هل الحكم على “دعاء غير الله” بأنه شرك، بدعةٌ وهابيَّة؟
أمر الله سبحانه وتعالى بدعائه والتوجُّه إليه والتَّعلق به، وبيَّن أنَّه هو وحده قاضي الحاجات ومالك الخزائن كلها، والدعاء في الشريعة الإسلاميَّة عبادة من أرقى العبادات وأجلِّها، وهو جزء لا يتجزَّأ من عبودية الإنسان لخالقه وافتقاره إليه وتذلُّلِـهِ له، وقد ذكر الله الدعاء في آيات كثيرة من كتابه فقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]، يقول الطبري رحمه الله: “يعني -تعالى ذكره- بذلك: {وَإِذَا سَأَلَكَ} يا محمد {عِبَادِي عَنِّي}: أين أنا؟ {فَإِنِّي قَرِيبٌ} منهم أسمع دعاءهم، وأجيب دعوة الدَّاعي منهم”([1])، ويقول تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [النمل: 62]، يقول ابن كثير رحمه الله: “ينبِّه تعالى أنَّه هو المدعو عند الشدائد، المرجوّ عند النوازل، كما قال: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي البَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 67]، وقال تعالى: {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: 53]، وهكذا قال هاهنا: {أَمَّنْ يُجيِبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} أي: من هو الذي لا يلجأ المضطر إلا إليه، والذي لا يكشف ضرَّ المضرورين سواه”([2]).
والنُّصوص في هذا الباب كثيرة، والذي نريد بيانه هو أنَّ الدعاء من أجلِّ العبادات، سواء كان دعاءَ تنسّك وتعبّد، أو دعاءَ طلب ومسألة.
تمهيد:
بينَّا أنَّ الدعاء من العبادات التي شرعها الله سبحانه وتعالى، بل هو من أرقى وأوضح العبادات، حتى قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة»([3])، وما دام أنه عبادة فإنه لا يصرف إلا لله سبحانه وتعالى وحده، وهو مقتضى توحيد الألوهية.
ولكونه عبادة فإنَّ صرفه لغير الله شرك، ومن المعلوم من مذهب أهل السنة والجماعة أنَّ الاستغاثة بغير الله ودعاء غيره ينقسم إلى قسمين:
1- دعاء الحي الحاضر فيما يقدر عليه، وهذا جائز، ومنه قوله تعالى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} [القصص: 15].
2- دعاء الغائب بما لا يقدر عليه إلا الله، وقد نصّ العلماء على أن هذا شرك([4])، بيد أن القبورية لم يعجبهم هذا القول، ذلك أنهم ممن يولّون وجوهم شطرَ الأضرحة، وممن يعفّرون جباههم بعتبات المشاهد، فتوجَّهوا بدعائهم لغير الله من الأنبياء والأولياء والصالحين، بل وللدراويش ومن لا يعرف حاله، وصارت وجهاتهم هذه أجل عندهم من التَّوجه إلى الله سبحانه وتعالى، وفي سبيل الدفاع عن أنفسهم والحجاج عن موقفهم يشنِّعون على دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب بأنَّ الإمام وأتباعه يكفِّرون الناس بالحكم على صرف الدعاء لغير الله بأنه شرك، فصار هذا القول بزعمهم بدعة وهابية!
يقول محسن الأمين العاملي: “الفصل الثاني: في دعاء غير الله تعالى والاستغاثة والاستعانة به وطلب الحوائج منه. وهذا مما صرح الوهابية وقدوتهم ابن تيمية بأنه موجب للشرك والكفر”([5]).
ويقول: “وصرح محمد بن عبد الوهاب في كلامه السابق في الباب الثاني بأنَّ دعاء غير الله والاستغاثة بغير الله موجب للارتداد عن الدين والدخول في عداد المشركين وعبدة الأصنام، واستحلال المال والدم إلا مع التوبة”([6]).
ويقول عثمان النابلسي: “الوهابية يرون أنَّ مجرد الدعاء بصرف النَّظر عن قصد الداعي شرك مخرجٌ من الملة لأنه عبادة، مع أن ما كان عبادة ذاتية لا يختلف أداؤه لحي أو ميت لقادر أو عاجز“([7]).
ويقول: “أما القول بأنَّ دعاء المسألة متضمن لدعاء العبادة فليس بسديد، إذ عندما تبرهن للوهابيَّة أنَّ الآيات التي يتوهّمونها إنَّما جاءت في دعاء العبادة لا في دعاء المسألة بادروك بالقول بأنَّ دعاء المسألة متضمّن لدعاء العبادة ليتمّ لهم الحكم بالشرك على من استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم بطلب دعائه أو شفاعته“([8]).
ويقول أحمد زيني دحلان: “وممَّا يعتقده هؤلاء المنكرون للزيارة والتوسل [يقصد محمد بن عبد الوهاب وأتباعه] منع النداء للميت والجماد، ويقولون: إن ذلك كفر وإشراك وعبادة لغير الله تعالى، وهذا أيضا باطل ومردود ولا مستند لهم فيه”([9]).
ويقول علوي الحداد: “وغاية شبهته [أي: الإمام محمد بن عبد الوهاب] في نسبة الشرك إلى غير أتباعه -وهي التي بنى عليها أساس بدعته وزندقته وجميع قبائحه- أنه ادعى أنهم يعظّمون مشاهد الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- ومشاهد الأولياء -نفعنا الله بهم- تعظيما بليغا حتى صاروا يطلبون منهم ما لا يقدر عليه إلا الله… وزعم النَّجدي الفاسد أنهم جعلوها شركاء مع الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا“([10]).
ونحن في هذ الورقة سنبين حقيقة القول في دعاء غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، ونرى هل الحكم على هذا الفعل بأنه شرك بدعة وهابية، أم سنة سلفية، بل حقيقة شرعية؟
دعاء المسألة:
يقول فيه الخطابي: “معنى الدعاء: استدعاء العبد ربه عز وجل العناية واستمداده إياه المعونة. وحقيقته: إظهار الافتقار إليه، والتبرؤ من الحول والقوَّة، وهو سمة العبوديَّة، واستشعار الذلة البشرية، وفيه معنى الثناء على الله عز وجل، وإضافة الجود، والكرم إليه”([11]).
وقد ورد الدعاء في القرآن بمعنى التعبّد والتنسّك، وذلك في مثل قوله تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون: 117]، وقوله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} [يونس: 106].
كما جاء بمعنى الطلب والمسألة، وذلك في مثل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الأعراف: 194]، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} [فاطر: 13].
وموطن الخلاف بين أهل السنة والقبورية هو في دعاء المسألة وليس في دعاء العبادة؛ إذ إنَّ دعاء العبادة يجمع الجميع على أنَّ صرفه لغير الله شرك، ولذلك نجدهم -في النصوص التي نقلتها- يركّزون كثيرًا على دعاء المسألة، وأنَّ الإمام محمد بن عبد الوهاب وأتباعه وأصحاب مدرسته قد أخطؤوا في الحكم على صرفه لغير الله بأنه شرك.
وفي بيان تقسيم الدعاء إلى النَّوعين يقول الشيخ العثيمين رحمه الله: “واعلم أن الدعاء نوعان: دعاء مسألة ودعاء عبادة؛ فدعاء المسألة هو دعاء الطلب، أي: طلب الحاجات، وهو عبادة إذا كان من العبد لربه، لأنَّه يتضمن الافتقار إلى الله تعالى واللجوء إليه، واعتقاد أنَّه قادر كريم واسع الفضل والرحمة، ويجوز إذا صدر من العبد لمثله من المخلوقين إذا كان المدعو يعقل الدعاء ويقدر على الإجابة، كما سبق في قول القائل: يا فلان أطعمني.
وأمَّا دعاء العبادة فأن يتعبَّد به للمدعو طلبًا لثوابه وخوفًا من عقابه، وهذا لا يصح لغير الله، وصرفه لغير الله شرك أكبر مخرج من الملة، وعليه يقع الوعيد في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]”([12]).
وقد بين الإمام محمد بن عبد الوهاب في كثيرٍ من رسائله وتقريراته بأنَّ صرف الدعاء لغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك([13])، ومثل هذا كثير جدّا في كلامه، إذ إنه أحد الموضوعات الكبرى التي عالجها الإمام، وجادل وناقش من أجلها، فلا شكَّ أنها حاضرة في كتبه كثيرًا، ولأجل تبيين ذلك وتوضيحه نجد أنه يفصّل فيها تفصيلا واضحا كثيرا، ففي كتاب التوحيد ذكر باب الاستعاذة بغير الله، والاستغاثة بغير الله، ودعاء غير الله، وباب الشفاعة، وبث ذلك في كتب أخرى.
يقول رحمه الله: “فإن قال: أنا لا أعبد إلا الله، وهذا الالتجاء إلى الصالحين ودعاؤهم ليس بعبادة، فقل له: أنت تقر أنَّ الله فرض عليك إخلاص العبادة لله وهو حقّه عليك.
فإذا قال: نعم، فقل له: بين لي هذا الذي فرض عليك وهو إخلاص العبادة لله وحده وهو حقّه عليك، فإن كان لا يعرف العبادة ولا أنواعها فبينها له بقولك: قال الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55]، فإذا أعلمته بهذا، فقل له: هل علمت هذا عبادة الله؟ فلا بد أن يقول: نعم. والدعاء مخ العبادة.
فقل له: إذا أقررت أنها عبادة ودعوت الله ليلا ونهارا خوفا وطمعا ثم دعوت في تلك الحاجة نبيا أو غيره هل أشركت في عبادة الله غيره؟ فلا بد أن يقول: نعم.
فقل له: فإذا عملت بقول الله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] وأطعت الله ونحرت له، هل هذا عبادة؟ فلا بد أن يقول: نعم.
فقل له: فإن نحرت لمخلوق نبي أو جني أو غيرهما، هل أشركت في هذه العبادة غير الله؟ فلا بد أن يقر ويقول: نعم.
وقل له أيضا: المشركون الذين نزل فيهم القرآن، هل كانوا يعبدون الملائكة والصالحين واللات وغير ذلك؟ فلا بد أن يقول: نعم.
فقل له: وهل كانت عبادتهم إياهم إلا في الدعاء والذبح والالتجاء ونحو ذلك؟ وإلا فهم مقرون أنهم عبيده وتحت قهره، وأن الله هو الذي يدبر الأمر، ولكن دَعَوهم والتجؤوا إليهم للجاه والشفاعة، وهذا ظاهر جدا”([14]).
وهو ممَّا اتفق عليه علماء نجد وعلماء مكة، فقد جاء في بيان علماء مكة قولهم: “ونعتقد أنَّ عبادة غير الله شرك أكبر، وأنَّ دعاء غير الله من الأموات والغائبين وحبّه كحب الله، وخوفه ورجائه، ونحو ذلك شرك أكبر، وسواء دعاه دعاء عبادة أو دعاء استعانة في شدة أو رخاء، فإن الدعاء هو العبادة، وسواء دعاه لجلب النفع أو دفع الضر، أو دعاه لطلب الشفاعة، أو ليقربه إلى الله، أو دعاه تقليدا لآبائه أو أسلافه أو لغيرهم”([15]).
ولا نريد إطالة الكلام في تقرير مذهب الإمام محمد بن عبد الوهاب في هذه القضية، فمذهبه ليس خاصًّا به، بل هو ما قررته الأدلة الشرعية الصريحة، وهو ما سار عليه علماء الأمة، وقرروه في كتبهم ومقالاتهم.
الشواهد على أنَّ دعاء المسألة عبادة:
دعاء المسألة لا شك عند أهل السنة والجماعة أنَّه عبادة من العبادات، وأنه ليس مجرد دعاء ونداء، والأدلَّة على هذا كثيرة متضافرة، ومن أهمِّ أصول هذه الأدلة ما يلي:
1- أنَّ الله سبحانه وتعالى أمر بالدعاء، وحثَّ عليه، وأمر بإخلاصه له وحده، فالمأمور بهذا الحال عبادةٌ بلا ريب، والأدلة كثيرة على أنَّ الدعاء مأمورٌ به، من أصرحها قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55]، يقول الطبري: “يقول تعالى ذكره: {ادْعُوا} أيها الناس {رَبَّكُمْ} وحده، فأخلصوا له الدعاء، دون ما تدعون من دونه من الآلهة والأصنام”([16]).
2- التصريح بأنَّ الدعاء عبادة؛ ومن أصرح الأدلة الدالة على ذلك: قوله عليه الصلاة والسلام: «الدعاء هو العبادة»([17])، يقول الملا الهروي القاري في تقرير ذلك، وكذلك بيان أن الدعاء مأمورٌ به، وأن المأمور به عبادة: “«الدعاء هو العبادة» أي: هو العبادة الحقيقية التي تستأهل أن تسمّى عبادة لدلالته على الإقبال على الله، والإعراض عمَّا سواه، بحيث لا يرجو ولا يخاف إلا إياه، قائمًا بوجوب العبودية، معترفًا بحق الربوبية، عالمًا بنعمة الإيجاد، طالبًا لمدد الإمداد على وفق المراد وتوفيق الإسعاد، ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] قيل: استدل بالآية على أن الدعاء عبادة؛ لأنه مأمور به والمأمور به عبادة”([18]).
ومن الأحاديث الصريحة في بيان أن الدعاء عبادة من العبادات قوله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء مخّ العبادة»([19])، يقول الملا القاري: “ومعناه أنَّ الدعاء معظم العبادة؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «الحج عرفة»، أي: معظم أركان الحج الوقوف بعرفة، أو المعنى: أن الدعاء هو العبادة سواء استجيب أو لم يستجب؛ لأنَّه إظهار العبد العجز والاحتياج من نفسه، والاعتراف بأنَّ الله تعالى قادر على إجابته، كريم لا بخل له ولا فقر، ولا احتياج له إلى شيء حتى يدّخر لنفسه ويمنعه عن عباده، وهذه الأشياء هي العبادة بل مخّها”([20]).
ويقول الخطابي: “وقوله: «الدعاء هو العبادة» معناه: أنَّه معظم العبادة، أو أفضل العبادة، كقولهم: الناس بنو تميم، والمال الإبل، يريدون: أنهم أفضل الناس، أو أكثرهم عددًا أو ما أشبه ذلك، وأن الإبل أفضل أنواع الأموال وأنبلها. وكقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الحج عرفة»، يريد: أن معظم الحجّ الوقوف بعرفة، وذلك لأنه إذا أدرك عرفة فقد أمن فوات الحج. ومثله في الكلام كثير”([21]).
3- أن الله سبحانه وتعالى جعل دعاء الطلب والمسألة من معالم الإيمان، فقد ذكر أن المشركين حين الشدّة واليأس يدعون الله مخلصين له، يقول تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: 65]، فمن معالم الإيمان إخلاص الدعاء لله جل وعلا، والاستغاثة به في الشدائد، ولا شك أنَّ الاستغاثة دعاء، يقول الطبري: “يقول تعالى ذكره: فإذا ركب هؤلاء المشركون السَّفينة في البحر، فخافوا الغرق والهلاك فيه {دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [يونس: 22] يقول: أخلَصوا لله عند الشدة التي نزلت بهم التوحيد، وأفردوا له الطاعة، وأذعنوا له بالعبودة، ولم يستغيثوا بآلهتهم وأندادهم، ولكن بالله الذي خلقهم {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البَرِّ} [العنكبوت: 65] يقول: فلما خلّصهم مما كانوا فيه وسلمهم، فصاروا إلى البر، إذا هم يجعلون مع الله شريكا في عبادتهم، ويدعون الآلهة والأوثان معه أربابا”([22]).
ويوضّح البيضاوي بأنَّ الدعاء من معالم الإيمان، وأن هؤلاء المشركين يكونون في حال الشدّة كحال المؤمنين من إخلاص الدعاء لله، يقول رحمه الله: “{فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ}، متصل بما دل عليه شرح حالهم، أي: هم على ما وصفوا به من الشرك، فإذا ركبوا البحر {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} كائنين في صورة من أخلص دينه من المؤمنين، حيث لا يذكرون إلا الله، ولا يدعون سواه؛ لعلمهم بأنه لا يكشف الشدائد إلا هو، {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} فاجؤوا المعاودة إلى الشرك”([23]).
4- أن الدعاء بمعنى الطلب جعله الله أيضا من معالم المشركين، وهذا واضح في الآية السابقة، وكذلك في قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (40) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ} [الأنعام: 40، 41]، والمراد أنهم في حال الرخاء إنما يدعون آلهتهم، والمراد هنا دعاء المسألة لقوله تعالى: {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ}، يقول الطبري: “يقول تعالى ذكره مكذبًا لهؤلاء العادلين به الأوثان: ما أنتم أيها المشركون بالله الآلهة والأنداد، {إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ} بمستجيرين بشيء غير الله في حال شدة الهول النازل بكم من آلهة ووثن وصنم، بل تدعون هناك ربكم الذي خلقكم، وبه تستغيثون، وإليه تفزعون، دون كل شيء غيره، {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ}، يقول: فيفرج عنكم عند استغاثتكم به وتضرعكم إليه عظيمَ البلاء النازل بكم {إِنْ شَاءَ} أن يفرج ذلك عنكم؛ لأنه القادر على كل شيء، ومالك كل شيء، دون ما تدعونه إلها من الأوثان والأصنام”([24]).
ومن أصرح الأدلة على هذا المعنى وأقواها قوله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} [الأحقاف: 5]، وقد ذكرها الإمام محمد بن عبد الوهاب وساقها للاحتجاج على أن دعاء المسألة عبادة من العبادات في “باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره” من كتاب التوحيد، وحاصل كلام المفسرين في هذه الآية أنه لا أحد أضلّ ممن يدعو غير الله دعاء مسألة، فلا يستجيب له هذا المدعو.
يقول الطبري رحمه الله: “يقول تعالى ذكره: وأي عبد أضل من عبد {يَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ} آلهة لا تستجيب له {إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} يقول: لا تجيب دعاءه أبدا؛ لأنها حجر أو خشب أو نحو ذلك. وقوله: {وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} يقول تعالى ذكره: وآلهتهم التي يدعونهم عن دعائهم إياهم في غفلة؛ لأنها لا تسمع ولا تنطق ولا تعقل، وإنَّما عنى بوصفها بالغفلة تمثيلها بالإنسان الساهي عمَّا يقال له؛ إذ كانت لا تفهم مما يقال لها شيئًا، كما لا يفهم الغافل عن الشيء ما غفل عنه. وإنَّما هذا توبيخ من الله لهؤلاء المشركين لسوء رأيهم، وقبح اختيارهم في عبادتهم من لا يعقل شيئا ولا يفهم، وتركهم عبادة من جميع ما بهم من نعمته، ومن به استغاثتهم عندما ينزل بهم من الحوائج والمصائب”([25]).
ويقول ابن كثير رحمه الله: “وقوله: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} [الأحقاف: 5]، أي: لا أضل ممن يدعو أصنامًا، ويطلب منها ما لا تستطيعه إلى يوم القيامة، وهي غافلة عمَّا يقول، لا تسمع ولا تبصر ولا تبطش؛ لأنها جماد حجارة صم”([26]).
الحكم على دعاء المسألة أنه شرك ليس بدعة وهابية:
إذا كان دعاء المسألة عبادة من العبادات، فإنَّ السلفية متّسقة في منهجها في أنَّ صرف العبادة لغير الله شرك، فما دام أن دعاء المسألة عبادة فصرفه لغير الله شرك، وهذا التقرير -أعني الحكم على هذا الفعل بأنه شرك- ليس خاصًّا بالوهابية، فهو ليس من ابتداع الإمام محمد بن عبد الوهاب كما يشنّع به البعض، بل هو قول الشّرع، وعليه العلماء على مرّ العصور، فقد أكّدوا وبيّنوا ووضحوا بأنَّ صرف دعاء المسألة لغير الله شرك.
يقول ابن خزيمة رحمه الله: “هل سمعتم عالمًا يجيز أن يقول الداعي: أعوذ بالكعبة من شر خَلقِ الله، أو يجيز أن يقول: أعوذ بالصفا والمروة، أو أعوذ بعرفات ومنى من شر ما خلق الله؟! هذا لا يقوله ولا يجيز القول به مسلمٌ يعرف دين الله، محالٌ أن يستعيذ مسلم بخلق الله من شر خلقه”([27]). والاستعاذة بغير الله دعاء لغير الله.
ويقول ابن عقيل: “لما صعبت التَّكاليف على الجهال والطغام عدلوا عن أوضاع الشرع إلى تعظيم أوضاعٍ وضعوها لأنفسهم، فسهلت عليهم إذ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم. قال: وهم كفار عندي بهذه الأوضاع؛ مثل تعظيم القبور، وإكرامها بما نهى الشرع عنه من إيقاد النيران وتقبيلها وتخليقها، وخطاب الموتى بالألواح وكتب الرقاع فيها: يا مولاي، افعل بي كذا وكذا”([28]).
ويقول البركوي الحنفي: “ومنها أنَّ الذي شرعه النَّبي عليه السلام عند زيادة القبور إنَّما هو تذكّر الآخرة والاتعاظ والاعتبار بحال المزور، والإحسان إليه بالدعاء له والترحم عليه، حتى يكون الزائر محسنًا إلى نفسه وإلى الميت، فَقَلَب هؤلاء الأمر وعكسوا الدين وجعلوا المقصود بالزيارة الشرك بالميت ودعاءَه وسؤاله الحوائج واستنزال البركات منه ونحو ذلك، فصاروا مسيئين إلى أنفسهم وإلى الميت“([29]).
ويقول الفتَّني الحنفي: “فإنَّ منهم من قصد بزيارة قبور الأنبياء والصلحاء أن يصلي عند قبورهم، ويدعو عندها، ويسألهم الحوائج، وهذا لا يجوز عند أحدٍ من علماء المسلمين، فإنَّ العبادة وطلب الحوائج والاستعانة حق لله وحده“([30]).
ويقول الألوسي مفتي الحنفية: “النَّاس قد أكثروا من دعاء غير الله تعالى من الأولياء الأحياء منهم والأموات وغيرهم، مثل: يا سيدي فلان أغثني، وليس ذلك من التوسل المباح في شيء، واللائق بحال المؤمن عدم التفوّه بذلك وأن لا يحوم حول حماه، وقد عده أناس من العلماء شركًا، وإن لا يَكُنْه فهو قريب منه، ولا أرى أحدًا ممَّن يقول ذلك إلا وهو يعتقد أن المدعو الحيّ الغائب أو الميت المغيّب يعلم الغيب أو يسمع النداء ويقدر بالذات أو بالغير على جلب الخير ودفع الأذى، وإلا لما دعاه ولا فتح فاه، وفي ذلك بلاء من ربكم عظيم”([31]).
ويقول السهسواني: “المانعون لنداء الميت والجماد وكذا الغائب إنما يمنعونه بشرطين:
الأول: أن يكون النداء حقيقيًّا لا مجازيًّا.
والثاني: أن يقصد ويطلب به من المنادى ما لا يقدر عليه إلا الله من جلب النفع وكشف الضر. مثلًا يقال: يا سيدي فلان، اشف مريضي وارزقني ولدًا. ولا مرية أنَّ هذا النداء هو الدعاء، والدعاء هو العبادة، فكيف يشك مسلم في كونه كفرًا وإشراكًا وعبادة لغير الله؟!”([32])، ويقول: “أقول: إنما نكفّر بالنداء الحقيقي الذي يطلب فيه من الأموات والجمادات ما لا يقدر عليه إلا الله، وهذا شيء لم يثبت بعد [أي: مشروعيته كما ادَّعى المخالفون] بالبراهين، بل قام الدليل على كونه كفرًا”([33]).
ويقول الشهرستاني الشافعي: “لكن القوم لما عكفوا على التوجّه إليها كان عكوفهم ذلك عبادة، وطلبهم الحوائج منها إثبات إلهية لها، وعن هذا كانوا يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3]”([34]).
ويقول القرطبي المالكي: “ولا خفاء أن الاستعاذة بالجن دون الاستعاذة بالله كفر وشرك”([35]).
ويقول ابن عبد الهادي الحنبلي: “فزيارة القبور للدعاء للميت من جنس الصلاة على الجنائز يقصد فيها الدعاء لهم، لا يقصد فيها أن يدعو مخلوقًا من دون الله… ولو جاء إنسان إلى سرير الميت يدعوه من دون الله ويستغيث به كان هذا شركًا محرمًا بإجماع المسلمين”([36]).
وقد نقل ابن تيمية رحمه الله الإجماع على ذلك، فقال رحمه الله: “فمن جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم، ويتوكل عليهم، ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار، مثل أن يسألهم غفران الذنب وهداية القلوب وتفريج الكروب وسد الفاقات، فهو كافر بإجماع المسلمين”([37]).
فهذا كلام جملةٍ من العلماء ممَّن ينصُّون على أنَّ دعاء غير الله شرك، وأن الاستعانة بغيره شرك، والاستعاذة بغيره شرك، وقد مرَّ بنا التأصيل الشرعي لدعاء المسألة وأنَّه عبادة من العبادات، فأهل السنَّة والجماعة متَّسقون مع قاعدتهم في أنَّ صرف العبادة لغير الله شرك، وأنه لا يشترط في ذلك اعتقاد الربوبية، فلم يكن ما جاء به الإمام محمد بن عبد الوهاب بدعًا من القول، وإنَّما سار على ما سار عليه السلف.
فإن كان هناك من يرى أن الحكم على دعاء غير الله بالشرك بدعةٌ وهابية، فدونه هذه المعاني:
• هذ الفعل مناقضٌ مناقضة تامة لمقاصد الشريعة في تعليق الناس بالله سبحانه وتعالى، وتخليص الناس من التعلق بغيره، ومناقض للعزة التي جاءت بها الشريعة حين يتخلص الإنسان من ربقة التعلُّق بالقبور والأصنام والجمادات وغيرها، ويتذلل لها بما لا يتذلل به لله، وقد أكدت على هذه المقاصد نصوص كثيرة في كتاب الله تعالى.
• هذا الفعل مناقضٌ للنصوص التي تصرح بأنَّ الدعاء عبادة، وأن العبادة لا تصرف إلا لله سبحانه وتعالى، وقد مر بنا ذكر ذلك.
• هذا الفعل مناقضٌ لحال الأنبياء وعملهم، فالله سبحانه وتعالى قد ذكر عددا من الأنبياء ممن توجهوا إلى الله بالدعاء، وأصابتهم الملمَّات، فكان توجههم خالصًا لله وحده، ولم يذكر عنهم أنهم توجهوا إلى رسل قبلهم رغم فضلهم وعظم مكانتهم ومعرفة الأنبياء بهم.
• هذا الفعل مناقضٌ لفعل الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، فقد نزلت بهم نوازل، وحلت بهم كربات، فمتى رأيتهم استغاثوا بالأموات؟! بل حتى بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته؟!
يقول ابن تيمية رحمه الله: “سؤال الميت والغائب -نبيًّا كان أو غيره- من المحرَّمات المنكرة باتفاق أئمة المسلمين، لم يأمر الله به ولا رسوله، ولا فعله أحدٌ من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان، ولا استحسنه أحدٌ من أئمة المسلمين، وهذا ممَّا يعلم بالاضطرار من دين المسلمين، فإن أحدًا منهم ما كان يقول إذا نزلت به تِرة أو عرضت له حاجة لميت: يا سيدي فلان أنا في حسبك، أو اقض حاجتي، كما يقول بعض هؤلاء المشركين لمن يدعونهم من الموتى والغائبين. ولا أحد من الصحابة استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، ولا بغيره من الأنبياء، لا عند قبورهم، ولا إذا بعدوا عنها، وقد كانوا يقفون تلك المواقف العظام في مقابلة المشركين في القتال، ويشتدّ البأس بهم ويظنون الظنون، ومع هذا لم يستغث أحد منهم بنبي ولا غيره من المخلوقين، بل ولا أقسموا بمخلوق على الله أصلًا، ولا كانوا يقصدون الدعاء عند قبور الأنبياء، ولا الصلاة عندها”([38]).
فهذه نصوص شرعية، وتقريرات للعلماء، ومناقضات صريحة لعدد من المعاني الشريفة، كلها تؤكد أن ما جاء به الإمام محمد بن عبد الوهاب لم يكن من تلقاء نفسه، ولم يكن بدعةً ابتدعها، بل هو سائر على منهج السلف الصالح، ومنهج علماء الأمة.
وأخيرًا: فقول الإمام محمد بن عبد الوهاب وأتباعه في هذه المسألة دقيق، وليس كما يشنّع به عليه البعض بأنه يكفّر بكل تعلُّق بالقبور، أو بالتوسل الذي لا يصل إلى الكفر، بل الصحيح أنهم يفرقون بين القضايا هذه كلّها، ويبيّنون أن منها ما هو شرك، ومنها ما هو بدعة ومحرم.
يقول عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: “وأعظم من الفتنة بهذه الأنصاب فتنة أصحاب القبور، وهي أصل فتنة عباد الأصنام كما ذكر الله في سورة نوح في قوله: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23]، ذكر السلف في تفسيرها أنَّ هؤلاء أسماء رجال صالحين في قوم نوح، فلمَّا ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوَّروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم، وتعظيم الصَّالحين إنَّما هو باتباع ما دعوا إليه دون اتخاذ قبورهم أعيادًا وأوثانًا، فأعرضوا عن المشروع واشتغلوا بالبدع. ومن أصغى إلى كلامه وتفهَمه أغناه عن البدع والآراء، ومن بعُد عنه فلا بد أن يتعوّض بما لا ينفعه؛ كما أنَّ من عمر قلبه بمحبة الله وخشيته والتوكل عليه أغناه عن محبة غيره وخشيته والتوكل عليه، فالمعرض عن التوحيد مشركٌ شاء أم أبى، والمعرض عن السنة مبتدع شاء أم أبى، والمعرض عن محبة الله عبد الصور شاء أم أبى.
وهذه الأمور المبتدعة عند القبور أنواع، أبعدها عن الشرع أن يسأل الميتَ حاجته كما يفعله كثير، وهؤلاء من جنس عباد الأصنام؛ ولهذا يتمثل لهم الشيطان في صورة الميت كما يتمثل لعباد الأصنام، وكذلك السجود للقبر وتقبيله والتمسح به.
النوع الثاني: أن يسأل الله به، وهذا يفعله كثير من المتأخرين، وهو بدعة إجماعا.
النوع الثالث: أن يظنّ أنَّ الدعاء عنده مستجاب، وأنه أفضل من الدعاء في المسجد، فيقصد القبر لذلك. فهذا أيضًا من المنكرات إجماعا، وما علمتُ فيه نزاعا بين أئمة الدين، وإن كان كثير من المتأخرين يفعله.
وبالجملة فأكثر أهل الأرض مفتونون بعبادة الأصنام، ولم يتخلّص منها إلا الحنفاء أتباع ملة إبراهيم. وعبادتها في الأرض من قبل نوح، وهياكلها ووقوفها وسدنتها وحجابها والكتب المصنفة في عبادتها طبق الأرض”([39]).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
(المراجع)
([1]) تفسير الطبري (3/ 480).
([2]) تفسير ابن كثير (6/ 203).
([3]) أخرجه أبو داود (1479)، والترمذي (2969)، وابن ماجه (3828)، وأحمد (18391)، وصححه النووي في الأذكار (478)، وحسنه ابن حجر في الفتح (1/ 64).
([4]) هذا هو الأصل في المسألة، ولا يخرجها عن هذا الأصل وقوع الخلاف في صور نادرة من صور الدعاء لغير الله، وليس هذا موضع التفصيل في ذلك، وإنما غرضنا في هذه الورقة بيان أن الإمام محمد بن عبد الوهاب وأتباعه لم ينفردوا بتقرير هذا الأصل.
([5]) كشف الارتياب في أتباع محمد بن عبد الوهاب (ص: 228).
([6]) المرجع السابق (ص: 230).
([7]) الرؤية الوهابية للتوحيد وأقسامه (ص: 209).
([8]) المرجع السابق (ص: 230).
([9]) الدرر السنية في الرد على الوهابية (ص: 33- 34).
([10]) مصباح الأنام وجلاء الظلام في رد شبه البدعي النجدي التي أضل بها العوام (ص: 8).
([11]) شأن الدعاء (1/ 4).
([12]) شرح ثلاثة الأصول للعثيمين (ص: 56).
([13]) حينما نقول في هذه الورقة: دعاء غير الله، فإننا نقصد به دعاء غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، ووجب التنبيه حتى لا نكرر العبارة في كل مرة.
([14]) كشف الشبهات (ص: 20-23).
([15]) البيان المفيد فيما اتفق عليه علماء مكة ونجد من عقائد التوحيد (ص: 5).
([16]) تفسير الطبري (12/ 485).
([17]) أخرجه أبو داود (1479)، والترمذي (2969)، وابن ماجه (3828)، وأحمد (18391)، وصححه النووي في الأذكار (478)، وحسنه ابن حجر في الفتح (1/ 64).
([18]) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 1527).
([19]) أخرجه الترمذي (3371)، وضعفه.
([20]) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 1527).
([21]) شأن الدعاء (1/ 5-6).
([22]) تفسير الطبري (18/ 441).
([23]) تفسير البيضاوي (4/ 199).
([24]) تفسير الطبري (11/ 353-354).
([25]) تفسير الطبري (22/ 95).
([26]) تفسير ابن كثير (7/ 275).
([27]) التوحيد (1/ 401).
([28]) ينظر: تلبيس إبليس (ص: 354).
([29]) زيارة القبور (ص: 18).
([30]) مجمع بحار الأنوار (2/ 444).
([31]) تفسير الألوسي (3/ 297-298).
([32]) صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان (ص: 366).
([33]) صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان (ص: 399).
([34]) الملل والنحل (3/ 104).
([35]) تفسير القرطبي (19/ 10).
([36]) الصارم المنكي في الرد على السبكي (ص: 325).
([37]) الواسطة بين الحق والخلق (ص: 22).
([38]) الاستغاثة في الرد على البكري (ص: 221-222).
([39]) مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (3/ 416-417).