كتاب الفتن وأشراط الساعة(صحيح مسلم) - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد > أرشيف قسم العقيدة و التوحيد

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

كتاب الفتن وأشراط الساعة(صحيح مسلم)

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-05-15, 17:15   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
بوعلام بن حورة
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية بوعلام بن حورة
 

 

 
إحصائية العضو










New1 كتاب الفتن وأشراط الساعة(صحيح مسلم)

كتاب الفتن وأشراط الساعة

*1* كتاب الفتن وأشراط الساعة
*2* باب اقتراب الفتن، وفتح ردم يأجوج ومأجوج
*حدّثنا عَمْرٌو النّاقِدُ. حَدّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزّهْرِيّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمّ سَلَمَةَ عَنْ أَمّ حَبِيبَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ أَنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ وَهُوَ يَقُولُ: "لاَ إِلَهَ إِلاّ اللّهُ. وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرَ قَدِ اقْتَرَبَ. فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ" وَعَقَدَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ عَشَرَةً.
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصّالِحُونَ؟ قَالَ: "نَعَمْ. إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ".
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الأَشْعَثِيّ وَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ. قَالُوا: حَدّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزّهْرِيّ بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَزَادُوا فِي الإِسْنَادِ عَنْ سُفْيَانَ، فَقَالُوا: عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمّ سَلَمَةَ، عَنْ حَبِيبَةَ، عَنْ أُمّ حَبِيبَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ.
حدّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَىَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزّبَيْرِ أَنّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنّ أُمّ حَبيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ أَخْبَرَتْهَا أَنّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْش، زَوْجَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْماً فَزِعاً، مُحْمَرّا وَجْهُهُ، يَقُولُ: "لاَ إِلَهَ إِلاّ اللّهُ. وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرَ قَدِ اقْتَرَبَ. فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ" وَحَلّقَ بِإِصْبَعِهِ الإِبْهَامِ، وَالّتِي تَلِيهَا.
قَالَتْ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصّالِحُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ. إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ".
وحدّثني عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللّيْثِ. حَدّثَنِي أَبِي عَنْ جَدّي. حَدّثَنِي عُقَيْلُ ابْنُ خَالِدٍ ح وَحَدّثَنَا عَمْرٌو النّاقِدُ. حَدّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ. حَدّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ. كِلاَهُمَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ الزّهْرِيّ بِإِسْنَادِهِ.
وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَقَ. حَدّثَنَا وُهَيْبٌ. حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ" وَعَقَدَ وُهَيْبٌ بِيَدِهِ تِسْعِينَ.
قوله في رواية ابن أبي شيبة وسعيد بن عمرو وزهير وابن أبي عمرو "عن سفيان عن الزهري عن عروة عن زينب بنت أبي سلمة عن حبيبة عن أم حبيبة عن زينب بنت جحش" هذا الإسناد اجتمع فيه أربع صحابيات: زوجتان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وربيبتان له بعضهن عن بعض، ولا يعلم حديث اجتمع فيه أربع صحابيات بعضهن عن بعض غيره. وأما اجتماع أربعة صحابة أو أربعة تابعيين بعضهم عن بعض فوجدت منه أحاديث قد جمعتها في جزء ونبهت في هذا الشرح على ما مر منها في صحيح مسلم، وحبيبة هذه هي بنت أم حبيبة أم المؤمنين بنت أبي سفيان ولدتها من زوجها عبد الله بن جحش الذي كانت عنده قبل النبيّ صلى الله عليه وسلم. قوله صلى الله عليه وسلم: "فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وعقد سفيان بيده عشرة" هكذا وقع في رواية سفيان عن الزهري، ووقع بعده في رواية يونس عن الزهري وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها، وفي حديث أبي هريرة بعده وعقد وهيب بيده تسعين. فأما رواية سفيان ويونس فمتفقتان في المعنى، وأما رواية أبي هريرة فمخالفة لهما لأن عقد التسعين أضيق من العشرة، قال القاضي: لعل حديث أبي هريرة متقدم فزاد قدر الفتح بعد هذا القدر، قال: أو يكون المراد التقريب بالتمثيل لا حقيقة التحديد، ويأجوج ومأجوج غير مهموزين ومهموزان قرئ في السبع بالوجهين الجمهور بترك الهمز. قوله: (أنهلك وفينا الصالحون) قال إذا كثر الخبث هو بفتح الخاء والباء وفسره الجمهور بالفسوق والفجور، وقيل المراد الزنا خاصة، وقيل أولاد الزنا، والظاهر أنه المعاصي مطلقاً، ويهلك بكسر اللام على اللغة الفصيحة المشهورة وحكى فتحها وهو ضعيف أو فاسد، ومعنى الحديث أن الخبث إذا كثر فقد يحصل الهلاك العام وإن كان هناك صالحون.
*2* باب الخسف بالجيش الذي يؤم البيت
*حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَاللّفْظ لِقُتَيْبَةَ (قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الاَخَرَانِ: حَدّثَنَا) جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ ابْنِ الْقِبْطِيّةِ قَالَ: دَخَلَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ صَفْوَانَ، وَأَنَا مَعَهُمَا، عَلَىَ أُمّ سَلَمَةَ، أُمّ الْمُؤمِنِينَ. فَسَأَلاَهَا عَنِ الْجَيْشِ الّذِي يُخْسَفُ بِهِ. وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَيّامِ ابْنِ الزّبَيْرِ. فَقَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَعُوذُ عَائِذٌ بِالْبَيْتِ فَيُبْعَثُ إِلَيْهِ بَعْثٌ. فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ خُسِفَ بِهِمْ" فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ فَكَيْفَ بِمَنْ كَانَ كَارِهاً؟ قَالَ: "يُخْسَفُ بِهِ مَعَهُمْ. وَلَكِنّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَىَ نِيّتِهِ".
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: هِيَ بَيْدَاءُ الْمَدِينَةِ.
حدّثناه أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ. حَدّثَنَا زُهَيْرٌ. حَدّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزُ بْنُ رُفَيعٍ بِهَذَا الإسْنَادِ، وَفِي حَدِيثِهِ: قَالَ فَلَقِيتُ أَبَا جَعْفَرٍ فَقُلْتُ: إِنّهَا إِنّمَا قَالَتْ: بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ. فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: كَلاّ. وَاللّهِ إِنّهَا لَبَيْدَاءُ الْمَدِينَةِ.
حدّثنا عَمْرٌو النّاقِدُ وَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ (وَاللّفْظُ لِعَمْرٍو). قَالاَ: حَدّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أُمَيّةَ بْنِ صَفْوَانَ سَمِعَ جَدّهُ عَبْدَ اللّهِ بْنَ صَفْوَانَ يَقُولُ: أَخْبَرَتْنِي حَفْصَةُ أَنّهَا سَمِعَتِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَيُؤَمّنّ هَذَا الْبَيْتَ جَيْشٌ يَغْزُونَهُ. حَتّىَ إِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ، يُخْسَفُ بِأَوْسَطِهِمْ. وَيُنَادِي أَوّلُهُمْ آخِرَهُمْ. ثُمّ يُخْسَفُ بِهِمْ. فَلاَ يَبْقَىَ إِلاّ الشّرِيدُ الّذِي يُخْبِرُ عَنْهُمْ".
فقالَ رَجُلٌ: أَشْهَدُ عَلَيْكَ أَنّكَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَىَ حَفْصَةَ. وَأَشْهَدُ عَلَىَ حَفْصَةَ أَنّهَا لَمْ تَكْذِبْ عَلَىَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وحدّثني مُحَمّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ. حَدّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ. حَدّثَنَا عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ عَمْرٍو. حَدّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عَبْدِ المَلِكِ العَامِرِيّ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكٍ. أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ صَفْوَانَ عَنْ أُمّ المُؤْمِنِينَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "سَيَعُوذُ بِهَذَا الْبَيْتِ يَعْنِي الْكَعْبَةَ قَوْمٌ لَيْسَتْ لَهُمْ مَنَعَةٌ وَلاَ عَدَدٌ وَلاَ عُدّةٌ. يُبْعَثُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ، حَتّىَ إِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ خُسِفَ بِهِمْ".
قَالَ يُوسُفُ: وَأَهْلُ الشّأْمِ يَوْمَئِذٍ يَسِيرُونَ إِلَىَ مَكّةَ. فَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ صَفْوَانَ: أَمَا وَاللّهِ مَا هُوَ بِهَذَا الْجَيْشِ.
قَالَ زَيْدٌ: وَحَدّثَنِي عَبْدُ المَلِكِ الْعَامِرِيّ عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ أُمّ المُؤْمِنِينَ. بِمِثْلِ حَدِيثِ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكٍ. غَيْرَ أَنّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الجَيْشَ الذي ذَكَرَهُ عَبْدُ اللّهِ بْنُ صَفْوَانَ.
وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمّدٍ. حَدّثَنَا القَاسِمُ بْنُ الفَضْلِ الحُدّانِيّ عَنْ مُحَمّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الزّبَيْرِ أَنّ عَائِشَةَ قَالَتْ: عَبِثَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَنَامِهِ. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللّهِ صَنَعْتَ شَيْئاً فِي مَنَامِكَ لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ. فَقَالَ: "الْعَجَبُ إِنّ نَاساً مِنْ أُمّتِي يَومّونَ بِالْبَيْتِ بِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ. قَدْ لَجَأَ بِالْبَيْتِ. حَتّىَ إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خُسِفَ بِهِمْ" فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّ الطّرِيقَ قَدْ يَجْمَعُ النّاسَ. قَالَ: "نَعَمْ. فِيهِمْ الْمُسْتَبْصِرُ الكلام وَالْمَجْبُورُ وَابْنُ السّبِيلِ. يَهْلِكُونَ مَهْلَكاً وَاحِداً. وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتّىَ. يَبْعَثُهُمُ اللّهُ عَلَىَ نِيّاتِهِمْ".
قوله: (دخل الحارث بن أبي ربيعة وعبد الله بن صفوان على أم سلمة أم المؤمنين فسألاها عن الجيش الذي يخسف به وكان ذلك في أيام ابن الزبير) قال القاضي عياض: قال أبو الوليد الكتابي هذا ليس بصحيح لأن أم سلمة توفيت في خلافة معاوية قبل موته بسنتين سنة تسع وخمسين ولم تدرك أيام ابن الزبير. قال القاضي: قد قيل إنها توفيت أيام يزيد بن معاوية في أولها، فعلى هذا يستقيم ذكرها لأن ابن الزبير نازع يزيد أول ما بلغته بيعته عند وفاة معاوية، ذكر ذلك الطبري وغيره، وممن ذكر وفاة أم سلمة أيام يزيد أبو عمر بن عبد البر في الاستيعاب، وقد ذكر مسلم الحديث بعد هذه الرواية من رواية حفصة وقال عن أم المؤمنين ولم يسمها، قال الدارقطني: هي عائشة، قال: ورواه سالم بن أبي الجعد عن حفصة أو أم سلمة وقال: والحديث محفوظ عن أم سلمة وهو أيضاً محفوظ عن حفصة، هذا آخر كلام القاضي، وممن ذكر أن أم سلمة توفيت أيام يزيد بن معاوية أبو بكر بن أبي خيثمة. قوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا كانوا ببداء من الأرض" وفي رواية: (ببيداء المدينة) قال العلماء: البيداء كل أرض ملساء لا شيء بها، وبيداء المدينة الشرف الذي قدام ذي الحليفة أي إلى جهة مكة.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ليؤمن هذا البيت جيش" أي يقصدونه. قوله صلى الله عليه وسلم: "ليست لهم منعة" هي بفتح النون وكسرها أي ليس لهم من يجمعهم بمنعهم. قوله: (عن عبد الرحمن بن سابط) هو بكسر الباء ويوسف بن ماهك هو بفتح الهاء غيره مصروف.
قوله: (عبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه) هو بكسر الباء قيل معناه اضطرب بجسمه، وقيل حرك أطرافه كمن يأخذ شيئاً أو يدفعه. قوله صلى الله عليه وسلم: "فيهم المستبصر والمجبور وابن السبيل يهلكون مهلكاً واحداً ويصدرون ومصادر شتى ويبعثهم الله على نياتهم" أما المستبصر فهو المستبين لذلك القاصد له عمداً، وأما المجبور فهو المكره يقال أجبرته فهو مجبر هذه اللغة المشهورة، ويقال أيضاً جبرته فهو مجبور حكاها الفراء وغيره، وجاء هذا الحديث على هذه اللغة. وأما ابن السبيل فالمراد به سالك الطريق معهم وليس منهم، ويهلكون مهلكاً واحداً أي يقع الهلاك في الدنيا على جميعهم، ويصدرون يوم القيامة مصادر شتى أي يبعثون مختلفين على قدر نياتهم فيجازون بحسبها، وفي هذا الحديث من الفقه التباعد من أهل الظلم والتحذير من مجالستهم ومجالسة البغاة ونحوهم من المبطلين لئلا يناله ما يعاقبون به، وفيه أن من كثر سواد قوم جرى عليه حكمهم في ظاهر عقوبات الدنيا.
*2* باب نزول الفتن كمواقع القطر
*حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ عَمْرٌو النّاقِدُ وَ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ وَاللّفْظُ لابْنِ أَبِي شَيْبَةَ (قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الاَخَرُونَ: حَدّثَنَا) سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزّهْرِيّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ أَنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَشْرَفَ عَلَى أُطَمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ. ثُمّ قَالَ: "هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَىَ؟ إِنّي لأَرَىَ مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلاَلَ بُيُوتِكُمْ، كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ".
وحدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرّزّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزّهْرِيّ بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
حدّثني عمْرٌو النّاقِدُ وَ الحَسَنُ الحُلْوَانِيّ وَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ (قَالَ عَبْدٌ: أَخْبَرَنِي. وَقَالَ الاَخَرَانِ: حَدّثَنَا) يَعْقُوبُ وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. حَدّثَنِي ابْنُ المُسَيّبِ وَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ أَنّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "سَتَكُونُ فِتَنٌ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السّاعِي. مَنْ تَشَرّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفُهُ. وَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً فَلْيَعُذْ بِهِ".
حدّثنا عَمْرٌو النّاقِدُ وَ الحَسَنُ الحُلْوَانِيّ وَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ (قَالَ عَبْدٌ: أَخْبَرَنِي. وَقَالَ الاَخَرَانِ: حَدّثَنَا) يَعْقُوبُ. حَدّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. حَدّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ مُطِيعِ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا. إِلاّ أَنّ أَبَا بَكْرٍ يَزِيدُ: "مِنَ الصّلاَةِ صَلاَةٌ، مَنْ فَاتَتْهُ فَكَأَنّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ".
حدّثني إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ. أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ الطّيَالِسيّ. حَدّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "تَكُونُ فِتْنَةٌ النّائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْيَقْظَانِ. وَالْيَقْظَانُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ. وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السّاعِي. فَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذاً فَلْيَسْتَعِذْ".
حدّثني أَبُو كَامِلٍ الجَحْدَرِيّ، فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ. حَدّثَنَا حَمّادُ بْنُ زَيْدٍ. حَدّثَنَا عُثْمَانُ الشّحّامُ قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَفَرْقَدٌ السّبَخِيّ إِلَى مُسْلِمِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، وَهُوَ فِي أَرْضِهِ. فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا: هَلْ سَمِعْتَ أَباكَ يُحَدّثُ فِي الفِتَنِ حَدِيثاً؟ قَالَ: نَعَمْ. سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يُحَدّثُ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ. أَلاَ ثُمّ تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي فِيهَا. وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السّاعِي إِلَيْهَا. أَلاَ، فَإِذَا نَزَلَتْ أَوْ وَقَعَتْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ. وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ. وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ". قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبِلٌ وَلاَ غَنَمٌ وَلاَ أَرْضٌ؟ قَالَ: "يَعْمِدُ إِلَىَ سَيْفِهِ فَليَدُقّ عَلَىَ حَدّهِ بِحَجَرٍ. ثُمّ لْيَنْجُ إِنِ اسْتَطَاعَ النّجَاءَ. اللّهُمّ هَلْ بَلّغْتُ؟ اللّهُمّ هَلْ بَلّغْتُ؟ اللّهُمّ هَلْ بَلّغْتُ؟" قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ أُكْرِهْتُ حَتّىَ يُنْطَلَقَ بِي إِلَىَ أَحَدِ الصّفّيْنِ، أَوْ إِحْدَىَ الْفِئَتَيْنِ، فَضَرَبَنِي رَجُلٌ بِسَيْفِهِ، أَوْ يَجِيءُ سَهْمٌ فَيَقْتُلُنِي؟ قَالَ: "يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ. وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النّارِ".
وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ أَبُو كُرَيْبٍ. قَالاَ: حَدّثَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدّثَنِي مُحَمّدُ ابْنُ الْمُثَنّى. حَدّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيَ. كِلاَهُمَا عَنْ عُثْمَانَ الشّحّامِ بِهَذَا الإِسْنَادِ. حَدِيثُ ابْنِ أَبِي عَدِيَ نَحْوَ حَدِيثِ حَمّادٍ إِلىَ آخِرِهِ وَانْتَهَىَ حَدِيثُ وَكِيعٍ عِنْدَ قوله: "إِنِ اسْتَطَاعَ النّجَاءَ" وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ.
قوله: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أشرف على أطم من آطام المدينة ثم قال: هل ترون ما أرى؟ إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر) الأطم بضم الهمزة والطاء هو القصر والحصن وجمعه آطام، ومعنى أشرف علا وارتفع، والتشبيه بمواقع القطر في الكثرة والعموم أي أنها كثيرة وتعم الناس لا تختص بها طائفة، وهذا إشارة إلى الحروب الجارية بينهم كوقعة الجمل وصفين والحرة ومقتل عثمان ومقتل الحسين رضي الله عنهما وغير ذلك، وفيه معجزة ظاهرة له صلى الله عليه وسلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم القائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي من تشرف لها تستشرفه ومن وجد منها ملجأ فليعذبه" وفي رواية: "ستكون فتنة النائم فيها خير من اليقظان واليقظان فيها خير من القائم" أما تشرف فروي على وجهين مشهورين: أحدهما بفتح المثناة فوق والشين والراء. والثاني يشرف بضم الياء وإسكان الشين وكسر الراء وهو من الإشراف للشيء وهو الإنتصاب والتطلع إليه والتعرض له، ومعنى تستشرفه تقلبه وتصرعه، وقيل هو من الإشراف بمعنى الإشفاء على الهلاك، ومنه أشفى المريض على الموت وأشرف. وقوله صلى الله عليه وسلم: "ومن وجد منها ملجأ" أي عاصماً وموضعاً يلتجئ إليه ويعتزل فليعذبه أي فليعتزل فيه. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "القاعد فيها خير من القائم" إلى آخره فمعناه بيان عظيم خطرها والحث على تجنبها والهرب منها ومن التشبث في شيء، وأن شرها وفتنتها يكون على حسب التعلق بها.
قوله صلى الله عليه وسلم: "يعمد على سيفه فيدق على حده بحجر" قيل المراد كسر السيف حقيقة على ظاهر الحديث ليسد على نفسه باب هذا القتال، وقيل هو مجاز والمراد ترك القتال والأول أصح، وهذا الحديث والأحاديث قبله وبعده مما يحتج به من لا يرى القتال في الفتنة بكل حال، وقد اختلف العلماء في قتال الفتنة فقالت طائفة لا يقاتل في فتن المسلمين، وإن دخلوا عليه بيته وطلبوا قتله فلا يجوز له المدافعة عن نفسه لأن الطالب متأول، وهذا مذهب أبي بكرة الصحابي رضي الله عنه وغيره، وقال ابن عمر وعمران بن الحصين رضي الله عنه وغيرهما: لا يدخل فيها لكن إن قصد دفع عن نفسه، فهذان المذهبان متفقان على ترك الدخول في جميع فتن الإسلام، وقال معظم الصحابة والتابعين وعامة علماء الإسلام: يجب نصر المحقق في الفتن والقيام معه بمقاتلة الباغين كما قال تعالى: {فقاتلوا التي تبغي} الاَية وهذا هو الصحيح، وتتأول الأحاديث على من لم يظهر له المحق أو على طائفتين ظالمتين لا تأويل لواحد منهما ولو كان كما قال الأولون لظهر الفساد واستطال أهل البغي والمبطلون والله أعلم.
*2* باب إذا تواجه المسلمان بسيفيهما
*حدّثني أَبُو كَامِلٍ، فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيّ. حَدّثَنَا حَمّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيّوبَ وَيُونسَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: خَرَجْتُ وَأَنَا أُرِيدُ هَذَا الرّجُلَ. فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ يَا أَحْنَفُ قَالَ قُلْتُ: أُرِيدُ نَصْرَ ابْنِ عَمّ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. يَعْنِي عَلِيّا. قَالَ فَقَالَ لِي: يَا أَحْنَفُ ارْجِعْ. فَإِنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا، فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النّارِ" قَالَ: فَقُلْتُ، أَوْ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللّهِ هَذَا الْقَاتِلُ. فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: "إِنّهُ قَدْ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ".
وحدّثناه أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضّبّيّ. حَدّثَنَا حَمّادٌ عَنْ أَيّوبَ وَ يُونُسَ وَ المُعَلّى بْنِ زِيَادٍ عَنِ الحَسَنِ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرَةً قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا الْتَقَىَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا، فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النّارِ".
وحدّثني حَجّاجُ بْنُ الشّاعِرِ. حَدّثَنَا عَبْدُ الرّزّاقِ مِنْ كِتَابِهِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيّوبَ بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي كَامِلٍ عَنْ حَمّادٍ. إِلىَ آخِرِهِ.
وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ. ح وَحَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى وَ ابْنُ بَشّارٍ. قَالاَ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا الْمُسْلِمَانِ، حَمَلَ أَحَدُهُمَا عَلَىَ أَخِيهِ السّلاَحَ، فَهُمَا في حرّ جَهَنّمَ. فَإِذَا قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، دَخَلاَهَا جَمِيعاً".
وحدّثنا مُحَمّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدّثَنَا عَبْدُ الرّزّاقِ. حَدّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمّامِ بْنِ مُنَبّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَقُومُ السّاعَةُ حَتّىَ تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ. وَتَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ. وَدَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ".
حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرّحْمَنِ) عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لاَ تَقُومُ السّاعَةُ حَتّىَ يَكْثُرَ الْهَرْجُ" قَالُوا: وَمَا الْهَرْجُ؟ يَا رَسُولَ اللّهِ! قَالَ: "الْقَتْلُ. الْقَتْلُ".
قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" معنى تواجها ضرب كل واحد وجه صاحبه أي ذاته وجملته، وأما كون القاتل والمقتول من أهل النار فمحمول على من لا تأويل له ويكون قتالهما عصبية ونحوها، ثم كونه في النار معناه مستحق لها وقد يجازى بذلك وقد يعفو الله تعالى عنه، هذا مذهب أهل الحق، وقد سبق تأويله مرات وعلى هذا يتأول كل ما جاء من نظائره. واعلم أن الدماء التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم ليست بداخلة في هذا الوعيد، ومذهب أهل السنة والحق إحسان الظن بهم والإمساك عما شجر بينهم وتأويل قتالهم وأنهم مجتهدون متأولون لم يقصدوا معصية ولا محض الدنيا، بل اعتقد كل فريق أنه المحق ومخالفه باغ فوجب عليه قتاله ليرجع إلى أمر الله، وكانبعضهم مصيباً وبعضهم مخطئاً معذوراً في الخطأ لأنه لاجتهاد والمجتهد إذا أخطأ لا إثم عليه، وكان علي رضي الله عنه هو المحق المصيب في تلك الحروب هذا مذهب أهل السنة، وكانت القضايا مشتبهة حتى أن جماعة من الصحابة تحيروا فيها فاعتزلوا الطائفتين ولم يقاتلوا ولم يتيقنوا الصواب ثم تأخروا عن مساعدته منهم. قوله: "أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين فضربني رجل بسيفه أو يجيء سهم فيقتلني قال يبوء بإثمه وإثمك ويكون من أصحاب النار" معنى يبوء به يلزمه ويرجع ويحتمله، أي يبوء الذي أكرهك بإثمه في إكراهك وفي دخوله في الفتنة وبإثمك في قتلك غيره ويكون من أصحاب النار أي مستحقاً لها، وفي هذا الحديث رفع الإثم عن المكره على الحضور هناك، وأما القتل فلا يباح بالإكراه بل يأثم المكره على المأمور به بالإجماع، وقد نقل القاضي وغيره فيه الإجماع، قال أصحابنا: وكذا الإكراه على الزنا لا يرفع الإثم فيه هذا إذا أكرهت المرأة حتى مكنت من نفسها، فأما إذا ربطت ولم يمكنها مدافعته فلا إثم والله أعلم. قوله صلى الله عليه وسلم: "إن المقتول في النار لأنه أراد قتل صاحبه" فيه دلالة للمذهب الصحيح الذي عليه الجمهور أن من نوى المعصية وأصر على النية يكون آثماً وإن لم يفعلها ولا تكلم وقد سبقت المسألة واضحة في كتاب الإيمان. قوله صلى الله عليه وسلم: "فهما على جرف جهنم" هكذا هو في معظم النسخ جرف بالجيم وضم الراء وإسكانها، وفي بعضها حرف بالحاء وهما متقاربتان ومعناه على طرفها قريب من السقوط فيها. قوله: (حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا غندر عن شعبة ح حدثنا ابن مثنى وابن بشار عن غندر عن شعبة عن منصور وبإسناده مرفوعاً) هذا الحديث مما استدركه الدارقطني وقال: لم يرفعه الثوري عن منصور، وهذا الاستدراك غير مقبول فإن شعبة إمام حافظ فزيادته الرفع مقبولة كما سبق بيانه مرات. قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان" هذا من المعجزات وقد جرى هذا في العصر الأول.
*2* باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض
*حدّثنا أَبُو الرّبِيعِ الْعَتَكِيّ وَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. كِلاَهُمَا عَنْ حَمّادِ بْنِ زَيْدٍ (وَاللّفْظُ لِقُتَيْبَةَ). حَدّثَنَا حَمّادٌ عَنْ أَيّوبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنّ اللّهَ زَوَىَ لِي الأَرْضَ. فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا. وَإِنّ مُلْكُ أُمّتِي سَيَبْلُغُ مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا. وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ. وَإِنّي سَأَلْتُ رَبّي لأِمّتِي أَنْ لاَ يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامّةٍ. وَأَنْ لاَ يُسَلّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوّا مِنْ سِوَىَ أَنْفُسِهِمْ. فيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ. وَإِنّ رَبّي قَالَ: يَا مُحَمّدُ إِنّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنّهُ لاَ يُرَدّ. وَإِنّي أَعْطَيْتُكَ لأِمّتِكَ أَنْ لاَ أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامّةٍ. وَأَنْ لاَ أُسَلّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوّاً مِنْ سِوَىَ أَنْفُسِهِمْ. يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ. وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا أَوْ قَالَ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا حَتّىَ يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضاً، وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضاً".
وحدّثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى وَ ابْنُ بَشّارٍ (قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الاَخَرُونَ: حَدّثَنَا) مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاء الرّحَبِيّ، عَنْ ثَوْبَانَ أَنّ نَبِيّ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "إِنّ اللّهَ تَعَالَىَ زَوَىَ لِيَ الأَرْضَ. حَتّىَ رَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا. وَأَعْطَانِي الْكَنْزَيْنِ الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ" ثُمّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ أَيّوبَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ.
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. ح وَحَدّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ (وَاللّفْظُ لَهُ). حَدّثَنَا أَبِي. حَدّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ. أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ الْعَالِيَةِ. حَتّى إِذَا مَرّ بِمَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ، دَخَلَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ. وَصَلّيْنَا مَعَهُ. وَدَعَا رَبّهُ طَوِيلاً. ثُمّ انْصَرَفَ إِلَيْنَا. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "سَأَلْتُ رَبّي ثَلاَثاً. فَأَعْطَانِي ثِنْتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً. سَأَلْتُ رَبّي أَنْ لاَ يُهْلِكَ أُمّتِي بِالسّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا. وَسَأَلْتُهُ أَنْ لاَ يُهْلِكَ أُمّتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا. وَسَأَلْتُهُ أَنْ لاَ يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا".
وحدّثناه ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. حَدّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ الأَنْصَارِيّ. أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنّهُ أَقْبَلَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. فَمَرّ بِمَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ. بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض" أما زوى فمعناه جمع، وهذا الحديث فيه معجزات ظاهرة وقد وقعت كلها بحمد الله كما أخبر به صلى الله عليه وسلم، قال العلماء: المراد بالكنزين الذهب والفضة، والمراد كنزي كسرى وقيصر ملكي العراق والشام فيه إشارة إلى أن ملك هذه الأمة يكون معظم امتداده في جهتي المشرق والمغرب وهكذا وقع، وأما في جهتي الجنوب والشمال فقليل بالنسبة إلى المشرق والمغرب وصلوات الله وسلامه على رسوله الصادق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. قوله صلى الله عليه وسلم: "فيستبيح بيضتهم" أي جماعتهم وأصلهم والبيضة أيضاً العز والملك. قوله: (سبحانه وتعالى وإني قد أعطيت لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة) أي لا أهلكهم بقحط يعمهم بل إن وقع قحط فيكون في ناحية يسيرة بالنسبة إلى باقي بلاد الإسلام فللّه الحمد والشكر على جميع نعمه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين إلى آخره" هذا أيضاً من المعجزات الظاهرة.
*2* باب إخبار النبيّ صلى الله عليه وسلم فيما يكون إلى قيام الساعة
*حدّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَىَ التّجِيبيّ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنّ أَبَا إِدْرِيسَ الخَوْلاَنِيّ كَانَ يَقُولُ: قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: وَاللّهِ إِنّي لأَعْلَمُ النّاسِ بِكُلّ فِتْنَةٍ هِيَ كَائِنَةٌ، فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ السّاعَةِ. وَمَا بِي إِلاّ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أَسَرّ إِلَيّ فِي ذَلِكَ شَيْئاً، لَمْ يُحَدّثْهُ غَيْرِي. وَلَكِنْ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ، وَهُوَ يُحَدّثُ مَجْلِساً أَنَا فِيهِ عَنِ الْفِتَنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يَعُدّ الْفِتَنَ: "مِنْهُنّ ثَلاَثٌ لاَ يَكَدْنَ يَذَرْنَ شَيْئاً. وَمِنْهُنّ فِتَنٌ كَرِيَاحِ الصّيْفِ. مِنْهَا صِغَارٌ وَمِنْهَا كِبَارٌ".
قَالَ حُذَيْفَةُ: فَذَهَبَ أُولَئِكَ الرّهْطُ كُلّهُمْ غَيْرِي.
وحدّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شيْبَةَ وَ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (قَالَ عُثْمَانُ: حَدّثَنَا وَقَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا) جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مَقَاماً. مَا تَرَكَ شَيْئاً يَكُونُ فِي مقَامِهِ ذَلِكَ إِلَىَ قِيَامِ السّاعَةِ. إِلاّ حَدّثَ بِهِ. حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ. قَدْ عَلِمَهُ أَصْحَابِي هَولاَءِ. وَإِنّهُ لَيَكُونُ مِنْهُ الشّيْءُ قَدْ نَسِيتُهُ فَأَرَاهُ فَأَذْكُرُهُ. كَمَا يَذْكُرُ الرّجُلُ وَجْهَ الرّجُلِ إِذَا غَابَ عَنْهُ. ثُمّ إِذَا رَآهُ عَرَفَهُ.
وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ بِهَذَا الإِسْنَادِ، إِلَى قوله: وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ.
وحدّثنا مُحَمّدُ بْنُ بَشّارٍ. حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ. ح وَحَدّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ. حَدّثَنَا غُنْدَرٌ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيّ بْنِ ثَابتٍ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ حُذَيْفَةَ أَنّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَىَ أَنْ تَقُومَ السّاعَةُ. فَمَا مِنْهُ شَيْءٌ إِلاّ قَدْ سَأَلْتُهُ. إِلاّ أَنّي لَمْ أَسْأَلْهُ: مَا يُخْرِجُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِنَ الْمَدِينَةِ؟.
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ المُثَنّى. حَدّثَنِي وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
وحدّثني يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدّوْرَقِيّ وَ حَجّاجُ بْنُ الشّاعِرِ. جَمِيعاً عَنْ أَبِي عَاصِمٍ. قَالَ حَجّاجٌ: حَدّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ. أَخْبَرَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ. أَخْبَرَنَا عِلْبَاء بْنُ أَحْمَرَ. حَدّثَنِي أَبُو زَيْدٍ (يَعْنِي عَمْرو بْنَ أَخْطَبَ) قَالَ: صَلّىَ بِنَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم الْفَجْرَ. وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتّىَ حَضَرَتِ الظّهْرُ. فَنَزَلَ فَصَلّىَ. ثُمّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ. فَخَطَبَنَا حَتّىَ حَضَرَتِ الْعَصْرُ. ثُمّ نَزَلَ فَصَلّىَ. ثُمّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ. فَخَطَبَنَا حَتّىَ غَرَبَتِ الشّمْسُ. فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ. فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا.
قوله: (أخبرنا علباء بن أحمر قال حدثني أبو زيد) أما علباء فبعين مهملة مكسورة ثم لام ساكنة ثم باء موحدة ثم ألف ممدودة، وأحمر آخره راء، وأبو زيد هو عمرو بن أخطب بالخاء المعجمة الصحابي المشهور.
*2* باب في الفتنة التي تموج كموج البحر
*حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَ مُحَمّدُ بْنُ الْعَلاَءِ، أَبُو كُرَيْبٍ. جَمِيعاً عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ. قَالَ ابْنُ الْعَلاَءِ: حَدّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. حَدّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كُنّا عِنْدَ عُمَرَ، فَقَالَ: أَيّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفِتْنَةِ كَمَا قَالَ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: أَنَا. قَالَ: إِنّكَ لَجَرِيءٌ. وَكَيْفَ قَالَ؟ قَالَ قُلْتُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: فِتْنَةُ الرّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، يُكَفّرُهَا الصّيامُ وَالصّلاَةُ وَالصّدَقَةُ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ". فَقَالَ عُمَرُ: لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ. إِنّمَا أُرِيدُ الّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ. قَالَ: فَقُلْتُ: مَا لَكَ وَلَهَا؟ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَاباً مُغْلَقاً. قَالَ: أَفَيُكْسَرُ الْبَابُ أَمْ يُفْتَحُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لاَ. بَلْ يُكْسَرُ. قَالَ: ذَلِكَ أَحْرَىَ أَنْ لاَ يُغْلَقَ أَبَداً.
قَالَ: فَقُلْنَا لِحُذَيْفَةَ: هَلْ كَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ مَنِ الْبَابُ؟ قَالَ: نَعَمْ. كَمَا يَعْلَمُ أَنّ دُونَ غَدٍ اللّيْلَةَ. إِنّي حَدّثْتُهُ حَدِيثاً لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ.
قَالَ: فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ: مَنِ الْبَابُ؟ فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ: سَلْهُ. فَسَأَلَهُ: فَقَالَ: عُمَرُ.
وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجّ. قَالاَ: حَدّثَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا جَرِيرٌ. ح وَحَدّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. ح وَحَدّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَىَ. كُلّهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ. وَفِي حَدِيثِ عِيسَىَ عَنِ الأَعْمَشِ عنِ شَقِيقٍ قَالَ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ.
وحدّثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ وَ الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: مَنْ يُحَدّثُنَا عَنِ الْفِتْنَةِ؟ وَاقْتَصّ الحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.
وحدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّىَ وَ مُحَمّدُ بْنُ حَاتِمٍ. قَالاَ: حَدّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ. حَدّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمّدٍ قَالَ: قَالَ جُنْدُبٌ: جِئْتُ يَوْمَ الْجَرَعَةِ. فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ. فَقُلْتُ: لَيُهَرَاقَنّ الْيَوْمَ هَهُنَا دِمَاءٌ. فَقَالَ ذَاكَ الرّجُلُ: كَلاّ. وَاللّهِ قُلْتُ: بَلَىَ. وَاللّهِ قَالَ: كَلاّ. وَاللّهِ قُلْتُ: بَلَىَ. وَاللّهِ قَالَ: كَلاّ. وَاللّهِ إِنّهُ لَحَدِيثُ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم حَدّثَنِيهِ. قُلْتُ: بِئْسَ الْجَلِيسُ لِي أَنْتَ مُنْذُ الْيَوْمِ. تَسْمَعُنِي أُخَالِفُكَ وَقَدْ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَلاَ تَنْهَانِي؟ ثُمّ قُلْتُ: مَا هَذَا الْغَضَبُ؟ فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِ وَأَسْأَلُهُ. فَإِذَا الرّجُلُ حُذَيْفَةُ.
قوله: (عن حذيفة كنا عند عمر رضي الله عنه وذكر حديث الفتنة) وقد سبق شرحه في أواخر كتاب الإيمان.
قوله: (قال جندب جئت يوم الجرعة فإذا رجل جالس) الجرعة بفتح الجيم وبفتح الراء وإسكانها والفتح أشهر وأجود، وهي موضع بقرب الكوفة على طريق الحيرة، ويوم الجرعة يوم خرج فيه أهل الكوفة يتلقون والياً ولاه عليهم عثمان فردوه وسألوا عثمان أن يولي عليهم أبا موسى الأشعري فولاه. قوله: (بئس الجلوس لي أنت منذ اليوم تسمعني أخالفك) وقع في جميع نسخ بلادنا المعتمدة أخالفك بالخاء المعجمة، وقال القاضي: رواية شيوخنا كافة بالحاء المهملة من الحلف الذي هو اليمين، قال: ورواه بعضهم بالمعجمة وكلاهما صحيح، قال: لكن المهملة أظهر لتكرر الإيمان بينهما.
*2* باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب
*حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرّحْمَنِ الْقَارِيّ) عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لاَ تَقُومُ السّاعَةُ حَتّىَ يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ. يَقْتَتِلُ النّاسُ عَلَيْهِ. فَيُقْتَلُ، مِنْ كُلّ مِائَةٍ، تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَيَقُولُ كُلّ رَجُلٍ مِنْهُمْ: لَعَلّي أَكُونُ أَنَا الّذِي أَنْجُو".
وحدّثني أُمَيّةُ بْنُ بِسْطَامَ. حَدّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ. حَدّثَنَا رَوْحٌ عَنْ سُهَيْلٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ. وَزَادَ: فَقَالَ أَبِي: إِنْ رَأَيْتَهُ فَلاَ تَقْرَبَنّهُ.
حدّثنا أَبُو مَسْعُودٍ، سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ. حَدّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ السّكُونِيّ، عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ. فَمَنْ حَضَرَهُ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئاً".
حدّثنا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ. حَدّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ، عَنْ أَبِي الزّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ. فَمَنْ حَضَرَهُ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئاً".
حدّثنا أَبُو كَامِلٍ، فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ وَ أَبُو مَعْنٍ الرّقَاشِيّ (وَاللّفْظُ لأَبِي مَعْنٍ). قَالاَ: حَدّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ. حَدّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ. أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ: قَالَ: كُنْتُ وَاقِفاً مَعَ أُبَيّ بْنِ كَعْبٍ. فَقَالَ: لاَ يَزَالُ النّاسُ مُخْتَلِفَةً أَعْنَاقُهُمْ فِي طَلَبِ الدّنْيَا. قُلْتُ: أَجَلْ. قَالَ: إِنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ. فَإِذَا سَمِعَ بِهِ النّاسُ سَارُوا إِلَيْهِ. فَيَقُولُ مَنْ عِنْدَهُ: لَئِنْ تَرَكْنَا النّاسَ يَأْخُذُونَ مِنْهُ لَيُذْهَبَنّ بِهِ كُلّهِ. قَالَ: فَيَقْتَتِلُونَ عَلَيْهِ. فَيُقْتَلُ، مِنْ كُلّ مِائَةٍ، تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ".
قَالَ أَبُو كَامِلٍ في حَدِيثِهِ: قَالَ وَقَفْتُ أَنَا وَأُبِيّ بْنُ كَعْبٍ فِي ظِلّ أُجُمِ حَسّانَ.
حدّثنا عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ وَ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَهِيمَ(وَاللّفْظُ لِعُبَيْدٍ). قَالاَ: حَدّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ، مَوْلَىَ خَالِدِ بْنِ خَالِدٍ. حَدّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنَعَتِ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا.. وَمَنَعَتِ الشّأْمُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا. وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبّهَا وَدِينَارَهَا. وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ. وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ. وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ" شَهِدَ عَلَىَ ذَلِكَ لَحْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَدَمُهُ.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب" هو بفتح الياء المثناة تحت وكسر السين أي ينكشف لذهاب مائه. قوله: (في ظل أجم حسان) هو بضم الهمزة والجيم وهو الحصن وجمعه آجام كأطم وآطام في الوزن والمعنى.
قوله: (لا يزال الناس مختلفة أعناقهم في طلب الدنيا) قال العلماء: المراد بالأعناق هنا الرؤيا والكبراء وقيل الجماعات، قال القاضي: وقد يكون المراد بالأعناق نفسها وعبر بها عن أصحابها لا سيما وهي التي بها التطلع والتشوف للأشياء.
قوله صلى الله عليه وسلم: "منعت العراق درهمها وقفيزها، ومنعت الشام مديها ودينارها، ومنعت مصر أردبها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم" أما القفيز فمكيال معروف لأهل العراق قال الأزهري: هو ثمانية مكاكيك والمكوك صاع ونصف وهو خمس كيلجات. وأما المدي فبضم الميم على وزن قفل وهو مكيال معروف لأهل مصر قال الأزهري وآخرون يسع أربعة وعشرين صاعاً. وفي معنى منعت العراق وغيرها قولان مشهوران: أحدهما لإسلامهم فتسقط عنهم الجزية وهذا قد وجد. والثاني وهو الأشهر أن معناه أن العجم والروم يستولون على البلاد في آخر الزمان فيمنعون حصول ذلك للمسلمين، وقد روى مسلم هذا بعد هذا بورقات عن جابر قال: يوشك أن لا يجيء إليهم قفيز ولا درهم، قلنا: من أين ذلك؟ قال: من قبل العجم يمنعون ذاك، وذكر في منع الروم ذلك بالشام مثله، وهذا قد وجد في زماننا في العراق وهو الاَن موجود، وقيل لأنهم يرتدون في آخر الزمان فيمنعون ما لزمهم من الزكاة وغيرها، وقيل معناه أن الكفار الذين عليهم الجزية تقوى شوكتهم في آخر الزمان فيمتنعون مما كانوا يؤدونه من الجزية والخراج وغير ذلك. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "وعدتم من حيث بدأتم" فهو بمعنى الحديث الاَخر: "بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ" وقد سبق شرحه في كتاب الإيمان.
*2* باب في فتح قسطنطينية، وخروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم
*حدّثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدّثَنَا مُعَلّى بْنُ مَنْصُورٍ. حَدّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ. حَدّثَنَا سُهَيْلٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لاَ تَقُومُ السّاعَةُ حَتّىَ يَنْزِلَ الرّومُ بِالأَعْمَاقِ، أَوْ بِدَابِقَ. فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ. مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ. فَإِذَا تَصَافّوا قَالَتِ الرّومُ: خَلّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الّذِينَ سُبُوْا مِنّا نُقَاتِلْهُمْ. فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: لاَ. وَاللّهِ لاَ نُخَلّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا، فَيُقَاتِلُونَهُمْ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لاَ يَتُوبُ اللّهِ عَلَيْهِمْ أَبَداً. وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ، أَفْضَلُ الشّهَدَاءِ عِنْدَ اللّهِ. وَيَفْتَتِحُ الثّلُثُ. لاَ يُفْتَنُونَ أَبَداً. فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطُنْطِينيّةَ. فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ، قَدْ عَلّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزّيْتُونِ، إِذْ صَاحَ فِيهِمُ الشّيْطَانُ: إِنّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ. فَيَخْرُجُونَ. وَذَلِكَ بَاطِلٌ. فَإِذَا جَاؤُا الشّأْمَ خَرَجَ. فَبَيْنَمَا هُمْ يَعِدّونَ لِلْقِتَالِ، يُسَوّونَ الصّفُوفَ، إِذْ أُقِيمَتِ الصّلاَةُ فَيَنْزِلُ عِيسَىَ ابْنُ مَرْيَمَ (صلى الله عليه وسلم). فَأَمّهُمْ. فَإِذَا رَآهُ عَدُوّ اللّهِ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ. فَلَوْ تَرَكَهُ لاَنْذَابَ حَتّىَ يَهْلِكَ. وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللّهُ بِيَدِهِ. فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ".
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق أو بدابق" الأعماق بفتح الهمزة وبالعين المهملة، ودابق بكسر الباء الموحدة وفتحها والكسر هو الصحيح المشهور ولم يذكر الجمهور غيره، وحكى القاضي في المشارق الفتح ولم يذكر غيره وهو اسم موضع معروف، قال الجوهري: الأغلب عليه التذكير والصرف لأنه في الأصل اسم نهر، قال: وقد يؤنث ولا يصرف والأعماق ودابق موضعان بالشام بقرب حلب. قوله: (قالت الروم خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا) روى سبوا على وجهين: فتح السين وضمهما، قال القاضي في المشارق: الضم رواية الأكثرين، قال: وهو الصواب، قلت: كلاهما صواب لأنهم سبوا أولاً ثم سبوا الكفار وهذا موجود في زماننا، بل معظم عساكر الإسلام في بلاد الشام ومصر سبوا، ثم هم اليوم بحمد الله يسبون الكفار، وقد سبوهم في زماننا مراراً كثيرة يسبون في المرة الواحدة من الكفار ألوفاً ولله الحمد على إظهار الإسلام وإعزازه. قوله صلى الله عليه وسلم: "فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم" أي لا يلهمهم التوبة. قوله صلى الله عليه وسلم: "فيفتتحون قسطنطينية" هي بضم القاف وإسكان السين وضم الطاء الأولى وكسر الثانية وبعدها ياء ساكنة ثم نون هكذا ضبطناه وهو المشهور، ونقله القاضي في المشارق عن المتقين والأكثرين وعن بعضهم زيادة ياء مشددة بعد النون وهي مدينة مشهورة من أعظم مدائن الروم.
*2* باب تقوم الساعة والروم أكثر الناس
*حدّثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللّيْثِ. حَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي اللّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. حَدّثَنِي مُوسَى بْنُ عُلَيّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ ا لْمُسْتَوْرِدُ الْقُرَشِيّ، عِنْدَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "تَقُومُ السّاعَةُ وَالرّومُ أَكْثَرُ النّاسِ". فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: أَبْصِرْ مَا تَقُولُ. قَالَ: أَقُولُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ، إِنّ فِيهِمْ لَخِصَالاً أَرْبَعاً: إِنّهُمْ لأَحْلَمُ النّاسِ عِنْدَ فَتْنَةٍ. وَأَسْرَعُهُمْ إِفَاقَةً بَعْدَ مُصِيبَةٍ. وَأَوْشَكُهُمْ كَرّةً بَعْدَ فَرّةٍ. وَخَيْرُهُمْ لِمِسْكِينٍ وَيَتِيمٍ وَضَعِيفٍ. وَخَامِسَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ: وَأَمْنَعُهُمْ مِنْ ظُلْمِ الْمُلُوكِ.
م 1 حدّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التّجِيبِيّ. حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ وَهْبٍ. حَدّثَنِي أَبُو شُرَيْحٍ أَنّ عَبْدَ الْكَرِيمَ بْنَ الحرث حَدّثهُ أَنّ الْمُسْتَوْرِدَ الْقُرَشِيّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ "تَقُومُ السّاعَةُ وَالرّومُ أَكْثَرُ النّاسِ". قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَقَالَ: مَا هَذِهِ الأَحَادِيثُ الّتِي تُذْكَرُ عَنْكَ أَنّكَ تَقُولُهَا عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَوْرِدُ: قُلْتُ الّذِي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَقَالَ عَمْرٌو: لَئِنْ قُلْتَ ذَلكَ، إِنّهُمْ لأَحْلَمُ النّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ. وَأَجْبَرُ النّاسِ عِنْدَ مُصِيبَةٍ، وَخَيْرُ النّاسِ لِمَسَاكِينِهِمْ وَضُعَفَائِهِمْ.
قوله: "حدثني موسى بن علي عن أبيه" هو بضم العين على المشهور وقيل بفتحها وقيل بالفتح اسم له وبالضم لقب وكان يكره الضم. قوله: "حدثني أبو شريح أن عبد الكريم بن الحارث حدثه أن المستور ابن شداد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقوم الساعة والروم أكثر الناس" هذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم وقال عبد الكريم لم يدرك المستورد فالحديث مرسل. قلت: لا استدراك على مسلم في هذا لأنه ذكر الحديث محذوفه في الطريق الأول من رواية علي بن رباح عن أبيه عن المستورد متصلاً، وإنما ذكر الثاني متابعة، وقد سبق أنه يحتمل في المتابعة ما لا يحتمل في الأصول، وسبق أيضاً أن مذهب الشافعي والمحققين أن الحديث المرسل إذا روي من جهة أخرى متصلاً احتج به وكان صحيحاً وتبينا برواية الاتصال صحة رواية الإرسال ويكونان صحيحين بحيث لو عارضهما صحيح جاء من طريق واحد وتعذر الجمع قدمناهما عليه. قوله في هذه الرواية: "وأجبر الناس عند مصيبة" هكذا في معظم الأصول وأجبر بالجيم وكذا نقله القاضي عن رواية الجمهور، وفي رواية بعضهم وأصبر بالصاد، قال القاضي: والأول أولى لمطابقة الرواية الأخرى وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة وهذا بمعنى أجبر، وفي بعض النسخ أخبر بالخاء المعجمة ولعل معناه أخبرهم بعلاجها والخروج منها.
*2* باب إقبال الروم في كثرة القتل عند خروج الدجال
*حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ عَلِيّ بْنُ حُجْرٍ. كِلاَهُمَا عَنِ ابْنِ عُلَيّةَ (وَاللّفْظُ لاِبْنِ حُجْرٍ). حَدّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْعَدَوِيّ، عَنْ يُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: هَاجَتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ بِالْكُوفَةِ. فَجَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ هِجّيرَىَ إِلاّ: يَا عَبْدَ اللّهِ بْنَ مَسْعُودٍ جَاءَتِ السّاعَةُ. قَالَ: فَقَعَدَ وَكَانَ مُتّكِئاً. فَقَالَ: إِنّ السّاعَةَ لاَ تَقُومُ، حَتّىَ لاَ يُقْسَمَ مِيرَاثٌ، وَلاَ يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ. ثُمّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا (وَنَحّاهَا نَحْوَ الشّأْمِ) فَقَالَ: عَدُوّ يَجْمَعُونَ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَهْلُ الإِسْلاَمِ. قُلْتُ: الرّومَ تَعْنِي؟ قَالَ: نَعَمْ. وَتَكُونُ عِنْدَ ذَاكُمُ الْقِتَالِ رَدّةٌ شَدِيدَةٌ. فَيَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لاَ تَرْجِعُ إِلاّ غَالِبَةً. فَيَقْتَتِلُونَ حَتّىَ يَحْجُزَ بَيْنَهُمُ اللّيْلُ. فَيَفِيءُ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ. كُلّ غَيْرُ غَالِبٍ. وَتَفْنَىَ الشّرْطَةُ. ثُمّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ. لاَ تَرْجِعُ إِلاّ غَالِبَةً. فَيَقْتَتِلُونَ. حَتّىَ يَحْجُزَ بَيْنَهُمُ اللّيْلُ. فَيَفِيءُ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ. كُلّ غَيْرُ غَالِبٍ. وَتَفْنَىَ الشّرْطَةُ. ثُمّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ. لاَ تَرْجِعُ إِلاّ غَالِبَةً. فَيَقْتَتِلُونَ حَتّىَ يُمْسُوا. فَيَفِيءُ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ. كُلّ غَيْرُ غَالِبٍ. وَتَفْنَىَ الشّرْطَةُ. فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الرّابِعِ، نَهَدَ إِلَيْهِمْ بَقِيّةُ أَهْلِ الإِسْلاَمِ. فَيَجْعَلُ اللّهُ الدّبْرَةَ عَلَيْهِمْ. فَيَقْتُلُونَ مَقْتَلَةً إِمّا قَالَ لاَ يُرَىَ مِثْلُهَا، وَإِمّا قَالَ: لَمْ يُرَ مِثْلُهَا حَتّىَ إِنّ الطّائِرَ لَيَمُرّ بِجَنَبَاتِهِمْ، فَمَا يُخَلّفُهُمْ حَتّىَ يَخِرّ مَيْتاً، فَيَتَعَادّ بَنُو الأَبِ. كَانُوا مِائَةً. فَلاَ يَجِدُونَهُ بَقِيَ مِنْهُمْ إِلاّ الرّجُلُ الْوَاحِدُ. فَبِأَيّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ؟ أَوْ أَيّ مِيرَاثٍ يُقَاسَمُ؟ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعُوا بِبَأْسٍ، هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَجَاءَهُمُ الصّرِيخُ إِنّ الدّجّالَ قَدْ خَلَفَهُمْ فِي ذَرَارِيّهِمْ. فَيَرْفِضُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ. وَيُقْبِلُونَ. فَيَبْعَثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً. قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنّي لأَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ، وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ، وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ. هُمْ خَيْرُ فَوَارِسَ عَلَىَ ظَهْرِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ. أَوْ مِنْ خَيْرِ فَوَارِسَ عَلَىَ ظَهْرِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ".
قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي رِوَايَتِهِ: عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ.
وحدّثني مُحَمّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْغُبَرِيّ. حَدّثَنَا حَمّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ يُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ فَهَبّتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ. وَحَدِيثُ ابْنِ عُلَيّةَ أَتَمّ وَأَشْبَعُ.
وحدّثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرّوخَ. حَدّثَنَا سُلَيْمَانُ (يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ). حَدّثَنَا حُمَيْدٌ (يَعْنِي ابْنَ هِلاَلٍ) عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: كُنْتُ فِي بَيْتِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. وَالْبَيْتُ مَلاَنُ. قَالَ: فَهَاجَتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ بِالْكُوفَةِ. فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيّةَ.
قوله: (عن يسير بن عمرو) هو بضم الياء وفتح السين المهملة، وفي رواية شيبان بن فروخ عن أسير بهمزة مضمومة وهما قولان مشهوران في اسمه. قوله: "فجاء رجل ليس له هجيري إلا يا عبد الله بن مسعود" هو بكسر الهاء والجيم والمشددة مقصور الألف أي شأنه ودأبه ذلك والهجيري بمعنى الهجير. قوله: (فيشترط المسلمون شرطة للموت) الشرطة بضم الشين طائفة من الجيش تقدم للقتال. وأما قوله فيشترط فضبطوه بوجهين: أحدهما فيشترط بمثناة تحت ثم شين ساكنة ثم مثناة فوق. والثاني فيشترط بمثناة تحت ثم مثناة فوق ثم شين مفتوحة وتشديد الراء. قوله: (فيفيء هؤلاء وهؤلاء) أي يرجع. قوله: (نهد إليهم بقية أهل الإسلام) هو بفتح النون والهاء أي نهض وتقدم. قوله: (فيجعل الله الديرة عليهم) بفتح الدال والياء أي الهزيمة، ورواه بعض رواة مسلم الدائرة بالألف وبعدها همزة وهو بمعنى الديرة، وقال الأزهري: الدائرة هم الدولة تدور على الأعداء وقيل هي الحادثة. قوله: "حتى أن الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم حتى يخر ميتاً" جنباتهم بجيم ثم نون مفتوحتين ثم ياء موحدة أي نواحيهم، وحكى القاضي عن بعض رواتهم بجثمانهم بضم الجيم وإسكان وإسكان المثلثة أي شخوصهم، وقوله: فما يخلفهم هو بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام المشددة أي يجاوزهم، وحكى القاضي عن بعض رواتهم فما يلحقهم أي يلحق آخرهم. وقوله: (إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك) هكذا هو في نسخ بلادنا ببأس هو أكبر بباء موحدة في بأس وفي أكبر، وكذا حكاه القاضي عن محققي رواتهم وعن بعضهم بناس بالنون أكثر بالمثلثة قالوا والصواب الأول، ويؤيده رواية أبي داود سمعوا بأمر أكبر من ذلك.
*2* باب ما يكون من فتوحات المسلمين قبل الدجال
*حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْن عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: كُنّا مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ. قَالَ: فَأَتَى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ. عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الصّوفِ. فَوَافَقُوهُ عِنْدَ أَكَمَةٍ. فَإِنّهُمْ لَقِيَامٌ وَرَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ، قَالَ: فَقَالَتْ لِي نَفْسِي: ائْتِهِمْ فَقُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ. لاَ يَغْتَالُونَهُ. قَالَ: ثُمّ قُلْتُ: لَعَلّهُ نَجِيّ مَعَهُمْ. فَأَتَيْتُهُمْ فَقُمْتُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ. قَالَ: فَحَفِظْتُ مِنْهُ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ. أَعُدّهُنّ فِي يَدِي. قَالَ: "تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ، فَيَفْتَحُهَا اللّهُ. ثُمّ فَارِسَ، فَيَفْتَحُهَا اللّهُ. ثُمّ تَغْزُونَ الرّومَ، فَيَفْتَحُهَا اللّهُ. وتَغْزُونَ الدّجّالَ، فَيَفْتَحُهُ اللّهُ".
قَالَ: فَقَالَ نَافِعٌ: يَا جَابِرُ لاَ نُرَىَ الدّجّالَ يَخْرُجُ حَتّىَ تُفْتَحَ الرّومُ.
قوله: (لا يغتالونه) أي يقتلونه غيلة وهي القتل في غفلة وخفاء وخديعة. قوله: "لعله نجي معهم" أي يناجيهم ومعناه يحدثهم. قوله: "فحفظت منه أربع كلمات" هذا الحديث فيه معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسبق بيان حزيرة العرب.
*2* باب في الاَيات التي تكون قبل الساعة
*حدّثنا أَبُو خَيْثَمَةَ، زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكّيّ وَاللّفْظُ لِزُهَيْرٍ (قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الاَخَرَانِ: حَدّثَنَا) سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ فُرَاتٍ الْقَزّازِ، عَنْ ابْن الطّفَيْلِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيّ قَالَ: اطّلَعَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ. فَقَالَ: "مَا تَذَاكَرُونَ؟" قَالُوا: نَذْكُرُ السّاعَةَ. قَالَ: "إِنّهَا لَنْ تَقُومَ حَتّىَ تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ". فَذَكَرَ الدّخَانَ، وَالدّجّالَ، وَالدّابّةَ، وَطُلُوعَ الشّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَىَ ابْنِ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم. وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ. وَثَلاَثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ. وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ، تَطْرُدُ النّاسَ إِلَىَ مَحْشَرِهِمْ.
حدّثنا عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيّ. حَدّثَنَا أَبِي. حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ فُرَاتٍ الْقَزّازِ، عَنْ أَبِي الطّفَيْلِ، عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ عن حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ. قَالَ: كَانَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي غُرْفَةٍ وَنَحْنُ أَسْفَلَ مِنْهُ. فَاطّلَعَ إِلَيْنَا فَقَالَ: "مَا تَذْكُرُونَ؟" قُلْنَا: السّاعَةَ. قَالَ: "إِنّ السّاعَةَ لاَ تَكُونُ حَتّىَ تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَالدّخَانُ، وَالدّجّالُ، وَدَابّةُ الأَرْضِ، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ، وَطُلُوعُ الشّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قُعْرِ عَدَنٍ تَرْحَلُ النّاسَ".
قَالَ شُعْبَةُ: وَحَدّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ عَنْ أَبِي الطّفَيْلِ، عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ، مِثْلَ ذَلِكَ. لاَ يَذْكُرُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ أَحَدُهُمَا، فِي الْعَاشِرَةِ: نُزُولُ عِيسَىَ ابْنِ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ الاَخَرُ: وَرِيحٌ تُلْقِي النّاسَ فِي الْبَحْرِ.
وحدّثناه مُحَمّدُ بْنُ بَشّارٍ. حَدّثَنَا مُحَمّدٌ (يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ). حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ فُرَاتٍ. قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الطّفَيْلِ يُحَدّثُ عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غُرْفَةٍ. وَنَحْنُ تَحْتَهَا نَتَحَدّثُ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ. بِمِثْلِهِ.
قَالَ شُعْبَةُ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: تَنْزِلُ مَعَهُمْ إِذَا نَزَلُوا. وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيثُ قَالُوا.
قَالَ شُعْبَةُ: وَحَدّثَنِي رَجُلٌ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ أَبِي الطّفَيْلِ، عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ. وَلَمْ يَرْفَعْهُ. قَالَ: أَحَدُ هَذَيْنِ الرّجُلَيْنِ: نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ. وَقَالَ الاَخَرُ: ريحٌ تُلْقِيهِمْ في الْبَحْرِ.
وحدّثناه مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى. حَدّثَنَا أَبُو النّعْمَانِ، الحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ العِجْلِيّ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ فُرَاتٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الطّفَيْلِ يُحَدّثُ عَنْ أَبِي سَرِيحَة قَالَ: كُنّا نَتَحَدّثُ. فَأَشْرَفَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. بِنَحْوِ حَدِيثِ مُعَاذٍ وَابْنِ جَعْفَرٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنّى: حَدّثَنَا أَبُو النّعْمَانِ، الحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أَبِي الطّفَيْلِ، عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ. بِنَحْوِهِ. قَالَ: وَالعَاشِرَةُ نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ.
قَالَ شُعْبَةُ: وَلَمْ يَرْفَعْهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ.
قوله: (عن حذيفة بن أسيد) هو بفتح الهمزة وكسر السين. قوله: "عن ابن عيينة عن فرات عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد" هذا الإسناد مما استدركه الدارقطني وقال: ولم يرفعه غير فرات عن أبي الطفيل من وجه صحيح، قال: ورواه عبد العزيز بن رفيع وعبد الملك بن ميسرة موقوفاً هذا كلام الدارقطني، وقد ذكر مسلم رواية ابن رفيع موقوفة كما قال، ولا يقدح هذا في الحديث فإن عبد العزيز بن رفيع ثقة حافظ متفق على توثيقه فزيادته مقبولة. قوله صلى الله عليه وسلم في أشراط الساعة: "لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات فذكر الدخان والدجال" هذا الحديث يؤيد قول من قال إن الدخان دخان يأخذ بأنفاس الكفار ويأخذ المؤمن منه كهيئة الزكام وأنه لم يأت بعد وإنما يكون قريباً من قيام الساعة، وقد سبق في كتاب بدء الخلق قول من قال هذا وإنكار ابن مسعود عليه وأنه قال: إنما هو عبارة عما نال قريشاً من القحط حتى كانوا يرون بينهم وبين السماء كهيئة الدخان، وقد وافق ابن مسعود جماعة وقال بالقول الاَخر حذيفة وابن عمر والحسن ورواه حذيفة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم وأنه يمكث في الأرض أربعين يوماً، ويحتمل أنهما دخانان للجمع بين هذه الاَثار، وأما الدابة المذكورة في هذا الحديث فهي المذكورة في قوله تعالى: {وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض} قال المفسرون: هي دابة عظيمة تخرج من صدع في الصفا، وعن ابن عمرو بن العاص أنها الجساسة المذكورة في حديث الدجال. قوله صلى الله عليه وسلم: "وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم" وفي رواية: "نار تخرج من قعرة عدن" هكذا هو في الأصول قعرة بالهاء والقاف مضمومة ومعناه من أقصى قعر أرض عدن وعدن مدينة معروفة مشهورة باليمن، قال الماوردي: سميت عدناً من العدون وهي الإقامة لأن تبعاً كان يحبس فيها أصحاب الجرائم، وهذه النار الخارجة من قعر عدن واليمن هي الحاشرة للناس كما صرح به في الحديث. أما قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي بعده: "لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصري" فقد جعلها القاضي عياض حاشرة قال: ولعلهما ناران يجتمعان لحشر الناس، قال: أو يكون ابتداء خروجها من اليمن ويكون ظهورها وكثرة قوتها بالحجاز، هذا كلام القاضي، وليس في الحديث أن نار الحجاز متعلقة بالحشر بل هي آية من أشراط الساعة مستقلة، وقد خرجت في زماننا نار بالمدينة سنة أربع وخمسين وستمائة وكانت ناراً عظيمة جداً من جنب المدينة الشرقي وراء الحرة تواتر العلم بها عند جميع الشام وسائر البلدان وأخبرني من حضرها من أهل المدينة. قوله: "عن أبي سريحة" هو بفتح السين المهملة وكسر الراء وبالحاء المهملة. قوله صلى الله عليه وسلم: "ترحل الناس" هو بفتح التاء وإسكان الراء وفتح الحاء المهملة المخففة هكذا ضبطناه وهكذا ضبطه الجمهور، وكذا نقل القاضي عن روايتهم، ومعناه تأخذهم بالرحيل وتزعجهم ويجعلون يرحلون قدامها وقد سبق شرح رحلها الناس وحشرها إياهم.
*2* باب لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز
*حدّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَىَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي ابْنُ المُسَيّبِ أَنّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ. ح وَحَدّثَنِي عَبْدُ المَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللّيْثِ. حَدّثَنَا أَبِي عَنْ جَدّي. حَدّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنّهُ قَالَ: قَالَ ابْنُ المُسَيّبِ: أَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لاَ تَقُومُ السّاعَةُ حَتّىَ تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، تُضِيءُ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَىَ".
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى" هكذا الرواية تضيء أعناق وهو مفعول تضيء، يقال أضاءت النار وأضاءت غيرها، وبصرى بضم الباء مدينة معروفة بالشام وهي مدينة حوران بينها وبين دمشق نحو ثلاث مراحل.
*2* باب في سكنى المدينة وعمارتها قبل الساعة
*حدّثني عَمْرٌو النّاقِدُ. حَدّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ. حَدّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَبْلُغُ الْمَسَاكِنُ إِهَابَ أَوْ يَهَابَ".
قَالَ زُهَيْرٌ: قُلْتُ لِسُهَيْلٍ: فَكَمْ ذَلِكَ مِنَ الْمَدِينَةِ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا مِيلاً.
حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرّحْمَنِ) عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَيْسَتِ السّنَةُ بِأَنْ لاَ تُمْطَرُوا. وَلَكِنِ السّنَةُ أَنْ تُمْطَرُوا وَتُمْطَرُوا، وَلاَ تُنْبِتُ الأَرْضُ شَيْئاً".
قوله صلى الله عليه وسلم: "تبلغ المساكن إهاب أو يهاب" أما إهاب فبكسر الهمزة، وأما يهاب فبياء مثناة تحت مفتوحة ومكسورة، ولم يذكر القاضي في شرح والمشارق إلا الكسر، وحكى القاضي عن بعضهم نهاب بالنون والمشهور الأول، وقد ذكر في الكتاب أنه موضع بقرب المدينة على أميال منها.
*2* باب الفتنة من المشرق من حيث يطلع قرنا الشيطان
*حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدّثَنَا لَيْثٌ. ح وَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ رُمْحٍ. أَخْبَرَنَا اللّيْثُ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْمَشْرِقِ يَقُولُ: "أَلاَ إِنّ الْفِتْنَةَ هَهُنَا. أَلاَ إِنّ الْفِتْنَةَ هَهُنَا، مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشّيْطَانِ".
وحدّثني عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ القَوَارِيريّ وَ مُحَمّدُ بْنُ المُثَنّىَ. ح وَحَدّثَنَا عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ سَعِيدٍ. كُلّهُمْ عَنْ يَحْيَىَ القَطّانِ. قَالَ القَوَارِيرِيّ: حَدّثَنِي يَحْيَىَ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ ابْنِ عُمَرَ. حَدّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ عِنْدَ بَابِ حَفْصَةَ، فَقَالَ بِيَدِهِ، نَحْوَ الْمَشْرِقِ: "الْفِتْنَةُ هَهُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشّيْطَانِ" قَالَهَا مَرّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً.
وَقَالَ عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ سَعِيدٍ فِي رِوَايَتِهِ: قَامَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ بَابِ عَائِشَةَ.
وحدّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَىَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، عَنْ أَبِيهِ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ، وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْمَشْرِقِ: "هَا إِنّ الْفِتْنَةَ هَهُنَا. هَا إِنّ الْفِتْنَةَ هَهُنَا. هَا إِنّ الْفِتْنَةَ هَهُنَا. مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشّيْطَانِ".
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمّارٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْتِ عَائِشَةَ فَقَالَ: رَأْسُ الْكُفْرِ مِنْ هَهُنَا، مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشّيْطَانِ". يَعْنِي الْمَشْرِقَ.
وحدّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ. حَدّثَنَا إِسْحَقُ (يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ). أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ قَالَ: سَمِعْتُ سَالِماً يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، يُشِيرُ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَيَقُولُ: "هَا إِنّ الفِتْنَةَ هَهُنَا. هَا إِنّ الْفِتْنَةَ هَهُنَا" ثَلاَثاً "حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشّيْطَانِ".
حدّثنا عَبْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ وَ وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَىَ وَ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الوَكِيعِيّ (وَاللّفْظُ لابْنِ أَبَانَ). قَالُوا: حَدّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ: يَا أَهْلَ العِرَاقِ مَا أَسْأَلَكُمْ عَنِ الصّغِيرَةِ، وَأَرْكَبَكُمْ للكَبِيرَةِ سَمِعْتُ أَبِي، عَبْدَ اللّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنّ الفِتْنَةَ تَجِيءُ مِنْ هَهُنَا" وَأَومَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ المَشْرِقِ "مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشّيْطَانِ" وَأَنْتُمْ يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ. وَإِنّمَا قَتَلَ مُوسَىَ الّذِي قَتَلَ، مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ خَطَأً، فَقَالَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ لَهُ: {وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجّيْنَاكَ مِنَ الْغَمّ وَفَتَنّاكَ فُتُوناً} (طه الاَية: ).
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ سَالِمٍ: لَمْ يَقُلْ: سَمِعْتُ.
قوله صلى الله عليه وسلم: قوله: "ألا إن الفتنة ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان" هذا الحديث سبق شرحه في كتاب الإيمان. قوله صلى الله عليه وسلم: "ليست السنة أن لا تمطروا" والمراد بالسنة هنا القحط، ومنه قوله تعالى: {ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين}.
*2* باب لا تقوم الساعة حتى تعبد دوس ذا الخلصة
*حدّثني مُحَمّدُ بْنُ رَافِعٍ وَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ (قَالَ عَبْدٌ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَدّثَنَا) عَبْدُ الرّزّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزّهْرِيّ، عَنِ ابْنِ المُسَيّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَقُومُ السّاعَةُ حَتّىَ تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ. حَوْلَ ذِي الْخَلَصَةِ".
وَكَانَتْ صَنَماً تَعْبُدُهَا دَوْسٌ فِي الْجَاهِلِيّةِ، بِتَبَالَةَ.
حدّثنا أَبُو كَامِلٍ الجَحْدَرِيّ وَ أَبُو مَعْنٍ، زَيْدُ بْنُ يَزِيدَ الرّقَاشِيّ (وَاللّفْظُ لأَبِي مَعْنٍ). قَالاَ: حَدّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَدّثَنَا عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ العَلاَءِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لاَ يَذْهَبُ اللّيْلُ وَالنّهَارُ حَتّىَ تُعْبَدَ اللاّتُ وَالْعُزّىَ" فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ إِنْ كُنْتُ لأَظُنّ حِينَ أَنْزَلَ اللّهُ: {هُوَ الّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىَ وَدِينِ الْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَىَ الدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (9 التوبة الاَية: ) و (الصف الاَية: 9). أَنّ ذَلِكَ تَامّا. قَالَ: "إِنّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللّهُ. ثُمّ يَبْعَثُ اللّهُ رِيحاً طَيّبَةً. فَتَوَفّى كُلّ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ. فَيَبْقَىَ مَنْ لاَ خَيْرَ فِيهِ. فَيَرْجِعُونَ إِلَىَ دِينِ آبَائِهِمْ".
وحدّثناه مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى. حَدّثَنَا أَبُو بَكْرٍ (وَهُوَ الحَنَفِيّ). حَدّثَنَا عَبْدُ الحَميدِ بْنُ جَعْفرٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة وكانت صنماً تعبدها دوس في الجاهلية بتبالة" أما قله أليات فبفتح الهمزة واللام ومعناه أعجازهن جمع ألية كجفنة وجفنات، والمراد يضطربن من الطواف حول ذي الخلصة أي يكفرون ويرجعون إلى عبادة الأصنام وتعظيمها. وأما تبالة فبمثناة فوق مفتوحة ثم باء موحدة مخففة وهي موضع باليمن، وليست تبالة التي يضرب بها المثل، ويقال: أهون على الحجاج من تبالة لأن تلك بالطائف. وأما ذو الخلصة فبفتح الخاء واللام هذا هو المشهور، حكى القاضي فيه في الشرح والمشارق ثلاثة أوجه: أحدها هذا، والثاني بضم الخاء، والثالث بفتح الخاء وإسكان اللام، قالوا: وهو بيت صنم ببلاد دوس.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ثم يبعث الله ريحاً طيبة فتوفى كل من في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان إلى آخره" هذا الحديث سبق شرحه في كتاب الإيمان.
*2* باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل، فيتمنى أن يكون مكان الميت، من البلاء
*حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ، عَنْ أَبِي الزّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لاَ تَقُومُ السّاعَةُ حَتّىَ يَمُرّ الرّجُلُ بِقَبْرِ الرّجُلِ فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ".
حدّثنا عَبْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ أبانَ بْنِ صَالِحٍ وَ مُحَمّدُ بْنُ يَزِيدَ الرّفَاعِيّ (وَاللّفْظُ لابنِ أَبَانَ). قَالاَ: حَدّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ تَذْهَبُ الدّنْيَا حَتّىَ يَمُرّ الرّجُلُ عَلَىَ الْقَبْرِ فَيَتَمَرّغُ عَلَيْهِ، وَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَكَانَ صَاحِبِ هَذَا الْقَبْرِ. وَلَيْسَ بِهِ الدّينُ إِلاّ الْبَلاَءُ".
وحدّثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِيّ. حَدّثَنَا مَرْوَانُ عَنْ يَزِيدَ (وَهُوَ ابْنُ كَيْسَانَ)، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَأْتِيَنّ عَلَىَ النّاسِ زَمَانٌ لاَ يَدْرِي الْقَاتِلُ فِي أَيّ شَيْءٍ قَتَلَ. وَلاَ يَدْرِي الْمَقْتُولُ عَلَىَ أَيّ شَيْءٍ قُتِلَ".
وحدّثنا عن عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ وَ وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَىَ. قَالاَ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ الأَسْلَمِيّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ تَذْهَبُ الدّنْيَا حَتّىَ يَأْتِيَ عَلَىَ النّاسِ يَوْمٌ، لاَ يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ. وَلاَ الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ" فَقِيلَ: كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: "الْهَرْجُ. الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النّارِ".
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبَانَ قَالَ: هُوَ يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ. لَمْ يَذْكُرِ الأَسْلَمِيّ.
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ (وَاللّفْظُ لأَبِي بَكْرٍ). قَالاَ: حَدّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ الزّهْرِيّ، عَنْ سَعِيدٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "يُخَرّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ".
وحدّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَىَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "يُخَرّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ".
حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي الدّرَاوَرْدِيّ) عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "ذُو السّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ يُخَرّبُ بَيْتَ اللّهِ عَزّ وَجَلّ".
وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي ابْنَ مُحَمّدٍ) عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لاَ تَقُومُ السّاعَةُ حَتّىَ يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النّاسَ بِعَصَاهُ".
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ بَشّارٍ الْعَبْدِيّ. حَدّثَنَا عَبْدُ الْكَبِيرِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيّ. حَدّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْحَكَمِ يُحَدّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لاَ تَذْهَبُ الأَيّامُ وَاللّيَالِي، حَتّىَ يَمْلِكَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْجَهْجَاهُ".
قَالَ مُسْلمٌ: هُمْ أَرْبَعَةُ إِخْوَةٍ: شَرِيكٌ، وَعُبَيْدُ اللّهِ، وَعُمَيْرٌ، وَعَبْدُ الْكَبِيرِ. بَنُو عَبْدِ الْمَجِيدِ.
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ (وَاللّفْظُ لابْنِ أَبِي عُمَرَ) قَالاَ: حَدّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزّهْرِيّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لاَ تَقُومُ السّاعَةُ حَتّىَ تُقَاتِلُوا قَوْماً كَأَنّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانّ الْمُطْرَقَةُ. وَلاَ تَقُومُ السّاعَةُ حَتّىَ تُقَاتِلُوا قَوْماً نِعَالُهُمُ الشّعَرُ".
وحدّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَىَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيّبِ أَنّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَقُومُ السّاعَةُ حَتّىَ تُقَاتِلَكُمْ أُمّةٌ يَنْتَعِلُونَ الشّعَرَ. وُجُوهُهُمْ مِثْلُ الْمَجَانّ الْمُطْرَقَةِ".
وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لاَ تَقُومُ السّاعَةُ حَتّىَ تُقَاتِلُوا قَوْماً نِعَالُهُمُ الشّعَرُ. وَلاَ تَقُومُ السّاعَةُ حَتّىَ تُقَاتِلُوا قَوْماً صِغَارَ الأَعْيُنِ، ذُلْفَ الاَنُفِ".
حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرّحْمَنِ) عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لاَ تَقُومُ السّاعَةُ حَتّىَ يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ التّرْكَ، قَوْماً وُجُوهُهُمْ كَالْمَجَانّ الْمُطْرَقَةِ. يَلْبَسُونَ الشّعَرَ، وَيَمْشُونَ فِيه".
حدّثنا أَبُو كُرَيْبٍ. حَدّثَنَا وَكِيعٌ وَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "تُقَاتِلُونَ بَيْنَ يَدَي السّاعَةِ قَوْماً نِعَالُهُمُ الشّعَرُ. كَأَنّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانّ الْمُطْرَقَةُ. حُمْرُ الْوُجُوهِ، صِغَارُ الأَعْيُنِ ذلف الأنوف".
حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَ عَلِيّ بْنُ حُجْرٍ (وَاللّفْظُ لِزُهَيْرٍ). قَالاَ: حَدّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْجُرَيْرِيّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: كُنّا عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ فَقَالَ: يُوشِكُ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنْ لاَ يُجْبَىَ إِلَيْهِمْ قَفِيزٌ وَلاَ دِرْهَمٌ. قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ ذَاكَ؟ قَالَ: مِنْ قِبَلِ الْعَجَمِ. يَمْنَعُونَ ذَاكَ. ثُمّ قَالَ: يُوشِكُ أَهْلُ الشّأْمِ أَنْ لاَ يُجْبَىَ إِلَيْهِمْ دِينَارٌ وَلاَ مُدْيٌ. قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ ذَاكَ؟ قَالَ: مِنْ قِبَلِ الرّومِ. ثُمّ سكَتَ هُنَيّةً. ثُمّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَكُونُ فِي آخِرِ أُمّتِي خَلِيفَةٌ يَحْثِي الْمَالَ حَثْياً. لاَ يَعُدّهُ عَدَداً".
قَالَ قُلْتُ لأَبِي نَضْرَةَ وَأَبِي الْعَلاَءِ: أَتَرَيَانِ أَنّهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ؟ فَقَالاَ: لاَ.
وحدّثنا ابْنُ الْمُثَنّى. حَدّثَنَا عَبْدُ الْوَهّابِ. حَدّثَنَا سَعِيدٌ (يَعْنِي الْجُرَيْرِيّ) بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
حدّثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيّ الْجَهْضَمِيّ. حَدّثَنَا بِشْرٌ (يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضّلِ) ح وَحَدّثَنَا عَلِيّ بْنُ حُجْرٍ السّعْدِيّ. حَدّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (يَعْنِي ابْنَ عُلَيّةَ). كِلاَهُمَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "مِنْ خُلَفَائِكُمْ خَلِيفَةٌ يَحْثُو الْمَالَ حَثْياً. لاَ يَعُدّهُ عَدَداً".
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حُجْرٍ: "يَحْثِي المَالَ".
وحدّثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدّثَنَا عَبْدُ الصّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ. حَدّثَنَا أَبِي. حَدّثَنَا دَاوُدُ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ قَالاَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَكُونُ فِي آخِرِ الزّمَانِ خَلِيفَةٌ يَقْسِمُ الْمَالَ وَلاَ يَعُدّهُ".
وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ.
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى وَ ابْنُ بَشّارٍ (وَاللّفْظُ لابْنِ الْمُثَنّى). قَالاَ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ يُحَدّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنّي أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَمّارٍ، حِينَ جَعَلَ يَحْفِرُ الْخَنْدَقَ، وَجَعَلَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ وَيَقُولُ: "بُوءْسَ ابْنِ سُمَيّةَ. تَقْتُلُكَ فِئَةٌ بَاغِيَةٌ".
وحدّثني مُحَمّدُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ عَبّادٍ الْعَنْبَرِيّ وَ هُرَيْمُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَىَ. قَالاَ: حَدّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ. ح وَحَدّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ وَ مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ وَ مُحَمّدُ بْنُ قُدَامَةَ. قَالُوا: أَخْبَرَنَا النّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ. كِلاَهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ. غَيْرَ أَنّ فِي حَدِيثِ النّضْرِ: أَخْبَرَنِي مَنْ هُوَ خَيْرٌ منّي، أَبُو قَتَادَةَ. وَفِي حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: أُرَاهُ يَعْنِي أَبَا قَتَادَةَ. وَفِي حَدِيثِ خالِدٍ: وَيَقُولُ: "وَيْسَ" أَوْ يَقُولُ: "يَا وَيْسَ ابْنِ سُمَيّةَ".
وحدّثني مُحَمّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ. حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. ح وَحَدّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ الْعَمّيّ وَ أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ (قَالَ عُقْبَةُ: حَدّثَنَا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْبَرَنَا) غُنْدَرٌ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ خَالِداً يُحَدّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الحَسَنِ، عَنْ أُمّهِ، عَنْ أُمّ سَلَمَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَمّارٍ: "تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ".
وحدّثني إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ.( أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ. حَدّثَنَا خَالِدٌ الْحَذّاءُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الحَسَنِ وَ الْحَسَنِ، عَنْ أُمّهِمَا، عَنْ أُمّ سَلَمَةَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ.
وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنِ ابْنِ عَوْن، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمّهِ، عَنْ أُمّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَقْتُلُ عَمّاراً الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ".
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التّيّاحِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عن النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يُهْلِكُ أُمّتِي هَذَا الْحَيّ مِنْ قُرَيْشٍ". قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: "لَوْ أَنّ النّاسَ اعْتَزَلُوهُمْ".
حدّثنا عَمْرٌو النّاقِدُ وَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ (وَاللّفْظُ لابْنِ أَبِي عُمَرَ). قَالاَ: حَدّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزّهْرِيّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "قَدْ مَاتَ كِسْرَىَ فَلاَ كِسْرَىَ بَعْدَهُ. وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلاَ قَيْصَرَ بَعْدَهُ. وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللّهِ".
وحدّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَىَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ. ح وَحَدّثَنِي ابْنُ رَافِعٍ وَ عَبْدُ ابْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرّزّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. كِلاَهُمَا عَنِ الزّهْرِيّ بِإِسْنَادِ سُفْيَانَ وَمَعْنَى حَدِيثِهِ.
حدثنا مُحَمّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدّثَنَا عَبْدُ الرّزّاقِ. حَدّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمّامِ بْنِ مُنَبّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "هَلَكَ كِسْرَىَ ثُمّ لاَ يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ. وَقَيْصَرُ لَيَهْلِكَنّ ثُمّ لاَ يَكُونُ قَيْصَرُ بَعْدَهُ. وَلَتُقْسَمَنّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللّهِ".
حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا هَلَكَ كِسْرَىَ فَلاَ كِسْرَىَ بَعْدَهُ" فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ سَوَاءً.
حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَ أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيّ. قَالاَ: حَدّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَتَفْتَحَنّ عِصَابَةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، أَوْ مِنَ الْمُوءْمِنِينَ، كَنْزَ آلِ كِسْرَى الّذِي فِي الأَبْيَضِ".
قَالَ قُتَيْبَةُ: مِنَ المُسْلِمِينَ. وَلَمْ يَشُكّ.
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى وَ ابْنُ بَشّارٍ. قَالاَ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. بِمَعْنَىَ حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ.
حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي ابْنَ مُحَمّدٍ) عَنْ ثَوْرٍ (وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ الدّيلِيّ) عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "سَمِعْتُمْ بِمَدِينَةٍ جَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَرّ وَجَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ؟" قَالُوا: نَعَمْ. يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ: "لاَ تَقُومُ السّاعَةُ حَتّىَ يَغْزُوَهَا سَبْعُونَ أَلْفاً مِنْ بَنِي إِسْحَقَ. فَإِذَا جَاووهَا نَزَلُوا. فَلَمْ يُقَاتِلُوا بِسِلاَحٍ وَلَمْ يَرْمُوا بِسَهْمٍ. قَالُوا: لاَ إِلَهَ إِلاّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ. فَيَسْقُطُ أَحَدُ جَانِبَيْهَا.
قَالَ ثَوْرٌ: لاَ أَعْلَمُهُ إِلاّ قَالَ: "الّذِي فِي الْبَحْرِ. ثُمّ يَقُولُوا الثّانِيَةَ: لاَ إِلَهَ إِلاّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ. فَيَسْقُطُ جَانِبُهَا الاَخَرُ. ثُمّ يَقُولُوا الثّالِثَةَ: لاَ إِلَهَ إِلاّ اللّهُ وَاللّهُ أَكْبَرُ. فَيُفَرّجُ لَهُمْ. فَيَدْخُلُوهَا فَيَغْنَمُوا. فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْمَغَانِمَ، إِذْ جَاءَهُمُ الصّرِيخُ فَقَالَ: إِنّ الدّجّالَ قَدْ خَرَجَ. فَيَتْرُكُونَ كُلّ شَيْءٍ، وَيَرْجِعُونَ".
حدّثني مُحَمّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ. حَدّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزّهْرَانِيّ. حَدّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ حَدّثَنَا ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ الدّيِليّ فِي هَذَا الإِسْنَادِ، بِمِثْلِهِ.
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ بِشْرٍ. حَدّثَنَا عُبَيْدُ اللّهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَتُقَاتِلُنّ الْيَهُودَ. فَلَتَقْتُلُنّهُمْ حَتّىَ يَقُولُ الْحَجَرُ: يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيّ. فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ".
وحدّثناه مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى وَ عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ سَعِيدٍ. قَالاَ: حَدّثَنَا يَحْيَىَ عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: "هَذَا يَهُودِيّ وَرَائي".
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ: سَمِعْتُ سَالِماً يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "تَقْتَتِلُونَ أَنْتُمْ وَيَهُودُ. حَتّىَ يَقُولَ الْحَجَرُ: يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيّ وَرَائِي. تَعَالَ فَاقْتُلْهُ".
حدّثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَىَ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. حَدّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ أَنّ عَبْدَ اللّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنّ رَسُول اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: تُقَاتِلُكُمُ الْيَهُودُ، فَتُسَلّطُونَ عَلَيْهِمْ. حَتّىَ يَقُولَ الْحَجَرُ: يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ".
حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدّثَنَا يَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرّحْمَنِ) عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لاَ تَقُومُ السّاعَةُ حَتّىَ يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ. فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ. حَتّىَ يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشّجَرِ. فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللّهِ هَذَا يَهُودِيّ خَلْفِي. فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ. إِلاّ الْغَرْقَدَ. فَإِنّهُ مِنْ شَجَرِهم".
حدّثنا يَحْيَىَ بْنُ يَحْيَىَ وَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ (قَالَ يَحْيَىَ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدّثَنَا) أَبُو الأَحْوَصِ. ح وَحَدّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيّ. حَدّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ. كِلاَهُمَا عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنّ بَيْنَ يَدَيِ السّاعَةِ كَذّابِينَ".
وزاد في حَدِيثِ أَبِي الأَحْوَصِ: قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ.
وحدّثني ابْنُ المُثَنّى وَ ابْنُ بَشّارٍ. قَالاَ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
قَالَ سِمَاكٌ: وَسَمِعْتُ أَخِي يَقُولُ: قَالَ جَابِرٌ: فَاحْذَرُوهُمْ.
حدّثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَ إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ (قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ زُهَيْرٌ: حَدّثَنَا) عَبْدُ الرّحْمَنِ وَهُوَ ابْنُ مَهْدِيَ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لاَ تَقُومُ السّاعَةُ حَتّىَ يُبْعَثَ دَجّالُونَ كَذّابُونَ. قَرِيبٌ مِنْ ثَلاَثِينَ. كُلّهُمْ يَزْعُمُ أَنّهُ رَسُولُ اللّهِ".
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدّثَنَا عَبْدُ الرّزاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمّامِ بْنِ مُنَبّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ. غَيْرَ أَنّهُ قَالَ: يَنْبَعِثَ.
قوله: (حدثنا مروان عن يزيد وهو ابن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة حديث لا يدري القاتل في أي شيء قتل) وفي الرواية: (حدثنا محمد بن فضيل عن أبي إسماعيل الأسلمي عن أبي حازم) ثم قال مسلم: وفي رواية أبان قال هو يزيد بن كيسان عن أبي إسماعيل لم يذكر الأسلمي هكذا هو في النسخ، ويزيد بن كيسان هو أبو إسماعيل، وفي الكلام تقديم وتأخير ومراده وفي رواية ابن أبان قال عن أبي إسماعيل هو يزيد بن كيسان، وظاهر اللفظ يوهم أن يزيد بن كيسان يرويه عن أبي إسماعيل وهذا غلط بل يزيد بن كيسان هو أبو إسماعيل، ووقع في بعض النسخ عن يزيد بن كيسان يعني أبا إسماعيل وهذا يوضح التأويل الذي ذكرناه، وقد أوضحه الأئمة بدلائله كما ذكرته، قال أبو علي الغساني: اعلم أن يزيد بن كيسان يكنى أبا إسماعيل، وأن بشير بن سليمان يكنى أبا إسماعيل الأسلمي وكلاهما يروي عن أبي حازم، فقد اشتركا في أحاديث عنه منها هذا الحديث رواه مسلم أولاً عن يزيد بن كيسان ثم رواه عن رواية أبي إسماعيل الأسلمي إلا في رواية ابن أبان فإنه جعله عن يزيد بن كيسان أبي إسماعيل ولهذا لم يذكر الأسلمي في نسبه والله أعلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة" هما تصغير ساقي الإنسان لرقتهما وهي صفة سوق السودان غالباً، ولا يعارض هذا قوله تعالى: {حرماً آمناً} لأن معناه آمناً إلى قرب القيامة وخراب الدنيا، وقيل يخص منه قصة ذي السويقتين، قال القاضي: القول الأول أظهر.
قوله صلى الله عليه وسلم: "يملك رجل يقال له الجهجاه" بهاءين، وفي بعضها الجهجا بحذف الهاء التي بعد الألف والأول هو المشهور.
قوله صلى الله عليه وسلم: "كأن وجوههم المجان المطرقة" أما المجان فبفتح الميم وتشديد النون جمع مجن بكسر الميم وهو الترس، وأما المطرقة فبإسكان الطاء وتخفيف الراء هذا هو الفصيج المشهور في الرواية وفي كتب اللغة والغريب، وحكى فتح الطاء وتشديد الراء والمعروف الأول، قال العلماء: هي التي ألبست العقب وأطرقت به طاقة فوق طاقة، قالوا: ومعناه تشبيه وجوه الترك في عرضها وتنور وجناتها بالترسة المطرقة. قوله صلى الله عليه وسلم: "ذلف الاَنف" هو بالذال المعجمة والمهملة لغتان المشهور المعجمة، وممن حكى الوجهين فيه صاحبا المشارق والمطالع قالا رواية الجمهور بالمعجمة وبعضهم بالمهملة والصواب المعجمة وهو بضم الذال وإسكان اللام جمع أذلف كأحمر وحمر ومعناه فطس الأنوف قصارها مع انبطاح، وقيل هو غلظ في أرنبة الأنف، وقيل تضامن فيها وكله متقارب. قوله صلى الله عليه وسلم: "يلبسون الشمر ويمشون في الشعر" معناه ينتعلون الشعر كما صرح به في الرواية الأخرى نعالهم الشعر وقد وجدوا في زماننا هكذا، وفي الرواية الأخرى: (حمر الوجوه) أي بيض الوجوه مشوبة بحمرة، وفي هذه الرواية صغار الأعين، وهذه كلها معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد وجد قتال هؤلاء الترك بجميع صفاتهم التي ذكرها صلى الله عليه وسلم صغار الأعين حمر الوجوه ذلف الأنف عراض الوجوه كأن وجوههم المجان المطرقة ينتعلون الشعر فوجدوا بهذه الصفات كلها في زماننا وقاتلهم المسلمون مرات وقتالهم الاَن، ونسأل الله الكريم إحسان العاقبة للمسلمين في أمرهم وأمر غيرهم وسائر أحوالهم وإدامة اللطف بهم والحماية وصلى الله على رسوله الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
قوله: (يوشك أهل العراق أن لا يجيء إليهم قفيز إلى آخره) قد سبق شرحه قبل هذا بأوراق، ويوشك بضم الياء وكسر الشين ومعناه يسرع. قوله: (ثم اسكت هنية) أما أسكت فهو بالألف في جميع نسخ بلادنا، وذكر القاضي أنهم رووه بحذفها وإثباتها وأشار إلى أن الأكثرين حذفوها، وسكت وأسكت لغتان بمعنى صمت، وقيل أسكت بمعنى أطرق، وقيل بمعنى أعرض، وقوله هنية بتشديد الياء بلا همز قال القاضي: رواه لنا الصدفي بالهمزة وهو غلط وقد سبق بيانه في كتاب الصلاة. قوله صلى الله عليه وسلم: "يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثياً ولا يعده عدداً".
وفي رواية: "يحثو المال حثياً" قال أهل اللغة: يقال حثيث أحثي حثياً، وحثوت أحثو حثواً لغتان، وقد جاءت اللغتان في هذا الحديث، وجاء مصدر الثانية على فعل الأولى وهو جائز من باب قوله تعالى: {والله أنبتكم من الأرض نباتاً} والحثو هو الحفن باليدين وهذا الحثو الذي يفعله هذا الخليفة يكون لكثرة الأموال والغنائم والفتوحات مع سخاء نفسه.
قوله صلى الله عليه وسلم: "بؤس ابن سمية تقتلك فئة باغية" وفي رواية: (ويس أو ياويس).
وفي رواية: (قال لعمار: تقتلك الفئة الباغية) أما الرواية الأولى فهو بؤس بباء موحدة مضمومة وبعدها همزة والبؤس والبأساء المكروه والشدة والمعنى يا بؤس ابن سمية ما أشده وأعظمه. وأما الرواية الثانية فهي ويس بفتح الواو وإسكان المثناة، ووقع في رواية البخاري ويح كلمة ترحم وويس تصغيرها أي أقل منها في ذلك، قال الهروي: ويح يقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها فيترحم بها عليه ويرثى له، وويل لمن يستحقها. وقال الفراء: ويح وويس بمعنى ويل. وعن علي رضي الله عنه: ويح باب رحمة، وويل باب عذاب، وقال: ويح كلمة زجر لمن أشرف على الهلكة، وويل لمن وقع فيها والله أعلم. والفئة الطائفة والفرقة. قال العلماء: هذا الحديث حجة ظاهرة في أن علياً رضي الله عنه كان محقاً مصيباً والطائفة الأخرى بغاة لكنهم مجتهدون فلا إثم عليهم لذلك كما قدمناه في مواضع منها هذا الباب، وفيه معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أوجه: منها أن عماراً يموت قتيلاً وأنه يقتله مسلمون وأنهم بغاة، وأن الصحابة يقاتلون وأنهم يكونون فرقتين باغية وغيرها، وكل هذا قد وقع مثل فلق الصبح صلى الله عليه وسلم على رسوله الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
قوله صلى الله عليه وسلم: "يهلك أمتي هذا الحي من قريش". وفي رواية البخاري: "هلاك أمتي على يد أغيلمة من قريش" هذه الرواية تبين أن المراد برواية مسلم طائفة من قريش وهذا الحديث من المعجزات، وقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "قد مات كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله" قال الشافعي وسائر العلماء: معناه لا يكون كسرى بالعراق ولا قيصر بالشام كما كان في زمنه صلى الله عليه وسلم. فعلمنا صلى الله عليه وسلم بانقطاع ملكهما في هذين الإقليمين فكان كما قال صلى الله عليه وسلم. فأما كسرى فانقطع ملكه وزال بالكلية من جميع الأرض وتمزق ملكه كل ممزق واضمحل بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما قيصر فانهزم من الشام ودخل أقاصي بلاده فافتتح المسلمون بلادهما واستقرت للمسلمين ولله الحمد، وأنفق المسلمون كنوزهما في سبيل الله كما أخبر صلى الله عليه وسلم، وهذه معجزات ظاهرة. وكسرى بفتح الكاف وكسرها لغتان مشهورتان. وفي رواية: "لتنفقن كنوزهما في سبيل الله" وفي رواية: (لتقسمن كنوزهما في سبيل الله) وفي رواية: (كنزاً لكسرى الذي في الأبيض) أي الذي في قصره الأبيض أو قصوره ودوره البيض.
قوله صلى الله عليه وسلم في المدينة التي بعضها في البر وبعضها في البحر: "يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق" قال القاضي: كذا هو في جميع أصول صحيح مسلم من بني إسحاق، قال: قال بعضهم المعروف المحفوظ من بني إسماعيل وهو الذي يدل عليه الحديث وسياقه لأنه إنما أراد العرب، وهذه المدينة في القسطنطينية.
قوله صلى الله عليه وسلم: "إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود" والغرقد نوع من شجر الشوك معروف ببلاد بيت المقدس وهناك يكون قتل الدجال واليهود. وقال أبو حنيفة الدينوري: إذا عظمت العوسجة صارت غرقدة.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريباً من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله" معنى يبعث يخرج ويظهر، وسبق في أول الكتاب تفسير الدجال وأنه من الدجل وهو التمويه وقد قيل غير ذلك، وقد وجد من هؤلاء خلق كثيرون في الأعصار وأهلكهم الله تعالى وقلع آثارهم، وكذلك يفعل بمن بقي منهم.
*2* باب ذكر ابن صياد
*حدّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَاللّفْظُ لِعُثْمَانَ (قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ عُثْمَانُ: حَدّثَنَا) جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ قَالَ: كُنّا مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. فَمَرَرْنَا بِصِبْيَانٍ فِيهِمُ ابْنُ صَيّادٍ. فَفَرّ الصّبْيَانُ وَجَلَسَ ابْنُ صَيّادٍ. فَكَأَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم كَرِهَ ذَلِكَ. فَقَالَ لَهُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "تَرِبَتْ يَدَاكَ. أَتَشْهَدُ أَنّي رَسُولُ اللّهِ؟" فَقَالَ: لاَ. بَلْ تَشْهَدُ أَنّي رَسُولُ اللّهِ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ: ذَرْنِي. يَا رَسُولَ اللّهِ حَتّىَ أَقْتُلَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ يَكُنِ الّذِي تَرَىَ، فَلَنْ تَسْتَطِيعَ قَتْلَهُ".
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ أَبُو كُرَيْبٍ وَاللّفْظُ لأَبِي كُرَيْبٍ (قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدّثَنَا. وَقَالَ الاَخَرَانِ: أَخْبَرَنَا) أَبُو مُعَاوِيَةَ. حَدّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ قَالَ: كُنّا نَمْشِي مَعَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم. فَمَرّ بِابْنِ صَيّادٍ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئاً" فَقَالَ: دُخّ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "اخْسَأْ. فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ" فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللّهِ دَعْنِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "دَعْهُ. فَإِنْ يَكُنِ الّذِي تَخَافُ، لَنْ تَسْتَطِيعَ قَتْلَهُ".
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى. حَدّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ عَنِ الجُرَيْرِيّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: لَقِيَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَتَشْهَدُ أَنّي رَسُولُ اللّهِ؟" فَقَالَ هُوَ: أَتَشْهَدُ أَنّي رَسُولُ اللّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "آمَنْتُ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ. مَا تَرَىَ؟" قَالَ: أَرَىَ عَرْشاً عَلَىَ الْمَاءِ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَرَىَ عَرْشَ إِبْلِيسَ عَلَىَ الْبَحْرِ. وَمَا تَرَىَ؟" قَالَ: أَرَىَ صَادِقَاً وَكَاذِباً أَوْ كَاذِبَيْنِ وَصَادِقاً. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لُبِسَ عَلَيْهِ، دَعُوهُ".
حدّثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ وَ مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَىَ قَالاَ: حَدّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: حَدّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ قَالَ: لَقِيَ نَبِيّ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَ صَائِدٍ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وَابْنُ صَائِدٍ مَعَ الْغِلْمَانِ. فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الْجُرَيْرِيّ.
حدّثني عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيّ وَ مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى قَالاَ: حَدّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَىَ. حَدّثَنَا دَاوُدُ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ صَائِدٍ إِلَىَ مَكّةَ. فَقَالَ لِي: أَمَا قَدْ لَقِيتُ مِنَ النّاسِ. يَزْعُمُونَ أَنّي الدّجّالُ. أَلَسْتَ سَمِعْتَ أليس قَد قَال "لاَ يُولَدُ لَهُ" قَالَ: قُلْتُ: بَلَىَ. قَالَ: فَقَدْ وُلِدَ لِي. أَوَلَيْسَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "ولاَ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَلاَ مَكّةَ وقد ولد لي" قُلْتُ: بَلَىَ. قَالَ: فَقَدْ وُلِدْتُ بِالْمَدِينَةِ. وَهَا أَنَا أُرِيدُ مَكّةَ وقد أسلمت. قَالَ: ثُمّ قَالَ لِي فِي آخِرِ قوله: أَمَا، وَاللّهِ، إِنّي لأَعْلَمُ مَوْلِدَهُ، وَمَكَانَهُ وَأَيْنَ هُوَ. قَالَ: فَلَبَسَنِي".
حدّثنا يَحْيَىَ بْنُ حَبِيبٍ وَ مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَىَ. قَالاَ: حَدّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدّثُ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ صَائِدٍ، وَأَخَذَتْنِي مِنْهُ ذَمَامَةٌ: هَذَا عَذَرْتُ النّاسَ. مَالِي وَلَكُمْ؟ يَا أَصْحَابَ مُحَمّدٍ أَلَمْ يَقُلْ نَبِيّ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنّهُ يَهُودِيّ" وَقَدْ أَسْلَمْتُ. قَالَ: "وَلاَ يُولَدُ لَهُ" وَقَدْ وُلِدَ لِي. وَقَالَ: "إِنّ اللّهَ قَدْ حَرّمَ عَلَيْهِ مَكّةَ" وَقَدْ حَجَجْتُ.
قَالَ فَمَا زَالَ حَتّىَ كَادَ أَنْ يَأْخُذَ فِيّ قَوْلُهُ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ: أَمَا، وَاللّهِ، إِنّي لأَعْلَمُ الاَنَ حَيْثُ هُوَ. وَأَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمّهُ. قَالَ: وَقِيلَ لَهُ: أَيَسُرّكَ أَنّكَ ذَاكَ الرّجُلُ؟ قَالَ فَقَالَ: لَوْ عُرِضَ عَلَيّ مَا كَرِهْتُ.
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ المُثَنّى. حَدّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ. أَخْبَرَنِي الجُرَيْرِيّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ قَالَ: خَرَجْنَا حُجّاجاً أَوْ عُمّاراً وَمَعَنَا ابْنُ صَائِدٍ. قَالَ: فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً. فَتَفَرّقَ النّاسُ وَبَقِيتُ أَنَا وَهُوَ. فَاسْتَوْحَشْتُ مِنْهُ وَحْشَةً شَدِيدَةً مِمّا يُقَالُ عَلَيْهِ. قَالَ: وَجَاءَ بِمَتَاعِهِ فَوَضَعَهُ مَعَ مَتَاعِي. فَقُلْتُ: إِنّ الْحَرّ شَدِيدٌ. فَلَوْ وَضَعْتَهُ تَحْتَ تِلْكَ الشّجَرَةِ. قَالَ: فَفَعَلَ. قَالَ: فَرُفِعَتْ لَنَا غَنَمٌ. فَانْطَلَقَ فَجَاءَ بِعُسَ. فَقَالَ: اشْرَبْ. أَبَا سَعِيدٍ فَقُلْتُ: إِنّ الْحَرّ شَدِيدٌ وَاللّبَنُ حَارّ. مَا بِي إِلاّ أَنّي أَكْرَهُ أَنْ أَشْرَبَ عَنْ يَدِهِ أَوْ قَالَ آخُذَ عَنْ يَدِهِ فَقَالَ: أَبَا سَعِيدٍ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آخُذَ حَبْلاً فَأُعَلّقَهُ بِشَجَرَةٍ ثُمّ أَخْتَنِقَ مِمّا يَقُولُ لِيَ النّاسُ، يَا أَبَا سَعِيدٍ مَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ حَدِيثُ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مَا خَفِيَ عَلَيْكُمْ، مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَلَسْتَ مِنْ أَعْلَمِ النّاسِ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم؟ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "هُوَ كَافِرٌ" وَأَنَا مُسْلِمٌ؟ أَوَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "هُوَ عَقِيمٌ لاَ يُولَدُ لَهُ" وَقَدْ تَرَكْتُ وَلَدِي بِالْمَدِينَةِ؟ أَوَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَلاَ مَكّةَ" وَقَدْ أَقْبَلْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَأَنَا أُرِيدُ مَكّةَ؟.
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ: حَتّىَ كِدْتُ أَنْ أَعْذِرَهُ. ثُمّ قَالَ: أَمَا، وَاللّهِ، إِنّي لأَعْرِفُهُ وَأَعْرِفُ مَوْلِدَهُ وَأَيْنَ هُوَ الاَنَ.
قَالَ: قُلْتُ لَهُ: تَبّا لَكَ. سَائِرَ الْيَوْمِ.
حدّثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيَ الْجَهْضَمِيّ. حَدّثَنَا بِشْرٌ (يَعْنِي ابْنَ مُفَضّلٍ) عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم لابْنِ صَائِدٍ: "مَا تُرْبَة الجَنّةِ؟" قَالَ: دَرْمَكَةٌ بَيْضَاءُ، مِسْكٌ. يَا أَبَا القَاسِمِ قَالَ: صَدَقْتَ".
وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الْجُرَيْرِيّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنّ ابْنَ صَيّادٍ سَأَلَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَنْ تُرْبَةِ الْجَنّةِ؟ فَقَالَ: "دَرْمَكَةٌ بَيْضَاءُ، مِسْكٌ خَالِصٌ".
حدّثنا عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيّ. حَدّثَنَا أَبِي. حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: رَأَيْتُ جَابِراً بْنَ عَبْدِ اللّهِ يَحْلِفُ بِاللّهِ أَنّ ابْنَ صَائِدٍ الدّجّالُ. فَقُلْتُ: أَتَحْلِفُ بِاللّهِ؟ قَالَ: إِنّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلىَ ذَلِكَ عِنْدَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم. فَلَمْ يُنْكِرْهُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
حدّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ حَرْمَلَةَ بْنِ عِمْرَانَ التّجِيبيّ. أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، أَخْبَرَهُ أَنّ عَبْدَ اللّهِ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنّ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ انْطَلَقَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَهْطٍ قِبَلَ ابْنِ صَيّادٍ حَتّىَ وجدَهُ يَلْعَبُ مَعَ الصّبْيَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ. وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيّادٍ، يَوْمَئِذٍ، الْحُلُمَ. فَلَمْ يَشْعُرْ حَتّىَ ضَرَبَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ظَهْرَهُ بِيَدِهِ. ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم لابْنِ صَيّادٍ: "أَتَشْهَدُ أَنّي رَسُولُ اللّهِ؟" فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيّادٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنّكَ رَسُولُ الأُمّيّينَ. فَقَالَ ابْنُ صَيّادٍ لِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَشْهَدُ أَنّي رَسُولُ اللّهِ؟ فَرَفَضَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: "آمَنْتُ بِاللّهِ وَبِرُسُلِهِ". ثُمّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَاذَا تَرَىَ؟" قَالَ ابْنُ صَيّادٍ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "خُلّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ". ثُمّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئاً" فَقَالَ ابْنُ صَيّادٍ: "هُوَ الدّخّ" فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "اخْسَأْ. فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ" فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ: ذَرْنِي. يَا رَسُولَ اللّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلّطَ عَلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلاَ خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ".
وَقَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: انْطَلَقَ بَعْدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَأُبَيّ بْنُ كَعْبٍ الأَنْصَارِيّ إِلَى النّخْلِ التّي فِيهَا ابْنُ صَيّادٍ. حَتّىَ إِذَا دَخَلَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم النّخْلَ، طَفِقَ يَتّقِي بِجُذُوعِ النّخْلِ. وَهُوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنِ ابْنِ صَيّادٍ شَيْئاً، قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ ابْنُ صَيّادٍ. فَرَآهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَىَ فِرَاشٍ فِي قَطِيفَةٍ، لَهُ فِيهَا زَمْزَمَةٌ. فَرَأَتْ أُمّ ابْنِ صَيّادٍ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَتّقِي بِجُذُوعِ النّخْلِ. فَقَالَتْ لابْنِ صَيّادٍ: يَا صَافِ (وَهُوَ اسْمُ ابْنِ صَيّادٍ) هَذَا مُحَمّدٌ. فَثَارَ ابْنُ صَيّادٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ تَرَكَتْهُ بَيّنَ".
قَالَ سَالِمٌ: قَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ: فَقَامَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النّاسِ فَأَثْنَىَ عَلَىَ اللّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ. ثُمّ ذَكَرَ الدّجّالَ فَقَالَ: "إِنّي لأُنْذِرُكُمُوهُ. مَا مِنْ نَبِيَ إِلاّ وَقَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ. لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ. وَلَكِنْ أَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلاً لَمْ يَقُلْهُ نَبِيّ لِقَوْمِهِ. تَعَلّمُوا أَنّهُ أَعْوَرُ. وَأَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَىَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ".
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيّ أَنّهُ أَخْبَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ، يَوْمَ حَذّرَ النّاسَ الدّجّالَ: "إِنّهُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ. يَقْرَووهُ مَنْ كَرِهَ عَمَلَهُ. أَوْ يَقْرَؤهُ كُلّ مُوءْمِنٍ". وَقَالَ: "تَعَلّمُوا أَنّهُ لَنْ يَرَىَ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبّهُ عَزّ وَجَلّ حَتّى يَمُوتَ".
حدّثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيَ الْحُلْوَانِيّ وَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. قَالاَ: حَدّثَنَا يَعْقُوبُ (وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ). حَدّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ أَنّ عَبْدَ اللّهِ بْن عُمَرَ قَالَ: انْطَلَقَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِهِ. فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ. حَتّىَ وَجَدَ ابْنَ صَيّادٍ غُلاَماً قَدْ نَاهَزَ الحُلُمَ. يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مُعَاوِيَةَ. وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونُسَ. إِلَىَ مُنْتَهَىَ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ. وَفِي الحَدِيثِ عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: قَالَ أُبَيّ (يَعْنِي قوله: لَوْ تَرَكَتْهُ بَيّنَ) قَالَ: لَوْ تَرَكَتْهُ أُمّهُ، بَيّنَ أَمْرَهُ.
وحدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَ سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ. جَمِيعاً عَنْ عَبْدِ الرّزّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزّهْرِيّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مَرّ بِابْنِ صَيّادٍ في نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ. فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ. وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ. وَهُوَ غُلاَمٌ. بِمَعْنَىَ حَدِيثِ يُونُسَ وَصَالِحٍ. غَيْرَ أَنّ عَبْدَ بْنَ حُمَيْدٍ لَمْ يَذْكُرْ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ، فِي انْطِلاَقِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم مَعَ أُبَيّ بْنِ كَعْبٍ، إِلَى النّخْلِ.
حدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. حَدّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ. حَدّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَيّوبَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَقِيَ ابْنُ عُمَرَ ابْنَ صَائِدٍ فِي بَعْضِ سكك المَدِينَةِ. فَقَالَ لَهُ قَوْلاً أَغْضَبَهُ. فَانْتَفَخَ حَتّىَ مَلأَ السّكّةَ. فَدَخَلَ ابْنُ عُمَرَ عَلَىَ حَفْصَةَ وَقَدْ بَلَغَهَا. فَقَالَتْ لَهُ: رَحِمَكَ اللّهُ مَا أَرَدْتَ مِنِ ابْنِ صَائِدٍ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنّمَا يَخْرُجُ مِنْ غَضْبَةٍ يَغْضَبُهَا".
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى. حَدّثَنَا حُسَيْنٌ (يَعْنِي ابْنَ حَسَنِ بْنِ يَسَارٍ). عن ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ نَافِعٌ يَقُولُ: ابْنُ صَيّادٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَقِيتُهُ مَرّتَيْنِ. قَالَ فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ لِبَعْضِهِمْ: هَلْ تَحَدّثُونَ أَنّهُ هُوَ؟ قَالَ: لاَ. وَاللّهِ قَال قُلْتُ: كَذَبْتَنِي. وَاللّهِ لَقَدْ أَخْبَرَنِي بَعْضُكُمْ أَنّهُ لَنْ يَمُوتَ حَتّىَ يَكُونَ أَكْثَرَكُمْ مَالاً وَوَلَداً. فَكَذَلِكَ هُوَ زَعَمُوا اليَوْمَ. قَالَ فَتَحَدّثْنَا ثمّ فَارَقْتُهُ قَالَ: فَلَقِيتُهُ لَقْيَةً أُخْرَى وَقَدْ نَفَرَتْ عَيْنُهُ. قَالَ: فَقُلْتُ: مَتَىَ فَعَلَتْ عَيْنُكَ مَا أَرَىَ؟ قَالَ: لاَ أَدْرِي. قَالَ: قُلْتُ: لاَ تَدْرِي وَهِيَ في رَأْسِكَ؟ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللّهُ خَلَقَهَا في عَصَاكَ هَذِهِ. قَالَ: فَنَخَرَ كَأَشَدّ نَخِيرِ حِمَارٍ سَمِعْتُ. قَالَ: فَزَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِي أَنّي ضَرَبْتُهُ بِعَصاً كَانَتْ مَعِي حَتّى تَكَسّرَتْ. وَأَمّا أَنَا، فَوَاللّهِ مَا شَعَرْتُ.
قَالَ: وَجَاءَ حَتّىَ دَخَلَ علىَ أُمّ المُوءْمِنِينَ فَحَدّثَهَا فَقَالَتْ: مَا تُرِيدُ إِلَيْهِ؟ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنّهُ قَدْ قَالَ: "إِنّ أَوّلَ مَا يَبْعَثُهُ عَلَى النّاسِ غَضَبٌ يَغْضَبُهُ".
يقال له ابن صياد وابن صائد وسمي بهما في هذه الأحاديث واسمه صاف، قال العلماء: وقصته مشكلة وأمره مشتبه في أنه هل هو المسيح الدجال المشهور أم غيره؟ ولا شك في أنه دجال من الدجاجلة. قال العلماء: وظاهر الأحاديث أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يوح إليه بأنه المسيح الدجال ولا غيره وإنما أوحي إليه بصفات الدجال وكان في ابن صياد قرائن محتملة فلذلك كان النبيّ صلى الله عليه وسلم لا يقطع بأنه الدجال ولا غيره، ولهذا قال لعمر رضي الله عنه: إن يكن هو فلن تستطيع قتله. وأما احتجاجه هو بأنه مسلم والدجال كافر وبأنه لا يولد للدجال وقد ولد له هو، وأن لا يدخل مكة والمدينة وأن ابن صياد دخل المدينة وهو متوجه إلى مكة فلا دلالة له فيه، لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم إنما أخبر عن صفاته وقت فتنته وخروجه في الأرض ومن اشتباه قصته وكونه أحد الدجاجلة الكذابين. قوله صلى الله عليه وسلم: "أتشهد أني رسول الله" ودعواه أنه يأتيه صادق وكاذب، وأنه يرى عرشاً فوق الماء، وأنه لا يكره أن يكون هو الدجال وأنه يعرف موضعه. وقوله: إني لأعرفه وأعرف مولده وأين هو الاَن وانتفاخه حتى ملأ السكة. وأما إظهاره الإسلام وحجه وجهاده وإقلاعه عما كان عليه فليس بصريح في أنه غير الدجال. قال الخطابي: واختلف السلف في أمره بعد كبره فروي عنه أنه تاب من ذلك القول ومات بالمدينة وأنهم لما أرادوا الصلاة عليه كشفوا عن وجهه حتى رآه الناس وقيل لهم اشهدوا، قال: كان ابن عمر وجابر فيما روي عنهما يحلفان أن ابن صياد هو الدجال لا يشكان فيه فقيل لجابر إنه أسلم فقال وإن أسلم، فقيل إنه دخل مكة وكان في المدينة، فقال وإن دخل. وروى أبو داود في سننه بإسناد صحيح عن جابر قال: فقدنا ابن صياد يوم الحرة. وهذا يعطل رواية من روى أنه مات بالمدينة وصلى عليه. وقد روى مسلم في هذه الأحاديث أن جابر بن عبد الله حلف بالله تعالى أن ابن صياد هو الدجال، وأنه سمع عمر رضي الله عنه يحلف على ذلك عند النبيّ صلى الله عليه وسلم فلم ينكره النبيّ صلى الله عليه وسلم. وروى أبو داود بإسناد صحيح عن ابن عمر أنه كان يقول: والله ما أشك أن ابن صياد هو المسيح الدجال. قال البيهقي في كتابه البعث والنشور: اختلف الناس في أمر ابن صياد اختلافاً كثيراً هل هو الدجال؟ قال: ومن ذهب إلى أنه غيره احتج بحديث تميم الداري في قصة الجساسة الذي ذكره مسلم بعد هذا، قال: ويجوز أن توافق صفة ابن صياد صفة الدجال كما ثبت في الصحيح أن أشبه الناس بالدجال عبد العزى من قطن وليس كما قال، وكان أمر ابن صياد فتنة ابتلى الله تعالى بها عباده فعصم الله تعالى منها المسلمين ووقاهم شرها، قال: وليس في حديث جابر أكثر من سكوت النبيّ صلى الله عليه وسلم لقول عمر فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان كالمتوقف في أمره ثم جاءه البيان أنه غيره كما صرح به في حديث تميم، هذا كلام البيهقي وقد اختار أنه غيره، وقد قدمنا أنه صح عن عمر وعن ابن عمر وجابر رضي الله عنهم أنه الدجال والله أعلم. فإن قيل: كيف لم يقتله النبيّ صلى الله عليه وسلم مع أنه ادعى بحضرته النبوة؟ فالجواب من وجهين ذكرهما البيهقي وغيره: أحدهما أنه كان غير بالغ واختار القاضي عياض هذا الجواب. والثاني أنه كان في أيام مهادنة اليهود وحلفائهم وجزم الخطابي في معالم السنن بهذا الجواب الثاني قال: لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم بعد قدومه المدينة كتب بينه وبين اليهود كتاب صلح على أن لا يهاجوا ويتركوا على أمرهم وكان ابن صياد منهم أو دخيلاً فيهم. قال الخطابي: وأما امتحان النبيّ صلى الله عليه وسلم بما خبأه له من آية الدخان فلأنه كان يبلغه ما يدعيه من الكهانة ويتعاطاه من الكلام في الغيب فامتحنه ليعلم حقيقة حاله ويظهر إبطال حاله للصحابة وأنه كاهن ساحر يأتيه الشيطان فيلقي على لسانه ما يلقيه الشياطين إلى الكهنة، فامتحنه بإضمار قول الله تعالى: {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين} وقال: خبأت لك خبيئاً فقال هو الدخ أي الدخان وهي لغة فيه، فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم: اخسأ فلن تعدو قدرك أي لا تجاوز قدرك وقدر أمثالك من الكهانة الذين يحفظون من إلقاء الشيطان كلمة واحدة من جملة كثيرة، بخلاف الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم فإنهم يوحي الله تعالى إليهم من علوم الغيب ما يوحي فيكون واضحاً كاملاً، وبخلاف ما يلهمه الله الأولياء من الكرامات والله أعلم. قوله صلى الله عليه وسلم: "خبأت لك خبيئاً" هكذا هو في معظم النسخ وهكذا نقله القاضي عن جمهور رواة مسلم خبيئاً بباء موحدة مكسورة ثم مثناة، وفي بعض النسخ خبأ بموحدة فقط ساكنة وكلاهما صحيح.
قوله: (هو الدخ) هو بضم الدال وتشديد الخاء وهي لغة في الدخان كما قدمناه، وحكى صاحب نهاية الغريب فيه فتح الدال وضمها، والمشهور في كتب اللغة والحديث ضمها فقط، والجمهور على أن المراد بالدخ هنا الدخان وأنها لغة فيه، وخالفهم الخطابي فقال: لا معنى للدخان هنا لأنه ليس ما يخبأ في كف أو كم كما قال، بل الدخ بيت موجود بين النخيل والبساتين، قال: إلا أن يكون معنى خبأت أضمرت لك اسم الدخان فيجوز، والصحيح المشهور أنه صلى الله عليه وسلم أضمر له آية الدخان وهي قوله تعالى: {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين} قال القاضي: قال الداودي وقيل كانت سورة الدخان مكتوبة في يده صلى الله عليه وسلم، وقيل كتب الاَية في يده. قال القاضي: وأصح الأقوال أنه لم يهتد من الاَية التي أضمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا لهذا اللفظ الناقص على عادة الكهان إذا ألقى الشيطان إليهم بقدر ما يخطف قبل أن يدركه الشهاب، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم اخسأ فلن تعدو قدرك أي القدر الذي يدرك الكهان من إِلاهتداء إلى بعض الشيء وما لا يبين من تحقيقه ولا يصل به إلى بيان وتحقيق أمور الغيب، ومعنى اخسأ اقعد فلن تعدو قدرك والله أعلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "لبس عليه" هو بضم اللام وتخفيف الباء أي خلط عليه أمره كما صرح به في قوله في الرواية الأخرى: "خلط عليك الأمر" أي يأتيه به شيطان فخلط.
قوله: (فلبسني) بالتخفيف أيضاً أي جعلني ألتبس في أمره وأشك فيه. قوله: (فأخذتني منه ذمامة) هو ذمامة بذال معجمة مفتوحة ثم ميم مخففة أي حياء وإشفاق من الذم واللوم. قوله: "حتى كاد أن يأخذ في قوله" هو بتشديد في قوله مرفوع وهو فاعل يأخذ أي يؤثر في وأصدقه في دعواه. قوله: (فجاء بعس) هو بضم العين وهو القدح الكبير وجمعه عساس بكسر العين وأعساس. قوله: (تباً لك سائر اليوم) أي خسراناً وهلاكاً لك في باقي اليوم، وهو منصوب بفعل مضمر متروك الإظهار.
قوله: (في تربة الجنة) هي درمكة بيضاء مسك خالص، قال العلماء: معناه أنها في البياض درمكة وفي الطيب مسك، والدرمك هو الدقيق الحواري الخالص البياض. وذكر مسلم الروايتين في أن النبيّ صلى الله عليه وسلم سأل ابن صياد عن تربة الجنة أو ابن صياد سأل النبيّ صلى الله عليه وسلم. قال القاضي: قال بعض أهل النظر الرواية الثانية أظهر.
قوله: "أن عمر رضي الله عنه حلف بحضرة النبيّ صلى الله عليه وسلم أن ابن صياد هو الدجال" استدل به جماعة على جواز اليمين بالظن وأنه لا يشترط فيها اليقين وهذا متفق عليه عند أصحابنا، حتى لو رأى بخط أبيه الميت أن له عند زيد كذا وغلب على ظنه أنه خطه ولم يتيقن جاز الحلف على استحقاقه.
قوله في رواية حرملة (عن ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر أن عمر انطلق) هكذا هو في جميع النسخ، وحكى القاضي أنه سقط في نسخة ابن ماهان ذكر ابن عمر وصار عنده منقطعاً قال هو وغيره والصواب رواية الجمهور متصلاً بذكر ابن عمر. قوله: (عند أطم بني مغالة) هكذا هو في بعض النسخ بني مغالة وفي بعضها ابن مغالة والأول هو المشهور، والمغالة بفتح الميم وتخفيف الغين المعجمة، وذكر مسلم في رواية الحسن الحلواني التي بعد هذه أنه أطم بني معاوية بضم الميم وبالعين المهملة، قال العلماء: المشهور المعروف هو الأول، قال القاضي: وبنو مغالة كل ما كان على يمينك إذا وقفت آخر البلاط مستقبل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأطم بضم الهمزة والطاء هو الحصن جمعه آطام. قوله: (فرفضه) هكذا هو في أكثر نسخ بلادنا فرفضه بالضاد المعجمة، وقال القاضي: روايتنا فيه عن الجماعة بالصاد المهملة، قال بعضهم: الرفص بالصاد المهملة الضرب بالرجل مثل الرفس بالسين، قال: فإن صح هذا فهو معناه، قال: لكن لم أجد هذه اللفظة في أصول اللغة، قال: ووقع في رواية القاضي التميمي فرفضه بضاد معجمة وهو وهم، قال: وفي البخاري من رواية المروزي فرقصه بالقاف والصاد المهملة ولا وجه له، وفي البخاري في كتاب الأدب فرفضه بضاد معجمة، قال: ورواه الخطابي في غريبه فرصه بصاد مهملة أي ضغطه حتى ضم بعضه إلى بعض ومنه قوله تعالى: {بنيان مرصوص} قلت: ويجوز أن يكون معنى رفضه بالمعجمة أي ترك سؤاله الإسلام ليأسه منه حينئذ ثم شرع في سؤاله عما يرى والله أعلم.
قوله: (وهو يختل أن يسمع من ابن صياد شيئاً) هو بكسر التاء أي يخدع ابن صياد ويستغفله ليسمع شيئاً من كلامه ويعلم هو والصحابة حاله في أنه كاهن أم ساحر ونحوهما، وفيه كشف أحوال من تخاف مفسدته، وفيه كشف الإمام الأمور المهمة بنفسه. قوله: (إنه في قطيفة له فيها زمزمة) القطيفة كساء مخمل سبق بيانها مرات، وقد وقعت هذه اللفظة في معظم نسخ مسلم زمزمة بزاءين معجمتين وفي بعضها براءين مهملتين، ووقع في البخاري بالوجهين، ونقل القاضي عن جمهور رواة مسلم أنه بالمعجمتين وأنه في بعضها رمزة براء أولاً وزاي آخراً وحذف الميم الثانية وهو صوت خفي لا يكاد يفهم أو لا يفهم. قوله: (فثار ابن صياد) أي نهض من مضجعه وقام.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من نبي إلا وقد أنذره قومه لقد أنذره نوح قومه" هذا الإنذار لعظم لتنته وشدة أمرها. قوله صلى الله عليه وسلم: "تعلموا أنه أعور" اتفق الرواة على ضبطه تعلموا بفتح العين واللام المشددة، وكذا نقله القاضي وغيره عنهم قالوا: ومعناه اعلموا وتحققوا يقال تعلم بفتح مشدد بمعنى اعلم. قوله صلى الله عليه وسلم: "تعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت" قال المازري: هذا الحديث فيه تنبيه على إثبات رؤية الله تعالى في الاَخرة وهو مذهب أهل الحق، ولو كانت مستحيلة كما يزعم المعتزلة لم يكن للتقييد بالموت معنى، والأحاديث بمعنى هذا كثيرة سبقت في كتاب الإيمان جملة منها مع آيات من القرآن وسبق هناك تقرير المسألة. قال القاضي: ومذهب أهل الحق أنها غير مستحيلة في الدنيا بل ممكنة ثم اختلفوا في وقوعها، ومن منعه تمسك بهذا الحديث مع قوله تعالى: {لا تدركه الأبصار} على مذهب من تأوله في الدنيا، وكذلك اختلفوا في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلة الإسراء، وللسلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ثم الأئمة الفقهاء والمحدثين والنظار في ذلك خلاف معروف وقال أكثر مانعيها في الدنيا سبب المنع ضعف قوي الاَدمي في الدنيا عن احتمالها كما لم يحتملها موسى صلى الله عليه وسلم في الدنيا والله أعلم.
قوله: (ناهز الحلم) أي قارب البلوغ.
قوله: "فانتفخ حتى ملأ السكة" السكة بكسر السين الطريق وجمعها سكك، قال أبو عبيد: أصل السكة الطريق المطفة من النخل، قال: وسميت الأزقة سككاً لاصطفاف الدور فيها. قوله: (فلقيته لقية أخرى) قال القاضي في المشارق: رويناه لقية بضم اللام، قال ثعلب وغيره: يقولونه بفتحها هذا كلام القاضي، والمعروف في اللغة والرواية ببلادنا الفتح. قوله: (وقد نفرت عينه) بفتح النون والفاء أي ورمت ونتأت، وذكر القاضي أنه روي على أوجه أخر والظاهر أنها تصحيف.
*2* باب ذكر الدجال وصفته وما معه
*حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَ مُحَمّدُ بْنُ بِشْرٍ. قَالاَ: حَدّثَنَا عُبَيْدُ اللّهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. ح وَحَدّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ (وَاللّفْظُ لَهُ). حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ بِشْرٍ. حَدّثَنَا عُبَيْدُ اللّهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ الدّجّالِ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النّاسِ فَقَالَ: "إِنّ اللّهَ تَعَالَىَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ. أَلاَ وَإِنّ الْمَسِيحَ الدّجّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَىَ. كَأَنّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِئَةٌ".
حدّثني أَبُو الرّبِيعِ وَ أَبُو كَامِلٍ. قَالاَ: حَدّثَنَا حَمّادٌ (وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ) عَنْ أَيّوبَ. ح وَحَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ عَبّادٍ. حَدّثَنَا حَاتِمٌ (يَعْنِي ابْنَ إِسْمَاعِيلَ) عَنْ مُوسَىَ بْنِ عُقْبَةَ. كِلاَهُمَا عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ.
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى وَ مُحَمّدُ بْنُ بَشّارٍ. قَالاَ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ نَبِيَ إِلاّ وَقَدْ أَنْذَرَ أُمّتَهُ الأَعْوَرَ الْكَذّابَ. أَلاّ إِنّهُ أَعْوَرُ. وَإِنّ رَبّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ. وَمَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَ ف رَ".
حدّثنا ابْنُ الْمُثَنّى وَ ابْنُ بَشّارٍ (وَاللّفْظُ لابْنِ المُثَنّى). قَالاَ: حَدّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ. حَدّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنّ نَبِيّ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الدّجّالُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ك ف ر. أَيْ كَافِرٌ".
وحدّثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدّثَنَا عَفّانُ. حَدّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الحَبْحَابِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "الدّجّالُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ" ثُمّ تَهَجّاهَا ك ف ر. "يَقْرَووهُ كُلّ مُسْلِمٍ".
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَ مُحَمّدُ بْنُ العَلاَءِ وَ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ الاَخَرَانِ: حَدّثَنَا) أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "الدّجّالُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَىَ. جُفَالُ الشّعَرِ. مَعَهُ جَنّةٌ وَنَارٌ. فَنَارُهُ جَنّةٌ وَجَنّتُهُ نَارٌ".
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيّ، عَنْ رِبْعيّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لأَنَا أَعْلَمُ بِمَا مَعَ الدّجّالِ مِنْهُ. مَعَهُ نَهْرَانِ يَجْرِيَانِ. أَحَدُهُمَا، رَأْيَ الْعَيْنِ، مَاءٌ أَبْيَضُ. وَالاَخَرُ، رَأْيَ الْعَيْنِ، نَارٌ تَأَجّجُ. فَإِمّا أَدْرَكَنّ أَحَدٌ فَلْيَأْتِ النّهْرَ الّذِي يَرَاهُ نَاراً وَلْيُغَمّضْ. ثُمّ لْيُطَأْطِئْ رَأْسَهُ فَيَشْرَبَ مِنْهُ. فَإِنّهُ مَاءٌ بَارِدٌ. وَإِنّ الدّجّالَ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ. عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ. مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ. يَقْرَووهُ كُلّ مُوءْمِنٍ، كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ".
حدّثنا عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدّثَنَا أَبِي. حَدّثَنَا شُعْبَةُ. ح وَحَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى (وَاللّفْظُ لَهُ). حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعيّ ابْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنّهُ قَالَ: فِي الدّجّالِ: "إِنّ مَعَهُ مَاءً وَنَاراً. فَنَارُهُ مَاءٌ بَارِدٌ، وَمَاؤُهُ نَارٌ. فَلاَ تَهْلِكُوا".
قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: وَأَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم.
حدّثنا عَلِيّ بْنُ حُجْرٍ. حَدّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ صَفْوَانَ عَنْ عَبْدِ المَلِكِ ابْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو، أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيّ قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَهُ إِلَىَ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ. فَقَالَ لَهُ عُقْبَةُ: حَدّثْنِي مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الدّجّالِ. قَالَ: "إِنّ الدّجّالَ يَخْرُجُ. وَإِنّ مَعَهُ مَاءً وَنَاراً. فَأَمّا الذِي يَرَاهُ النّاسُ مَاءً، فَنَارٌ تُحْرِقُ. وَأَمّا الّذِي يَرَاهُ النّاسُ نَاراً، فَمَاءٌ بَارِدٌ عَذْبٌ. فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَقَعْ فِي الّذِي يَرَاهُ نَاراً. فَإِنّهُ مَاءٌ عَذْبٌ طَيّبٌ".
فقالَ عُقْبَةُ: وَأَنَا قَدْ سَمِعْتُهُ. تَصْدِيقاً لِحُذَيْفَةَ.
حدّثنا عَلِيّ بْنُ حُجْرٍ السّعْدِيّ وَ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَاللّفْظُ لابْنِ حُجْرٍ (قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ ابْنُ حُجْرٍ: حَدّثَنَا) جَرِيرٌ عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ نُعَيمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ رِبْعِيّ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ: اجْتَمَعَ حُذَيْفَةُ وَ أَبُو مَسْعُودٍ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ: "لأَنَا بِمَا مَعَ الدّجّالِ أَعْلَمُ مِنْهُ. إِنّ مَعَهُ نَهْراً مِنْ مَاءٍ وَنَهْراً مِنْ نَارٍ. فَأَمّا الّذِي تَرَوْنَ أَنّهُ نَارٌ، مَاءٌ. وَأَمّا الّذِي تَرَوْنَ أَنّهُ مَاءٌ، نَارٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَأَرَادَ الْمَاءَ فَلْيَشْرَبْ مِنَ الّذِي يَرَاهُ أَنّهُ نَارٌ. فَإِنّهُ سَيَجِدُهُ مَاءً".
قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ:هَكَذَا سَمِعْتُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ.
حدّثني مُحَمّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمّدٍ. حَدّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَىَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ الدّجّالِ حَدِيثاً مَا حَدّثَهُ نَبِيّ قَوْمَهُ؟ إِنّهُ أَعْوَرُ. وَإِنّهُ يَجِيءُ مَعَهُ مِثْلُ الْجَنّةِ وَالنّارِ. فَالّتِي يَقُولُ إِنّهَا الجَنّةُ، هِيَ النّارُ، وَإِنّي أَنْذَرْتُكُمْ بِهِ كَمَا أَنْذَرَ بِهِ نُوحٌ قَوْمَهُ".
حدّثنا أَبُو خَيْثَمَةَ، زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدّثَنِي عَبْدُ الرّحْمَنِ ابْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ. فَحَدّثَنِي يَحْيَىَ بْنُ جَابِرٍ الطّائِيّ، قَاضِي حِمْصَ. حَدّثَنِي عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ، جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الحَضْرَمِيّ أَنّهُ سَمِعَ النّوّاسَ بْنَ سَمْعَانَ الْكِلاَبِيّ. ح وَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرّازِيّ (وَاللّفْظُ لَهُ). حَدّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدّثَنَا عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الطّائِيّ، عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنِ النّوّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم الدّجّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ، فَخَفّضَ فِيهِ وَرَفّعَ. حَتّىَ ظَنَنّاهُ فِي طَائِفَةِ النّخْلِ. فَلَمّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا. فَقَالَ: "مَا شَأْنُكُمْ؟" قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللّهِ ذَكَرْتَ الدّجّالَ غَداةً فَخَفّضْتَ فِيهِ وَرَفّعْتَ. حَتّىَ ظَنَنّاهُ فِي طَائِفَةِ النّخْلِ. فَقَالَ: "غَيْرُ الدّجّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ. إِنْ يَخْرُجْ، وَأَنَا فِيكُمْ، فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ. وَإِنّ يَخْرُجْ، وَلَسْتُ فِيكُمْ، فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ. وَاللّهُ خَلِيفَتِي عَلَىَ كُلّ مُسْلِمٍ. إِنّهُ شَابّ قَطَطٌ. عَيْنُهُ طَافِئَةٌ. كَأَنّي أُشَبّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزّىَ بْنِ قَطَنٍ. فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ. إِنّهُ خَارِجٌ خَلّةً بَيْنَ الشّامِ وَالْعِرَاقِ. فَعَاثَ يَمِيناً وَعَاثَ شِمَالاً. يَا عِبَادَ اللّهِ فَاثْبُتُوا". قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللّهِ وَمَا لَبْثُهُ فِي الأَرْضِ؟ قَالَ: "أَرْبَعُونَ يَوْماً. يَوْمٌ كَسَنَةٍ. وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ. وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ. وَسَائِرُ أَيّامِهِ كَأَيّامِكُمْ" قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الّذِي كَسَنَةٍ، أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلاَةُ يَوْمٍ؟ قَالَ: "لاَ. اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ" قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللّهِ وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الأَرْضِ؟ قَالَ: "كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرّيحُ. فَيَأْتِي عَلَىَ الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ، فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ. فَيَأْمُرُ السّمَاءَ فَتُمْطِرُ. وَالأَرْضَ فَتُنْبِتُ. فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ، أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُراً، وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعاً، وَأَمَدّهُ خَوَاصِرَ. ثُمّ يَأْتِي الْقَوْمَ. فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ. فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ. فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ. وَيَمُرّ بِالْخَرِبَةِ فَيَقُولُ لَهَا: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ. فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النّحْلِ. ثُمّ يَدْعُو رَجُلاً مُمْتَلِئاً شَبَاباً. فَيَضْرِبُهُ بِالسّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزِلَتَيْنِ رَمْيَةَ الْغَرَضِ. ثُمّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ وَيَتَهَلّلُ وَجْهُهُ. يَضْحَكُ. فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ. فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيّ دِمَشْقَ. بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ. وَاضِعاً كَفّيْهِ عَلَىَ أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ. إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطرَ. وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللّؤْلُؤِ. فَلاَ يَحِلّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلاّ مَاتَ. وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ. فَيَطْلُبُهُ حَتّىَ يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدَ. فَيَقْتُلُهُ. ثُمّ يَأْتِي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قَدْ عَصَمَهُمُ اللّهُ مِنْهُ. فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ وَيُحَدّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الْجَنّةِ. فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَىَ اللّهُ إِلَىَ عِيسَىَ: إِنّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَاداً لِي، لاَ يَدَانِ لأَحَدٍ بِقِتالِهِمْ. فَحَرّزْ عِبَادِي إِلَىَ الطّورِ. وَيَبْعَثُ اللّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ. وَهُمْ مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ. فَيَمُرّ أَوَائِلُهُمْ عَلَىَ بُحَيْرَةِ طَبَرِيّةَ. فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا. وَيَمُرّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ: لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ، مَرّةً، مَاءٌ. وَيُحْصَرُ نَبِيّ اللّهِ عِيسَىَ وَأَصْحَابُهُ. حَتّىَ يَكُونَ رَأْسُ الثّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْراً مِنْ مِائَةٍ دِينَارٍ لأَحَدِكُمُ الْيَوْمَ. فَيَرْغَبُ نَبِيّ اللّهِ عِيسَىَ وَأَصْحَابُهُ. فَيُرْسِلُ اللّهُ عَلَيْهِمُ النّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ. فَيُصْبِحُونَ فَرْسَىَ كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ. ثُمّ يَهْبِطُ نَبِيّ اللّهِ عِيسَىَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى الأَرْضِ. فَلاَ يَجِدُونَ فِي الأَرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلاّ مَلأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ.
فَيَرْغَبُ نَبِيّ اللّهِ عِيسَىَ وَأَصْحَابُهُ إِلَىَ اللّهِ. فَيُرْسِلُ اللّهُ طَيْراً كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ. فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللّهُ. ثُمّ يُرْسِلُ اللّهُ مَطَراً لاَ يَكُنّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ. فَيَغْسِلُ الأَرْضَ حَتّىَ يَتْرُكَهَا كَالزّلَفَةِ. ثُمّ يُقَالُ لِلأَرْضِ: أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ، وَرُدّي بَرَكَتَكِ. فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنَ الرّمّانَةِ. وَيَسْتَظِلّونَ بِقِحْفِهَا. وَيُبَارَكُ فِي الرّسْلِ. حَتّىَ أَنّ اللّقْحَةَ مِنَ الإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ مِنَ النّاسِ. وَاللّقْحَةَ مِنَ الْبَقَرِ لَتَكْفِي الْقَبِيلَةَ مِنَ النّاسِ وَاللّقْحَةَ مِنَ الْغَنَمِ لَتَكْفِي الْفَخِذَ مِنَ النّاسِ. فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللّهُ رِيحاً طَيّبَةً. فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ. فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلّ مُؤْمِنٍ وَكُلّ مُسْلِمٍ. وَيَبْقَىَ شِرَارُ النّاسِ، يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ، فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السّاعَةُ".
حدّثنا عَلِيّ بْنُ حُجْرٍ السّعْدِيّ. حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ ابْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ ابْنُ حُجْرٍ: دَخَلَ حَدِيثُ أَحَدِهِمَا فِي حَدِيثِ الاَخَرِ عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ ابْنِ جَابِرٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. نَحْوَ مَا ذَكَرْنَا. وَزَادَ بَعْدَ قوله: "لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ، مَرّةً، مَاءٌ ثُمّ يَسِيرُونَ حَتّىَ يَنْتَهُوا إِلَىَ جَبَلِ الْخَمَرِ. وَهُوَ جَبَلُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. فَيَقُولُونَ: لَقَدْ قَتَلْنَا مَنْ فِي الأَرْضِ. هَلُمّ فَلْنَقْتُلْ مَنْ فِي السّمَاءِ. فَيَرْمُونَ بِنُشّابِهِمْ إِلَىَ السّمَاءِ. فَيَرُدّ اللّهُ عَلَيْهِمْ نُشّابَهُمْ مَخْضُوبَةً دَماً".
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حُجْرٍ: "فَإِنّي قَدْ أَنْزَلْتُ عِبَاداً لِي، لاَ يَدَيْ لأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ".
قد سبق في شرح خطبة الكتاب بيان اشتقاقه وغيره، وسبق في كتاب الصلاة بيان قسميته المسيح واشتقاقه والخلاف في ضبطه، قال القاضي: هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره في قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده، وأنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى من إحياء الميت الذي يقتله، ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه وجنته وناره ونهريه واتباع كنوز الأرض له، وأمره السماء أن تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فتنبت فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته، ثم يعجزه الله تعالى بعد ذلك فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره ويبطل أمره ويقتله عيسى صلى الله عليه وسلم ويثبت الله الذين آمنوا، هذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار، خلافاً لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة، وخلافاً للبخاري المعتزلي وموافقيه من الجهمية وغيرهم في أنه صحيح الوجود، ولكن الذي يدعي مخارف وخيالات لا حقائق لها وزعموا أنه لو كان حقاً لم يوثق بمعجزات الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهذا غلط من جميعهم لأنه لم يدع النبوة فيكون ما معه كالتصديق له وإنما يدعي الإلهية، وهو في نفس دعواه مكذب لها بصورة حاله ووجود دلائل الحدوث فيه ونقص صورته وعجزه عن إزالة العور الذي في عينيه وعن إزالة الشاهد بكفره المكتوب بين عينيه، ولهذه الدلائل وغيرها لا يغتر به إلا رعاع من الناس لسد الحاجة والفاقة رغبة في سد الرمق أو تقية وخوفاً من أذاه، لأن فتنته عظيمة جداً تده العقول وتحير الألباب مع سرعة مروره في الأمر، فلا يمكث بحيث يتأمل الضعفاء حاله ودلائل الحدوث فيه والنقص فيصدقه من صدقه في هذه الحالة، ولهذا حذرت الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين من فتنته ونبهوا على نقصه ودلائله إبطاله، وأما أهل التوفيق فلا يغترون به ولا يخدعون لما معه لما ذكرناه من الدلائل المكذبة له مع ما سبق لهم من العلم بحالة، ولهذا يقول له الذي يقتله ثم يحييه ما ازددت فيك إلا بصيرة، هذا آخر كلام القاضي رحمه الله. قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تبارك وتعالى ليس بأعور ألا وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافئة" أما طافئة فرويت بالهمز وتركه وكلاهما صحيح، فالمهموزة هي التي ذهب نورها، وغير المهموزة التي نتأت وطفت مرتفعة وفيها ضوء، وقد سبق في كتاب الإيمان بيان هذا كله وبيان الجمع بين الروايتين وأنه جاء في رواية أعور العين اليمنى وفي رواية اليسرى وكلاهما صحيح، والعور في اللغة العيب وعيناه معيبتان عوراً وأن إحداهما طافئة بالهمز لا ضوء فيها، والأخرى طافية بلا همزة ظاهرة ناتئة. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى ليس بأعور والدجال أعور فبيان لعلامة بينة تدل على كذب الدجال دلالة قطعية بديهية يدركها كل أحد، ولم يقتصر على كونه جسماً أو غير ذلك من الدلائل القطعية لكون بعض العوام لا يهتدي إليها والله أعلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: "مكتوب بين عينيه كافر ثم تهجاها فقال ك ف ر يقرأ كل مسلم". وفي رواية: "يقرأ كل مؤمن كاتب وغير كاتب". الصحيح الذي عليه المحققون أن هذه الكتابة على ظاهرها وأنها كتابة حقيقة جعلها الله آية وعلامة من جملة العلامات القاطعة بكفره وكذبه وإبطاله، ويظهرها الله تعالى لكل مسلم كاتب وغير كاتب، ويخفيها عمن أراد شقاوته وفتنته ولا امتناع في ذلك. وذكر القاضي فيه خلافاً منهم من قال هي كتابة حقيقة كما ذكرنا، ومنهم من قال هي مجاز وإشارة إلى سمات الحدوث عليه واحتج بقوله: يقرأه كل مؤمن كاتب وغير كاتب وهذا مذهب ضعيف.
قوله صلى الله عليه وسلم: "معه جنة ونار فجنته نار وناره جنة" وفي رواية: (نهران) وفي رواية: (ماء ونار) قال العلماء: هذا من جملة فتنته امتحن الله تعالى به عباده ليحق الحق ويبطل الباطل ثم يفضحه ويظهر للناس عجزه. قوله صلى الله عليه وسلم: "فإما أدركن أحد فليأت النهر الذي يراه ناراً" هكذا هو في أكثر النسخ أدركن وفي بعضها أدركه وهذا الثاني ظاهر، وأما الأول فغريب من حيث العربية لأن هذه النون لا تدخل على الفعل، قال القاضي: ولعله يدركن يعني فعبره بعض الرواة. وقوله يراه بفتح الياء وضمها. قوله صلى الله عليه وسلم: "ممسوح العين عليها ظفرة غليظة" هي بفتح الظاء المعجمة والفاء وهي جلدة تغشي البصر، وقال الأصمعي: لحمة نتبت عند المآقي.
قوله: (سمع النواس بن سمعان) بفتح السين وكسرها. قوله: "ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل" هو بتشديد الفاء فيهما، وفي معناه قولان: أحدهما أن خفض بمعنى حقر. وقوله رفع أي عظمه وفخمه فمن تحقيره وهوانه على الله تعالى عوره، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: هو أهون على الله من ذلك، وأنه لا يقدر على قتل أحد إلا ذلك الرجل ثم يعجز عنه وأنه يضمحل أمره ويقتل بعد ذلك هو وأتباعه، ومن تفخيمه وتعظيم فتنته والمحنة به هذه الأمور الخارقة للعادة وأنه ما من نبي إلا وقد أنذره قومه. والوجه الثاني أنه خفض من صوته في حال الكثرة فيما تكلم فيه فخفض بعد طول الكلام والتعب ليستريح ثم رفع ليبلغ صوته كل أحد. قوله صلى الله عليه وسلم: "غير الدجال أخو فني عليكم" هكذا هو في جميع نسخ بلادنا أخوفني بنون بعد الفاء، وكذا نقله القاضي عن رواية الأكثرين، قال: ورواه بعضهم بحذف النون وهما لغتان صحيحتان ومعناهما واحد، قال شيخنا الإمام أبو عبد الله بن مالك رحمه الله تعالى: الحاجة داعية إلى الكلام في لفظ الحديث ومعناه، فأما لفظه لكونه تضمن ما لا يعتاد من إضافة أخوف إلى ياء المتكلم مقرونة بنون الوقاية وهذا الاستعمال إنما يكون مع الأفعال المتعدية، والجواب أنه كان الأصل إثباتها ولكنه أصل متروك فنبه عليه في قليل من كلامهم وأنشد فيه أبياتاً منها ما أنشده الفراء:
فما أدري فظني كل ظنأمسلمتي إلى قومي شراحي
يعني شراحيل فرخمه في غير الندا للضرورة، وأنشد غيره:
وليس الموافيني ليرفد خائبافإن له أضعاف ما كان أملا
ولأفعل التفضيل أيضاً شبه بالفعل وخصوصاً بفعل التعجب فجاز أن تلحقه النون المذكورة في الحديث كما لحقت في الأبيات المذكورة هذا هو الأظهر في هذه النون هنا، ويحتمل أن يكون معناه أخوف لي فأبدلت النون من اللام كما أبدلت في لعن وعن بمعنى لعل وعل، وأما معنى الحديث ففيه أوجه أظهرها أنه من أفعل التفضيل وتقديره غير الدجال أخوف مخوفاتي عليكم ثم حذف المضاف إلى الياء، ومنه أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون، معناه أن الأشياء التي أخافها على أمتي أحقها بأن تخاف الأئمة المضلون. والثاني بأن يكون أخوف من أخاف بمعنى خوف ومعناه غير الدجال أشد موجبات خوفي عليكم. والثالث أن يكون من باب وصف المعاني بما يوصف به الأعيان على سبيل المبالغة كقولهم في الشعر الفصيح شعر شاعر، وخوف فلان أخوف من خوفك، وتقديره خوف غير الدجال أخوف خوفي عليكم ثم حذف المضاف الأول ثم الثاني، هذا آخر كلام الشيخ رحمه الله. قوله صلى الله عليه وسلم: "إنه شاب قطط" هو بفتح القاف والطاء أي شديد جعودة الشعر مباعد للجعودة المحبوبة. قوله صلى الله عليه وسلم: "إنه خارج خلة بين الشام والعراق" هكذا في نسخ بلادنا خلة بفتح الخاء المعجمة واللام وتنوين الهاء، وقال القاضي: المشهور فيه حلة بالحاء المهملة ونصب التاء يعني غير منونة قيل معناه سمت ذلك وقبالته، وفي كتاب العين الحلة موضع حزن وصخور، قال: ورواه بعضهم حله بضم اللام وبهاء الضمير أي نزوله وحلوله، قال: وكذا ذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين، قال: وذكره الهروي خلة بالخاء المعجمة وتشديد اللام المفتوحتين وفسره بأنه ما بين البلدين، هذا آخر ما ذكره القاضي، وهذا الذي ذكره عن الهروي هو الموجود في نسخ بلادنا، وفي الجمع بين الصحيحين أيضاً ببلادنا، وهو الذي رجحه صاحب نهاية الغريب وفسره بالطريق بينهما. قوله: (فعاث يميناً وعاث شمالاً) هو بعين مهملة وثاء مثلثة مفتوحة وهو فعل ماض والعيث الفساد أو أشد الفساد والإسراع فيه يقال منه عاث يعيث، وحكى القاضي أنه رواه بعضهم فعاث بكسر الثاء منونة اسم فاعل وهو بمعنى الأول. قوله صلى الله عليه وسلم: "يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم" قال العلماء: هذا الحديث على ظاهره، وهذه الأيام الثلاثة طويلة على هذا القدر المذكور في الحديث يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: وسائر أيامه كأيامكم، وأما قولهم: يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة تكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا أقدروا له قدره، فقال القاضي وغيره: هذا حكم مخصوص بذلك اليوم شرعه لنا صاحب الشرع، قالوا: ولولا هذا الحديث ووكلنا إلى اجتهادنا لاقتصرنا فيه على الصلوات الخمس عند الأوقات المعروفة في غيره من الأيام، ومعنى أقدروا له قدره أنه إذا مضى بعد طلوع الفجر قدر ما يكون بينه وبين الظهر كل يوم فصلوا الظهر، ثم إذا مضى بعده قدر ما يكون بينها وبين العصر فصلوا العصر، وإذا مضى بعد هذا قدر ما يكون بينها وبين المغرب فصلوا المغرب وكذا العشاء والصبح ثم الظهر ثم العصر ثم المغرب وهكذا حتى ينقضي ذلك اليوم، وقد وقع فيه صلوات سنة فرائض كلها مؤداة في وقتها. وأما الثاني الذي كشهر والثالث الذي كجمعة فقياس اليوم الأول أن يقدر لهما كاليوم الأول على ما ذكرناه والله أعلم. قوله صلى الله عليه وسلم: "فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذراً وأسبغه ضروعاً وأمده خواصر" أما تروح فمعناه ترجع آخر النهار والسارحة هي الماشية التي تسرح أي تذهب أول النهار إلى المرعى، وأما الذرى فبضم الذال المعجمة وهي الأعالي والأسنمة جمع ذروة بضم الذال وكسرها. وقوله: (وأسبغه) بالسين المهملة والغين المعجمة أي أطوله لكثرة اللبن، وكذا أمده خواصر لكثرة امتلائها من الشبع. قوله صلى الله عليه وسلم: "فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل" هي ذكور النحل هكذا فسره ابن قتيبة وآخرون، قال القاضي: المراد جماعة النحل لا ذكورها خاصة لكنه كنى عن الجماعة باليعسوب وهو أميرها لأنه متى طار تبعته جماعته والله أعلم. قوله صلى الله عليه وسلم: "فيقطعه جزلتين رمية الغرض" بفتح الجيم على المشهور وحكى ابن دريد كسرها أي قطعتين، ومعنى رمية الغرض أنه يجعل بين الجزلتين مقدار رميته هذا هو الظاهر المشهور، وحكى القاضي هذا ثم قال: وعندي أن فيه تقديماً وتأخيراً وتقديره فيصيبه إصابة رمية الغرض فيقطعه جزلتين والصحيح الأول. قوله: (فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين) أما المنارة فبفتح الميم وهذه المنارة موجودة اليوم شرقي دمشق، ودمشق بكسر الدال وفتح الميم وهذا هو المشهور، وحكى صاحب المطالع كسر الميم وهذا الحديث من فضائل دمشق، وفي عند ثلاث لغات كسر العين وضمها وفتحها والمشهور الكسر، وأما المهروذتان فروي بالدال المهملة والذال المعجمة والمهملة أكثر، والوجهان مشهوران للمتقدمين والمتأخرين من أهل اللغة والغريب وغيرهم، وأكثر ما يقع في النسخ بالمهملة كما هو المشهور ومعناه لابس مهروذتين أي ثوبين مصبوغين بورس ثم بزعفران وقيل هما شقتان والشقة نصف الملاءة.
قوله صلى الله عليه وسلم: "تحدر منه جمان كاللؤلؤ" الجمان بضم الجيم وتخفيف الميم هي حبات من الفضة تصنع على هيئة اللؤلؤ الكبار، والمراد يتحدر منه الماء على هيئة اللؤلؤ في صفات فسمي الماء جماناً لشبهه به في الصفاء. قوله صلى الله عليه وسلم: "فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات" هكذا الرواية فلا يحل بكسر الحاء ونفسه بفتح الفاء ومعنى لا يحل لا يمكن ولا يقع، وقال القاضي: معناه عندي حق وواجب، قال: ورواه بعضهم بضم الحاء. وهو وهم وغلط. قوله صلى الله عليه وسلم: "يدركه بباب لد" هو بضم اللام وتشديد الدال مصروف وهو بلدة قريبة من بيت المقدس. قوله صلى الله عليه وسلم: "ثم يأتي عيسى صلى الله عليه وسلم قوماً قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم" قال القاضي: يحتمل أن هذا المسح حقيقة على ظاهره فيمسح على وجوههم تبركاً وبراً، ويحتمل أنه إشارة إلى كشف ما هم فيه من الشدة والخوف. قوله تعالى: {أخرجت عباداً لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور} فقوله لا يدان بكسر النون تثنية يد، قال العلماء: معناه لا قدرة ولا طاقة، يقال مالي بهذا الأمر يد ومالي به يدان لأن المباشرة والدفع إنما يكون باليد وكان يديه معدومتان لعجزه عن دفعه، ومعنى حرزهم إلى الطور أي ضمهم واجعله لهم حرزاً، يقال: أحرزت الشيء أحرزه إحرازاً إذا حفظته وضممته إليك وصنته عن الأخذ، ووقع في بعض النسخ حزب بالحاء والزاي والباء أي أجمعهم، قال القاضي: وروي حوز بالواو والزاي ومعناه نحهم وأزلهم عن طريقهم إلى الطور. قوله: {وهم من كل حدب ينسلون} الحدب النشز وينسلون يمشون مسرعين قوله صلى الله عليه وسلم: "فيرسل الله تعالى عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى" النغف بنون وغين معجمة مفتوحتين ثم فاء وهو دود يكون في أنوف الإبل والغنم الواحدة نغفة، والفرسى بفتح الفاء مقصور أي قتلى واحدهم فريس. قوله: (ملأه زهمهم ونتنهم) هو بفتح الهاء أي دسهم ورائحتهم الكريهة. قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يكن منه بيت مدر" أي لا يمنع من نزول الماء بيت. المدر بفتح الميم والدال وهو الطين الصلب. قوله صلى الله عليه وسلم: "فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة" روي ببفتح الزاي واللام والقاف، وروي الزلفة بضم الزاي وإسكان اللام وبالفاء، وروي الزلفة بفتح الزاي واللام وبالفاء، وقال القاضي: روي بالفاء والقاف وبفتح اللام وبإسكانها وكلها صحيحة، قال في المشارق: والزاي مفتوحة، واختلفوا في معناه فقال ثعلب وأبو زيد وآخرون معناه كالمرآة، وحكى صاحب المشارق هذا عن ابن عباس أيضاً شبهها بالمرآة في صفائها ونظافتها، وقيل كمصانع الماء أي ان الماء يستنقع فيها حتى تصير كالمصنع الذي يجتمع فيه الماء، وقال أبو عبيد معناه كالإجانة الخضراء، وقيل كالصحفة، وقيل كالروضة. قوله صلى الله عليه وسلم: "تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها" العصابة الجماعة وقحفها بكسر القاف هو مقعر قشرها شبهها بقحف الرأس وهو الذي فوق الدماغ، وقيل ما انفلق من جمجمته وانفصل. قوله صلى الله عليه وسلم: "ويبارك في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس" الرسل بكسر الراء وإسكان السين هو اللبن، واللقحة بكسر اللام وفتحها لغتان مشهورتان الكسر أشهر وهي القريبة العهد بالولادة وجمعها لقح بكسر اللام وفتح القاف كبركة وبرك، واللقوح ذات اللبن وجمعها لقاح، والفئام بكسر الفاء وبعدها همزة ممدودة وهي الجماعة الكثيرة هذا هو المشهور، والمعروف في اللغة وكتب الغريبة ورواية الحديث أنه بكسر الفاء وبالهمز، قال القاضي: ومنهم من لا يجيز الهمز بل يقوله بالياء، وقال في المشارق: وحكاه الخليل بفتح الفاء وهي رواية القابسي، قال: وذكره صاحب العين غير مهموز فأدخله في حرف الياء، وحكى الخطابي أن بعضهم ذكره بفتح الفاء وتشديد الياء وهو غلط فاح. قوله صلى الله عليه وسلم: "لتكفي الفخذ من الناس" قال أهل اللغة: الفخذ الجماعة من الأقارب وهم دون البطن والبطن دون القبيلة، قال القاضي: قال ابن فارس الفخذ هنا بإسكان الخاء لا غير فلا يقال إلا بإسكانها بخلاف الفخذ التي هي العضو فإنها تكسر وتسكن. قوله صلى الله عليه وسلم: "فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم" هكذا هو في جميع نسخ مسلم وكل مسلم بالواو. قوله صلى الله عليه وسلم: "يتهارجون تهارج الحمير" أي يجامع الرجال النساء بحضرة الناس كما يفعل الحمير ولا يكثرون لذلك، والهرج بإسكان الراء الجماع يقال هرج زوجته أي جامعها يهرجها بفتح الراء وضمها وكسرها. قوله صلى الله عليه وسلم: "يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر" هو بخاء معجمة وميم مفتوحتين، والخمر الشجر الملتف الذي يستر من فيه، وقد فسره في الحديث بأنه جبل بيت المقدس.
*2* باب في صفة الدجال، وتحريم المدينة عليه، وقتله المؤمن وإحيائه
*حدّثني عَمْرٌو النّاقِدُ وَ الحَسَنُ الحُلْوَانِيّ وَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. وَأَلْفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ. وَالسّيَاقُ لِعَبْدٍ (قَالَ: حَدّثَنِي. وَقَالَ الاَخَرَانِ: حَدّثَنَا) يَعْقُوبُ وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهيمَ بْنِ سَعْدٍ . حَدّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ قَالَ: حَدّثَنَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْماً حَدِيثاً طَوِيلاً عَنِ الدّجّالِ. فَكَانَ فِيمَا حَدّثَنَا قَالَ: "يَأْتِي، وَهُوَ مُحَرّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ أَنْقَابَ الْمَدِينَةِ. فَيَنْتَهِي إِلَىَ بَعْضِ السّبَاخِ الّتِي تَلِي الْمَدِينَةَ. فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ هُوَ خَيْرُ النّاسِ، أَوْ مِنْ خَيْرِ النّاسِ. فَيَقُولُ لَهُ: أَشْهَدُ أَنّكَ الدّجّالُ الّذِي حَدّثَنَا رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثَهُ. فَيَقُولُ الدّجّالُ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمّ أَحْيَيْتُهُ، أَتَشُكّونَ فِي الأَمْرِ؟ فَيَقُولُونَ: لاَ. قَالَ: فَيَقْتُلُهُ ثُمّ يُحْيِيهِ. فَيَقُولُ حِينَ يُحْيِيهِ: وَاللّهِ مَا كُنْتُ فِيك قَطّ أَشَدّ بَصِيرَةً مِنّي الاَنَ. قَالَ: فَيُرِيدُ الدّجّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلاَ يُسَلّطُ عَلَيْهِ".
قَالَ أَبُو إِسْحَقَ؟ يُقَالُ إِنّ هَذَا الرّجُلَ هُوَ الْخَضِرُ عَلَيْهِ السّلاَمُ.
وحدّثني عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ الدّارِمِيّ. أَخْبَرَنَا أَبُو اليَمَان. أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزّهْرِيّ في هَذَا الإِسْنَادِ، بِمِثْلِهِ.
حدّثني مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ قُهْزَاذَ، مِنْ أَهْلِ مَرْوَ. حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي الْوَدّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَخْرُجُ الدّجّالُ فَيَتَوَجّهُ قِبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. فَتَلْقَاهُ الْمَسَالِحُ، مَسَالِحُ الدّجّالِ. فَيَقُولُونَ لَهُ: أَيْنَ تَعْمِدُ؟ فَيَقُولُ: أَعْمِدُ إِلَىَ هَذَا الّذِي خَرَجَ. قَالَ: فَيَقُولُونَ لَهُ: أَوَ مَا تُؤْمِنُ بِرَبّنَا؟ فَيَقُولُ: مَا بِرَبّنَا خَفَاءٌ. فَيَقُولُونَ: اقْتُلُوهُ. فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَلَيْسَ قَدْ نَهَاكُمْ رَبّكُمْ أَنْ تَقْتُلُوا أَحَداً دُونَهُ. قَالَ: فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إِلَىَ الدّجّالِ. فَإِذَا رَآهُ الْمُؤْمِنُ قَالَ: يَا أَيّهَا النّاسُ هَذَا الدّجّالُ الّذِي ذَكَرَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَيَأْمُرُ الدّجّالُ بِهِ فَيُشَبّحُ. فَيَقُولُ: خُذُوهُ وَشُجّوهُ. فَيُوسَعُ ظَهْرُهُ وَبَطْنُهُ ضَرْباً. قَالَ: فَيَقُولُ: أَوَ مَا تُؤْمِنُ بِي؟ قَالَ: فَيَقُولُ: أَنْتَ الْمَسِيحُ الْكَذّابُ. قَالَ فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُؤْشَرُ بِالْمِئْشَارِ مِنْ مَفْرِقِهِ حَتّىَ يُفَرّقَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ. قَالَ: ثُمّ يَمْشِي الدّجّالُ بَيْنَ الْقِطْعَتَيْنِ. ثُمّ يَقُولُ لَهُ: قُمْ. فَيَسْتَوِي قَائِماً. قَالَ: ثُمّ يَقُولُ لَهُ: أَتُؤْمِنُ بِي؟ فَيَقُولُ: مَا ازْدَدْتُ فِيكَ إِلاّ بَصِيرَةً. قَالَ: ثُمّ يَقُولُ: يَا أَيّهَا النّاسُ إِنّهُ لاَ يَفْعَلُ بَعْدِي بِأَحَدٍ مِنَ النّاسِ. قَالَ: فَيَأْخُذُهُ الدّجّالُ لِيَذْبَحَهُ. فَيُجْعَلَ مَا بَيْنَ رَقَبَتِهِ إِلَىَ تَرْقُوَتِهِ نُحَاساً. فَلاَ يَسْتَطِيعُ إِلَيْهِ سَبِيلاً. قَالَ: فَيَأْخُذُ بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَيَقْذِفُ بِهِ. فَيَحْسِبُ النّاسُ أَنّمَا قَذَفَهُ إِلَىَ النّارِ. وَإِنّمَا أُلْقِيَ فِي الْجَنّةِ".
فقالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "هَذَا أَعْظَمُ النّاسِ شَهَادَةً عِنْدَ رَبّ الْعَالَمِينَ".
قوله صلى الله عليه وسلم: "محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة" هو بكسر النون أي طرقها وفجاجها وهو جمع نقب وهو الطريق بين جبلين. قوله صلى الله عليه وسلم: "فيقتله ثم يحييه" قال المازري: إن قيل إظهار المعجزة على يد الكذاب ليس بممكن، وكيف ظهرت هذه الخوارق للعادة على يده؟ فالجواب أنه إنما يدعي الربوبية، وأدلة الحدوث تخل ما ادعاه وتكذبه. وأما النبي فإنما يدعي النبوة وليست مستحيلة في البشر فإذا أتى بدليل لم يعارضه شيء صدق. وأما قول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكون في الأمر؟ فيقولون لا فقد يستشكل، لأن ما أظهره الدجال لا دلالة فيه لربوبيته لظهور النقص عليه ودلائل الحدوث وتشويه الذات وشهادة كذبه وكفره المكتوبة بين عينيه وغير ذلك، ويجاب بنحو ما سبق في أول الباب هو أنهم لعلهم قالوا خوفاً منه وتقية لا تصديقاً، ويحتمل أنهم قصدوا لا نشك في كذبك وكفرك، فإن من شك في كذبه وكفره كفر وخادعون بهذه التورية خوفاً منه، ويحتمل أن الذين قالوا لا نشك هم مصدقوه من اليهود وغيرهم ممن قدر الله تعالى شقاوته. قوله: (قال أبو إسحاق يقال إن هذا الرجل هو الخضر عليه السلام) أبو إسحاق هذا هو إبراهيم بن سفيان راوي الكتاب عن مسلم، وكذا قال معمر في جامعه في أثر هذا الحديث كما ذكره ابن سفيان، وهذا تصريح منه بحياة الخضر عليه السلام وهو الصحيح، وقد سبق في بابه من كتاب المناقب والمشايخ قوم معهم سلاح يرتبون في المراكز كالخفر أسموا بذلك لحملهم السلاح. قوله صلى الله عليه وسلم: "فيأمر الدجال به فيشبح فيقول خذوه وشجوه" فالأول بشين معجمة ثم باء موحدة ثم حاء مهملة أي مدوه على بطنه، والثاني شجوه بالجيم المشددة من الشج وهو الجرح في الرأس والوجه الثاني فيشج كالأول فيقول خذوه وشبحوه بالباء والحاء والثالث فيشج وشجوه كلاهما بالجيم، وصحح القاضي الوجه الثاني وهو الذي ذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين والأصح عندنا الأول. وأما قوله: (فيوسع ظهره) فبإسكان الواو وفتح السين. قوله صلى الله عليه وسلم: "فيؤشر بالمئشار من مفرقه" هكذا الرواية يؤشر بالهمز والمئشار بهمزة بعد الميم وهو الأفصح، ويجوز تخفيف الهمزة فيهما فيجعل في الأول واواً وفي الثاني ياء ويجوز المنشار بالنون، وعلى هذا يقال نشرت الخشبة وعلى الأول يقال أشرتها، ومفرق الرأس بكسر الراء وسطه، والترقوة بفتح التاء وضم القاف وهي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق.
*2* باب في الدجال وهو أهون على اللّه عز وجل
*حدّثنا شِهَابُ بْنُ عَبّادٍ الْعَبْدِيّ. حَدّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ الرّوءَاسِيّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: مَا سَأَلَ أَحَدٌ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدّجّالِ أَكْثَرَ مِمّا سَأَلْتُ. قَالَ: "وَمَا يُنْصِبُكَ مِنْهُ؟ إِنّهُ لاَ يَضُرّكَ" قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّهُمْ يَقُولُونَ: إِنّ مَعَهُ الطّعَامَ وَالأَنْهَارَ. قَالَ: "هُوَ أَهْوَنُ عَلَىَ اللّهِ مِنْ ذَلِكَ".
حدّثنا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ. حَدّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: مَا سَأَلَ أَحَدٌ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدّجّالِ أَكْثَرَ مِمّا سَأَلْتُهُ. قَالَ: "وَمَا سُوءَالُكَ؟" قَالَ قُلْتُ: إِنّهُمْ يَقُولُونَ: مَعَهُ جِبَالٌ مِنْ خُبْزٍ وَلَحْمٍ، وَنَهَرٌ مِنْ مَاءٍ. قَالَ: "هُوَ أَهْوَنُ عَلَىَ اللّهِ مِنْ ذَلِكَ".
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ ابْنُ نُمَيْرٍ. قَالاَ: حَدّثَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ. ح وَحَدّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ. حَدّثَنَا سُفْيَانُ. ح وَحَدّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ. ح وَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. كُلّهُمْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حُمَيْدٍ. وَزَادَ فِي حَدِيثِ يَزِيدَ: فَقَالَ لِي: "أَيْ بُنَيّ".
قوله صلى الله عليه وسلم: "وما ينصبك" هو بضم الياء على اللغة المشهورة أي ما يتعبك من أمره، قال ابن دريد: يقال أنصبه المرض وغيره ونصبه والأولى أفصح، قال: وهو تغير الحال من مرض أو تعب. قوله: (قلت يا رسول الله إنهم يقولون إن معه الطعام والأنهار قال هو أهون على الله من ذلك) قال القاضي: معناه هو أهون على الله من أن يجعل ما خلقه الله تعالى على يده فضلاً للمؤمنين ومشككاً لقلوبهم، بل إنما جعله له ليزداد الذين آمنوا إيماناً ويثبت الحجة على الكافرين والمنافقين ونحوهم، وليس معناه أنه ليس معه شيء من ذلك.
*2* باب في خروج الدجال ومكثه في الأرض، ونزول عيسى وقتله إياه، وذهاب أهل الخير والإيمان، وبقاء شرار الناس وعبادتهم الأوثان، والنفخ في الصور، وبعث من في القبور
*حدّثنا عُبَيْدُ اللّهِ بْن مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيّ. حَدّثَنَا أَبِي. حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ النّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ يَعْقُوبَ بْنَ عَاصِمِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثّقَفِيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللّهِ بْنَ عَمْرٍو، وَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: مَا هَذَا الْحَدِيثُ الّذِي تُحَدّثُ بِهِ؟ تَقُولُ: إِنّ السّاعَةَ تَقُومُ إِلىَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: سُبْحَانَ اللّهِ أَوْ لاَ إِلَهَ إِلاّ اللّهُ. أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهُمَا. لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لاَ أُحَدّثَ أَحَداً شَيْئاً أَبَداً. إِنّمَا قُلْتُ: إِنّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدَ قَلِيلٍ أَمْراً عَظِيماً. يُحَرّقُ الْبَيْتُ، وَيَكُونُ، وَيَكُونُ. ثُمّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَخْرُجُ الدّجّالُ فِي أُمّتِي فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ (لاَ أَدْرِي: أَرْبَعِينَ يَوْماً، أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْراً، أَوْ أَرْبَعِينَ عَاماً). فَيَبْعَثُ اللّهُ عِيسَىَ ابْنَ مَرْيَمَ كَأَنّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ. فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ ثُمّ يَمْكُثُ النّاسُ سَبْعَ سِنِينَ. لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ. ثُمّ يُرْسِلُ اللّهُ رِيحاً بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشّأْمِ. فَلاَ يَبْقَىَ عَلَىَ وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرّةٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ إِيمَانٍ إِلاّ قَبَضَتْهُ. حَتّىَ لَوْ أَنّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ فِي كَبَدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْهُ عَلَيْهِ، حَتّىَ تَقْبِضَهُ". قَالَ: سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: "فَيَبْقَىَ شِرَارُ النّاسِ فِي خِفّةِ الطّيْرِ وَأَحْلاَمِ السّبَاعِ. لاَ يَعْرِفُونَ مَعْرُوفاً وَلاَ يُنْكِرُونَ مُنْكَراً. فَيَتَمَثّلُ لَهُمُ الشّيْطَانُ فَيَقُولُ: أَلاَ تَسْتَجِيبُونَ؟ فَيَقُولُونَ: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَيَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الأَوْثَانِ. وَهُمْ فِي ذَلِكَ دَارّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ. ثُمّ يُنْفَخُ فِي الصّورِ. فَلاَ يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلاّ أَصْغَىَ لِيتاً وَرَفَعَ لِيتاً. قَالَ وَأَوّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إِبِلِهِ. قَالَ: فَيَصْعَقُ، وَيَصْعَقُ النّاسُ. ثُمّ يُرْسِلُ اللّهُ أَوْ قَالَ يُنْزِلُ اللّهُ مَطَراً كَأَنّهُ الطّلّ أَوِ الظّلّ (نُعْمَانُ الشّاكّ) فَتَنْبُتُ مِنْهُ أَجْسَادُ النّاسِ. ثُمّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَىَ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظَرُونَ. ثُمّ يُقَالُ: يَا أَيّهَا النّاسُ هَلموا إِلَىَ رَبّكُمْ. وَقِفُوهُمْ إِنّهُمْ مَسْؤُولُونَ. قَالَ: ثُمّ يُقَالُ: أَخْرِجُوا بَعْثَ النّارِ. فَيُقَالُ: مِنْ كَمْ؟ فَيُقَالُ: مِنْ كُلّ أَلْفٍ، تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ. قَالَ: فَذَاكَ يَوْمَ يَجْعَلُ الوِلْدَانَ شِيباً. وَذَلِكَ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ".
وحدّثني مُحَمّدُ بْنُ بَشّارٍ. حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ النّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ يَعْقُوبَ بْنَ عَاصِمِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلاً قَالَ لِعَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرٍو: إِنّكَ تَقُولُ: إِنّ السّاعَةَ تَقُومُ إِلَىَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لاَ أُحَدّثَكُمْ بِشَيْءٍ. إِنّمَا قُلْتُ: إِنّكُمْ تَرَوْنَ بَعْدَ قَلِيلٍ أَمْراً عَظِيماً. فَكَانَ حَرِيقَ الْبَيْتِ (قَالَ شُعْبَةُ: هَذَا أَوْ نَحْوَهُ) قَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَمْرٍو: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَخْرُجُ الدّجّالُ فِي أُمّتِي" وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ مُعَاذٍ. وَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: "فَلاَ يَبْقَىَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرّةٍ مِنْ إِيمَانٍ إِلاّ قَبَضَتْهُ".
قَالَ مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدّثَنِي شُعْبَةُ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَرّاتٍ. وَعَرَضْتُهُ عَلَيْهِ.
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ بِشرٍ عَنْ أَبِي حَيّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ عَبْدِاللّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثاً لَمْ أَنْسَهُ بَعْدُ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنّ أَوّلَ الاَيَاتِ خُرُوجاً، طُلُوعُ الشّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجُ الدّابّةِ عَلَىَ النّاسِ ضُحًى. وَأَيّهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا، فَالأُخْرَىَ عَلَىَ إِثْرِهَا قَرِيباً".
وحدّثنا مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ نُمَيْرٍ. حَدّثَنَا أَبِي. حَدّثَنَا أَبُو حَيّانَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ قَالَ: جَلَسَ إِلَىَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بِالْمَدِينَةِ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. فَسَمِعُوهُ وَهُوَ يُحَدّثُ عَنِ الاَيَاتِ: أَنّ أَوّلَهَا خُرُوجاً الدّجّالُ. فَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَمْرٍو: لَمْ يَقُلْ مَرْوَانُ شَيْئاً. قَدْ حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثاً لَمْ أَنْسَهُ بَعْدُ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ. فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ.
وحدّثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيَ الْجَهْضَمِيّ. حَدّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ. حَدّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي حَيّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ قَالَ: تَذَاكَرُوا السّاعَةَ عِنْدَ مَرْوَانَ. فَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَمْرٍو: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: بِمِثْلِ حَدِيثِهِمَا. وَلَمْ يَذْكُرْ ضُحًى.
قوله صلى الله عليه وسلم: "فيبعث الله عيسى ابن مريم" أي ينزله من السماء حاكماً بشرعنا، وقد سبق يبيان هذا في كتاب الإيمان. قال القاضي رحمه الله تعالى: نزول عيسى عليه السلام وقتله الدجال حق وصحيح عند هل السنة للأحاديث الصحيحة في ذلك، وليس في العقل ولا في الشرع ما يبطله فوجب إثباته، وأنكر ذلك بعض المعتزلة والجهمية ومن وافقهم وزعموا أن هذه الأحاديث مردودة بقوله تعالى: {وخاتم النبيين} وبقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نبي بعدي" وبإجماع المسلمين أنه لا نبي بعد نبينا صلى الله عليه وسلم، وأن شريعته مؤبدة إلى يوم القيامة لا تنسخ، وهذا استدلال فاسد لأنه ليس المراد بنزول عيسى عليه السلام أنه ينزل نبياً بشرع ينسخ شرعنا، ولا في هذه الأحاديث ولا في غيرها شيء من هذا، بل صحت هذه الأحاديث هنا وما سبق في كتاب الإيمان وغيرها أنه ينزل حكماً مقسطاً بحكم شرعنا، ويحيى من أمور شرعنا ما هجره الناس. قوله: (في كبد جبل) أو وسطه وداخله وكبد كل شيء وسطه. قوله صلى الله عليه وسلم: "فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع" قال العلماء: معناه يكونون في سرعتهم إلى الشرور وقضاء الشهوات والفساد كطيران الطير وفي العدوان وظلم بعضهم بعضاً في أخلاق السباع العادية. قوله صلى الله عليه وسلم: "أصغى ليتاً ورفع ليتاً" الليت بكسر اللام وآخره مثناة فوق وهي صفحة العنق وهي جانبه وأصغى أمال. قوله صلى الله عليه وسلم: "وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله" أي يطينه ويصلحه. قوله: (كأنه الطل أو الظل) قال العلماء: الأصح الطل بالمهملة وهو الموافق للحديث الاَخر أنه كمني الرجال. قوله: (فذلك يوم يكشف عن ساق) قال العلماء: معناه ومعنى ما في القرآن يوم يكشف عن ساق يوم يكشف عن شدة وهول عظيم أي يظهر ذلك، يقال كشفت الحرب عن ساقها إذا اشتدت، وأصله أن من جد في أمره كشف عن ساقه مستمراً في الخفة والنشاط له.
*2* باب قصّة الجسّاسة
*حدّثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَ حَجّاجُ بْنُ الشّاعِرِ. كِلاَهُمَا عَنْ عَبْدِ الصّمَدِ (وَاللّفْظُ لِعَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ عَبْدِ الصّمَدِ). حَدّثَنَا أَبِي عَنْ جَدّي، عَنِ الحُسَيْنِ بْنِ ذَكْوَانَ. حَدّثَنَا ابْنُ بُرَيْدَةَ. حَدّثَنِي عَامِرُ بْنُ شَرَاحِيلَ الشّعْبِيّ شَعْبُ هَمْدَانَ أَنّهُ سَأَلَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ، أُخْتَ الضّحّاكِ بْنِ قَيْسٍ. وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ. فَقَالَ: حَدّثِينِي حَدِيثاً سَمِعْتِيهِ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. لاَ تُسْنِدِيهِ إِلَىَ أَحَدٍ غَيْرِهِ. فَقَالَتْ: لَئِنْ شِئْتَ لأَفْعَلَنّ. فَقَالَ لَهَا: أَجَلْ حَدّثِينِي. فَقَالَتْ: نَكَحْتُ ابْنَ الْمُغِيرَةِ. وَهُوَ مِنْ خِيَارِ شَبَابِ قُرَيْشٍ يَوْمَئِذٍ. فَأُصِيبَ فِي أَوّلِ الْجِهَادِ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. فَلَمّا تَأَيّمْتُ خَطَبَنِي عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. وَخَطَبَنِي رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَىَ مَوْلاَهُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. وَكُنْتُ قَدْ حُدّثْتُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَحَبّنِي فَلْيُحِبّ أُسَامَةَ" فَلَمّا كَلّمَنِي رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: أَمْرِي بِيَدِكَ. فَأَنْكِحْنِي مَنْ شِئْتَ. فَقَالَ: "انْتَقِلِي إِلَىَ أُمّ شَرِيكٍ" وَأُمّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ غَنِيّةٌ، مِنَ الأَنْصَارِ. عَظِيمَةُ النّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللّهِ. يَنْزِلُ عَلَيْهَا الضّيفَانُ. فَقُلْتُ: سَأَفْعَلُ. فَقَالَ: "لاَ تَفْعَلِي. إِنّ أُمّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ كَثِيرَةُ الضّيفَانِ. فَإِنّي أَكْرَهُ أَنْ يَسْقُطَ عَنْكِ خِمَارُكِ. أَوْ يَنْكَشِفَ الثّوْبُ عَنْ سَاقَيْكِ، فَيَرَىَ الْقَوْمُ مِنْكِ بَعْضَ مَا تَكْرَهِينَ، وَلَكِنِ انْتَقِلِي إِلَىَ ابْنِ عَمّكِ، عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمّ مَكْتُومٍ" (وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي فِهْرٍ، فِهْرِ قُرَيْشٍ. وَهُوَ مِنَ الْبَطْنِ الّذِي هِيَ مِنْهُ) فَانْتَقَلْتُ إِلَيْهِ.
فَلَمّا انْقَضَتْ عِدّتِي سَمِعْتُ نِدَاءَ الْمُنَادِي، مُنَادِي رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يُنَادِي: الصّلاَةَ جَامِعَةً. فَخَرَجْتُ إِلَىَ الْمَسْجِدِ. فَصَلّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. فَكُنْتُ فِي صَفّ النّسَاءِ الّتِي تَلِي ظُهُورَ الْقَوْمِ. فَلَمّا قَضَىَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم صَلاَتَهُ، جَلَسَ عَلَىَ الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ. فَقَالَ: "لِيَلْزَمْ كُلّ إِنْسَانٍ مُصَلاّهُ". ثُمّ قَالَ: "أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟" قَالُوا: اللّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: "إِنّي، وَاللّهِ مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلاَ لِرَهْبَةٍ. وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ، لأَنّ تَمِيماً الدّارِيّ، كَانَ رَجُلاً نَصْرَانِيّا، فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ. وَحَدّثَنِي حَدِيثاً وَافَقَ الّذِي كُنْتُ أُحَدّثُكُمْ عَنْ مَسِيحِ الدّجّالِ. حَدّثَنِي أَنّهُ رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيّةٍ، مَعَ ثَلاَثِينَ رَجُلاً مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامَ. فَلَعِبَ بِهِمُ الْمَوْجُ شَهْراً فِي الْبَحْرِ. ثُمّ أَرْفَؤُوا إِلَىَ جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ حَتّىَ مَغْرِبِ الشّمْسِ. فَجَلَسُوا فِي أَقْرُبِ السّفِينَةِ. فَدَخَلُوا الْجَزِيرَةَ. فَلَقِيَتْهُمْ دَابّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشّعَرِ. لاَ يَدْرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ. مِنْ كَثْرَةِ الشّعَرِ. فَقَالُوا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا الْجَسّاسَةُ. قَالُوا: وَمَا الْجَسّاسَةُ؟ قَالَتْ: أَيّهَا الْقَوْمُ انْطَلِقُوا إِلَىَ هَذَا الرّجُلِ فِي الدّيْرِ. فَإِنّهُ إِلَىَ خَبَرِكُمْ بِالأَشْوَاقِ. قَالَ: لَمّا سَمّتْ لَنَا رَجُلاً فَرِقْنَا مِنْهَا أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً.
قَالَ: فَانْطَلَقْنَا سِرَاعاً. حَتّىَ دَخَلْنَا الدّيْرَ. فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطّ خَلْقاً. وَأَشَدّهُ وِثَاقاً. مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَىَ عُنُقِهِ، مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَىَ كَعْبَيْهِ، بِالْحَدِيدِ. قُلْنَا: وَيْلَكَ مَا أَنْتَ؟ قَالَ: قَدْ قَدَرْتُمْ عَلَىَ خَبَرِي. فَأَخْبِرُونِي مَا أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ. رَكِبْنَا فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيّةٍ. فَصَادَفْنَا الْبَحْرَ حِينَ اغْتَلَمَ. فَلَعِبَ بِنَا الْمَوْجُ شَهْراً. ثُمّ أَرْفَأْنَا إِلَىَ جَزِيرَتِكَ هَذِهِ. فَجَلَسْنَا فِي أَقْرُبِهَا. فَدَخَلْنَا الْجَزِيرَةَ. فَلَقِيَتْنَا دَابّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشّعَرِ. لاَ يُدْرَىَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشّعَرِ. فَقُلْنَا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا الْجَسّاسَةُ. قُلْنَا: وَمَا الْجَسّاسَةُ؟ قَالَتِ: اعْمِدُوا إِلَىَ هَذَا الرّجُلِ فِي الدّيْرِ. فَإِنّهُ إِلَىَ خَبَرِكُمْ بِالأَشْوَاقِ. فَأَقْبَلْنَا إِلَيْكَ سِرَاعاً. وَفَزِعْنَا مِنْهَا. وَلَمْ نَأْمَنْ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً.
فقالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ. قُلْنَا: عَنْ أَيّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: أَسْأَلُكُمْ عَنْ نَخْلِهَا، هَلْ يُثْمِرُ؟ قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا إِنّهُ يُوشِكُ أَنْ لاَ تُثْمِرَ. قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ بُحَيْرَةِ الطّبَرِيّةِ. قُلْنَا: عَنْ أَيّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: هَلْ فِيهَا مَاءٌ؟ قَالُوا: هِيَ كَثِيرَةُ المَاءِ. قَالَ: أَمَا إِنّ مَاءَهَا يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ. قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ عَيْنِ زُغَرَ. قَالُوا: عَنْ أَيّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِر؟ قَالَ: هَلْ فِي الْعَيْنِ مَاءٌ؟ وَهَلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بِمَاءِ الْعَيْنِ؟ قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ. هِيَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ، وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِنْ مَائِهَا. قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَبِيّ الأُمّيّينَ مَا فَعَلَ؟ قَالُوا: قَدْ خَرَجَ مِنْ مَكّةَ وَنَزَلَ يَثْرِبَ. قَالَ: أَقَاتَلَهُ الْعَرَبُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: كَيْفَ صَنَعَ بِهِمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ أَنّهُ قَدْ ظَهَرَ عَلَىَ مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْعَرَبِ وَأَطَاعُوهُ. قَالَ لَهُمْ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ.
قَالَ: أَمَا إِنّ ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ. وَإِنّي مُخْبِرُكُمْ عَنّي. إِنّي أَنَا الْمَسِيحُ. وَإِنّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ. فَأَخْرُجُ فَأَسِيرُ فِي الأَرْضِ فَلاَ أَدَعُ قَرْيَةً إِلاّ هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. غَيْرَ مَكّةَ وَطَيْبَةَ. فَهُمَا مُحَرّمَتَانِ عَلَيّ. كِلْتَاهُمَا. كُلّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً، أَوْ وَاحِداً مِنْهُمَا، اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السّيْفُ صَلْتاً. يَصُدّنِي عَنْهَا. وَإِنّ عَلَىَ كُلّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلاَئِكَةً يَحْرُسُونَهَا.
قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ فِي الْمِنْبَرِ "هَذِهِ طَيْبَةُ. هَذِهِ طَيْبَةُ. هَذِهِ طَيْبَةُ" يَعْنِي الْمَدِينَةَ "أَلاَ هَلْ كُنْتُ حَدّثْتُكُمْ ذَلِكَ؟" فَقَالَ النّاسُ: نَعَمْ. "فَإِنّهُ أَعْجَبَنِي حَدِيثُ تَمِيمٍ أَنّهُ وَافَقَ الّذِي كُنْتُ أُحَدّثُكُمْ عَنْهُ وَعَنِ الْمَدِينَةِ وَمَكّةَ. أَلاَ إِنّهُ فِي بَحْرِ الشّامِ أَوْ بَحْرِ الْيَمَنِ. لاَ بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، مَا هُوَ. مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، مَا هُوَ. مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، مَا هُوَ". وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَىَ الْمَشْرِقِ. قَالَتْ: فَحَفِظْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم.
حدّثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيّ. حَدّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ الْهُجَيْمِيّ، أَبُو عُثْمَانَ. حَدّثَنَا قُرّةُ. حَدّثَنَا سَيّارٌ، أَبُو الْحَكَمِ. حَدّثَنَا الشّعْبِيّ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَىَ فَاطِمَة بِنْتِ قَيْسٍ فَأَتْحَفَتْنَا بِرُطَبٍ يُقَالُ لَهُ رُطَبُ ابْنِ طَابٍ. وَأَسْقَتْنَا سَوِيقَ سُلْتٍ. فَسَأَلْتُهَا عَنِ الْمُطَلّقةِ ثَلاَثاً أَيْنَ تَعْتَدّ؟ قَالَتْ: طَلّقَنِي بَعْلِي ثَلاَثاً. فَأَذِنَ لِي النّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَعْتَدّ فِي أَهْلِي. قَالَتْ فَنُودِيَ فِي النّاسِ: إِنّ الصّلاَةَ جَامِعَةً. قَالَتْ: فَانْطَلَقْتُ فِيمَنِ انْطَلَقَ مِنَ النّاسِ. قَالَتْ: فَكُنْتُ فِي الصّفّ الْمُقَدّمِ مِنَ النّسَاءِ. وَهُوَ يَلِي الْمُوءَخّرَ مِنَ الرّجَالِ. قَالَتْ فَسَمِعْتُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ يَخْطُبُ فَقَالَ: "إِنّ بَنِي عَمَ لِتَمِيمٍ الدّارِيّ رَكِبُوا في الْبَحْرِ". وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَزَادَ فِيهِ: قَالَتْ: فَكَأَنّمَا أَنْظُرُ إِلَى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وَأَهْوَىَ بِمِخْصَرَتِهِ إِلى الأَرْضِ، وَقَالَ: "هَذِهِ طَيْبَةُ" يَعْنِي المَدِينَة.
وحدّثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيَ الحُلْوَانِيّ وَ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النّوْفَلِيّ. قَالاَ: حَدّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ. حَدّثَنَا أَبِي. قَالَ: سَمِعْتُ غَيْلاَنَ بْنَ جَرِيرٍ يُحَدّثُ عَنِ الشّعْبِيّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ: قَدِمَ عَلَىَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم تَمِيمٌ الدّارِيّ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أَنّهُ رَكِبَ الْبَحْرَ. فَتَاهَتْ بِهِ سَفِينَتُهُ. فَسَقَطَ إِلَىَ جَزِيرَةٍ. فَخَرَجَ إِلَيْهَا يَلْتَمِسُ المَاءَ. فَلَقِيَ إِنْسَاناً يَجُرّ شَعَرَهُ. وَاقْتَصّ الْحديثَ. وَقَالَ فِيهِ: ثُمّ قَالَ: أَمَا إِنّهُ لَوْ قَدْ أُذِنَ لِي في الخُرُوجِ، قَدْ وَطِئْتُ البِلاَدَ كُلّهَا، غَيْرَ طَيْبَةَ. فَأَخْرَجَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم إِلى النّاسِ فَحَدّثَهُمْ قَالَ: "هَذِهِ طَيْبَةُ. وَذَاكَ الدّجّالُ".
حدّثني أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَقَ. حَدّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ. حَدّثَنَا المُغِيرَةُ (يَعْنِي الْحِزَامِيّ) عَنْ أَبِي الزّنَادِ، عَنِ الشّعْبِيّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَعَدَ عَلَى المِنْبَرِ فَقَالَ: "أَيّهَا النّاسُ حَدّثَنِي تَمِيمٌ الدّارِيّ أَنّ أُنَاساً مِنْ قَوْمِهِ كَانُوا فِي الْبَحْرِ. فِي سَفِينَةٍ لَهُمْ. فَانْكَسَرَتْ بِهِمْ. فَرَكِبَ بَعْضُهُمْ عَلَىَ لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السّفِينَةِ. فَخَرَجُوا إِلَىَ جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ" وَسَاقَ الْحَدِيثَ.
حدّثني عَلِيّ بْنُ حُجْرٍ السّعْدِيّ. حَدّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدّثَنِي أَبُو عَمْرٍو (يَعْنِي الأَوْزَاعِيّ) عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ. حَدّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلاّ سَيَطَوهُ الدّجّالُ. إِلاّ مَكّةَ وَالْمَدِينَةَ. وَلَيْسَ نَقْبٌ مِنْ أَنْقَابِهَا إِلاّ عَلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ صَافّينَ تَحْرُسُهَا. فَيَنْزِلُ بِالسّبَخَةِ. فَتَرْجُفُ الْمَدِينَةُ ثَلاَثَ رَجَفَاتٍ. يَخْرُجُ إِلَيْهِ مِنْهَا كُلّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ".
وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمّدٍ عَنْ حَمّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ. فَذَكَرَ نَحْوَهُ. غَيْرَ أَنّهُ قَالَ: فَيَأْتِي سَبْخَةَ الْجُرُفِ فَيَضْرِبُ رِوَاقَهُ. وَقَالَ: فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ كُلّ مُنَافِقٍ وَمُنَافِقَةٍ.
هي بفتح الجيم وتشديد السين المهملة الأولى، قيل سميت بذلك لتجسسها الأخبار للدجال، وجاء عن عبد الرحمن بن عمرو بن العاص أنها دابة الأرض المذكورة في القرآن. قوله: (عن فاطمة بنت قيس قالت: نكحت ابن المغيرة وهو من خيار شباب قريش يومئذ فأصيب في أول الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما تأيمت خطبني عبد الرحمن) معنى تأيمت صرت أيماً وهي التي لا زوج لها، قال العلماء: قولها فأصيب ليس معناه أنه قتل في الجهاد مع النبيّ صلى الله عليه وسلم وتأيمت بذلك إنما تأيمت بطلاقه البائن كما ذكره مسلم في الطريق الذي بعد هذا، وكذا ذكره في كتاب الطلاق، وكذا ذكره المصنفون في جميع كتبهم، وقد اختلفوا في وقت وفاته فقيل: توفي مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه عقب طلاقها باليمن حكاه ابن عبد البر، وقيل: بل عاش إلى خلافة عمر رضي الله عنه حكاه البخاري في التاريخ، وإنما معنى قولها فأصيب أي بجراحة أو أصيب في ماله أو نحو ذلك هكذا تأوله العلماء، قال القاضي: إنما أرادت بذلك عد فضائله فابتدأت بكونه خير شباب قريش ثم ذكرت الباقي، وقد سبق شرح حديث فاطمة هذا في كتاب الطلاق وبيان ما اشتمل عليه. قوله: (وأم شريك من الأنصار) هذا قد أنكره بعض العلماء وقال: إنما هي قرشية من بني عامر بن لؤي واسمها غربة وقيل غربلة، وقال آخرون: هما ثنتان قرشية وأنصارية. قوله: (ولكن انتقلي إلى ابن عمك عبد الله بن عمرو ابن أم مكتوم وهو رجل من بني فهر فهر قريش وهو من البطن الذي هي منه) هكذا هو في جميع النسخ. وقوله ابن أم مكتوم يكتب بألف لأنه صفة لعبد الله لا لعمرو فنسبه إلى أبيه عمرو وإلى أمه أم مكتوم فجمع نسبه إلى أبويه كما في عبد الله بن مالك ابن بحينة، وعبد الله بن أبي ابن سلول ونظائر ذلك، وقد سبق بيان هؤلاء كلهم في كتاب الإيمان في حديث المقداد حين قتل من قال: لا إله إلا الله. قال القاضي: المعروف أنه ليس بابن عمها ولا من البطن الذي هي منه بل من بني محارب بن فهر وهو من بني عامر بن لؤي، هذا كلام القاضي، والصواب أن ما جاءت به الرواية صحيح، والمراد بالبطن هنا القبيلة لا البطن الذي هو أخص منها، والمراد أنه ابن عمها مجازاً لكونه من قبيلتها فالرواية صحيحة ولله الحمد. قوله: "الصلاة جامعة" هو بنصب الصلاة وجامعة الأول على الإغراء والثاني على الحال. قولها: (فلما تأيمت خطبني عبد الرحمن) إلى آخره ظاهره أن الخطبة كانت في نفس العدة وليس كذلك إنما كانت بعد انقضائها كما صرح به في الأحاديث السابقة في كتاب الطلاق، فيتأول هذا اللفظ الواقع هنا على ذلك ويكون قوله انتقلي إلى أم شريك وإلى ابن أم مكتوم مقدماً على الخطبة وعطف جملة على جملة من غير ترتيب. قوله صلى الله عليه وسلم: "عن تميم الداري حدثني أنه ركب سفينة" هذا معدود في مناقب تميم لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم روى عنه هذه القصة وفيه رواية الفاضل عن المفضول ورواية المتبوع عن تابعه وفيه قبول خير الواحد. قوله صلى الله عليه وسلم: "ثم أرفؤوا إلى جزيرة" هو بالهمز أي التجؤوا إليها. قوله: (فجلسوا في أقرب السفينة) هو بضم الراء وهي سفينة صغيرة تكون مع الكبيرة كالجنيبة يتصرف فيها ركاب السفينة لقضاء حوائجهم، الجمع قوارب والواحد قارب بكسر الراء وفتحها وجاء هنا أقرب وهو صحيح لكنه خلاف القياس، وقيل: المراد بأقرب السفينة أخرياتها وما قرب منها للنزول. قوله: (دابة أهلب) كثير الشعر الأهلب غليظ الشعر كثيره. (فإنه إلى خبركم بالأشواق) أي شديد الأشواق إليه. وقوله: (فرقنا) أي خفنا. (صادفنا البحر حين اغتلم) أي هاج وجاوز حده المعتاد، وقال الكسائي: إِلاغتلام أن يتجاوز الإنسان ما حد له من الخير والمباح. (عين زغر) بزاي معجمة مضمومة ثم غين معجمة مفتوحة ثم راء وهي بلدة معروفة في الجانب القبلي من الشام، وأما طيبة فهي المدنية ويقال لها أيضاً طابة وسبق في كتاب الحج اشتقاقها مع باقي أسمائها. قوله: (بيده السيف صلتاً) بفتح الصاد وضمها أي مسلولاً. قوله صلى الله عليه وسلم: "من قبل المشرق ما هو" قال القاضي: لفظة ما هو زائدة صلة للكلام ليست بنافية والمراد إثبات أنه في جهات المشرق. قوله: (فأتحفتنا برطب يقال له رطب ابن طاب وسقتنا سويق سلت) أي ضيفتنا بنوع من الرطب وقد سبق بيانه وسبق أن تمر المدينة مائة وعشرون نوعاً، وسلت بضم السين وإسكان اللام وبتاء مثناة فوق وهو حب بشبه الحنطة ويشبه الشعير. قوله: (تاهت به سفينته) أي سلكت عن الطريق.
قوله: (فيضرب رواقه) أي ينزل هناك ويضع ثقله.
*2* باب في بقية من أحاديث الدجال
*حدّثنا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ. حَدّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنِ الأَوْزَاعِيّ، عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، عَنْ عَمّهِ، أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَتْبَعُ الدّجّالَ، مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ، سَبْعُونَ أَلفاً. عَلَيْهِمُ الطّيَالِسَةُ".
حدّثني هَرُونُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ. حَدّثَنَا حَجّاجُ بْنُ مُحَمّدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: حَدّثَنِي أَبُو الزّبَيْرِ أَنّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ يَقُولُ: أَخْبَرَتْنِي أُمّ شَرِيكٍ أَنّهَا سَمِعَتِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَيَفِرّنّ النّاسُ مِنَ الدّجّالِ فِي الْجِبَالِ" قَالَتْ أُمّ شَرِيكٍ: يَا رَسُولَ اللّهِ فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: "هُمْ قَلِيلٌ".
وحدّثناه مُحَمّدُ بْنُ بَشّار وَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. قَالاَ: حَدّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ.
حدّثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَقَ الحَضْرَمِيّ. حَدّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِي ابْنَ الْمُخْتَارِ). حَدّثَنَا أَيّوبُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ، عَنْ رَهْطٍ، مِنْهُمْ أَبُو الدّهْمَاءِ وَ أَبُو قَتَادَةَ قَالُوا: كُنّا نَمُرّ عَلَىَ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، نَأْتِي عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ. فَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: إِنّكُمْ لَتُجَاوِزُونِي إِلَى رِجَالٍ، مَا كَانُوا بِأَحْضَرَ لِرَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم مِنّي. وَلاَ أَعْلَمَ بِحَدِيثِهِ مِنّي. سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَىَ قِيَامِ السّاعَةِ خَلْقٌ أَكْبَرُ مِنَ الدّجّالِ".
وحدّثني مُحَمّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرّقّيّ. حَدّثَنَا عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَيّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ، عَنْ ثَلاَثَةِ رَهْطٍ مِنْ قَوْمِهِ، فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ قَالُوا: كُنّا نَمُرّ عَلَىَ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، إِلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ. بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُخْتَارٍ. غَيْرَ أَنّهُ قَالَ: "أَمْرٌ أَكْبَرُ مِنَ الدّجّالِ".
حدّثنا يَحْيَى بْنُ أَيّوبَ وَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَ ابْنُ حُجْرٍ. قَالُوا: حَدّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ) عَنِ الْعَلاَءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سِتّا: طُلُوعَ الشّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَوِ الدّخَانَ، أَوِ الدّجّالَ، أَوِ الدّابّةَ، أَوْ خَاصّةَ أَحَدِكُمْ، أَوْ أَمْرَ الْعَامّةِ".
حدّثنا أُمَيّةُ بْنُ بِسْطَامَ الْعَيْشِيّ. حَدّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَة عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ رِيَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سِتّا: الدّجّالَ، وَالدّخَانَ، وَدَابّةَ الأَرْضِ، وَطُلُوعَ الشّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَأَمْرَ الْعَامّةِ، وَخُوَيْصّةَ أَحَدِكُمْ".
وحدّثناه زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَ مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى. قَالاَ: حَدّثَنَا عَبْدُ الصّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ. حَدّثَنَا هَمّامٌ عَنْ قَتَادَةَ بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
قوله صلى الله عليه وسلم: "يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفاً" هكذا هو في جميع النسخ ببلادنا سبعون بسين ثم باء موحدة، وكذا نقله القاضي عن رواية الأكثرين قال: وفي رواية ابن ماهان تسعون ألفاً بالتاء المثناة قبل السين والصحيح المشهور الأول، وأصبهان بفتح الهمزة وكسرها وبالباء والفاء.
قوله صلى الله عليه وسلم: "ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال" المراد أكبر فتنة وأعظم شوكة.
قوله صلى الله عليه وسلم: "بادروا بالأعمال ستاً: طلوع الشمس من مغربها أو الدجال أو الدخان أو الدابة أو خاصة أحدكم أو أمر العامة" وفي الرواية الثانية: "الدجال والدخان إلى قوله: وخويصة أحدكم" فذكر الستة في الرواية الأولى معطوفة بأو التي هي للتقسيم، وفي الثانية بالواو، قال هشام: خاصة أحدكم الموت وخويصة تصغير خاصة، وقال قتادة: أمر العامة القيامة كذا ذكره عنهما عبد بن حميد. قوله: (أمية بن بسطام العيشي) هو بالشين المعجمة قال القاضي: قال بعضهم صوابه العاشي بالألف منسوب إلى بني عاش ابن تيم الله بن عكابة، ولكن الذي ذكره عبد الغني وابن ماكولا وسائر الحفاظ وهو الموجود في مسلم وسائر كتب الحديث العيشي، ولعله على مذهب من يقول من العرب في عائشة عيشة، قال علي بن حمزة: هي لغة صحيحة جاءت في الكلام الفصيح، قلت: وقد حكى هذه اللغة أيضاً ثعلب عن ابن الأعرابي، وقد سبق أن بسطام بكسر الباء وفتحها وأنه يجوز فيه الصرف وتركه. قوله: (عن زياد بن رياح) هو بكسر الراء وبالمثناة هكذا قال عبد الغني المصري والجمهور، وحكى البخاري وغيره فتح المثناة والموحدة مع فتح الراء.
*2* باب فضل العبادة في الهرج
*حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَىَ. أَخْبَرَنَا حَمّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مُعَلّى بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرّةَ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. ح وَحَدّثَنَاهُ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدّثَنَا حَمّادٌ عَنِ المُعَلّى بْنِ زِيَادٍ، رَدّهُ إِلَىَ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرّةَ. رَدّهُ إِلَىَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ. رَدّهُ إِلَى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ، كَهِجْرَةٍ إِلَيّ".
وحدّثنيهِ أَبُو كَامِلٍ. حَدّثَنَا حَمّادٌ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
قوله صلى الله عليه وسلم: "العبادة في الهرج كهجرة إلي" المراد بالهرج هنا الفتنة واختلاط أمور الناس، وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها ويشتغلون عنها ولا يتفرغ لها إلا أفراد.
*2* باب قرب الساعة
*حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدّثَنَا عَبْدُ الرّحْمَنِ (يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيَ). حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلِيّ بْنِ الأَقْمَرِ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لاَ تَقُومُ السّاعَةُ إِلاّ عَلَىَ شِرَارِ النّاسِ".
حدّثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ وَ عَبْدُ العَزيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. ح وَحَدّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ (وَاللّفْظ لَهُ). حَدّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ أَنّهُ سَمِعَ سَهْلاً يَقُولُ: سَمِعْتُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم يُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ الّتِي تَلِي الإِبْهَامَ وَالْوُسْطَىَ، وَهُوَ يَقُولُ: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسّاعَةُ هَكَذَا".
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى وَ مُحَمّدُ بْنُ بَشّارٍ. قَالاَ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ. حَدّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسّاعَةُ كَهَاتَيْنِ".
قَالَ شُعْبَةُ: وَسَمِعْتُ قَتَادَةَ يَقُولُ فِي قَصَصِهِ: كَفَضْلِ إِحْدَاهُمَا علَى الأُخْرَىَ. فَلاَ أَدْرِي أَذَكَرهُ عَنْ أَنَسٍ، أَوْ قَالَهُ قَتَادَةُ.
وحدّثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الحَارِثيّ. حَدّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الحَارِثِ). حَدّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ وَ أَبَا التّيّاحِ يُحَدّثَانِ أَنّهُمَا سَمِعَا أَنَساً يُحَدّثُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسّاعَةُ هَكَذَا" وَقَرَنَ شُعْبَةُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ. الْمُسَبّحَةِ وَالْوُسْطَىَ، يَحْكِيهِ.
وحدّثنا عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدّثَنَا أَبِي. ح وَحَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ الْوَلِيدِ. حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. قَالاَ: حَدّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التّيّاحِ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا.
وحدّثناه مُحَمّدُ بْنُ بَشّارٍ. حَدّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيَ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَمْزَةَ (يَعْنِي الضّبِيّ) وَ أَبِي التّيّاحِ عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ حَدِيثِهِمْ.
وحدّثنا أَبُو غَسّانَ الْمِسْمَعِيّ. حَدّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَعْبَدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسّاعَةُ كَهَاتَيْنِ". قَالَ وَضَمّ السّبّابَةَ وَالوُسْطَىَ.
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ أَبُو كُرَيْبٍ. قَالاَ: حَدّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ الأَعْرَابُ إِذَا قَدِمُوا عَلَىَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلُوهُ عَنِ السّاعَةِ: مَتَى السّاعَةُ؟ فَنَظَرَ إِلَى أَحْدَثِ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ فَقَالَ: "إِنْ يَعِشْ هَذَا، لَمْ يُدْرِكْهُ الْهَرَمُ، قَامَتْ عَلَيْكُمْ سَاعَتُكُمْ".
وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ. حَدّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمّدٍ عَنْ حَمّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: مَتَىَ تَقُومُ السّاعَةُ؟ وَعِنْدَهُ غُلاَمٌ مِنَ الأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهُ مُحَمّدٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ يَعِشْ هَذَا الْغُلاَمُ، فَعَسَىَ أَنْ لاَ يُدْرِكَهُ الْهَرَمُ، حَتّىَ تَقُومَ السّاعَةُ".
وحدّثني حَجّاجُ بْنُ الشّاعِرِ. حَدّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ. حَدّثَنَا حَمّادٌ (يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ). حَدّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ هِلاَلٍ الْعَنَزِيّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنّ رَجُلاً سَأَلَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَتَى تَقُومُ السّاعَةُ؟ قَالَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم هُنَيْهَةً. ثُمّ نَظَرَ إِلَى غُلاَمٍ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ. فَقَالَ: "إِنْ عُمّرَ هَذَا، لَمْ يُدْرِكْهُ الهَرَمُ حَتّىَ تَقُومَ السّاعَةُ".
قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: ذَاكَ الْغُلاَمُ مِنْ أَتْرَابِي يَوْمَئِذٍ.
حدّثنا هَرُونُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ. حَدّثَنَا عَفّانُ بْنُ مُسْلِمٍ. حَدّثَنَا هَمّامٌ. حَدّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَرّ غُلاَمٌ لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَكَانَ مِنْ أَقْرَانِي. فَقَالَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ يُوءَخّرْ هَذَا، فَلَنْ يُدْرِكَهُ الْهَرَمُ، حَتّىَ تَقُومَ السّاعَةُ".
حدّثني زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدّثَنَا سُفْيَان بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "تَقُومُ السّاعَةُ وَالرّجُلُ يَحْلُبُ اللّقْحَةَ، فَمَا يَصِلُ الإِنَاءُ إِلَىَ فِيهِ حَتّىَ تَقُومَ. وَالرّجُلاَنِ يَتَبَايَعَانِ الثّوْبَ، فَمَا يَتَبَايَعَانِهِ حَتّىَ تَقُومَ. وَالرّجُلُ يَلِطُ فِي حَوْضِهِ، فَمَا يَصْدُرُ حَتّىَ تَقُومَ".
قوله صلى الله عليه وسلم: "بعثت أنا والساعة هكذا".
وفي رواية: "كهاتين وضم السبابة والوسطى" وفي رواية: (قرن بينهما قال قتادة: كفضل إحداهما على الأخرى) روي بنصب الساعة ورفعها. وأما معناه فقيل المراد بينهما شيء يسير كما بين الأصبعين في الطول، وقيل هو إشارة إلى قرب المجاوزة.
قوله: "سألوه عن الساعة متى هي فنظر إلى أحدث إنسان منهم فقال: إن يعش هذا لم يدركه الهرم قامت عليكم ساعتكم".
وفي رواية: "إن يعش هذا الغلام فعسى أن لا يدركه الهرم حتى تقوم الساعة". وفي رواية: "إن عمر هذا لم يدركه الهرم حتى تقوم الساعة" وفي رواية (إن يؤخر هذا) قال القاضي: هذه الروايات كلها محمولة على معنى الأول، والمراد بساعتكم موتهم ومعناه يموت ذلك القرن أو أولئك المخابون. قلت: ويحتمل أنه علم أن ذلك الغلام لا يبلغ الحرم ولا يعمر ولا يؤخر.
قوله: (والرجل يلط في حوضه) هكذا هو في معظم النسخ بفتح الياء وكسر اللام وتخفيف الطاء، وفي بعضها يليط بزيادة ياء، وفي بعضها يلوط، ومعنى الجميع واحد وهو أنه يطينه ويصلحه.
*2* باب ما بين النفختين
*حدّثنا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمّدُ بْنُ الْعَلاَءِ. حَدّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، "مَا بَيْنَ النّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ" قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَرْبَعُونَ يَوْماً؟ قَالَ: أَبَيْتُ. قَالُوا: أَرْبَعُونَ شَهْراً؟ قَالَ: أَبَيْتُ قَالُوا: أَرْبَعُونَ سَنَةً؟ قَالَ: أَبَيْتُ. "ثُمّ يُنْزِلُ اللّهُ مِنَ السّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ".
قَالَ: "وَلَيْسَ مِنَ الإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلاّ يَبْلَىَ. إِلاّ عَظْماً وَاحِداً وَهُوَ عَجْبُ الذّنَبِ. وَمِنْهُ يُرَكّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدّثَنَا الْمُغِيرَةُ (يَعْنِي الْحِزَامِيّ) عَنْ أَبِي الزّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كُلّ ابْنِ آدَمَ يَأْكُلُهُ التّرَابُ إِلاّ عَجْبَ الذّنَبِ. مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكّبُ".
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدّثَنَا عَبْدُ الرّزّاقِ. حَدّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمّامِ بْنِ مُنبّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنّ فِي الإِنْسَانِ عَظْماً لاَ تَأْكُلُهُ الأَرْضُ أَبَداً. فِيهِ يُرَكّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" قَالُوا: أَيّ عَظْمٍ هُوَ؟ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ: "عَجْبُ الذّنَبِ".
قوله صلى الله عليه وسلم: "ما بين النفختين أربعون قالوا: يا أبا هريرة أربعين يوماً قال: أبيت إلى آخره" معناه أبيت أن أجزم أن المراد أربعون يوماً أو سنة أو شهراً، بل الذي أجزم به أنها أربعون مجملة، وقد جاءت مفسرة من رواية غيره في غير مسلم أربعون سنة. قوله: (عجب الذنب) هو بفتح العين وإسكان الجيم أي العظم اللطيف الذي في أسفل الصلب وهو رأس العصعص ويقال له عجم بالميم، وهو أول ما يخلق من الاَدمي، وهو الذي يبقى منه ليعاد تركيب الخلق عليه. قوله صلى الله عليه وسلم: "كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجم الذنب" هذا مخصوص فيخص منه الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم فإن الله حرم على الأرض أجسادهم كما صرح به في الحديث.









 


قديم 2009-05-15, 21:11   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
taha178
عضو برونزي
 
الصورة الرمزية taha178
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك أخي الكريم على الموضوع القيّم










قديم 2009-05-15, 21:29   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
رجاء91
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك اخي وجزاك كل خير










 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 11:33

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc