة فيقال هذه الآية مضى تأويلها، وهذه لم يأت تأويلها.

والفرق بينهما: أنه لا يلزم من معرفة التأويل بمعنى التفسير معرفة التأويل الذي هو بمعنى المصير والعاقبة، فقد يعرف معنى النص ولكن لا تعرف حقيقته كأسماء الله وصفاته فحقيقتها وكيفيتها كما هي غير معلومة لأحد بخلاف معانيها.

3- وعند الخلف من علماء الكلام والأصول و الفقة هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح.

وهذا التأويل مرفوض عند السلف واعتبروه تحريفاً باطلاً في باب الصفات الإلهية ، وقد ظهر هذا المعنى للتأويل متأخراً عن عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وعصر الصحابة، بل ظهر مع ظهور الفرق ودخلوا منه إلى تحريف النصوص، وكانت له نتائج خطيرة؛ إذ كلما توغلوا في تأويل المعاني وتحريفها بعدوا عن المعنى الحق الذي تهدف إليه النصوص، وبالنسبة لموقف الخوارج فإن العلماء اختلفوا في الحكم على الخوارج بأنهم نصِّيُّون أو مؤولون.

1- فذهب بعضهم إلى أن الخوارج نصيون يجمدون على المعنى الظاهر من النص دون بحث عن معناه الذي يهدف إليه، وهذا رأي أحمد أمين وأبي زهرة .

2- وذهب آخرون إلى أن الخوارج يؤولون النصوص تأويلاً يوافق أهوائهم، وقد غلطوا حين ظنوا أن تأويلهم هو ما تهدف إليه النصوص، وعلى هذا الرأي ابن عباس وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم .

3- ومن العلماء من ذهب إلى القول بأن الخوارج ليسوا على رأي واحد في هذه القضية؛ بل منهم نصيون ومنهم مؤولون، كما ذهب إلى هذا الأشعري في مقالاته .

وهذا هو الراجح فيما يبدو من آراء الخوارج، ولا يقتصر الأمر على ما ذكره من اعتبار بعض الفرق نصيين وبعضهم مؤولين مجتهدين، وإنما يتردد أمر الخوارج بين هذين الموقفين داخل الفرقة الواحدة، والواقع أن لكل من المواقف الثلاثة ما يبرر حكمهم على الخوارج، كما يتضح ذلك جلياً في مواقف الخوارج المختلفة.

ويبدو لي أن التأويل الذي نفاه الأستاذ أحمد أمين والشيخ أبو زهرة رحمهما الله إنما هو التأويل الصحيح الذي يفهم صاحبه النص على ضوء مقاصد الشريعة.

وأما التأويل الذي يثبته للخوارج أصحاب الاتجاه الثاني ويذمونهم به –فهو حمل الكلام على غير محامله الصحيحة وتفسيره تفسيراً غير دقيق.

- موقف الخوارج من صفات الله عز وجل:
هذه المسألة لم أجد فيما تيسر لي الاطلاع عليه من كتب علماء الفرق بياناً لرأي الخوارج فيها بصفة عامة.

وقد ذكر الشهرستاني عن فرقة الشيبانية قولاً لأبي خالد زياد بن عبد الرحمن الشيباني في صفة العلم لله أنه قال: ((إن الله لم يعلم حتى خلق لنفسه علما، وأن الأشياء إنما تصير معلومة له عند حدوثها)) .

وأما بالنسبة لفرقة الإباضية بخصوصهم –فقد تبين من أقوال علمائهم أنهم يقفون منها موقف النفي أو التأويل؛ بحجة الابتعاد عن اعتقاد المشبهة فيها كما تقدم.

وموضوع الصفات والبحث فيها يحتاج إلى دراسة مستقلة، وبالرجوع إلى أي كتاب من كتب السلف يتضح الحق فيها بكل يسر وسهولة.

وأما بالنسبة لما ذكر عن رأي زياد بن عبد الرحمن أو الإباضية؛ فلا شك أنه لا يتفق مع المذهب الحق- مذهب السلف- ولو كان الأمر يخص زياد بن عبد الرحمن وحده لما كان له أدنى أهمية، ولكن الأمر أخطر من ذلك، فقد اعتقدت الجهمية ذلك أيضاً. وبطلان هذا القول ظاهر والتناقص فيه واضح.

فإن صفات الله عز وجل قديمة بقدمه غير مخلوقة، وما يخلق الله من الموجودات فإنما يخلقه عن علم وإرادة؛ إذ يستحيل التوجه إلى الإيجاد مع الجهل، ثم كيف علم الله أنه بغير علم حتى يخلق لنفسه علماً؟ هذا تناقض ظاهر.

- حكم مرتكبي الذنوب عند الخوارج:
اختلف حكم الخوارج على أهل الذنوب بعد اتفاقهم بصفة عامة على القول بتكفيرهم كفر ملة. وحاصل الخلاف نوجزه فيما يلي:

1- الحكم بتكفير العصاة كفر ملة، وأنهم خارجون عن الإسلام ومخلدون في النار مع سائر الكفار. وهذا رأي أكثرية الخوارج.

وعلى هذا الرأي من فرق الخوارج: المحكِّمة و الأزارقة والمكرمية والشبيبية من البيهسية واليزيدية والنجدات، إلا أنهم مختلفون في سبب كفره:

فعند المكرمية أن سبب كفره ليس لتركه الواجبات أو انتهاك المحرمات، وإنما لأجل جهله بحق الله إذ لم يقدره حق قدره.

وأما النجدات فقد فصلوا القول بحسب حال المذنب، فإن كان مصراً فهو كافر، ولو كان إصراره على صغائر الذنوب، وإن كان غير مصر فهو مسلم حتى وإن كانت تلك الذنوب من الكبائر، وهو تفصيل بمحض الهوى والأماني الباطلة.

2- أنهم كفار نعمة وليس كفار ملة:

وعلى هذا المعتقد فرقة الإباضية كما تقدم. ومع هذا فإنهم يحكمون على صاحب المعصية بالنار إذا مات عليها، ويحكمون عليه في الدنيا بأنه منافق، ويجعلون النفاق مرادفاً لكفر النعمة ويسمونه منزلة بين المنزلتين أي بين الشرك والإيمان وأن النفاق لا يكون إلا في الأفعال لا في الاعتقاد .

وهذا قلب لحقيقة النفاق؛ إذ المعروف أن المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله كان نفاقهم في الاعتقاد لا في الأفعال، فإن أفعالهم كانت في الظاهر كأفعال المؤمنين.

أدلتهم:

تلمس الخوارج لما ذهبوا إليه من تكفير أهل الذنوب بعض الآيات والأحاديث، وتكلفوا في رد معانيها إلى ما زعموه من تأييدها لمذاهبهم، وهي نصوص تقسم الناس إلى فريقين: مؤمن وكافر، قالوا: وليس وراء ذلك الحصر من شيء.

ونأخذ من تلك الأدلة قوله تعالى:

1- (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن) .

2- (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) .

3- (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور) .

إلى غير ذلك من الآيات.

ووجه استدلالهم بالآية الأولى:

أن الله تعالى حصر الناس في قسمين: قسم ممدوح وهم المؤمنون، وقسم مذموم وهم الكفار، والفساق ليسوا من المؤمنين، فإذاً هم كفار لكونهم مع القسم المذموم واستدلالهم هذا لا يسلم لهم؛ أن الناس ينحصرون فقط في الإيمان أو الكفر.

فهناك قسم ثالث وهم العصاة لم يذكروا هنا، وذكر فريقين لا يدل على نفي ما عداهما، والآية كذلك واردة على سبيل التبعيض بمن، أي بعضكم كفار وبعضكم مؤمن. وهذا لا شك في وقوعه، ولم تدل الآية على مدعى الخوارج أن أهل الذنوب داخلون في الكفر.


وأما وجه استدلالهم بالآية الثانية:

فقد زعموا أنها شاملة لكل أهل الذنوب؛ لأن كل مرتكب للذنب لابد وأنه قد حكم بغير ما أنزل الله. وقد شملت الفساق؛ لأن الذي لم يحكم بما أنزل الله يجب أن يكون كافراً، والفاسق لم يحكم بما أنزل الله حين فعل الذنب.

وهذا الاستدلال مردود كذلك؛ لأن الآية قد تكون واردة على من استحل الحكم بغير ما أنزل الله، أما أن يدعي الشخص إيمانه بالله ويعترف بأن الحق هو حكم الله فليس الكافر، وإنما هو من أصحاب المعاصي حتى تقام عليه الحجة .

وأما وجه استدلالهم بالآية الثالثة:

فهو أن صاحب الكبيرة لا بد وأن يجازى –على مذهبهم- وقد أخبر الله في القرآن الكريم أنه لا يجازي إلا الكفور، والفاسق ثبت مجازاته عندهم فيكون كافراً.

وهذا الدليل مردود عليهم، وينقضه أن الله يجازي الأنبياء والمؤمنين وهم ليسوا كفاراً، وبأن الآية كانت تعقيباً لبيان ذلك العقاب الذي حل بأهل سبأ، وهو عقاب الاستئصال، وهذا ثابت للكفار لا لأصحاب المعاصي .

وأما ما استدلوا به من السنة على بدعتهم في تكفير العصاة من المسلمين فقد أساءوا فهم الأحاديث وحمَّلُوها المعاني التي يريدونها، ومن تلك الأحاديث ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن)) .

ولهم أدلة أخرى نكتفي منها بهذا الحديث.

فقد فهموا من هذا الحديث نفي الإيمان بالكلية عن من فعل شيئاً مما ذكر في الحديث، وهذا لا حجة لهم فيه، فإن الحديث –كما يذكر العلماء- إما أن يكون وارداً فيمن فعل شيئاً مما ذكر مستحلاً لتلك الذنوب، أو أن المراد به نفي كمال الإيمان عنهم، أو أن نفي الإيمان عنهم مقيد بحال مواقعتهم لتلك الذنوب.

ولو كانت تلك الكبائر تخرج الشخص عن الإيمان لما اكتُفي بإقامة الحد فيها، ولهذا فقد ذكر بعض العلماء أن هذا الحديث وما أشبهه يؤمن بها ويمر على ما جاء، ولا يخاض في معناها.

وقال الزهري في مثل هذه الاحاديث: ((أمروها كما أمرها من قبلكم)) .

وقد جاء في حديث أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: ((ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة قلت: وإن زنى وإن سرق ثلاثاً، ثم قال في الرابعة: على رغم أنف أبي ذر)) قال: ((فخرج أبو ذر وهو يقول: وإن رغم أنف أبي ذر)) .

والكلام في أهل الكبائر مبسوط في موضعه من كتب التوحيد وكتب الفرق، والمقصود هنا هو التنبيه على خطأ الخوارج فيما ذهبوا إليه من تكفير أهل الذنوب من المسلمين، مخالفين ما تضافرت النصوص عليه من عدم كفر مرتكبي الذنوب كفر ملة إلا بتفصيلات مقررة في مذهب السلف.

4- الإمامة العظمى:
هذه هي مشكلة الخوارج الكبرى منذ نشأوا: وطوال عهد الدولة الأموية وزمن متقدم من عهد الدولة العباسية، شغلتهم قصية الإمامة عملياً، فجردوا السيوف ضد الحكام المخالفين لهم، ناقمين عليهم سياستهم في الرعية من عدم تمكينهم من اختيار إمامهم بأنفسهم، ثم سياستهم الداخلية في الناس، وشغلتهم فكرياً بتحديد شخصية الإمام وخصائصه ودوره في المجتمع، وكانوا يظهرون بمظهر الزاهد عن تولي الخلافة حينما يكون الأمر فيما بينهم وحرباً لا هوادة فيها ضد المخالفين لهم.

حكم الإمامة عند الخوارج:
الإمامة منصب خطير وضرورة اجتماعية؛ إذ لا يمكن أن ينعم الناس بالأمن وتستقر الحياة إلا بحاكم يكون هو المرجع الأخير لحل الخلافات وحماية الأمة، وقد أطبق على هذا جميع العقلاء.

أما بالنسبة للخوارج فقد انقسموا فيها إلى فريقين:

1- الفريق الأول: وهم عامة الخوارج. هؤلاء يوجبون نصب الإمام والانضواء تحت رايته والقتال معه ما دام على الطريق الأمثل الذي ارتأوه له.

2- الفريق الثاني: وهم المحكّمة و النجدات و الإباضية فيما قيل عنهم.

وهؤلاء يرون أنه قد يستغنى عن الإمام إذا تناصف الناس فيما بينهم وإذا احتيج إليه فمن أي جنس كان مادام كفئاً لتولي الإمامة .

ومن مبرراتهم:

1- استنادهم إلى المبدأ القائل: لا حكم إلا لله، والمعنى الحرفي لهذا المبدأ يشير صراحة إلى أنه لا ضرورة لوجود الحكومة مطلقاً.

2- أن الحكم ليس من اختصاص البشر بل تهيمن عليه قوة علوية.

3- إن الضروري هو تطبيق أحكام الشريعة، فإذا تمكن الناس من تطبيقها بأنفسهم فلا حاجة إلى نصب خليفة.

4- ربما ينحصر وجود الإمام في بطانة قليلة وينعزل عن الأغلبية فيكون بعيداً عن تفهم مشاكل المسلمين فلا يبقى لوجوده فائدة.

5- أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشر صراحة ولا وضع شروطاً لوجود الخلفاء من بعده.

6- أن كتاب الله لم يبين حتمية وجود إمام، وإنما أبان وأمرهم شورى بينهم .

هذه مبرراتهم، فهل بقي القائلون بالاستغناء عن نصب الإمام على مبدأهم؟ والجواب بالنفي؛ فإن المحكمة حينما انفصلوا ولوا عليهم عبد الله ابن وهب الراسبي، والنجدات حينما انفصلوا تزعمهم نجدة بن عامر، وأما ما قيل عن الإباضية من أنهم يقولون بالاستغناء عن نصب الإمام فإن مصادرهم التي تيسرت لي قراءتها تذكر أن هذا القول إنما نسبه إليهم خصومهم، بقصد الإشاعة الباطلة عنهم .

وأما تلك المبررات التي نسبت إلى من ذكرناهم فلا شك أنها مبررات واهية ولا تكفي للقول بالاستغناء عن نصب الخليفة؛ أما القول بعدم وجود الإنسان الكامل؛ فإنه لا يمنع من نصب الإمام حيث يختار أفضل الموجودين.

ومن التصور الساذج القول بتناصف الناس فيما بينهم. وأما انعزال الإمام فإن مدار الأمر على التزامه بواجباته الشرعية وعدم إيجاد الحجب بينه وبين رعيته، وذلك مناط الحكم بضرورة وجود الإمام شرعاً وعقلاً.

وقد ذهبت الخلفية من الخوارج الإباضية إلى أن كل إقليم أو حوزة يستقل بها إمامها، فلا يجوز لإمام أن يجمع بين حوزتين ويكون لهذه المناطق أئمة بعدد تلك المناطق وهذا باطل ولا يتفق مع روح الإسلام وأهدافه، لأن ذلك يؤدي إلى المشاحنات والعداوة وتفريق كلمة المسلمين، وحينما قرروا أن كل إقليم ينبغي أن يكون مستقلا عن الآخر لا يخضع إقليم ولا منطقة لمنطقة أخرى –تجاهلوا دعوة المسلمين إلى الاتحاد الذي يكمن فيه عزهم وقوتهم.

شروط الإمام:

وضع الخوارج شروطاً قاسية لمن يتولى الإمامة ومنها:

أن يكون شديد التمسك بالعقيدة الإسلامية، مخلصاً في عبادته وتقواه حسب مفهومهم.

أن يكون قوياً في نفسه ذا عزمٍ نافذ وتفكير ناضج وشجاعة وحزم.

أن لا يكون فيه ما يُخلُّ بإيمانه من حب المعاصي واللهو.

ألا يكون قد حُدَّ في كبيرة حتى ولو تاب.

أن يتم انتخابه برضى الجميع، لا يغني بعضهم عن بعض.

ولا عبرة بالنسب أو الجنس كما يقولونه ظاهراً دعاية لمذهبهم وفي باطنهم يملأهم التعصب، وكون الإمام ينتخب برضى أهل الحل والعقد، وهذا مبدأ إسلامي لم يأت به الخوارج، كما يقول بعض المستشرقين دعاية للخوارج.

ولم يلتفت الخوارج إلى ما صح من الأحاديث في اشتراط القرشية لتولي الخلافة وتقديم قريش فيها عند صلاحية أحدهم لها.

ولم يشترط الشرع في الإمام أن يكون ليله قائماً ونهاره صائماً، أو أنه لا يلم بأي معصية، أو أن يكون انتخابه برضى كل المسلمين من أقصاهم إلى أدناهم، لا يغني بعضهم عن بعض في مبايعتهم له كما يزعمه الخوارج .

محاسبة الإمام والخروج عليه:

يعيش الإمام عند الخوارج بين فكي الأسد –عكس الشيعة- فالخوارج ينظرون إلى الإمام على أنه المثل الأعلى وينبغي أن يتصف بذلك قولاً وفعلاً، وبمجرد أقل خطأ ينبغي عليهم القيام في وجهه ومحاسبته، فإما أن يعتدل وإما أن يعتزل.

ومن غرائبهم ما يروى عن فرقة البيهسية منهم والعوفية، فقد اعتبر هؤلاء كفر الإمام سبباً في كفر رعيته، فإذا تركه رعيته دون إنكار فإنهم يكفرون أيضاً ، ولا شك أن هذا جهل بالشريعة الإسلامية، وعلى هذا فما تراه من كثرة هروبهم وخروجهم على أئمتهم أو أئمة مخالفيهم يعتبر أمراً طبيعياً إزاء هذه الأحكام الخاطئة.

وقد حث الإسلام على طاعة أولي الامر والاجتماع تحت رايتهم إلا أن يُظهروا كفراً بواحاً، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وينبغي معالجة ذلك بأخف الضرر، ولا يجوز الخروج عليهم ما داموا ملتزمين بالشريعة بأي حال:

إمامة المفضول:
اختلف الخوارج في صحة إمامة المفضول مع وجود الفاضل إلى فريقين:

ذهب فريق منهم إلى عدم الجواز، وأن إمامة المفضول تكون غير صحيحة مع وجود الأفضل.

وذهب الفريق الآخر منهم إلى صحة ذلك، وأنه تنعقد الإمامة للمفضول مع وجود الأفضل، كما هو الصحيح .

إمامة المرأة:
الإمامة مسئولية عظمى وعبء ثقيل يتطلب سعة الفكر وقوة البصيرة، ويتطلب مزايا عديدة جعل الله معظمها في الرجال دون النساء، ولا أدلّ على هذا من اختيار الله عز وجل لتبليغ رسالته من جنس الرجال، وقد أطبق جميع أهل الحق على أن الخلافة لا يصلح لها النساء.

ولكنا نجد فرقة من فرق الخوارج وهي الشبيبية تذهب إلى جواز تولي المرأة الإمامة العظمى؛ مستدلين بفعل شبيب حينما تولت غزالة –زوجته وقيل أمه –بعده .
موقف الخوارج من عامة المسلمين المخالفين لهم:
انقسم الخوارج في نظرتهم إلى المخالفين لهم إلى فريقين:

فريق منهم غلاة.

وفريق آخر أبدى نوعاً من الاعتدال.

ويذكر الأشعري رحمه الله في مقالاته أن الخوارج مجمعون على أن مخالفيهم يستحقون السيف، ودماؤهم حلال، إلا فرقة الإباضية فإنها لا ترى ذلك إلا مع السلطان .

واختلف علماء الفرق في أول من حكم بكفر المخالفين هل هم المحكِّمة الأولى أم هم الأزارقة ومن سار على طريقتهم من فرق الخوارج فيما بعد.

وبتتبع حركة المحكِّمة الأولى نجد أنهم سبقوا إلى تكفير المخالفين لهم واستحلال دمائهم، والشواهد في كتب الفرق كثيرة كقتلهم عبد الله بن خباب ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره في حوادث كثيرة، إلا أن أشد من بالغ في تكفير المخالفين لهم وأعمل فيهم السيف هم الأزارقة وفرقة منهم تسمى البيهسية، وكذلك أتباع حمزة بن أكرك.

-أما المعتدلون منهم- وهو اعتدال لا يكاد يذكر- فنجد مثلاً الأخنسية منهم يحرمون الغدر بالمخالفين أو قتلهم قبل الدعوة، وجوزوا تزويج المسلمات منهم لمخالفيهم الذين يعتبرونهم مشركين، وكذلك بعض البيهسية.

ومن أكثر المعتدلين والمتسامحين مع المخالفين هو تلك الشخصية المرموقة عند كافة الخوارج أبو بلال مرداس بن أدية، فقد خرج وهو يقول لمن يلقاه: إنا لا نخيف آمناً ولا نجرد سيفاً، وكان مما أثاره للخروج على الدولة أن زيادا ذات يوم خطب على المنبر وكان مرداس يسمعه فكان من قوله: ((والله لآخذن المحسن منكم بالمسيء)) والحاضر منكم بالغائب، والصحيح بالسقيم)).

وهذا بالطبع لا يحتمله الخوارج فقام إليه مرداس فقال: قد سمعنا ما قلت أيها الإنسان وما هكذا ذكر الله عز وجل عن نبيه إبراهيم عليه السلام؛ إذ يقول: (وإبراهيم الذي وفَّى (37) ألا تزر وازرة وزر أخرى) وأنت تزعم أنك تأخذ المطيع بالعاصي، ثم خرج عقب هذا اليوم.

وينبغي أن يعلم أن كل فرقة لابد فيها من غلاة يخرجون على جمهورهم، إلا أن السمة الغالبة على الخوارج الشدة على المخالفين لهم، وقد تعود هذه الشدة، إلى ما يراه الخوارج من وجهة نظرهم عن خروج مخالفيهم عن النهج الإسلامي وبعدهم عنه، وبالتالي الرغبة في إرجاع الأمة إلى ما كانت عليه في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وأيام أبي بكر وعمر رضي الله عنهما كما يدعي الخوارج.


حكم الخوارج في أطفال المخالفين:
لابد وأن يكون في حكم العقل تمييز بين معاملة الصغير الذي لم يبلغ سن التكليف وبين الكبير المكلف. والخوارج لم يتفقوا على حكم واحد في الأطفال، سواء كان ذلك في الدنيا أو في الآخرة، ونوجز أهم آرائهم في هذه القضية فيما يلي:

منهم من اعتبرهم في حكم آبائهم المخالفين فاستباح قتلهم باعتبار أنهم مشركون لا عصمة لدمائهم ولا لدماء آبائهم.

ومنهم من جعلهم من أهل الجنة ولم يجوز قتلهم.

واعتبرهم بعضهم خدماً لأهل الجنة

ومنهم من توقف فيهم إلى أن يبلغوا سن التكليف ويتبين حالهم.

و الإباضية تولوا أطفال المسلمين وتوقفوا في أطفال المشركين، ومنهم من يلحق أطفال المشركين بأطفال المؤمنين.

أما القول الأول: فهو للأزارقة، واستدلوا بقول الله تعالى: (إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً) . وتبعهم في هذا بعض فرق الخوارج كالعجاردة والحمزية والخلفية.

وأما القول الثاني: فهو للنجدات والصفرية والميمونية، واستدلوا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((كل مولود يولد على الفطرة وإنما أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)) ، والذين توقفوا في الحكم عليهم قالوا: لم نجد في الأطفال ما يوجب ولايتهم ولا عداوتهم إلى أن يبلغوا فيدعوا إلى الإسلام فيقروا به أو ينكروه.

هذه خلاصة أهم آراء الخوارج في هذه القضية، والواقع أن هذه المسألة من المسائل الخلافية بين العلماء.

فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن أطفال المؤمنين إذا ماتوا على الإيمان فإن الله تعالى يدخلهم الجنة من آبائهم وإن نقصت أعمالهم عنهم لتقر أعين آبائهم بهم، فيكونون مع آبائهم في الجنة؛ تفضلاً من الله تعالى، على ضوء قوله عز وجل: (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم) .

ونقل ابن القيم عن الإمام أحمد أنه قال بأنهم في الجنة دون خلاف.

وبعضهم ذهب إلى أنهم تحت المشيئة.

وجدير بالذكر أن أطفال المؤمنين الذين نتحدث عنهم هنا هم الذين يعتبرهم الخوارج أطفال المشركين.

وأما أطفال المشركين الذين هم عبدة الأوثان ومن في حكمهم فإن العلماء اختلفوا فيهم اختلافاً كثيراً.

فذهب بعضهم إلى التوقف في أمرهم فلا يحكم لهم بجنة ولا نار وأمرهم إلى الله.

أنهم في النار.

أنهم في الجنة.

أنهم في منزلة بين المنزلتين، أي الجنة والنار.

أن حكمهم حكم آبائهم في الدنيا والآخرة، تبعاً لآبائهم حتى ولو أسلم الأبوان بعد موت أطفالهم لم يحكم لأطفالهما بالنار.

أنهم يمتحنون في عرصات القيامة بطاعة رسول يرسله الله إليهم، فمن أطاعه منهم دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار.

وقد استعرض ابن القيم أدلة القائلين بهذه الآراء وانتهى إلى نصرة الرأي الأخير ثم قال: ((وبهذا يتألف شمل الأدلة كلها وتتوافق الأحاديث ويكون معلوم الله الذي أحال عليه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (الله أعلم بما كانوا عاملين)).

وأيَّد ابن حزم القول بأن أطفال المشركين في الجنة، وكذا النووي، وقد توقف شيخ الإسلام في الحكم عليهم.

وأما استباحة قتل النساء والذرية –كما يرى الخوارج- فقد أخطأوا حين جوزوا ذلك سواء كانوا من المسلمين أو من المشركين، فقد صحت الأحاديث بالمنع من قتلهم، إلا أن يكون ذلك في بيات لا يتميز فيه الأطفال والنساء فلا بأس من قتلهم إذا وقع دون عمد .


موقع الدرر السنية - انتهى بحمد الله -








 


قديم 2011-03-27, 17:10   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*أم سلمى*
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية *أم سلمى*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك يا اختي










قديم 2011-03-28, 10:37   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
fatimazahra2011
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية fatimazahra2011
 

 

 
الأوسمة
وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2011-03-28, 11:58   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
جرح أليم
عضو مبـدع
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك على هذه السلسلة الطيبة التي تفضح عوارهم










قديم 2011-03-29, 14:48   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
جويرية بنت أبي العاص الفاروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جويرية بنت أبي العاص الفاروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك يا اختاه










قديم 2011-04-04, 22:02   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
لقاء الجنة
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية لقاء الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2011-04-05, 18:00   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
حكيم مخلوف
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك على هذا الموضوع القيم










قديم 2011-04-06, 18:10   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
sabrina9
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكراااااااااااااااااا تقبل مروري ....اختي..










قديم 2012-06-11, 14:50   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
العنبلي الأصيل
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

نسأل الله العافية والسلامة والبراءة من البدع واهلها.
بارك الله فيكم










 

الكلمات الدلالية (Tags)
الجوارح, الفرق, الضامة, سلسلة, عقائد, والمدير


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 11:09

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc