العلماء ورثة الأنبياء . - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

العلماء ورثة الأنبياء .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-04-12, 13:02   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
Subete
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جواهر الجزائرية مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله؛ نحمده و نستعينه و نستغفره، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله – وحده لا شريك لهو أشهد أنّ محمداً عبده و رسوله: أما بعدفإن خير الحديث كتاب الله، و أحسن الهدي هدي محمّد ، و شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة في النار.
.اما بعد..
فضل العلم
قال الله تعالى: { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } [المجادلة: 11] قال ابن عباس: العلماء فوق المؤمنين مائة درجة ما بين الدرجتين مائة عام.
وقال تعالى: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } [فاطر: 28]، وقال تعالى: { أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ } [البينة: 7] إلى قوله: { ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ } [البينة: 8].

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين.
صححه الألباني رحمه الله في الصحيحة برقم 1194
وعنه - صلى الله عليه وسلم -: العلماء ورثة الأنبياء .
حسنه لغيره الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب برقم 70
وحسبك هذه الدرجة مجدًا وفخرًا وبهذه الرتبة شرفًا وذكرًا فكما لا رتبة فوق رتبة النبوة فلا شرف فوق شرف وارث تلك الرتبة.
وعنه - صلى الله عليه وسلم - لما ذُكِرَ عنده رجلان أحدهما عابد والآخر عالم فقال: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم.
( صحيح ) انظر حديث رقم : 4213 في صحيح الجامع للإمام الألباني رحمه الله

أيُفني العلماء حياتهَم وشبابَهم من أجل العلم والتعليم والدِّفاع عن دينِنا وعقيدتِنا، حتَّى إذا شابتْ لحاهُم، وتقوَّستْ ظهورُهم، أسلمنَاهم لنابتةِ السوءِ ودعاةِ الضلالةِ، يُسفِّهونَهمْ ويحتقرونهم مِلْءَ أَبصارِنا وأسماعِنا، ونحنُ ساكتونَ؟! فإلى الله وحدَه المُشتكى، ولا حَوْلَ ولا قوة إلا بالله العليِّ العظيم.

وَلاَ خَيْرَ فِي قَوْمٍ يَذِلُّ كِرَامُهُمْ وَيَعْظُمُ فِيهِمْ نَذْلُهُمْ وَيَسُودُ
*******************
إنهم العلماء يا عباد الله علماء ورثة الانبياء
لينفطر القلب وتسمع في استهدافَ ثوابت الدِّين، والسخرية والاستهزاء بالإسلام والمسلمين، وانتقاص حَمَلَة الدين من العلماء والمصلحين،ة، التي ، عبر الكتب والرِّوايات، والمنتديات أو عبر الجرائد والمجلات و استراحات شاشات الفضائيَّات.وحرب معلنة دون فهم ولا وعي ولا تدبر ولا المصدر الذي تتكل عليه .
في بلاد المسلمين يُسَبون ويُسفَّهُونَ؟!والله لا خيرَ في بلاد يُخوَّن ويُطعَن في كبار علمائها الصَّادقين، ويقودها أراذلُها المارقون
*********************
إنَّ علماء الأمة هم ورثة الأنبياء، وقُرَّة عين الأولياء، رفعهم الله بالعلم، وزينهم بالحِلْم، بهم يُعرف الحلالُ من الحرام، والحق من الباطل، والضار من النافع، والحسن من القبيح، هم أركان الشَّريعة وحُماة العقيدة، ينفون عن دين الله تحريفَ الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الضَّالين، فكم من طالبِ علمٍ علموه، وتائهٍ عن صراط الرُّشد أرشدوه، وحائرٍ عن سبيل الله بصَّروه ودلّوه، يكفيهم شرفًا وفضلاً اقترانُهم باسم المولى - سبحانه - واسم ملائكته في قوله: {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالمَلَائِكَةُ وَأُولُو العِلْمِ قَائِمًا بِالقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} [آل عمران: 18].

****************
انَّ جهادَ أولئك الناقمين على الدِّين والمستهزئين بالعُلماء والمصلحين، لهو من أفضلِ الجهادِ؛ لأنه دفاعٌ عن حَوْزةِ العقيدةِ والدينِ، فمطالب هؤلاءِ لنْ تقفَ عندَ حدٍّ حتى ننسلخَ من ديننا، ونغوصَ فِي أوحالِ الفكر الغربِي العَفنِ، الذي يحلمونَ أن يَرَوْه سائدًا في بلادنَا، ولنعلم - عبادَ الله - أنَّ الجهادَ بالحجةِ والبيانِ هو جهادُ وَرَثةِ الأنبياءِ، وهو أعظمُ منفعة منَ الجهادِ باليدِ والسنانِ؛ لشدةِ مؤنتِهِ وكثرةِ العَدوِّ فيهِ معَ قلةِ النَّاصرِ؛ يقولُ العلامةُ ابنُ القيمِ - رحمه الله -: "ولهذا كان الجهادُ نوعينِ: "جهادٌ باليدِ والسنانِ، وهذا المشاركُ فيه كثيرٌ"، والثَّاني: "الجهادُ بالحجةِ والبيانِ، وهذا جهادُ الخاصَّةِ من أتباعِ الرُّسلِ، وهو جهادُ الأئمةِ، وهو أفضلُ الجهادَيْنِ"؛ لعِظَمِ منفعتِه، وشدةِ مؤنتِهِ، وكثرةِ أعدائِه؛ قالَ تعالى في سورةِ الفرقانِ - وهي مكيَّةٌ -: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا * فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [الفرقان: 51 - 52]، فهذا جهادٌ لهم بالقرآنِ، وهو أكبرُ الجهادَيْنِ، وهو جهادُ المنافقينَ أيضًا؛ فإنَّ المنافقينَ لم يكونوا يقاتلونَ المسلمينَ، بل كانوا معهم في الظَّاهرِ، ورُبَّما كانوا يقاتلونَ عدوَّهم معهم، ومع هذا فقدْ قالَ تعالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ} [التوبة: 73]، ومعلومٌ أنَّ جهادَ المنافقينَ بالحُجَّةِ والقرآنِ" ا. هـ.

قد رفع الله - تعالى - شأْنَ العلم وأهله، فشرفهم وكرمهم، ورفع منزلتهم، فقال - سبحانه وتعالى -: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}

[المجادلة: 11].



الله يجزاك خير
شكرا لك








 


رد مع اقتباس
قديم 2013-04-12, 13:07   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
vidcik
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاكم الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2014-05-01, 11:04   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
aziriaziri
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

ا ن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومنسيئات أعمالنامن يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك لهوأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
" ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون"
" ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاكثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا"
" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفرلكم ذنوبكم * ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما"
أما بعد :
{...فالعلماء لهم المنزلة اللائقة بهم ، فقد رفعهم الله تعالى وميزهم عن غيرهم ، فقال سبحانه "يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلو درجات والله بما تعلموا خبير"المجادلة * وقال تعالى " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب" الزمر* ، واستشهد سبحانه بأولي العلم على أجل مشهود عليه وهو توحيده ،فقال "شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قآئما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم"آل عمران* .
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله طريقا إلى الجنة ، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض ، حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة الأنبياء خير ، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر(1) " .
وقال ابن القيم : " قوله :- " إن العلماء ورثة الأنبياء " هذا من أعظم المناقب لأهل العلم فإن الأنبياء خير خلق الله ، فورثتهم خير الخلق بعدهم ، ولما كان كل موروث ينتقل ميراثه إلى ورثته ، إذ هم الذين يقمون مقامة من بعده ، ولم يكن بعد الرسل من يقوم مقامهم في تبليغ ما أرسلوا به إلا العلماء ، كانوا أحق الناس بميراثهم ، وفي هذا تنبيه على أنهم اقرب الناس إليهم ، فإن الميراث إنما يكون لأقرب الناس إلى الموروث ، وهذا كما أنه ثابت في ميراث الدرهم والدينار ، فكذالك هو في ميراث النبوة ، والله يختص برحمته من يشاء ، وفيه أيضا إرشاد وأمر للأمة بطاعتهم واحترامهم وتعزيرهم وتوقيرهم وإجلالهم ... وفيه تنبيه على أن محبتهم من الدين وبغضهم مناف للدين ، كما هو ثابت لموروثهم ، وكذالك معاداتهم ومحاربتهم معاداة ومحاربة لله كما هو لموروثهم ، قال علي رضي الله عنه :- محبة العلماء دين يدان به(2).
ومما قاله ابن رجب في شرح حديث أبي الدرداء – والذي سبق ذكره - :- " إنما يبغض المؤمن والعالم عصاة الثقلين ؛ لأن معصيتهم لله اقتضت تقديم أهوائهم على محبة الله وطاعته ، فكرهوا طاعة الله وأهل طاعته ، وما أحب الله وأحب طاعته ، أحب أهل طاعته ، وخصوصا من دعا إلى طاعته وأمر الناس بها ، وأيضا فإن العلم إذا ظهر في الأرض وعمل به درت البركات ، ونزلت الأرزاق ، فيعيش أهل الأرض كلهم ، حتى النملة وغيرها من الحيوانات ببركته ...
وقد ظهر بهذا أن محبة العلماء العاملين من الدين ، وفي الأثر المعروف :- "كن عالما ، أو متعلما ، أو مستمعا ، أو محبا لهم ، ولاتكن الخامسة فتهلك." (3)
قال بعض السلف : سبحان الله ! لقد جعل الله لهم مخرجا ، يعني أنه لا يخرج عن هذا الأربعة الممدوحة إلا الخامس الهالك ، وهو من ليس بعالم ، ولا متعلم ، ولا مستمع ، ولا محب لأهل العلم وهو الهالك ، فإن من أبغض أهل العلم ، أحب هلاكهم ، ومن أحب هلاكهم فقد أحب أن يطفأ نور الله في الأرض ، ويظهر فيها المعاصي والفساد ، فيخشى أن لا يرفع له مع ذلك عمل ، كما قال سفيان الثوري وغيره من السلف .(4)
واحترام العلماء وتوقيرهم هو إجلال لله تعالى كما جاء في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :- ولا الجافي عنه ، وإكرام ذي السلطان المقسط .(5)
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :- " ليس منا من لم يجل كبيرنا ، ويرحم صغيرنا ، ويعرف لعالمنا حقه ".(6)
وقال طاووس رحمه الله :- "من السنة أن يوقر العالم"(7).
وما أجمل ما كتبه الآجري في وصف العلماء حيث قال رحمه الله :-
" إن الله عز وجل وتقدست أسماؤه اختص من خلقه من أحب فهداهم للإيمان ، كما اختص من سائر المؤمنين من أحب ، فتفضل عليهم ، فعلمهم الكتاب والحكمة ، وفقههم في الدين ، وعلمهم التأويل ، وفضلهم على سائر المؤمنين ، وذلك في كل زمان وأوان ، رفهم بالعلم وزينتهم بالحلم ، بهم يعرف الحلال من الحرام ، والحق من الباطل ، فضلهم عظيم ، وخطرهم(8) جزيل ، ورثة الأنبياء ، وقرة عين الأولياء حياتهم غنيمة ، وموتهم مصيبة ، يذكرون الغافل ، ويعلمون الجاهل ، ولا يتوقع لهم بائقة ، ولا يخاف عنهم غائلة ، جميع الخلق إلى علمهم غيظ الشيطان ، بهم تحيا قلوب أهل الحق ، وتموت قلوب أهل الزيغ ، مثلهم في الأرض كثمل النجوم في السماء يهتدي بها في ظلمات البر والبحر ، إذا انطمست النجوم تحيروا ، وإذا أسفر عنها الظلام أبصروا .(9)
وبهذا يعلم أن الواجب تجاه العلماء هو محبتهم ومودتهم ، وتوقيرهم وإجلالهم ، كما جاءت به الشريعة ، دون غلو ولا إفراط
ولا شك أن الإستهزاء بالعلماء يضاد محبتهم وإجلالهم ، فالاستهزاء بالعلماء يعني السخرية بهم والاستخفاف بهم .
قال الآلوسي :-" الاستهزاء : الاستخفاف والسخرية ، وذكر الغزالي أن الاستهزاء الاستخفاف والاستهانة والتنبيه على عيوب والنقائص على وجه يضحك منه ، وقد يكون ذلك بالمحاكاة في الفعل والقول ، وبالإشارة ولإيماء ... وأصل هذه المادة الخفة ، يقال : ناقة تهزأ به أي : تسرع وتخف "(10).
إن الاستهزاء بأهل العلم صفة من صفات الكافرين ، وخصلة من خصال المنافقين ، كما قال أصدق القائلين جلا في علا في سورة البقرة الآية 212 " زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب ".
وقال سبحانه " ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهو فيها كالحون * ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضآلين * ربنا اخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون * قال اخسؤا فيها ولا تكلمون * إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين * فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري زكنتم منهم تضحكون إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون " سورة المؤمنون آية 103-111.
وقال جل شأنه " إن الذين أجرموا كانوا من الذين ءامنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انتقلبوا إلى اهليهم انقبلوا فاكهين * وإذا رأوهم قالوا إن هؤلآء لضالون * وما أرسلوا عليهم حافظين " سورة المطففين .
وقال تعالى في شأن المنافقين :- " وإذا لقوا الذين ءامنوا قالوا ءامنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن * الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون " القرة آية 14-15.
وقال " الذين يلمزون المطوِعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب اليم " التوبة ، آية 79.
ولقد حرص اعداء الإسلام من اليهود والنصارى وأذنابهم من منافقي هذا الزمان على تشويه سمعة العلماء ، وزعزعة مكانتهم في نفوس الأمة المسلمة .
فمما جاء في البروتوكول السابع عشر من برتوكولات اليهود :-
" وقد عنينا عناية عظيمة بالحط من كرامة رجال الدين من الأميين ( غير اليهود ) في أعين الناس ، وبذلك نجحنا في الإضرار برسالتهم التي كان يمكن أن تكون عقبة كؤودا في طريقنا ، وإن نفوذ رجال الدين على الناس ليتضاءل يومافيوما "(11).
وسعى هؤلاء في سبيل ذلك سعياً حثيثاً ، فشنوا الحملات المسعورة ، وأعدوا المخططات الرهيبة من أجل الكيد لهذا الدين والصدّ عنه ، عن طريق الطعن في حملة الإسلام ودعاته وعلمائه ، وقد آتت هذه المؤامرت ثمارها النكدة كما هو مشاهد في واقع الأمة ، وتولت وسائل الأعلام في بلاد المسلمين وغيرها كبر هذه الهجمة الشرسة على علماء الأمة (12) فظهر الاستهزاء بالعلماء والصالحين على وسائل الإعلام المختلفة ، وتطاول الأقزام من أهل الشبهات والشهوات على مقامات أهل العلم والصلاح باسم حرية الرأي والفكر ! ، واستهزاء بأهل الصلاح والديانة تحت مظلة محاربة التطرف والتشديد !
وساعد على استفحال هذا المنكر أسباب كثيرة ، فبالإضافة إلى ما سبق ذكره ، نذكر – أيضاً – من تلك الأسباب :-
غلبة الجهل بدين الله تعالى بين المسلمين ، سواءً كان الجهلُ بحرمة المسلم وعظيم حقه ومنزلته ، أو الجهلُ بحكم الاستهزاء باهل العلم والصلاح . وسبب ذلك آخر وهو تنحية شرع الله تعالى في بلاد المسلمين ... فلو أن حد الردة –مثلاً- اقيم على من يستحقه ... فلن يتطاول سفيه على فتاوى اهل العلم ، كما هو واقعنا الآن ، وان يسخر مريض قلب من استقامة أهل الديانة وطهرهم ، والله حسبنا ونعم الوكيل .
إن الاستهزاء بالعلماء ... على ضربين :-
أحدهما :- الاستهزاء بأشخاصهم ، كمن يستهزئ بأوصافهم الخَلْقية أو الخُلُقية ، وهذا محرم لقوله تعالى " يأيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم * ولا نسآء من نسآء عسى أن يكنّ خيراً منهنّ ولا تلمزوا أنفسكم ولا تتنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فاولئك هم الظالمون " الحجرات ، آية 11.
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية :- " ينهى تعالى عن السخرية بالناس ، وهو احتقارهم ولاستهزاء بهم ن –ويروى- وغمط الناس (13) ".
والمراد من ذلك احتقاهم واستصغارهم ، وهذا حرام ، فإنه قد يكون المحتقر أعظم قدراً عند الله تعالى ، وأحب إليه من الساخر منه المحتقر له ...(14) ".
والضرب الآخير :- الاستهزاء بالعلماء لكونهم علماء ، ومن اجل ما هم عليه من العلم الشرعي ، فهذا كفر ؛ لأنه استهزاء بدين الله تعالى ، وكذا الاستهزاء بأهل الصلاح من أجل استقامتهم على الديانة ، واتباعهم للسنة ، فالاستهزاء –هاهنا- متوجه على الدين والسنة .
ومن المناسب هاهنا أن نورد تعقباً لا بن حجر الهيتمي على ما قاله احد علماء الأحناف –عند ذكره لنواقض الإيمان- فقال هذا الحنفي (15) :-
" أو قال :- إيش مجلس الوعظ ، أو العلم لايثرد (16) ، أو وعظ على سبيل الاستهزاء ، أو ضحك على وعظ العلم ، أو قال : إيش هذا القبيح الذي خففت شاربك ، أو قال بئسما أخرجت السنة .(17) " أه كلامه .
فعقب أبن حجر قائلاً :- " ما ذكره في إيش مجلس الوعظ .. الخ ، إنما يتجه إن أراد الاستهزاء ، وكذا إن أطلق على احتمال قوي فيه لظهور هذا اللفظ في الاستخفاف بمجلس الوعظ والعلم .
وما ذكره في الوعظ استهزاء بالوعظ ، أو بكلماته ، لا من حيث كونه واعظاً فلا يتجه الكفر حينئذ ، وكذا يقال في الضحك على الوعظ .(18) "
ولما كان الاستهزاء بالعلماء والصالحين متحملاً للضربين المذكورين آنفاً ، صار محلاً للخلاف (19) ، وبهذا التفريق بينهما يزول الإشكال ، ويرتفع الخلاف .
وأما وجه كون هذا الاستهزاء يناقض الإيمان ، فلما يلي :-
أن الله عز وجل جعل الاستهزاء بالمؤمنين استهزاء بالله تعالى وآياته ورسوله صلى اله عليه وسلم (20) ، فقال تبارك وتعالى :-
" قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم " التوبة ، آية 69،66.
فقد جاء في سبب نزول هذه الآيات عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رجل في غزوة تبوك في مجلس : ما رأينا هؤلاء أرغب بطوناً(21) ، ولا أكذب ألسناً ، ولا أجبن عند اللقاء ، فقال رجل في المجلس : كذبت ، ولكنك منافق ، لأخبران رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن . قال عبدالله بن عمر : فأنا رأيته متعلقاً بحقب (22) ناقه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تنكبه الحجارة ، وهو يقول :- يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :- " أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم (23) ".
ونورد جملة من كلام أهل العلم في بيان ذلك :-
يقول الشيخ عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب –رحمهم الله- في هذا الشأن " وفيه بيان أن الإنسان قد يكفر بكلمة يتكلم بها ، أو بعمل يعمل به ...ومن هذا الباب الاستهزاء بالعلم وأهله وعدم احترامهم لأجله (24)" .
وسئل الشيخ حمد عتيق –رحمه الله- عن معنى قول الفقهاء : من قال يا فقيّه بالتصغير يكفر .. فكان من جوابه :- "اعلم أن العلماء قد أجمعوا على أن من استهزاء بالله ، أو رسوله ، أو كتابه فهو كافر ، وكذا إذا أتى بقول أو فعل صريح في الاستهزاء ، واستدلوا بقوله تعالى :- "ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم " التوبة ، آية 65،66.
وسبب النزول مشهور، وأما قول القائل: فقيه، أو عويلم، أو مطيويع ونحو ذلك، فإذا كان قصد القائل الهزل، أو الاستهزاء بالفقه أو العلم أو الطاعة، فهذا كفر أيضاً ينقل عن الملة فيستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتداً.(24) "
وقال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم : - " قوله تعالى: - " أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ.." الآيات أي فليس لكم عذر؛ لأن هذا لا يدخله الخوض واللعب، وإنما تحترم هذه الأشياء وتعظم ويخشع عندها إيماناً بالله ورسوله، وتعظيماً لآياته، وتصديقاً وتوقيراً، والخائض واللاعب منتقص لها، ومن هذا الباب الاستهزاء بالعلم وأهله، وعدم احترامهم، أو الوقيعة فيهم لأجله.(25) "
وجاء في فتوى اللجنة الدائمة ما يلي:-
" سب الدين والاستهزاء بشيء من القرآن والسنة، والاستهزاء بالمتمسك بها نظراً لما تمسك به كإعفاء اللحية وتحجب المسلمة، هذا كفر إذا صدر من مكلف، وينبغي أن يبين له أن هذا كفر، فإن أصر بعد العلم فهو كافر، قال الله تعالى: - " قُل ْأَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ*لاَتَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ " التوبة، آية 65، 66 .(26) "
ذكر الله عز وجل أن الاستهزاء والسخرية بالمؤمنين سبب في دخول نار جهنم، وعدم الخروج منها.
فعندما ينادي أهل النار قائلين:- " رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَافَإِن َّاظَالِمُونَ " المؤمنون، آية 107.
يقول الله تعالى جواباً عنهم:- "قَال َاخْسَؤُوا فِيهَا وَلاتُكَلِّمُونِ*إِنَّه ُكَانَ فَرِيق ٌمِّن ْعِبَادِي يَقُولُون َرَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْلَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنت َخَيْرُ الرَّاحِمِينَ* فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنسَوْكُم ْذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُم ْتَضْحَكُونَ " المؤمنون، آية 108،– 110.
وتوضيحاً لذلك نسوق أقوال بعض المفسرين لهذه الآيات
فمما قاله أبو السعود رحمه الله: - " وقوله تعالى: - {إنه} تعليل لما قبله من الزجر عن الدعاء أي أن الشأن {كَانَ فَرِيقٌ مِّن ْعِبَادِي} [وهم المؤمنون.. {يقولون} في الدنيا {رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْلَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنت َخَيْرُالرحمين * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا} أي اسكتوا عن الدعاء بقولكم ربنا الخ؛ لأنكم كنتم تستهزئون بالداعين بقولهم ربنا آمنا الخ، وتتشاغلون باستهزائهم " حتى أنسوكم " أي الاستهزاء بهم {ذكري} من فرط اشتغالكم باستهزائهم {وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ} وذلك غاية الاستهزاء(27).
ويقول الآلوسي: - قيل: التعليل على معنى إنما خسأناكم كالكلب ولم نحتفلكم إذ دعوتكم؛ لأنكم استهزأتم غاية الاستهزاء بأوليائي حين دعوا واستمر ذلك منكم حتى نسيتم ذكري بالكلية ولم تخافوا عقابي فهذا جزاؤكم.
وقيل: - خلاصة معنى الآية إنه كان فريق من عبادي يدعون، فتشاغلتم بهم ساخرين، واستمر تشاغلكم باستـهزائهم إلى أن جركم إلى ترك ذكري في أوليائي فلم تخافوني في الاستهزاء بهم.
وفيه تسخط عظيم لفعلهم ذلك ودلالة على اختصاص بالغ لأولئك العباد المسخور منهم، كما نبه عليه أولاً في قوله تعالى {مِّنْ عِبَادِي} وختمه بقوله تعالى {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ} إلى قوله تعالى: - {هُمُ الْفَائِزُونَ}(28) .
ومما سطـره الشنقيطي عند تفسيره لهذه الآيات: - {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ..} إلى قوله تعالى {وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ} حيث قال رحمه الله:-
" قد تقرر في الأصول في مسلك الإيماء والتنبيه، أن " إن " المكسورة المشددة من حروف التعليل كقولك: عاقبه إنه مسيء: أي لأجل إساءته، وقوله في هذه الآية " إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي " الآيتين. يدل فيه لفظ إن المكسورة المشددة على أن من الأسباب التي أدخلتهم النار هو استهزاؤهم، وسخريتهم من هذا الفريق المؤمن الذي يقول: - "رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْلَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ " فالكفار يسخرون من ضعفاء المؤمنين في الدنيا حتى ينسيهم ذلك ذكر الله، والإيمان به فيدخلون بذلك النار...
وحتى في قوله: "حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي.. " حروف غاية، لاتخاذهم إياهم سخرياً أي لم يزالوا كذلك، حتى أنساهم ذلك ذكر الله والإيمان به، فكان مأواهم النار والعياذ بالله.(28) "
أن الاستهزاء بالعلماء والصالحين لأجل ما هم عليه من العلم الشرعي، واتباعهم للقرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، هو في حقيقته استهزاء بآيات الله تعالى، وسخرية بشرائع دين الله عز وجل، ولا شك أن هذا الاستهزاء كفـر يناقض الإيمان، يقول الله تعالى: - " وَإِذَاعَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًااتَّخَذَهَا هُزُوًاأُوْلَئِكَ لَهُم ْعَذَابٌ مُّهِينٌ " الجاثية، آية 9، ولم يجيء إعداد العذاب المهين إلا في حق الكفار.(29) "
يقول ابن حزم: - " صح بالنص أن كل من استهزأ بالله تعالى، أو بملك من الملائكة، أو بنبي من الأنبياء عليهم السلام، أو بآيـة من القـرآن، أو بفريضة من فرائض الدين، فهي كلها آيات الله تعالى بعد بلوغ الحجة إليه فهو كافر.(30) "
4- ونختم هذا المبحث بجملة من أقوال العلماء في تلك المسألة.
يقول القرطبي عند تفسيره لقوله تعالى: - {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا..} الآية {حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي} أي اشتغلتم بالاستهزاء عند ذكري {وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ} استهزاء بهم، وأضاف الإنساء إلى المؤمنين؛ لأنهم كانوا سبباً لاشتغالهم عن ذكره، وتعدى شؤم استهزائهم بالمؤمنين إلى استيلاء الكفر على قلوبهم..
ويستفيد من هذا: التحذير من السخرية والاستهزاء بالضعفاء، والمساكين، والاحتقار لهم، والإزراء عليهم والاشتغال بهم فيما لا يعني، وأن ذلك مبعد من الله عز وجل.(31) "
وجاء في الفتاوى البزازية: - " والاستخفاف بالعلماء لكونهم علماء استخفاف بالعلم، والعلم صفة الله تعالى منحه فضلاً على خيار عباده ليدلوا خلقه على شريعته نيابة عن رسله، فاستخفافه بهذا يعلم أنه إلى من يعود.(32) "
وجاء أيضاً:- " رجل يجلس على مكان مرتفع أو لا يجلس عليه، لكن يسألونه عن مسائل بطريق الاستهزاء، ويضربونه بما شاؤا وهم يضحكون كفروا.(33) "
" ويقول ابن نجيم: - " ويكفر بجلوسه على مكان مرتفع والتشبه بالمذكرين ومعه جماعة يسألون من المسائل ويضحكون منه، ثم يضربونه بالمخراق (34)، وكذا يكفر الجميع لاستخفافهم بالشرع، وكذا لو لم يجلس على مكان
مرتفع، ولكن يستهزئ بالمذكورين ويتمشى والقوم يضحكون، وبقوله لا تذهب وإن ذهبت تطلق امرأتك استهزاء بالعلم والعلماء جواباً لمن قال إلى مجلس العلم، جواباً أين تذهب(35) "
ويقول أيضاً:- " ولو صغر الفقيه أو العلوي قاصداً الاستخفاف بالدين كفر، لا إن لم يقصده.(36) "
ويقول – في كتاب آخر -: - " الاستهزاء بالعلم والعلماء كفر.(37) "
ويقول ملا علي قاري: - " وفي الظهيرية من قال لفقيه أخذ شاربه: ما أشد قبحاً قص الشارب ولف طرف العمامة تحت الذقن يكفر؛ لأنه استخفاف بالعلماء يعني وهو مستلزم لاستخفاف الأنبياء عليهم السلام؛ لأن العلماء ورثة الأنبياء عليهم السلام، وقص الشارب من سنن الأنبياء عليهم السلام فتقبيحه كفر بلا اختلاف بين العلماء.
وفي الخلاصة من قال: قصصت شاربك وألقيت العمامة على العاتق استخفافاً يعني بالعالم أو بعلمه فذلك كفر.
ونقل عن الأستاذ نجم الدين الكندي بسمرقند أن من تشبه بالمعلم على وجه السخرية، وأخذ الخشبة، وضرب الصبيان كفر، يعني لأن معلم القرآن من جملة علماء الشريعة فلاستهزاء به وبمعلمه يكون كفراً.
وفي المحيط ذكر أن فقيهاً وضع كتابه في دكان وذهب، ثم مر على ذلك الدكان، فقال صاحب الدكان: ههنا نسيت المنشار، فقال الفقيه عندك كتاب لا منشار، فقال صاحب الدكان: النجار بالمنشار يقطع الخشب، وأنتم تقطعون به حلق الناس، أو قال حق الناس، فشكى الفقيه إلى الإمام الفضلي يعني الشيخ محمد بن الفضل، فأمر بقتل ذلك الرجل؛ لأنه كفر باستخفاف كتب الفقه.
وفي التتمة: من أهان الشريعة أو المسائل التي لا بد منها كفر، ومن ضحك من المتيمم كفر. (38) "
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن بعض الناس يسخرون بالملتزمين بدين الله ويستهزئون بهم فما حكم هؤلاء؟
فأجاب: - " هؤلاء الذين يسخرون بالملتزمين بدين الله المنفذين لأوامر الله فيهم نوع نفاق، فإن الله قال عن المنافقين: - " الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَيَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَاللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " التوبة، آية 79.
ثم إن كانوا يستهزئون بهم من أجل ما هم عليه من الشرع، فإن استهزاءهم بهم استهزاء بالشريعة، والاستهزاء بالشريعة كفر، أما إذا كانوا يستهزئون بهم يعنون أشخاصهم، وزيهم بقطع النظر عما هم عليه من اتباع السنة فإنهم لا يكفـرون بذلك؛ لأن الإنسان قد يستهزىء بالشخص نفسه بقطع النظر عن عمله وفعله لكنهم على خطر عظيم. (39)" }.

( من كتاب نواقض الإيمان القولية والعملية / طباعة دار الوطن )

تأليف . ذ. عبد العزيز بن محمد بن علي العبد اللطيف

_
(1)أخرجه أحمد 2/407 وأبو داود (3641) والترمذي (2646) وابن ماجه (223) ، وحسنه الألباني [رحمه الله] في صحيح الترهيب والترغيب للمنذري 1/33 .
(2)مفتاح دار السعادة 1/66 بإختصار.
(3)قال الهيثمي :- :أخره الطبراني في الثلاثة والبزار ، "ورجاله موثقون" انظر : مجمع الزوائد (1/123)
(4)شرح حديث أبي الدرداء ص 30-32 بإختصار.
(5)أخرجه أبو داود (4843) وحسنه الألباني [رحمه الله] في صحيح الترغيب والترهيب 1/44 .
(6)أخرجه الحاكم في المستدرك (1/122) ، وحسنه الألباني [رحمه الله] .
(7)جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر 1/129.
(8)خطرهم : أي شرفهم وقدرهم –( انظر مصباح المنير ص 208 ، ومختار الصحاح ص 180.
(9)أخلاق العلماء ص 81-83 بإختصار .
(10)انظر لسان العرب 1/183 ، والمصباح المنير ص 787.
(11)بروتوكلات حكماء صهيون / ترجمة محمد خليفة التونسي ص 187.
(12)انظر :- المشايخ والإستعمار لحسني عثمان ، والقول المبين في حكم الاستهزاء بالمؤمنين لعبد السلام بن برجس آل عبدالكريم ، والاستهزاء بالدين وأهله لمحمد القحطاني .
(13)أخرجه مسلم كتاب الإيمان (1/93)
(14)تفسير ابن كثير 4/213.
(15)لم يذكر ابن حجر الهيتمي أسم هذا الحنفي.
(16)لا يثرد من قولهم : ثرد الخبز : أي فتّه ثم بله بمرق (انظر اللسان 3/102) ، وظاهر العبادة السابقة : العلم لا يثرد ... الاستهزاء بالعلم واحتقاره .
(17)الإعلام لابن حجر ص 372،373.
(18)الإعلام لابن حجر ص 372،373
(19)انظر روضة الطالبين للنووي 10/68 ، والإعلام لابن حجر ص 361.
(20)أنظر فتاوى اللجنة الدائمة 2/14،15.
(21)أي : أوسع بطوناً ، انظر : الفائق في غريب الحديث للزمخشري 2/69.
(22)الحقب : حبل يشدّ به رحل البعير إلى بطنه . انظر المرجع السابق 1/300.
(23)أخرجه الطبري في تفسيره 10/104 ، وانظر الصحيح المسند من أسباب النزول لمقبل الوادعي [رحمه الله] ص 77 .
(24)قرة عين الموحدين : ص 217.
(25) حاشية ابن قاسم على كتاب التوحيد ، ص 323 .
(26)فتاوى اللجنة الدائمة 1/256 ، 257 .
(27)تفسير أبي السعود 4/87 = باختصار يسير .
(28)أضواء البيان 5/827 ، 828 = باختصار .
(29)انظر الصارم المسلول لابن تيمية ص 52 .
(30)الفصل 3/299 ، وانظر المحلى 13/00 5 – 502 .
(31) تفسير القرطبي 12/154 = باختصار .
(32)الفتاوى البزازية (بهامش الفتاوى العالمكيرية) 6/336 .
(33) المرجع السابق 6/337 .
(34) المرجع السابق 6/337 .
(35)البحر الرايق 5/132 .
(36) المرجع السابق 5/134 .
(37) الأشباه والنظائر ص 191.
(38) شرح الفقه الأكبر ص 260 – 262 = باختصار ، وانظر تهذيب ألفاظ الكفر لمحمد اسماعيل الرشيد ص 26
(39)المجموع الثمين 1/65 ، وانظر الأجوبة المفيدة لمهمات العقيدة للدوسري ص 63 ، والمنافقون في القرآن لعبدالعزيز الحميدي ص 384 .
* الترك يعد فعلاً وعملاً ، كما دل على ذلك الكتاب والسنة ، قال تعالى : " " لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الأثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون " " المائدة ، آية 63 فسمى الله عز وجل عدم نهي الربانيين والأحبار لهم صنيعاً ، والصنع فعل . وقال تعالى : " " كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون " " فسمى عدم تناهيهم عن المنكر فعلاً . وقال صلى الله عليه وسلم : " عرضت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها ، فوجدت في محاسن أعمالها إماطة الأذى عن الطريق ، ووجدت في مساويء أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تدفن " أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب النهي عن البصاق في المسجد ، في الصلاة وغيرها 1/390 ، رقم الحديث (553) .
انظر تفصيل هذه المسألة : - روضة الناظر لابن قدامة ص 54 ، والموافقات للشاطبي 4/58، وإرشاد الفحول للشوكاني ص 42، والقواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام ص 62، وشرح الروضة للشنقيطي ص 38، وأفعال الرسول لمحمد الأشقر 2/47-50.










رد مع اقتباس
قديم 2014-05-01, 12:50   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
souna salli
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا على هذا العمل









رد مع اقتباس
قديم 2014-05-03, 09:40   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
aziriaziri
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

من ددر الشيخ بن بازرحمه الله
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله ، وعلى آله وأصحابه ، ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.. أما بعد :
فهذه كلمة موجزة في : (فضل العلم ، وشرف أهله). لقد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على فضل العلم والتفقه في الدين ، وما يترتب على ذلك من الخير العظيم والأجر الجزيل ، والذكر الجميل ، والعاقبة الحميدة لمن أصلح الله نيته ، ومن عليه بالتوفيق.
والنصوص في هذا كثيرة معلومة ، ويكفي في شرف العلم وأهله أن الله عز وجل استشهدهم على وحدانيته ، وأخبر أنهم هم الذين يخشونه على الحقيقة والكمال. قال تعالى : شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ[1] فاستشهد الملائكة وأولي العلم على وحدانيته سبحانه ، وهم العلماء بالله ، العلماء بدينه ، الذين يخشونه سبحانه ويراقبونه ، ويقفون عند حدوده ، كما قال الله عز وجل : إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ[2]
ومعلوم أن كل مسلم يخشى الله ، وكل مؤمن يخشى الله ، ولكن الخشية الكاملة إنما هي لأهل العلم ، وعلى رأسهم الرسل عليهم الصلاة والسلام ، ثم من يليهم من العلماء على طبقاتهم.
فالعلماء هم ورثة الأنبياء ، فالخشية لله حق ، والخشية الكاملة إنما هي من أهل العلم بالله والبصيرة به ، وبأسمائه ، وصفاته ، وعظيم حقه سبحانه وتعالى ، وأرفع الناس في ذلك هم الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، ثم يليهم أهل العلم على اختلاف طبقاتهم في علمهم بالله ودينه. والجدير بالعالم أينما كان ، وبطالب العلم ، أن يعنى بهذا الأمر ، وأن يخشى الله ، وأن يراقبه في كل أموره ، في طلبه للعلم ، وفي عمله بالعلم ، وفي نشره للعلم ، وفي كل ما يلزمه من حق الله ، وحق عباده.
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين في حديث معاوية رضي الله عنه ، أنه صلى الله عليه وسلم قال : ((من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)) وهذا الحديث العظيم له شواهد أخرى ، عن عدة من الصحابة رضي الله عنهم ، وهو يدل على أن من علامات الخير ودلائل السعادة ، أن يفقه العبد في دين الله ، وكل طالب مخلص في أي جامعة أو معهد علمي أو غيرهما ، إنما يريد هذا الفقه ويطلبه ، وينشده ، فنسأل الله لهم في ذلك التوفيق والهداية وبلوغ الغاية.
ومن أعرض عن الفقه في الدين فذلك من العلامات على أن الله ما أراد به الخير ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
يقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان عن أبي موسى رضي الله عنه : ((إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه بما بعثني الله به فعلِم وعلّم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به))
فالعلماء الذين وفقوا لحمل هذا العلم طبقتان : إحداهما حصّلت العلم ووفقت للعمل به ، والتفقه فيه ، واستنبطت منه الأحكام ، فصاروا حفاظا وفقهاء ، نقلوا العلم وعلموه الناس وفقهوهم فيه ، وبصروهم ونفعوهم ، فهم ما بين معلم ومقرئ ، وما بين داعٍ إلى الله عز وجل ، ومدرس للعلم ... إلى غير ذلك من وجوه التعليم والتفقيه.
أما الطبقة الثانية فهم الذين حفظوه ونقلوه لمن فجّر ينابيعه ، واستنبط منه الأحكام ، فصار للطائفتين الأجر العظيم ، والثواب الجزيل ، والنفع العميم للأمة. وأما أكثر الخلق فهم كالقيعان التي لا تمسك ماء ، ولا تنبت كلأ لإعراضهم وغفلتهم وعدم عنايتهم بالعلم.
فالعلماء وطلبة العلم في دور العلم الشرعي على خير عظيم ، وعلى طريق بحمد الله مستقيم ، لمن وفقه الله لإخلاص النية ، والصدق في الطلب. وهنيئا لطلبة العلم الشرعي أن يتفقهوا في دين الله ، وأن يتبصروا فيما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم ، وأن ينافسوا في ذلك ، وأن يصبروا على ما في ذلك من التعب والمشقة ، فإن العلم لا ينال براحة الجسم ، بل لا بد من الجد والصبر والتعب ، وهذا الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه في أبواب المواقيت من كتاب الصلاة لما ساق عدة أسانيد ذكر فها عن يحيى بن أبي كثير رحمه الله أنه قال : (لا ينال العلم براحة الجسم) ، ومقصوده رحمه الله من هذا التنبيه على أن تحصيل العلم والتفقه في الدين يحتاج إلى صبر ومثابرة ، وعناية وحفظ للوقت ، مع الإخلاص لله ، وإرادة وجهه سبحانه وتعالى.
والدور العلمية التي يدرس فيها العلم الشرعي ، وهكذا المساجد التي تقام فيها الحلقات العلمية الشرعية ، شأنها عظيم ، وفائدتها كبيرة ، لأنها مهيأة لنفع الناس وحل مشاكلهم. فالمتخرجون فيها يرجى لهم الخير العظيم ، والفائدة الكبيرة ، والنفع العام ، فلا ينبغي لمن منّ الله عليه بالعلم أن ينزوي عن نفع الناس وتفقيههم وتذكيرهم بالله ، وبحقه وحق عباده ، سواء كان ذلك من طريق التدريس أو القضاء أو الوعظ والتذكير ، أو المذاكرة بين الزملاء والإخوان في المجالس العامة والخاصة ، كما ينبغي لأهل العلم أن يشاركوا في نشر العلم عن طريق وسائل الإعلام ، لعظم الفائدة في ذلك ، ووصول العلم إلى ما شاء الله من أنحاء الأرض. ومعلوم ما في ذلك من الخير العظيم ، والنفع العام للمسلمين ، وشدة الحاجة إلى ذلك في هذا العصر ، بل في كل عصر ، ولكن في هذا العصر أشد لقلة العلم. وكرة دعاة الباطل.
فالواجب على من رزق العلم ، أن يتحمل المشقة في نفع الناس به : قضاءً وتدريسا ، ودعوة إلى الله عز وجل ، وفي غير هذا من شئون المسلمين ، حتى تحصل الفائدة الكبيرة ، والثمرة العظيمة من هذا الطلب.
وطالب العلم يطلب العلم لينفع نفسه ، ويخلصها من الجهالة ويتقرب إلى ربه عز وجل بما يرضيه ، على بصيرة وحسن دراية ، ولينفع الناس أيضا ، ويخرجهم من الظلمات إلى النور ، ويقضي بينهم في مشاكلهم ، ويصلح بينهم ، ويعلم جاهلهم ، ويرشد ضالهم ، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر إلى غير ذلك. فطالب العلم تدخل مهمته في أشياء كثيرة ، ولا تنحصر في أبواب معدودة ، ولا سيما القاضي. فإن القاضي إن وفقه الله وصبر تدخل وظيفته في أشياء كثيرة ، فهو مع العلم محسوب ، ومع القضاة محسوب ، ومع المدرسين محسوب ، ومع أهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محسوب ، ومع الدعاة إلى الله عز وجل ، ومع المصلحين ، إلى غير ذلك من شئون المسلمين. فينبغي له أن يهيئ نفسه لذلك ، ويوطنها على تحمل الشدائد ، في سبيل الله ، وأن تكون همته عالية ، كما كان سلفنا الصالح وأئمتنا رحمهم الله جميعا ينفعون الناس بكل ما يستطيعون. وإن وصيتي لأهل العلم وطلبته ، ولكل مسلم ومسلمة ، أن يصبروا في هذا الأمر ، وأن يواصلوا الجهود في سبيل الحق ، وأن يحفظوا الوقت ، وأن يكثروا من المذاكرة بينهم فيما قد يشكل على بعضهم ، حتى يتوافر لديهم من المعلومات ما يحصل به الخير لهم ، وللمسلمين إن شاء الله ، مع الحرص على إصلاح النية والإخلاص في كل ما يتقرب به العبد إلى ربه ، وفي كل ما ينفع الناس. ومن الأمور التي تنفع الناس ، وتحل بها المشاكل ، وينتشر بها العدل توجه أهل العلم والبصيرة والخشية لله سبحانه للقضاء بين الناس وتعليمهم. ومعلوم أن القضاء مما يعظم الله به الأجور ، ويرفع به الدرجات ، لمن أصلح الله نيته ، ومنحه العلم النافع ، وقصد به الخير للمسلمين. وهو وإن كان خطيرا وإن كان سلفنا الصالح يهابونه ، ويخافونه ، ولكن الأحوال تختلف ، والزمان يتفاوت ، والناس اليوم في أشد الضرورة إلى العالم الذي يقضي بين الناس على بصيرة ، ويخاف الله ويراقبه في حل مشاكلهم. فلا ينبغي لمن أهَّله الله للقضاء بين الناس ، ومنحه العلم والبصيرة ، واشتدت إليه الحاجة أن يمتنع عن قبول القضاء ، بل يجب عليه أن يقبله وأن يوطن نفسه على العمل بعلمه ، وأن ينفذ ما أريد منه ، وأن ينفع الناس بعلمه ، ويسأل ربه التوفيق والإعانة فإن عجز بعد ذلك ، ورأى من نفسه أنه لا يستطيع ، أمكنه بعد ذلك أن يعتذر وأن يستقيل. أما من أول وهلة فلا ينبغي له ذلك ، وهذا باب لا ينبغي لأهل العلم والإيمان والقدرة على نفع الناس أن يفتحوه ، بل ينبغي لأهل العلم أن تكون عندهم الهمة العالية والقصد الصالح ، والرغبة في نفع المسلمين ، وحل المشاكل التي تعترض لهم ، حتى لا يتولى ذلك الجهلة. فإنه إذا ذهب أهل العلم تولى الجهلة ولا شك... إما هذا ، وإما هذا ، فلا بد للناس من قضاة يحلون مشاكلهم ، ويحكمون بينهم بالحق ، فإن تولى ذلك الأخيار وإلا تولاه غيرهم. فالواجب على أهل العلم ، وعلى كل من يخشى الله أن يقدر هذا الوضع ، وأن يحتسب الأجر عند الله ، وأن يصبر ويتحمل ويرجو ما عند الله عز وجل من المثوبة ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال ولكن يقبض العلم بموت العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)) خرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
وبذا يعلم أهل العلم والإيمان عظم الخطر ، وسوء العاقبة ، إذا فقد علماء الحق ، أو تركوا الميدان لغيرهم. ولا يخفى أن العالم سواء كان قاضيا أو غيره إذا اجتهد فأصاب ، فله أجران ، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد ، كما صح بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلا خطر عليه مع الصدق والإخلاص والتحري للحق ، وإنما الخوف والخطر العظيم على من يتهجم على القضاء أو الفتوى بالجهل ، أو يقضي بالجور ، كما في حديث بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((القضاة ثلاثة قاضيان في النار وقاض في الجنة فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق وقضى به ورجل عرف الحق فجار فهو في النار ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار)) أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وصححه الحاكم. أما من يتحرى الحق ، ويجتهد في العمل به ، ويتحرى النفع للمسلمين فهو بين أمرين ، بين أجر وأجرين كما تقدم بذلك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم إني أوصي جميع إخواني المسلمين عامة ، وأهل العلم وطلبته بصفة خاصة ، ونفسي بتقوى الله عز وجل في كل الأمور ، والعمل بالعلم بأداء فرائض الله ، والبعد عن محارمه ، لأن طالب العلم قدوة لغيره فيما يأتي ويذر في جميع الأحوال في حال القضاء وغير القضاء ، في طريقه وفي بيته ، وفي اجتماعه بالناس وفي سيارته ، وفي طائرته وفي جميع الأحوال. فهو قدوة في الخير ، عليه أن يراقب الله ويعمل بما علَّمهُ سبحانه ، ويدعو الناس إلى الخير بقوله وعمله جميعا ، حتى يتميز بين الناس ويعرف بعلمه وفضله ، وهديه الصالح ، وسيره على المنهج النبوي الذي سار عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ، رضي الله عنهم ، مع العناية بالتواضع ، وعدم التكبر.
فالعالم وغيره على خطر عظيم ، تارة من جهة الرياء ، وتارة من جهة الكبر ، وتارة من جهات أخرى ، ومقاصد متعددة ، فعليه أن يتقي الله ، ويخلص له العمل ، ويراقب الله سبحانه وتعالى في جميع شئونه ، ويتواضع لعباد الله ، ولا يتكبر عليهم بما أعطاه الله من العلم وحرمه كثيرا من الناس ، فليشكر الله ومن شكر الله التواضع ، وعدم التكبر ، ومن شكر الله نشر العلم في المساجد وفي غير المساجد. فالقاضي يخطب الناس إذا احتيج إليه ، ويدرس طلبة العلم ، ويدعو إلى الله ، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويجتهد في إصلاح أحوال المسلمين ، ويتصل بولاة الأمور ويرفع إليهم ما يرى أنه من نصحهم. فيكون دائما في مصالح المسلمين ، وفي كل ما ينفعهم ، وفي كل ما يبرئ ذمته ، ويرفع شأن الإسلام وأهله. وأيضا أوصي إخواني جميعا وعلى رأسهم أهل العلم وطلبته بالقرآن الكريم ، فإنه أعظم كتاب ، وأشرف كتاب ، وقد حوى خير العلوم كلها وأنفعها كما لا يخفى ، وهو أعظم عون بعد الله عز وجل على الفقه في الدين ، والتبصر فيه ، والخشية لله عز وجل ، وهو المعين في التأسي بالأخيار ، فأوصي الجميع ونفسي بهذا الكتاب العظيم ، تدبرا وتعقلا وإكثارا من تلاوته ليلا ونهارا ، والرجوع إليه في كل شيء ، ومراجعة كلام أهل التفسير فيما أشكل ، فهو خير معين على فهم كتاب الله جل وعلا ، لأن هذا الكتاب هو خير كتاب ، وأفضل كتاب وأصدق كتاب ، يقول الله سبحانه : إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ[3] ويقول عز وجل : وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ[4] ويقول جل وعلا : قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ[5] ويقول سبحانه : مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ[6] فجدير بالمؤمنين والمؤمنات عامة ، وبأهل العلم خاصة أن يولوه العناية العظيمة ، وأن يعضوا عليه بالنواجذ ، وأن يجتهدوا في تدبره وتعقله والعمل به ، ومراجعة كلام أهل العلم فيما أشكل ، كما قال الله سبحانه وتعالى : كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ[7] وقال سبحانه : أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا[8] ثم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، والعناية بها وحفظ ما تيسر منها ، مع إكثار المذاكرة فيها ، ولا سيما ما يتعلق بالعقيدة ، وما يجب على المكلف فعله ، وما يتعلق بعمل الإنسان الخاص به ، فإنه به ألصق ، وعنايته أوجب ، وقد قال الله سبحانه وتعالى : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ[9] ولا سبيل إلى اتباعه صلى الله عليه وسلم على الكمال إلا بدراسة سنته ، والعناية بها مع العناية بكتاب الله عز وجل.
وأوصي أهل العلم وطلبته بالعناية بكتب الحديث والإكثار من قراءتها وتدريسها والمذاكرة فيها ، وأهمها الصحيحان ، ثم بقية الكتب الستة ، مع [موطأ الإمام مالك] ، و[مسند الإمام أحمد] ، و[سنن الدارمي] وغيرهما من كتب الحديث المعروفة ، ضاعف الله الأجر لمؤلفيها ، وجزاهم عن المسلمين خير الجزاء. ثم مؤلفات أهل العلم المعروفين بحسن العقيدة ، وسعة العلم بالأدلة الشرعية ، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذاه : العلامة ابن القيم ، والحافظ ابن كثير رحمة الله عليهم جميعا. وقد برزوا في ذلك ، ونشروا بين المسلمين العلم الكثير ، وبينوا للناس عقيدة أهل السنة والجماعة بأدلتها من الكتاب والسنة. ومن أهم كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : [منهاج السنة] ، و[مجموع الفتاوى] ، و[مطابقة صريح المعقول لصحيح المنقول] ، و[الجواب الصحيح في الرد على من بدل دين المسيح] ، وغيرها من الكتب المفيدة النافعة والمشتملة على بيان العقيدة الصحيحة والأحكام والرد على خصوم الإسلام. ومن أفضل كتب ابن القيم رحمه الله : [الطرق الحكمية] ، و[أعلام الموقعين] ، و[زاد المعاد] ، فهذه الكتب لها شأن عظيم ، ولا سيما في حق القضاة والمفتين. وهكذا فتاوى أئمة الدعوة : المسماة [الدرر السنية] ، فقد جمعت رسائل كثيرة وأجوبة مفيدة لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ، وتلاميذه وأتباعه رحمهم الله جميعا ، وهكذا فتاوى شيخنا العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله ، فقد اشتملت على علم عظيم ، وفوائد جمة. فأوصي بهذه الكتب بعد كتاب الله عز وجل ، وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، لما فيها من العلم العظيم ، والعون على كل خير. وهكذا ما أشبهها من الكتب المفيدة النافعة التي تعتني بالدليل مثل [المغني] ، و[شرح المهذب] ، و[المحلى] وغيرها من الكتب التي تعني بالدليل ونقل أقوال أهل العلم ، فهي من أهم الكتب لأهل العلم وطلبته من القضاة وغيرهم. وأسأل الله بأسمائه الحسنى ، وصفاته العلى أن يوفقنا وجميع المسلمين للعلم النافع ، والعمل الصالح ، وأن يمنحنا جميعا النية الخالصة ، والصبر والفقه في الدين ، والفوز بالعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة ، إنه تعالى جواد كريم ، كما أسأله سبحانه وتعالى أن يوفق ولاة أمرنا وجميع ولاة أمر المسلمين ، ويصلح بطانتهم ، وأن يعينهم على كل خير ، وأن ينصر بهم الحق ، ويخذل بهم الباطل ، وأن يعينهم على تحكيم كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في كل شيء ، وأن يعيذنا وإياهم وسائر المسلمين من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، إنه سميع قريب ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
[1] - سورة آل عمران الآية 18.
[2] - سورة فاطر الآية 28.
[3] - سورة الإسراء الآية 9.
[4] - سورة النحل الآية 89.
[5] - سورة فصلت الآية 44.
[6] - سورة الأنعام الآية 38.
[7] - سورة ص الآية 29.
[8] - سورة محمد الآية 25.
[9] - سورة آل عمران الآية 31.










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الأنبياء, العملاء, ورتب

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 11:39

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc