السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لقد رغّبنا الإسلام على المداومة على تلاوة القرآن الكريم و تدّبر معانيه، و بيّن لنا أن قراءة القرآن و فهمه دليل على حياة القلوب و على نضوج العقل
ففي الآية الكريمة ، يقول ربنا تعالى : ( و ما يعقله إلا العالمون ) و يقول : ( و ما يذّكر إلا أولوا الألباب )
و في الحديث يقول الرسول الكريم صلى الله عليه و سلّم : ( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن و المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل الحيّ و الميّت )
و القرآن الكريم هو دستور المؤمنين شريعتهم العامّة، فكلّ حياتهم تدور على هذا الكتاب الذي وصفه ربّنا تعالى بأنّه : ( فيه تبيان لكلّ شيء )
و لم يكن للصحابة و المسلمين الأول كتاب آخر يعتمدون عليه ، فقد كفاهم ما ورد فيه من تعاليم و إرشادات، عقلوها جيّدا و عملوا بها ، فكان في ذلك عزّهم و فلاحهم ، فقد كان القرآن الكريم هو المعلم الواضح و المنبع الصافي الذي نهل منه السلف لكي يسموا بأخلاقهم و أفكارهم و حضارتهم
إنّنا اليوم نعاني من تهميش صارخ للقرآن الكريم، فلمّا عجز أعداء الله عن تحريف القرآن الكريم و إبعاده عن المسلمين عمدوا إلى حيلة أخرى ليتوصّلوا إلى غرضهم الخبيث هذا، فنسجوا قوانين زعموا أنّها تنظّم سلوك النّاس و تصلح للتطبيق في مجتمعاتنا الإسلاميّة، و قد نجحوا في ذلك، و تمكّنوا من تغييب تعاليم القرآن و خلق البديل الضارّ الذي يغنيهم عن فكرة التّحريف أو طمس القرآن الكريم
فها هي اليوم البلدان الإسلاميّة تحتكم إلى تلك القوانين الوضعيّة و ترضى بها كمسلّمة لا يجوز النّقاش فيها !
فكانت النّتيجة أن صار القرآن الكريم لا يمثّل إلاّ مصدرا للبركة و القرآءة على الأموات، و أعرض الجمهور الغفير عن قرآءته و التمسّك بتعاليمه ، و صارت الجرائد الرّسمية التي تصدر عن دوائر التشريع في العالم العربي أعلى مرتبة منه، و مقدّمة عليه في التّحاكم
و لا يخفى عليكم أن كافّة الدّساتير العربيّة تنصّ على أنّ المصدر الأصلي للتشريع هو قوانينها المكتوبة أو العرفيّة ، و لا يتعدّى القرآن الكريم أن يكون مصدرا إحتياطيا يلجأ إليه القاضي عندما تعوزه النّصوص !
و نتيجة لهذا الإعراض عن القرآن الكريم حلّت بنا النّكبات و تحقّق فينا قول الله تعالى ( و من أعرض عن ذكري فإنّ له معيشة ضنكى ...)
و صارت الأمّة الإسلاميّة في مؤخّرة الركب بعد أن كانت في الرّيادة
___________________________________________
هذه مقدّمة أردت أن أبدأ بها الموضوع ، و سوف أعود إن شاء الله لمتابعة محاوره بعد أن نستمتع بقراءة تعليقاتكم
فشاركونا