إضاءات على فكر ألكسندر دوغين - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الأخبار و الشؤون السياسية > صوت فلسطين ... طوفان الأقصى

صوت فلسطين ... طوفان الأقصى خاص بدعم فلسطين المجاهدة، و كذا أخبار و صور لعمية طوفان الأقصى لنصرة الأقصى الشريف أولى القبلتين و ثالث الحرمين الشريفين ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

إضاءات على فكر ألكسندر دوغين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2023-01-19, 12:13   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سندباد علي بابا
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية سندباد علي بابا
 

 

 
إحصائية العضو










B2 إضاءات على فكر ألكسندر دوغين

إضاءات على فكر ألكسندر دوغين


ترجمه عن الروسية وأعده د. زياد الزبيدي


1/ الدروموقراطيا = السرعة كقوة




17/10/ 2022


في العالم المعاصر، تلعب السرعة دورًا كبيرًا في كل المجالات.


في سياق العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وجدنا أنها (أي السرعة) في الحرب – في الحرب الحديثة – هي أحد العوامل الرئيسية. كل شيء يعتمد على مدى سرعة حصولك على المعلومات الاستخباراتية، وإبلاغ وحدة النار واتخاذ القرار بالقصف، وكذلك تغيير المكان الذي توجد فيه وسائل إطلاق النار بالسرعة المطلوبة. ومن هنا يأتي الدور الهائل للطائرات بدون طيار، والاتصالات عبر الأقمار الصناعية، وسرعة إرسال إحداثيات مواقع العدو، وتنقل الوحدات القتالية، وكذلك سرعة نقل الأوامر. من الواضح أن هذا لم يؤخذ لدينا في الاعتبار أثناء الاستعداد للحرب في أوكرانيا، وعلينا الآن تعويض الوقت الضائع في ظل هذه الظروف الحرجة.


وبالمثل، قللنا من خطورة الاعتماد على الغرب في مجال التقنيات الرقمية والرقائق والتصنيع عالي الدقة. إن الاستعداد لمواجهة الناتو – وفي نفس الوقت الاعتماد على العناصر التكنولوجية المتقدمة والمنتجة إما في دول الناتو أو على أراضي دول تعتمد على الغرب – ليس دليلاً على درجة عالية من الذكاء.


لكن الأمر الآن لا يتعلق بالتبعية للغرب، بل يتعلق بعامل السرعة.


اقترح الفيلسوف الفرنسي بول فيريلو Paul Virilio، الذي درس أهمية السرعة للحضارة التقنية الحديثة، مصطلحًا خاصًا – “الدرومو-قراطيا”. من اليونانية dromos (السرعة) و kratos (القوة).


تستند نظرية فيريلو إلى التأكيد على أنه في الظروف الحضارية الجديدة، لا يفوز من هو الأقوى والأذكى والأكثر تجهيزًا، بل من هو الأسرع.


السرعة هي كل شيء.


ومن هنا الرغبة في زيادة سرعة المعالجات (processors) بأي وسيلة وبالتالي جميع العمليات الرقمية. هذا هو بالضبط ما يركز عليه الفكر التقني المبتكر اليوم. الجميع يتنافسون بالسرعة.


العالم المعاصر – هو صراع من أجل التسارع. والشخص الأسرع يحصل على الجائزة الرئيسية – القوة بكل معانيها وأبعادها – السياسية والعسكرية والتكنولوجية والاقتصادية والثقافية.


في الوقت نفسه، تعتبر المعلومات هي العامل الحاسم في هيكل الدروموقراطيا.


إن سرعة نقل المعلومات هي تعبير ملموس عن القوة. وهذا ينطبق على كل من صفقات البورصة أو سير العمليات الحربية. الشخص الأسرع يفوز بالحلوى.


في الوقت نفسه، يمكن أن تؤدي الدروموقراطيا كاستراتيجية مختارة، أي محاولة السيطرة على الوقت، إلى تأثيرات غريبة. هنا يدخل عامل المستقبل. ومن هنا جاءت ظاهرة العقود الآجلة وصناديق الاحتياط ذات الصلة، فضلاً عن الأدوات المالية الأخرى ذات الطبيعة المماثلة، والتي يتم فيها تنفيذ المعاملات الرئيسية مع اشياء غير موجودة الآن.


إن المثل الأعلى؟ هو أن تكون أول من يبلغ عن حدث لم يحدث بعد، ولكن من المرجح أن يحدث. هذا ليس مجرد خبر زائف، إنه عمل دؤوب في مجال الطرق الممكنة والمحتملة والاحتمالية.


إذا أخذنا حدثًا محتملاً في المستقبل على أنه شيء قد حدث بالفعل، فسنكسب الوقت، وبالتالي نكسب القوة.


احتمال آخر هو أن هذا قد لا يحدث. نعم، وهذا ممكن، ولكن في بعض الأحيان لا يكون فشل التوقعات أمرًا بالغ الأهمية، والعكس صحيح، فإن التنبؤ المؤكد، الذي يتم أخذه كأمر واقع مقدمًا، يوفر فوائد هائلة.


هذا هو جوهر الدروموقراطيا: عنصر الوقت ليس بسيطًا، ومن ينجح في إخضاعه يحصل على قوة عالمية كاسحة. مع تطور السرعات الفائقة، يصبح الواقع نفسه منحنيًا curve، وتبدأ قوانين الفيزياء غير الكلاسيكية في التأثير فيه – كما هو متوقع في نظرية النسبية لأينشتاين، وإلى حد أكبر، في فيزياء الكم (Quantum physics). السرعات الفائقة تغير القوانين الفيزيائية.


وفي هذا المجال بالذات، وفقًا لفيريلو، يدور الصراع الكوني على السلطة اليوم.


تم العثور على نظريات مماثلة أيضًا في منطقة أكثر تطبيقية وأقل فلسفية – في نظرية الحروب المتمحورة حول الانترنت. وقد كانت بالضبط مثل هذه الحرب التي واجهناها خلال المعارك في أوكرانيا.


السمة الرئيسية لهذه الحرب هي سرعة نقل المعلومات بين الوحدات العسكرية ومراكز القيادة. للقيام بذلك، تم تجهيز الجنود والوحدات القتالية الأخرى بالعديد من الكاميرات وأجهزة الاستشعار الأخرى، والتي توجه المعلومات منها جميعا إلى نقطة واحدة. وهنا تتم إضافة البيانات من المروحيات والطائرات بدون طيار والأقمار الصناعية. وكلها يتم دمجها مباشرة مع وحدات القتال والنار.


ويوفر هذا التكامل للشبكة العنكبوتية الميزة الأكثر أهمية – ميزة السرعة.


هذه هي الطريقة التي تعمل بها أنظمة HIMARS، وتكتيكات المجموعات المتنقلة، والمجموعات التخريبية المعادية. كما تم استخدام الاتصالات الفضائية لشركة Starlink لهذا الغرض.


نظريات الحرب التي تتمحور حول الانترنت تفيد أن سرعة اتخاذ القرار تأتي غالبًا على حساب تبريرها. هناك الكثير من الحسابات الخاطئة. ولكن إذا تصرفت بسرعة، فحتى إذا ارتكبت خطأ، فهناك دائمًا وقت لتصحيحه. هنا يتم استخدام مبدأ “القرصنة” أو هجوم DoS – الشيء الرئيسي هو تركيز القصف على كل مواقع قوات العدو، والبحث عن نقاط الضعف، والأبواب الخلفية. يمكن أن تكون الخسائر كثيرة جدًا، لكن النتائج، إذا نجحت، تكون كبيرة جدًا.


علاوة على ذلك، فإن الحروب التي تتمحور حول الانترنت، كعنصر أساسي لها، تشمل القنوات المفتوحة للمعلومات – مواقع التواصل الاجتماعي في المقام الأول. إنها لا تصاحب سير الأعمال الحربية فحسب، بل تخبر، بالطبع، فقط ما هو مفيد. وتخفي ما هو غير مفيد، أو تشوهه لدرجة لا يمكن التعرف عليه. وتعمل أيضًا على بناء بدائل لمستقبل محتمل. مرة أخرى مبدأ الدروموقراطيا. ما نعتبره اليوم مزيفًا ليس أكثر من سبر اغوار وتحفيز اصطناعي لمستقبل محتمل. يتبين أن العديد من الاشياء الزائفة عديمة المعنى، وكم مرة تكون هناك محاولات عبثية لاختراق الحماية أثناء القرصنة، ولكن مع الوقت تصل إلى الهدف – ومن ثم يمكن السيطرة على النظام وإخضاعه.


تسمح لك الدروموقراطيا في المجال السياسي بالابتعاد عن القواعد الأيديولوجية الصارمة. في الغرب نفسه، على سبيل المثال، لا يتم تشجيع العنصرية والنازية بشكل علني. ولكن في حالة أوكرانيا وبعض المجتمعات الأخرى التي تم شحذها للدفاع عن المصالح الجيوسياسية للغرب، هناك استثناء. النازية المعادية لروسيا، وكراهية الروس تزدهر هناك، لكن في الغرب نفسه لا يلاحظون ذلك، متجاوزينه ببراعة. الحقيقة هي أنه من أجل الإسراع في بناء أمة لم تكن موجودة أصلا، وفي وجود شعبين أساسيين على نفس الأرض، لا يمكن للمرء ببساطة الاستغناء عن التعصب القومي. ومن أجل القيام بذلك في أسرع وقت ممكن، هناك حاجة إلى أشكال متطرفة بالضبط – حتى النازية الصريحة والعنصرية.


وهذه مرة أخرى مسألة دروموقراطيا.


من الضروري إنشاء ما يشبه “الأمة” بسرعة. لهذا، يتم أخذ أيديولوجية راديكالية، وأي صور وأساطير حول خصوصية المرء، حتى أكثرها سخافة، ويتم إحياء كل هذا بسرعة (مع السيطرة الكاملة على مجال المعلومات، ونتيجة لذلك، فإن المجتمعات الغربية ببساطة لا تلاحظ ذلك).


ثم تأتي البروباغاندا المتسارعة بنفس القدر لهذه الأفكار، والتي ليس لها أي شيء مشترك مع الديمقراطية الليبرالية الغربية. وتليها الحرب بشكل طبيعي، ويتم تقديم المعتدين على أنهم ضحايا، والمنقذون – هم جلادون. الشيء الرئيسي – هو التحكم في المعلومات. وإذا سار كل شيء وفقًا لخطة العولمة، فسيتبع ذلك حل سريع، وبعد ذلك، يتم تنظيف هياكل النازيين الجدد بنفس السرعة. لقد رأينا نفس الشيء تقريبًا في كرواتيا أثناء انهيار يوغوسلافيا. أولاً، يساعد الغرب النازيين الكرواتيين – الأوستاش الجدد – ويسلحهم ضد الصرب، ثم ينظفهم حتى لا يتبقى أي أثر. أهم شيء هو القيام بكل شيء بسرعة كبيرة جدًا. ظهرت النازية الجديدة بسرعة، وسرعان ما أدت دورها، وسرعان ما اختفت. كأنها لم تكن.


هذا هو سر زيلينسكي. لم يتم اختيار الممثل الكوميدي كقائد عن طريق الصدفة. نفسيته متقلبة وعرضة للتغيير السريع. سياسي مثالي لمجتمع “سائل”. الآن يقول ويفعل شيئًا واحدًا، وبعد لحظة – عكسه تمامًا. ولا يتذكر أحد ما حدث قبل ثانية، حيث أن سرعة تدفق المعلومات تتزايد باطراد.


وفي ظل هذه الخلفية، كيف نبدو نحن (في روسيا)؟ بمجرد أن بدأنا في التصرف بسرعة وحسم وعفوية تقريبًا (المرحلة الأولى من الحرب)، لاقينا نجاحات هائلة. ما يقرب من نصف أوكرانيا اصبحت تحت سيطرتنا خلال أسابيع.


وبمجرد أن بدأنا في إلتباطؤ في العمليات الحربية، بدأت المبادرة تنتقل إلى العدو. عندها اتضح أن طبيعة الحروب الحديثة التي تتمحور حول الشبكة العنكبوتية، وقوانين الدروموقراطيا، التي لم نأخذها بعين الاعتبار بشكل صحيح.


بمجرد اتخاذنا موقف رد الفعل، انتقلنا إلى الدفاع، وفقدنا عامل السرعة.


نعم، الانتصارات الأوكرانية هي في الغالب افتراضية، ولكن في عالم حيث الذيل يقود الكلب، حيث يكون كل شيء تقريبًا افتراضيًا (بما في ذلك التمويل والخدمات والمعلومات وما إلى ذلك)، فإن هذا بالكاد يكفي.


والحكاية التي تدور حول إثنين من المظليين الروس، يجلسون على أنقاض واشنطن ويشتكون “هل خسرنا حرب المعلومات؟!” مضحكة، لكنها ذو مغزى. هذا أيضًا شيء افتراضي، محاولة لترميز المستقبل. عندما يتعلق الأمر بالتحقق من الواقع reality check، لسوء الحظ، لا يسير كل شيء بسلاسة. هنا من الضروري إما انهيار الدروموقراطيا بأكملها، والافتراضية، وما بعد الحداثة التي تتمحور حول الشبكة بالكامل، أي الحداثة بأكملها والاتجاه الكامل لتطور الغرب الحديث (ولكن كيف نفعل ذلك كله دفعة واحدة؟)، أو القبول – وإن كان ذلك جزئيًا – بقواعد العدو وذلك بالتحول إلى عالم السرعة. إن مسألة ما إذا كنا، نحن الروس، نستطيع دخول عالم الدروموقراطيا وتعلم كيفية كسب حروب تتمحور حول الشبكة العنكبوتية (بما في ذلك المعلومات!) ليست فكرة مجردة. إن انتصارنا يعتمد بشكل مباشر على هذا.


للقيام بذلك، نحتاج أولاً وقبل كل شيء أن نفهم – بالروسية، بطريقة وطنية – طبيعة الزمن.


كيف نفهم كل شيء بشكل بطيء، ومع أي تأخير، وكيف نضعه موضع التنفيذ بشكل أبطأ – يبدو أنه يدحض المثل القائل “الروس يسرجون الخيل لفترة طويلة، لكنهم يقودونها بسرعة بعد ذلك”.


الآن هي اللحظة الحاسمة التي إذا لم نسير بسرعة كبيرة، يمكن أن يصبح الوضع خطيرًا للغاية.


سنفعل ذلك بشكل سريع، وسنصلحه بشكل أسرع. أنا لا أتحدث فقط عن تزويد جنودنا بمقدرات الشبكة العنكبوتية، وتسريع عملية التفاعل مع القيادة وإدخال وسائل فعالة لحماية المعلومات. لكن هذا ضروري ببساطة لنكون على مستوى واحد مع عدو مجهز جيدًا.


يتخيل شخص ما في السلطة أننا ما زلنا نسرج خيولنا، على الرغم من أننا نتسابق بالفعل بأقصى سرعة. هذا يحتاج إلى التفكير وعلى وجه السرعة. خلاف ذلك، قد يتضح أننا نسارع، إذا جاز التعبير، بعبارة ملطفة… ليس في الاتجاه المطلوب.


الدروموقراطيا ليست مزحة. لا يتعلق الأمر بتجاوز الغرب. يجب أن يتم ضربه بسرعة في كبريائه المذهل، ولكن لهذا يجب علينا نحن أنفسنا أن نتصرف بسرعة البرق. وعن فهم. لم يعد لروسيا الحق أو الوقت لتكون خامدة وخاملة.








 


رد مع اقتباس
قديم 2023-01-19, 12:14   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
سندباد علي بابا
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية سندباد علي بابا
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

2/ نحن بحاجة إلى لغة سيادية

ألكسندر دوغين


تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف


31/10/2022


عندما نتحدث عن السرد او السردية، فهذه فئة فلسفية نحتاج إلى معرفتها، لأن مفهوم السردية هو عنصر معين من فلسفة ما بعد الحداثة، المبنية على علم اللغة البنيوي، وعلى البنيوية، وعلى فرديناند دي سوسور – وعلى عالم لغوي بنيوي يفصل ما بين الخطاب واللغة. هذا مهم جدا.


(السرد هو مصطلح أدبي للأحداث التي تتكون منها القصة. إنها الطريقة التي تتصل بها الأحداث وتشكل حبكة قصة أو كتاب – المترجم).


(فرديناند دي سوسور (بالفرنسية: Ferdinand de Saussure)‏ 1857-1913، عالم لغوي سويسري شهير. يعتبر بمثابة الأب للمدرسة البنيوية في علم اللغة، ومؤسس علم اللغة الحديث وقال ان اللغة يجب أن تعتبر ظاهرة اجتماعية – المترجم).


ما هي اللغة؟ اللغة – هي كل القواعد. نحن لا نتحدث، نحن نستخدم اللغة، لكن اللغة لا تتحدث أبدًا عن نفسها، إنها في القواميس والنحو – وهذا ما يسمى المستوى النموذجي، والسرد، أو الخطاب، هو ما يبنى على أساس اللغة، ومفرداتها، النحو وقوانينه.


السرديات لا حصر لها ولكن اللغة – واحدة.


عندما نتحدث عن السيادة الروحية والثقافية والحضارية – وهذا ما يتحدث عنه الرئيس بوتين في رسائله – أصبح هذا الأمر أكثر أهمية كل يوم. لا يتعلق الأمر بالسرد السيادي، بل يتعلق بلغة ذات سيادة يمكن من خلالها التعبير عن بلايين السرديات السيادية.


إذا كانت اللغة ذات سيادة، فسيكون الخطاب ذا سيادة. باستخدام لغة أوروبا الغربية الليبرالية العالمية، يمكن للمرء أن يصوغ بهذه اللغة خطاب روسي سيادي، أو خطابين، أو ثلاثة، أو عشرة. لكن هذا يتعلق بالمهام اللحظية، بشكلٍ مؤقت في إطار سرد على المدى القصير جدًا. وهنا من المهم أن نقول وداعًا للغرب الجماعي والسؤال إلى متى.؟ أم أننا نريد، بعد التغطية بسحابة دخان صغيرة من السرد السيادي، العودة إلى هذه اللغة العالمية مرة أخرى.!


أعتقد أن هذا هو بالضبط ما تريده النخبة – التحدث قليلاً، ثم العودة إلى الوراء، قائلة، “حسنًا، نحن ندرك لغتكم وعولمتكم، اعطونا مكانًا بينكم.” هذا محكوم عليه بالفشل ليس لأننا جاهزون وهم ليسوا كذلك.


لقد تم ذبحنا، وقطعنا عن هذا الغرب بشكل حاسم، وسوف يعيدوننا إلى هذا الغرب لنتحدث نفس اللغة، بعد أن نتخطى الحدود الأخيرة نحو الهاوية ونقول إننا نستسلم. ستكون هزيمتنا شرطا لعودتنا إلى هذه اللغة.


لذلك، سواء أحببنا ذلك أم لا، وسواء فهمنا ذلك أم لا، فإننا محكوم علينا بتطوير لغة ذات سيادة. لأن روسيا حضارة مستقلة وليست جزءًا من الحضارة الغربية. روسيا لها طبيعة خاصة – لا مع الشرق ولا مع الصينيين. ولكن في نفس الوقت تضاهي الحضارة الغربية أو الصينية. هذا يحدد تقريبًا هيكل لغتنا السيادية، وليس السرد السيادي.


إذا تحدثنا بهذه اللغة، فإن كل ما نقوله سيكون ذا سيادة. وماذا يعني السرد بهذا المعنى – إنه ليس حديث مذيع تلفزيوني فقط، وليس فقط بنية التعليم، وليس فقط مجتمع الخبراء الذي سيضطر للتحدث بهذه اللغة السيادية، إنه علمنا أيضًا – علومنا الإنسانية اليوم، والعلوم الطبيعية غدًا.


لأن العلوم الطبيعية، كما يؤكد أبرز العلماء مثل شرودنجر وهايزنبرغ، هي أيضًا لغة في التصور العلمي- الطبيعي.


لذلك نحن بحاجة إلى لغة حضارية ولتكن لغتنا الام – حضارية. نحن لا نتكلم بها، لا نعرفها، نحن نتحدث الآن لغة Pidgin الإنجليزية، والتي تم بناء مصطلحاتنا عليها، وخبرائنا، وأجهزة iPhone الخاصة بنا، وتكنولوجيا صواريخنا – هذه هي لغة Pidgin الإنجليزية. أي أنه حتى لو كانت هذه التقنيات موجودة في روسيا، فإن هيكل هذه المعالجات والرموز، للأسف، مأخوذ من نموذج مختلف.


(ما هي لغة Pidgin او Pidgins هي لغة تنشأ بدافع الضرورة عندما يجب أن تتفاعل مجموعات من الأشخاص الذين لا يتشاركون لغة مشتركة مع بعضهم البعض. تعد الكلمات الرئيسية مزيجًا من الكلمات من لغات مختلفة، وتتميز ببنية نحوية أبسط ومفردات أصغر – المترجم).


هذه مهمة ضخمة تنتظرنا. بدأت سلطاتنا في تحقيق هذه المهمة.


(صدر حديثا قانون في روسيا يلزم الجهات الرسمية باستعمال الكلمات والمصطلحات الروسية فقط في الإعلام والأبحاث العلمية وكافة مناحي الحياة – المترجم).


قد يبدو غريبًا أن الناس أكثر استعدادًا لهذا من النخبة. الناس ببساطة لا يفهمون بعمق الدوافع القادمة من الأعلى، قالوا لهم “الشيوعية” – لقد فكروا بشيء خاص بهم، قالوا “الليبرالية” – لديهم شيء خاص بهم، قالوا “الوطنية” – هم يفكرون بشيء من تلقاء أنفسهم، أي أنهم ليسوا منغمسين بعمق في هذه الألعاب السردية، مثل النخبة.


والنخبة – قالت ان وجهتنا نحو الغرب، لذا علينا التوجه للأمام.


لذلك فإن مسألة تغيير اللغة متروكة للنخبة.


من أجل إنشاء نظام من السرديات السيادية، من الضروري تحديد معايير هذه اللغة السيادية. ما هي هذه الخيارات؟ لدينا تصور مختلف تمامًا عن الانسان. كل ثقافة، كل لغة لها انسانها الخاص. هناك شخص إسلامي، وهناك شخص صيني، وأوروبي غربي – هذا شخص ما بعد الجنس، يتحول إلى ذكاء اصطناعي، إلى متحول، إلى سايبورغ. محك التحول والتحرر. لقد تحرر من كل أشكال الهوية الجماعية – هذا هو هدفه، مهمته – التوقف عن الانتماء للدين والأمة والمجتمع ثم الجنس وغدًا – الكف عن الانتماء إلى الجنس البشري، وهذا هو برنامج لغة أوروبا الغربية.


الصينيون مختلفون بشكل عام. في التقليد الإسلامي – أيضًا، لأن هذه هي علاقة الفرد بالله، ولا يفهم كل شيء آخر سواء على أنه حرية أو كشخص – فهذه أنثروبولوجيا مختلفة تمامًا في هذا العالم الإسلامي ذي المليار إنسان. إنهم يتفقون رسميًا مع بعض النماذج الغربية، لكنهم في الواقع إما لأنهم لا يفهمون أو يعيدون تفسيرها، فلهم لغتهم الخاصة، إنها عميقة الجذور. هذه الافكار موجودة بيننا ونواصل الترويج لها في منطقة الفولغا وشمال القوقاز. لذلك فهم محصنون ضد الغرب. في الهند وأفريقيا وأمريكا اللاتينية – أيضًا لديهم الإنسان المختلف.


نحن نحتاج إلى تصور عن الانسان الروسي، عن خلفيات الانسان الروسي وأفضل من يمثلها دوستويفسكي. هذه فلسفتنا – يمثلها فلورنسكي، هذه هي أصولنا السلافية – وخير ممثليها سولوفيوف و بيردييف. ولكن الانسان الروسي، أولا وقبل كل شيء، بالطبع، شخصية جامعة – هذا هو الشيء الأكثر أهمية. ليس فردا. بالنسبة لنا، الإنسان هو عائلة، عشيرة، شعب، علاقة بالله، شخصية. ليس فردا بل شخصية.


هذا هو المكان الذي ينتهي فيه وجودنا في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، لأن لدينا اختلافًا فيما يتعلق بالمفهوم الأساسي للإنسان. بالنسبة إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والأيديولوجية الغربية الليبرالية، فإن حقوق الانسان – هي حقوق الفرد، بالنسبة لنا – فهي ليست كذلك، من وجهة نظر اللغة السيادية.


هل يمكنك أن تتخيل كيف يتغير علم الإنسان، أي العلوم الإنسانية، بعد أن نغير المكون الأساسي؟ فكر في كل شيء بشكل مختلف، وأعد كتابة جميع الكتب المدرسية في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا والعلوم السياسية وعلم النفس بالطريقة الروسية.


نعم، تعاملت فلسفتنا مع هذا في أواخر القرن 19 وأوائل القرن 20. لكننا نحتاج إلى تكوين تصور عن الانسان الروسي الذي سيكون مختلفًا عن البقية – وعلى الفور نحتاج لغة مختلفة.


ثانيا – هذا تصور حول العالم. هذا هو الجزء الأصعب. يبدو لنا أن كل شيء ذو صلة، لكن العلوم الطبيعية عالمية. لا شيء من هذا القبيل، هم غربيو الهوى. هذا الكون الذي نتعامل معه قد غُرس ودمج في وعينا، بدءًا من العصر الحديث في الغرب، متجاهلًا جميع الصور الأخرى للعالم.


الكون الروسي يشبه الفضاء الأوروبي في العصور الوسطى – وهو مختلف تمامًا عن الغرب الحديث. الفضاء الروسي مختلف، بدءًا من فيدوروف أو تسيولكوفسكي، بحوثنا هي الأكثر إثارة للاهتمام وطليعية أكثر في العلوم الطبيعية، فقد استندوا إلى حدس مختلف تمامًا حول فهم بنية الواقع.


إذا تطرقنا في المجال الإنساني إلى تقاليدنا الفلسفية، وتخلصنا من كل شيء ليبرالي، وكل لغة ليبرالية، ووضعنا الانسان الروسي في المركز، فعندئذ نحصل على لغة جديدة. وفي العلوم الفيزيائية، هذه المهمة أكثر صعوبة – نحن في البداية فقط، ولدينا الكثير من العمل للقيام به.


وبطبيعة الحال، العمل – هو فعل. إذا تحدثنا عن اللغة، فإننا نفهم الفعل بطريقة مختلفة تمامًا عن تقاليد أوروبا الغربية. هذه هي ممارسة – حسب أرسطو – وأكثر من تكنيك. هذه هي فلسفة القضية المشتركة لسيرجي بولجاكوف، لأن الروس يقومون بالأشياء بشكل مختلف عن الآخرين.


فكرة أرسطو القائلة بأن الممارسة – هي نتيجة الإبداع الحر للسيد، وليس التنفيذ التقني لشخص ما، تناسبنا.


هذه هي الفكرة الرئيسية لفلسفة الاقتصاد، مما يعني أن اقتصادنا مختلف. هذا يعني أن لدينا علمًا وممارسة مختلفين. هذا يعني أنه ليس لدينا في العمل بعدًا نفعيًا براغماتيًا، محسنًا، ولكن بعدًا أخلاقيًا، أي أننا نفعل شيئًا من أجل نوع من الهدف الأخلاقي. وهذا يعني أننا سنفعل ذلك، على سبيل المثال، لأنه من الجيد أن نفعل ما هو أفضل، وأكثر جمالا، وأن نفعله بشكل أكثر عدلا.


سيكون من المستحيل تغيير السردية في مواجهة التحديات الجوهرية التي تواجه بلادنا دون تغيير اللغة.









رد مع اقتباس
قديم 2023-01-19, 12:16   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
سندباد علي بابا
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية سندباد علي بابا
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

3/ الأيديولوجيا الروسية – حان وقتها

ألكسندر دوغين


تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف


8/11/2022


1) الأيديولوجيا الروسية: على الفور!


اليوم، يدرك الجميع تقريبًا أنه لا يمكننا الفوز بدون أيديولوجيا تتماشى مع عمليتنا العسكرية الخاصة في أوكرانيا. وأي نوع من الأيديولوجيا – هذا واضح تمامًا للجميع.


هذه هي الأيديولوجيا الروسية والتي تشمل:


تأكيد حازم ولا هوادة فيه حول هويتنا وأخلاقنا؛


العدل؛


الإخلاص لتعاليم السلف؛


الاستقلال وحرية الوطن من الضغوط والتأثيرات والهجمات.


لقد حرمنا من هذه الأيديولوجيا الروسية لما لا يقل عن 100 عام. لكن الآن، بدونها، لا يمكننا اتخاذ خطوة واحدة إلى الأمام أو حتى الحفاظ على إنجازاتنا. بدون الأيديولوجيا الروسية، سننهار ببساطة – ناهيك عن النصر في الحرب.


تم استنفاد جميع الحلول الوسط وأنصاف الإجراءات. ستكون روسيا إما “روسية”، أو لن تكون موجودة على الإطلاق. و”الروسية” تعني: عظيمة، وعادلة، وروحية، وشعبية، وقوية، ومخلصة، وصادقة، ومشرقة، ومضحية، وحنونة، ومقدسة. ولكن الأهم من ذلك – أنها تعني أن شعبنا ودولتنا وكنيستنا سيحققون إرادة الله من أجلنا ومصيرنا، والتي من أجلها عشنا وعانينا وخضنا الأعمال البطولية وسالت الدماء – حيث خلقنا وولدنا بالضبط كمواطنين روس.


2) عمليتنا العسكرية الخاصة في أوكرانيا كمقدمة للأيديولوجيا


لكن هناك جانب آخر. الأيديولوجيا والتغيير الجذري في المجتمع ضروريان للفوز في الحرب.


إن طبيعة هذه التغييرات جوهرية وهامة لدرجة أن النسب انقلبت. من وجهة النظر هذه، كانت الحرب الحالية ضرورية على وجه التحديد لكي تصبح روسيا في النهاية “روسية”. وهذا أهم من هزيمة العدو. لو انتصرت الأيديولوجيا الروسية في روسيا مبكرا، لما كانت هناك حرب لأنه لن يكون لها معنى. بعد كل شيء، جاءت الحرب على وجه التحديد لأننا وثقنا كثيرًا في الغرب، واطعناه، وحاولنا أن نلعب وفقًا لقواعده، واعتمدنا على مؤسساته وأساليبه، وعاملنا أنفسنا – الجوهر الروسي لوجودنا التاريخي – بازدراء. لو كنا بكامل وعينا ولو تم تنويرنا، ولو صحونا بقوانا الذاتية، كان من الممكن تجنب كل هذا.


3) صورة العدو: الغرب هو حضارة الشيطان


من المهم الآن أكثر من أي وقت مضى أن نفهم – من نحن ومن نحارب. إذا كنا مجرد دولة قومية واحدة من بين دول أخرى، نوع من “شركة روسية” لها مصالحها وتفضيلاتها الخاصة، فعندئذ نكون محكومون بالفشل. على هذا النحو، لن ننجو. قام الغرب بتطوير النظام العالمي برمته، وقد وضع منذ فترة طويلة تصوره الخاص الذي يمس مصير البشرية في العلاقات الدولية، في التكنولوجيا والأيديولوجيا والمؤسسات القانونية ونظم القيم العالمية الطابع.


وفي هذا المجال، لا يمكننا التغلب على الغرب، لأن هذه لعبته – قواعده وأهدافه مفروضة على الجميع، ومن المستحيل أن ننتصر عليه.


شرع الغرب منذ حوالي 500 عام في طريق العلمانية والمادية والإلحاد والرأسمالية، مما جعل كل هذه معايير عالمية وأهدافا تنموية للجميع. أولئك الذين لم يوافقوا تم قمعهم بشدة. أولئك الذين قبلوا بشكل سلبي هذه الأجندة أو كانوا ببساطة ضعفاء وقعوا تحت نير الاستعمار. أولئك الذين حاولوا تقليد الغرب، ولكن مع الحفاظ على مصالحهم، وجدوا أنفسهم معرضين لضربة قوية.


أرسل الغرب الحديث، غرب العصر الجديد، إنذارًا نهائيًا للبشرية:


“إما ان تدركوا جميعًا أن قيمنا وأهدافنا عالمية، وتحنوا رؤوسكم،


أو ستندمون، وسوف ندمركم، ونخضعكم”.


علاوة على ذلك، مع دخوله العصر الحديث، رفض الغرب المسيحية والدين بشكل عام، وبدأ في بناء عالم بدون الله وضد الله. هذا ما يسمى بالعلمانية، انتصار الآني على الأبدي، والعلماني على الديني، هذا الدنيا على الآخرة، والمادي على الروحاني. تستند جميع هياكل العصر الحديث على هذه المتطلبات الأساسية – العلم، والثقافة، والتكنولوجيا، والصناعة، والسوق، و “التقدم”.


“التقدم” في نظر أيديولوجيي الغرب الحديث هو معركة الأرض ضد السماء، الدنيا ضد العلى. والجميع استسلموا لها وصدقوها. الجميع كانوا ضحية الإغراء…


ومن قاوم تم لعنه أو سحقه أو إجباره بالقوة على الاعتراف بصحة الغرب الحديث والاتفاق مع أجندته.


اضطرت روسيا إلى الاعتراف بهذا أيضًا منذ القرن 18، إن لم يكن قبل ذلك. لقد اتبعنا الغرب – على الرغم من أنها في البداية كانت مجرد استراتيجية دفاعية: يقولون، سوف نستعير تقنياتهم من أجل الدفاع عن أنفسنا بشكل أكثر فعالية منهم. لكن التكنولوجيا ليست محايدة. إنها تحمل كودا (رمزًا) ثقافيًا. تكنولوجيا معاكسة للروح، خالية من الذوق والأخلاق. ليس من قبيل المصادفة أنه في الأساطير اليونانية يعتبر العملاق بروميثيوس، الذي تمرد ضد زيوس وآلهة أوليمبوس المقدسة، “أبو التكنولوجيا”.


والرأسمالية أكثر سمية ومشحونة أيديولوجياً: عندما يصبح السوق مقياس كل الأشياء، تنهار القيم التقليدية والحضارات الروحية. لذلك، نحن محاصرون منذ فترة طويلة في شباك الغرب.


في ظل الشيوعية، أخذنا عنصرًا واحدًا فقط من الغرب – المكون الثوري. كان شعبنا قريبًا من فكرة العدالة الاجتماعية والتشاركية. لذلك، اتبع الروس الاشتراكية. لكن هذه النسخة من الانتفاضة المناهضة للرأسمالية استندت إلى العقيدة الماركسية على نفس المقدمات الغربية – الإلحاد والعلمانية والمادية.


بعد التخلص من جزء من قيم الغرب، بدأنا، على العكس من ذلك، في استيعاب جزء آخر بشكل مكثف وجذري. وهذا بالضبط هو السبب الذي جعل الاشتراكية محكوم عليها بالفشل في نسختها العقائدية والمادية والإلحادية التي تحارب الله.


ولم نجرب أبدًا طريق الاشتراكية “الأرثوذكسية” (التي حلم بها السلافوفيليون المتأخرون والنارودنيون وفلاسفة النهضة الروسية) (ولكن كان ينبغي لنا ذلك).


4) سقطت الأقنعة


بعد انهيار الاتحاد السوفياتي (الذي كان شكلاً من أشكال التمرد الروسي ضد الغرب)، شعر الغرب أنه هذه المرة ليس بعيدًا عن تحقيق هدفه العزيز – الهيمنة المطلقة على العالم. وبعد ذلك تم الكشف عن وجهه الحقيقي – سياسات النوع الاجتماعي، والقضاء على الأسرة التقليدية، وما بعد الإنسانية، والمراقبة الكاملة، والهندسة الوراثية، ونقل السلطة إلى الذكاء الاصطناعي – هذه هي الأهداف المعادية للإنسان التي أعلنها الغرب صراحة في عصر الأحادية القطبية. ومن أجل فرض كل هذا على البشرية، تم التوجه إلى الحكومة العالمية. بعد كل هذا، لم يبق هناك المزيد من الحواجز.


جميع الأيديولوجيات الغربية الأخرى في العصر الحديث تم استيعابها الآن من قبل الليبرالية المنتصرة. سقطت الفاشية الأوروبية، ثم الشيوعية السوفيتية. فازت الليبرالية بالتنافس الأيديولوجي مع الفروع الأخرى للأيديولوجيات الغربية الحديثة، وأصبحت هي المهيمنة والوحيدة.


في الوقت نفسه، بعد أن هزمت خصومها التاريخيين، تبنت مبادئهم – من الآن فصاعدًا أضحت تتبع هدفها الرئيسي – الهيمنة الليبرالية.


عند الحاجة، يمكن لليبرالية أن تنحو إما إلى اليسار المتطرف (البيئة، المساواة بين الجنسين، الدفاع عن المهاجرين)، أو إلى اليمين المتطرف (النازية الأوكرانية الجديدة، الأصولية الإسلامية المؤثرة).


الطيف الكامل للأيديولوجيات الحديثة يخضع الآن لسيطرة أنصار العولمة. وهم يدخلون الجولة الأخيرة في معركتهم لتحقيق السيطرة الكاملة على البشرية. في الوقت نفسه، من الواضح اليوم أن تدمير القيم التقليدية والرأسمالية والمادية والتقدمية والعلمانية لم يكن سوى مقدمة للشيطانية المباشرة والمعلنة، نحو حضارة المسيح الدجال.


من المستحيل هزيمة مثل هذا الغرب الشيطاني العلني، المعتمد على أيديولوجيته الخاصة، وعلى أساليبه وأصوله ومواقفه وقواعده. حتى لو عارضنا الحالة الراهنة للحضارة الغربية بالاعتماد على أشكالها السابقة – غير الصريحة والوحشية – فإن هذا لا معنى له، إنه ببساطة لا يعمل. بالطبع، قبل مائة عام لم يكن الغرب شيطانيًا بهذه الصراحة. لكننا نتحدث عن مراحل مختلفة – متتالية – لعملية واحدة.


منذ بداية العصر الحديث، كان الغرب يتجه بالضبط نحو ما هو عليه اليوم. هذا ليس سوء فهم: وراء التمرد ضد المسيح يوجد دائمًا فقط وبشكل حصري المسيح الدجال.


سرا في البداية، ثم علنا. وهذا واضح اليوم. هذا هو السبب في أننا دخلنا بشكل لا رجعة فيه إلى منطقة صراع الفناء. و “نهاية العالم” في اليونانية هي “الوحي”. من الآن فصاعدا كل شيء ظاهر للعيان.


هذا هو من نشن ضده حربنا اليوم. بدون أي استعارات. عدونا – هو المسيح الدجال وحضارته. الرأسمالية، والمادية، والإلحاد، و”التقدم” التقني والاجتماعي للعصور السابقة، كانت على وجه التحديد بمثابة بداية انتصار الشيطان.


قد فات الأوان بالفعل للضغط على المكابح – البشرية، التي أسرها الشيطان، تندفع إلى الهاوية بأقصى سرعة.


5) مهد القديسين


ومن ينبغي أن نكون في مثل هذه الحالة من الصدام المباشر – شبه النووي – مع حضارة المسيح الدجال لتحقيق النصر؟ الجواب بسيط. إذا لم تصبح روسيا مهدا للقديسين، إذا لم نقم بإحياء خطنا الروحي، وإذا لم نلجأ إلى المسيح وروح تاريخنا المجيد، فنحن ببساطة محكوم علينا بالفناء. بعد كل شيء، الروس ليسوا أمة. الروس هم دعوة روحية، وهم اختيار، واستجابة لنداء الوجود العميق. أن تكون روسيًا يعني دعوتك إلى المعركة النهائية في نهاية الزمان، للوقوف إلى جانب الله ضد الشيطان.


العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا – هي حرب دينية بالمعنى الأعمق والأكثر مباشرة للكلمة. وبالمناسبة، أدرك المسلمون الروس ذلك بوضوح، ولا سيما الشيشان وأتباع قاديروف، الذين أعلنوا مباشرة أن هذه العملية العسكرية هي “جهاد”. يفهم مقاتلي “فاغنر” وميليشيات الدونباس بشكل ثاقب المعنى الميتافيزيقي للقتال. نعم، هذه هي الحرب المقدسة الحقيقية، لأنها تُشن ضد الشياطين المتمردة – ضد حضارة الشياطين. والشخص الذي يقاتلهم يتم احتسابه تلقائيًا في معسكر الملائكة. ولا شيء غير ذلك.


ومع ذلك، إذا فهمت روسيا نفسها على هذا النحو – روسيا المقدسة، فسيكون كل شيء مختلفًا. الآن لا يسعها إلا أن تفعل. خلاف ذلك، انتهينا. لكن هذا الوعي هو الهدف. وسوف يتوضح بدقة في الأيديولوجيا. عندها سترى شعوب العالم، بما في ذلك الغرب نفسه – من يقاتل الروس. ثم سيقرر الكثيرون اختيار معسكرنا. لأن هذا هو معسكر البشرية ضد الشيطان.


البشرية ليست محايدة. إن لم تكن مع إبليس فمع الله. وإن لم تكن مع الله، فمع الشيطان.


لا يوجد معسكر ثالث – في الوسط لخوض المعركة النهائية في تاريخ العالم. لن تتمكن من تجاوزها إذا كنت لا تقاتل إلى جانب أيديولوجية النور، وتم تجنيدك بالفعل من قبل جيش الظلام. هذا هو القانون الحديدي لصراع الفناء.


6) الأيديولوجيا الروسية عالمية


الأيديولوجيا الروسية هي إيديولوجية البشرية جمعاء، التي تتمرد على سلطة الشيطان، أي ضد سلطة الغرب الحديث وحضارته الشيطانية. هذه هي الحرب الحقيقية – نحن ضدهم.


انظروا إلى الموضوعات الرئيسية للأخبار – القصف والهجمات الإرهابية والانفجارات والكوارث الاقتصادية والاحتمال المتزايد باستمرار لاستخدام الأسلحة النووية – ليس فقط تكتيكيًا بل أيضًا إستراتيجيًا. هل يعتقد أي شخص حقًا أن كل هذا سوف يحل نفسه بطريقة ما؟ من الواضح أن النوم عميق ولكن ليس لهذه الدرجة. لذلك، فإن الصحوة أمر لا مفر منه، تمامًا كما أن التوجه نحو الأيديولوجيا الروسية أمر لا مفر منه – وبالتحديد في شكلها الأخروي الحاد والمروع. بكل محتوياتها وبكل عمقها.


نقترب الآن من تغييرات لا نكوص عنها. وليس المقصود الآن أنه يتم لعب دور من سينهار أولاً – هم أم نحن. لا يمكن أن تكون هزيمة الشيطان شيئًا بسيطًا وتقنيًا بحتًا. لن يساعدنا “الجنرال ثلج” ولا حتى بعض النجاحات العسكرية (التي لم تتضح بعد). ولكن حتى لو نجحنا في شيء ما، وحققنا شيئا في مسرح العمليات الأوكراني في حرب شاملة مع الغرب، يجب ألا ننسى أبدًا أننا وصلنا إلى نهاية تاريخ العالم والحضارة الغربية التي راكمت – عبر حركتها الثابتة والمتطرفة نحو الهدف الشيطاني – قوة دفع هائلة وقوة غير مسبوقة. ببساطة، وبإمكانيات صغيرة، لا يمكننا إيقافها. لن يتركنا أحد وشأننا. حتى لو تحسنت الأمور قليلاً بالنسبة لنا. ببساطة لا يوجد حل تقني بحت لمشكلة نهاية العالم الروحية الميتافيزيقية.


7) العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا – هي بالفعل هرمجدون الذي بدأ للتو


الأفكار ليست للعب، بل لكي نقسم عليها.


إذا استمرت السلطات الروسية دون التمسك بالأيديولوجيا الروسية، فقد تنشأ مواقف عندما لن تكون السلطات نفسها موجودة والدولة الروسية ستنهار معها. وهذا فقط ما يصبو إليه العدو.


لذلك، فإن أي شخص يمنع أو يؤخر لحظة إقرار الأيديولوجيا الخاصة لمجتمعنا هو شريك مباشر للعدو.


إن التوجه الفوري للأيديولوجيا هو الشيء الوحيد الذي يفصلنا عن الطور التالي لصراع الفناء، على سبيل المثال، عن استخدام الأسلحة النووية التكتيكية.


مع الأيديولوجيا، لا تزال لدينا فرصة لتأجيل فعل الانتحار العالمي للبشرية – فهذا مورد جديد، سلاح جديد، استراتيجية جديدة.


حتى الآن، اعتمدنا على أنفسنا، وجزئيًا على “روح المجازفة الروسية”. وقد حان الوقت لأن نلجأ إلى قوى ميتافيزيقية أكثر جدية – إلى إلهنا، مخلصنا. إذا لم يكن هو، فلا أحد على الإطلاق.


وبالطبع، هذه المرة لن نفوز عن طريق محاكاة أو تزييف للأيديولوجيا. الأيديولوجيا – هي قوة جبارة وهائلة. أكثر فتكًا في بعض الحالات من الأسلحة النووية. فقط أولئك المرتبطون بها – المفكوين والصوفيون والأنبياء – يمكنهم التعامل معها. لا داعي للعب بالأيديولوجيا – خاصة الروسية. هذا لن ينتهي بشكل جيد.


بالفعل يتم وضع كل شيء بشكل لا لبس فيه في مكانه. الآن هي لحظة إعلان الأيديولوجيا الروسية والتكيف السريع للنظام السياسي الروسي بأكمله معها. في وضعه الحالية، لن ينجو من هذا الاختبار. الرهانات عالية جدا.


* فيلسوف وكاتب وناشر وشخصية عامة وسياسية روسية بارزة. دكتوراه في العلوم السياسية. أستاذ في جامعة موسكو الحكومية. زعيم الحركة الأوراسية الدولية









رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 09:50

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc