معنى اسم الله عز وجل الخالق - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

معنى اسم الله عز وجل الخالق

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-11-27, 15:49   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18 معنى اسم الله عز وجل الخالق

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.



اخوة الاسلام

تقدم شرح الاسماء التالية


معنى اسم الله : العزيز

معنى اسم الله تعالى. الحكيم

كيف نعمل بمقتضى اسم الله تعالى : "الأحد"

كيف نعمل بمقتضى اسم الله تعالى : "الأكرم"

كيف نعمل بمقتضى اسم الله الأول

كيف نعمل بمقتضى اسم الله الأعلى

معنى اسم الله عز وجل المقيت

معنى اسم الله عز وجل القدوس

معنى اسم الله عز وجل الواسع

معنى اسم الله عز وجل الوكيل

معنى اسم الله عز وجل الشهيد

معنى اسم الله عز وجل الملك

معنى اسم الله تعالى الجبار

معنى اسم الله تعالى السلام

معنى اسم الله عز وجل المؤمن

معنى اسم الله تعالى المهيمن

معنى اسم الله تعالى المتكبر والكبير



.








 


رد مع اقتباس
قديم 2019-11-27, 15:50   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة

معنى اسم الله عز وجل الخالق

الدَّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسمِ (الخالقِ)


أسماء الله الحسنى للرضواني (2/ 19 - 20).

والخلْق مصْدرٌ مِن الفعل خَلَقَ

منه قوله: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ [السجدة: 7].

ويأتي الخَلْقُ أيضًا بمعنى المخلوقِ

ومنه قوله تعالى: هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ [لقمان: 11]

اشتِقاق أسماء الله (ص: 166)

لسان العرب (2/ 1244).

والخلْقُ أصلُهُ التقديرُ المستقيمُ، ويُستَعمل في إبداعِ الشَّيءِ من غير أصل ولا احتذاء

وفِي إيجادِ الشَّيءِ مِنَ الشَّيء

مفردات ألفاظ القرآن (ص: 296)

والخَلْق قد يأتي أيضًا بمعنى الكَذِبِ؛ على اعتبارِ أَنَّ الذي يَكذِبُ يُؤلِّفُ ويُنشئُ كلامًا لا يُطابِقُ الحقيقةَ

ومِنْ ذلك قوله: إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا [العنكبوت: 17]

وقوله: إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ [الشعراء: 137]

اشتقاق أسماء الله (ص: 167).

والخالِقُ فِي أسماءِ الله هو الذي أوْجَدَ جميعَ الأشياءِ بَعْدَ أَنْ لم تكنْ موْجُودةً، وقَدَّرَ أمورَها فِي الأزل بعد أن كانت معدومةً.

والخالِقُ أيضًا هو الذي رَكَّبَ الأشياءَ تركيبًا ورتَّبها بقدرتِه ترتيبًا.

فمِنَ الأدلّةِ على معنى الإنشاءِ والإبداعِ وإيجادِ الأشياءِ مِنَ العدمِ


قولُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ [فاطر: 3].

ومن الأدلة على مَعْنى التركيبِ والترتيبِ الذي يَدلُّ عليه اسمُهُ الخالِقُ

قولُهُ تَعَالَى: ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ [المؤمنون: 14]

وخُلاصةُ ما ذَكره العلماءُ فِي معنى الخالِقِ أنَّهُ من التقديرِ وهو العِلمُ السَّابقُ، أوْ القُدرةُ على الإيجادِ والتصنيعِ والتكوينِ

المقصد الأسنى (ص: 72)

وتفسير أسماء الله للزجاج (ص: 36)

وشرْح أسماء الله الحسنى للرازي (ص: 211).

والحقيقة أنَّ معنى الخالقِ قائمٌ عليهما معًا

لأنَّ حُدوثَ المخلوقاتِ مرتبطٌ عند السلفِ بمراتب القَدَرِ

فكلُّ مخلوقٍ مهما عظُمَ شأنُهُ أو دَقَّ حجمُه لا بُدَّ أن يَمُرَّ بأربعِ مراتبَ:

وهي عِلمُ اللهِ السابقُ وتقديرُ كلِّ شيءٍ قَبْلَ تصنيعِهِ وتكوينِهِ، وتنظيمُ أمورِ الخلقِ قبل إيجادِهِ وإمدادِهِ، وهو عِلمُ التقدير وحسابُ المقادير.

ثُمَّ بعد ذلك مرتبةُ الكتابةِ وهي كتابةُ المعلومات وتدوينُها بالقلمِ في كلماتٍ

فاللهُ كَتَبَ ما يخُصُّ كلَّ مخلوقٍ في اللوح المحفوظِ، كتب فيه تفصيلَ خلقِهِ وإيجادِهِ وما يلزم لنشأتِهِ وإعدادِهِ ثُمَّ هدايتِهِ وإمدادِهِ وجميعَ ما يرتبطُ بتكوينِهِ وترتيبِ حياتِهِ.

ثم بَعْدَ ذلك المرتبةُ الثالثةُ من مراتبِ القدر وهي مرتبةُ المشيئة فليسَ في الكونِ مشيئةٌ عُليا إلا مشيئةُ اللهِ

فما شاءَ كانَ وما لم يشأ لم يكنْ، والمسلمون من أوَّلِهم إلى آخِرِهم مُجْمِعُون على ذلك.

ثم تأتي المرتبةُ الرابعةُ من مراتبِ القَدَر وهي مرتبةُ خلْقِ الأشياءِ وتكوينِها وتصنيعِها وتنفيذِها وَفْقَ ما قُدِّر لها بمشيئةِ اللهِ في اللوحِ المحفوظِ.

قال ابنُ القيِّمِ:

"مراتبُ القضاءِ والقدَرِ التي مَنْ لم يُؤمنْ بها لم يُؤمنْ بالقضاءِ والقدر أربعُ مراتبَ:

المرتبةُ الأولى: عِلمُ الرَّبِ سبحانه بالأشياءِ قَبْلَ كونِها.

المرتبةُ الثانيةُ: كتابتُهُ لها قبل كونِها.

المرتبةُ الثالثةُ: مشيئتُهُ لها.

والرابعةُ: خلقُهُ لها"

انظر تفصيل هذه المراتب

والدليل عليها في شفاء العليل (ص: 29) وما بعدها.

فاللهُ سبحانه خالقُ كلِّ شيءٍ تقديرًا وقُدرةً، ومراتبُ القدَر هي المراحلُ التي يَمرُّ بها المخلوقُ مِن كونِهِ معلومةً في علمِ اللهِ إلى أن يُصبحَ واقعًا مخلوقًا مشهودًا.











آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-11-28 في 15:08.
رد مع اقتباس
قديم 2019-11-27, 15:53   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة


الدَّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسمِ (الْخلَّاقِ)

أسماء الله الحسنى للرضواني (2/ 101 - 102).

الخَلَّاقُ صيغةُ مبالغةٍ على وزنِ فَعَّال مِن اسم الفاعل الخالِقِ، فِعْلُه خَلَقَ يخلُقُ خَلْقًا.

والفرق بين الخالِقِ والخَلَّاق:

أن الخالق هو الذي يُنشِئُ الشيءَ مِن العدم بتقديرٍ وعِلمٍ ثُمَّ بتصنيعٍ وخَلْقٍ عن قُدرةٍ وغنًى.

أما الخَلَّاقُ فهو الَّذِي يُبدعُ في خَلْقِهِ كمًّا وكيفًا؛ فمِنْ حيثُ الكمِّ يخلقُ ما يشاء

كما قال: ﴿ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا ﴾ [النساء: 133].

وقال: ﴿ وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ ﴾ [الأنعام: 133].


وأما مِنْ حيثُ الكيفِ:

فقال تعالى: ﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 88].

وقال: ﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [التغابن: 3].

وقال: ﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 8].

فالخَلَّاقُ هوَ الذي يُبدعُ في خلقه كمَّا وكيفًا بقدرتِهِ المطلقَةِ

فيعيدُ ما خلق ويكرِّرُه كما كان


بل يَخلُقُ خَلقًا جديدًا أحسَنَ مما كان

انظر في معنى الخالق والخلَّاقُ: شرح أسماء الله الحسنى للرازي (ص: 211)

وتفسير الأسماء للزجاج (ص: 36)

والمقصد الأسنى (ص: 72)

والأسماء والصفات للبيهقي (ص: 42).

وفي هذا رَدٌّ على الذين قالوا: ليس في الإمكانِ أبدعُ مما كان


لأنَّ ذلك يُنافي معنى اسمِهِ الخلَّاقِ

صحيحٌ أنَّ اللهَ أحسَنَ وأتقَنَ كلَّ شيءٍ خلقَهُ

كما قال: ﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ﴾ [السجدة: 7]

لكنَّ قُدرةَ اللهِ مطلقةٌ فهو الخالِقُ الخلَّاق كما أنه الرازق الرَّزاقُ.

قال ابنُ تيميةَ


فيمَنْ قال: ليس في الإمكان أبدعُ مِنْ هذا العالمِ، لأنه لو كان كذلك ولم يخلقْه لكان بُخلًا يُناقضُ الجُودَ أو عَجْزًا يُناقضُ القُدرةَ:

"لا ريب أن الله سبحانه يَقْدِرُ على غير هذا العالم

وعلى إبداعِ غيرِهِ إلى ما لا يتناهى كثرةً

ويَقدرُ على غيرِ ما فعَله كما بيَّنَ ذلك في غيرِ موضعٍ من القرآنِ.

وقد يُراد به

– يعنى: قول القائل: ليس في الإمكانِ -

أنه ما يُمكنُ أحسَنُ منه ولا أكملُ منه


فهذا ليس قدْحًا في القدرة

بل قَدْ أثبَت قُدرتَهُ على غير ما فعَله

لكن قال: ما فعَله أحسَنُ وأكمَلُ مما لم يفعلْهُ

وهذا وَصْفٌ له سبحانه بالكرم والجُودِ والإحسانِ

وهو سبحانه الأكرمُ فلا يُتصوَّرُ أكرمُ منه سُبحانه وتعالى عما يقولُ الظالمون عُلوًّا كبيرًا"

جامع الرسائل لابن تيمية (ص: 120)


رسالة في معنى كَوْنِ الرَّبِّ عادلًا، وفي تَنَزُّهِهِ عن الظلم.

ويَذكر ابنُ القيِّمِ



أن براهينَ المعادِ في القرآنِ مَبْنِيَّةٌ على ثلاثةِ أصولٍ:

"أحدُها: تقريرُ كمالِ عِلم الرَّبِّ سُبحانه

كما قال في جوابِ مَن قال: ﴿ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴾ [يس: 78، 79]

وقال: ﴿ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ﴾ [الحجر: 85، 86].

والثاني: تقرير كمال قدرتِه

كقوله: ﴿ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ﴾ [يس: 81].


الثالث: كمالُ حكمته

كما في قولِهِ تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴾ [الدخان: 38]

وقوله سبحانه: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾ [المؤمنون: 115]

الفوائد لابن القيم (ص: 7).


قال البيهقي:

"الخلَّاق: الخالقُ خَلْقًا بَعْدَ خَلْق"

الأسماء والصفات للبيهقي (ص: 26).

قال ابنُ كثيرٍ:

"وقولُه: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ﴾

تقريرٌ للمعادِ

وأنه تعالى قادرٌ على إقامةِ الساعةِ، فإنه الخلَّاقُ الذي لا يُعجِزُهُ خَلْقُ شيءٍ، العليمُ بما تمزّقَ من الأجسادِ، وتَفَرَّقَ في سائِرِ أقطارِ الأرضِ"

تفسير ابن كثير (2/ 557).

والقرطبيُّ

يجعل الخلَّاق دالًّا أيضًا على تقديرِ الله للأخلاقِ وتقسيمِها بين العباد

وهذا يَسَعُهُ اللفظُ ويحتملُهُ

يقول القرطبيُّ:

"إنَّ ربَّكَ هو الخلَّاقُ

أي: المقَدِّرُ للخَلْقِ والأخلاقِ

العليمُ بأهل الوفاقِ والنّفاقِ"

تفسير القرطبي (10/ 54).










آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-11-27 في 16:00.
رد مع اقتباس
قديم 2019-11-27, 15:54   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة



وُرُودُهُ فِي القرآنِ الكريمِ

النهج الأسمى (2/ 160 - 162).

وَرَدَ اسمُهُ (الخالِقُ) في أَحدَ عَشَر موضِعًا في القرآنِ منها:


قولُهُ تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ﴾ [الحشر: 24].

وقولُه تعالى: ﴿ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 14].

وقولُهُ تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ ﴾ [الواقعة: 58، 59].

وغيرُها من الآياتِ.

وجاءَ الاسمُ بصيغةِ المبالغةِ مرَّتينِ في قولِهِ تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ﴾ [الحجر: 86]

وقولِهِ سبحانه: ﴿ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ﴾ [يس: 81].

المَعْنَى فِي حَقِّ الله تبارك وتَعَالَى:

الخَلْقُ كما بيَّنَّا يُرادُ به الإيجادُ والإبداعُ تارةً، والتقديُر تارةً أُخرى.


فمِنَ الآياتِ التي تدلُّ على المعنى الأول

قولُهُ تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ ﴾ [يس: 71].

وقولُهُ تعالى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]

ولو كانَ الخلْقُ هاهُنا عبارةً عن التَّقديرِ لصار معنى الآيةِ إنا كُلَّ شيء قدَّرناه بقدَرٍ فيكونُ تكريرًا بلا فائدةٍ.

وكذا قولُهُ تعالى: ﴿ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الفرقان: 2]

فلو كان الخلْقُ عبارةً عن التقدير ِ لصَار معنى الآية وقدَّرَ كلَّ شيءٍ فقدَّره تقديرًا.

وكذا قولُهُ تعالى: ﴿ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ﴾ [الأنبياء: 104]، فلا يَليقُ بلفظِ الخَلْقِ هنا إلَّا الإيجادُ

وقولُهُ تعالى: ﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾ [لقمان: 11]


مثلُها أيضًا في المعنى

بَلْ قد جاءتْ بعضُ الآياتِ ذُكِرَ فيها الخَلقُ مقرونًا باليدِ

كقولِهِ تعالى: ﴿ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾ [ص: 75].

قال ابنُ جريرٍ

في تفسيرِهَا: "قال الله لإبليسَ إذْ لمْ يسجُدْ لآدمَ وخالفَ أمرَهُ: يا إبليسُ ما منعَك أن تسجُدَ

يقولُ: أيُّ شيءٍ مَنَعك مِنَ السُّجودِ لـما خلقتُ بيديَّ

يقولُ: لِخَلْقِ يديَّ

يُخبرُ تعالى ذكرُه بذلك أنَّه خلقَ آدمَ بيديه

كما حدَّثنا ابنُ المثنَّى قال: ثنا محمدُ بنُ جَعْفرٍ قال: ثنا شعبةُ قال: أخبرني عُبيدٌ المكْتِب قال: سمعتُ مجاهدًا يحدِّثُ عن ابنِ عُمرَ قال: "خَلَقَ اللهُ بيدِهِ: العرشَ، وَعدنَ، والقلمَ، وآدمَ

ثم قال لكلّ شيءٍ: كُنْ فكان"

جامع البيان (23/ 119)

والأثر الذي ذكره إسنادُه صحيحٌ، رجاله ثقات، رجال الشيخين؛ سوى عبيد المكْتِب وهو ابن مهران فمِن رجال مسلم. وتابع شعبة عبد الواحد بن زياد عند الدارمي

الرد على المريسي (ص: 90)

وذكره الذهبي في العُلُوِّ (ص: 66).

وقال في تفسير قوله تعالى: ﴿ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 14]

بقولِ مجاهدٍ وهو قولُهُ: فتباركَ اللهُ أحسنُ الخالقينَ.

قال: "يصنعون ويصنعُ اللهُ واللهُ خيرُ الصَّانعينَ

ثُمَّ قال لأنَّ العربَ تُسمِّي كُلَّ صانعٍ خالقًا"

(18/ 9).

وقال الخطَّابيُّ: "(الخالِقُ):

هو المُبدِعُ لِلخَلْقِ والمُخترِعُ له على غَيْرِ مِثالٍ سَبَقَ.

قال سبحانه: ﴿ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ﴾ [فاطر: 3].

فأما في نُعوتِ الآدميين فمعنى الخَلْقِ التقديرُ

كقولِهِ عز وجل: ﴿ أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ ﴾ [آل عمران: 49]"

شأن الدعاء (ص: 49).

وقال الزَّجَّاجُ:

"فالخَلْقُ في اسمِ اللهِ تعالى هو ابتداءُ تقديرِ النشءِ، فالله خالِقُها ومُنْشِئُها وهو مُتمِّمُها ومدبِّرُها فتبارك اللهُ أحسنُ الخالقين"

تفسير الأسماء (ص: 36 - 37)

وانظر: الاعتقاد للبيهقي (ص: 56)

والنهاية لابن الأثير (2/ 70).

وقال الحليميُّ:

"قال الله عز وجل: ﴿ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ﴾ [فاطر: 3]

ومعناه: الذي صَنَّفَ المُبدَعَاتِ

وجعل لكلِّ صِنْفٍ منها قَدرًا، فوُجِدَ فيها الصغيرُ والكبيرُ والطويلُ والقصيرُ

والإنسانُ والبهيمُ والدابةُ والطائرُ

والحيوانُ والمواتُ

ولا شكَّ في أنَّ الاعترافَ بالإبداعِ يقتضي الاعترافَ بالخَلْقِ

إذْ كانَ الخلقُ هيئةَ الإبداعِ فلا يُغني أحدُهما عن الآخرِ".

وقال: "(الخلَّاق) ومعناه: الخالِقُ خَلْقًا بعد خَلْقٍ

المنهاج (1/ 193)

وذكره ضمْن الأسماء التي تتبع إثبات الابتداع والاختراع له

ونقَله البيهقي في الأسماء (ص: 25 - 26).









رد مع اقتباس
قديم 2019-11-27, 15:58   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة

المعانِي الإيمانيَّةُ

بدائع الفوائد (4/ 313).

ومن ذلك قولُهُ تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21]

إلى قولِهِ: ﴿ فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 24].

فهذا استدلالٌ في غايَةِ الظهورِ

ونهايَةِ البَيانِ على جميعِ مطالبِ أُصولِ الدِّين: مِنْ إثباتِ الصانعِ

وصِفاتِ كمالِهِ من قُدرتِهِ وعِلمِهِ وإرادتِهِ وحياتِهِ وحكمتِهِ وأفعالِهِ

وحُدوثِ العالمِ

وإثباتِ نَوْعَيْ توحِيدِهِ تعالى: توحيدِ الرُّبوبيةِ المُتَضَمِّنِ أنَّه وحدَهُ الربُّ الخالقُ الفاطِرُ

وتوحيدِ الإلهيَّةِ المتضمِّنِ أنَّهُ وحدَهُ الإلهُ المعبودُ المَحبوبُ

الذي لا تصلحُ العبادةُ والذلُّ والخضوعُ والحبُّ إلا له.


ثم قرَّرَ تعالى بعد ذلك إثباتَ نبّوةِ رسولِهِ مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أبلغَ تقريرٍ وأحسَنَه وأتمَّهُ وأبعَدَهُ عن المُعارضِ

أي: في قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 23].

فثبتَ بذلِكَ صِدْقُ رسولِهِ فِي كلِّ ما يقولُهُ.

وقد أَخْبَرَ عن المعادِ والجَنَّةِ والنَّارِ

فثبتَ صحَّةُ ذلك ضرورةً؛ فقررتْ هذه الآياتُ هذه المطالِبَ كلَّها على أحسَنِ وجهٍ

فصدَّرها تعالى بقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ﴾

وهذا خطاب لجميعِ بني آدمَ يشتركون كلُّهم في تعلُّقِهِ بِهم

ثم قال: ﴿ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ﴾، فأمرَهُم بعبادةِ ربِّهم، وفي ضِمْن هذه الكلمةِ البرهانُ القطعيُّ على وجوبِ عبادتِهِ؛ لأنه إذا كان ربُّنا الذي يُربِّينا بنعمِهِ وإحسانِهِ

وهو مالكُ ذواتِنا ورقابِنا وأنفسِنَا وكلُّ ذرةٍ من العبدِ فمملوكَةٌ له ملكًا خالصًا حقيقيًّا

وقد ربَّاهُ بإحسانِهِ إليه وإنعامه عليه

فعبادته له وشكرهُ إيَّاه واجبٌ عليه

ولهذا قال: ﴿ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ﴾، ولم يقُلْ إلهكم

والرَّبُّ هو السَّيدُ والمالكُ والمُنعِمُ والمربِّي والمُصلِحُ

واللهُ تعالى هو الرَّبُّ بهذه الاعتباراتِ كلِّها

فلا شيءَ أوجبُ فِي العقولِ والفِطَرِ من عِبادَةِ مَنْ هذا شأنُه وحدَهُ لا شريك له.

ثم قال: ﴿ الَّذِي خَلَقَكُمْ ﴾

فنبَّه بهذا أيضًا على وُجوبِ عبادتِهِ وحده

وهو كونُه أخرجهم مِن العَدَمِ إلى الوجودِ

وأنشأَهُم واخترَعَهُم وَحْدَه بلا شريكٍ باعترافِهم وإقرارِهِم.

كما قال فِي غَيرِ موضعٍ مِنَ القُرآنِ: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ [الزخرف: 87]

فإذا كانَ هو وَحْدُهُ الخالقَ

فكيفَ لا يكونُ وحدَهُ المعبودَ وكيف يجعلونَ معه شريكًا فِي العِبادةِ، وأنتُم مُقِرُّون بأنه لا شريكَ له فِي الخلقِ؟

وهذه طريقَةُ القرآنِ يَستدلُّ بتوحيدِ الرُّبوبِيَّةِ على تَوْحيدِ الإِلهيَّةِ.

ثم قال: ﴿ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ﴾ [البقرة: 21]

فنبَّهَ بذلك على أنَّه وَحْدَهُ الخالِقُ لكم ولآبائِكُمْ ومَنْ تقدَّمكُمْ

وإنَّه لم يشركْهُ أحدٌ فِي خَلْقِ مَنْ قبلكم

ولا فِي خَلقِكُم، وخلقُه تعالى لهم متضمِّنٌ لكمالِ قُدرتِهِ وإرادتِهِ وعلمِهِ وحكمَتِهِ وحياتِهِ

وذلك يستلزمُ لسائرِ صفاتِ كمالِهِ

ونعوتِ جلالِهِ فتضمَّن ذلك إِثباتَ صفاتِهِ وأفعالِهِ ووَحْدَانيتِهِ فِي صفاتِهِ فلا شَبِيهَ له فيها، وَلَا فِي أَفْعَالِهِ؛ فلَا شَرِيكَ لَهُ فِيهَا.

ثُمَّ ذَكَرَ المَطْلُوبَ مِنْ خَلْقِهِمْ

وَهُوَ أَنْ يَتَّقُوهُ فَيُطِيعُونَهُ وَلَا يَعْصُونَهُ ويذكُرونَهُ فلا ينسوْنَهُ

ويشكرونَهُ ولا يكفرونَهُ، فهذه حقيقةُ تقواه.

وقولُهُ: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾، قِيلَ: إنَّه تعليلٌ للأمر. وقِيْلَ: تعليلٌ للخَلْقِ، وقيل: المعنى اعبدُوه لتتَّقوه بعبادتِهِ، وقيل: المعنى خلقَكُمْ لتتَّقوه وهو أظهرُ لوجوهٍ:

أحدُها: إنَّ التَّقوى هِيَ العبادةُ والشَّيءُ لا يكونُ عِلّةً لنفسِهِ.

الثاني: إنَّ نظيرَهُ قولُهُ تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].

الثالث: إنَّ الخلقَ أقربُ فِي اللفظِ إلى قولِهِ: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾، تعليلًا للأمرِ بالعبَادةِ.

ونظيرُهُ قولُهُ تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]

فهذا تعليلٌ لِكَتْبِ الصِّيام، ولا يمتنعُ أنْ يكونَ تعليلًا للأمرين معًا وهذا هو الأليقُ بالآية واللهُ أعلمُ.

ثُمَّ قال تعالى: ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ ﴾ [البقرة: 22]

فذكرَ تعالى دليلًا آخَرَ متضَمِّنًا للاستْدلالِ بحكمتِهِ فِي مخلوقَاتِه

فالأوّلُ متضمِّنٌ لأَصْلِ الخلقِ والإيجادِ

ويُسمَّى دليلَ الاختراعِ والإنْشاءِ.

والثاني: مُتضمِّنٌ للحِكَمِ المشهودةِ فِي خَلْقِهِ ويُسمَّى دليلَ العنايَةِ والحِكْمَةِ.

وهو تعالى كثيرًا ما يكرِّرُ هذين النوعين مِنَ الاستدلالِ فِي القرآنِ ونظيرُهُ

قوله تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ

* وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ﴾ [إبراهيم: 32، 33]

فذكَرَ خَلْقَ السَّماواتِ والأرضِ، ثُمَّ ذكَرَ منافعَ المخلوقَاتِ وحِكَمَهَا.

فذكَرَ خَلْقَ السَّماواتِ والأرضِ، ثُمَّ ذكَرَ منافعَ المخلوقَاتِ وحِكَمَهَا.

ونظيرُه قولُهُ تعالى: ﴿ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ

* أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا ﴾ [النمل: 60، 61]

إلى آخِرِ الآياتِ على أَنَّ فِي هذه الآياتِ مِنَ الأسرارِ والحِكَمِ ما يَحْسَبُ عقولَ العالمينَ أن يفهمُوه ويدرِكُوه

ولعلَّه أن يَمُرّ بك إنْ شاء الله التنبيهُ على رائحةٍ يسيرة من ذلك.

ونظيرُ ذلك أيضًا قولُه تعالى: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ

فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 164]

وهذا كثيرٌ فِي القرآنِ لمَنْ تأمَّلهُ.

وذكر سبحانَهُ فِي آيةِ البقرةِ قرارَ العالَمِ وهو الأرضُ، وسقفَهُ وهو السماءُ

وأصولَ منافعِ العبادِ وهو الماءُ الذي أنزله من السَّماءِ. فذكر المسكنَ والسَّاكنَ وما يحتاجُ إليه من مصالحِهِ

ونبَّه تعالى بجعْلِهِ للأرضِ فراشًا على تَمامِ حِكمتِهِ فِي أَنْ هيَّأَهَا لاستقرار الحيوان عليها فجعلها فِراشًا ومهادًا وبساطًا وقرارًا

وجعل سقفَها بناءً، مُحكمًا مستويًا لا فُطورَ فيه ولا تفاوتَ ولا عَيْبَ.

ثُمَّ قال: ﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 22].

فتأمَّلْ هذه النتيجةَ وشِدَّةَ لزومِها لتلك المقدِّماتِ قبلها وظَفَرَ العقل بها بأولِ وهلةٍ، وخلوصَها مِن كلِّ شُبهةٍ ورِيْبَةٍ وقادحٍ

وإنَّ كلَّ متكلِّمٍ ومُستدلٍّ ومِحْجاجٍ إذا بالغ فِي تقريرِ ما يُقَرِّرُه وأطالَه وأعرضَ القول فيه، فغايتُه إنْ صَحَّ ما يذكرُه أن ينتهيَ إلى بعضِ ما فِي القرآنِ.

فتأمَّلْ ما تَحْتَ هذه الألفاظِ مِن البُرهانِ الشافي فِي التوحيدِ؛ أي: إذا كان اللهُ وَحْدَهُ هو الذي فَعَلَ هذه الأفعالَ

فكيف يجعلونَ له أندادًا

وقد علِمتم أنه لا نِدَّ له يُشارِكُه فِي فِعْلِهِ

بدائع الفوائد (4/ 313).









رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:47

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc