و الخيرات معلومة غير معدودة لما كان من أن الأمر معلوم محدود مضبوط لا نقص ولا زيادة فيه مطلقا، والنهي كذلك معلوم محدود مضبوط إلا من باب الحال الحادثة. فمن خرج عن استباق الخيرات نأتي له بشواهد نصيّة تقول بالنهي عن ذلك، ولا نقحم النهي من منطلق تضمينه استباق الخيرات لأن نصوص النهي واضحة جلية لا غبار عليها.
ومن بين ما في الآية كذلك تعدد الأساليب الإنسانية المعتمدة في الممارسة، حسب الممكن والموجود والمتاح وكذا ما كان من القدرة والاستطاعة. ونؤمن بأن اليوم الآخر حق
وقال سبحانه: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)﴾ المائدة وكما ذكرنا ونعيده وسنعيد ذكره المنهي عنه معلوم محدود مضبوط لا نقص فيه ولا زياد إلا من باب الحال الحادثة. والأمر معلوم محدود مضبوط لا نقص ولا زيادة فيه مطلقا. والمباح نعمة معلومة لا حصر لها قال تعال: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18) ﴾ سورة النحل. فكيف نضمِّن المعلوم المحدود المضبوط في ما لا حصر له.
ومن بين ما فيها كذلك أن التكليف بلاء والصبر على إتيان الطاعات والابتعاد عن المنهيات صعب، وفيه جهاد عظيم وذلك من خلال التعامل والتفاعل مع خلق الله تعالى عما يصفون كل خلقه بدون استثناء. {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ} فجاء تبيان أن التكليف بلاء لحقيقة الصراع القائم ما كانت الدنيا بين الحق والباطل. قال تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (73) ﴾ سورة الأحزاب ثم الانتقال إلى استباق الخيرات المعلوم غير المعدود بالتزام القوانين التي ارتضاها الله عزوجل لنا شرعة ومنهاجا. وليس أحسن من أن نختم القول بكلام النبي مما أورده : الشيخ إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي في كتابه : تفسير القرآن العظيم من الجزء 1 في تفسيره للآيات 130إلى غاية136. قال الإمام أحمد: عن ...عن أبي هريرة, قلنا: يا رسول الله, إذا رأيناك رقت قلوبنا, وكنا من أهل الآخرة, وإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا, وشممنا النساء والأولاد, فقال «لو أنكم تكونون على كل حال على الحال التي أنتم عليها عندي لصافحتكم الملائكة بأكفهم, ولزارتكم في بيوتكم. ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم». قلنا: يا رسول الله, حدثنا عن الجنة ما بناؤها ؟ قال «لبنة ذهب ولبنة فضة,وملاطها المسك الأذفر, وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت, وترابها الزعفران, من يدخلها ينعم ولا يبأس, ويخلد ولا يموت لا تبلى ثيابه, ولا يفنى شبابه, ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل, والصائم حتى يفطر, ودعوة المظلوم تحمل على الغمام وتفتح لها أبواب السماء, ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين», ورواه الترمذي وابن ماجه من وجه آخر من حديث سعد به
فنص الحديث من قوله : "ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم" الظاهر فيه وكأنه حث على إقامة الذنب حتى يكون الغفران وحاشى أن يكون هذا من النبي وإنما فيه الإشارة إلى المعرفة العقلية بالذنب وتعظيم عقوبته في حديث النفس عند الله تعالى فقط وفقط وليس من باب الممارسة له. وكذا من جهة أخرى ما كان من قولنا الطبيعة البشرية الإنسانية المتميزة بالصراع الداخلي بين الحق والباطل وغلبة أحدهما على الأخر فيما يظهر من الممارسة.وثالثا الطبيعة البشرية المتميزة بإقامة الخطأ. ورابعا الخطاب عام لكل بني آدم ممن دان بالإسلام أو بنقيضه. بمعنى أن الخطاب من قوله : "ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم" موجه للناس كلهم دون استثناء، مسلم وكافر، ومن القاعدة القائلة لا يعرف الشيء إلا بنقيضه ومنه فكيف نعرف الحق إن لم يكن باطل، وكيف نعرف الطاعة إن لم تكن المعصية.
ومن نفس الكتاب أن الإمام أحمد روى في مسنده، عن......عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال «قال إبليس: يا رب وعزتك لا أزال أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم, فقال الله تعالى: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني»
ومن كتاب الله عز وجل قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100) ﴾ سورة النحل
وأما قوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) ﴾ سورة الملك. فلا يمكن لنا أن نقول أو نستشهد بها فيما تعلق بالأمر أو النهي أو التعليق على ما كان من ممارسة إنسانية مخالفة للشرع. ونقول لا نستشهد بها على أنها توحي إلى المسارعة أو استباق الخيرات أو أنها تضمنت النهي فكتاب الله عز وجل مفصل مبيّن لكل شيء من غير تأويل . قال تعالى: ﴿...مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ... ﴾ سورة الأنعام.
فإذا أخذنا الآية على أنها خطاب موجه للناس كافة فإنها تحمل معنى السعي من خلال العلاقات الفطرية الإنسانية في جميع جوانبها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية و.....، على أساس التبادل والتعارف وفق ما تعاقد عليه المتعاقدون.
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) ﴾ سورة الحجرات. وقد تناولنا شرحها{الآية 13من سورة الحجرات} في موضع آخر من رسائلنا في رسائل الإنس مع القرآن الكريم.
وإذا أخذنا الآية في قوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) ﴾ سورة الملك .على أساس أنها خطاب للمسلمين خاصة فهي من باب طلب العلم وممارسة الدعوة إلى الله عز وجل، وبناء الصورة العملية لعموم المسلم الداعية إليه بالسلوك المتميز بإتباع الكتاب والسنة من منطلق تحقيق قوله :" إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله و رسوله فهجرته إلى الله و رسوله و من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه" ( صحيح )
ومن باب آخر الأمر بطلب الرزق بما يوافق ما أوجبه الله. وكذا من بين ما فيها أنها تدور حول الفطرة الإنسانية والطبيعة البشرية من إنتاج وملكية وسائل الإنتاج واستهلاك الواردة في المفاهيم ـ الانتشار، والاستعمار، والاستقرار، والاستخلاف ـ.
فالآية دالة على قوانين خَلقية. فالمشي سعيا فرديا كان أو جماعيا دال على الإنتاج وملكية وسائل الإنتاج والاستهلاك في أثناء عملية الانتشار والاستعمار والاستقرار والاستخلاف. خُلقنا وجُعل الأكل فينا ضرورة والمشي ضرورة والتزاوج ضرورة و........ وكثير من الضرورات الـخَلقية. ونؤمن إيمانا مطلقا أن الله تعالى له الأسماء الحسنى والصفات العليا هو الخالق الذي بعث فينا هذه الضرورات، وبعث الأنبياء والمرسلين ونزَّل عليهم الكتب وبين فيها الأمر والنهي وترك غير ذلك مفتوحا واسعا.لتهذيب وضبط الفكر والنظام والممارسة تشريعا من غير تعجيز. قال تعالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) ﴾ سورة الأنعام.
وقال تعالى:﴿وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (53) ﴾ سورة الأعراف. التفصيل في كتاب الله هداية دلالة والله الموفق.
ومن هذا ما كان الله تعالى بعاجز على أن يضمِّن المنهي عنه الأمر أو أن يضمِّن الأمر المباح أو العكس من ذلك. ولو كان التضمين في هذا، لكان الاجتهاد مباح حتى في النصوص الصريحة.
ومن أراد النصح فمن الأفضل له أن يعتمد الآيات الدالة على ما يريد القول به قال تعالى: ﴿ بسم الله الرحمن الرحيم : وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) ﴾ سورة العصر
والعصر نأخذ بها قسما من الله عزوجل بخلقه متعلق بالزمان بالنسبة للآدمي محدود غير معلوم إلاّ في علم الله تعالى ولكل إنسان عصر أي زمن ونحسبه ما كان من التوقيت الطبيعي ليكون بذلك أن الوقت المقضي من عمر الإنسان متعلق بالعمل ولذلك جاء التأكيد منه تعالى لما يقدم من عمل مصاحب للنية قال :" إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله و رسوله فهجرته إلى الله و رسوله و من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه" ( صحيح ) والقول بالخسران متعلق بحال عدم إتيان ما بعد الاستثناء من قوله تعالى: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) ﴾. و قال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16) ﴾ سورة البقرة فالضلالة خسران والهدى إيمان و عمل صالح وبيان وتفصيل العمل الصالح ما كان من التواصي بالحق والتواصي بالصبر.
والإنسان في عصره متعلق باعتقاده القلبي وإدراكه العقلي في علاقته بموجد الأشياء ليطابق العمل الإرادة حسب ما كان من قدرة وفق المتاح والموجود وبتفعيل المسلمتين الخَلقيتين الفصل والتمييز باعتماد العلم مكونا وبانيا ومبينا لكل ذلك.
والخطاب للإنسان بصورة عامة لأن الأصل في بيان وتفصيل الحق عام لكل البشر بدون استثناء . ولما كان من طبيعة العقل التي يحدها القلب في تشابكهما المتجانس - إن وافق كل من العقل والقلب الفطرة - والإنسان بطبيعته التي لا يختلف فيها اثنان متميز بالنقص. واعتماده على العقل في التشريع يبني التصادم في مجموع العلاقات والمعاملات البشرية الإنسانية وعليه يكون الخسران لا محالة وهذا من حال الدنيا. والخسران في الآخرة لعدم إتباعه الحق هذا الحق الذي يجعل وظيفته الدنيوية ارتباط بخالق الدنيا عبودية له من غير إشراك به لهوى غريزي أو سوء نفسي أو فهم عقلي لا يستند لشرع الله أو غير ذلك مما يخالف ما أنزل الحق.قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) ﴾ سورة آل عمران.
وكذلك من بين ما فيها الدلالة على أن الأداء فردي وكل مسئول عما يقيمه من عمل والجزاء من جنس العمل و أما الأثر فجماعي. ومن الملاحظ أن القول بالخسران كأن تقول لأحدهم إنك خسرت فردة الفعل أن يسأل لماذا خسرت؟ ثم تبدأ مراجعة الخطوات المتبعة في التحصيل (المنهج). بمعنى أن الله تعالى ينبهنا إلى مراجعة النفس وما أقدمت عليه حتى يكون لنا الخيرة من أمرنا وهو عز وجل الذي خيرنا بحرية مطلقة في الاختيار لتكن حجة لنا أو علينا قال تعالى: ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6) ﴾ سورة الكافرون. و قال تعالى: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) ﴾ سورة البقرة. و قال تعالى: ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) ﴾ سورة الكهف
قال تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) ﴾ سورة العصر
ومن بين ما في هذه الآية الثالثة من سورة العصر ست محاور كبرى.01 الإيمان، 02 - و العمل، 03 - والتواصي- الدعوة-، 04 - والحق- الدين -، - والصبر. 06 وكل يؤسس بالعلم
وهذه الآيات فيها الخطاب موجه لجماعة المسلمين العاملين لبيان الجزاء الذي ينتظرهم من ربهم جزاء حسنا لما كان من إتيانهم الحق رغبة ورهبة. ولغيرهم تنبيها وتحذيرا لما فيه من عقاب جهنم ونعوذ بالله من عذاب جهنم. ونشير إلى بعض المفاهيم الواردة فيها والتي اعتبرناها محاور كبرى وهي:
العمل: وهو العلم بتوفر التمييز و الفصل مع القدرة و الإرادة.
والقدرة تحكمها قوانين المتاح و الموجود(العلم، الصحة، المال......) حسب الطاقة على الأداء، وهي محدودة عند الفرد، وأقل محدودية عند الجماعة، لننتقل من هذا إلى ما يلازمها من إرادة.
والإرادة تعبر عن أصل منبع الحرية فهي غير محدودة بزمان أو مكان إنما بالإنسان. وهي شعور يُطلب منه تحقيق الغاية و الهدف المحدودين بالقدرة.
التواصي: ونأخذه بمعنى الدعوة إلى الله قال :وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 104سورة البقرة
الحق: ونأخذه بمعنى الدين
قال :إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ 119 سورة البقرة
قال : قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ 144سورة البقرة
قال :الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ 147سورة آل عمران
قال :الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ60 سورة المائدة
قال :قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ 77سورة المائدة
قال :وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ 84سورة الأنعام
قال :فَقَدْ كَذَّبُواْ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ 5سورة الأنعام
الصبر: وأنواعه معروفة وقد جئنا على ذكره في موضع آخر
العلم: معلوم تعريفه
الإيمان: وقد ذكرنا تعريفه في كثير من المواضع
أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه انه هو التواب الغفور الرحيم.
بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) ﴾ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
البريد الإليكتروني: - البريد الإلكتروني حذف من قبل الإدارة (غير مسموح بكتابة البريد) -