معتقد الحنابلة بين المتقدمين والمتاخرين - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

معتقد الحنابلة بين المتقدمين والمتاخرين

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-01-23, 18:05   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
طريق الاسلام
عضو جديد
 
الصورة الرمزية طريق الاسلام
 

 

 
إحصائية العضو










B8 معتقد الحنابلة بين المتقدمين والمتاخرين

بسم الله الرحمان الرحيم والصلات والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى اله واصحابه الاطهار الاخيار ومن تبعهم الى يوم الدين

اما بعد هده بعض معتقدات علماء الحنابلة قديما وحديثا رحمهم الله وضي الله عنهم وتجاوز عن خطايهم

القول بحديث القعود على العرش

صرح الشيخ الألباني شيخ الحنابلة في علم الحديث في هذا العصر بعدم جواز الاعتقاد به قال في مقدمة مختصر العلو : فإنه يتضمن نسبة القعود على العرش لله عز وجل ، وهذا يستلزم نسبة الاستقرار عليه لله تعالى ، وهذا مما لم يرد ، فلا يجوز اعتقاده ونسبته إلى الله عز وجل . (1)
وقال أيضاً عنه : وخلاصة القول : إنّ قول مجاهد هذا ، وإنْ صح عنه ، لا يجوز أنْ يتخذ ديناً وعقيدة . (2)
(1) مختصر العلو ص 16 ، المقدمة ط. المكتب الإسلامي / بيروت – عمان – دمشق ط. سنة 1412هـ- 1991م .
(2) مختصر العلو ص 19 ، 20 المقدمة .

ومع هذا فهذا الحديث تسالم عليه فقهاء الحنابلة واعتبروا من لم يقبله ضالاً منحرفاً ، من أهل الزيغ والبدع ، بل عدوا من أنكره من الجهمية الذين حكموا بكفرهم وهذه كلمات بعض أئمتهم :

1- أبو بكر الخلال
قال أبو بكر الخلال بشأن حديث القعود : وإنّ هذا الحديث لا ينكره إلا مبتدع جهمي ، فنحن نسأل الله العافية من بدعته وضلالته ...الخ . (1)
قال أيضاً : وقد سمعت هذا الحديث من غير واحد من مشيختنا ما رأيت أحداً رد هذا . (2)
2- أبو بكر محمد بن إسحاق بن جعفر الصاغاني
وقال أبو بكر بن إسحاق الصاغاني : لا أعلم أحداً من أهل العلم ممن تقدم ولا في عصرنا هذا إلا وهو منكر لما أحدث الترمذي من رد حديث محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد في قـوله : ( عسى أنْ يبعثك ربك مقاماً محموداً ) قال : يقعده على العرش ،
(1) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 231 ط. دار الراية / الرياض ط.2 سنة 1415هـ- 1994م .
(2) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 232 .

فهو عندنا جهمي يهجر ، ونحذر عنه ، فقد حدثنا به هارون بن معروف قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد في قوله : ( عسى أنْ يبعثك ربك مقاماً محموداً ) قال : يقعده على العرش ، وقد روي عن عبد الله بن سلام قال : يقعده على كرسي الرب جل وعز ، فقيل للجريري : إذا كان على كرسي الرب فهو معه ؟ قال : ويحكم ، هذا أقر لعيني في الدنيا ، وقد أتى عليّ نيف وثمانون سنة ، ما علمت أنّ أحداً رد حديث مجاهد إلا جهمي ، وقد جاءت به الأئمة في الأمصار ، وتلقته العلماء بالقبول ، منذ نيف وخمسين ومائة سنة ، وبعد فإني لا أعرف هذا الترمذي ولا أعلم أني رأيته عند محدث ، فعليكم رحمكم الله بالتمسك بالسنة والإتباع . (1)
3- أبو بكر يحيى بن أبي طالب
قال أبو بكر الخلال : وقال أبو بكر يحيى بن أبي طالب : لا أعرف هذا الجهمي العجمي لا نعرفه عند محدث ولا عند أحد من إخواننا ، ولا علمت أنّ أحداً رد حديث مجاهد : يقعد محمداً (ص) على العرش ، رواه الخلق عن ابن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد ، واحتمله المحدثون الثقات ، وحدثوا به على رؤوس الأشهاد ،
(1) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 232 ، 233 .

لا يدفعون ذلك ، يتلقونه بالقبول والسرور بذلك ، وأنا فيما أرى أني أعقل منذ سبعين سنة ، والله ما أعرف أحداً رده ، ولا يرده إلا كل جهمي مبتدع خبيث يدعوا إلى خلاف ما كان عليه أشياخنا وأئمتنا ، عجل الله له العقوبة ، وأخرجه من جوارنا ، فإنه بلية على من ابتلى به ، فالحمد لله الذي عدل عنا ما ابتلاه به ، والذي عندنا والحمد لله أنا نؤمن بحديث مجاهد ، ونقول به على ما جاء به ، ونسلم الحديث وغيره مما يخالف فيه الجهمية من الرؤية والصفات ، وقرب محمد (ص) منه ، وقد كان كتب إلي هذا العجمي الترمذي كتاباً بخطه ودفعته إلى أبي بكر المروذي ، وفيه أنّ من قال بحديث مجاهد فهو جهمي ثنوي ، وكذب الكذاب المخالف للإسلام ، فحذروا عنه ، وأخبروا عني أنه من قال بخلاف ما كتبت به فهو جهمي ، فلو أمكنني لأقمته للناس وناديت عليه حتى أشهره ليحذر الناس ما قد أحدث في الإسلام ، فهذا ديني الذي أدين الله عز وجل به ، أسأل الله أنْ يميتنا ويحيينا عليه . (1)
(1) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 234 .
علي بن داود القنطري قال أبو بكر الخلال : وقال علي بن داود القنطري : أما بعد ، فعليكم بالتمسك بهدي أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه ، فإنه إمام المتقين لمن بعده ، وطعن لمن خالفه ، وأنّ هذا الترمذي الذي طعن على مجاهد برده فضيلة النبي (ص) مبتدع ، ولا يرد حديث محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد : ( عسى أنْ يبعثك ربك مقاماً محموداً ) [الإسراء : 79] قال : يقعده معه على العرش ، إلا جهمي ، يهجر ولا يكلم ، ويحذر عنه وعن كل من رد هذه الفضيلة ، وأنا أشهد على هذا الترمذي أنه جهمي خبيث ، لقد أتى علي أربع وثمانون سنة ، ما رأيت أحداً رد هذه الفضيلة إلا جهمي ، وما أعرف هذا ولا رأيته عند محدث قط ، وأنا منكر لما أتى به من الطعن على مجاهد ، ورد فضيلة النبي (ص) : يقعد محمداً (ص) على العرش ، وأنه من قال بحديث مجاهد فهو جهمي ثنوي لا يدفن في مقابر المسلمين ؟! ، وكذب عدو الله ، وكل من قال بقوله فهو عندنا جهمي يهجر ولا يكلم وحذر عنه ...الخ . (1)

- إبراهيم الحربي
قال أبو بكر الخلال وقال إبراهيم الحربي : الذي نعرف ونقول به ونذهب إليه ما سبيل من طعن على مجاهد وخطأه ، إلا الأدب والحبس ، حدثنا هارون بن معروف ، عن ابن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد : ( عسى أنْ
(1) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 234 ، 235 .

يبعثك ربك مقاماً محموداً ) قال : يقعده على العرش ، وإني لأرجو أنْ تكون منزلته عند الله تبارك وتعالى أكثر من هذا ، ومن رد على مجاهد ما قاله من قعود محمد (ص) على العرش وغيره فقد كذب ، ولا أعلم أني رأيت هذا الترمذي الذي ينكر حديث مجاهد قـط في حديث ولا غير حديث . (1)
6- أبو داود السجستاني
قال أبو بكر الخلال : وقال أبو داود السجستاني : أرى أن يُجانب كل من رد حديث ليث عن مجاهد : يُقعده على العرش ، ويحذر عنه حتى يراجع الحق ما ظننت أنّ أحداً يذكره بالسنة يتكلم في هذا الحديث إلا إنا علمنا أنّ الجهمية تنكره من جهة إثبات العرش ، فإنهم ينكرون أمر العرش ، ويقولون : العـرش عظمـة ، مع أنهـم لم ينكروا منه فضيلة النبي (ص) ، وأنّ هذا الترمذي رجل لا أعرفه ، ورأيت من عندي من أصحابنا يذكرون أنهم لا يعرفونه في الطلب ، ولا عرفته أنا ، ومجاهد كانت له جلالة عند أصحاب النبي (ص) عند ابن عباس وابن عمر يأخذ له الركاب ، أسأل الله أنْ يمن علينا وعليكم بلزوم السنة ، والإقتداء بالسلف الصالح بأبي عبد الله رضي الله عنه ، فإنه أوضح من هذه الأمور المحدثات ما هو كفاية لم اقتدى به . (2)
(1) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 235 .
(2) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 236 .وقفة هنا الترمذي المقصود هنا هو الامام الحجة امير المؤمنين في احديث رضي الله عنه .

محمد بن إسماعيل السلّمي قال أبو بكر الخلال : قال محمد بن إسماعيل السلمي : كل من ظن أو توهم أنّ رسول الله (ص) لم يستوجب من الله عز وجل هذه المنزلة في حديث مجاهد فهو عندنا جهمي ، وإنّ هذه المصيبة على أهل الإسلام أنْ يذكر أحد النبي (ص) ولا يقدموا عليه بأجمعهم ، ولولا أنّ أبا بكر المروذي رحمه الله اجتهد في هذا لخفت أنْ ينزل بنا وبمن يقصر عن هذا الضال المضل عقوبة ، فإنه من شر الجهمية ، ما يبالي ما تكلم به ، قال : ليس هذا عرش رب العالمين ، إنما هو مثل عرش بلقيس وعرش من العروش ، شبه عرش الآدميين بعرش الرحمن عز وجل ، لا يرع عن دفع فضيلة النبي (ص) فكيف بمن بعد النبي (ص) ، لا شك في تجهيمه ، ولا نقدر على أكثر من الدعاء والتحذير ، وتبيين أمره ، ونعادي من ينصره أو يميل إلى من ينصره بتكفير مجاهد ، ومن قال بقول مجاهد في : ( عسى أنْ يبعثك ربك مقاماً محموداً ) ، فإنه يقعده على العرش ، فقال : هذا كفر ، ومن قال به فهو كافر سمعته يقول ذلك . (1)

أبو العباس هارون بن العباس الهاشمي
قال أبو بكر الخلال : وقال أبو العباس هارون بن العباس الهاشمي : من رد حديث مجاهد فهو عندي جهمي ، ومن رد فضل النبي (ص) فهو عندي زنديق لا يُستتاب ويقتل ، لأنّ الله عز وجل قد فضله على الأنبياء عليهم السلام ، وقد روي عن الله عز وجل قال : لا أذكر إلا ذكرت معي ، ويروى في قوله : ( لعمرك) [ الحجر : 72] قال : بحياتك ، ويروى أنه قال : يا محمد لولاك ما خلقت آدم . فاحذروا من رد حديث مجاهد ، وقد بلغني عنه أخزاه الله أنه ينكر أنّ الله عز وجل ينزل ، فمن رد هذا وحديث مجاهد فلا يكلم ولا يصلى عليه . (1)
9- أبو علي إسماعيل بن إبراهيم الهاشمي
قال أبو بكـر الخلال (2) : وقال أبو علي إسماعيل بن إبراهيم الهاشمي : أنّ هذا المعروف بالترمذي عندنا مبتدع جهمي ، ومن رد حديث مجاهد فقد دفع فضل رسـول الله (ص) ، ومن رد فضيلة الرسول فهو عندنا كافر مرتد عن الإسلام ... الخ .
(1) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 237 .
(2) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 237 ، 238 .

أبو بكر محمد بن حماد المقري قال أبو بكر الخلال : وحدثنا أبو بكر (المروذي )حدثني أبو بكر بن حماد المقري صاحب أبي عبد الله أحمد بن حنبل قال : حدثنا أحمد بن صالح المصري ، قال : حدثنا يحيى بن حسان ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن ليث عن مجاهد : ( عسى أنْ يبعثك ربك مقاماً محموداً ) قال : يقعده على العرش .
قال أبو بكر الخلال : قال أبو بكر بن حماد : من ذكرت عنده هذه الأحاديث فسكت عنها فهـو متهم ، فكيـف من ردها وطعن فيها أو تكـلم فيها . (1)
11- ابن قيم الجوزية
قال ابن قيم الجوزية كما في بدائع الفوائد : فائدة : إقعاده على العرش وذكر أقوال من قال بذلك ، كما في إحدى الطبعات (2) ، وفي طبعة أخرى : فائدة : ذكر من قالوا بقعود النبي (ص) على العرش . (3)
(1) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 248 .
(2) بدائع الفوائد ج4 ص 841 ط.مكتبة نزار مصطفى الباز / مكة المكرمة سنة 1416 هـ- 1996 م .
(3) بدائع الفوائد ج 4 ص 45 ط. المكتبة العصرية / بيروت سنة 1422 هـ- 2001 م .

قـال ابن القيـم في الكتـاب المـذكـور : صنف المـروزي كتـاباً في فضيلـة النبي (ص) وذكر فيه إقعاده على العرش ، قال القاضي : وهو قول أبي داود وأحمد بن أصرم ويحي بن أبي طالب وأبي بكر بن حماد وأبي جعفر الدمشقي وعياش الدوري ، وإسحاق بن راهويه وعبد الوهاب الوراق ، وإبراهيم الأسبهاني وإبراهيم الحربي وهارون بن معروف ومحمد بن إسماعيل السلمي ومحمد بن مصعب العابد وأبي بكر بن صدقة ومحمد بن بشر بن شريك وأبي قلابة وعلي بن سهل وأبي عبد الله بن عبد النور وأبي عبيد والحسن بن فضل وهارون بن العباس الهاشمي وإسماعيل بن إبراهيم الهاشمي ومحمد بن عمران الفارسي الزاهد ومحمد بن يونس البصري وعبد الله بن الإمام أحمد والمروزي وبشر الحافي . انتهى .
قال ابن قيم بعد ذلك : وهو قول ابن جرير الطبري ، وإمام هؤلاء كلهم مجاهد إمام التفسير ، وهو قول أبي الحسن الدارقطني . (1)
(1) بدائع الفوائد ج4 ص 841 ط.مكتبة نزار مصطفى الباز / مكة المكرمة و ج 4 ص 45 ط. المكتبة العصرية / بيروت .

عبد القادر الجيلاني يقول عبـد القادر الجيـلاني في الغنية : وأهـل السنة يعتقدون أنّ الله يجلس رسوله ونبيه المختار على سائر أنبيائه ورسله معه على العرش يوم القيامة لما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي (ص) في قوله عز وجل : ( عسى أنْ يبعثك ربك مقاماً محموداًَ ) قال : يجلسه معه على السرير . وعن هشـام بن عـروة عـن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قـالت : سألت رسول الله (ص) عن المقام المحمود ؟ فقال : وعدني ربي القعود على العرش ، وكذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : إذا كان يوم القيامة جيء بنبيكم فأقعد بين يدي الله على كرسيه . فقيل : يا أبا مسعود ، إذا على كرسي الحق أليس هـو معه ؟ قال : ويلكم هذا أقر حديث في الدنيا لعيني . فقـال الحجاج في حديثه : إذا كان يوم القيامة نزل الجبار على عرشه وقدماه على الكرسي ، ويؤتى بنبيكم (ص) فيقعد بين يديه على الكرسي ، فقالوا : للحميدي : إذا كان على الكرسي فهو معه ؟ قال : نعم ، ويلكم هو معه . (1)
(2) الغنية لطالبي طريق الحق للجيلاني ص 105 ط. دار إحياء التراث العربي / بيروت سنة 1416هـ- 1996م .

أحمد بن حنبل إمام الحنابلة قال أبو بكر الخلاّل : وقد حدثنا أبو بكر المروذي رحمه الله قال : سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات والرؤية والإسراء وقصة العرش ؟ فصححها أبو عبد الله وقال : قد تلقتها العلماء بالقبول ، نسلم الأخبار كما جاءت ، قال : فقلت له : إنّ رجلاً اعترض في بعض هذه الأخبار كما جاءت ، فقال : يجفا ، وقال : ما اعتراضه في هذا الموضع ، يسلم الأخبار كما جاءت . (1)
وقال أبو يعلى الفراء : ونظر أبو عبـد الله في كتاب الترمذي وقد طعن على حديث مجاهـد في قولـه : ( عسى أنْ يبعثك ربك مقاماً محموداً ) فقال : لم يرو هذا عن مجاهد وحده ، هذا عن ابن عباس ، وقد خرَّجت أحاديثاً في هذا ، وكتبها بخطه وقرأها . (2)
وقال أبو يعلى الفراء أيضاً : وقال ابن عمير : سمعت أحمد بن حنبل سئل عن حديث مجاهد يقعد محمداً على العرش ؟ فقال : قد تلقته العلماء بالقبول نسلم الخبر كما جاء . (3)
(1) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 246 ، 247 .
(2) إبطال التأويلات لأخبار الصفات ج2 ص 480 رقم 447 ط. دار إيلاف الدولية للنشر والتوزيع / الكويت سنة 1416هـ- 1995م .
(3) إبطال التأويلات لأخبار الصفات ج2 ص 480 رقم 448 .

ابن تيمية يقول ابن تيمية : فقد حدّث العلماء المرضيون وأولياؤه المقبولون أنّ محمداً رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يجلسه ربه على العرش معه روى ذلك محمد بن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد في تفسير : ( عسى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُكَ مَقَاماً مَحْمُوداً ) ، وذكر ذلك من وجوه أخرى مرفوعة وغير مرفوعة ، قال ابن جرير : وليس هذا مناقضاً لما استفاضت به الأحاديث من أنّ المقام المحمود هو الشفاعة باتفاق الأئمة من جميع من ينتحل الإسلام ويدعيه ، لا يقول أنّ إجلاسه على العرش منكراً ، وإنما أنكره بعض الجهمية ولا ذكره في تفسير الآية منكر . (1)

علماء السنة الغير القابلين بحديث القعود على العرش :


رغم العبارات المتشددة بشأنْ ضرورة التسليم بحديث القعود على العرش وتبديع أو تكفير غير القائل به لم يقبله عدة من علماء السنة ، فهذا مثلاً الحافظ ابن كثير عندما تعرض لقوله تعالى : ( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) (2) قال : أي افعل الذي أمرتك لنقيمك يوم القيامة مقاماً محموداً يحمدك فيه الخلائق كلهم وخالقهم تبارك وتعالى ، قال ابن كثير بعد ذلك : قال ابن جرير : قال أكثر أهل التأويل
(1) مجموع فتاوى ابن تيمية ج4 ص 374 .
(2) سورة الإسراء : 79 .

ذلك هو المقام الذي يقومه محمد (ص) يوم القيامة للشفاعة بين الناس ليريحهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك اليوم . (1) فابن كثير نقل كلام ابن جرير الطبري المفسر والفقيه المعروف ونقل بعد ذلك الروايات الدالة عليه ، وأهمل قول مجاهد المتقدم ولم يتعرض له رغم تشديد عدة من علماء السنة المتقدمين على ضرورة الاعتقاد به ، ورغم أنّ ابن كثير حنبلي الاعتقاد ، بل نقل الواحدي النيسابوري إجماع المفسرين على أنّ المقام المحمود هو مقام الشافعة ، ولم يتعرض للكلام المتقدم المنقول عن مجاهد (2) ، بل في تفسير مجاهد فسر المقام المحمود بمقام الشفاعة ، ولا أثر فيه لما نقلوه عن مجاهد بشأن الجلوس على العرش (3) ، بل البخاري في صحيحه عند تفسير الآية الكريمة نقل بسنده عن ابن عمر أنّ المقام المحمود هو مقام الشفاعة ، ولم يتعرض للكلام المتقـدم المنقول عن مجـاهد (4) ، وهكذا نجد الكثير
(1) تفسير ابن كثير ج3 ص 54 ط. دار الريان للتراث – دار الحديث / القاهرة سنة 1408هـ- 1988م .
(2) الوسيط في تفسير القرآن المجيد للواحدي ج3 ص 122 ط. دار الكتب العلمية / بيروت سنة 1415هـ- 1994م .
(3) تفسير مجاهد ج1 ص 369 ط. المنشورات العلمية / بيروت .
(4) فتـح البـاري ج8 ص 509 ح 4719 ط. دار الكتب العلمية / بيروت سنة 1410هـ- 1989م .

ن المفسرين يفسرون المقام المحمود بالشفاعة في يوم القيامة من دون أنْ يتعرضوا للكلام المتقدم المحكي عن مجاهد منهم ابن ضمادح التجيبي والسيوطي وابن عطية الأندلسي المفسر المعروف والعز بن عبد السلام وغيرهم (1) ، والفخر الرازي بعد أنْ نقل الإجماع عن الواحدي في تفسيره بأنّ المقام المحمود هو مقام الشفاعة ، ذكر الكلام المتقدم عن مجاهد ، ثم قال : قال الواحدي : وهذا قول رذل موحش فظيع ، ونص الكتاب ينادي بفساد هذا التفسير ، ثم ذكر الفخر الرازي بعد ذلك الوجوه الدالة على فساده . (2) وممن لم يقبل القول المتقدم العالم السلفي المعروف الشوكاني اليمني حيث رجح القول بأنّ المقام المحمود في الآية الكريمة هو مقام الشفاعة ، ورد القول بكون المقام المحمود
(1) مختصر من تفسير الإمام الطبري للتجيبي ج1 ص397 ط. دار القلم / بيروت ، تفسير الجلالين المطبوع مع حاشية الصاوي ج3 ص 1148 ط. دار الفكر / بيروت سنة 1419هـ- 1998م ، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية الأندلسي ج3 ص 478 ط. دار الكتب العلمية سنة1413هـ- 1993م ، تفسير القرآن لعز الدين بن عبد السلام ج2 ص 227 ط. دار ابن حزم / بيروت سنة 1416هـ- 1996م ، الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي ج2 ص 644 ط. دار القلم / دمشق – الدار الشاميـة / بيروت سنة 1415هـ- 1995م .
(2) التفسير الكبير للفخر الرازي ج21 ص 33 ط. دار الفكر / بيروت سنة 1405هـ- 1985م .

هو الإجلاس على العرش ، قال أثناء ذكره للتفاسير في معنى المقام المحمود : الأول : أنه المقام الذي يقومه النبي (ص) للشفاعة يوم القيامة للناس ليريحهم ربهم سبحانه مما هو فيه ، وهذا القول هو الذي دلت عليه الأدلة الصحيحة في تفسير الآية ، وحكاه ابن جرير عن أكثر أهل التأويل . (1)
ثم نقل الكلام المحكي عن مجاهد ورده .
وممن لم يقبل تفسير المقام المحمود بخبر القعود على العرش من علماء المعاصرين ناصر الدين الألباني ، فإنه بعد أنْ نقل عن الذهبي قبوله لهذا الخبر ونقل أقوال العلماء بقبوله قال في مختصر العلو : فأبصر حفظك الله من الهـوى كيـف آل الفكر بهذا المحـدث (2) إلى وجـوب الأخـذ بأثر منكر . (3)


إلى أنْ قال رداً على الذهبي بعد أنْ نقل عنه تفسير المقام المحمود بمقام الشفاعة : ولست أدري ما الذي منع المصنف عفا الله عنه من الاستقرار على هذا القول ، وعلى جزمه بأنّ هذا الأثر منكر كما تقدم عنه ، فإنه يتضمن نسبة القعود على العرش لله عز وجل ، وهذا يستلزم نسبة الاستقـرار عليـه ، وهـذا مما لم يــرد فـلا يجوز اعتقاده ونسبتـه إلى الله عز وجل . (4)
(1) فتح القدير للشوكاني ج3 ص 360 ط. دار الفكر / بيروت سنة 1415هـ- 1995م .
(2) يقصد به الحافظ الذهبي .
(3) مختصر العلو ص 15 ط. المكتب الإسلامي / بيروت سنة 1412هـ- 1991م .
(4) مختصر العلو ص 16 .

وقال الألباني بشأنْ حديث القعود على العرش أيضاً في مختصر العلو :
وتفسير بعضهم لقوله تعالى : ( عسى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُكَ مَقَاماً مَحْموداً ) بإقعاده على العرش مع مخالفته لما في الصحيحين وغيرهما أنّ المقام المحمود الشفاعة العظمى ، فهو تفسير مقطوع غير مرفوع عن النبي (ص) ، ولو صح ذلك مرسلاً لم يكن فيه حجة ، فكيف وهو مقطوع موقوف على بعض التابعين ؟! ، وإنّ عجبي لا يكاد ينتهي من تحمس بعض المحدثين السالفين لهذا الحديث الواهي والأثر المنكر ، ومبالغتهم في الإنكار على من رده ، وإساءتهم الظن بعقيدته ، وقد ساق المصنف رحمه الله تعالى في الأصل طائفة منهم ، وزاد أسماء آخـرين في مختصره ، وإني لأراه كأنه اُخـذ بهيبتهم ...الخ . (1)
القول بأنّ الباري عز وجل محدود بحد
تعالى عما يقولون علواً كبيراً

من الأقوال الغريبة التي تقتضي الافتقار والحاجة كما سنبين إنشاء الله تعالى وبالتالي تستلزم نفي الربوبية والألوهية ، قولهم بأنّ للباري عز وجل حداً محدوداً ، يعلمه هو ، وبالتالي فإنّ له مبدأ ومنتهى ، والعجيب تهمتهم لمن أنكر ذلك بالكفر ، وهذه بعض كلماتهم :
1- ابن تيمية
قال ابن تيمية : ... فهذا كله وما أشبهه شواهد ودلائل على الحد ، ومن لم يعترف به فقد كفر بتنزيل الله ، وجحد آيات الله . (1)
(1) در تعارض العقل والنقل ج2 ص 58 ط. تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم ط.2

ويقول رداً على الفخر الرازي : وأما وصفه بالحد والنهاية الذي تقـول أنت : في معنى الجسم فهم فيه كسائر أهل الإثبات على ثلاثة أقوال : منهم من يثبت ذلك ، كما هو المنقول عن السلف والأئمة ... الخ . (1)
وقال أيضاً : وهذا المحفوظ عن السلف والأئمة من إثبات حد لله في نفسه ...الخ . (2)
أقول : وبهذا يتضح أنّ جميع من يقول بعدم محدودية وجود الله عز وجل وفيهم بعض الحنابلة ومنهم ابن حبان وغيره كفار في نظر ابن تيمية .

عثمان بن سعيد الدارمي
قال ابن تيمية : وقال عثمان بن سعيد الدارمي : ولله تعالى حد لا يعلمه أحد غيره ، ولا يجوز لأحد أنْ يتوهم لحده غاية في نفسه ، ولكن نؤمن بالحد ونكل علم ذلك إلى الله ، ولمكانه أيضاً حد ، وهو على عرشه فوق سماواته ، فهذان حدان اثنان . (3)
ونقل عنه ابن تيمية أنه قال : ... فهذا كله شواهد ودلائل على الحد ، ومن لم يعترف به فقد كفر بتنزيل الله وجحد آيات الله . (4)
(1) بيان تلبيس الجهمية ج1 ص 52 .
(2) بيان تلبيس الجهمية ج2 ص 163 .
(3) درء تعارض العقل والنقل ج2 ص 57 ، بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية ج1 ص 472 وج2 ص 158 .
(4) بيان تلبيس الجهمية ج2 ص 158.
عبد الله بن المبارك قال ابن تيمية : وسئل عبد الله بن المبارك : بم يعرف ربنا ؟ قال : بأنه على عرشه بائن من خلقه . قيل : بحد ؟ قال : بحد . (1)
وقال أيضاً : ... لأن الجهمية كانوا يقولون : ليس له حد وما لا حد له لا يباين المخلوقات ، ولا يكون فوق العالم ، لأن ذلك مستلزم للحد ، فلما سألوا أمير المؤمنين في كل شيء عبد الله بن المبارك : بماذا نعرفه ؟ قال : بأنه فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه ، فذكروا لازم ذلك الذي تنفيه الجهمية وبنفيهم له ينفون ملزومه الذي هو موجود فوق العرش ومباينته للمخلوقات . فقالوا له : بحد ؟ قال : بحد . وهذا يفهمه كل من عرف ما بين قـول المؤمنين أهـل السنـة والجماعة وبين الجهميـة الملاحـدة من الفرق . (2)
(1) درء تعارض العقل والنقل ج2 ص 57 ، بيان تلبيس الجهمية ج1 ص 472 وج2 ص 158.
(2) بيان تلبيس الجهمية ج1 ص 443 .

يحيى بن عمارة الواعظ وأبو إسماعيل الأنصاري يقول الذهبي في ترجمة أبي حاتم بن حبان صاحب كتاب الصحيح وكتاب الثقات وكتاب المجروحين وغير ذلك من المصنفات : وقال أبو إسماعيل الأنصاري : سمـعت يحيى بن عمارة الواعـظ وقد سألته عن ابن حبان ، فقـال : نحن أخرجناه من سجستان ، كان له علم كثير ، ولم يكن له كبير دين فأنكر الحد لله ، فأخرجناه .
قـال الذهبي : قلت : إنكاركم عليه بدعـة أيضاً ، والخـوض في ذلك مما لم يأذنْ به الله ، ولا أتى نص بإثبات ذلك ولا بنفيه ، ومن حسن إسلام المرء تركـه مـا لا يعنيـه ، وتعـالى الله أنْ يحـد أو يوصف إلا بما وصـف به نفسـه ...الخ . (1)
وقال ابن تيمية : وقال شيخ الإسلام : وسألت يحيى بن عمار عن أبي حاتم ابن حبان البستي قلت : رأيته ؟ قال : كيف لم أره ، ونحن أخرجناه من سجستان ، كان له علم كثير ، ولم يكن له كبير دين ، قدم علينا ، فأنكر الحد لله ، فأخرجناه من سجستان . (2)
(1) سير أعلام النبلاء ج16 ص 97 ط. مؤسسة الرسالة / بيروت سنة 1403هـ- 1983م .
(2) بيان تلبيس الجهمية ج1 ص 440 .
ومعتقدي هو قول الامام الذهبي :
إنكاركم عليه بدعـة أيضاً ، والخـوض في ذلك مما لم يأذنْ به الله ، ولا أتى نص بإثبات ذلك ولا بنفيه ، ومن حسن إسلام المرء تركـه مـا لا يعنيـه ، وتعـالى الله أنْ يحـد أو يوصف إلا بما وصـف به نفسـه ...الخ . (1)








 


قديم 2013-01-23, 18:38   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
mom147
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طريق الاسلام مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمان الرحيم والصلات والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى اله واصحابه الاطهار الاخيار ومن تبعهم الى يوم الدين

اما بعد هده بعض معتقدات علماء الحنابلة قديما وحديثا رحمهم الله وضي الله عنهم وتجاوز عن خطايهم

القول بحديث القعود على العرش

صرح الشيخ الألباني شيخ الحنابلة في علم الحديث في هذا العصر بعدم جواز الاعتقاد به قال في مقدمة مختصر العلو : فإنه يتضمن نسبة القعود على العرش لله عز وجل ، وهذا يستلزم نسبة الاستقرار عليه لله تعالى ، وهذا مما لم يرد ، فلا يجوز اعتقاده ونسبته إلى الله عز وجل . (1)
وقال أيضاً عنه : وخلاصة القول : إنّ قول مجاهد هذا ، وإنْ صح عنه ، لا يجوز أنْ يتخذ ديناً وعقيدة . (2)
(1) مختصر العلو ص 16 ، المقدمة ط. المكتب الإسلامي / بيروت – عمان – دمشق ط. سنة 1412هـ- 1991م .
(2) مختصر العلو ص 19 ، 20 المقدمة .

ومع هذا فهذا الحديث تسالم عليه فقهاء الحنابلة واعتبروا من لم يقبله ضالاً منحرفاً ، من أهل الزيغ والبدع ، بل عدوا من أنكره من الجهمية الذين حكموا بكفرهم وهذه كلمات بعض أئمتهم :
1- أبو بكر الخلال
قال أبو بكر الخلال بشأن حديث القعود : وإنّ هذا الحديث لا ينكره إلا مبتدع جهمي ، فنحن نسأل الله العافية من بدعته وضلالته ...الخ . (1)
قال أيضاً : وقد سمعت هذا الحديث من غير واحد من مشيختنا ما رأيت أحداً رد هذا . (2)
2- أبو بكر محمد بن إسحاق بن جعفر الصاغاني
وقال أبو بكر بن إسحاق الصاغاني : لا أعلم أحداً من أهل العلم ممن تقدم ولا في عصرنا هذا إلا وهو منكر لما أحدث الترمذي من رد حديث محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد في قـوله : ( عسى أنْ يبعثك ربك مقاماً محموداً ) قال : يقعده على العرش ،
(1) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 231 ط. دار الراية / الرياض ط.2 سنة 1415هـ- 1994م .
(2) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 232 .

فهو عندنا جهمي يهجر ، ونحذر عنه ، فقد حدثنا به هارون بن معروف قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد في قوله : ( عسى أنْ يبعثك ربك مقاماً محموداً ) قال : يقعده على العرش ، وقد روي عن عبد الله بن سلام قال : يقعده على كرسي الرب جل وعز ، فقيل للجريري : إذا كان على كرسي الرب فهو معه ؟ قال : ويحكم ، هذا أقر لعيني في الدنيا ، وقد أتى عليّ نيف وثمانون سنة ، ما علمت أنّ أحداً رد حديث مجاهد إلا جهمي ، وقد جاءت به الأئمة في الأمصار ، وتلقته العلماء بالقبول ، منذ نيف وخمسين ومائة سنة ، وبعد فإني لا أعرف هذا الترمذي ولا أعلم أني رأيته عند محدث ، فعليكم رحمكم الله بالتمسك بالسنة والإتباع . (1)
3- أبو بكر يحيى بن أبي طالب
قال أبو بكر الخلال : وقال أبو بكر يحيى بن أبي طالب : لا أعرف هذا الجهمي العجمي لا نعرفه عند محدث ولا عند أحد من إخواننا ، ولا علمت أنّ أحداً رد حديث مجاهد : يقعد محمداً (ص) على العرش ، رواه الخلق عن ابن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد ، واحتمله المحدثون الثقات ، وحدثوا به على رؤوس الأشهاد ،
(1) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 232 ، 233 .

لا يدفعون ذلك ، يتلقونه بالقبول والسرور بذلك ، وأنا فيما أرى أني أعقل منذ سبعين سنة ، والله ما أعرف أحداً رده ، ولا يرده إلا كل جهمي مبتدع خبيث يدعوا إلى خلاف ما كان عليه أشياخنا وأئمتنا ، عجل الله له العقوبة ، وأخرجه من جوارنا ، فإنه بلية على من ابتلى به ، فالحمد لله الذي عدل عنا ما ابتلاه به ، والذي عندنا والحمد لله أنا نؤمن بحديث مجاهد ، ونقول به على ما جاء به ، ونسلم الحديث وغيره مما يخالف فيه الجهمية من الرؤية والصفات ، وقرب محمد (ص) منه ، وقد كان كتب إلي هذا العجمي الترمذي كتاباً بخطه ودفعته إلى أبي بكر المروذي ، وفيه أنّ من قال بحديث مجاهد فهو جهمي ثنوي ، وكذب الكذاب المخالف للإسلام ، فحذروا عنه ، وأخبروا عني أنه من قال بخلاف ما كتبت به فهو جهمي ، فلو أمكنني لأقمته للناس وناديت عليه حتى أشهره ليحذر الناس ما قد أحدث في الإسلام ، فهذا ديني الذي أدين الله عز وجل به ، أسأل الله أنْ يميتنا ويحيينا عليه . (1)
(1) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 234 .
علي بن داود القنطري قال أبو بكر الخلال : وقال علي بن داود القنطري : أما بعد ، فعليكم بالتمسك بهدي أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه ، فإنه إمام المتقين لمن بعده ، وطعن لمن خالفه ، وأنّ هذا الترمذي الذي طعن على مجاهد برده فضيلة النبي (ص) مبتدع ، ولا يرد حديث محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد : ( عسى أنْ يبعثك ربك مقاماً محموداً &nbsp [الإسراء : 79] قال : يقعده معه على العرش ، إلا جهمي ، يهجر ولا يكلم ، ويحذر عنه وعن كل من رد هذه الفضيلة ، وأنا أشهد على هذا الترمذي أنه جهمي خبيث ، لقد أتى علي أربع وثمانون سنة ، ما رأيت أحداً رد هذه الفضيلة إلا جهمي ، وما أعرف هذا ولا رأيته عند محدث قط ، وأنا منكر لما أتى به من الطعن على مجاهد ، ورد فضيلة النبي (ص) : يقعد محمداً (ص) على العرش ، وأنه من قال بحديث مجاهد فهو جهمي ثنوي لا يدفن في مقابر المسلمين ؟! ، وكذب عدو الله ، وكل من قال بقوله فهو عندنا جهمي يهجر ولا يكلم وحذر عنه ...الخ . (1)

- إبراهيم الحربي
قال أبو بكر الخلال وقال إبراهيم الحربي : الذي نعرف ونقول به ونذهب إليه ما سبيل من طعن على مجاهد وخطأه ، إلا الأدب والحبس ، حدثنا هارون بن معروف ، عن ابن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد : ( عسى أنْ
(1) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 234 ، 235 .

يبعثك ربك مقاماً محموداً ) قال : يقعده على العرش ، وإني لأرجو أنْ تكون منزلته عند الله تبارك وتعالى أكثر من هذا ، ومن رد على مجاهد ما قاله من قعود محمد (ص) على العرش وغيره فقد كذب ، ولا أعلم أني رأيت هذا الترمذي الذي ينكر حديث مجاهد قـط في حديث ولا غير حديث . (1)
6- أبو داود السجستاني
قال أبو بكر الخلال : وقال أبو داود السجستاني : أرى أن يُجانب كل من رد حديث ليث عن مجاهد : يُقعده على العرش ، ويحذر عنه حتى يراجع الحق ما ظننت أنّ أحداً يذكره بالسنة يتكلم في هذا الحديث إلا إنا علمنا أنّ الجهمية تنكره من جهة إثبات العرش ، فإنهم ينكرون أمر العرش ، ويقولون : العـرش عظمـة ، مع أنهـم لم ينكروا منه فضيلة النبي (ص) ، وأنّ هذا الترمذي رجل لا أعرفه ، ورأيت من عندي من أصحابنا يذكرون أنهم لا يعرفونه في الطلب ، ولا عرفته أنا ، ومجاهد كانت له جلالة عند أصحاب النبي (ص) عند ابن عباس وابن عمر يأخذ له الركاب ، أسأل الله أنْ يمن علينا وعليكم بلزوم السنة ، والإقتداء بالسلف الصالح بأبي عبد الله رضي الله عنه ، فإنه أوضح من هذه الأمور المحدثات ما هو كفاية لم اقتدى به . (2)
(1) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 235 .
(2) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 236 .وقفة هنا الترمذي المقصود هنا هو الامام الحجة امير المؤمنين في احديث رضي الله عنه .

محمد بن إسماعيل السلّمي قال أبو بكر الخلال : قال محمد بن إسماعيل السلمي : كل من ظن أو توهم أنّ رسول الله (ص) لم يستوجب من الله عز وجل هذه المنزلة في حديث مجاهد فهو عندنا جهمي ، وإنّ هذه المصيبة على أهل الإسلام أنْ يذكر أحد النبي (ص) ولا يقدموا عليه بأجمعهم ، ولولا أنّ أبا بكر المروذي رحمه الله اجتهد في هذا لخفت أنْ ينزل بنا وبمن يقصر عن هذا الضال المضل عقوبة ، فإنه من شر الجهمية ، ما يبالي ما تكلم به ، قال : ليس هذا عرش رب العالمين ، إنما هو مثل عرش بلقيس وعرش من العروش ، شبه عرش الآدميين بعرش الرحمن عز وجل ، لا يرع عن دفع فضيلة النبي (ص) فكيف بمن بعد النبي (ص) ، لا شك في تجهيمه ، ولا نقدر على أكثر من الدعاء والتحذير ، وتبيين أمره ، ونعادي من ينصره أو يميل إلى من ينصره بتكفير مجاهد ، ومن قال بقول مجاهد في : ( عسى أنْ يبعثك ربك مقاماً محموداً &nbsp ، فإنه يقعده على العرش ، فقال : هذا كفر ، ومن قال به فهو كافر سمعته يقول ذلك . (1)

أبو العباس هارون بن العباس الهاشمي
قال أبو بكر الخلال : وقال أبو العباس هارون بن العباس الهاشمي : من رد حديث مجاهد فهو عندي جهمي ، ومن رد فضل النبي (ص) فهو عندي زنديق لا يُستتاب ويقتل ، لأنّ الله عز وجل قد فضله على الأنبياء عليهم السلام ، وقد روي عن الله عز وجل قال : لا أذكر إلا ذكرت معي ، ويروى في قوله : ( لعمرك) [ الحجر : 72] قال : بحياتك ، ويروى أنه قال : يا محمد لولاك ما خلقت آدم . فاحذروا من رد حديث مجاهد ، وقد بلغني عنه أخزاه الله أنه ينكر أنّ الله عز وجل ينزل ، فمن رد هذا وحديث مجاهد فلا يكلم ولا يصلى عليه . (1)
9- أبو علي إسماعيل بن إبراهيم الهاشمي
قال أبو بكـر الخلال (2) : وقال أبو علي إسماعيل بن إبراهيم الهاشمي : أنّ هذا المعروف بالترمذي عندنا مبتدع جهمي ، ومن رد حديث مجاهد فقد دفع فضل رسـول الله (ص) ، ومن رد فضيلة الرسول فهو عندنا كافر مرتد عن الإسلام ... الخ .
(1) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 237 .
(2) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 237 ، 238 .

أبو بكر محمد بن حماد المقري قال أبو بكر الخلال : وحدثنا أبو بكر (المروذي )حدثني أبو بكر بن حماد المقري صاحب أبي عبد الله أحمد بن حنبل قال : حدثنا أحمد بن صالح المصري ، قال : حدثنا يحيى بن حسان ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن ليث عن مجاهد : ( عسى أنْ يبعثك ربك مقاماً محموداً &nbsp قال : يقعده على العرش .
قال أبو بكر الخلال : قال أبو بكر بن حماد : من ذكرت عنده هذه الأحاديث فسكت عنها فهـو متهم ، فكيـف من ردها وطعن فيها أو تكـلم فيها . (1)
11- ابن قيم الجوزية
قال ابن قيم الجوزية كما في بدائع الفوائد : فائدة : إقعاده على العرش وذكر أقوال من قال بذلك ، كما في إحدى الطبعات (2) ، وفي طبعة أخرى : فائدة : ذكر من قالوا بقعود النبي (ص) على العرش . (3)
(1) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 248 .
(2) بدائع الفوائد ج4 ص 841 ط.مكتبة نزار مصطفى الباز / مكة المكرمة سنة 1416 هـ- 1996 م .
(3) بدائع الفوائد ج 4 ص 45 ط. المكتبة العصرية / بيروت سنة 1422 هـ- 2001 م .

قـال ابن القيـم في الكتـاب المـذكـور : صنف المـروزي كتـاباً في فضيلـة النبي (ص) وذكر فيه إقعاده على العرش ، قال القاضي : وهو قول أبي داود وأحمد بن أصرم ويحي بن أبي طالب وأبي بكر بن حماد وأبي جعفر الدمشقي وعياش الدوري ، وإسحاق بن راهويه وعبد الوهاب الوراق ، وإبراهيم الأسبهاني وإبراهيم الحربي وهارون بن معروف ومحمد بن إسماعيل السلمي ومحمد بن مصعب العابد وأبي بكر بن صدقة ومحمد بن بشر بن شريك وأبي قلابة وعلي بن سهل وأبي عبد الله بن عبد النور وأبي عبيد والحسن بن فضل وهارون بن العباس الهاشمي وإسماعيل بن إبراهيم الهاشمي ومحمد بن عمران الفارسي الزاهد ومحمد بن يونس البصري وعبد الله بن الإمام أحمد والمروزي وبشر الحافي . انتهى .
قال ابن قيم بعد ذلك : وهو قول ابن جرير الطبري ، وإمام هؤلاء كلهم مجاهد إمام التفسير ، وهو قول أبي الحسن الدارقطني . (1)
(1) بدائع الفوائد ج4 ص 841 ط.مكتبة نزار مصطفى الباز / مكة المكرمة و ج 4 ص 45 ط. المكتبة العصرية / بيروت .

عبد القادر الجيلاني يقول عبـد القادر الجيـلاني في الغنية : وأهـل السنة يعتقدون أنّ الله يجلس رسوله ونبيه المختار على سائر أنبيائه ورسله معه على العرش يوم القيامة لما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي (ص) في قوله عز وجل : ( عسى أنْ يبعثك ربك مقاماً محموداًَ ) قال : يجلسه معه على السرير . وعن هشـام بن عـروة عـن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قـالت : سألت رسول الله (ص) عن المقام المحمود ؟ فقال : وعدني ربي القعود على العرش ، وكذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : إذا كان يوم القيامة جيء بنبيكم فأقعد بين يدي الله على كرسيه . فقيل : يا أبا مسعود ، إذا على كرسي الحق أليس هـو معه ؟ قال : ويلكم هذا أقر حديث في الدنيا لعيني . فقـال الحجاج في حديثه : إذا كان يوم القيامة نزل الجبار على عرشه وقدماه على الكرسي ، ويؤتى بنبيكم (ص) فيقعد بين يديه على الكرسي ، فقالوا : للحميدي : إذا كان على الكرسي فهو معه ؟ قال : نعم ، ويلكم هو معه . (1)
(2) الغنية لطالبي طريق الحق للجيلاني ص 105 ط. دار إحياء التراث العربي / بيروت سنة 1416هـ- 1996م .

أحمد بن حنبل إمام الحنابلة قال أبو بكر الخلاّل : وقد حدثنا أبو بكر المروذي رحمه الله قال : سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات والرؤية والإسراء وقصة العرش ؟ فصححها أبو عبد الله وقال : قد تلقتها العلماء بالقبول ، نسلم الأخبار كما جاءت ، قال : فقلت له : إنّ رجلاً اعترض في بعض هذه الأخبار كما جاءت ، فقال : يجفا ، وقال : ما اعتراضه في هذا الموضع ، يسلم الأخبار كما جاءت . (1)
وقال أبو يعلى الفراء : ونظر أبو عبـد الله في كتاب الترمذي وقد طعن على حديث مجاهـد في قولـه : ( عسى أنْ يبعثك ربك مقاماً محموداً ) فقال : لم يرو هذا عن مجاهد وحده ، هذا عن ابن عباس ، وقد خرَّجت أحاديثاً في هذا ، وكتبها بخطه وقرأها . (2)
وقال أبو يعلى الفراء أيضاً : وقال ابن عمير : سمعت أحمد بن حنبل سئل عن حديث مجاهد يقعد محمداً على العرش ؟ فقال : قد تلقته العلماء بالقبول نسلم الخبر كما جاء . (3)
(1) السنة لأبي بكر الخلال ج1 ص 246 ، 247 .
(2) إبطال التأويلات لأخبار الصفات ج2 ص 480 رقم 447 ط. دار إيلاف الدولية للنشر والتوزيع / الكويت سنة 1416هـ- 1995م .
(3) إبطال التأويلات لأخبار الصفات ج2 ص 480 رقم 448 .

ابن تيمية يقول ابن تيمية : فقد حدّث العلماء المرضيون وأولياؤه المقبولون أنّ محمداً رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يجلسه ربه على العرش معه روى ذلك محمد بن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد في تفسير : ( عسى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُكَ مَقَاماً مَحْمُوداً ) ، وذكر ذلك من وجوه أخرى مرفوعة وغير مرفوعة ، قال ابن جرير : وليس هذا مناقضاً لما استفاضت به الأحاديث من أنّ المقام المحمود هو الشفاعة باتفاق الأئمة من جميع من ينتحل الإسلام ويدعيه ، لا يقول أنّ إجلاسه على العرش منكراً ، وإنما أنكره بعض الجهمية ولا ذكره في تفسير الآية منكر . (1)

علماء السنة الغير القابلين بحديث القعود على العرش :


رغم العبارات المتشددة بشأنْ ضرورة التسليم بحديث القعود على العرش وتبديع أو تكفير غير القائل به لم يقبله عدة من علماء السنة ، فهذا مثلاً الحافظ ابن كثير عندما تعرض لقوله تعالى : ( عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ) (2) قال : أي افعل الذي أمرتك لنقيمك يوم القيامة مقاماً محموداً يحمدك فيه الخلائق كلهم وخالقهم تبارك وتعالى ، قال ابن كثير بعد ذلك : قال ابن جرير : قال أكثر أهل التأويل
(1) مجموع فتاوى ابن تيمية ج4 ص 374 .
(2) سورة الإسراء : 79 .

ذلك هو المقام الذي يقومه محمد (ص) يوم القيامة للشفاعة بين الناس ليريحهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك اليوم . (1) فابن كثير نقل كلام ابن جرير الطبري المفسر والفقيه المعروف ونقل بعد ذلك الروايات الدالة عليه ، وأهمل قول مجاهد المتقدم ولم يتعرض له رغم تشديد عدة من علماء السنة المتقدمين على ضرورة الاعتقاد به ، ورغم أنّ ابن كثير حنبلي الاعتقاد ، بل نقل الواحدي النيسابوري إجماع المفسرين على أنّ المقام المحمود هو مقام الشافعة ، ولم يتعرض للكلام المتقدم المنقول عن مجاهد (2) ، بل في تفسير مجاهد فسر المقام المحمود بمقام الشفاعة ، ولا أثر فيه لما نقلوه عن مجاهد بشأن الجلوس على العرش (3) ، بل البخاري في صحيحه عند تفسير الآية الكريمة نقل بسنده عن ابن عمر أنّ المقام المحمود هو مقام الشفاعة ، ولم يتعرض للكلام المتقـدم المنقول عن مجـاهد (4) ، وهكذا نجد الكثير
(1) تفسير ابن كثير ج3 ص 54 ط. دار الريان للتراث – دار الحديث / القاهرة سنة 1408هـ- 1988م .
(2) الوسيط في تفسير القرآن المجيد للواحدي ج3 ص 122 ط. دار الكتب العلمية / بيروت سنة 1415هـ- 1994م .
(3) تفسير مجاهد ج1 ص 369 ط. المنشورات العلمية / بيروت .
(4) فتـح البـاري ج8 ص 509 ح 4719 ط. دار الكتب العلمية / بيروت سنة 1410هـ- 1989م .

ن المفسرين يفسرون المقام المحمود بالشفاعة في يوم القيامة من دون أنْ يتعرضوا للكلام المتقدم المحكي عن مجاهد منهم ابن ضمادح التجيبي والسيوطي وابن عطية الأندلسي المفسر المعروف والعز بن عبد السلام وغيرهم (1) ، والفخر الرازي بعد أنْ نقل الإجماع عن الواحدي في تفسيره بأنّ المقام المحمود هو مقام الشفاعة ، ذكر الكلام المتقدم عن مجاهد ، ثم قال : قال الواحدي : وهذا قول رذل موحش فظيع ، ونص الكتاب ينادي بفساد هذا التفسير ، ثم ذكر الفخر الرازي بعد ذلك الوجوه الدالة على فساده . (2) وممن لم يقبل القول المتقدم العالم السلفي المعروف الشوكاني اليمني حيث رجح القول بأنّ المقام المحمود في الآية الكريمة هو مقام الشفاعة ، ورد القول بكون المقام المحمود
(1) مختصر من تفسير الإمام الطبري للتجيبي ج1 ص397 ط. دار القلم / بيروت ، تفسير الجلالين المطبوع مع حاشية الصاوي ج3 ص 1148 ط. دار الفكر / بيروت سنة 1419هـ- 1998م ، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية الأندلسي ج3 ص 478 ط. دار الكتب العلمية سنة1413هـ- 1993م ، تفسير القرآن لعز الدين بن عبد السلام ج2 ص 227 ط. دار ابن حزم / بيروت سنة 1416هـ- 1996م ، الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي ج2 ص 644 ط. دار القلم / دمشق – الدار الشاميـة / بيروت سنة 1415هـ- 1995م .
(2) التفسير الكبير للفخر الرازي ج21 ص 33 ط. دار الفكر / بيروت سنة 1405هـ- 1985م .

هو الإجلاس على العرش ، قال أثناء ذكره للتفاسير في معنى المقام المحمود : الأول : أنه المقام الذي يقومه النبي (ص) للشفاعة يوم القيامة للناس ليريحهم ربهم سبحانه مما هو فيه ، وهذا القول هو الذي دلت عليه الأدلة الصحيحة في تفسير الآية ، وحكاه ابن جرير عن أكثر أهل التأويل . (1)
ثم نقل الكلام المحكي عن مجاهد ورده .
وممن لم يقبل تفسير المقام المحمود بخبر القعود على العرش من علماء المعاصرين ناصر الدين الألباني ، فإنه بعد أنْ نقل عن الذهبي قبوله لهذا الخبر ونقل أقوال العلماء بقبوله قال في مختصر العلو : فأبصر حفظك الله من الهـوى كيـف آل الفكر بهذا المحـدث (2) إلى وجـوب الأخـذ بأثر منكر . (3)


إلى أنْ قال رداً على الذهبي بعد أنْ نقل عنه تفسير المقام المحمود بمقام الشفاعة : ولست أدري ما الذي منع المصنف عفا الله عنه من الاستقرار على هذا القول ، وعلى جزمه بأنّ هذا الأثر منكر كما تقدم عنه ، فإنه يتضمن نسبة القعود على العرش لله عز وجل ، وهذا يستلزم نسبة الاستقـرار عليـه ، وهـذا مما لم يــرد فـلا يجوز اعتقاده ونسبتـه إلى الله عز وجل . (4)
(1) فتح القدير للشوكاني ج3 ص 360 ط. دار الفكر / بيروت سنة 1415هـ- 1995م .
(2) يقصد به الحافظ الذهبي .
(3) مختصر العلو ص 15 ط. المكتب الإسلامي / بيروت سنة 1412هـ- 1991م .
(4) مختصر العلو ص 16 .

وقال الألباني بشأنْ حديث القعود على العرش أيضاً في مختصر العلو :
وتفسير بعضهم لقوله تعالى : ( عسى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُكَ مَقَاماً مَحْموداً ) بإقعاده على العرش مع مخالفته لما في الصحيحين وغيرهما أنّ المقام المحمود الشفاعة العظمى ، فهو تفسير مقطوع غير مرفوع عن النبي (ص) ، ولو صح ذلك مرسلاً لم يكن فيه حجة ، فكيف وهو مقطوع موقوف على بعض التابعين ؟! ، وإنّ عجبي لا يكاد ينتهي من تحمس بعض المحدثين السالفين لهذا الحديث الواهي والأثر المنكر ، ومبالغتهم في الإنكار على من رده ، وإساءتهم الظن بعقيدته ، وقد ساق المصنف رحمه الله تعالى في الأصل طائفة منهم ، وزاد أسماء آخـرين في مختصره ، وإني لأراه كأنه اُخـذ بهيبتهم ...الخ . (1)
القول بأنّ الباري عز وجل محدود بحد
تعالى عما يقولون علواً كبيراً

من الأقوال الغريبة التي تقتضي الافتقار والحاجة كما سنبين إنشاء الله تعالى وبالتالي تستلزم نفي الربوبية والألوهية ، قولهم بأنّ للباري عز وجل حداً محدوداً ، يعلمه هو ، وبالتالي فإنّ له مبدأ ومنتهى ، والعجيب تهمتهم لمن أنكر ذلك بالكفر ، وهذه بعض كلماتهم :
1- ابن تيمية
قال ابن تيمية : ... فهذا كله وما أشبهه شواهد ودلائل على الحد ، ومن لم يعترف به فقد كفر بتنزيل الله ، وجحد آيات الله . (1)
(1) در تعارض العقل والنقل ج2 ص 58 ط. تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم ط.2

ويقول رداً على الفخر الرازي : وأما وصفه بالحد والنهاية الذي تقـول أنت : في معنى الجسم فهم فيه كسائر أهل الإثبات على ثلاثة أقوال : منهم من يثبت ذلك ، كما هو المنقول عن السلف والأئمة ... الخ . (1)
وقال أيضاً : وهذا المحفوظ عن السلف والأئمة من إثبات حد لله في نفسه ...الخ . (2)
أقول : وبهذا يتضح أنّ جميع من يقول بعدم محدودية وجود الله عز وجل وفيهم بعض الحنابلة ومنهم ابن حبان وغيره كفار في نظر ابن تيمية .

عثمان بن سعيد الدارمي
قال ابن تيمية : وقال عثمان بن سعيد الدارمي : ولله تعالى حد لا يعلمه أحد غيره ، ولا يجوز لأحد أنْ يتوهم لحده غاية في نفسه ، ولكن نؤمن بالحد ونكل علم ذلك إلى الله ، ولمكانه أيضاً حد ، وهو على عرشه فوق سماواته ، فهذان حدان اثنان . (3)
ونقل عنه ابن تيمية أنه قال : ... فهذا كله شواهد ودلائل على الحد ، ومن لم يعترف به فقد كفر بتنزيل الله وجحد آيات الله . (4)
(1) بيان تلبيس الجهمية ج1 ص 52 .
(2) بيان تلبيس الجهمية ج2 ص 163 .
(3) درء تعارض العقل والنقل ج2 ص 57 ، بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية ج1 ص 472 وج2 ص 158 .
(4) بيان تلبيس الجهمية ج2 ص 158.
عبد الله بن المبارك قال ابن تيمية : وسئل عبد الله بن المبارك : بم يعرف ربنا ؟ قال : بأنه على عرشه بائن من خلقه . قيل : بحد ؟ قال : بحد . (1)
وقال أيضاً : ... لأن الجهمية كانوا يقولون : ليس له حد وما لا حد له لا يباين المخلوقات ، ولا يكون فوق العالم ، لأن ذلك مستلزم للحد ، فلما سألوا أمير المؤمنين في كل شيء عبد الله بن المبارك : بماذا نعرفه ؟ قال : بأنه فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه ، فذكروا لازم ذلك الذي تنفيه الجهمية وبنفيهم له ينفون ملزومه الذي هو موجود فوق العرش ومباينته للمخلوقات . فقالوا له : بحد ؟ قال : بحد . وهذا يفهمه كل من عرف ما بين قـول المؤمنين أهـل السنـة والجماعة وبين الجهميـة الملاحـدة من الفرق . (2)
(1) درء تعارض العقل والنقل ج2 ص 57 ، بيان تلبيس الجهمية ج1 ص 472 وج2 ص 158.
(2) بيان تلبيس الجهمية ج1 ص 443 .

يحيى بن عمارة الواعظ وأبو إسماعيل الأنصاري يقول الذهبي في ترجمة أبي حاتم بن حبان صاحب كتاب الصحيح وكتاب الثقات وكتاب المجروحين وغير ذلك من المصنفات : وقال أبو إسماعيل الأنصاري : سمـعت يحيى بن عمارة الواعـظ وقد سألته عن ابن حبان ، فقـال : نحن أخرجناه من سجستان ، كان له علم كثير ، ولم يكن له كبير دين فأنكر الحد لله ، فأخرجناه .
قـال الذهبي : قلت : إنكاركم عليه بدعـة أيضاً ، والخـوض في ذلك مما لم يأذنْ به الله ، ولا أتى نص بإثبات ذلك ولا بنفيه ، ومن حسن إسلام المرء تركـه مـا لا يعنيـه ، وتعـالى الله أنْ يحـد أو يوصف إلا بما وصـف به نفسـه ...الخ . (1)
وقال ابن تيمية : وقال شيخ الإسلام : وسألت يحيى بن عمار عن أبي حاتم ابن حبان البستي قلت : رأيته ؟ قال : كيف لم أره ، ونحن أخرجناه من سجستان ، كان له علم كثير ، ولم يكن له كبير دين ، قدم علينا ، فأنكر الحد لله ، فأخرجناه من سجستان . (2)
(1) سير أعلام النبلاء ج16 ص 97 ط. مؤسسة الرسالة / بيروت سنة 1403هـ- 1983م .
(2) بيان تلبيس الجهمية ج1 ص 440 .
ومعتقدي هو قول الامام الذهبي :
إنكاركم عليه بدعـة أيضاً ، والخـوض في ذلك مما لم يأذنْ به الله ، ولا أتى نص بإثبات ذلك ولا بنفيه ، ومن حسن إسلام المرء تركـه مـا لا يعنيـه ، وتعـالى الله أنْ يحـد أو يوصف إلا بما وصـف به نفسـه ...الخ . (1)
بارك الله فيك ،ايها الاخ الكريم









 

الكلمات الدلالية (Tags)
معتقد, المتقدمين, الحنابلة, والمتاخرين


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 06:11

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc