◄ اقتصاد المعرفة ► ما هي أنسب سياسة اقتصادية لإدماج الجزائر فيه؟

[سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى~]

بسمِ اللهِ الرحمـٰنِ الرحيم
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين ،والصلاةُ والسلامُ على سيّدِنا مُحَمَّد ،وعلى آلـِهِ وصحبـِهِ أجمعين ، أمّا بعد ،
السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتـُه

إخواني أخواتي رواد قسم العلوم الأخبار والنقاشات الاقتصادية ككل مرة نأتي لكم بموضوع من مواضيع الساعة ، وهذا المرة سنحط رحالنا لكشف الستار على فرع جديد من فروع العلوم الاقتصادية ظهر في الآونة الأخيرة وهو :
█ █ █◄ اقتصــاد المعرفــــــة ►█ █ █

حيث أصبحت إدارة المعرفة خلال العقود الأخيرة من الموضوعات الأساسية في الإدارة على مستوى أغلب دول العالم؛ وذلك نتيجة إفرازات العولمة المعلوماتية وما نجم عن التطور الكبير في مجال الاتصالات وخصوصاً الإنترنت. فقد أدى نظام الاتصالات الحديث إلى الانتشار الواسع والفهم الكبير لحاجات العملاء؛ مما جعل منظمات الأعمال تُركِّز على بناء رأس المال الفكري الذي يُعدّ أداة تنافسية فاعلة في ظل اقتصاد المعرفة.

إن الاقتصاد الحقيقي هو اقتصاد المعرفة القائم على بناء مجتمع المعرفة أي بناء إنسان المعرفة والخبرة والقدرة, واقتصاد المعرفة هذا يعني ضرورة الاعتقاد أن الرأسمال الحقيقي للدولة واقتصادها هو المعرفة والخبرة وليس الأصول المادية والمالية, ويعني اقتصاد المعرفة أيضا أن الإنتاج يكون إنتاجا للمعرفة وليس إنتاجا ريعيا كما هو قائم.

و السؤال الذي يطرح نفسه بحدّة هو:
ما هو واقع الجزائر في ظل اقتصاد المعرفة؟
أين نحن من التطور العاصف للعلوم والتكنولوجيا؟ وما هي أنسب سياسة اقتصادية لإدماج الحزائر في اقتصاد المعرفة ؟

[souhiel]

لقد عرف المجال الاقتصادي عدة نقلات هامة في مجمله من اقتصاد الريع الى امتلاك التكنلوجيا الى اقتصاد المعلومات والمعرفة الا انني متشائم بخصوص الجزائر دولتنا للاسف الشديد لا تمتلك حتى الآن او بالأحرى لم ننتقل الى امتلاك التكنلوجيا الحديثة لا زلنا نعاني من تبعات الاقتصاد الريعي الذي يعتمد على البترول .
ولهذا وجب على المخططين الاقتصاديين اعادة النظر في الاقتصاد الوطني الذي ظل لعدة سنوات ضحية الصندوق النقد الدولي من جهة وتحولات النظام من الاشتراكية الى الليبيرالية ثم خوصصة بعض الشركات ثم اعادة النظر في هذه الاخيرة
اظن ان كل هذا يعيقنا من اجل التحول الى هذا الواقع الجديد اي اقتصاد المعرفة .
ابدو متشائم لكن ذاك هو واقعنا لازنا بعيدين عن اقتصاد المعرفة لاننا لازلنا لحد الساعة نستورد التكنولوجيا والتي بعضها محرم علينا امتلاكها لاسباب سياسية واقتصادية وعسكرية .
سلام

[المنطق]

السلام عليكم
إن اقتصاد المعرفة هو الشكل أو التوجه الجديد للإقتصاد في القرن الواحد والعشرين خاصة بعد ضيق فرص النمو وبلوغ مستويات قصوى من التطور تصعب الزيادة عنها في اقتصاد السلع والخدمات، بحيث تحولت المعرفة إلى المنتوج الرئيسي الأكثر قيمة وتداولا وربحية في الوقت الحالي مع تراجع مكانة السلع الخدمات.
وفي هذا الإطار توجد في الأدبيات الإقتصادية ما يعزز هذا الطرح من خلال ما يسمى بـ"اقتصاديات الإبتكار" التي تعتبر من طرف عديد الإقتصاديين بنظرية القرن الواحد والعشرين،باعتبارها تؤسس لتوجه جديد في الإقتصاد قائم على التنظيم الإبداع والإختراع كأحد السبل نحو ما يسمى في "اقتصاد المعرفة".
فالمعرفة مفهوم واسع وشامل وغير قابل للحصر،وميزتها الرئيسية أنها ديناميكية قابلة للتطور باستمرار بآفاق واسعة جدا،خصوصا وأنها ترتبط إلى حد كبير برأس المال البشري الذي ترتفع فيه فرص التطور والإبداع لأفق غير محدودة ما دام العقل البشري قادرا على ذلك.
ورأس المال البشري هو إجمالي الخبرة والتأهيل والتكوين والإبداع الذي يتميز به العنصر البشري،والذي له تأثيرات أكبر على العملية الإنتاجية ومن ثم التطور الإقتصادي بشكل أكبر من رأس المال المادي،ولهذا فإن الإستثمار فيه يتطلب تطوير طرق التعليم والتكوين في جميع المستويات وتوفير الظروف والمناخ المناسب في سبيل ذلك بشكل يسمح لكل فرد من تفجير طاقاته الإبداعية وتحفيزه أكثر على التطور.
في الجزائر مازلنا بعيدين جدا على اقتصاد المعرفة لأننا لم نستوف حق اقتصاد السلع والخدامت حقه فما بالنا باقتصاد المعرفة،للأسف لم نسلك لا طريقا يقودنا لتطوير اقتصادنا السلعي والخدماتي ولا طريقا يقودنا لتبوأ مكانة ضمن اقتصاد المعرفة،لا يمكن التحدث عن اقتصاد المعرفة في بلادنا ومنظومتنا التعليمية التربوية والجامعية تعاني جدا وهي الآن تعيش في أسوء مراحلها في وضع متردي جدا جدا.
رأس المال البشري لا يبدو أن له قيمة في بلادنا التي أصبح فيها الكم أهم من الكيف،تدهور في طرق التعليم والتدريب والتكوين ولا استراتيجيات محددة،خريجو جامعات بالآلاف مع تحصيل علمي ضعيف،ومن ثم فلا يمكن الحديث عن تكوين رأس مال بشري ولا التفكير أصلا في اقتصاد المعرفة الذي يقوم عليه بالأساس.
فلو ألقينا نظرة على المؤشر العالمي للإبتكار الذي تصدره مؤسسة INSEAD _ الذي يرتكز على عدة معايير كالمحيط السياسي،البنى التحتية،رأس المال البشري والأبحاث العلمية، البيئة التعليمية،مناخ الأعمال،المحيط القانوني ....الخ من المعايير التي تعتبر ضرورية في خلق اقتصاد قائم على الإبتكار _ كمؤشر للحصول على تقييم لجانب رئيسي متعلق بالسير في طريق اقتصاد المعرفة ،لوجدنا في آخر إصدار له في 2011 أن بلادنا تحتل المرتبة 125 مع وجود دول أخرى منها من هي اقل إمكانات أو عديمة الإمكانات إن صح التعبير في مراتب أحسن منا كتونس في المرتبة 66، ناميبيا في المرتبة 78 وبوتسوانا في المرتبة 79.....الخ، وكتفصيل لما جاء في التقرير فإنه في مجال البحث والتنمية كفرع في تقييم رأس المال البشري والذي احتلت فيه اسرائيل المرتبة الأولى فإن الجزائر احتلت المرتبة 107وراء دول دائما أضعف منا في الإمكانيات ككينيا في المرتبة 21،مالاوي 33، رواندا 39،بنغلاديش 45...الخ مما يؤكد الضعف الكبير الذي نعاني منه في مجال الإنتاج العلمي وسبل التنمية،أما في مؤشر رأس المال البشري ككل فاحتلت الجزائر المرتبة 81 وهو الذي يرتكز على عدة معايير منها ما ذكر سابقا (البحث والتنمية)، وكذا التربية واحتلت فيها المرتبة 64،التعليم العالي المرتبة 72،ولمن يود الإطلاع على ما جاء في التقرير بالتفصيل فيما يخص كل المعايير فالرابط هو كالتالي:
https://www.globalinnovationindex.org/gii/main/analysis/showcountrydetails.cfm?countryid=151&regionid=8
وبخصوص ما يتوجب أن تكون عليه السياسة الإقتصادية لتفعيل سير الإقتصاد الجزائري في طريق اقتصاد المعرفة،فإنه باختصار من الواجب التركيز على تطوير رأس المال البشري من خلال تطوير وتهيئة كل الظروف المناسبة لذلك سواء من خلال تطوير مناهج التعليم والتكوين في كل المستويات من قبل الدولة وتشجيع الاستثمار في رأس المال البشري من طرف القطاع الخاص،وهذا بالأساس يعني تحول السياسة الاقتصادية في الجزائر من سياسة كينزية تعتد على النفقات العامة في سير النشاط الاقتصادي إلى سياسة اقتصادية شومبيتيرية تعتمد بالأساس على تطوير سبل التنظيم والإبتكار قصد الرقي برأس المال البشري بشكل يؤسس إلى اقتصاد قائم على المعرفة.
شكرا لك على الموضوع القيم.