السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
قال الله تعالى : لا إكراه في الدين ....الآية
و سننقل لكم بإذن الله تفسيرات السلف رضوان الله عليهم من أمهات التفاسير ليرى المسلم الفرق بين أهل الحق الذين يعرفون لغة القرآن و أسباب نزوله و بين الأدعياء المندمجين في حضارة الغرب الشاذ الذين يسعون جاهدين لتحريف كلام الله ليتوافق مع قيمهم و حضارتهم و بئس هؤلاء القوم.
نبدأ بتفسير الإمام القرطبي رحمه الله حينما نقل جميع أقوال السلف في هذه الآية و عدها إلى ستة أقوال.
قال القرطي رحمه الله في كتابه الخاص بتفسير القرآن : قوله تعالى : لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم
قوله تعالى : لا إكراه في الدين فيه مسألتان : الأولى : قوله تعالى : لا إكراه في الدين الدين في هذه الآية المعتقد والملة بقرينة قوله : قد تبين الرشد من الغي . والإكراه الذي في الأحكام من الإيمان والبيوع والهبات وغيرها ليس هذا موضعه ، وإنما يجيء في تفسير قوله : إلا من أكره . وقرأ أبو عبد الرحمن*" قد تبين الرشد من الغي "*وكذا روي عن الحسن والشعبي ، يقال : رشد يرشد رشدا ، ورشد يرشد رشدا : إذا بلغ ما يحب . وغوى ضده ، عن النحاس . وحكى ابن عطية عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قرأ*" الرشاد "*بالألف . وروي عن الحسن أيضا*" الرشد "*بضم الراء والشين .*" الغي "*مصدر من غوى يغوي إذا ضل في معتقد أو رأي ، ولا يقال الغي في الضلال على الإطلاق .
الثانية : اختلف العلماء في معنى هذه الآية على ستة أقوال :
( الأول )*قيل إنها منسوخة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أكره العرب على دين الإسلام وقاتلهم ولم يرض منهم إلا بالإسلام ، قاله سليمان بن موسى ، قال : نسختها يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين . وروي هذا عن ابن مسعود وكثير من المفسرين .
( الثاني )*ليست بمنسوخة وإنما نزلت في أهل الكتاب خاصة ، وأنهم لا يكرهون على الإسلام إذا أدوا الجزية ، والذين يكرهون أهل الأوثان فلا يقبل منهم إلا الإسلام فهم الذين نزل فيهم يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين . هذا قول الشعبي وقتادة والحسن والضحاك . والحجة لهذا القول ما رواه زيد بن أسلم عن أبيه قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول لعجوز نصرانية : أسلمي أيتها العجوز تسلمي ، إن الله بعث محمدا بالحق . قالت : أنا عجوز كبيرة والموت إلي قريب! فقال عمر : اللهم اشهد ، وتلا لا إكراه في الدين .
( الثالث )*ما رواه أبو داود عن ابن عباس قال : نزلت هذه في الأنصار ، كانت تكون المرأة مقلاتا فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده ، فلما أجليت بنو النضير كان فيهم كثير من أبناء الأنصار فقالوا : لا ندع أبناءنا فأنزل الله تعالى : لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي . قال أبو داود : والمقلات التي لا يعيش لها ولد . في رواية : إنما فعلنا ما فعلنا ونحن نرى أن دينهم أفضل مما نحن عليه ، وأما إذا جاء الله بالإسلام فنكرههم عليه فنزلت : لا إكراه في الدين من شاء التحق بهم ومن شاء دخل في الإسلام . وهذا قول سعيد بن جبير والشعبي ومجاهد إلا أنه قال : كان سبب كونهم في بني النضير الاسترضاع . قال النحاس : قول ابن عباس في هذه الآية أولى الأقوال لصحة إسناده ، وأن مثله لا يؤخذ بالرأي .
*
يتبع .......