معنى اسم الله تعالى القابض و الباسط - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

معنى اسم الله تعالى القابض و الباسط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-12-07, 17:56   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18 معنى اسم الله تعالى القابض و الباسط

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.



اخوة الاسلام

تقدم شرح الاسماء التالية


معنى اسم الله : العزيز

معنى اسم الله تعالى. الحكيم

كيف نعمل بمقتضى اسم الله تعالى : "الأحد"

كيف نعمل بمقتضى اسم الله تعالى : "الأكرم"

كيف نعمل بمقتضى اسم الله الأول

كيف نعمل بمقتضى اسم الله الأعلى

معنى اسم الله عز وجل المقيت

معنى اسم الله عز وجل القدوس

معنى اسم الله عز وجل الواسع

معنى اسم الله عز وجل الوكيل

معنى اسم الله عز وجل الشهيد

معنى اسم الله عز وجل الملك

معنى اسم الله تعالى الجبار

معنى اسم الله تعالى السلام

معنى اسم الله عز وجل المؤمن

معنى اسم الله تعالى المهيمن

معنى اسم الله تعالى المتكبر والكبير

معنى اسم الله عز وجل الخالق

معني اسم الله تعالي البارئ

معني اسم الله عز وجل المصور

معنى اسم الله عز وجل الغفار

معني اسم الله تعالي القهار

معني اسم الله عز وجل الوهاب

معنى اسم الله تعالي الرزاق

معنى اسم الله تعالي الفتاح

معني اسم الله عز وجل العليم

معنى اسم الله تعالي الخافض و الرافع





.








 


آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-12-07 في 18:15.
رد مع اقتباس
قديم 2019-12-07, 17:59   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة

اسم الله تعالي القابض و الباسط

الدِّلالاتُ اللُّغَويَّةُ لاسْمِ (القَابِضِ

أسماء الله الحسنى للرضواني (2/ 91).


القَابِضُ فِي اللُّغَةِ اسْمُ فَاعِلٍ

فِعْلُهُ قَبَضَه يَقْبِضُه قَبْضًا وقَبْضَةً

والقَبْضُ خِلَافُ البَسْطِ، وهُوَ فِي حَقِّنَا: جَمْعُ الكَفِّ عَلَى الشَّيءِ

وهُوَ مِنْ أَوْصَافِ اليدِ وفِعْلِهَا

والقَبْضَةُ ما أَخَذْتَ بجُمعِ كَفِّكَ كُلِّهِ تَقُولُ: هَذَا قُبْضةُ كفي أَيْ قَدْرُ مَا تَقْبِضُ عَلَيْهِ

قَالَ السَّامِرِيُّ: ﴿ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ﴾ [طه: 96]،

أَرَادَ مِنْ تُرَابِ أَثَرِ حَافرِ فَرسِ الرسولِ

سان العرب (7/ 213).

وعند مُسْلمٍ مِنْ حَدِيثِ إِياس بنِ سَلَمَةَ، عن أبيه رضي الله عنه؛ أَنَّهُ قالَ

: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حُنَيْنًا... إلى أنْ قَالَ: فَلَمَّا غَشَوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ عَنِ البَغْلَةِ، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً مِنَ تُرَابٍ مِنَ الأَرْضِ، ثُمَّ اسْتَقَبَلَ بِهِ وُجُوهَهُمْ

فَقَالَ: "شَاهَت الوُجُوهُ، فَمَا خَلَقَ اللهُ منْهُمْ إنسَانًا إِلا مَلأَ عَيْنَيْهِ تُرابًا بتلْكَ القَبْضَةِ، فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ فَهَزَمَهُمُ اللهُ عز وجل"

مسلم في الجهاد والسير، باب في غزوة حنين (3/ 1402) (1777).

والقَبْضُ قَدْ يَأْتي بِمَعْنَى تَأْخِيرِ اليدِ وَعَدمِ مَدِّهَا، أوْ عَلَى المعْنَى المُعَاكِسِ وهُوَ تَنَاوُلُكَ للشيءِ بِيَدِكَ مُلامَسةً

كَمَا وَرَدَ عِندَ النَّسَائي، وحَسَّنَهُ الألبَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها؛ أنَّ امْرَأَةً مَدَّتْ يَدَهَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِكتَابٍ فَقَبضَ يَدَهُ، فَقَالتْ: يَا رسُولَ اللهِ مَدَدْتُ يَدِي إِليْكَ بِكتَابٍ فَلَمْ تَأْخُذْهُ

فَقَالَ: "إِنِّي لَمْ أَدْرِ أَيَدُ امرَأَةٍ هِيَ أَوْ رَجُلٍ"، قَالتْ: بَلْ يَدُ امْرَأَةٍ، قَالَ: "لَوْ كُنْتِ امْرَأَةً لَغَيَّرْتِ أَظْفَارَكِ بالْحِنَّاءِ"

النسائي (5104)، ولسان العرب (7/ 214)، وانظر: اشتقاق أسماء الله للزجَّاج (ص: 40)

وقَبَضْتُ الشيءَ قبْضًا؛ يَعْنِي: أَخَذْتُه، والقَبْضُ قَبُولُكَ المَتَاعَ وإنْ لَم تُحَوِّلُه مِنْ مَكَانِه

والقَبْضُ أيضًا تَحْويلُكَ المَتاعَ إلى حَيِّزِكَ، وصَارَ الشَّيْءُ فِي قَبْضِتي

أَيْ: في مِلْكي، وقُبِضَ المريضُ إذا تُوفِّيَ أو أَشْرَفَ عَلَى الموْتِ.

وعِنْدَ البُخاري مِنْ حديثِ أُسامةَ رضي الله عنه، قَالَ: أَرْسَلَتِ ابْنَةُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إِليْهِ: إنَّ ابْنًا لي قُبِضَ فَائتنَا

البُخاري، بابُ قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يُعذبُ الميتُ ببَعْضِ بُكاءِ أَهْلِهِ عَلَيهِ" (1/ 431) (1224).

أَرَادَتْ أَنه في حالِ القَبْضِ، ومُعَالجةِ النَّزْعِ

وتَقَبَّضَتِ الجلدَةُ في النَّارِ أَي انْزَوَتْ

وقَالَ تَعَالَى فِي وَصْفِ المنافِقِينَ: ﴿ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ﴾ [التوبة: 67]

أَيْ: عَنِ النَّفَقَةِ والصَّدَقَةِ فَلا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ

تفسير ابن كثير (2/ 369)

وتفسير الثعالبي (2/ 140).

والقَابِضُ سُبْحَانَه

هُوَ الذِي يُمْسِكُ الرِّزْقَ وغَيْرَه مِنَ الأَشْيَاءِ عَنِ العبَادِ بِلُطْفِهِ وحِكْمَتِهِ

ويَقبضُ الأَرْواحَ عِنْدَ المَمَاتِ بِأَمْرِهُ وقُدرَتِهِ

ويُضيِّقُ الأسْبَابَ عَلَى قَوْمٍ ويُوَسِّعُ عَلَى آخَرِينَ ابْتِلاءً وامْتِحَانًا

شرح أسماء الله الحسنى للرازي (ص: 241)

والمقصد الأسنى للغزالي (ص: 82).

وقَبْضُهُ تَعَالَى وإِمْسَاكُهُ وَصْفٌ حَقِيقِيٌّ لا نَعْلَمُ كَيْفِيَّتَهُ

نُؤْمِنُ بِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ وحَقِيقَتِهِ، لا نُمَثِّلُ ولا نُكَيِّفُ

ولا نُعَطِّلُ ولا نُحَرِّفُ، فَالإِيمَانُ بصِفَاتِ اللهِ فَرْعٌ عَنِ الإِيمَانِ بِذَاتِهِ

والقَوْلُ فِي صِفَاتهِ كالقَوْلِ فِي ذَاتِهِ

لأننا ما رَأيْنا اللهَ تَعَالَى ومَا رَأينا لِذاتِهِ مثيْلًا

فَهُوَ أَعْلَمُ بِكَيْفِيَّةِ قَبْضِهِ وبَسْطَهِ أو إِمْسَاكِهِ وأخْذِهِ، وَلَا دَاعِي للتأويلِ الذي اْنتَهَجَهُ المُتَكَلِّمُونَ بِكُلِّ سَبِيلٍ

فَنْؤْمِنُ بما أَخْبَرَ اللهُ بلا تَمثيلٍ ولا تَعْطِيلٍ

وعَلَى هَذَا اعْتِقَادُ السَّلَفِ في جميعِ الصِّفَاتِ والأَفْعَالِ

قَالَ شَيْخُ الإسلامِ ابنُ تَيْمِيَةَ:

"وقَدْ تَوَاتَرَ فِي السُّنَّةِ مَجِيءُ اليدِ في حَدِيثِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فالمفْهُومُ مِنْ هَذَا الكلامِ أنَّ للهِ تَعَالَى يَدَينِ مُخْتَصَّتَينِ بِهِ ذَاتِيَّتَينِ لَهُ كَمَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ

وأَنَّه سُبْحَانَهُ خَلَقَ آدَمَ بِيدِهِ دُوَنَ الملائِكَةِ وإبْلِيسَ، وأَنَّه سُبحَانَهُ يَقْبِضُ ويَطْوِي السَّماوَاتِ بِيَدِهِ اليُمْنَى، وأَنَّ يَدَاهُ مبْسُوطَتانِ"

مجموع الفتاوى (6/ 363).

قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر: 67].

وَوَرَدَ عِنْدَ أبي داود، وَصَحَّحَهُ الألبانِيُّ مِنَ حَدِيثِ أبي مُوسى رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم

قَالَ: "إِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ مِنَ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الأرضِ، فَجَاء بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الأرضِ، جَاءَ مِنْهُمُ الأحْمَرُ وَالأَبْيَضُ وَالأَسْوَدُ وبَيْنَ ذَلِكَ، وَالسَّهْلُ وَالحَزْنُ والخَبِيثُ والطِّيبُ"

أبو داود في كتاب السنة

باب في القدر (4/ 222) (4693)

وانظر صحيح الجامع (1759).









رد مع اقتباس
قديم 2019-12-07, 18:01   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة

الدِّلالاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ (البَّاسِطِ):

البَاسِطُ اسْمُ فَاعِلٍ فِعْلُهُ بَسَطَ يَبْسُطُ بَسْطًا، والبَسْطُ نَقِيضُ القَبْضِ

وأَرْضٌ مُنْبَسِطَةٌ مُسْتَويَةٌ

وانْبَسَطَ الشَّيْءُ عَلَى الأَرْضِ امتَدَّ عَليهَا واتَّسَعَ

وتبَسَّطَ فِي البِلَادِ؛ أَيْ: سَارَ فِيهَا طُولًا وَعَرْضًا، وبَسِيطُ الوَجْهِ يَعْنِي مُتَهلِّل

والبَسِيطُ هُو الرَّجُلُ المُنبَسِطُ اللِّسَانِ

وبَسَطَ إليَّ يَدَهُ بما أُحِبُّ وأَكْرَهُ، بَسْطُها؛ يعني: مَدُّهَا

وفي الآية: ﴿ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ﴾ [المائدة: 28]

وبَسْطُ الكَفِّ يُسْتَعْمَلُ عَلَى أنوَاعٍ فَتارةً للطَّلَبِ نحو قَولِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ ﴾ [الرعد: 14]

وتَارةً للأَخْذِ نحو قَوْلِهِ: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ ﴾ [الأنعام: 93]

وتارةً للصولةِ والضَّرْبِ

كمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ ﴾ [الممتحنة: 2]

وتَارَةً للبَذْلِ والعَطَاءِ نحو قَوْلِهِ: ﴿ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ﴾ [المائدة: 64]

لسان العرب (7/ 258)

والمفردات (ص: 122).

وبَسْطُ اليَدِ فِي حَقِّنا مَعْلُومُ المعْنَى والكَيْفِيَّةِ

أَمَّا فِي حَقِّ اللهِ فَمَعْلُومُ المَعْنَى، مَجْهُولُ الكَيْفِيَّةِ.

البَاسِطُ سُبْحَانَهُ هُوَ الذِي يَبْسُطُ الرِّزقَ لِعِبَادِهِ بجُودِهِ وَرَحْمَتِهِ

يُوَسِّعُهُ عَلَيْهِمْ بِبَالِغِ كَرَمِهِ وَحِكْمَتِهِ

فَيَبْتَلِيهم بِذَلِكَ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ مَشِيئَتُهُ

فَإِنْ شَاءَ وَسَّعَ وإنْ شَاءَ قَتَّرَ

فَهُوَ البَاسِطُ القَابِضُ

فإِنْ قَبَضَ كَانَ ذَلِكَ لما تَقْتَضِيهِ حِكُمَتُهُ البَاهِرَةُ لا لِشَيْءٍ آخَرَ

فَإِنَّ خَزَائِنَ مُلْكِهِ لا تَفْنى وَمَوادَّ جُودِهِ لا تَتَنَاهَى

كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الشورى: 12]

وقَالَ: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ ﴾ [الشورى: 27]

فتحُ القديرِ (2/ 57)

وكتابُ الأسماء والصفات للبيهقي (ص: 85).

والبَاسِطُ سُبْحَانَهُ أَيْضًا هُوَ الذِي يَبْسُطُ يَدَهُ بالتَّوْبَةِ لمَنْ أَسَاءَ

وهو الذِي يُمْلي لَهُم فَجَعَلهُم بَيْنَ الخْوفِ والرَّجَاءِ

رَوَى مُسْلمٌ مِنْ حَدِيثِ أبي مُوسَى الأشْعَرِي رضي الله عنه؛ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم

قَالَ: "إنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ باللَّيْلِ لِيتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ ليَتُوبَ مُسِيءُ الليلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا"

مسلم في التوبة، باب قبول التوبة من الذنوب (4/ 2113) (2759).

وَبَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ أَوْجَبَ عَدَمَ إطْلَاقِ البَاسِطِ إلا مُقَارِنًا للقَابِضِ

وأَلَّا يَفْصِلَ بينهما؛ لِأَنَّ كَمَالَ القُدْرَةِ لا يَتَحَقَّقُ إلا بهما مَعًا

انظر: تفسير الثعلبي (1/ 191)

تفسير أسماء الله الحسنى (ص: 40).

وهَذَا الكَلَامُ فِيهِ نَظَرٌ

لأنَّ أَسْمَاءَ اللهِ كُلَّها حُسْنَى

وكُلُّها تَدُلُّ عَلَى الكَمَال

وكُلُّ وَاحِدٍ مِنهَا يُفِيدُ المدْحَ والثَّنَاءَ عَلَى اللهِ بِنَفْسِهِ

كَمَا أَنَّ الأسْمَاءَ الحُسْنَى لا تَخْلُو مِنَ التَّقْييدِ العَقْلِي بالممْكِنَاتِ

فَالقَبْضُ مُقَيَّدٌ بما يَشَاءُ اللهُ قَبْضَهُ

والبَسْطُ كَذَلِكَ

ولِذَلِكَ إِذَا صَرَّحَ النَّصُّ بالتَّقْييدِ ذُكِرَ الوَصْفُ فِيهِ مُفْردًا

كَمَا فِي قَوْلِهِ تعَالَى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا * ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا ﴾ [الفرقان: 45، 46]

فَالْقَبْضُ فِي الآيةِ مُقَيَّدٌ بالظِّلِّ

وإِطْلَاقُ القَابِضِ أَيْضًا مُقْيَّدٌ بالممْكِنَاتِ

وهَكَذَا فِي سَائِرِ الأسمَاءِ ودِلَالَتِها عَلَى التَّقْييدِ بالمفْعُولاتِ

وقَالَ تَعَالَى في البَسْطِ: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ ﴾ [الشورى: 27]

فَالبَسْطُ مُقَيَّدٌ في الآيةِ بالرِّزْقِ

فاسْمَا اللهِ القَابِضُ والبَاسِطُ كُلٌّ مِنْهُما يُفِيدُ المدْحَ والثَّنَاءَ بِنَفْسِهِ

وإِنْ ذُكِرَا مُقْتَرِنَيْنِ زَادَتْ دِلَالَةُ الكَمَال فِي وَصْفِ رَبِّ العِزَّةِ والجَلَالِ

كَمَا هُوَ الحَالُ عِنْدَ اقْتِرانِ الحَي مَعَ القَيُّومِ

والرَّحْمَنِ مَعَ الرَّحِيمِ

والغَّنِي مَعَ الكَرِيمِ

والقَرِيبِ مَعَ المجيبِ

وغيرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ،

فَالْقَولُ بِوُجُوبِ ذِكْرِ الاسْمَينِ مَعًا فِيهِ نَظَرٌ وإنْ كَانَ مُسْتَحْسَنًا.









رد مع اقتباس
قديم 2019-12-07, 18:02   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة

ثالثًا: وُرُودُهُ فِي الحَدِيثِ الشَّرَيفِ:

وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَنسٍ رضي الله عنه، قَالَ: غَلَا السِّعْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

فَقَالُوا: يا رَسُولَ اللهِ، لَوْ سَعَّرْتَ، فَقَالَ: "إنَّ اللهَ هُوَ الخَالِقُ القَابِضُ البَاسِطُ الرَّازِقُ المُسَعِّرُ، وإنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللهَ ولا يَطْلُبُنِي أَحَدٌ بمَظْلَمَةٍ ظَلَمْتُها إياهُ فِي دَمٍ ولَا مَالٍ"

حديث صحيح: أخرجه أحمد (3/ 156، 286)، وأبو داود في البيوع (3451)، والترمذي في البيوع أيضًا (1314)، وابن ماجه (2200)

والدارمي (2/ 249)، وابن حبان (11/ 4935)، وابن جرير (2/ 372)، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص: 85)

وفي السنن (6/ 29) من طرق عن حماد بن سلمة، عن ثابت وقتادة وحُمَيِّد، عن أنس مرفوعًا به، ورجاله ثقات رجال الشيخين، سوى حماد فمِن رجال مسلم.

وَقْد وَرَدَتْ فِعلًا فِي القُرآنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [البقرة: 245].

وَفِي أَحَادِيثَ كَثيرَةٍ، كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ يَبْسُطُ يَدَهُ باللَّيْلِ، لِيتَوُبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، ويبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ..."[

رواه مسلم في التوبة (4/ 2113)، وأحمد (4/ 395، 404) من حديث أبي موسى الأشعري.

وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "يَقْبِضُ اللهُ الأَرْضَ يَوْمَ القِيَامَةِ، ويَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ..." الحَدِيثُ

سبق تخريجه في الكتاب.









رد مع اقتباس
قديم 2019-12-07, 18:05   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة

مَعْنَى الاسْمَينِ فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى:

قَالَ الزَّجَّاجِيُّ:

"(القَابِضُ) اسْمُ الفَاعِلِ مِنْ قَبَضَ فَهُوَ قَابِضٌ

والمَفْعُولُ مَقْبَوضٌ، وذَلِكَ عَلَى ضُرُوبٍ.

فَأَمَّا فِي هَذِهِ الآيةِ التي ذُكِرَ فِيهَا هَذَا الحَرْفُ فِي سُورَةِ البَقَرَةِ

فِي قَوْلِهِ عز وجل: ﴿ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ ﴾ [البقرة: 245]

فَقَالُوا: تَأْوِيلُه: يُقَتِّرُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ،

ويَتَوَسَّعُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَى مِنَ المَصْلَحَةِ لِعِبَادِهِ.

فَالقَبْضُ هَاهُنَا: التَّقْتِيرُ والتَّضْيِيقُ.

والبَسْطُ: التَّوْسِعَةُ فِي الرِّزْقِ والإِكْثَارِ مِنْهُ.

فَاللهَ عز وجل القَابِضُ البَّاسِطُ، يُقَتِّرُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ

ويُوسِّعُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ.

وَمَخْرَجُ ذَلِكَ مِنَ اللُّغَةِ، أَنَّ أَصْلَ القَبْضِ: ضَمُّ الشَّيْءِ المُنْبَسِطِ مِنْ أَطْرَافِهِ

فيَقْبِضُهُ القَابِضُ إِليهِ أَولًا أَولًا حَتَى يَحُوزَهُ ويَجْمَعَهُ.

والبَسْطُ: نَشْرُ الشَّيْءِ المُجْتَمِعِ أَوِ المُنْضَمِّ أَو المَطْوِيِّ.

فَمَنْ قُبِضَ رِزْقُهُ فَقْدَ ضُيِّقَ عَلَيهِ، ومَنْ بُسِطَ رِزْقُهُ فَقْدَ فُسِحَ لَهُ فِيهِ

وَوُسِّعَ عَلَيهِ.

ومِنْ ذَلِكَ قِيلَ: فُلانٌ قَبيضٌ

أَيْ: بَخِيلٌ شَدِيدٌ كَأَنَّه لَا يَبْسُطُ كَفَّهُ بِخَيْرٍ إِلَى أَحَدٍ، ولا يَسْمَحُ بِذَلِكَ

وفُلَانٌ بَاسِطُ الكَفِّ، وبَاسِطُ الجَاهِ

وإِنَّمَا يُرادُ بِهِ السَّخَاءُ وبَذْلُهُ مَالَهُ وجَاهَهُ"

اشتقاق الأسماء (ص: 97).

وَقَالَ فِي البَاسِطِ: "البَاسِطُ الفَاعِلُ مِنْ بَسَطَ يبْسُطُ فَهُوَ بَاسِطٌ

فَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا ذَكَرْنَا بَاسِطٌ رِزْقَ مَنْ أَرَادَ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَيهِ، وَمُقَتِّرٌ عَلَى مَنْ أَرَادَ

كَمَا يَرَى فِي ذَلِكَ مِنَ المَصْلَحَةِ لَهُم

وَهُوَ كَمَا قَالَ عز وجل: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ ﴾ [الشورى: 27].

فَهَذِهِ الآيَةُ قَدْ بَيَّنَتْ لَكَ مَعْنَى البَاسِطَ

وبَيَّنَتْ أَيْضًا أَنَّه عَزَّ وَجَلَّ إِنَّمَا يَقْبِضُ ويَبْسُطُ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَاهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ المَصْلَحَةِ لِعِبَادِهِ.

والبَاسِطُ أيضًا: بَاسِطُ الشَّيْءِ الذِي لَيْسَ بِمَفْرُوشٍ يَبْسُطُهُ ويَفْرِشُهُ

كَمَا بَسَطَ الأرْضَ للأَنَامِ، وَبَثَّ فِيهَا أَقْواتَهم"

اشتقاق الأسماء (ص: 99).

وَقَالَ الحُلَيْمِيُّ:

"ومِنْهَا (البَاسِطُ): وَمَعْنَاهُ: النَّاشِرُ فَضْلَهُ عَلَى عِبَادِهِ

يَرْزُقُ وَيُوَسِّعُ ويَجُودُ ويَفْضُلُ ويُمَكِّنُ ويُخَوِّلُ

ويُعْطِي أَكْثَرَ مِمَّا يُحْتَاجُ إِليهِ".

قَالَ: "ومِنْهَا (القَابِضُ): يَطْوِي بِرَّهُ ومَعْرُوفَهُ عَمَّنْ يُرِيدُ

ويُضَيِّقُ ويُقَتِّرُ أَوْ يَحْرِمُ فَيُفْقِرُ.

ولا يَنْبَغِي أَنْ يُدْعَى رَبُّنا جَلَّ جَلَالُهُ باسْمِ: القَابِضِ

حَتَى يُقَالَ مَعَهُ: البَاسِطُ"

المنهاج (1/ 203)

وذكره ضمْن الأسماء التي تتبع إثبات التدبير له دون ما سواه

ونقله البيهقي في الأسماء (ص: 64-65)

والقرطبي في الأسنى (2/ ورقة 357 أ - ب).

وقَالَ البَيْهَقِيُّ:

"(القَابِضُ البَاسِطُ) هُوَ الذِي يُوَسِّعُ الرِّزْقَ ويُقَتِّرُهُ

يَبْسُطُهُ بِجُودِهِ وَرَحْمَتِهِ

ويَقْبِضُهُ بِحِكْمَتِهِ.

وقِيلَ: القَابِضُ:

الذِي يَقْبِضُ الَأرْوَاحَ بالمَوْتِ الذِي كَتَبَهُ عَلَى العِبَادِ.

والبَاسِطُ: الذِي بَسَطَ الَأرْوَاحَ فِي الَأجْسَادِ"

الاعتقاد (ص: 57).

وَقَالَ الغَزَالِيُّ:

"(القَابِضُ البَاسِطُ) هُوَ الذِي يَقْبِضُ الَأرْوَاحَ عَنِ الَأشْبَاحِ عِنْدَ المَمَاتِ

ويَبْسُطُ الَأرْوَاحَ فِي الَأجْسَادِ عِنْدَ الحَيَاةِ.

ويَقبِضُ الصَّدَقَاتِ مِنَ الأغْنِيَاءِ، ويَبْسُطُ الأرْزَاقَ للُّضعَفَاءِ

ويَبْسُطُ الرِّزْقَ عَلَى الأغْنِيَاءِ حَتَى لا يَبْقَى فَاقَةٌ

ويَقْبِضُهُ عَنِ الفُقَرَاءِ حَتَّى لا يَبْقَى طَاقَةٌ.

ويَقْبِضُ القُلُوبَ فَيُضَيِّقُها بِمَا يَكْشِفُ لَهَا مِنْ قَلَّةِ مُبَالَاتِهِ وتَعَالِيهِ وَجَلالِهِ

ويَبْسُطُها بِمَا يَتقَرَّبُ إليهَا مِنْ بِرِّهِ ولُطْفِهِ وجَمَالِهِ"

المَقْصِدُ الأسْنَى (ص: 52).

وَقَالَ ابنُ الأثِيرِ:

"فِي أَسْمَاءِ الله تَعَالَى: (القَابِضُ):

هُوَ الذِي يُمْسِكُ الرِّزْقَ وغَيْرَهُ مِنَ الأَشْيَاءِ عَنِ العِبَادِ بِلُطْفِهِ وحِكْمَتِهِ

ويَقْبِضُ الأرْوَاحَ عِنْدَ المَمَاتِ"

النهاية (4/ 6).

وقَالَ فِي أسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى:

"(البَاسِطُ): هُوَ الذِي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لعِبَادِهِ

ويُوسِّعُهُ عَلِيهم بِجُودِهِ ورَحْمَتِهِ

ويَبْسُطُ الأرْوَاحَ فِي الأجْسَادِ عِنْدَ الحَيَاةِ"

النهاية (1/ 127)

ونقلهما عنه ابن منظور في اللسان

ولم يُشر إليه.

وقَالَ قَوَّامُ السُّنَّةِ الأصْبَهَانِيُّ:

"ومِنْ أَسْمَاءِ اللهِ تعَالَى (القَابِضُ البَاسِطُ):

قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ ﴾ [البقرة: 245].

ومَعْنَاهُ: يُوَسِّعُ الرِّزْقَ ويُقَتِّرُهُ، يُبْسُطُهُ بِجُودِهِ ويَقْبِضُهَ بِعَدْلِهِ

عَلَى النَّظَرِ لِعَبْدِهِ

قَالَ اللهُ تعَالَى: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ ﴾ [الشورى: 27]

الحُجَّةُ في بيان المَحَجَّة (1/ 140).

وقَالَ السَّعْدِيُّ:

"(القَابِضُ البَاسِطُ): يَقْبِضُ الأرْزَاقَ والأرْوَاحَ

ويَبْسُطُ الأرْزَاقَ والقُلُوبَ

وذَلِكَ تَبَعٌ لِحكْمَتِهِ ورَحْمَتِهِ"

تيسيرُ الكريم الرحمن (5/ 303)










رد مع اقتباس
قديم 2019-12-07, 18:07   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة

اقْتِرَانُ الاسْمَينِ:

الأدَبُ فِي هَذينِ الاسْمَينِ، أَنْ يُذْكَرَا مَعًا؛ لَأَنَّ تَمَامَ القُدْرَةِ بِذِكْرِهِمَا مَعًا.

أَلَا تَرَى أَنَّكَ إِذا قُلْتَ: إِلَى فُلَانٍ قَبْضُ أَمْرِي وبَسْطُهُ

دَلَّا بِمَجْمُوعِهمَا أَنَّكَ تُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ أَمْرِكَ إِلَيْهِ؟

وتَقُولُ: لَيْسَ إليكَ مِنْ أَمْرِي بَسْطٌ ولا قَبْضٌ، ولا حَلٌّ ولا عَقْدٌ

أَرَادَ: لَيْسَ إِليكَ مِنْهُ شَيْءٌ، قَالَه الزَّجَّاجُ

تفسير أسماء الله الحسنى، (ص: 40).

وقَالَ الخَطَّابِيُّ:

"قَدْ يَحْسُنُ فِي مِثْلِ هَذَيْنِ الاسْمَينِ أَنْ يُقْرَنَ أَحَدُهمَا فِي الذِّكْرِ بالآخَرِ

وأنْ يُوصَلَ بِهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَنْبَأَ عَنِ القُدْرَةِ

وأَدَلَّ عَلَى الحِكْمَةِ

كقوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [البقرة: 245].

وإِذَا ذَكَرْتَ القَابِضَ مُفرَدًا عَنِ البَاسِطِ

كُنْتَ كَأَنَّك قَدْ قَصَرْتَ بالصِّفَةِ عَلَى المَنْعِ والحِرْمَانِ.

وإِذَا أَوْصَلْتَ أَحَدَهُمَا بالآخَرِ فَقدْ جَمَعْتَ بَيْنَ الصِّفَتَينِ

مُنْبِئًا عَنْ وَجْهِ الحِكْمَةِ فِيهِمَا.

ثُمَّ قَالَ: فَالقَابِضُ البَاسِطُ: هُوَ الذِي يُوسِّعُ الرِّزْقَ ويُقتِّرُهُ

ويَبْسُطُهُ بجُودِهِ ورَحْمَتِهِ

ويَقْبِضُهُ بِحِكْمَتِهِ

عَلَى النَّظَرِ لِعَبْدِهِ

كَقْولِهِ: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ ﴾ [الشورى: 27].

فَإِذَا زَادَهُ لَمْ يَزِدْهُ سَرَفًا وخَرَقَا

وإِذَا نَقَصَهُ لم يُنْقصْهُ عَدَمًا ولا بُخْلًا.

وقِيلَ: القَابِضُ:

هُوَ الذِي يَقْبِضُ الأرْوَاحَ بالمَوْتِ الذِي كَتَبَهُ عَلَى العِبَادِ"

شأنُ الدعاء (ص: 58).

وقَالَ ابنُ القَيِّمِ

النونية (2/ 236) بشرح أحمد بن عيسى.

هُوَ قَابِضٌ هُوَ بَاسِطٌ هُوَ خَافِضٌ
♦♦♦ هُـوَ رَافِعٌ بالعَدْلِ والمِيزَانِ

قَالَ الهَرَّاسُ فِي شَرْحِهِ:

"هَذِهِ الأسْمَاءُ الكَرِيمَةُ مِنَ الأسْمَاءِ المُتَقَابِلاتِ التي لا يَجُوزُ أَنْ يُفرَدَ أَحَدُهما عَنْ قَرِينِهِ

ولا أَنْ يُثْنَى عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِوَاحِدٍ مِنْهَا إلا مَقْرُونًا بِمُقَابِلِهِ

فَلا يَجُوزُ أَنْ يُفرَدَ القَابِضُ عَنِ البَاسِطِ

ولا الخَافِضُ عَنِ الرَّافِعِ... إلخ".

قَالَ: "لِأَنَّ الكَمَالَ المُطْلَقَ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِمَجْمُوعِ الوَصْفَينِ.

فَهُوَ سُبْحَانَهُ القَابِضُ البَاسِطُ

يَقْبِضُ الأرْوَاحَ عَنِ الأشْبَاحِ عِنْدَ المَمَاتِ

ويَبْسُطُ الأرواح في الأجسادِ عند الحياةِ

ويقبضُ الصدقاتِ منَ الأغنياءِ ويَبْسُطُ الأرْزَاقَ للضُّعَفَاءِ

ويَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ حَتَّى لا تَبْقَى فَاقَةٌ

ويَقْبِضُهُ عَمَنْ يَشَاءُ حَتَّى لا تَبْقَى طَاقَةٌ.

ويَقْبِضُ القُلُوبَ فَيُضَيِّقُهَا حَتَّى تَصيرَ حَرَجَا كَأَنَّمَا تَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ

ويَبْسُطُها بِمَا يُفيضُ عَلَيْها مِنْ مَعَانِي بِرِّهِ ولُطفِهِ وَجَمَالِهِ

قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ﴾ [الأنعام: 125]

النونية (2/ 236) بشرح أحمد بن عيسى.










رد مع اقتباس
قديم 2019-12-07, 18:09   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة


ثَمَراتُ الإِيمَانِ بِهَذِينِ الاسْمَينِ:

1- إِنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ القَابِضُ البَاسِطُ، وهُمَا مِنَ الطَّيِّ والنَّشْرِ، والتَّوسِعَةِ والتَّضْييقِ، والأخْذِ والعَطَاءِ، وهُوَ يَتَنَاولُ أُمُورًا كَثيرَةً، كَمَا مَرَّ مَعَنا فِي أَقْوالِ العُلمَاءِ.

قَالَ ابنُ الحَصَّارِ: "وهَذَانِ الاسْمَانِ يَخْتَصَّانِ بِمَصَالحِ الدُّنْيَا والآخِرَةِ

قَالَ اللهُ العَظِيمُ: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ ﴾ [الشورى: 27].

وذَلِكَ يَتَضَمَّنُ قِوَامَ الخَلْقِ باللُّطْفِ والخِبْرَةِ، وحُسْنِ التَّدْبِيرِ والتَّقْدِيرِ، والعِلْمِ بِمَصَالحِ العِبَادِ فِي الجُمْلَةِ والتَّفَاصِيلِ، وبِحَسَبِ ذَلِكَ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ، ويُسَخَّرُ السَّحَابَ، فيُمطِرُ بَلدًا، ويَمْنَعُ غَيْرَهُ، ويُقِلُّ ويُكثِرُ

كما في قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ} [الروم: 48]

وكَذَلِكَ يُصَرِّفُ جُمْلَةَ العَوَالِم لِجُمْلَةِ العَالَمِينَ".

وقَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: إنَّ أَعْظَمَ البَسْطِ: بَسْطُ الرَّحْمَةِ عَلَى القُلُوبِ حَتَّى تَسْتَضِيءَ، وتَخْرُجَ مِنْ وَضَرِ الذُّنُوبِ

وهَذَا هُوَ الشَّرْحُ المَذْكُورُ فِي قَولِهِ عز وجل: ﴿ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ﴾ [الزمر: 22].

وقَوْلِهِ: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ﴾ [الأنعام: 125].

وضدُهُ المَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ﴾ [الأنعام: 125].

فَأَمَّا قَوْلُهُ عز وجل: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 44].

وقَوْلُهُ: ﴿ وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ﴾ [الزخرف: 33].

إِلَى آخِرِ المَعْنَى، فَليْسَ بِفَتْحٍ عَلَيهم ولا بَسْطٍ لَهُم، وإنَّمَا حَقِيقَتُهُ: مَكْرٌ بِهم، واسْتِدْرَاجٌ لهم، لِحِرمَانٍ شَاءَهُ بِهم.

كَذَلَكَ لَيْسَ المَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ عز وجل: ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ ﴾ [التوبة: 16].

وقَوْلِهِ: ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ [العنكبوت: 3].

ومَا ذَكَرَ مِنَ خَطِيئَةِ آدَمَ وداود عليه السلام، وبلاءِ أَيُّوبَ عليه السلام، وشِبْهُ ذَلِكَ لَيْسَ بِقَبْضٍ فِي الحَقِيقَةِ، لَكِنَّ ذَلِكَ مِحْنَةٌ عَاجِلةٌ مُوصِلةٌ إلى جُودِهِ المُتَّصِلِ لهم فِي الآجِلِ.

قَالَ القُرْطُبِيُّ مُعَقِّبًا:

"قُلْتُ: وهَذَا مِنْ هَذَا العَالمِ إشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَا أَصَابَ المُؤْمِنَ مِنْ مِحَنِ الدُّنْيَا نِعْمَةٌ، ومَا أَصَابَ الكَافِرَ مِنَ نِعَمِ الدُّنْيَا فِتْنَةٌ"[

الكتاب الأسنى (2/ ورقة 357 ب – 358 أ).

2- وقَالَ ابنُ جَريرٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [البقرة: 245]:

"يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُه بذلك: أَنَّه الذِي بِيَدِهِ قَبْضُ أرْزَاقِ العِبَادِ وبِسْطِها دُونَ غَيْرِهِ مِمَّنِ ادَّعَى أَهْلُ الشِّرْكِ بِهِ أَنَّهم آلِهَةٌ، واتَّخَذُوه ربًّا دُونَهُ يَعْبُدُونَهُ، وذَلِكَ نَظِيرُ الخَبَرِ الذِي رُوي عَنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم...

عَنِ أنسٍ رضي الله عنه قَالَ: غَلا السِّعْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

قَالَ: فَقَالوا: يَا رَسُولَ اللهِ، غَلا السِّعْرُ فأَسْعِرْ لنَا، فقَالَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ البَاسِطُ القَابِضُ الرَّازِقُ، وإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللهَ لَيْسَ أَحَدٌ يَطْلُبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي نَفْسٍ ومَالٍ"

صحيح: أخرجه أحمد (3/ 156)، والترمذي (1314) بسند صحيح.

قَالَ أبو جَعْفَرٍ:

"يَعْنِي بذَلِكَ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ الغَلَاءَ والرُّخْصَ والسِّعَةَ والضِّيقَ بِيَدِ اللهِ دُونَ غَيْرِهِ، فَكَذَلِكَ قَوْلُه تَعَالَى ذِكْرُهُ: ﴿ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ ﴾

يَعْنِي بقَوْلِهِ: ﴿ يَقْبِضُ ﴾: يُقَتِّرُ بِقَبْضِهِ الرِّزْقَ عَمَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ، ويَعْنِي بِقَولِهِ: ﴿ وَيَبْسُطُ ﴾: يُوَسِّعُ بِبَسْطِهِ الرِّزْقَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنهم

وإنَّمَا أَرَادَ تَعَالَى ذِكْرُهُ بقوْلِهِ ذلك حَثَّ عِبَادِهِ المُؤْمِنينَ الذِينَ قَدْ بَسَطَ عَلَيهم مِنْ فَضْلِهِ فَوَسَّعَ عَلَيهم مِنْ رِزْقِهِ

عَلَى تَقْوِيَةِ ذَوي الإقْتَارِ مِنْهم بِمَالِهِ، ومَعَونَتِه بالإنْفَاقِ عَلَيهِ، وحَمُولَتِهِ عَلَى النُّهُوضِ لِقِتَالِ عَدُوِّهِ مِنَ المُشْرِكِينَ

فِي سَبِيلِهِ -

فَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مَنْ يُقَدِّمُ لِنَفْسِهِ ذُخرًا عِنْدِي بإعْطَائِهِ ضُعَفَاءَ المُؤْمِنينَ، وأَهْلَ الحَاجَةِ مِنْهم مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى القِتَال فِي سبيلي؛ فأضَاعِفَ لَهُ مِنْ ثَوَابِي أَضْعَافًا كَثيرَةً مِمَّا أَعْطَاهُ وقَوَّاهُ بِهِ

فَإنِّي أنا المُوَسِّعُ الذِي قَبْضُتُ الرِّزْقَ عَمَّنْ نَدَبْتُكَ إلَى مَعُونَتِهِ وإعْطَائِهِ، لأبْتَلِيَهُ بالصَّبْرِ عَلَى مَا ابْتَليْتُهُ بِهِ، والذِي بَسَطْتُ عَليكَ لِأَمْتَحِنُكَ بعَمَلِكَ فِيمَا بَسَطْتُ عَلَيكَ

فَأَنْظُرَ كَيفَ طَاعَتُكَ إيايَ فِيهِ؟ فأُجَازِيَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُما عَلَى قَدْرِ طَاعَتِكما لِي فِيمَا ابتَليْتُكُمَا فِيهِ، وامْتَحَنتُكُمَا فِيهِ، مِنْ غِنًى وَفاقةٍ، وسَعَةٍ وضِيقٍ، عِنْدَ رُجُوعِكُما إلَيَّ فِي آخِرَتِكُما، ومَصِيركُمَا إلَيَّ فِي مَعَادِكُمَا"

جامع البيان (2/ 372).

3- ثُمَّ حَذَّرَ اللهُ تَعَالَى مِنَ اسْتِعْمَالِ ما بَسَطَ مِنَ الرِّزْقِ فِي مَعَاصِيهِ فَقَالَ: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}، يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ: وإِلَى اللهِ مَعَادِكُم أَيُّها النَّاسُ، فاتَّقُوا اللهَ فِي أنْفُسِكُم أَنْ تُضَيِّعُوا فَرَائِضَهُ، وتَتَعَدَّوْا حُدُودَهُ

وأنْ يَعْمَلَ مَنْ بسَطَ عَلَيهِ مِنْكُم فِي رِزْقِهِ بِغَيْرِ مَا أَذنَ لَهُ بالعَمَلِ فِيهِ رَبُّهُ، وأَنْ يَحْمِلَ بالمُقَتِّرِ مِنْكُم فَيَقْبِضَ عَنْهُ رِزْقُهُ إقْتَارهُ عَلَى مَعْصِيَتِهِ

والتَّقَدُّمُ عَلَى مَا نَهَاهُ، فَيَسْتَوْجِبُ بِذَلِكَ مِنْهُ - بِمَصِيرِهِ إلَى خَالِقِهِ - مَا لا قِبَلَ لَهُ بِهِ مِنْ أَليمِ عِقَابِهِ.

وكَانَ قَتَادَةُ يَتَأَوَّلُ قَوْلَهُ: ﴿ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾، وإِلَى التُّرَابِ تُرْجَعُونَ

جامع البيان (2/ 373)


وما ذكرهُ عن قتادة رواهُ عنه بعد ذلك بسند حسَن.

4- فَيَنْبَغِي لِمَنِ امْتَنَّ اللهُ عَلَيهِ بِبَسْطَةٍ فِي المَالِ أَوِ العِلْمِ أَوِ الجِسْمِ أَوِ الجَاهِ، أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَى عِبَادِ اللهِ تَعَالَى كَمَا تَفَضَّلَ اللهُ عَلَيهِ وأَحْسَنَ، فإِنَّ هَذَا مِنْ شُكْرِ هَذِهِ النِّعَمِ.

ويَجِبُ عَلَى مَنْ ضَيَّقَ عَلَيه فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لا يَلْجَأ إِلَّا إلَى القَابِضِ البَاسِطِ الذِي يَمْلِكُ مَا يَتَمَنِّى ويُرِيدُ، وأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ بِعَدْلِهِ سُبْحَانَهُ وَهُوَ لا يَظْلِمُ أَحَدًا.

قَالَ القُرطُبِيُّ:

"فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنْ لا قَابِضَ ولا بَاسِطَ إلا اللهُ سُبْحَانَهُ، هُوَ الذِي يَقْبِضُ الجَمِيعَ ويَبْسُطُهُ، وهُوَ الذِي يَبْسُطُ القُلُوبَ والألْسنَةَ والأيْدِيَ وَسَائِرَ الأسْبَابِ.

فَإِنْ كُنْتَ مَبْسُوطَ القَلْبِ بالمَعَارِفِ، والحَقِيقَةِ والعُلُومِ الدِّينِيَّةِ، فَابْسُطْ بِسَاطَكَ، وابْسُطْ وَجْهَكَ، واجْلِس للنَّاسِ حَتَّى يَقتَبِسُوا مِنْ ذَلِكَ النِّبْرَاسِ.

وإنْ كُنْتَ ذا بَسْطَةٍ فِي الجِسْمِ، فابْسُطْهُ فِي العِبَادَةِ التي تُفْضِي بِكَ إلَى السَّعَادَةِ، وفِي الصَّولَةِ عَلَى الأعْدَاءِ، بِمَا خُوِّلْتَ مِنَ المِنَّةِ والشِّدَةِ.

وإِنْ كُنْتَ ذا بَسْطٍ فِي المَالِ، فابْسُطْ يَدَكَ بالعَطَاءِ، وأَزِلْ مَا عَلَى مَالِكَ مِنَ الغِطَاءِ، ولا تُوِكِ[

منَ الوِكَاءِ وهو رِبَاطُ القِربَةِ، أي: لا تَمْنع العَطَاء فيمنعَ اللهُ عنك عَطَاءهُ.

فَيُوكِي اللهُ عَلَيكَ، ولا تُحْصِ فَيُحْصِي اللهُ عَلَيكَ.

وإِنْ كُنْتَ لم تَنَلْ حَظًّا مِنْ هَذِهِ البَسَطَاتِ فابْسُطْ قَلْبَكَ لِأَحْكَامِ رَبِّكَ، ولِسَانَكَ لِذِكْرِهِ وشُكْرِهِ، وَيَدَكَ لِبَذْلِ الوَاجِبَاتِ عَلَيكَ، وَوَجْهَكَ للْخَلْقِ، كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم فِي بَذْلِ المَعْرُوفِ:

"فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَالْقَ أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ"، ويُرْوى: "طَلِيقٍ"، ولَقَدْ أَحْسَنَ القَائِلُ:

الكتابُ الأسنى (2/ ورقة 358 ب).

بُنَيَّ إِنَّ البِرَّ شَيْءٌ هَيِّنُ ♦♦♦ وَجْهٌ طَلِيقٌ ولِسَانٌ ليِّنُ

5- مَا وَرَدَ فِي النُّصُوصِ السَّابِقَةِ مِنْ إِثْبَاتِ القَبْضِ والبَسْطِ للهِ تعَالَى، هُوَ مِنَ الأدِلَةِ الكثِيرَةِ التي تُؤَيِّدُ مَا ذَهبَ إليه

أَهْلُ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ مِنْ إِثْبَاتِ صِفَةِ (اليَدِ) للهِ جَلَّ شَأْنُهُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِذَاتِهِ سُبْحَانَهُ مِنْ غَيْرِ تَمْثِيلٍ

إِذْ هُوَ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].

وذَلِكَ أَنَّ القَبْضَ والبَسْطَ قَدْ وَرَدَ إِضَافَتُهما إِلَى أَشْيَاءَ مَحْسُوسَةٍ تُقْبَضُ بالْيَدِ الحَقِيقِيَّةِ، ولا يَصِحُّ حَمْلُها عَلَى القَبْضِ والبَسْطِ المَعْنَويِ

كَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر: 67].

وعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

"يَطْوِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ القِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيدِهِ اليُمْنَى، ثُمَّ يَقُولُ: أنَا المَلِكُ أَيْنَ الجَبَّارُونَ؟

أَيْنَ المُتَكَبِّرُونَ؟

ثُمَّ يَطْوِي الأرْضِينَ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ، أَيْنَ الجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ المُتَكَبَّرُونَ؟"

صحيح: أخرجه مسلم (2788).

وعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَوْ يا أَبَا القَاسِمِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى يُمْسِكُ السَّمَاواتِ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى إصْبَعٍ، والأرْضِينَ عَلَى إصْبَعٍ، والجِبَالَ والشَّجَرَ عَلَى إصْبَعٍ، والمَاءَ والثَّرَى عَلَى إصْبَعٍ، وَسَائِرَ الخَلْقِ عَلَى إصْبَعٍ

ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ فَيَقُولُ: أنَا المَلِكُ أنَا المَلِكُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَعَجُّبًا مِمَّا قَالَ الحَبْرُ، تَصْدِيقًا لَهُ

ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر: 67]

صحيح: أخرجه البخاري (4811)، ومسلم (2786).

وعَنْ أَبي مُوسَى الأشْعَرِي، قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

"إِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الأرْضِ، فَجَاءَ بنو آدَمَ مِنْهم الأحْمَرُ والأسْودُ والأبْيَضُ وَبَيْنَ ذَلِكَ، والسَّهَلُ والحَزْنُ، والخَبِيثُ والطَّيِّبُ"[

حديث صحيح: أخرجه ابن سعد (1/ 26)، وأحمد (4/ 400، 406)، وأبو داود (4693)، والترمذي (5/ 204)، وابن جرير في تفسيره (1/ 170)

وابن خزيمة في التوحيد (ص: 64)، وابن حبان (8/ 11)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 104)، (8/ 135)، والحاكِمُ (2/ 261-262)

والبيهقي في الأسماء (ص: 327، 385)، وفي السنن (9/ 3) من طريق عن عوف الأعرابي، عن قسامة بن زهير المازني البصري، عن أبي موسى الأشعري مرفوعًا به.

قال الترمذي: حديث حسَن صحيح، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقَه الذهبي، وهو كما قالوا.

وعَنْ أَبي نَضْرَةَ، قَالَ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، يُقَالُ لهُ: أبو عَبْدِ اللهِ، دَخَلَ عَلَيهِ أَصْحَابُه يَعُودُونَهُ وهو يَبكِي، فَقَالُوا لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟

أَلَمْ يَقُلْ لَكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:

"خُذْ مِنْ شَارِبِكَ، ثُمَّ أَقْرِرْهُ حَتَّى تَلْقَانِي"، قَالَ: بَلَى، ولَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

"إِنَّ اللهَ قَبَضَ قَبْضَةً بِيَمِينِهِ وقَالَ: هَذِهِ لِهَذِهِ ولا أُبَالِي، وقَبضَ قَبْضَةً أُخْرَى بِيَدِهِ الأُخْرَى جَلَّ وعَلَا فَقَالَ: هَذِهِ لِهَذِهِ ولَا أُبَالِي"، فَلا أَدْرِي فِي أَيِّ القَبْضَتينِ أَنَا؟

حديث صحيح: أخرجه أحمد (4/ 176-177) (5/ 68) عن حماد بن سلمة، حدثنا الجريري، عن أبي نضرة به.

وغَيْرُهَا مِنَ الأحَادِيثِ.

وقَدْ بَيَّنَ الإمامُ أبو بكرِ بنِ خزيمةَ فِي كتابِ التَّوْحِيدِ أَنَّ ذِكْرَ القَبْضَةِ فِي الأحاديثِ دَلِيلٌ عَلَى إِثْبَاتِ صِفَةِ اليَدِ لِرَبِّنَا سبحانه وتعالى.

فَقَالَ: "بَابُ ذِكْرِ صِفَةِ خَلْقِ اللهِ آدَمَ عليه السلام.

والبَيَانُ الشَّافِي أَنَّه خَلَقَهُ بِيَدِهِ لا بِنِعْمَتِهِ، عَلَى مَا زَعَمَتِ الجَهْمِيَّةُ المُعَطِّلَةُ، إذْ قَالَتْ: إِنَّ اللهَ يَقْبِضُ بِنِعْمَتِهِ! مِنْ جَمِيعِ الأرْضِ قَبْضَةً فَيَخْلُقُ مِنْهَا بَشَرًا.

وَهَذِهِ السُّنَّةُ السَّادِسَةُ فِي إِثْبَاتِ اليَدِ للخَالِقِ البَاري جَلَّ وعَلَا.

ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبي مُوسَى الأشْعَرِي المُتَقَدِّمَ

التوحيد (ص: 63-64).

وقَالَ الشَّيْخُ الهَرَّاسُ مُعَلِّقًا عَلَى تَأْويلِ الجَهْمِيَّةِ القَبْضُ بالنِّعْمَةِ: وَهَذَا تَأَويلٌ بَاطِلٌ! فَإِنَّ القَبْضَ إِنَّمَا يَكُونُ باليَدِ الحَقِيقِيَّةِ لا بالنِّعْمَةِ! فَإِنْ قَالُوا: إِنَّ الَباءَ هُنَا للسَّبَبِيَّةِ؛ أَيْ: بِسَبَبِ إرَادَتِهِ الإنْعَامَ.

قُلنَا لَهُم: وبِمَاذا قَبَضَ؟ فَإنَّ القَبْضَ مُحْتَاجٌ إلَى آلةٍ فَلَا مَنَاصَ لهم لَوْ أنْصَفُوا مِنْ أَنْفُسِهم، إلَّا أَنْ يَعْتَرِفُوا بِثُبُوتِ مَا صَرَّحَ بِهِ الكِتَابُ والسُّنَّةُ

التوحيد (ص: 63-64)

وقَالَ الإمام عُثْمَانُ بنُ سعيدٍ الدَّارِمِيُّ فِي كِتَابِهِ: الرَّدِّ عَلَى بِشْر المريسي العَنِيدِ: "وأَمَّا دَعْوَاكَ أَيُّها المَريسي فِي قَوْلِ اللهِ: ﴿ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ﴾ [المائدة: 64]، فَزَعَمْتَ أَنَّ تَفْسِيرَها عِنْدَك:

رَزَقَاهُ رِزْقٌ مُوِسَّعٌ ورِزْقٌ مَقْتُورٌ، ورِزْقٌ حَلَالٌ ورِزْقٌ حَرَامٌ.

فَقَوْلُهُ يَدَاهُ عِنْدَكَ رِزْقَاهُ! فَقَدْ خَرَجْتَ بهَذَا التَّأويلِ مِنْ حَدِّ العَرَبِيَّةِ كُلِّها، ومِنْ حَدِّ مَا يَفْقَهَهُ الفُقَهَاءُ، ومِنْ جَمِيعِ لُغَاتِ العَرَبِ والعَجَمِ، فَمِمَنْ تَلَقَّيْتَهُ؟

وعَمَّنْ رَوَيتَهُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ بالعَرَبِيِّةِ والفَارِسِيَّةِ؟

وإنَّكَ جِئْتَ بمُحَالٍ لا يَعْقِلُهُ أَعْجَمِيٌّ ولا عَرَبيٌّ، ولا نَعْلَمُ أَحْدًا مِنْ أَهْلِ العِلْمِ والمَعْرِفَةِ سَبَقَكَ إلَى هَذَا التَّفْسِيرِ، فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فِي تَفْسِيرِكَ هَذَا فَأْثُرْهُ عَنْ صَاحِبِ عِلْمٍ أَوْ صَاحِبِ عَرَبِيَّةٍ، وإلا فَإِنَّكَ مَعَ كُفْرِكَ بِهَا مِنَ المُدَلِّسِينَ.

وإِنْ كَانَ تَفْسِيرُهما عِنْدَكَ مَا ذَهَبْتَ إِليهِ فَإِنَّه كَذِبٌ مُحَالٌ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ كُفْرًا؛ لأنَّكَ ادَّعَيْتَ أَنَّ للهِ رِزْقًا مْوَسَّعًا ورِزْقًا مُقِتَّرًا

ثُمَّ قُلْتَ: إِنَّ رِزْقَيهِ جَمِيعًا مَبْسُوطَانِ، فَكَيْفَ يَكُونَا مَبْسُوطَينِ، والمَقْتُورُ أَبْدًا فِي كَلَامِ العَرَبِ غَيْرُ مَبْسُوطٍ؟ وكَيْفَ قَالَ اللهُ: إنَّ كِلْتَيهِمَا مَبْسُوطَتَانِ، وأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ إِحْدَاهُما مَقْتُورَةٌ؟

فَهَذَا أَوَّلُ كَذِبِكَ وَجَهَالَتِكَ بالتَّفْسِيرِ، وقَدْ كَفَانا اللهُ ورسُولهُ مَؤُنَةَ تَفْسِيرِكَ هَذَا بالنَّاطِقِ مِنْ كِتَابِهِ، وبِمَا أَخْبَرَ اللهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ.

أَمَّا النَّاطِقُ مِنْ كِتَابِهِ، فَقَولُهُ: ﴿ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾ [ص: 75]

وَقَوْلُهُ: ﴿ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ﴾ [المائدة: 64].

وقَوْلُهُ: ﴿ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ﴾ [الفتح: 10]، وقَوْلُهُ: ﴿ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ﴾﴿ ﴾ [آل عمران: 26]

وقَوْلُهُ: ﴿ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ ﴾ [الحديد: 29]

وقَوْلُهُ: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ ﴾ [الملك: 1]

وقَوْلُهُ: ﴿ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [الحجرات: 1].

فَهَلْ يَجُوزُ لَكَ أَنْ تَتَأَوَّلَ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ كِتَابِهِ أَنَّه رِزْقَاهُ، فَتَقُولَ: بِرِزْقِهِ الخَيْرُ! وبِرِزْقِهِ الفَضْلُ! وبِرِزْقِهِ المُلْكُ! ولا تُقَدِّمُوا بَيْنَ رِزْقِ اللهِ ورسُولِهِ!!

وأَمَّا المَأْثُورُ مِنْ قَوْلِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَوْلُهُ: "إِنَّ المُقْسِطِينَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُور عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وكِلْتَا يَدَيهِ يَمِينٌ"

رواه مسلم (3/ 1458)، وأحمد (2/ 160) من حديث ابن عمرو رضي الله عنهما.

فَتَفْسِيرُ قَوْلِ النَّبي صلى الله عليه وسلم فِي تَأْوِيلِكِ أَيُّها المريسي: أَنَّهم عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ رِزْقَيِ الرَّحْمَنِ، وكِلْتَا رِزْقيْهِ يَمينٌ!!

وعَنِ ابنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يَأْخُذُ الجَبَّارُ سَمَاواتِهِ وَأَرْضَهُ بِيَدَيهِ" - وقَبَضَ كَفَيِّهِ أَوْ قَالَ: يَدَيهِ - فَجَعَلَ يَقبِضُها ويَبْسُطُهَا

ثُمَّ يَقُولُ: "أَنَا المَلِكُ، أنَا الجَبَّارُ، أَيْنَ المُتَكَبِّرُونَ"، وَيَمِيلُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ يَمِينِهِ وعَنْ شِمَالِهِ حَتَى نَظَرْتُ إلى المِنْبَرِ أَسْفَلَ شَيْءٍ مِنْه حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ: أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟

صحيح: رواه مسلم (2788).

فَيَجُوزُ - أِيُّها المريسي - أَنْ تَتَأَوَّلَ هَذَا الحَدِيثَ؛ أَنَّه يَأْخُذُ السَّمَاواتِ والَأْرضَ بِرِزْقَيْهِ! مَوْسُوعِهِ ومَقْتُورِهِ، وحَلَالِهِ وحَرَامِهِ، ومَا أَرَاكَ إِلَّا وَسَتَعْلَمُ أَنَّكَ تَتَكَلَّمُ بالمُحَالِ، لتُغَالِطَ بِهَا الجُهَّالَ، وتُرَوِّجَ عَلَيهم الضَّلَا

. وقَوْلُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "والذِي نَفْسِي بِيَدِهِ" و "نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، ولا تُؤْمِنُوا حَتى تَحَابوُا..." الحديث

صحيح: رواه مسلم (54)

وعَنْ أَبِي هُريرَةَ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "يَقْبِضُ اللهُ الَأرْضَ يَوْمَ القِيامَةِ، ويَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِنِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا المَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ؟"

صحيح: رواه البخاري (4812)، ومسلم (2787).

أَفَيَجُوزُ أَنْ يَطْوِي اللهُ السَّمَاواتِ بأَحَدِ رِزْقَيْهِ؟

فَأيُّهمَا المُوَسِّعُ عِنْدَكَ مِنَ المَقْتُورِ؟ وأَيُّهمَا الحَلَالُ مِنَ الحَرَامِ؟ لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كِلتَا يَدَيهِ يَمِينٌ".

وادَّعَيْتَ أَنْتَ أَنَّ أَحَدَهما مُوَسَّعٌ والآخَرَ مَقْتُورٌ.

وعَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "إِنَّ اللهَ يَبْسُطُ يَدَهُ باللَّيلِ لِيَتُوبَ مُسيءُ النَّهَارِ، ويَبْسُطُ يَدَه بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا"

صحيح: رواه مسلم (2759).

أَفَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: يَبْسُطُ حَلَالَه باللَّيلِ وحَرَامَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ المُسِيئَانِ؟

فَلَوْ أَنَّك إِذْ أَرَدْتَ مُعَانَدَةَ اللهِ ورسُولِهِ ومُخَالفَةَ أَهْلِ الإسْلَامِ احْتَجَجْتَ بِكَلَامٍ أسْتَرَ عَوْرَة، وأَقَلَّ اسْتِحَالَة مِنْ هَذَا، لَكَانَ أَنْجَعَ لَكَ فِي قُلُوبِ الجُهَّالِ، مِنْ أَنْ تَأْتِيَ بِشَيْءٍ لَا يَشُكُّ عَاقِلٌ ولا جَاهِلٌ فِي بُطُولِهِ واسْتِحَالَتِهِ"

رد الدارمي على المريسي (ص: 30-33) باختصار.

6- قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنَّه دَعَا رَبَّهُ وأَثْنَى عَلَيه، بِذِكْرِ قَبْضِهِ وبَسْطِهِ وتَفَرُّدِهِ فِي ذَلِكَ سُبْحَانَهُ.

فَعَنْ عُبَيْدِ بنِ رِفَاعةَ الزِّرْقِي، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وانكَفَأَ المُشْرِكُونَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اسْتَوُوا حَتَّى أُثْنِيَ عَلَى رَبِّي"، فَصَارُوا خَلْفَهُ صُفُوفًا

فَقَالَ: "اللُّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ كُلُّه، اللَّهُمَّ لا قَابِضَ لِمَا بَسَطتَ، ولا بَاسِطَ لِمَا قَبَضْتَ، ولا هَادِيَ لِمَا أَضْلَلْتَ، ولَا مُضِلَّ لِمَنْ هَدَيْتَ، ولا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ

ولا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، ولا مُقرِّبَ لِمَا بَاعَدْتَ، ولا مُباعِدَ لِمَا قَرَّبْتَ، اللُّهُمَّ ابْسُطْ عَلَينَا مِنْ بَرَكَاتِكَ ورَحَمَتِكَ وفَضْلِكَ ورِزْقِكَ، اللُّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ المُقِيمَ الذِي لا يَحُولُ ولا يَزُولُ، اللُّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ القِيَامَة

كَذَا عِنْدَ البزار، وعند أحمد: العلية، وفي المجمع: الغلبة!

والأَمْنَ يَوْمَ الخَوْفِ، اللُّهُمَّ إِنِّي عَائِدٌ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطيْتَنا، وشَرِّ مَا مَنَعْتَ، اللُّهُمَّ حَبِّبْ إِلينَا الإِيمَانَ وَزَيِّنُه فِي قُلوُبِنا، وكَرِّه إلْينَا الكُفْر والفُسُوقَ والعِصْيَانَ

واجْعَلْنا مِنَ الرَّاشِدِينَ، اللُّهُمَّ تَوفَّنا مُسْلمِينَ، وأَحْينَا مُسْلمِينَ، وأَلْحِقْنَا بالصَّالِحِينَ

غَيْرَ خَزَايا ولا مَفْتُونِينَ، اللُّهُمَّ قَاتِلِ الكَفَرَةَ الذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، ويَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلكَ، واجْعَلْ عَلَيهم رِجْزَكَ وعَذَابَكَ، اللُّهُمَّ قَاتِلِ الكَفَرَةَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ، إلهَ الحَقِّ"

إسناده حسَن: رواه أحمد (3/ 424)

والبزار (1800 – زوائد) عن مروان بن معاوية، حدثنا عبد الواحدِ بنُ أيمن المكي، عن عبيدٍ بنِ رفاعةَ الزرقي، عن أبيه؛ مرفوعًا به.












رد مع اقتباس
قديم 2019-12-07, 18:10   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة

المَعَانِي الإِيمَانِيةُ:

لَمْ يْأتِيا فِي القُرْآنِ اسْمَينِ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ، وإنَّمَا وَرَدَا فِعْلَينِ

قَالَ اللهُ تَعَالَى: وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ [البقرة: 245]

وقَالَ سُبْحَانَهُ: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة: 64]

وقَالَ تَعَالَى: وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ [الشورى: 27]

وقَالَ: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا [نوح: 19]

وَهَذِهِ أَفْعَالٌ تَصَرَّفَتْ فِي القُرْآنِ.

عَنْ أنسِ بنِ مالكٍ قَالَ: غَلَا السِّعْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

فَقَالوا: يا رسُولَ اللهِ: قَدْ غَلَا السِّعْرُ فَسَعِّرْ لنَا، قَالَ: "إِنَّ اللهَ الخَالِقُ القَابِضُ البَاسِطُ الرَّازِقُ المُسَعِّرُ؛ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللهَ رَبِّي ولَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُم يَطْلُبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ ولا مَالٍ"

صحيح: أخرجه أبو داود (3451) في الإجارة باب: في التسعير، والترمذي (1314) في البيوع، باب رقم (71)

وابن ماجه (2200) في التجارات، باب: مَن كرِه أن يُسعِّر، وأحمد في مسنده (3/ 286)، من حديث أنسٍ رضي الله عنه، وقال الألباني في صحيح الجامع (1846): صحيح.

يُقَالُ: قَبَضَ يَقْبِضُ قَبْضًا واسْمُ الفَاعِلِ قَابِضٌ، وَبَسَطَ يَبْسُطُ بَسْطًا واسْمُ الفَاعِلِ بَاسِطٌ

وفِي التَّنْزِيلِ ï´؟ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ ï´¾ [الرعد: 14]

قَالَ الجَوْهَرِي:

"والقَبْضُ خِلَافُ البَسْطِ، ويُقَالُ صَارَ الشَّيْءُ فِي قَبْضَتِكَ، وفِي قُبْضَتِكَ أَيْ فِي مِلْكِكَ، ودَخَلَ مَالُ فُلَاِن فِي القَبَضِ بِالتَّحْرِيكِ وَهُوَ مَا قُبِضَ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ، والانْقِبَاضُ خِلَاُف الانْبِسَاِط

وانْقَبَضَ الشَّيْءُ صَارَ مَقْبُوضًا، وَبَسَطَ الشَّيْءَ نَشَرَهُ وبالصَّاد أيْضًا، وَبَسْطُ العُذْرِ قَبُولُهُ، والبَسْطُ السِّعَةُ، ويُسْتَعْمَلُ فِي الأجْسَاِم والذَّوَاتِ المَعْقُولَةِ

ومِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ [البقرة: 247]

وانْبَسَطَ الشَّيْءُ عَلَى الأَرْضِ، والانْبِسَاطُ تَرْكُ الاحْتِشَامِ، يُقَالُ بَسَطْتُ مِنْ فُلَانٍ فَانْبَسط، وتَبَسَّطَ فِي البِلادِ

أَيْ: ساَرَ فِيهَا طُولًا وعَرْضًا، وفُلَانٌ بِسْطُ الجِسْمِ والبَاعِ

والبِسْطُ بِكَسْرِ البَاءِ [وضَمِّهَا]: النَّاقَةُ تُخْلَى مَعَ وَلَدِهَا لا يمْنَعُ مِنْهَا، والجَمْعُ بِسَاُط وأَبْسَاطٌ مِثْلُ [ظِئْرٍ وأَظَآرٍ]، وقَدْ أُبْسِطَتِ النَّاقَةُ؛ أَيْ: تُرِكَتْ مَعَ وَلَدِهَا، وَيَدٌ بَسَيطٌ؛ أَيْ: مُطْلَقَةٌ

وفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ: (بل يَدَاهُ بُسْطان)، وقَدْ يُسْتَعْمَلَانِ فِي الجُودِ والبُّخْلِ، يُقَالُ: فُلَانٌ مَبْسُوطُ اليَدِ إِذَا كَانَ وَاسِعَ العَطَاءِ كَثِيرَ الخَيْرِ سَخِيًّا، وفُلَانٌ مَقْبُوضُ اليَدِ عَلَى الضِّدِّ مِنْ ذَلِكَ

وقَدْ يُسْتَعْمَلَانِ بِمَعْنَى الاقْتِدَارِ والقَهْرِ

ومِنْهُ قوْلُه تَعَالَى: لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ [المائدة: 28].

ومِنْهُ قَوْلُ العَرَبِ: يَدُكَ البَاسِطَةُ عَلَيَّ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ الاقْتِدَارَ عَلَى الْغَيْرِ، وفِي نَقِيضِهِ قَبْضُ الَيدِ عَنِ الغَيْرِ، فَاللهُ سُبْحَانَه يَقْبِضُ ويَبْسُطُ أَيْ: يُعْطِي ويَمْنَعُ ويَغْلِبُ ويَقْهَرُ، فَهُمَا مِنْ أسْمَاءِ الأفْعَالِ.

قَالَ الحُلَيْمِيُّ

فِي مَعْنَى البَاسِطِ: أَنَّه النَّاشِرُ فَضْلَهُ عَلَى عِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَيُوَسِّعُ وَيَجُودُ ويُفضلُ، ويُمَكِّنُ ويُخَوِّلُ، ويُعْطِي أَكْثَرَ مِمَّا يُحْتَاجُ إليهِ.

وقَالَ فِي مَعْنَى القَابِضِ: يَطْوي بِرَّهُ ومَعْرُوفَه عَمَّنْ يُرِيدُ، ويُضَيِّقُ ويُقَتِّرُ أَوْ يَحْرِمُ فيُفْقِرُ، وقَالَ الخَطَّابِيُّ: "وقِيلَ: القَابِضُ هُوَ الذِي يَقْبِضُ الأرْوَاحَ بالمَوْتِ الذِي كَتَبهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى العِبَادِ".

وقِيلَ: يَقْبِضُ الصَّدَقَاتِ ويَبْسُطُ الجَزَاءَ عَلَيها، قَالَ: ولا يَنْبَغِي أَنْ يُدْعَى رَبُّنا جَلَّ جَلَالُهُ باسْمِ القَابِضِ حَتَّى يُقَالَ مَعَهُ: البَاسِطُ، قَالَ ابنُ الحَصَّارِ: "وهَذَانِ الاسْمَانِ يَخْتَصَّانِ بِمَصَالِحِ الدُّنْيَا والآخِرَةِ

قَالَ اللهُ العَظِيمُ: وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ [الشورى: 27]

وذَلِكَ يَتَضَمَّنُ قِوَامَ الخَلْقِ باللُّطْفِ والخِبْرَةِ وحُسْنِ التَّدْبِيرِ والتَّقْدِيرِ والعِلْمِ بِمَصَالحِ العِبَادِ فِي الجُمْلَةِ والتَّفَاصِيلِ، وبِحَسَبِ ذَلِكَ يُرْسِلُ الرِّياحَ ويُسَخِّرُ السَّحابَ فَيُمْطِرُ بلدًا ويمْنَعُ غَيْرَهُ

ويُقِلُّ ويُكثِرُ، وكَذَلِكَ يُصَرِّفُ الأسْبَابَ إلى آحَادِ العِبَادِ كَمَا يُصَرِّفُ جُمْلَةَ العَوَالمِ لجُمْلَةِ العَالَمينَ".

وقَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ:

"إِنَّ أَعْظَمَ البَسْطِ: بَسْطُ الرَّحْمَةِ عَلَى القُلُوبِ حَتَّى تَسْتَضِيءَ، وتَخْرُجَ مِنْ وَضَرِ الذُّنُوبِ"

الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى للقرطبي (1/ 360).

فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنْ لا قَابِضَ ولا بَاسِطَ إلا اللهُ سُبْحَانَهُ، هُوَ الذِي يَقْبِضُ الجَمِيعَ ويَبْسُطُهُ. وهُوَ الذِي يَبْسُطُ القُلُوبَ والألْسنَةَ والأيْدِيَ وَسَائِرَ الأسْبَابِ.

فَإِنْ كُنْتَ مَبْسُوطَ القَلْبِ بالمَعَارِفِ، والحَقِيقَةِ والعُلُومِ الدِّينِيَّةِ، فَابْسُطْ بِسَاطَكَ، وابْسُطْ وَجْهَكَ، واجْلِس للنَّاسِ حَتَّى يَقتَبِسُوا مِنْ ذَلِكَ النِّبْرَاسِ.

وإنْ كُنْتَ ذا بَسْطَةٍ فِي الجِسْمِ، فابْسُطْهُ فِي العِبَادَةِ التي تُفْضِي بِكَ إلَى السَّعَادَةِ، وفِي الصَّولَةِ عَلَى الأعْدَاءِ، بِمَا خُوِّلْتَ مِنَ المِنَّةِ والشِّدَةِ.

وإِنْ كُنْتَ ذا بَسْطٍ فِي المَالِ، فابْسُطْ يَدَكَ بالعَطَاءِ، وأَزِلْ مَا عَلَى مَالِكَ مِنَ الغِطَاءِ، ولا تُوِكِ فَيُوكِي اللهُ عَلَيكَ، ولا تُحْصِ فَيُحْصِي اللهُ عَلَيكَ.

وإِنْ كُنْتَ لم تَنَلْ حَظًّا مِنْ هَذِهِ البَسَطَاتِ فابْسُطْ قَلْبَكَ لِأَحْكَامِ رَبِّكَ، ولِسَانَكَ لِذِكْرِهِ وشُكْرِهِ، وَيَدَكَ لِبَذْلِ الوَاجِبَاتِ عَلَيكَ، وَوَجْهَكَ للْخَلْقِ، كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم فِي بَذْلِ المَعْرُوفِ:

"فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَالْقَ أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ"، ويُرْوى: "طَلِيقٍ".

ولَقَدْ أَحْسَنَ القَائِلُ:

بُنَـيَّ إِنَّ الـبِرَّ شَيْءٌ هَـيِّنُ

وَجْهٌ طَلِيقٌ ولِسَانٌ ليِّنُ

الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى للقرطبي (1/ 363).









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-12-07 في 18:13.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 21:31

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc